يلزم من الرجوع إلى الاصول في الباقي محذور.
وأمّا ثالثا : فلأنّ العلم الإجمالي إنّما يوجب التسرّي إلى مشكوك ، أو منه إلى موهوم الاعتبار إذا قرّر : بأنّا نعلم إجمالا بمخالفة ظواهر كثير من مظنون الاعتبار لقرائن هي في مشكوك الاعتبار أو في موهوم الاعتبار ، على معنى كونها عمومات مخصّصة بما هو من مشكوك الاعتبار ، أو موهومه ، ومطلقات مقيّدة بما هو من أحدهما ، أو مجازات قرائنها من أحدهما ، وحينئذ فالعمل بهذه الأفراد من مظنون الاعتبار لا يتمّ إلاّ بالعمل بتلك الأفراد من مشكوك الاعتبار أو موهومه ، فإذا وجب الأوّل بحكم العقل وجب الثاني أيضا بحكمه.
ولكن حصول العلم الإجمالي على هذا الوجه محلّ منع ، بل القدر المسلّم منه هو العلم بمخالفة ظواهر كثير من مظنون الاعتبار لقرائن هي أيضا من مظنون الاعتبار لا من مشكوكه أو موهومه ، على معنى كون كلّ من العامّ والخاصّ أو المطلق والمقيّد أو المجاز وقرينته من أفراد هذا النوع ، فلا مقتضى للتسرّي إلى النوع الآخر من جهة العلم الإجمالي.
وأمّا رابعا : فعلى تسليم حصوله على الوجه الأوّل ، فغايته قضائه بالتسرّي من مشكوك الاعتبار إلى الأفراد الكاشفة عن المرادات من طائفة من مظنون الاعتبار ، لا إلى غيرها من الأفراد الغير الكاشفة ، وكذا الكلام على تقدير التسرّي إلى موهوم الاعتبار ، فإنّ مرجع العلم الإجمالي المفروض إلى العلم بكون جملة من مشكوكات الاعتبار ، أو موهوماته مطابقة للواقع ، من جهة كشفها عن المرادات في مظنونات الاعتبار على تقدير مطابقتها الواقع ، على معنى أنّها بحيث لو كانت مطابقة للواقع كانت المرادات منها ما يكشف عنها ما هو من مشكوكات الاعتبار أو موهوماته ، وظاهر أنّ العمل بها لأجل هذه العلّة لا يوجب التعدّي إلى ما ليس فيه هذه العلّة ، وهو مشكوكات الاعتبار أو موهوماته الغير الكاشفتين عن مرادات مظنونات الاعتبار.
فإنّ العلم الإجمالي بوجود حسان أو شهرات مخصّصة لعمومات الأخبار الصحيحة ، أو مقيّدة لمطلقاتها لا يوجب التعدّي إلى الحسان أو الشهرات الغير المزاحمة للأخبار بتخصيص أو تقييد ، فضلا عن إيجابه التعدّي إلى الاستقراء والأولويّة.
ودعوى الإجماع واضحة الفساد ، إذ الإجماع إنّما يعتبر من باب الكشف عن قول المعصوم ورأيه ، ولا ريب أنّ الحكم بالحجّيّة في الطائفة الاولى لعلّة غير مطّردة في الطائفة الثانية حكم عقلي نعلم بعدم تعرّض الإمام لبيانه قولا ولا فعلا ، بل غاية ما يضاف إليه في