كما أنّه لا إشكال في أنّه لا يوجب حدوث حكم فيه في القسم الثاني.
كما لا إشكال أيضا في القسم الثالث بكلتا صورتيه ، فإنّ الأمر الموجود فيهما ليس إلاّ أمرا صوريّا غير متضمّن لطلب قصد به ترتّب ما يترتّب على الفعل باعتبار هذا الأمر أو باعتبار نفسه من غير أن يحدث من جهته في الفعل حكم وهو الوجوب ، المتضمّن للطلب المستتبع لاستحقاق العقوبة على المخالفة.
ولا ريب أنّ الأمر الابتلائي التوطيني من هذا الباب ، فوروده على ما هو قبيح في الواقع لا ينافي كون حكمه الشرعي بحسب الواقع هو الحرمة ، فهو ممّا يجامع الملازمة الواقعيّة بين القبح العقلي ووقوع الحكم الشرعي وهو الحرمة على حسبه.
ومنها : التكاليف الّتي ترد مورد التقيّة إذا لم يكن في نفس العمل تقيّة ، فإنّ إمكانها بل وقوعها في الأخبار المأثورة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ممّا لا يكاد يعتريه شوب الإنكار ، وإن منعنا وقوعه في حقّه تعالى بل وفي حقّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا. فإنّ تلك التكاليف متّصفة بالحسن والرجحان لما فيها من صون المكلّف أو المكلّف عن مكائد الأعادي وشرورهم ، وإن تجرّد ما كلّف به عن الحسن الابتدائي ، وطريانه بعد التكليف من حيث كونه امتثالا وطاعة لا يقدح في ذلك ، لأنّ الكلام في الجهة المتفرّع عليها التكليف لا الجهة المتفرّعة على التكليف ـ إلى أن قال ـ : وليس التكليف حينئذ صوريّا محضا مجرّدا ألفاظه عن إرادة المعنى لبعده عن مظانّ الاستعمال ، مع أنّ التكليف في الحقيقة على حسب مؤدّى تلك الألفاظ عند جهل السامع بخلافها ، فلا باعث على صرفها عن ظاهرها وتجريدها عن معانيها.
والجواب : أنّ هذا أيضا بظاهره لا يرتبط بالمقام ، لأنّه إنّما يرد نقضا على من يدّعي اقتضاء حسن التكليف حسن الفعل المكلّف به ، وهذا ممّا لا تعلّق له بمقالة من يدّعي اقتضاء حسن الفعل حسن التكليف به ووقوعه ، واقتضاء قبحه حسن التكليف بتركه ووقوعه.
إلاّ أن يوجّه : بأنّ حسن الفعل أو قبحه فيما أدركهما العقل كما أنّه على القول بالملازمة يقتضي حسن التكليف بالإيجاب أو التحريم ليكون الفعل واجبا أو حراما شرعيّا ، فكذلك خلوّه عن الحسن والقبح وعدم اشتماله على جهة محسّنة ولا على جهة مقبّحة عند العقل ـ على معنى تساوي الفعل والترك في الواقع بحيث أدركه العقل على القول بالملازمة ـ يقتضي إباحته ، شرعا وورود التكليف بإيجاب أو تحريم عليه على جهة التقيّة ينافي الإباحة ، وهذا آية عدم الملازمة بين حكم العقل وبين وقوع التكليف على