لارتباطه بأخبار الأئمّة بكون ما يوافق ظاهره شرطا في العمل به وما يخالفه مانعا منه.
والثالثة : طريقة المجتهدين من أصحابنا من عدم استقلال الكتاب بالإفادة في الجملة ، باعتبار كون ما يخالف ظاهره من أخبار الأئمّة مانعا مع عدم كون ما يوافقه شرطا.
والأخبار المذكورة المستدلّ بها واردة في ردّ الطريقة الاولى ، لا لإثبات الطريقة الثانية ، فلا تنافي الطريقة الثالثة.
وأمّا الطريق الثاني : فلعدم اندراج الظواهر بالذات في مورد شيء من الأخبار المذكورة ، أمّا الأخبار الناهية عن تفسير القرآن بالرأي على اختلاف مضامينها فلوجهين :
الأوّل : عدم كون العمل بالظواهر المتضمّن لحمل كلّ لفظ على معناه الظاهر ـ ظهورا أوّليّا كالحقيقة ، أو ثانويّا كالمجاز مع القرينة ـ من التفسير ، وعدم صدق التفسير بمفهومه اللغوي عليه ، فإنّه تفعيل من الفسر يقال : فسرت الشيء ، من باب ضرب بيّنته وأوضحته ، والتشديد مبالغة ، فهو والمشدّد بمعنى ، وقيل : مقلوب السفر ، يقال : سفرت المرأة. عن وجهها ، إذا كشفت ، وبمعناه : اسفرت والصبح. إذا أسفر ، أي إذا ظهر. فالتبيين والإيضاح والكشف بمعنى وكذلك البيان بمعنى التبيين ، ويعتبر في الجميع سبق خفاء ، والكشف أصرح ممّا عداه في ذلك ، ولذا ورد في الاستعمال لرفع الغطاء والستر عن الشيء المستور المغطّى ، ومنه : كشفت عن وجهها ، ولأجل ذا كلّه فسّر التفسير « بكشف المراد عن اللفظ المشكل » كما في القاموس (١) والمجمع ـ والمشكل من أشكل الأمر التبس قاله فيهما ، فاللفظ المشكل هو اللفظ الملتبس فيه المعنى المراد لإجمال أو تأوّل خال عن القرينة ، وكشف المراد إيضاح المعنى المراد ، وتعديته بكلمة المجاوزة لتضمينه معنى رفع الالتباس عن اللفظ ـ أو بكشف المغطّى ، كما نقله الطبرسي في مجمع البيان (٢) وصاحب القاموس (٣) أيضا ، والمغطّى الشيء المستور بالغطاء وهو الستر وكشفه رفع غطائه ، وهو في معنى اللفظ المحمول عليه عبارة عن رفع غطائه وستره الناشئ من الإجمال أو التأويل بلا قرينة.
فالتفسير بكلا المعنيين لا محلّ له إلاّ المتشابهات ، فلا يندرج فيه العمل بالظواهر الّذي هو عبارة عن الأخذ بمعاني الألفاظ الواضحة الدلالة عليها ، بعد الفحص عن معارضاتها اعتمادا على ما فيها من الأوضاع لغويّة أو عرفيّة أو شرعيّة ، أو على ما معها من القرائن
__________________
(١) قاموس المحيط ٢ : ١١٠ مادّة الفسر. مجمع البحرين ٢ : ٤٠١ مادّة الفسر.
(٢) مجمع البيان ١ : ١٣.
(٣) قاموس المحيط ٢ : ١١٠ مادّة الفسر.