بالوضوء؟ « فقال عليهالسلام : يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )(١) امسح عليه » (٢) بتقريب : أنّ ظاهر الجواب أنّ هذا وأشباهه يعرف حكمه من عموم نفي الحرج ، وهذا ـ مع أنّ الأدلّة الواردة في وجوب المسح على البشرة أيضا عمومات ـ ممّا ليس له معنى محصّل سوى تقدّم الأدلّة [ النافية ] للحرج لذاتها على عمومات سائر التكاليف.
والسرّ في ذلك : أنّها بمضمونها ومدلولها اللفظي متعرّضة لحال عمومات أدلّة التكاليف ببيان مقدار موضوعها ، وهو ما لم يكن فيه عسر ولا حرج ، ومرجعه إلى نفي مجعوليّة الحكم الحرجي ، وبعبارة نفي جعل الوجوب لمورد الحرج ، فتكون كالمفسّرة لها وقد يسمّى ذلك بالحكومة ، وهو ليس من باب التخصيص بل شبه تخصيص ، لأنّ التخصيص هو إخراج شيء عن حكم العامّ لولا الإخراج لزم الكذب والتناقض ، كما في قوله : « أكرم العلماء » و « لا تكرم زيدا » ، بخلاف الحكومة فإنّها تفسير وبيان لمقدار الموضوع ونفي لمجعوليّة الحكم لمورد العسر.
ومن آية ذلك أنّه لولا الدليل المحكوم عليه لزم اللغو في الدليل الحاكم ، بخلاف التخصيص فإنّه لولا العامّ المخصّص لم يكن المخصّص لغوا ، كما يعلم ذلك بملاحظة المثال المتقدّم.
وثانيهما : خصوص الأدلّة المثبتة للتكليف لموضوع عسر حرجي بطبعه ، كأدلّة وجوب الجهاد والحجّ وما أشبههما ، وضابطه : كونها لخصوص موضوعها أخصّ من الأدلّة النافية للعسر والحرج ، فتخصّصها بضابطة تقدّم الخاصّ على العامّ ، فالأدلّة الظنّيّة المؤدّية إلى الظنّ بما فيه العسر والحرج إن كانت من قبيل القسم الأوّل فتخصّص بالأدلّة النافية للعسر والحرج بغير مورديهما ، وإن كانت من قبيل القسم الثاني فتخصّص بها أدلّة نفي العسر والحرج لأنّها أيضا عمومات ظنّيّة قابلة للتخصيص ، فلا إشكال في شيء من التقديرين فبطل النقض.
وممّا يخصّصه أدلّة نفي الحرج من باب الحكومة بغير محلّ العسر والحرج أدلّة حسن الاحتياط ووجوبه على تقدير وجودها ، وهذا هو المقصود في إبطال مرجعيّة الاحتياط استنادا إلى استلزامها العسر والحرج.
بل قد يقال : إنّ أدلّة العسر بالنسبة إلى قاعدة الاحتياط من قبيل الدليل بالنسبة إلى الأصل ، فتقديمها عليها أوضح من تقديمها على العمومات الاجتهاديّة.
__________________
(١) سورة الحج : ٧٨.
(٢) الوسائل ١ : ٤٦٤ / ٥ ، ب ٣٩ من أبواب الوضوء.