أو حكم عقل مستقلّ ، فيغني ذلك عن النظر في الإجماع المستحصل به التابع له ، بل لا يكون فرض الإجماع معه إلاّ كالحجر الموضوع في جنب الإنسان ، باعتبار أنّه لا يؤثّر أثرا ولا يفيد فائدة أصلا.
ونتيجة استحالة الطريق الأوّل وإغناء الطريق الثاني القطع بعدم تحقّق الإجماع بالمعنى الأوّل ، وهو اتّفاق جميع العلماء حتّى الإمام في الإجماعات التي حصّلها أصحابنا ، أعني علماء أزمنة الغيبة كالشيخين وأتباعهما ومن تقدّم عليهما ، ثمّ السيّدين المرتضى ورضي الدين وابن زهرة وابن طاووس وأتباعهم ، والفاضلين في كتبهما والشهيدين في كتبهما ، والعليين الكركي والميسي ، والمقدّس الأردبيلي وتلميذيه صاحبي المدارك والمعالم ، وغيرهم ممّن سبقهم أو لحقهم من المتصدّين لتحصيل الإجماع ونقله في رسائلهم وكتبهم الاستدلاليّة ، لانحصار طريقه في أمرين نقطع بانتفائهما فيها معا.
أمّا الأوّل : فلاستحالته العاديّة.
وأمّا الثاني : فلعدم كون محلّ البحث الإجماعات المنقولة المصادفة لضروري الدين أو حكم العقل المستقلّ ، إذ مع وجود أحد الأمرين لا حاجة إلى النظر في الإجماع المنقول ولا إلى إثبات حجّيّته ، إذ لا فائدة في الأمارة الغير العلميّة مع وجود الطريق العلمي ، بل مع العلم الحاصل منه فعلا.
وقضيّة ذلك كلّه أن يكون كلّ إجماع نقل في كلامهم مطلقا ـ كقولهم : إجماعا أو للإجماع ونحوه ، أو مع إضافته إلى الامّة أو المسلمين أو أهل الإسلام أو العلماء ونحوه ـ مرادا به المعنى الثاني وهو اتّفاق من عدا الإمام.
ولا ينافيه عدالتهم بدعوى لزوم الإغراء أو التدليس من حيث إنّهم يصطلحون الإجماع في معنى ، ويريدون في إطلاقاتهم معنى آخر ، لما ذكرناه من وجود القرينة القطعيّة على إرادة خلاف المعنى المصطلح عليه.
ودون الألفاظ المذكورة في ألفاظ نقل الإجماع قولهم : « أجمع الأصحاب » أو « أجمع أصحابنا أو علمائنا » أو « إجماع الشيعة » أو ما يؤدّي مؤدّاه لظهورها في إرادة اتّفاق من عدا الإمام ، ودونها لفظ « عندنا » الّذي يقال : إنّه يؤذن بدعوى الإجماع ، ودون الجميع لفظ « لا خلاف » و « بلا خلاف » ونحوه ، لانتفاء لفظ « الإجماع » فضلا عن معناه المصطلح عليه.
فملخّص ما بيّناه في منع كون نقل الإجماع حكاية السنّة ، أنّ العلم بقول الإمام المدّعى