ج : لا تناقض بين صلح الإمام الحسن وثورة الإمام الحسين عليهماالسلام ؛ حيث إن حركة أهل البيت لنصرة الدين وحفظة حركة تكاملية ، فكل إمام يبدأ من حيث انتهى الإمام الذي قبله ، وذلك باختلاف الظروف في الأزمنة المختلفة ، بل تجد المعصوم الواحد تتعدد مواقفه بتعدد الظروف ، فالنبي صلىاللهعليهوآله الذي جاهد المشركين في بدر وأُحد وغيرهما تراه يصالحهم في الحديبية ، فالنبي هو النبي إلا أن الظروف تختلف ، كذلك أمير المؤمنين علي عليهالسلام الذي صبر وفي العين قذى وفي الحلق شجى على ما جرى بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله تراه يقاتل أعداء الله في عدّة مواطن ، فعلي هو علي إلا أنّ الظروف تختلف.
فالنبي وأهل بيته الأطهار لكلٍّ أفعلهم وتصرفاتهم تنصبّ في السعي لحفظ الدين ، فلو اقتضى ذلك المصالحة ولو مع المشركين تراهم يصالحون ولو اقتضى الأمر الجهاد تراهم في أعلى مراتب الشجاعة والتضحية فالحسين كان مع أخيه الحسن عليهماالسلام في الصلح بل وبعد أخيه الحسن لما يزيد على العشر سنين ولم يقم بالثورة حتى تحققت الظروف المناسبة ، فكانت تلك الثورة العظيمة ، ولو كان الإمام الحسن عليهالسلام موجوداً في تلك الظروف لما اختلف موقفه عن موقف الإمام الحسين عليهالسلام. فتأمل.
ويظهر ذلك جليّاً من مراجعة كلمات الإمام الحسن والإمام الحسين عليهماالسلام. فكما ورد عن الإمام الحسين أنه قال عند خروجه على يزيد : « وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي » (١) ورد عن الإمام الحسن نفس هذا الأمر. وإليك بعض هذه النصوص :
١ ـ قال له رجل : بايعت معاوية ، ومعك أربعون ألفاً ، ولم تأخذ لنفسك وثيقة ، وعهداً ظاهراً؟
فقال له : « إنّي لو أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر منّي عند اللقاء ، ولا اثبت عند الحرب منّي ، ولكنّي أردت صلاحكم ... » (٢).
__________________
١ ـ لواعج الأشجان : ٣٠.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٦ / ١٥.