أبي الحديد وغيره ، ضرب عمر له بالدرّة ، وقال : « قد أكثرت من الرواية ، وأحر بك أن تكون كاذباً على رسول الله صلىاللهعليهوآله » (١).
أو قول عمر له : « لتتركن الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أو لألحقنّك بأرض دوس » (٢).
وأكذبه غير واحد من الصحابة ، فقال فيه الإمام عليهالسلام : « ألا إنّ أكذب الناس ـ أو قال أكذب الأحياء ـ على رسول الله صلىاللهعليهوآله أبو هريرة الدوسي » ، كما عن الإسكافي في شرح النهج (٣).
فحديث أبي هريرة ـ إن صحّ عنه ـ كبقية أحاديثه التي رواها ، ولم يكن حاضراً فيها زمان صدورها ، وقد مرّت الإشارة إلى نماذج من ذلك ، كحديث تبليغ براءة ، وحديث الثقلين , وحديث الغدير ، وغيرها ممّا زعم سماعها ، وهو لم يكن وقتها حاضراً ، بل كان بالبحرين.
ثمّ إنّ الرجل لو لم يكن إلاّ اعتزاله للإمام عليهالسلام أيّام خلافته ، وضلوعه في ركاب معاوية لإشباع نهمته لكفى ذلك في ردّ روايته ، فقد روى الأعمش : لمّا قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة ، جاء إلى مسجد الكوفة ، فلمّا رأى كثرة من استقبله من الناس جثاً على ركبتيه ، ثمّ ضرب صلعته مراراً وقال : يا أهل العراق أتزعمون أنّي أكذب على الله ورسوله ، وأحرق نفسي بالنار؟ والله لقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « إنّ لكلّ نبيّ حرماً ، وإنّ حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور » ـ وهذا من بيّنات كذبه ، فعير وثور اسم جبلين ، أحدهما بالمدينة وهو عير ، وثانيهما بمكّة وهو ثور ، فكيف يحدّد ما
__________________
١ ـ العقد الفريد ١ / ٤٤ ، أضواء على السنّة المحمّدية : ٢٠١ و ٢١٨ ، شيخ المضيرة أبو هريرة : ٨٠ ، الإصابة ١ / ٧٥ ، شرح نهج البلاغة ٤ / ٦٧ و ١٦ / ١٦٥.
٢ ـ كنز العمّال ١٠ / ٢٩١ ، أضواء على السنّة المحمّدية : ٥٤ و ٢٠١ ، شيخ المضيرة أبو هريرة : ١٠٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٥٠ / ١٧٢ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٦٠٠ ، الإصابة ١ / ٦٩ ، تاريخ المدينة ٣ / ٨٠٠ ، البداية والنهاية ٨ / ١١٥.
٣ ـ شرح نهج البلاغة ٤ / ٦٨.