ولم يكن أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله لأمير المؤمنين عليهالسلام بالصبر من بعده على ما سيجري عليه من بلاء وغدر ، كما صرّح بذلك الإمام علي عليهالسلام نفسه ، إلاّ للقراءة الكاملة التي كان يقرأها النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ بما منَّ الله عليه من علم ـ لحال الأُمّة من بعده صلىاللهعليهوآله.
١ ـ تفرّق كلمتها ، ورزية يوم الخميس الواردة في صحاح القوم خير شاهد على ذلك.
٢ ـ قلّة الناصرين لأمير المؤمنين عليهالسلام في مطلب الخلافة ، وزعامة الأُمّة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وقد كانت أحداث السقيفة ، وتقاعس المسلمين ـ من المهاجرين والأنصار ـ عن نصرة الإمام عليهالسلام بأعذار وتبريرات مختلفة ، تناولها الباحثون عند حديثهم عن تلك الحقبة ، خير دليل على هذا الواقع.
وقد وردت جملة من الروايات تشير إلى هذه الحقائق المتقدّمة ، حيث جاء في كتاب سليم بن قيس الهلالي ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال لأمير المؤمنين عليهالسلام : « يا علي ، إنّك ستلقي بعدي من قريش شدّة ، من تظاهرهم عليك وظلمهم لك ، فإنّ وجدت أعواناً عليهم فجاهدهم ، وقاتل من خالفك بمن وافقك ، فإنّ لم تجد أعواناً ، فاصبر وكف يدك ، ولا تلق بيدك إلى التهلكة ، فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى ، ولك بهارون أسوة حسنة ، إنّه قال لأخيه موسى : إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني » (١).
وفي المصدر ذاته ، أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان يأخذ بيدي الحسن والحسين عليهماالسلام ، ويطوف بالبضعة الزهراء عليهاالسلام على بيوت الأنصار والمهاجرين ، وأهل السابقة في الإسلام ، يدعوهم لنصرته ، فلم يستجب له غير أربعة ، هم : سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير ، حتّى قال : « لو وجدت أعواناً أربعين رجلاً من المهاجرين والأنصار من أهل السابقة لناهضت هذا الرجل » (٢).
__________________
١ ـ كتاب سليم بن قيس : ١٣٤.
٢ ـ المصدر السابق : ٣٠٢.