مسكر حراما يقتضي وجوب اجتنابه ، وحرمة التكسّب به ، وحرمة الاستشفاء به وغير ذلك من الأحكام ، ومنع الشارع عن العمل به ينفي كون هذه الأحكام آثارا له.
وله كلام ثالث يعجبني ذكره وهو أنّه مثّل لما ذكره في التوجيه من اشتراط حجّية القطع بعدم منع الشارع عنه بما إذا قال المولى لعبده : « لا تعتمد في معرفة أوامري على ما تقطع به من قبل عقلك ، أو يؤدّي إليه حدسك ، بل اقتصر على ما يصل إليك منّي بطريق المشافهة أو المراسلة » (١).
وفيه : أنّه إن اريد به منع العبد من النظر لمعرفة أوامر المولى من النظر في مقدّمات يرتّبها العقل ، أو منعه من الخوض لإحراز أوامره في طرق الحدس.
ففيه : مع أنّه لا دخل له بمسألة قطع القطّاع لما بينهما من العموم من وجه ـ فإنّ الناظر في تلك المقدّمات والخائض في هذه الطرق لإحراز أوامر الشرع قد لا يكون قطّاعا ، والقطّاع قد لا يكون ناظرا في هذه المقدّمات ولا خائضا في تلك الطرق كما لا يخفى ـ أنّه كلام خارج عن مسألة العمل بالقطع حال حصوله ، وإن اريد به منعه عن العمل بالقطع حال حصوله من أحد الطريقين فهو غير معقول ، مع أنّ المثال غير منطبق على الممثّل كما عرفت.
المطلب الرابع
في اعتبار العلم الإجمالي وعدمه
والكلام فيه يقع في مقامين :
أحدهما : اعتباره في ثبوت التكليف به ، وهذا هو معنى حجّيّة العلم الإجمالي ، ومحصّله : أنّ العلم الإجمالي بالخطاب هل يوجب تنجّز التكليف بالمعلوم بالإجمال كما أنّ العلم التفصيلي يوجبه أو لا؟
وهذا يتضمّن الكلام تارة في حرمة مخالفة العلم الإجمالي ، واخرى في وجوب موافقة العلم الإجمالي ، والغرض الأصلي من عقد المسألة هو البحث عن الجهة الاولى ، وأمّا الجهة الثانية فيعرف حكمها في مسألة أصلي البراءة والاشتغال.
ثانيهما : اعتباره في ارتفاع التكليف المعلوم بالتفصيل ، على معنى كفاية الامتثال
__________________
(١) الفصول : ٣٤٣.