الاولى حسبما ذكره ، وهو وارد على الأصل الّذي ذكره في المقدّمة الثانية ، فبطل بهذا كلّه دعوى فقد المقتضي.
وأمّا دعوى وجود المانع فقد ظهر بطلانها بما لا مزيد عليه من خروج ظواهر الكتاب عن دائرة العلم الإجمالي بعدم وجدان بيان إرادة خلاف الظاهر في أخبار أهل الذكر عليهمالسلام بعد الفحص.
وتشابه هذه الظواهر من حين نزولها فلا ينفعه الفحص ، مردود : على مدّعيه ، لإجماع الفريقين على أنّ في الكتاب ظواهر محمولة على ظواهر من غير قرينة ، ومن أنّ حمل كلّ ظاهر على ظاهره ليس من التفسير في شيء ، ولو سلّم كونه من التفسير فكونه تفسيرا بالرأي ممنوع أشدّ المنع.
وبهذا كلّه ظهر ما في قوله : « ولا ريب في أنّ غير النصّ محتاج إلى التفسير » فإنّ المحتاج إلى التفسير ممّا عدا النصّ إنّما هو المتشابهات ، والظواهر ليست منها في عرف ولا لغة.
ودعوى : أنّ كلام ملك العلاّم لم يقصد به إفادة المطالب واستفادتها بالاستقلال ، بل بانضمام بيان أهل الذكر وتفسيرهم غير مسموعة ، كيف وهي لا تتمّ إلاّ على تقدير صحّة دعوى نزول القرآن من حين نزوله متشابها ، أو في غير نصوصه ، باعتبار كون جميع ظواهره مجازات مرادة بها معانيها المجازيّة من غير قرينة ، فاحيل بيانه إلى أهل الذكر ، والتقدير باطل لكونه دافعا للبداهة وقاطعا للضرورة.
ثمّ إنّه ينبغي ختم المسألة بذكر امور :
أوّلها : ما حكاه شيخنا قدسسره من « أنّه ربّما يتوهّم بعض (١) أنّ الخلاف في اعتبار ظواهر الكتاب قليل الجدوى ، إذ ليست فيه آية متعلّقة بالفروع والاصول إلاّ وقد ورد في بيانها أو في الحكم الموافق لها خبر أو أخبار كثيرة ، بل انعقد الإجماع على أكثرها ، مع أنّ جلّ آيات الاصول والفروع بل كلّها مما تعلّق الحكم فيها بامور مجملة لا يمكن العمل بها إلاّ بعد أخذ تفاصيلها من الأخبار » إنتهى (٢).
وأورد عليه : بأنّ لعلّه قصّر نظره على الآيات الواردة في العبادات ، فإنّ أغلبها من قبيل ما ذكره ، وإلاّ فالعمومات والإطلاقات الواردة في المعاملات ممّا يتمسّك بها في الفروع المتجدّدة ، أو القديمة الغير المنصوصة أو المنصوصة بالنصوص المتعارضة المتكافئة كثيرة
__________________
(١) هو الفاضل النراقي في مناهج الأحكام : ١٥٦.
(٢) فرائد الاصول : ٢٤ / ١٥٥.