فخرجت أُمّ أيمن فنادت على باب البيت الذي فيه علي بأعلى صوتها : أما رسول الله صلىاللهعليهوآله يحفظ في أهله؟ فقال : « ما هذا الصوت »؟ فقالوا : أُمّ أيمن تقول : أما رسول الله صلىاللهعليهوآله يحفظ في أهله ، فقال علي : « وما ذاك »؟ قالت : جارية بعث بها إليك ، فقال علي : « الجارية لفاطمة » (١).
فهذا الحديث يرويه ابن عيينة ، وهو ممّن رمي بالاختلاط ، وابن عيينة يرويه عن عمرو بن دينار ، وهذا أيضاً من المجروحين ، كما في كتاب المجروحين لابن حبّان ، حيث قال : « كان ممّن ينفرد بالموضوعات عن الإثبات ، لا يحلّ كتابة حديثه إلاّ على جهة التعجّب.
وسئل ابن معين عنه ، فقال : ليس بشيء (١) ، مضافاً إلى أنّه كان يعرف بقهرمان آل الزبير ، فمن كان كذلك هل يقبل حديثه؟
على أنّ في نفس حديثه ما يدلّ على كذبه ، وذلك أنّ فاطمة عليهاالسلام التي لم تبق بعد أبيها سوى أيّام أو شهور لم تزد على ستة أشهر ، ثمّ ماتت عليهاالسلام ، وكان علي عليهالسلام معها في محنتها ، ولم يبايع أبا بكر ما دامت فاطمة حية.
وقالوا : لم يحضر جمعة ولا جماعة مع القوم إلى أن ماتت فاطمة عليهاالسلام ، فانصرفت وجوه الناس عنه ، فبايع هو كما بايع معه العباس وبنوه وجماعة بني هاشم ، وبقية الفئات المعارضة التي اتخذت منه ملجأ يلجؤون إليه ، وسنداً يستندون عليه.
فهل يعقل أنّ أبا بكر يبعث إليه بجارية ، ويقبل ذلك علي عليهالسلام منه ، وهو بعد لم يزل ساخطاً لما جرى معه ، ومع فاطمة عليهاالسلام من بعد النبيّ؟
ولو سلّمنا ذلك ، فهل أنّ علياً نسي ما مرّ له في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله من استشارته في أمر ابنة أبي جهل ، وأنّ ذلك يسيء إلى فاطمة ، فقال : « لا أفعل شيئاً
__________________
١ ـ المصنّف للصنعانيّ ٧ / ٣٠٣.
٢ ـ كتاب المجروحين ٢ / ٧١.