الْأُنْثى ... إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً )(١).
ووجه الدلالة له طريقان :
أحدهما : سياق الآيتين لكونه في مقام ذمّ المشركين على اتّباعهم الظنّ ، فيكون اتّباع الظنّ مذموما والمذموم محرّم.
ثانيهما : قوله : ( إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) فإنّ قضيّة عدم إغناء الظنّ عن الحقّ كونه باطلا ، يقال : « التيمّم لا يغني عن الوضوء » معناه : أنّ التيمّم في محلّ الوضوء باطل والباطل يحرم اتّباعه.
والإيراد على الاستدلال بهما باختصاصهما باصول الدين ـ لكون الخطاب فيهما مع المشركين في اتّخاذهم شركاء لله اتّباعا للظنّ في ذلك ، وغيرهم في جعلهم الملائكة بنات الله اتّباعا للظنّ في ذلك ، ولا كلام في حرمة العمل بالظنّ في اصول الدين ـ ضعيف ، بمنع الاختصاص.
أمّا أوّلا : فلما حقّق من أنّ العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المورد ، وأنّ المورد الخاصّ لا يخصّص العامّ ، فإنّ قوله ( وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا ) و ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ ) بملاحظة الذمّ المستفاد من السياق يتضمّن في متفاهم [ العرف ] قياسا بطريق الشكل الأوّل المشتمل على كبرى كلّيّة ، وهو أنّ اتّخاذهم شركاء لله وتسميتهم الملائكة انثى اتّباع للظنّ ، وكلّ اتّباع للظنّ مذموم محرّم.
وأمّا ثانيا : فلمكان قوله : ( إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) فإنّ تعليل الذمّ على اتّباع الظنّ في اصول الدين بأنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئا تنصيص بالعلّة ، والعلّة المنصوصة تفيد العموم ، لظهورها في إعطاء قاعدة كلّيّة وضابطة مطّردة ، وهي أنّه لا شيء من الظنّ بمغن من الحقّ شيئا.
وهذه القاعدة الكلّيّة منطبقة على جميع مواردها وجزئيّات موضوعها ، ومن مواردها اتّخاذهم شركاء لله عن ظنّ.
ومنها : تسمية الملائكة انثى عن ظنّ.
ومنها : إسناد الحكم إلى الله تعالى عن ظنّ.
__________________
(١) سورة النجم : آية ٢٧ ، ٢٨.