« أمّا لو أنّ رجلا قام ليله ، وصام نهاره ، وتصدّق بجميع ماله ، وحجّ جميع دهره ، ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه ، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ، ما كان له على الله حقّ في ثوابه ، ولا كان من أهل الإيمان » (١).
وقول أبي عبد الله عليهالسلام أيضا في حديث : « أما أنّه شرّ عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منّا. » (٢)
وقول أبي جعفر عليهالسلام : « من دان الله بغير سماع من صادق ألزمه الله البتّة يوم القيامة » (٣) وقوله عليهالسلام أيضا في حديث آخر : « كلّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل » (٤) إلى غير ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع.
وقضيّة هذا كلّه أن يكون الحكم المنكشف بغير واسطة تبليغ الحجّة ملغى في نظر الشارع ، وإن كان مطابقا للواقع.
قلت : مع أنّه خلاف ظاهر التعليل في كلام المحدّث الأسترآبادي ، نجيب عنه :
أوّلا : بالنقض بالأحكام المعلومة بمقدّمات ضروريّة أو بمقدّمات نظريّة قريبة من الإحساس لانتفاء الواسطة في ذلك كلّه.
وثانيا : بمنع دلالة الأخبار المذكورة على ما ذكر ، خصوصا الخبر الأوّل لكونه ظاهرا كالصريح في اشتراط صحّة الأعمال وترتّب الثواب عليها بمعرفة ولاية أهل البيت وموالاتهم ، ولم يدلّ ذلك على كون الحكم المنكشف بواسطة العقل القاطع لأهل الولاية وموالاة الأئمّة ملغى في نظر الشارع.
ولو سلّم دلالة الخبر على أزيد من الاشتراط المذكور فهو ـ كباقي الأخبار المذكورة ـ واردة في سياق الأخبار الكثيرة المتواترة معنا الواردة في ردّ المخالفين وردعهم في اعتمادهم على إدراكاتهم الظنّيّة بواسطة عقولهم الناقصة ، واستحساناتهم الباطلة ، وآرائهم الفاسدة للأحكام التوقيفيّة الصرفة الّتي لا طريق إلى إدراكها سوى خطاب الشرع وسنّة النبويّة والإماميّة ، واستبدادهم في ذلك وعدم اعتنائهم بأولياء الله وحججه أصلا ، فلا يدخل الأحكام المنكشفة بالعقل القاطع في مورد هذه الأخبار.
__________________
(١) الوسائل ١ : ١١٩ / ٢ ، ب ٢٩ من أبواب مقدّمة العبادات.
(٢) الوسائل ٢٧ : ٧٠ / ٢٥ ، ب ٧ من أبواب صفات القاضي.
(٣) الوسائل ٢٧ : ٧٥ / ٣٧ ، ب ٧ من أبواب صفات القاضي.
(٤) الوسائل ٢٧ : ٧٤ / ٣٤ ، ب ٧ من أبواب صفات القاضي.