أكثر من ذلك » (١).
أقول : فما بال التسرّي لا يغيظ فاطمة عليهاالسلام إذا بلغها؟ ويغيظها إذا كان تزويجاً؟ ولا يفوتني تنبيه القارئ إلى أنّ الحديث السابق عن البخاريّ رواه غيره بأوسع وأوضح ممّا ذكره (٢).
لماذا وضع هذا الحديث؟
لقد مرّ بنا مراراً تذكير القارئ بأنّ الأمويّين عمدوا إلى كثير من فضائل الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فجعلوا مثلها للخلفاء الآخرين ، ولا ننس ما ذكره المدائني من كتب معاوية إلى عمّاله ببراءة الذمّة ممّن روى في فضل علي شيئاً.
ثمّ كتابه يأمرهم فيه بوضع الحديث في فضائل الشيخين.
ثمّ كتابه يأمرهم فيه بوضع الحديث في فضائل عثمان.
ولمّا كان عثمان لم يحمد في مصاهرته للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، وقد أساء صحبة زوجته أُمّ كلثوم ابنة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فلمّا ماتت في شعبان سنة تسع من الهجرة ، فغسّلتها أسماء بنت عميس وصفية بنت عبد المطّلب ، وقيل : غسّلها نسوة من الأنصار فيهن أُمّ عطية.
قال ابن كثير : « وهذا ثابت في الصحيحين ، وثبت في الحديث أيضاً أنّه عليهالسلام لمّا صلّى عليها وأراد دفنها قال : « لا يدخله أحد قارف الليلة أهله » ، فامتنع زوجها عثمان لذلك ، ودفنها أبو طلحة الأنصاري.
ويحتمل أنّه أراد بهذا الكلام من كان يتولّى ذلك ، ممّن يتبرّع بالحفر والدفن من الصحابة ، كأبي عبيدة وأبي طلحة ومن شابههم ، فقال : لا يدخل قبرها إلاّ من لم يقارف أهله من هؤلاء ، إذ يبعد أنّ عثمان كان عنده غير أُمّ كلثوم بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله هذا بعيد » (٣).
__________________
١ ـ صحيح البخاريّ ٥ / ١١٠.
٢ ـ فتح الباري ٨ / ٥٣.
٣ ـ السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٧٤.