حيث الكشف عن موافقة قول الحجّة ورضاه ، كشفا التزاميّا بالالتزام العقلي أو العرفي ، وظاهر أنّ كون شيء كالإجماع المصطلح في الحجّيّة ووجهها عندهم لا يلازم كونه مثله في التسمية أيضا.
ولكنّا نتكلّم على كلّ من المعاني الثلاث ، غير أنّ الكلام في المعنى الأوّل إنّما يقع في الصغرى لا في الكبرى ، لأنّه إذا ثبت الصغرى ـ وهو اتّفاق كلّ الامّة أو كلّ العلماء حتّى الإمام ـ وعلم بذلك فلا يبقى مجال على مذهبنا للكلام في الكبرى وهو الحجّيّة ، ولا يبقى محلّ لقولنا الإجماع حجّة أم لا؟ لأنّه في المعنى يرجع إلى القول بأنّ ما يكشف عن قول الإمام كشفا تضمّنيّا حجّة أو ليس بحجّة؟ وهذا كما ترى تشكيك في حجّيّة ما يكشف عنه الإجماع أعني قول الحجّة ، وهو تشكيك في أمر ضروري على مذهبنا ، فلا يصدر عن جاهل فضلا عن العلماء.
ولذا ترى أنّ أصحابنا في عنوان هذا المعنى الّذي قد يعبّر عنه ب « طريقة القدماء » لم يتعرّضوا لبحث الحجّيّة أصلا ، لأنّ كونها مع الإجماع من قبيل القضايا الّتي قياساتها معها ، بل إنّما تعرّضوا لبيان امور كلّها ترجع إلى الصغرى من شروط الإجماع وأركانه وموانعه وفروعه.
وأمّا المعنى الثاني : فعمدة الكلام فيه يقع في الكبرى ، وهو ثبوت الملازمة بين اتّفاق من عدا الإمام من علماء الامّة وموافقة قوله وعدمه ، وإن كان يمكن فيه التكلّم عن الصغرى أيضا.
وأمّا المعنى الثالث : فإنّما الكلام فيه أيضا يقع في الكبرى ، وهو ثبوت الملازمة بين اتّفاق الجماعة ، وموافقة قول الإمام ورضاه الّتي عبّر عنها ب « الكشف » ، في عبارة قولهم : « اتّفاق جماعة يكشف اتّفاقهم عن رأي المعصوم ».
فأمّا المعنى الأوّل : فمعنى الكلام في صغراه هو أنّ اتّفاق جميع علماء الامّة حتّى الإمام على حكم شرعي ، بأيّ شيء يحرز وبأيّ طريق يعلم؟ وهل يمكن الاطّلاع عليه ، حتّى يستند إليه في اثبات حكم شرعي ، وينقل في مقام الاستنباط في كتب الاستدلال ، ليكون نقله حكاية للسنّة ، وهو قول الإمام المعلوم إجمالا في جملة أقوال المجمعين ، المفروض كونهم كلّ علماء الامّة حتّى إمامهم المعصوم على مذهبنا أو لا يمكن معه؟
فنقول : يتصوّر لإحرازه والعلم به طريقان :
أحدهما : أن يستقصى أقوال جميع العلماء بحيث يحصل اتّفاق لقاء الإمام في ضمنه ، وأخذ القول منه بعنوان رجل عالم ليدخل شخصه في أشخاصهم ، وقوله في أقوالهم ، سواء