العلم به من غير تلك الجهة من الطرق العلميّة الغير النقليّة ، ومرجعه إلى دعوى مدخليّة تبليغ المعصوم من نبيّ أو وصيّ في وجوب الإطاعة والامتثال.
ويزيّفه : أنّ دعوى هذا التخصيص إمّا من جهة العقل أو من جهة النقل ، والأوّل باطل لاستقلال العقل بخلافه حسبما عرفت وكذلك الثاني ، إذ ليس في النقل ما يوهم ذلك إلاّ الأخبار المذكورة وقد عرفت حالها من حيث إنّها غير دالّة على مدخليّة تبليغ المعصوم في وجوب الإطاعة والامتثال ، فإنّ هذه المدخليّة إمّا لأجل دخل تبليغ المعصوم في نفس الحكم على وجه الموضوعيّة فما لم يبلّغه المعصوم ليس بحكم الله تعالى الّذي يجب طاعته ، أو لدخله في طريق إدراكه ، فكلّ حكم لم يدرك من طريق السماع عن المعصوم ولو بالواسطة فلم يرد الله سبحانه إطاعته وإن طابق الواقع.
وأيّا مّا كان فالأخبار المذكورة غير دالّة عليه لا صراحة ولا ظهورا ، بل هي ظاهرة في نفي مرجعيّة الجبت والطاغوت وأتباعهما ، أو نفي اتّباع الأحكام الظنّيّة المدركة بالاستحسانات ، أو بمعونة العقول الناقصة المعمولة في استنباط علل الأحكام ومناطاتها.
فالحصر المستفاد من هذه الأخبار وغيرها من أدلّة وجوب الرجوع إلى الأئمّة عليهمالسلام إضافيّ ، قصد بالإضافة إلى الجبت والطاغوت وأتباعهما ، أو بالإضافة إلى الأحكام الظنّيّة القياسيّة ، أو الاستحسانيّة على ما كان متعارفا عند المخالفين في زمان صدور هذه الأخبار ، لا بالإضافة إلى العقل المستقلّ في مستقلاّته ، ولا بالإضافة إلى الأحكام المعلومة بطريق الجزم بواسطة المقدّمات الضروريّة ، أو النظريّة العقليّة.
ولو سلّم ظهورها فيما ذكر يتعيّن صرفها إلى ما بيّناه ، ولو فرض عدم قبولها الحمل المذكور لا مناص من طرحها ، لأنّها أخبار آحاد لا تقاوم لمعارضة العقل المستقلّ ، فهي إمّا غير منافية أو مؤوّلة أو مطروحة.
وإن كان الثاني فالمنع من العمل بالقطع الحاصل من المقدّمات العقليّة النظريّة إن اريد به خطاب الشارع بعدم العمل بالقطع المذكور بعد حصوله ، فهو غير معقول ، لأنّه على تقدير مصادفة القطع للواقع يؤدّي إلى التناقض المتضمّن لتجويز الكذب على الشارع ، لرجوع المنع المذكور إلى إنكار الملازمة بين الأصغر ، والأوسط ، ومرجعه إلى إنكار الصغرى أو إلى إنكار الملازمة بين الأوسط والأكبر ، ومرجعه إلى إنكار الكبرى.
والمفروض أنّ مصادفة القطع للواقع لا تتأتّى إلاّ على تقدير صدق النتيجة ، وهو فرع