جاء به النبيّ من عند الله ، وعدم قبوله دينا كفر ، لأنّه خلاف الإقرار بكلّ ما جاء به النبيّ من عند الله المأخوذ في الإسلام ، ولعموم ما تقدّم في المعتبرة من قوله عليهالسلام : « يخرج من الإسلام إذا زعم أنّها حلال » ، وما بمعناه.
ومن ذلك علم حكم مخالفة الحكم العقلي فيما يستقلّ به العقل ، بناء على الملازمة بينه وبين الحكم الشرعي ، إذا كانت على سبيل الردّ وعدم قبوله دينا.
المسألة الرابعة : اختلف الأكثر القائلون بوجوب تحصيل المعارف بطريق العلم مطلقا أو اليقين الحاصل بالدليل ، وعدم كفاية التقليد فيها في وقت التكليف بتحصيل المعارف على أقوال :
فعن بعض المتكلّمين : أنّه وقت إمكان تحصيلها سواء كان قبل البلوغ الشرعي بسنين أو بعده كذلك ، فحيث أمكن توجّه الخطاب بتحصيلها ولو قبل البلوغ ، ومتى لم يمكن لم يتوجّه ولو بعد البلوغ ، لأنّ من شروط صحّة التكليف القدرة على المكلّف به ، ومع عدمها كان التكليف محالا.
وعن بعض الفقهاء : أنّ وقت التكليف بالمعارف هو وقت التكليف بسائر العبادات ، وهو البلوغ الشرعي الّذي هو في الذكر عبارة عن بلوغه خمسة عشر سنة ، وفي الانثى عن بلوغها تسعة سنين ، غير أنّه يجب المبادرة إلى تحصيل المعارف قبل الامتياز (١) بالأعمال.
وعن الشيخ : أنّ وقت التكليف بالمعارف في الذكر هو بلوغه عشر سنين عاقلا ، واعترض عليه : بحديث رفع القلم عن الصبيّ حتّى يحتلم أو حتّى يبلغ ـ على اختلاف الرواية ـ كما في النبويّ المروي بطرق الفريقين « رفع القلم عن ثلاثة عن الصبيّ حتّى يحتلم ، وعن المجنون حتّى يفيق ، وعن النائم حتّى ينتبه أو يستيقظ » (٢) ، على اختلاف الرواية أيضا ، كما أعترض على سابقه : بأنّ الاناث مع ضعفهنّ ونقصان عقولهنّ ، كيف يكلّفن بتحصيل المعارف بعد تسعة سنين ، ولا يكلّف به الذكور إلى ستّة عشر سنة مع كمال عقلهم.
ودفع تارة : بالنقض بسائر العبادات والأعمال.
واخرى : بأنّ عدم بلوغ عقولنا إلى حكمة الفرق بين الفريقين لا يقضي بعدمها ، وفعل الشارع الحكيم لا يخلو عن حكمة ولو خفيّة لا ينتهي إليها العقول القاصرة ، مع أنّ صحّة
__________________
(١) كذا فى الأصل.
(٢) بحار الأنوار ٤ : ٢٧٧ / ٤١ وصحيح البخاري كتاب الطلاق : ١١ ، وسنن الترمذيّ كتاب الحدود : ١.