وتقريرها ملخّصة : أنّه لو كان قول الإمام مخالفا لما أجمعت الطائفة عليه مع عدم وجود مخالف لهم ، ولا دليل من كتاب أو سنّة قطعيّة على صحّته وسقمه ، ولا العلم بموافقة الإمام أو مخالفته لهم ، لوجب عليه ردعهم لأنّه لطف واللطف واجب ، ولمّا لم يكن ردعهم ، فنعلم بموافقة قوله لقولهم.
وهذه القاعدة في محلّها وموردها وإن كانت مسلّمة لا يمكن الاسترابة فيها ، إلاّ أنّ محلّ البحث ليس من موردها فلا حكم لها فيما نحن فيه أصلا ، وكيف كان فنجيب عنها تارة بالنقض ، واخرى بالحلّ.
أمّا النقض : فلأنّ المقصود من إعمال قاعدة اللطف هنا إمّا أن يكون إثبات حكم للاّحقين الناظرين في إجماع المجمعين ، وهو أن يكون إجماعهم مستندا للاحقين ، أو إثبات حكمه للمجمعين وهو أن لا يكون إجماعهم على الإفتاء بالحكم المجمع عليه خاليا عن المستند ، لكون قول الإمام الموافق له حينئذ مستندا له.
فإن كان الأوّل فيرد عليه : أنّ الإجماعيّات على تقدير عدم حجّيّة الإجماع فيها لا تزيد على غير المنصوصات ، فكما يجب فيما لا نصّ فيه الرجوع إلى الاصول العمليّة فكذلك في الإجماعيّات على التقدير المذكور ، فإنّها حينئذ تندرج فيما لا نصّ فيه الّذي حكمه الرجوع إلى الاصول ، وكما أنّ قاعدة وجوب اللطف لا حكم لها في غير المنصوصات فكذلك في الإجماعيّات.
وتوهّم الفرق : بأنّ غير المنصوصات قد صدر النصّ فيها عن الأئمّة عليهمالسلام ببيانهم للأحكام الواقعيّة فيها ، غير أنّه فقد عنّا النصّ ولم يصل إلينا.
يدفعه : المعارضة بالمثل ، لجواز أن يصدر عنهم النصّ في الإجماعيّات بالحكم المجمع عليه أو بخلافه ، ولكنّه فقد عنّا ولم يصل إلينا.
وإن كان الثاني فيرد عليه : أنّ الإجماعيّات لا تنقص عن الاجتهاديّات التي يبنى فيها على الأمارات الظنّيّة من آية ، أو رواية ، أو أمارة اخرى.
فإنّ المجمعين في إفتائهم بالحكم المجمع عليه ، إمّا أن يكون لهم مستند من أصل أو آية أو رواية أو أمارة اخرى وقد خفي علينا ، أو فقد عنّا ذلك المستند ، ولا سبيل إلى الثاني لعدالتهم المانعة عن الإفتاء بغير مستند.
وعلى الأوّل فإمّا أن يكون ذلك المستند معتبرا وحجّة في حقّهم ولو من باب الحكم