قالت أسماء : خطبني علي ، فبلغ ذلك فاطمة ، فأتت النبيّ صلىاللهعليهوآله فقالت : « إنّ أسماء متزوّجة عليّاً »! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « ما كان لها أن تؤذي الله ورسوله ».
فنقول : إنّ أسماء كانت أوّلاً عند جعفر بن أبي طالب عليهالسلام ، فلمّا كانت غزاة مؤتة سنة ثمان من الهجرة ـ في جمادى الأُولى أو الآخرة ـ قتل فيها جعفر ، فتزوّجها أبو بكر بعد قتل جعفر ، وبعد يوم حنين ، فإنّ غزوة حنين كانت في شوال سنة ثمان من الهجرة ، والرسول صلىاللهعليهوآله خرج إليها لست خلون من شوال ، وانتهى إلى حنين في عاشره (١).
فيكون بين الوقعتين أربعة أشهر وأيّام ، هي بمقدار عدّة المرأة المتوفّى عنها زوجها ، ويعني ذلك أنّ أبا بكر تزوّج أسماء عند خروجها من العدّة ، وعلى هذا دلّ ما ذكره ابن كثير في سيرته قال : « ورثت أسماء بنت عميس زوجها ـ جعفراً ـ بقصيدة تقول فيها :
فآليت لا تنفك نفسي حزينة |
|
عليك ولا ينفك جلدي أغبـرا |
فلله عيناً من رأى مثله فتى |
|
أكر وأحمى في الهياج وأصبرا |
تنشب أن انقضت عدّتها ، فخطبها أبو بكر الصدّيق فتزوّجها ، فأولم ، وجاء الناس للوليمة ، فكان فيهم علي بن أبي طالب ، فلمّا ذهب الناس استأذن علي أبا بكر في أن يكلّم أسماء من وراء الستر فأذن له ، فلمّا اقترب من الستر نفحه ريح طيبها ، فقال لها علي ـ على وجه البسط ـ : من القائلة في شعرها :
فآليت لا تنفك نفسي حزينة |
|
عليك ولا ينفك جلدي أغبـرا |
قالت : دعنا منك يا أبا الحسن ، فإنّك أمرؤ فيك دعابة » (٢).
__________________
١ ـ السيرة النبوية لابن كثير ٣ / ٦١٠.
٢ ـ المصدر السابق ٣ / ٤٧٨.