ويكفي كشف حال هؤلاء الثلاثة عن البحث في بقية من هم دونهم من التابعين ، وفيهم من لا تلتقي بذمّه الشفتان ، ولا يؤبه به في الميزان ، لما فيه من حسيكة ، أمثال الزهريّ ، وابن أبي مليكة لما سنذكره عنهما ، وعروة بن الزبير ، وعامر الشعبيّ ، وحالهم كمن سبق ، ويأتي ذكر محمّد بن الحنفية ، وعلي بن الحسين ، وسويد بن غفلة.
أمّا حال الصحابة الثلاثة فهم :
أوّلاً : أبو هريرة الدوسيّ : ذكر الإسكافي ـ كما في شرح نهج البلاغة ـ : « إنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة ، وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليهالسلام ، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه ، منهم أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير ....
وأمّا أبو هريرة فروى عنه الحديث ، الذي معناه : إنّ علياً عليهالسلام خطب ابنة أبي جهل في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله فأسخطه ، فخطب على المنبر ، وقال : « لا والله ، لا تجتمع ابنة ولي الله وابنة عدوّ الله أبي جهل ، إنّ فاطمة بضعة منّي ، يؤذيني ما يؤذيها ، فإن كان علي يريد ابنة أبي جهل ، فليفارق ابنتي ، وليفعل ما يريد » ، أو كلاماً هذا معناه ، والحديث مشهور من رواية الكرابيسي.
قلت : هذا الحديث أيضاً مخرج في صحيحي مسلم والبخاريّ عن المسور بن مخرمة الزهريّ ، وقد ذكره المرتضى في كتابه المسمّى « تنزيه الأنبياء والأئمّة » ، وذكر أنّه رواية حسين الكرابيسيّ ، وأنّه مشهور بالانحراف عن أهل البيت عليهمالسلام ... » (١).
أقول : ولنعد إلى أبي هريرة ، ولنقرأ عنه ما يثبت انحرافه عن الإمام علي عليهالسلام ، مضافاً إلى كذبه الشائع الذائع على النبيّ صلىاللهعليهوآله ، حتّى لقد ذكر ابن
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ٤ / ٦٣.