الإسلام ، بل هو المصرّح به في كلام غير واحد من أصحاب القول المذكور.
كما صرّح به العلاّمة المجلسي في رسالته الفارسيّة في العقائد المسمّى بحقّ اليقين (١) ، وتبعه بعض الأعلام في قوانينه ، قائلا : « اعلم أنّ ضروري الدين كما يستلزم إنكاره الخروج عن الدين ، فضروري المذهب أيضا يستلزم إنكاره الخروج عن المذهب » انتهى (٢).
وفيه : ما عرفت ومحصّله : أنّ الضروري ليس عنوانا آخر سوى عنوان ما جاء به النبيّ الّذي يكون الإقرار به من الإسلام ، ولازمه أن يكون إنكاره كفرا ، وهذا أمر مشترك بين ضروري الدين وضروري المذهب ، فعلى هذا فإنكار ضروريّ المذهب قد يكون إنكارا لإخبار الأئمّة به عن النبيّ ، وقد يكون إنكارا لإتيان النبيّ به عن الله ، وقد يكون إنكارا لكونه من عند الله ، وإن أذعن بإخبار الأئمّة عن النبيّ وإخبار النبيّ عن الله.
وقد يكون إنكارا لكونه على وفق الحكمة ، وقد يكون إنكارا لقبوله وامتناعا للتديّن به ، والأوّلان لا يوجبان الكفر وإن كان الثاني يوجب الخروج عن المذهب ، والبواقي كلّها كفر وخروج عن الإسلام ، والمعنى المقصود في عنوان إنكار الضروريّ المعدود سببا مستقلاّ للكفر هو الأخير ، والكفر من جهته مشترك اللزوم بين ضروريّ الدين وضروريّ المذهب ، لكون كلّ ممّا جاء به النبيّ الّذي يجب الإقرار به لكونه من الإسلام.
ومن العجب ما في كلام شيخنا قدسسره من قوله : « وأمّا التديّن بالضروريّات ففي اشتراطه ، أو كفاية عدم إنكارها مع العلم بكونها من الدين ، وعدم اشتراط ذلك أيضا فلا يضرّ إنكارها مع العلم بكونها من الدين ، وجوه أقواها الأخير ، ثمّ الأوسط » (٣) انتهى.
فأوّل ما يرد عليه : [ عدم ](٤) التغاير بين الوجه الأوّل والثاني ، فإنّ الإنكار عبارة عن عدم التديّن ، فعدمه بضابطة النفي في النفي عبارة عن التديّن ، إلاّ أنّ يقال بملاحظة ثبوت الواسطة وهو التوقّف بمنع الملازمة ، لأنّ عدم التديّن بمعنى الإنكار أعمّ من التديّن والتوقّف ، وعدم استلزامه الأعمّ للأخصّ ضروريّ.
وثاني ما يرد عليه : أنّ ترجيح الوجه الأخير ، في معنى القول بأنّ إنكار ما جاء به النبيّ المقابل للإقرار به ، غير مضرّ في الدين والإسلام ، وهو خلاف النصّ والإجماع.
ثمّ إنّ في عنوان الإنكار الموجب للكفر وعدمه صورا ، ينبغي التعرّض لها لتشخيص
__________________
(١) حق اليقين : ٥٤٥.
(٢) قوانين الاصول ٢ : ٢١٢.
(٣) فرائد الاصول ٢٤ : ٥٦٨.
(٤) زيادة يقتضيها السياق.