الميتة في حال الاضطرار ، يدفع به الضرر العظيم عن نفسه ، وجب عليه ذلك.
إذا اضطرّ إلى طعام الغير ، لم يجب على الغير إعطاؤه ، لأن الأصل براءة الذمّة ، وإيجاب ذلك يحتاج الى دليل.
إذا وجد المضطر ميتة وصيدا حيّا وهو محرم ، اختلف أقوال أصحابنا وأحاديثهم فبعض يذهب إلى أنّه يأكل الصيد ، وبعض يذهب إلى أنّه يأكل الميتة ، وهذا هو الصحيح من الأقوال ، لأن الصيد إذا كان حيّا فذبحه المحرم ، كان حكمه حكم الميتة ، ويلزمه الفداء ، فإن أكل الميتة أولى ، من غير ان يلزمه فداء ولا اثم ، والاولى ان تحمل الروايات التي وردت بأكل الصيد ، على من وجد الصيد مذبوحا قد ذبحه محل في غير الحرم ، فإن الأولى ان يأكله ويفدي ، ولا يأكل الميتة ، والى هذا التحرير ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله ، في مسائل خلافه في الجزء الثالث من كتاب الأطعمة (١).
إذا اضطر الى شرب الخمر للعطش ، فله شربه ، فان اضطر إليه للتداوي ، أو الجوع ، فلا يجوز له تناوله بحال ، لا للتداوي للعين ، ولا لغيرها ، لما روى (٢) من انه ما جعل شفاء في محرم ، وأيضا فتحريمها معلوم من دين الرّسول عليهالسلام وتحليلها يحتاج الى دليل.
إذا مرّ إنسان بحائط غيره ، يعنى ببستانه ، لأن الحائط عبارة عن البستان ، وبثمرته ، جاز له ان يأكل منها ، سواء كان في حال ضرورة ، أو في حال اختيار ، ولا يأخذ منها شيئا يحمله معه ، ما لم ينهه صاحبه عن الدخول والأكل ، فإن نهاه عن الأكل والدخول ، فلا يجوز له الأكل والدخول ، وقال المخالف لا يجوز له الأكل منه الّا في حال الضرورة ، دليلنا إجماع أصحابنا على ذلك ، فإنهم لا يختلفون في ذلك ، وما رواه المخالف عن ابن عمر ، ان النبيّ عليهالسلام قال : إذا مرّ أحدكم بحائط
__________________
(١) الخلاف ، كتاب الأطعمة ، مسألة ٢٥.
(٢) الوسائل : الباب ٢١ ، من أبواب الأشربة المحرمة ، ح ١ ، ولفظه هكذا ، قال أبو عبد الله عليهالسلام ، ما جعل الله في محرّم شفاء.