في قوله تعالى : ( لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) ، ولم لا تكون دليلاً على أنّهم مطهّرون عن رجز الشيطان قبل نزول الآية ، بدليل قوله : ( عَنكُمُ )؟
ثمّ ألا تدلّ هذه الآية على فضيلة لجميع الصحابة؟ لأنّ الله تعالى طهّرهم كلّهم.
ج : إنّ آية ( وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) لا تدلّ على عصمة أصحاب بدر ، كما تدلّ آية التطهير على عصمة أهل البيت عليهمالسلام ؛ لأنّ المراد من رجز الشيطان هو الجنابة التي أصابتهم ، بينما المراد من الرجس هو اجتناب المعاصي والذنوب ، والاجتناب دليل على العصمة.
كما أنّ الآية لا تدلّ على تطهيرهم قبل نزولها ، كما دلّت آية التطهير على تطهير أهل البيت عليهمالسلام قبل نزولها ؛ لأنّ اللام في آية التطهير لام الجنس ، بينما اللام في آية ( وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) لام التعليل ، أي يطهّركم لأجل ما أصابكم من الجنابة.
قال في الكشّاف : « وذلك أنّ إبليس تمثّل لهم ، وكان المشركون قد سبقوهم إلى الماء ، ونزل المؤمنون في كثيب أعفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء ، وناموا فاحتلم أكثرهم.
فقال لهم : أنتم يا أصحاب محمّد! تزعمون أنّكم على الحقّ ، وإنّكم تصلّون على غير الوضوء وعلى الجنابة ، وقد عطشتم ، ولو كنتم على الحقّ ما سبق عليكم هؤلاء على الماء ، وما ينتظرون بكم إلاّ أن يجهدكم العطش ، فإذا قطع العطش أعناقكم مشوا إليكم ، فقتلوا من أحبّوا ، وساقوا بقيّتكم إلى مكّة ، فحزنوا حزناً شديداً وأشفقوا ، فأنزل الله مطراً ، فمطروا ليلاً حتّى جرى الوادي ، واتخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه الحياض على عدوة الوادي ، وسقوا الركاب ، واغتسلوا وتوضّؤا ، وتلبّد الرمل الذي كان بينهم وبين العدو
__________________
١ ـ الأحزاب : ٣٣.