وأورد عليه شيخنا قدسسره : « بأنّ قاعدة الاشتغال في مسألة العمل بالظنّ ، معارضة في بعض الموارد بقاعدة الاشتغال في المسألة الفرعيّة ، كما إذا اقتضى الاحتياط في الصلاة وجوب السورة ، وكان هناك ظنّ مشكوك الاعتبار دالّ على عدم وجوبها ، فإنّه يجب مراعاة قاعدة الاحتياط في الفروع المقتضية لقراءة السورة لاحتمال وجوبها » (١).
ويشكل بعدم كون المعارضة في محلّها.
أمّا أوّلا : فلأنّ الاحتياط في المسألة الاصوليّة مقدّم عليه في المسألة الفرعيّة ، لوروده عليه باعتبار سببيّة شكّه.
وأمّا ثانيا : فلأنّ المثال المذكور للمسألة الفرعيّة ، لكونه من الشكّ في جزء العبادة ممّا لا يجري فيه أصالة الاشتغال حتّى تعارض قاعدة الاشتغال في المسألة الاصوليّة ، بل هو من مجرى أصالة البراءة لرجوع الشكّ في الأجزاء والشرائط ـ كما حقّق في محلّه ، وعليه المورد قدسسره ـ إليه في التكليف ، فلا معارض لقاعدة الاشتغال المتمسّك بها للتعميم.
وأمّا ثالثا : فلأنّ الاحتياط في المسألة الفرعيّة بعد تسليم جريانه ووجوب العمل به ، لا ينافي الاحتياط في المسألة الاصوليّة المقتضي لوجوب العمل بالظنّ المشكوك الاعتبار ، أو موهومه الدالّ على عدم وجوب السورة بحيث يلزم من العمل به طرحه ، لأنّ معنى العمل بالظنّ الّذي يقتضيه الاحتياط في المسألة الاصوليّة تطبيق الفعل ـ بمعنى الحركات والسكنات الخارجيّة ـ على مقتضاه ، وليس مقتضى الظنّ القائم بعدم وجوب السورة وجوب الفعل على وجه عدم الوجوب حتّى يناقضه وجوب الفعل المحتمل الوجوب لرجاء الوجوب ، بل مقتضاه إمّا وجوبه لا على وجه الوجوب ، أو عدم وجوبه على وجه الوجوب (٢).
وأيّا منهما كان فلا يناقضه وجوب الفعل لاحتمال الوجوب ورجائه ، كما هو مقتضى الاحتياط في المسألة الفرعيّة.
نعم ربّما يتصوّر المنافاة في بادئ النظر بين الاحتياطين ، فيما لو علم إجمالا بحرمة أحد امور ، وقام على وجوب كلّ واحد ظنّ من المشكوك أو الموهوم ، فإنّ الاحتياط في المسألة الاصوليّة في نحوه يقتضي وجوب الإتيان بالكلّ ، والاحتياط في المسألة الفرعيّة يقتضي وجوب الاجتناب عن الكلّ ، وهما قضيّتان متناقضتان.
ولكنّ الّذي يساعد عليه النظر : هو عدم المعارضة هنا أيضا ، لعدم جريان الاحتياط في
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٤٩٧.
(٢) كذا فى الأصل.