عليه ، فبقي طوال ليلته فأكبّ عليه ولده عبد الله ، وقال له : يا أبت هل رأيت شيئاً فقد أغممتنا؟
فقال عليهالسلام : « يا بني هي والله نفسي التي لم أصب بمثلها » ، ثمّ قال : « افرشوا لي في صحن الدار ، وأخرجوني لعلّي أنظر في ملكوت السماوات » ، ففرش له في صحن الدار وأخرج فراشه ، فدخل عليه أخوه الإمام الحسين عليهالسلام فرآه متغيّراً وجهه ، مائلاً بدنه إلى الخضرة ، فقال له الحسين عليهالسلام : « بأبي أنت وأُمّي ما بك »؟
فقال له : « ... إنّي قد سقيت السمّ مراراً ، فلم اسق مثل هذه المرّة »! ... ، فقال : « يا أخي من تتهم »؟ فقال : « وماذا تريد منه »؟ فقال : « لأقتله » ، فقال : « إن يكن الذي أظنّه فالله أشدّ نقمة منك وأشدّ تنكيلاً ، وإن لم يكن فما أحبّ أن يؤخذ بي بريء ».
ثمّ إنّ الإمام الحسين عليهالسلام بكى لما رأى من حال أخيه ، فقال له الحسن عليهالسلام : « أتبكي يا أبا عبد الله ، وأنا الذي يؤتى إليّ بالسمّ فأقضي به ، ولكن لا يوم كيومك ، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل ، يدّعون أنّهم من أُمّة جدّك فيقتلونك ، ويقتلون بنيك وذرّيتك ، ويسبون حريمك ، ويسيرون برأسك هدية إلى أطراف البلاد ، فاصبر يا أبا عبد الله ، فأنت شهيد هذه الأُمّة ، فعليك بتقوى الله ، والصبر والتسليم لأمره ، والتفويض له ، لتنال الأجر الذي وعدنا به ».
فقال له الإمام الحسين عليهالسلام : « ستجدني إن شاء الله صابراً راضياً مسلّماً له الأمر ، وأهون عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله » ، فقال له الإمام الحسن عليهالسلام : « وفّقت لكلّ خير يا أبا عبد الله ».
ثمّ إنّ الإمام الحسن عليهالسلام لمّا تحقّق دنو أجله ، دعا بالحسين عليهالسلام ، ودفع إليه كتب رسول الله صلىاللهعليهوآله وسلاحه ، وكتب أمير المؤمنين عليهالسلام وسلاحه ، وأوصاه بجميع ما أوصى به أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثمّ قال له : « يا أخي إنّي مفارقك ولاحق بربّي عزّ وجلّ ، فإذا قضيت نحبي ، فغمّضني ، وغسّلني ، وكفّني ، واحملني