وسقط عنه القطع (١).
وهذا غير واضح ، لانه لا دليل عليه من كتاب ، ولا سنة مقطوع بها ، ولا إجماع ، بل مخالف لكتاب الله تعالى وتعطيل (٢) لحدوده ، ولا يرجع في مثل ذلك الى خبر شاذ ، ان كان قد ورد.
ومن تاب من السرقة قبل قيام البينة عليه ، ثم قامت عليه البيّنة ، سقط عنه القطع ، ووجب عليه رد السرقة ، فإن تاب بعد قيام البيّنة عليه ، لم يجز للحاكم العفو عنه بحال فان كان قد أقر على نفسه مرتين عند الحاكم ، ثم تاب بعد الإقرار ، وجب عليه القطع ، ولم يجز للإمام والحاكم العفو عنه بحال ، لانه تعطيل لحدود الله تعالى ، وخلاف لكتابة وأوامره سبحانه.
وحمل ذلك على الإقرار بالزنا الموجب للرجم قياس ، والقياس عندنا باطل ، لا نقول به.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : فان كان قد أقرّ على نفسه ، ثم تاب بعد الإقرار ، جاز للإمام العفو عنه ، واقامة الحد عليه ، حسب ما يراه ، أردع في الحال ، فاما ردّ السرقة فإنه يجب عليه على كل حال (٣).
وكذا قال في مسائل خلافه (٤).
الا انه رجع عن ذلك جميعه في مبسوطة ، فقال إذا ادعى على رجل انه سرق منه نصابا من حرز مثله (٥) ، وذكر النصاب ، لم يخل من أحد أمرين ، اما ان يعترف أو ينكر ، فان اعترف المدعى عليه بذلك مرتين عندنا ، ثبت إقراره ، وقطع ، وعند قوم لو أقر مرة ثبت وقطع ، ومتى رجع عن اعترافه سقط برجوعه عندهم ، الّا ابن أبي ليلى ، فإنه قال لا يسقط برجوعه ، وهو الذي يقتضيه مذهبنا ، وحمله على الزنا قياس لا نقول به ، هذا أخر كلامه رحمهالله في مبسوطة (٦).
__________________
(١) و (٣) النهاية ، كتاب الحدود ، باب الحد في السرقة.
(٢) ج. معطّل.
(٤) الخلاف ، كتاب السرقة ، المسألة ٤١.
(٥) ل. مقفّلة.
(٦) المبسوط ، ج ٨ ، كتاب السرقة ، ص ٤٠.