الوقوع في الندم ، وهذا لا يلائم كون اعتبار العدالة تعبّدا حتّى في مورد يؤمن فيه من الوقوع في الندم بدونها.
قلت : ينقضه أنّهم ـ مع استنادهم في قبول خبر العدل إلى الآية وإثبات شرطيّة عدالة المخبر للعمل بخبره بها ـ يشترطون في المخبر ـ ولو عدلا ـ كونه ضابطا ، تعليلا بأنّه لا وثوق بخبر غير الضابط ولو عدلا ، فلو كان الاستناد إلى الآية في إثبات أصل اعتبار خبر العدل منافيا لاعتبار أمر زائد على العدالة بدليل آخر لما كان لاشتراط الضبط وجه ، إذ المفروض أنّها دلّت على قبول خبر العدل وهذا خبر عدل ، ولا معنى بعده لاشتراط الضبط ولا تعليله بعدم الوثوق لولاه.
فظهر أنّ إثبات أصل اعتبار خبر العدل بالآية لا ينافي اشتراط أمر زائد على العدالة بدليل من الخارج ، وعلى نحو ذلك نقول في مسألة الشهادة ، فإنّ أصل اعتبار شهادة العدل إنّما ثبتت بالآية ومقتضاها جواز القبول في موضع العلم بالصدق ولو مع انتفاء العدالة ، غير أنّ الدليل من الخارج دلّ على كون العدالة فيها معتبرة على وجه التعبّد ، كما أنّ الدليل الخارج أيضا أثبت فيها اعتبار التعدّد.
وأمّا آية النفر : فبعد الإغماض عن ظهورها في الفتوى والبناء على شمولها الرواية أيضا ، نقول : إنّ النافر إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو إلى الأئمّة ، وكذلك الآخذ من أحدهم إذا رجع إلى قومه لا يحكي له إلاّ ما أدركه بالسمع من القول ، وما رآه بالبصر من الفعل أو التقرير ، فيكون موردها الروايات المصطلحة ، ولا يندرج فيها الإجماع المنقول.
هذا كلّه في توضيح الطعن في السند حسبما أشرنا إليه سابقا على وجه الاختصار.
وأمّا توضيح القدح في الدلالة على معنى منع دلالة نقل الإجماع على كون قصد ناقله حكاية قول الإمام الّذي هو من السنّة ، وظهوره في حكاية السنّة ليندرج بذلك في الخبر المصطلح ـ الذي هو عبارة عن حكاية السنّة الدائرة بين قول المعصوم وفعله وتقريره ـ حتّى يشمله أدلّة حجّيّته ، فهو موقوف على بيان معنى الإجماع ووجه حجّيّته ، على معنى الملازمة بينه وبين قول الإمام أو موافقة قوله ، وأنّ هذه الملازمة هل هي ثابتة أم لا؟
فنقول : إنّ للعامّة والخاصّة في الإجماع تعاريف كثيرة بعبارات مختلفة مذكورة في كتبهم الاصوليّة ، وإطلاقاتهم « لفظ الإجماع » في الكتب الفقهيّة والاصوليّة أيضا في الكثرة خارجة عن حدّ الإحصاء ، إلاّ أنّ المستفاد من مجموع تعريفاتهم وإطلاقاتهم معان ثلاث