فتعجّب الإعرابي من قوله فقال عليهالسلام : « أنا الأوّل ؛ أوّل من آمن برسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنا الآخر ؛ آخر من نظر فيه لمّا كان في لحده ، وأنا الظاهر ؛ فظاهر الإسلام ، وأنا الباطن ؛ بطين من العلم ، وأنا بكلّ شيء عليم ؛ فإنّي عليم بكلّ شيء أخبر الله به نبيّه ، فأخبرني به ، فأمّا عين الله ؛ فأنا عينه على المؤمنين والكفرة ، وأمّا جنب الله ؛ فأن تقول نفس : يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله .. ومن فرّط فيّ فقد فرّط في الله ، ولم يخبر لنبي نبوّة حتّى يأخذه خاتماً من محمّد صلىاللهعليهوآله ، فلذلك سمّي خاتم النبيّين سيّد النبيّين ، وأنا سيّد الوصيين ، وأمّا خزّان الله في أرضه ؛ فقد علمنا ما علمّنا رسول الله صلىاللهعليهوآله بقول صادق ، وأنا أُحيي ؛ أُحيي سنّة رسول الله ، وأنا أُميت ؛ أُميت البدعة ، وأنا حيّ لا أموت ، لقوله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١) » (٢).
ج ـ ما جاء في الاختصاص : روي أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان قاعداً في المسجد ، وعنده جماعة ، فقالوا له : حدّثنا يا أمير المؤمنين ، فقال لهم : « ويحكم إنّ كلامي صعب مستصعب ، لا يعقله إلاّ العالمون ».
قالوا : لابدّ من أن تحدّثنا ، قال : « قوموا بنا » ، فدخل الدار ، فقال : « أنا الذي علوت فقهرت ، أنا الذي أُحيي وأُميت ، أنا الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن ».
فغضبوا وقالوا : كفر!! وقاموا ، فقال علي عليهالسلام للباب : « يا باب استمسك عليهم »! فاستمسك عليهم الباب.
فقال : « ألم أقل لكم : إنّ كلامي صعب مستصعب لا يعقله إلاّ العالمون؟! تعالوا أفسّر لكم ، أمّا قولي : أنا الذي علوت فقهرت ، فأنا الذي علوتكم بهذا السيف ، فقهرتكم حتّى أمنتم بالله ورسوله.
__________________
١ ـ آل عمران : ١٦٩.
٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٠٥.