حسبه وهذا التوجيه يجري في الوجه السابق كما أنّ ما تقدّم ثمّة جار هنا أيضا.
وفيه أوّلا : أنّه قد ذكرنا سابقا أنّ الحكم العقلي قد يكون مقتضيا للحكم الشرعي إذا كان الفعل بعنوانه الخاصّ مقتضيا لحسنه أو قبحه ، ومعنى كونه مقتضيا أنّه يؤثّر في حدوث الحكم الشرعي ويقتضيه لو لا مانع يمنعه عن الاقتضاء ، وحينئذ يقال : إنّ تساوي الفعل والترك بخلوّهما عن الجهة المحسّنة والمقبّحة جهة مقدّمية للإباحة الشرعيّة لو لا المانع وهو المراد من الملازمة ، وأثرها ثبوت الإباحة لما لم يطرئه جهة التقيّة ، ولا يقدح في ذلك زوالها عند طروّ هذه الجهة.
وثانيا : أنّ موضوع الإباحة هو الفعل الّذي لاحظه العقل من حيث هو فحكم بتساوي طرفيه ، وهذا لا ينافيه ورود التكليف بإيجاب أو تحريم على جهة التقيّة على ما اخذ فيه تلك الجهة لكونها تقييديّة فيتعدّد الموضوع ، كإباحة الصدق من حيث هو لو فرض خلوّه عن الحسن والقبح ، ووجوب الصدق النافع وحرمة الصدق الضارّ ، لعدم المنافاة بينها باعتبار تعدّد موضوعاتها.
وثالثا : أنّ منافاة التكاليف المذكورة للإباحة الواقعيّة على تقدير تسليم وحدة الموضوع إنّما هي إذا كانت على ظاهر التكليف ، بأن يراد من الأمر والنهي الواردين على جهة التقيّة ـ في القول فقط دون العمل ـ الإيجاب والتحريم المتضمّنين للطلب ، ليكون الفعل باعتباره واجبا أو حراما ، وهذا في حيّز المنع بل ليست إلاّ تكاليف صوريّة معرّاة عن الطلب ، على معنى صدور الخطاب الدالّ على التكليف من دون إرادة التكليف منه لمصلحة التقيّة ، وهذا لا يوجب ارتفاع الحكم الواقعي عن المورد إباحة كانت أو غيرها.
وتوضيح المقام : أنّه يستفاد من جماعة من الفقهاء في تضاعيف المسائل الفرعيّة في الخبر الّذي علم خروجه مخرج التقيّة مع ظهوره في الوجوب أو الحرمة حمله على الاستحباب أو الكراهة ، والحكم على المورد بكونه مستحبّا أو مكروها ، مع كون مذهب العامّة فيه هو الوجوب أو الحرمة استنادا إلى الاعتبار ، وبيانه : أنّ الخبر إذا ورد تقيّة فيتصوّر فيه وجهان :
الأوّل : الحكم بكونه كذبا ، على معنى كونه ممّا أراد الإمام عليهالسلام ظاهره المخالف للواقع لمصلحة التقيّة.
والثاني : الحكم بكونه مؤوّلا [ الّذي ] يعبّر عنه بالتورية ، على معنى كونه ممّا أراد