وفي معناهما صحيحة أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : قيل لأمير المؤمنين عليهالسلام إذا شهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّدا رسول الله ، يكون مؤمنا؟ قال عليهالسلام : فأين فرائض الله؟ ـ إلى أن قال ـ فما بال من جحد الفرائض كان كافرا » (١).
فإنّ ذيله يدلّ على أنّ المراد بالإيمان في السؤال ما يرادف الإسلام ، وقد اعتبر فيه بقوله فأين فرائض الله؟ الإقرار بها ، لأنّ مراده عليهالسلام بذلك بقرينة جحدها الموجب للكفر ، أين الإقرار بفرائض الله.
وفي معنى الجميع ولو باعتبار أنّ أخبار الأئمّة عليهمالسلام بعضها يفسّر بعضا ، صحيحة عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يرتكب الكبيرة ، فيموت هل يخرجه ذلك من الإسلام ، وإن عذب كان عذابه كعذاب المشركين ، أم له مدّة وانقطاع؟ « فقال عليهالسلام : من ارتكب كبيرة من الكبائر ، فزعم أنّها حلال أخرجه ذلك من الإسلام وعذّب أشدّ العذاب ، وإن كان معترفا أنّه ذنب ومات عليها أخرجه من الإيمان ، ولم يخرجه من الإسلام ، وكان عذابه أهون من عذاب الأوّل » (٢).
وصحيحة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال ـ في حديث ـ فقيل له أرأيت المرتكب للكبيرة يموت عليها أتخرجه من الإيمان ، وإن عذّب بها فيكون عذابها كعذاب المشركين أو له انقطاع؟ « قال : يخرج من الإسلام إذا زعم أنّها حلال ، ولذلك يعذّب بأشدّ العذاب ، وإن كان معترفا بأنّها كبيرة ، وأنّها عليه حرام ، وأنّه يعذّب عليها ، وأنّها غير حلال ، فإنّه معذّب عليها وهو أهون عذابا من الأوّل ، ويخرجه من الإيمان ولا يخرجه من الإسلام » (٣).
فإنّ المراد بالزعم فيها عقد القلب الّذي هو عبارة اخرى عن التديّن ، بخلاف المعصية المتضمّن لعدم التديّن بحرمة الحرام ولا وجوب الواجب.
ورواية [ أبي ] عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليهالسلام ، « قال : الكفر في كتاب الله عزّ وجلّ على خمسة أوجه ، فمنها كفر الجحود على وجهين ، والكفر بترك ما أمر الله عزّ وجلّ به ، وكفر البراءة ، وكفر النعم ، فأمّا كفر الجحود فهو الجحود بالربوبيّة والجحود على معرفة ، وهو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنّه حقّ قد استقرّ عنده ، وقد قال الله تعالى : ( وَجَحَدُوا بِها )
__________________
(١) بحار الأنوار ٦٦ : ١٩ / ٢.
(٢) الكافي ٢ : ٢٨٥ / ٢٣.
(٣) الكافي ٢ : ٢٨٠ / ١٠.