يطلق على كلّ واحد الإجماع :
أحدها : اتّفاق جميع علماء الامّة حتّى الإمام (١).
وثانيها : اتّفاق العلماء عدا الإمام (٢).
وثالثها : اتّفاق جماعة يكشف اتّفاقهم عن رأي المعصوم (٣) ، إلاّ أنّ اصطلاح العامّة والخاصّة ـ على ما يظهر من أكثر تعريفاتهم فيه ـ قائم بالمعنى الأوّل المأخوذ فيه اتّفاق كلّ الامّة ، أو جميع علمائهم الّذي منهم الإمام ، لأنّه من أجلّ الامّة وأفضل علمائهم ، حتّى أنّ معناه المصطلح عليه عند أصحابنا أيضا ذلك المعنى ، وإن قلنا بأنّ أصل حدوث الاصطلاح من العامّة وأصحابنا الخاصّة أخذوه منهم تبعا من غير أن يغيّروه ، كما يظهر ذلك من المرتضى قدسسره ـ فيما حكي عنه منقولا بالمعنى ـ من « أنّ الإجماع شيء أحدثه العامّة واخترعوه وأدرجوه في الأدلّة وجعلوه قسما منها ، ونحن أخذناه منهم لمّا رأيناه حقّا ووجدناه صالحا للحجّيّة ، لكن لا من الجهة الّتي زعموه بل من جهة اخرى وهي كشفه تضمّنا عن قول الحجّة باعتبار أنّ اتّفاق الامّة أو علمائهم يتضمّن قول إمامهم الّذي هو الحجّة فالإجماع حجّة لحجّيّة قول الإمام ، لا من حيث إنّه إجماع (٤) » وهذا كما ترى مخالفة من أصحابنا للعامّة في وجه الحجّيّة ، والمخالفة في وجه الحجّية لا يستلزم المخالفة في الاصطلاح والتسمية ، ولذا ترى أنّ تعاريف قدمائهم إلى متأخّريهم ـ الّذين آخرهم كما قيل صاحب المعالم وشيخنا البهائي ـ منطبقة على ما حدّه العامّة الّذي اعتبروا فيه اتّفاق الكلّ ، ومع اتّفاق الكلّ يعلم دخول الإمام أيضا.
ومن هنا ذكر جمع من المحقّقين منهم الفاضل القمّي (٥) : « أنّ كلّ إجماع عندهم إجماع عندنا ، وحجّة على مذهبنا من القول بوجود إمام معصوم في كلّ عصر ».
نعم ولقد شاع في كلام أصحابنا إطلاقه على كلّ من المعنيين الآخرين ، لا على أنّه تغيير للاصطلاح الأوّل ، ولا على أنّه إحداث لاصطلاح آخر خاصّ بهم ، بل مسامحة وتوسّعا في الاستعمال ، لكون كلّ في زعمهم كالإجماع المصطلح في الحجّيّة والاعتبار من
__________________
(١) شرح مختصر الاصول : ١ : ١٢٢ والإحكام للآمدى ١ : ٢٥٤.
(٢) تهذيب الوصول للعلاّمة الحلّي : ٦٥ وغاية البادئ في شرح المبادئ ( مخطوط ) ٧٣.
(٣) قوانين الاصول ١ : ٣٤٩.
(٤) نهاية الوصول ( مخطوط ) : ٢٤١.
(٥) قوانين الاصول ١ : ٣٥٨.