تسديد القواعد في حاشية الفرائد

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري

تسديد القواعد في حاشية الفرائد

المؤلف:

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٩

يقاس بما كان الموضوع هو الوجود المحمولى وذلك لانّ الوجود المحمولى مسبوق بالعدم الأزليّ فيستصحب ويترتّب عليه آثاره وهذا بخلاف الوجود الرابطى معلوميّة عدم سبق وصف التقدّم والتأخّر بالعدم كى يستصحب ذاك العدم وسواء جرى الاصل وسقط بالمعارضة او لم يجر يكون المرجع ما يقتضيه المورد من القواعد واذا كان الاثر لعدم أحدهما في زمان الآخر ففى هذا ايضا امّا ان يكون الاثر مترتّبا على عدمه الرابطى اى الّذى هو مفاد ليس الناقصة اى مترتّبا على الحادث المتّصف بالعدم فى زمان حدوث الأخر وامّا ان يكون مترتّبا على عدمه المحمولى اى مترتّبا على نفس عدمه فى زمان الأخر واقعا وفى كلّ منهما لا يجرى الاستصحاب والمنع فى الاوّل من حيث انّ الاثر للحادث المتّصف بالعدم فى زمان حدوث الأخر ومن الواضح عدم كون ذلك مسبوقا باليقين فى زمان ولم يحرز كونه اى كون حدوثه متّصفا بالعدم كذلك لاحتمال كون حدوثه فى زمان سابق عليه فيكون متّصفا بالوجود فى زمان حدوث الأخر ولا مجال هنا لانسحاب العدم الأزليّ فانّ الاثر لعدم كون حدوثه فى زمان الأخر لا لنفس عدمه فى زمان الآخر والمنع فى الثانى وان كان مسبوقا بالعدم الازلى فمن حيث عدم احراز اتّصال زمان الشكّ وهو زمان حدوث الأخر بزمان اليقين توضيح ذلك انّه وان كان على يقين من عدمه فى زمان قبل زمان اليقين بحدوث احدهما الّا انّ ذاك اليقين غير متّصل بزمان الشك المفروض لانّ المفروض كون الحادثين مجهولى التاريخ فيحتمل ان يكون الأخر حادثا قبل مورد الاستصحاب بعد اليقين وعكسه والمعتبر فى باب الاستصحاب اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين حتّى يكون رفع اليد عن اليقين نقضا له والبناء عليه ابقاء له والّا لم يكن الرفع نقضا والبناء إبقاء فإذا فرضنا أنّه علمنا فى السّاعة الاولى بعدم حدوث كليهما وعلمنا فى الساعة الثانية بحدوث احدهما وفى الثالثة بحدوث الأخر وشككنا فى تقدّم احدهما وتاخّره فزمان الشكّ هى ساعة حدوث الآخر وثبوته حيث انّه يشك فى انّ هذا الحادث حدث بعدها او قبلها فان كانت ساعة حدوث الأخر قبل حدوث مورد الاستصحاب فزمان الشكّ متّصل بزمان اليقين وان كانت بعده فقد حصل الفصل بين اليقين وزمان الشكّ وان شئت قلت انّ عدمه الازلى المعلوم قبل الساعتين وان كان فى الساعة الاولى منهما مشكوكا الّا انّه حسب الفرض ليس موضوعا للحكم والاثر وانّما الموضوع هو عدمه الخاصّ وهو عدمه فى زمان حدوث الأخر المحتمل كونه الساعة الاولى فيكون الشكّ متّصلا بزمان اليقين او الثانية فيكون الشكّ منفصلا عنه فلم يحرز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ولا بدّ منه فى صدق لا تنقض اليقين بالشكّ واستصحاب عدمه الى الساعة الثانية لا يثبت عدمه فى زمان حدوث الأخر الّا على الاصل المثبت فيما دار الامر بين التقدّم والتأخّر فانّ بناء عليه يكون استصحاب عدم احدهما الى زمان الشكّ مثبتا لحدوث الأخر قبل ذلك الزّمان للعلم الاجمالى بتقدّم احدهما على الأخر فيكون معدوما فى زمان حدوث الأخر

٦٠١

ويترتّب عليه ما له من الأثر كما أنّه لو اضيف الشكّ فى التقدّم والتأخّر الى نفس الزّمان لا الى الحادث الأخر كان زمان الشكّ هو الساعة الثانية فيجرى الاستصحاب لو كان الاثر لاحدهما ويسقط بالمعارضة لو كان لكلّ منهما ولكنّه قد عرفت ان لا اعتبار بالاصل المثبت خصوصا فى مثل المقام الّذى ليست الملازمة عقليّة ولا عاديّة بل من حيث العلم الاجمالى مضافا الى انّ مع احتمال المقارنة لا مجال على نحو المثبت ايضا ومفروض الكلام انّما هو فيما اذا شكّ بلحاظ الاضافة الى حادث آخر وانّه حدث فى زمان حدوثه وثبوته او قبله ولا شبهة فى انّ زمان شكّه بهذا اللحاظ انّما هو خصوص ساعة حدوث الآخر وثبوته وعلى الثانى وهو ما لو علم بتاريخ احدهما فالامر فيه يظهر بالتامّل فيما ذكرنا وتوضيحه أنّ فى هذه الصّورة امّا ان يكون الأثر مترتّبا على الوجود الخاصّ من المقدّم او المؤخّر او المقارن فلا اشكال فى جريان استصحاب عدمه لو لا معارضته باستصحاب العدم فى الآخر او فى طرفه نفسه اذا كان بجميع اطواره ذا اثر كما عرفت مفصّلا وإمّا أن يكون مترتّبا على الوجود اذا كان متّصفا باحدهما فلا مجرى فيه للاستصحاب حتّى مع عدم المعارضة لا فى مجهول التاريخ ولا فى معلومه لعدم اليقين بالاتّصاف به سابقا وبالجملة اذا كان الاثر مترتّبا على الوجود ففى كلا قسميه من مفاد كان التامّة والنّاقصة يكون الامر كما عرفت فى مجهولى التاريخ واذا كان الاثر مترتّبا على العدم فلا مانع من الاستصحاب فى مجهول التاريخ اذا كان الموضوع هو العدم البسيط فاذا علم بحدوث احد الحادثين فى يوم السّبت وبحدوث الآخر امّا قبله او بعده يستصحب عدم المجهول الى يوم السّبت ويكون معناه عدمه فى حال ثبوت الآخر وحدوثه ويترتّب عليه آثاره لتحقّق موضوعه وهو العدم فى زمان حدوث الآخر وامّا اذا كان الاثر مترتّبا على عدمه المتّصف بالتقدّم او احد ضدّيه الّذى هو مفاد ليس الناقصة فلا يجرى استصحاب العدم لعدم اليقين باتّصافه به فى زمان وامّا معلوم التاريخ فلا يجرى فيه الاستصحاب سواء كان الموضوع هو العدم البسيط او المركّب امّا الاوّل فلعدم احراز اتّصال زمان الشكّ فيه بزمان اليقين من حيث عدم احراز زمان حدوث الأخر المجهول تاريخه الّذى هو طرف الاضافة وامّا الثانى فلعدم كونه مسبوقا باليقين ثمّ انّه يظهر ممّا ذكرنا النّظر فيما هو ظاهر المتن وظاهر كلمات بعض الاصحاب من المنع عن الاستصحاب فى مجهولى التاريخ لاجل المعارضة وجريانه فيما كان احدهما مجهول التاريخ وتظهر ثمرة الخلاف في الاوّل اذا لم يكن الاثر الّا لوجود احدهما فى زمان الأخر فيجرى الاستصحاب على مسلكهم لعدم المعارضة وعلى ما ذكرناه يجرى لو كان الشكّ فى تحقّقه الخاصّ ولا يجرى فى غيره لعدم سبق اليقين وفى الثانى عدم جريانه على ما ذكرناه بنحو ليس الناقصة واعترض جماعة على ما اخترناه بانّ الشكّ فى كلّ من الحادثين متّصل بيقينه فانّ اتّصال الشكّ باليقين معناه ان لا يتخلّل بين اليقين والشكّ يقين آخر ومن الواضح انّه لم يتخلّل بين اليقين بعدم حدوثهما معا والشكّ فى الحدوث يقين آخر متعلّق بالحدوث يوجب

٦٠٢

عدم اتّصال زمان الشكّ فى كلّ منهما بيقينه فلو علمنا بطهارة الثوب ثمّ علمنا بتنجّسه ثمّ شكّ فى تطهيره لا يصحّ استصحاب الطّهارة السابقة لعدم اتّصال الشكّ باليقين وتخلّل اليقين بالنجاسة وامّا لو علمنا بعدم وجود كلا الحادثين ثمّ علمنا بوجودهما معا وشكّ فى المقدّم والمؤخّر منهما كان زمان الشكّ فى كلّ منهما متّصلا بيقينه وليس اتّصال الشكّ باليقين من الامور الواقعيّة الّتى يدخلها الشكّ بل هو من الامور الوجدانيّة الّتى يعرفها كلّ احد فانّ الامور الوجدانيّة تتبع الوجدان فكلّ شخص يعرف انّ شكّه متّصل بيقينه او منفصل عنه ويردّه أانّ المانع عن جريان الاستصحاب ليس منحصرا بما اذا تخلّل يقين آخر بين اليقين والشكّ كالمثال المتقدّم بل لا بدّ من احراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين فى صدق لا تنقض اليقين بالشكّ الّذى هو دليل الاستصحاب والفرض عدم احراز الاتّصال لوضوح انّ الشكّ فى كون عدم الحادث فى زمان حدوث الآخر انّما هو فى السّاعة الثالثة الّذى علم تفصيلا بثبوتهما ويكون الشكّ فى تقدّم احدهما على الآخر وتاخّره عنه لا فى السّاعة الثانية الّتى لم يعلم فيها الّا بحدوث احدهما والشكّ الحاصل فى الساعة الثانية بالنّسبة الى حدوث احدهما وان كان متّصلا باليقين بعدمه الّا انّه شكّ آخر غير متعلّق بما هو محلّ البحث والشكّ الحادث فى محلّ البحث انّما يتّصل باليقين الحاصل فى الساعة الاولى لو لم يتخلّل حدوث مورد الاستصحاب فى الساعة الثانية كما بيّناه نعم لا شبهة فى اتّصال مجموع الساعتين الاخيرتين بالساعة الاولى اذا كان الشكّ بلحاظ اضافة الحادث الى اجزاء الزّمان ومحلّ البحث كما عرفته مرارا انّما هو الشكّ فى عدم الحدوث بلحاظ اضافته الى الآخر فانّه حدث فى زمان حدوثه وثبوته او قبله ولا شبهة فى انّ زمان شكّه بهذا اللّحاظ انّما هو خصوص ساعة ثبوت الآخر وحدوثه لا السّاعة الثانية بخصوصها وكون اتّصال الشكّ باليقين من الامور الوجدانيّة لا اشكال فيه كما انّ معرفة كلّ شخص انّ شكّه متّصل بيقينه ام لا ممّا لا ينكر ودعوى عدم احراز اتّصال الشكّ باليقين لعدم اتّصاله على كلّ تقدير واحتمال انفصاله عنه على تقدير ليست الّا بالوجدان وبالجملة لا بدّ فى الاستصحاب من احراز الاتّصال والّا لم يكن رفع اليد عن اليقين السّابق نقضا له وفى محلّ البحث لم يكن ذلك محرزا بالوجدان وليس المحذور هو العلم الاجمالى بانتقاض اليقين بعدم الشيئين سابقا باليقين بحدوث احدهما لا حقا حتّى يكون المانع هو العلم الاجمالى بالانتقاض بل المانع هو عدم الاتّصال سواء قلنا بشمول خطاب الاستصحاب لاطراف العلم الاجمالى او قلنا بعدمه ثمّ لا يخفى أنّه إذا كانت حالتان متعاقبتان وشكّ فى تقدّم إحداهما على الاخرى وتاخّرها عنها وكانتا متنافيتين كالطّهارة والنّجاسة فيما لو كان هناك ماءان وكان احدهما طاهرا والآخر نجسا واشتبها وغسل بهما ثوب متنجّس فانّه يحصل القطع بثبوت طهارة ونجاسة فى الثوب مع التردّد فى المقدّم والمؤخّر منهما وكما لو علم بحدوث طهارة وحدث فى ساعتين مع الشكّ فى

٦٠٣

المتقدّم منهما فانّه يشكّ فى الساعة الثالثة فى انّه طاهر او محدث فظاهر المشهور جريان الاستصحاب فيهما والغاية انّ الاثر لو كان لكليهما يسقط بالمعارضة والّا جرى فيما له الأثر والحقّ العدم لانّه اذا لوحظا بنحو مفاد كان النّاقصة بحيث يلاحظ كلّ منهما مقيّدا بكونه مقدّما على الآخر او مؤخّرا عنه لم يكن لحدوثهما بهذا اللّحاظ يقين سابق لعدم سبق اليقين بواحد منهما كذلك واذا لوحظا بنحو مفاد كان التامّة فاليقين بحدوثهما وان كان حاصلا مع الشكّ فى التقدّم والتأخّر الّا انّ تنافيهما والعلم الاجمالى بتعاقبهما يوجب عدم احراز اتّصال الحالة السابقة المتيقّنة بزمان الشكّ فى كلّ منهما فانّ قبل زمان الشكّ يكون ساعتان ويعلم بوجود احدهما فى الساعة الاولى وبوجود الأخر فى السّاعة الثانية ويشكّ فى المتقدّم منهما وفى الساعة الثالثة يشكّ فى الطّهارة والحدث ولا يكون زمان شكّه متّصلا بزمان يقينه فانّه يحتمل ان يكون قبل السّاعة الثّالثة محدثا فلا يكون رفع اليد عن الطّهارة السّابقة من نقض اليقين بالشكّ وكذلك فى رفع اليد عن الحدث السّابق لاحتمال ان يكون قبل زمان الشكّ اى فى الساعة الثانية متطهّرا واذا لم يحرز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين لم يكن الشكّ فى كلّ منهما شكّا فى البقاء لانّ المفروض حصول اليقين بوجودهما ولا بدّ فى تحقّق الشكّ فى البقاء من احراز زمان اليقين حتّى يتعلّق الشكّ ببقائه ومع التردّد فى تقدّم احدهما على الأخر او تاخّره عنه لم يحرز يقين خاصّ بواحد منهما حتّى يكون الشكّ فى التقدّم والتأخّر شكّا فى البقاء ففي الصّورة المفروضة لا مجال لاستصحاب الطّهارة ولا لاستصحاب الحدث فى الساعة الثالثة اذ لا يقين قبلها وهى السّاعة الثانية باحدهما سواء قلنا بشمول خطاب الاستصحاب لاطراف العلم او قلنا بعدمه ويجرى ما ذكرنا فى النجاسة والطّهارة ايضا فتدبّر قوله (الّا ان يقال انّ الحدوث هو الوجود المسبوق) توضيحه انّه اذا اريد من الحدوث فيما كان موضوعا للاثر الحدوث الخاصّ وهو الوجود المسبوق بالعدم اى الوجود فى زمان اليقين به فهذا لم يتحقّق لا وجدانا لانّ المتحقّق كذلك هو مجرّد الموت يوم الجمعة ولا جعلا لعدم ثبوته باستصحاب عدم الموت الى زمان اليقين به وأمّا إذا اريد منه الوجود المسبوق بالعدم بان يكون الموضوع للاثر هو موت زيد يوم الجمعة مع سبقه بعدمه فلا اشكال فى اثباته بالاستصحاب لانّ الموت بوجوده المطلق محرز بالوجدان واذا انضمّ اليه عدمه سابقا المحرز جعلا بحكم الاستصحاب تحقّق مفهوم الحدوث قوله (انّ الماء لم يكن كرّا قبل الخميس فعلم انّه صار كرّا بعده) اى بعد اليوم الّذى هو قبل الخميس قوله (وهل يحكم بتقارنهما فى مقام يتصوّر التّقارن) وذلك كما لو علم بحصول الكريّة للماء وبملاقاته للنّجاسة بعد ان لم يكن كرّا ولا ملاقيا وجهل تاريخهما بان وجد كرّ فيه نجاسة يعلم بعدم الكريّة للماء وبعدم وجود النجاسة فيه فى زمان سابق فانّ فى هذا المثال يحتمل تقدّم الكريّة ويحتمل تقدّم الملاقاة ويحتمل التقارن وامّا ما لا يمكن فيه

٦٠٤

التقارن فذلك امّا بالذّات كما لو علم بوجود الحدث والطّهارة منه ووقع الشكّ فى المتقدّم منهما وامّا بالعرض كما لو شكّ فى تقدّم احدى الجمعتين على الاخرى مع العلم الاجمالى بتقدّم إحداهما قوله (والعلّامة الطّباطبائى فى مسئلة اشتباه السّابق) حيث قال فى منظومته وان يكن يعلم كلّا منهما مشتبها عليه ما تقدّما فهو على الاظهر مثل المحدث إلّا اذا عيّن وقت الحدث قوله (وقد صرّح به بعض المعاصرين) هو صاحب الجواهر تبعا لبعض الاساطين هو كاشف الغطاء قوله (كما تخيّله بعض الفحول) هو بحر العلوم قوله (وسيجيء توضيحه) فى تعارض الاستصحابين.

قوله (وهذا الكلام وان كان قابلا للنقض والابرام) قد ذكرنا ما عندنا فى باب الاقلّ والاكثر عند البحث عمّا يتعلّق بالجزء والشّرط قوله (وفيه انّ الموضوع فى هذا المستصحب هو الفعل الصّحيح) كما انّ وجوب الاتمام وحرمة القطع فرع التمكّن منه ولا بدّ من احرازه والمفروض الشكّ فيه واستصحاب القدرة غير مجد لانّ الكلام فى الشبهة الحكميّة لا فى الشكّ النّاشى عن امر خارجىّ والمفروض انّ الشكّ فى القدرة على الاتمام ناش عن عدم العلم بكون الباقى قابلا للالتحاق بالاجزاء السّابقة المأتيّ بها شرعا فالقدرة الّتى من آثارها التحاق الاجزاء الباقية بالسّابقة ليست مسبوقة بيقين حتّى تستصحب

قوله (لامكان الاحتياط) الظّاهر انّ امكان الاحتياط فى اصول العقائد لا معنى له قوله (فى مناظرة بعض الفضلاء السّادة) هو السيّد باقر القزوينى على ما حكى عن المصنّف قدس‌سرهما قوله (منها ما حكى عن بعض الفضلاء) الظّاهر انّه السيّد المذكور قوله (ومنها ما ذكره بعض المعاصرين) هو النراقى ره في المناهج بناء على اصل فاسد تقدّم حكايته عنه فى الامر الثانى قوله (الّا ان يريد بقرينة ما ذكره بعد ذلك) الظّاهر ان ليس غرضه الّا هذا لانّ كلامه فى الاستصحاب فغرضه عدم ثبوت الاستمرار فى باب النبوّة كما ثبت الاستمرار فى الاحكام بالغلبة والاستقراء وأصالة عدم القيد وان كانت صحيحة فى نفسها ولا يضرّها المثبتيّة لانّ الظّن فى الالفاظ مثبتة ايضا حجّة الّا انّها خارجة عن مجرى كلامه فانّ جريان الاستصحاب لا يجامع هذا الاصل فانّه ظنّ بالمراد وعلى الاستصحاب لا بدّ من الظّن بالواقع ومن الواضح ان مع الظّن بالمراد من اللّفظ بمعونة اصل ام قرينة خارجيّة يكون تمسّكا بالاطلاق اللفظىّ واين ذلك من الاستصحاب قوله (من قوله فعليكم كذا وكذا) اى قول اليهودى فعليكم بابطاله قوله على البقاء على الاعمال فى الظاهر فتامّل) لعلّ وجهه ما تقدّم من منع الدليل على البقاء عدا دليل الانسداد الغير الجارى فى المقام مع التمكّن من التوقّف والاحتياط قوله

٦٠٥

الثالث انّا لم نجزم بالمستصحب) ودعوى انّه قد يمكن الجزم بنبوّة نبىّ من دون اخبار نبيّنا ص ونصّ القرآن ممنوعة اذ لا طريق لنا الى الجزم دونهما والتواتر الموجود لنا بالنسبة الى نبيّنا ص ليس موجودا بالنّسبة الى غيره من الانبياء لعدم اجتماع شروطه فى جميع الطبقات قوله (لا معنى لاستصحابه لعدم قابليّته للارتفاع ابدا) اى هذا الامر القائم بنفس النبىّ ص غير قابل للارتفاع وليس الغرض تعليل عدم ارتفاعه بكونه قائما بالنفس لكونه موقوفا على ثبوت الكليّة بان تكون كلّ صفة قائمة بالنّفس غير قابلة للارتفاع والكليّة ممنوعة فالغرض إنّ بعد بلوغ النّفس الى مرتبة النبوّة ليست قابلة للارتفاع ابدا وهذا امر دقيق فلا وجه للاشكال على المصنّف بانّ بقاء النّفس النّاطقة لا يقتضى عدم ارتفاع ما كان قائما بها كما صدر عن بعض الاعلام قوله (ممّن لا ينكره المسلمون سوى ذلك فافهم) لعلّه اشارة الى انّ الجاثليق لو اراد ببيّنته نفس الامام وغيره من المسلمين فهذا لا يكون صارفا عن ظهور قوله وسلنا مثل ذلك فى كونه مدّعيا فقبول الامام لاقامة البيّنة لا يدلّ على انّه المدّعى وقول الجاثليق موافق للاصل حتّى يتمّ التّمسك بالاستصحاب فلا اشكال فى ظهور الرواية فى منع الامام عن الاستصحاب بانّ المسلّم هو النبوّة التقديريّة ولعلّه اشارة الى صحّة هذا الجواب وامكان تطبيقه على كلام الامام عليه‌السلام.

قوله (ثمّ اذا فرض خروج بعض الافراد فى بعض الازمنة) توضيح الكلام انّه اذا ورد عامّ وخاصّ على خلافه فمن حيث لحاظ النّسبة بينهما بحسب الزمان لا يخلو الامر من انّه امّا لا يكون لهما شمول بالنّسبة الى الزمان اصلا بان يكون الزمان ظرفا للحكم من دون ان يكون له مدخليّة فى الحكم او فى متعلّقه وعليه يبتنى جريان الاستصحاب فانّه لو لا كون الزمان ظرفا لوجود المستصحب لما كان معنى للاستصحاب او يكون لهما شمول بالنّسبة اليه او يكون لاحدهما شمول بالنّسبة اليه دون الأخر بان يكون للعامّ شمول دون الخاصّ او بالعكس مثال الاوّل ما لو قيل اكرم النحاة ثمّ نهى عن اكرام واحد منهم من غير ان يكون هناك ما يستفاد منه العموم بالنّص او الحكمة بالنّسبة الى أحدهما ومثال الثانى ما اذا ورد اكرم النّحاة فى كلّ يوم ثمّ ورد لا تكرم زيدا النحوى فى كل يوم ومثال الثالث ما لو قيل اكرم النحاة فى كلّ يوم ولا تكرم زيدا النحوى ولم يكن فيه ما يستفاد منه العموم بالنّسبة الى جميع الازمنة ومثل ما لو قال اكرم النّحاة ثمّ قال لا تكرم زيدا يوم الجمعة اذا فرض الاستثناء قرينة على اخذ كلّ زمان فردا مستقلّا ومثال الرابع ما اذا ورد اكرم النحاة ثمّ ورد لا تكرم زيدا النّحوى فى كلّ يوم وما قاله بعض الفضلاء من انّ هذا القسم الأخير ممّا لا معنى له لانّ عموم الخاصّ بالنّسبة الى الزّمان ملازم لعموم العامّ بالنّسبة اليه ممنوع عند التامّل والدقّة هذا ثمّ اعلم أنّ الشمول قد يكون بنحو العموم بمعنى انّ مصبّ العموم الزمانى متعلّق الحكم اى اخذ كلّ جزء من اجزاء الزمان يسع لوقوع الفعل فيه موضوعا متعلّقا للحكم فينحلّ العموم بحسب الزمان الى احكام متعدّدة لا ارتباط بينهما وقد تكفّل دليل الحكم

٦٠٦

بنفسه لذلك بالنصوصيّة او بقرينة كالاستثناء فى المثال المذكور وامثلة هذا القسم ما ذكرناه وقد يكون بنحو الاستمرار بمعنى انّ مصبّ العموم الزمانى نفس الحكم وهذا قد يستفاد بالإطلاق حيث استفيد استمرار الحكم فى جميع الازمنة من الحكمة وذلك اذا لزم من عدم استمرار الحكم وعمومه بحسب الزمان لغويّة الحكم كما فى قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وقد يستفاد بالاطلاق مع التصريح بدوام الحكم واستمراره كان يقول المولى لعبده اكرم النّحاة دائما وقد يستفاد من دليل آخر منفصل وهذا القسم لا يمكن ان يتكفّل بيانه نفس دليل الحكم فانّ استمرار الحكم ودوام وجوده فرع ثبوت الحكم ويكون الحكم حينئذ موضوعا للحكم بالاستمرار ودليل الحكم يتكفّل بيان اصل ثبوته لا دوامه واستمراره إذا عرفت ذلك فنقول لا اشكال فى القسمين من الشّمول فى الرجوع الى استصحاب حكم الخاصّ فى الصّورة الاولى فيما اذا شكّ فى بقائه فى زمان من الازمنة ولا معنى للرّجوع الى العامّ اذ المفروض عدم عموم له حتّى يكون الشكّ المفروض شكّا فى زيادة التخصيص او التقييد وكذا لا اشكال فى الرجوع الى عموم الخاصّ فى الصّورة الثانية والرابعة كما هو واضح ومحلّ الكلام هو الصّورة الثالثة وظاهر المحقّق الثانى هو الرجوع الى عموم العامّ بالنّسبة الى زمان الشكّ وظاهر كلام بحر العلوم هو الرجوع الى استصحاب حكم الخاصّ مط وصريح المتن هو التفصيل بين ما اذا كان شمول العامّ للزّمان على الوجه الاوّل بان يكون مصبّ العموم الزمانى متعلّق الحكم فاللّازم هو الرّجوع الى عموم العامّ او على الوجه الثانى بان يكون المصبّ نفس الحكم فاللّازم هو الرّجوع الى استصحاب حكم الخاصّ والسّر فى ذلك انّ فى الوجه الاوّل يكون الشكّ فى التخصيص الزّمانى كالشكّ فى التخصيص الافرادى والمرجع هو اصالة العموم وعدم التخصيص ولا يجرى فيه الاستصحاب لانّ المفروض تكفّل العامّ لحكم كلّ زمان من ازمنة ظرف وجود المتعلّق وكان لكلّ يوم حكم يخصّه ولا يصحّ الرجوع الى الاستصحاب لانّه يلزم تسرية حكم من موضوع الى موضوع آخر ومن هنا يعلم انّ لزوم العمل بالعامّ ليس من حيث كون العموم دليلا اجتهاديّا والاصل فقاهتيّا فلو فرض انّه لم يكن عموم لفرض اجمال العامّ من جهة التخصيص بالمجمل وجب الرجوع الى سائر الاصول من البراءة والاشتغال لا استصحاب حكم الخاصّ اذا كان الشكّ فى مقدار التخصيص وكذا يجب الرّجوع الى سائر الاصول لا استصحاب حكم العامّ اذا كان الشكّ فى اصل التخصيص فالاستصحاب فى هذا الوجه لا مجرى له اصلا لانّ المفروض كون كلّ زمان موضوعا مستقلّا للحكم بوجوب الاكرام والفرد فى زمان اليقين فرد وفى زمان الشكّ فرد آخر فى عالم الموضوعيّة فعدم جواز الرّجوع الى الاستصحاب انّما هو من جهة تعدّد الموضوع لا من جهة العموم وهذا بخلاف الوجه الثانى حيث لا يصحّ التّمسك بالعامّ اذا شكّ فى اصل التخصيص او فى مقداره ولا بدّ من الرّجوع الى الاستصحاب وذلك لان مرجع الشكّ ح إلى الشكّ فى اصل الحكم من غير فرق بين ان يكون الشكّ فى اصل التخصيص او فى مقداره وقد اشرنا الى انّ الحكم فى هذا الوجه يكون موضوعا للحكم بالاستمرار و

٦٠٧

كيف يمكن اثبات الموضوع بالحكم فاستمرار الحكم يكون مشروطا بوجوده فلو قال اكرم النحاة وعلم من دليل الحكمة او غيرها انّ وجوب الاكرام دائمىّ ومستمرّ فى جميع الازمنة ثمّ شكّ فى وجوب اكرام نحويّ لاحتمال التخصيص لا يصحّ الرجوع الى ما دلّ على استمرار حكم وجوب الاكرام فانّ استمرار الحكم فرع وجود الحكم والمفروض الشكّ فيه والمرجع هو استصحاب حكم العامّ وكذا لو ورد دليل خاصّ بعدم وجوب اكرام زيد النحوىّ فى زمان وشكّ فى وجوب اكرامه وعدمه فى زمان بعده لا يصحّ الرجوع الى دليل الاستمرار بل المرجع هو استصحاب حكم الخاصّ وبالجملة لو كان مصبّ العموم الزمانى نفس الحكم بان استفيد من محض الاطلاق كما فى قول القائل اكرم النحاة وفى قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) او استفيد من الاطلاق مع التّصريح بما يقتضى دوام الحكم من دون ان يكون مصبّ العموم الزمانى متعلّق الحكم كان يقول اكرم النحاة دائما فعند الشكّ فى التخصيص او فى مقداره لا يجوز التّمسك بما استفيد منه العموم الزمانى لانّه يكون متكفّلا لعموم ازمنة الحكم والشكّ فى التخصيص بحسب الزمان لا يكون الّا شكّا فى اصل الحكم واللّازم هو استصحاب حكم الخاصّ ولا يلزم من الحكم باستمرار خروج الفرد الخارج عن العامّ الّذى استفيد ثبوت الحكم فى جميع الازمنة لجميع افراد موضوعه من دليل آخر غير الدّليل المثبت لاصل الحكم تخصيصات عديدة بحسب اجزاء الزّمان كما كان فى الوجه الاوّل وان شئت قلت انّ عموم الحكم من حيث الازمنة والاحوال فى هذا القسم من توابع دخول الفرد فى العامّ ومن اجل تعلّق حكم العامّ به وكان عمومه الازمانى والاحوالى تابعا للعموم الافرادىّ للعامّ فاذا خرج الفرد عن تحت العامّ بورود المخصّص لم يكن الفرد مشمولا لحكم العامّ حتّى يجرى حكم العامّ فى الزمان المشكوك فيستصحب حكم الخاصّ الّا ان يعلم بدخوله فى العامّ بدليل آخر قطعىّ مثلا الماء فى قوله ص خلق الله الماء طهورا الحديث كان شاملا لجميع افراد المياه من الماء المتغيّر بالنجاسة وغيره ولكلّ من هذه الافراد اطلاق بالنّسبة الى الاحوال والازمان فالماء المتغيّر بالنّجاسة الّذى هو احد افراد الماء ان كان مشمولا للعامّ كان له اطلاق بالنّسبة اليهما بملاحظة تعلّق الحكم التكليفى او الوضعىّ به وامّا ان خرج عن تحت العامّ فقد انتفى شموله للاحوال والازمان لانّ هذا كان تابعا لشمول العامّ للماء المتغيّر وقد انتفى فاذا شكّ فى بقائه على حكم المخصّص اى النّجاسة بعد زوال تغيّره فاللّازم هو استصحاب هذا الحكم ولا اطلاق ولا عموم حتّى يعارضه ولذلك لا يجرى عليه حكم العامّ من لا يرى العمل بالاستصحاب كالمرتضى ره بل يرجع الى اصل آخر يوافق العامّ او يخالفه ولا فرق فيما ذكرنا بين مذهب المشهور ومذهب السلطان لانّ المفروض تخصيص العامّ والاطلاق تابع لعدم التخصيص والحاصل انّ فى القسم الاوّل يرجع كلّ فرد من افراد الموضوع بواسطة ملاحظة الحاكم فى حكمه الى موضوعات متعدّدة بحسب تقطيع الزّمان والمرجع ح عند الشكّ هو العامّ ولا مجال اصلا للاستصحاب ولو لم يكن عامّ لتعدّد الموضوع وفى القسم الثانى لا مجال للتمسّك بالعموم ولو لم يجر الاستصحاب وعليك بالتدبّر قوله (بل لو لم يكن عموم وجب الرجوع الخ) قد عرفت الاشارة الى فرض اجمال

٦٠٨

العامّ من جهة التخصيص بالمجمل على القول بانّه يوجب اجمال العامّ قوله (بل لو لم يكن هنا استصحاب لم يرجع الى العموم) وذلك لاختلال شروطه كالشكّ فى المقتضى ونحوه قوله (الّا انّ بعضهم قيّده بكون مدرك الخيار الخ) هو السيّد فى الرّياض قوله (ما ذكره بعض من قارب عصرنا) هو بحر العلوم السيّد مهدى الطباطبائى قوله (اذ ليس العبرة فى العموم والخصوص بدليل الدليل) ولو كان العبرة بدليل الدليل وعموم الاخبار الدّالة على حجيّة الاستصحاب لكانت النسبة عموما من وجه ومقتضاه التوقّف فى مادّة الاجتماع لا التخصيص بالاستصحاب الّا انّ العبرة بنفس الدّليل قوله (ولذا ترى الفقهاء يستدلّون على الشغل الخ) وذلك كاستصحاب شغل الذّمة فى مقابلة ما دلّ على براءة الذّمة من الاصل والعمومات واستصحاب النجاسة وتقديمه على قاعدة الطّهارة فيما اذا شكّ مثلا فى طهارة ماء مسبوق بالنجاسة مع شمول قوله ص خلق الله الماء طهورا وقوله ع كلّ شيء طاهر حتّى تعلم انّه قذر وكذا لو شكّ فى ذهاب ثلثى العصير بعد الغليان مع عموم قوله ع كلّ شيء طاهر الخ وكلّ شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه وهذه الأمثلة من الشبهة الموضوعيّة وكذا الكلام فى الشبهة الحكميّة كالشكّ فى كون التحديد بذهاب الثلثين فى مسئلة العصير تحقيقيّا او تقديريّا والشكّ فى حكم العصير الغالى اذا صار دبسا قبل ذهاب الثلثين فانّ بعضا يدّعى انّ المراد من ذهاب الثلثين والغرض من جعله مناطا فى الحكم بالطّهارة والحليّة هو حصول عنوان الدبسيّة وجعل المدار على ذهاب الثلثين لكونه امارة غالبيّة على حصول ذلك العنوان واذا تحقّق العنوان بدونه توجّه الحكم بهما ولكنّ المشهور هو الحكم بالنجاسة عملا بالاستصحاب قوله (على ما لخصّه بعض المعاصرين) هو صاحب الفصول فانّه لخّص كلام السيّد قوله (لما عرفت من انّ مورد جريان العموم) هذا بناء على ان يكون مراد السيّد هى العمومات مط حتّى الاجتهاديّة قوله (لا يجرى الاستصحاب حتّى لو لم يكن عموم ومورد جريان الخ) غرضه قدس‌سره من هذا الكلام انّما هو فى خصوص المقام وهو ما لو فرض خروج بعض الافراد فى بعض الازمنة عن العامّ وكان للعامّ شمول بالنّسبة الى الزّمان دون الخاصّ وشكّ فيما بعد ذلك الزمان المخرج بالنّسبة الى ذلك الفرد وقد عرفت انّ التحقيق هو الرجوع الى عموم العامّ فيما كان مصبّ العموم الزمانى متعلّق الحكم ولا يصحّ الرّجوع الى الاستصحاب ولو لم يكن عموم والرّجوع الى الاستصحاب فيما كان مصبّه نفس الحكم ولا يصحّ الرّجوع الى العامّ ولو لم يجر الاستصحاب وذلك لانحلال العموم فى الاوّل بحسب الزّمان الى احكام وموضوعات متعدّدة ولانّ الشكّ فى الثّانى ليس الّا شكّا فى اصل الحكم ولا يلزم من عدم العمل بالعموم تخصيصات عديدة وليس غرضه انّ كلّ مورد لا يرجع فيه الى العموم لا يرجع فيه الى الاستصحاب وان فرض عدم العموم فانّ الموارد

٦٠٩

الّتى يمنع وجود العموم او الاطلاق عن الاستصحاب بحيث لو فرض عدمهما لجرى الاستصحاب كثيرة وهذا واضح قوله (ليست من قبيل العامّ بالنسبة الى الخاصّ كما سيجيء) بل من باب الورود او الحكومة قوله (موجب للخروج عن حكم العامّ فافهم) يحتمل ان يكون اشارة الى انّ هذا التوجيه وجيه فى الغاية بل اطلاق التخصيص على الحكومة تسامحا شايع فى كلام من تقدّم على المصنّف ولا اشكال فى حكومة الاستصحاب المخالف على الادلّة الفقاهتيّة من عمومات الحليّة والبراءة والطّهارة عند الشكّ ولكن لا يخفى انّ مراد السيّد لو كان تخصيص الاستصحاب بالمعنى الموجّه اليه حتّى بالنّسبة الى العمومات الاجتهاديّة مثل ما دلّ على حليّة الاشياء بحسب الذّات كان استظهار القول الثالث منه فى محلّ البحث فى محلّه وامّا بناء على توجيه كلامه بالاستصحاب وعمومات الاصول خاصّة ويكون مراده ذلك من دون ان يكون ناظرا الى العمومات الاجتهاديّة فلا يكون المخالف لما افاده المصنّف من التّفصيل الّا ما ذكره المحقّق الثانى فتدبّر.

قوله قد اجرى بعضهم الاستصحاب فيما اذا تعذّر الخ) لا يخفى انّ الكلام فى صحّة الاستصحاب فى هذا الامر انّما يثمر فى غير الصّلاة من المركّبات الشرعيّة وامّا هى فلا تسقط بحال الّا لفاقد الطهورين وقاعدة الميسور كالاستصحاب فيما ذكرنا قوله (كما صرّح به بعض المحقّقين) هو المحقّق الخوانسارى على ما حكى عنه قوله (كشف عن صحّة الاوّل من الاخيرين) الظّاهر بطلان الوجهين الاخيرين مع قطع النّظر عمّا أفاده رحمه‌الله أمّا الوجه الثالث فواضح فانّ استصحاب الوجوب النفسىّ المتيقّن فى السّابق والمردّد بين تعلّقه بالمفقود مط او فى حال التمكّن لاثبات اختصاص جزئيّة المفقود بحال التمكّن من المثبت قطعا وان كان ظاهر المتن الترديد واحتمال ترجيح الصحّة من حيث عدم الفرق بين المقام واستصحاب الكريّة وامّا الوجه الأوّل فلانّ وجوب الجزء لا يكون غيريّا مقدّميا بل الجزء انّما يجب بعين الوجوب النفسى المتعلّق بالكلّ ولا يعقل ان يكون الشّيء مقدّمة لنفسه اذ الكلّ عبارة عن نفس الاجزاء فهى واجبة بالوجوب النفسىّ المنبسط عليها ولا معنى ح لوجوبها بالوجوب المقدّمى ولاجل هذا الاتّحاد ذهب جمع الى خروج المقدّمات الداخليّة بالمعنى الاخصّ وهى خصوص الاجزاء فى مقابل الداخليّة بالمعنى الاعمّ الشاملة لها وللشّرائط والموانع عن حريم النزاع فى وجوب المقدّمة والتفريق بين الكلّ والجزء بانّ الكلّ عبارة عن الاجزاء لا بشرط والجزء عبارة عنه بشرط لا فالاجزاء لها لحاظان وتكون مقدّمة اذا لوحظت بشرط لا وذا المقدّمة وعين الكلّ اذا لوحظت لا بشرط كما فى تقريرات صاحب المتن شيخنا المرتضى ره او بانّ الكلّ عبارة عن الاجزاء بشرط انضمام بعضها مع بعض والاجزاء تكون لا بشرط فهى بشرط الاجتماع تكون عين الكلّ كما افاده الاستاد الميرزا النائينى ره لا يثمر فى دفع الاشكال بانّ الاجزاء واجبة بعين وجوب الكلّ فهى واجبة بالوجوب النفسىّ ولا يعقل ان يكون الواجب النفسىّ واجبا غيريّا لنفسه لانّ اللّابشرط يجتمع مع الف شرط من دون

٦١٠

تغيير فى ذاته وحقيقته فسواء اخذنا الكلّ لا بشرط او الجزء كذلك كان الكلّ عين الأجزاء وما يقال بناء على الوجه الثانى وهو كون الكلّ عبارة عن الاجزاء بشرط الانضمام والاجتماع من ان هذا على قسمين الاوّل هو مجرّد الانضمام واجتماع الاجزاء بعضها مع بعض فى الوجود وعليه فالكلّ عين الاجزاء لانّ اللّابشرط يجتمع مع الف شرط الثاني ان يكون المراد من كون الكلّ هى الاجزاء بشرط الانضمام لحاظ المجموع شيئا واحدا بحيث يكون لها وحدة حال اجتماعها وبها يقوم الملاك ويتعلّق الحكم وعليه فالكلّ غير الاجزاء لانّ الكلّ بشرط شيء وبهذا اللّحاظ يضادّ ما لوحظ بعنوان لا بشرط والاجزاء اذا كانت بهذا العنوان يمتنع اجتماعها مع لحاظ الوحدة وبهذا المعنى يندفع الاشكال فانّ المقدّمة المتّصفة بالوجوب الغيرىّ ح هى ذوات الاجزاء بعنوان لا بشرط وذا المقدّمة المتّصف بالوجوب النفسىّ هو المجموع بلحاظ الوحدة ومن الواضح انّ الاجزاء بهذا اللّحاظ متاخّرة رتبة عن ذواتها وتصوّرها فمردود بانّه لا ريب فى اعتبار الوحدة ولحاظها فى المأمور به ولو صلّى واتى بجميع الاجزاء من دون لحاظ الوحدة بينها كانت باطلة الّا انّ هذا لا يدفع الاشكال لانّ هذا كلّه بحسب اللّحاظ والاعتبار وتاخّر الكلّ الملحوظ فيه الوحدة عن ذوات الاشياء وتقدّمها عليه لا يكون الّا فى مقام التّصور والذّهن وامّا بحسب الوجود الخارجىّ فليس الكلّ الّا عين الاجزاء من دون تقدّم وتأخّر والحاصل انّ الوجوب المقدّمى لا يتعلّق بالجزء والاجزاء عين الكل والوجوب النفسىّ المتعلّق به ينبسط عليها ويكون لكلّ جزء حظّ من الوجوب النفسىّ فلا معنى لاستصحاب القدر المشترك ولو سلّم ثبوت الوجوب الغيرىّ للاجزاء كان استصحاب القدر المشترك بينه وبين الوجوب النفسىّ المتعلّق بالكلّ من القسم الثّانى من القسم الثالث من استصحاب الكلّى لوضوح التغاير بينهما وعدم كونهما ذا حقيقة واحدة متغايرة بالشدّة والضّعف ثمّ إنّه اورد بعض مقرّرى بحث الاستاد النائينى طاب ثراه على الوجه الثانى بانّ هذا البيان انّما يتمّ فى الموضوعات العرفيّة والمركّبات الخارجيّة فانّه يمكن فيها تمييز ما يكون من حالات الموضوع عمّا يكون من مقوّماته وامّا المركّبات الشرعيّة فلا يكاد يمكن معرفة الركن فيها وتمييز المقوّم عن غيره الّا من طريق الادلّة وليس للعرف فى ذلك سبيل بداهة انّ تشخيص كون السّورة ليست من اركان الصّلاة ومقوّماته دون الرّكوع والسّجود لا يمكن الّا بقيام الدّليل على ذلك فان دلّ الدليل على كون السّورة جزء للصّلاة مط حتّى فى حال عدم التمكّن منها كانت السورة ركنا فى الصّلاة ومقوّمة لها فيسقط الامر بالصّلاة عند عدم التمكّن منها وان قام الدليل على عدم كونها جزء فى حال عدم التمكّن منها فلا تكون ركنا فى الصّلاة ولا يسقط الطّلب ببقيّة الاجزاء عند تعذّر السّورة وان لم يقم دليل على احد الوجهين يبقى الشك فى سقوط الطّلب عن بقيّة الاجزاء وعدمه على حاله للشكّ فى ركنيّة السّورة ولا مجال للرّجوع الى العرف فى معرفة كونها ركنا او غير ركن فانّ تشخيص ذلك ليس بيد العرف ففى المركّبات الشرعيّة لا يمكن العلم بما يكون من حالات المركّب او

٦١١

مقوّماته الّا من طريق السّمع فظهر انّ الوجه الثانى لاستصحاب بقاء الوجوب عند تعذّر بعض الاجزاء يتلو الوجه الاوّل فى الضّعف هو دفعه واضح إذ ليس الكلام بدوا فى تشخيص الاركان وغيرها بل الغرض انّ العرف يرى معروض الوجوب النفسىّ الاجزاء الباقية فيستصحب اتّصافها بالوجوب النفسىّ والمأمور به والمطالب به ليس الّا الفعل الخارجى المركّب من الاجزاء من غير فرق بين ان يكون الجزء المفقود مشكوكا فى ركنيّته ام علم بعدمها والشكّ فى كونه ركنا لا يمنع من صدق الوجوب النفسىّ على بقيّة الاجزاء عرفا والاستصحاب مع اليقين السّابق والشكّ اللّاحق وبقاء الموضوع دليل سمعىّ نعم لو علم بركنيّته علم بعدم وجوب الباقى ولاجل ما ذكرنا لا يساعد العرف فيما اذا لم يبق الّا قليل من اجزاء المركّب فليس المدار فى هذا الوجه الّا على ما يراه العرف من صدق اسم المأمور به على الباقى وعدمه ويعلم كفاية ذلك من تنظيره باستصحاب الكريّة فيما نقص عنه مقدار ولو جرى الاشكال لصحّ ان يقال لا يمكن معرفة الكريّة وتمييزها الّا من طريق الادلّة وليس بيد العرف ثمّ الظّاهر انّه لا فرق فى صحّة استصحاب الوجوب النّفسى للاجزاء الباقية اذا لم تكن قليلة بين القول بوضع الفاظ العبادات للصّحيح او الاعمّ فانّ ثمرة ذلك تظهر فى الرّجوع الى الاصول اللفظيّة من اصالة العموم او الاطلاق لا الاصول العمليّة قوله (لانّ المستصحب هو الوجوب النوعى المنجّز على تقدير الخ) وقد مرّ فى البحث عن الاستصحاب التعليقى انّ صدق الشرطيّة لا يتوقّف على صدق الشرط قوله (وفيه ما تقدّم من انّ وجوب الخروج عن عهدة التكليف) فانّ بعد القطع باشتغال الذّمة بالتكليف المجمل المردّد بين الاقلّ والاكثر كان المدّعى هو حكم العقل بوجوب الخروج عن عهدة التكليف وهذا المناط مفقود فى المقام لفرض عدم التمكّن من الاتيان بالجزء المتعذّر مع انّ وجوب الخروج عن عهدة التكليف لو كان مقتضيا لوجوب الاتيان بالباقى بعد تعذّر الجزء فى القسم الثانى بالاستصحاب كان مقتضيا له فى القسم الاوّل ايضا اذ مجرّد ثبوت وجوب الجزء بالدّليل لا ينافى ذلك قوله (لكنّه ضعيف احتمالا ومحتملا) امّا احتمالا فلانّه فى غاية البعد عن العبارة المنقولة وامّا محتملا فلانّ الكلام فى وجوب غسل ما بقى من اليد المقطوعة ومن الواضح عدم قيام دليل خاصّ لوجوب كل جزء من اجزاء اليد مع انّه اذا ثبت جزئيّة شيء للمركّب فى الجملة وشككنا فى اختصاصه بحال التمكّن لا يتمسّك الّا باطلاق الامر المتعلّق بالكلّ اذا كان له اطلاق ولم يكن اطلاق لدليل الجزء المفقود اذا ثبت من الخارج وقد ذكرنا ذلك فى المنهاج فى مقدّمات الطّواف فى مسئلة تعذّر الختان ولا معنى لكون دليل الجزء مخصّصا او مقيّدا لعموم دليل الاجزاء او اطلاقه وذلك لعدم قيام امر نفسىّ بالخصوص متعلّق بكلّ من الاجزاء والاوامر المتعلّقة بالاجزاء على تقدير قيامها وتعدّدها ليست الّا غيريّة والامر الغيرى لا يقبل بنفسه التّخصيص والتّقييد.

قوله انّه لا فرق فى احتمال خلاف الحالة السابقة) اعلم انّ اعتبار الاستصحاب امّا ان يكون من باب الوصف اى الظّن الشخصى او الظّن النّوعى او التعبّد بان يكون اليقين فى الزّمان السابق

٦١٢

والشكّ فى اللّاحق سببا شرعيّا لترتيب الآثار الشرعيّة فى الظّاهر من دون ملاحظة افادة ذلك الظّن شخصا او نوعا كسائر الاسباب الشرعيّة والأمر في الاوّل واضح اذ الحجيّة حينئذ تابعة لوصف الظّن الفعلىّ فان حصل والّا فلا محلّ للاستصحاب وأمّا الثانى فيحتمل كونه حجّة مط سواء عارضه ظنّ حاصل من امارة مقطوع عدم اعتبارها كالقياس او مشكوك الاعتبار كالاولويّة والاستحسان والشّهرة ونحوها وكونه حجّة فى مقابلة الظنون المقطوع عدم اعتبارها دون المشكوك كذلك وكونه حجّة عند عدم الظّن بالخلاف مط سواء كان الظّن بالخلاف حاصلا من امارة مقطوع عدم اعتبارها او مشكوك كذلك ويجري هذه الاحتمالات على التعبّد ايضا فهذه صور سبع يدور الامر بينها فى كلّ دليل ظنّى ويتعيّن الامر بما يقتضى الدليل وامّا احتمال التفصيل بين كون المعارض ظنّا معتبرا او غيره فهو ساقط لوضوح عدم اعتبار الاستصحاب فيما حصل الظّن بخلافه من امارة معتبرة وفى تعيين مقتضى الدليل فى المقام نقول ان دليل الاستصحاب امّا هو حكم العقل وامّا الاخبار وعلى الاوّل فمنشؤه دليل الانسداد او بناء العقلاء فإن كان المنشأ دليل الانسداد فالظّاهر انّ اعتباره ح يكون من باب الوصف لانّه مقتضى حكم العقل بعد فرض انسداد باب العلم بالحكم والطريق وقد يدّعى امكان اعتباره على هذا الوجه من باب الظّن النوعىّ لكنّه فى غاية البعد ويظهر هذا بالمراجعة الى مباحث دليل الانسداد وان كان المنشأ بناء العقلاء فالتعبّد بعيد فى الغاية لعدم ثبوت اقدام العقلاء على امر لم يعلم وجهه عندهم بمحض التعبّد فلا بدّ من رجوعه الى حكم العقل ومعه فلا بدّ من ملاحظة رجحان فى اعتبار الاستصحاب عندهم لانّ نسبة الوجود والعدم مع عدم رجحان احدهما متساوية عند العقل ولا بدّ فى حكمه بالاخذ باحدهما من مرجّح وهو امّا رجحان بقاء الحالة السّابقة او غلبة البقاء او كون العلّة الموجدة تكون علّة مبقية فيحصل الظّن بالبقاء ما لم يوجد علّة الارتفاع ويبقى انّ احتمال اعتباره من باب الوصف او الظّن النّوعى والاظهر فى بادى النظر وان كان هو الاوّل الّا انّ الانصاف انّه خلاف سيرة العقلاء لوفور عملهم فى مقامات شتّى بما لا يمكن القول باعتبارهم له من باب الوصف فالأولى اختيار انّ اعتبار الاستصحاب بناء على كون المنشإ بناء العقلاء هو كونه من باب الظّن النوعى ليطابق عملهم ولا ضير فيه فانّ العقلاء يكفيهم كون الامارة الكذائيّة غالبة الوصول الى الواقع من بين سائر الامارات وغلبة الوصول ولو بالنوع كافية فى الترجيح عند العقل وعلى الثانى فقد عرفت جريان الاحتمالات بذاتها عليه ايضا الّا انّ مقتضى الوجوه الثلاثة المذكورة فى المتن هو اعتبار الاستصحاب مط ولو مع رجحان احتمال خلافه بامارة غير معتبرة ثمّ اعلم أنّ ثمرة الفرق بين اعتباره من باب الظّن النوعى او الاخبار تظهر فى أمور الأوّل لزوم تقديمه على ما هو المعتبر من باب التعبّد عند المعارضة من باب تقديم الدّليل على الاصل على الاوّل بخلافه على الثانى فانّه لا بدّ من تقديم معارضه عليه ان كان اعتباره من باب الظّن النوعى وتعارضهما ان كان ذلك ايضا

٦١٣

معتبرا من باب التعبّد الثّانى اعتبار المرجّحات الداخليّة كاكثريّة السند وقوّة الظّن واعدليّة الراوى عند التعارض بما يكون اعتباره من باب الظّن النوعى ايضا وتساقطهما مع عدم المرجّح كذلك على الاوّل وهو فرض اعتباره من باب الظّن النّوعى ولا عبرة بالمرجّحات الخارجيّة كالشهرة ونحوها فانّها غير ملحوظة فى الظنون النوعيّة لانّها انّما تلاحظ حيث كانت الحجّة نفس الوصف دون الامارة المفيدة للظنّ النوعى وعدم اعتبار الترجيح مط وسقوطه رأسا على الثانى وهو فرض اعتباره من باب السببيّة والتعبّد عند معارضته بدليل اجتهادىّ معتبر من باب الظّن النوعى كما هو الحال لو كان اعتبار الاستصحاب من باب الوصف حيث تزول حجيّته بقيام امارة على خلافه مطلقا الثالث اعتبار المثبت على الاوّل بخلافه على الثانى قوله (الى نقض اليقين بالشكّ فتامّل جدّا) لعلّه اشارة الى خصوص الوجه الثالث بانّ مع فرض كون المراد من الشكّ الوارد فى الاخبار هو تساوى الطرفين لا يفيد ما ذكره لشمولها صورة الظّن بالخلاف فانّ ارتفاع الشكّ ح قهرىّ وان شئت قلت انّ قيام الدليل على عدم اعتبار ظنّ بالخصوص او عدم قيام الدليل على اعتبار الظّن لا يوجب ارتفاع وصف الظّن وصيرورة الاحتمال المخالف له موضوعا للحكم بالابقاء واحتمالا مساويا قوله (فلا يرد ما اورد عليه من انّ الظّن كاليقين) لا يخفى انّ ورود الايراد على الشهيد من عدم جواز اجتماع الظّن والشكّ ايضا مبنىّ على ان يكون المراد بالظنّ فى كلام الشهيد ره الظّن الشخصى امّا لو كان مراده الظّن النوعىّ فلا ينافى الظّن بالخلاف فضلا عن الشكّ الّا ان المنقول عن المصنّف منع ما ذكرنا بانّ الظّن النوعى صفة فى الامارة ومن شأنها بحسب طبيعتها فلا يعقل الحكم باجتماعه مع الشكّ الّذى هو من الاوصاف القائمة بنفس المكلّف ضرورة لزوم وحدة الموضوع فى تحقّق الاجتماع وصدقه فتامّل قوله (نعم يرد على ما ذكرنا من التّوجيه) لا يخفى انّ قول الشهيد فيئول الخ لا دخل له باصل توهّم التناقض فى قولهم اليقين لا يرفعه الشكّ بل غرضه بيان ما يحصل فى مورد الاستصحاب بعد ملاحظة الحالة السّابقة فهو تفريع على قوله لاصالة بقاء ما كان وانّما رفع التناقض بقوله بل المعنيّ به الخ بقى امور ينبغى التنبيه عليها الأوّل انّه اذا علم بحدوث حادث وشكّ فى تعيينه كما اذا علم بموت شخص وتردّد بين كونه زيدا او عمروا والمحكىّ عن المشهور عدم جريان الاستصحاب فى ذلك مط للتّعارض وقد يقال انّ حكمه يعلم ممّا سيأتى فى تعارض الاستصحابين ولاجل هذا لم يتعرّض المصنّف لخصوص هذا العنوان وقد يقال انّ حكم المشهور بالتّعارض والتّساقط هنا مبنى على اعتبار الاصول المثبتة واختلافهم فيما سيأتى مبنىّ على عدمه ووقوع التعارض من حيث ترتيب آثارهما الشرعيّة وقد يقال انّ موضوع كلامهم هناك وان كان يعمّ المقام وهو ما كان التعارض فيه ناشيا من العلم الاجمالى الّا انّ اختلافهم هناك انّما هو فى خصوص ما كان التعارض ذاتيّا وعلى اىّ حال فالبحث هنا فى مقامين الاوّل فى التّمسك بالاستصحاب لتعيين الحادث المجهول ولا خلاف فى عدم الصحّة والسرّ فى ذلك معارضة

٦١٤

اصالة عدم موت كلّ بالآخر مضافا إلى انّها من المثبت على انّ من المسلّم عندهم عدم صحّة اثبات الفصول بالاصول لانّ قيام الجنس بالفصل انّما هو بوجوده الواقعى والاصل انّما يثبت الوجود الظاهرى للفصل بمعنى ترتيب آثار الواقع عند الشكّ فاذا علم برجحان فعل وتردّد بين كونه واجبا او مستحبّا فاصالة البراءة عن وجوبه فى الظاهر وعدم ترتّب العقاب على تركه عقلا لا يثبت كونه مستحبّا حتّى على القول بالاصل المثبت فانّ مفاد الاصل هو جواز الترك فى الظاهر والحكم بالاستحباب للعلم بجنسه وهو مطلق الرجحان فى الواقع وثبوت فصله وهو جواز الترك فى الظاهر بالاصل كما ترى ويقال فى المقام انّ استصحاب عدم موت زيد مثلا لا يفيد قيام الموت المعلوم بالاجمال بعمرو الثاني فى التّمسك بالاستصحاب لترتيب الآثار المترتّبة على مورد الاصل فى المحتملين مط على القول بالمثبت وخصوص الآثار الشرعيّة الّتى تكون من دون واسطة عقليّة او عاديّة بناء على عدم اعتبار الاصول المثبتة وهذا يتصوّر على وجوه من غير فرق فيها بين الشبهة الموضوعيّة والحكميّة الأوّل ان لا يتولّد من العلم الاجمالى بوقوع الحادث خطاب تفصيلىّ يلزم من جريان الاصل فى اطراف العلم طرحه كما اذا علم بنجاسة ثوبه او موت موكّله ويعمل فى هذا القسم بكلّ من الاصلين اذ لا يلزم عليه سوى المخالفة الالتزاميّة للعلم الاجمالى فيحكم بطهارة ثوبه وحيوة موكّله الثانى ان يكون الاثر مترتّبا على احدهما دون الآخر كما اذا علم بنجاسة ثوبه او ثوب شخص آخر لا يبتلى به عادة ويعمل فى هذا القسم بالاصل فى مورد الابتلاء الثالث ان يتولّد من العلم الاجمالى خطاب تفصيلىّ ولا يجوز العمل بالاصلين تعيينا وتخييرا الأمر الثّانى انّه اذا ثبت حكم لموضوع وكانت لهذا الحكم جهتان سواء كانتا خارجتين من حقيقة الموضوع او كانت إحداهما داخلة والاخرى خارجة وكان ثبوت الحكم من إحداهما قطعيّا ومن الاخرى مشكوكا سواء كانت الجهة الّتى من اجلها كان الحكم قطعيّا ذاتيّة او خارجيّة وحصل القطع بارتفاع الجهة المقطوع بها فهل يصحّ استصحاب اصل الحكم باحتمال وجود علّته الاخرى او حدوثها وهذا يسمّى استصحابا عرضيّا كما اذا تولّد حيوان من الغنم والكلب ولا يلحق باحدهما فى الاسم مع تلطّخه بالدّم حين تولّده فبعد غسله بالماء بمقدار ما يحتاج اليه المتلطّخ بالدّم كأن غسّل مثلا بالماء الجارى بحيث يقطع بزوال النجاسة العارضة بسبب الدّم فهل يجوز استصحاب نجاسة المشكوكة باحتمال تولّده من الكلب ام لا وكذا الحرمة المتعلّقة باكل لحم الحيوان المردّد بين كونه مأكولا وغيره الثابتة حال حياته هل يجوز استصحابها بعد التذكية الشرعيّة على نحو تذكية الحيوان المأكول لحمه والمشهور عدم حجيّة هذا الاستصحاب مستدلّين بانّ جهة ثبوت الحكم قد علم زوالها والجهة المشكوكة الآن كانت مشكوكة من اوّل الأمر والصّواب أن يقال انّ الجهة الموجبة لثبوت الحكم اوّلا امّا تقييديّة او تعليليّة فانّ قولك اكرم زيدا عالما قد يكون الموضوع فيه لوجوب الاكرام زيدا الموصوف بكونه عالما بحيث يكون جزء للموضوع وقد يكون الوصف علّة لعروض الحكم بان يكون

٦١٥

الموضوع هو ذات زيد وعدم صحّة استصحاب الحكم انّما يتمّ فى الاوّل وامّا فى الثانى فقد يعلم كون الجهة علّة محدثة ومبقية كما اذا علم بكون التغيّر علّة لحدوث النجاسة وبقائها ومن الواضح انّه لا حاجة الى الاستصحاب للعلم ببقاء الحكم بعد زوال علّته وقد يعلم كونها محدثة ويشكّ فى كونها مبقية كمثال التغيّر اذا لم يعلم كونه علّة للبقاء وفى هذا لا مانع من الاستصحاب وقد يعلم كونها محدثة وغير مبقية وكان الشكّ فى بقاء الحكم من جهة حدوث علّة اخرى يترتّب عليها بقاء الحكم وفى هذا لا يجرى الاستصحاب قطعا لاصالة عدم حدوث العلّة الأخرى الأمر الثالث ذكر الفاضل التّونى ره في الوافية انّ للعمل بالاستصحاب شروطا الى ان قال الرّابع ان يكون الحكم الشرعى المترتّب على الامر الوضعى المستصحب ثابتا فى الوقت الاوّل اذ ثبوت الحكم فى الوقت الثانى فرع لثبوت الحكم فى الاوّل فاذا لم يثبت فى الزمان الاوّل فكيف اثباته فى الزمان الثّانى مثلا باستصحاب عدم المذبوحيّة فى المسألة المذكورة اى الجلد المطروح لا يجوز الحكم بالنجاسة لانّ النّجاسة لم تكن ثابتة فى الوقت الاوّل وهو وقت الحياة والسرّ فيه انّ عدم المذبوحيّة لازم لامرين الحياة والموت حتف انفه والموجب للنجاسة ليس هذا اللازم من حيث هو بل ملزومه الثانى اعنى الموت فعدم المذبوحيّة لازم اعمّ لموجب النّجاسة فعدم المذبوحيّة العارض للحياة مغاير لعدم المذبوحيّة العارض للموت حتف انفه والمعلوم ثبوته فى الزّمان الاوّل هو الاوّل لا الثانى وظاهر انّه غير باق فى الوقت الثانى ففى الحقيقة يخرج مثل هذه الصّورة من الاستصحاب اذ شرطيّة بقاء الموضوع وعدمه هنا معلوم وليس مثل التّمسك بهذا الاستصحاب الّا مثل من تمسّك على وجود عمرو فى الدّار فى الوقت الثانى باستصحاب الضّاحك المتحقّق بوجود زيد فى الدّار فى الوقت الاوّل وفساده غنىّ عن البيان انتهى وقال المصنّف فى التنبيه الاوّل بعد نقل كلام الفاضل ولقد اجاد فيما افاد من عدم جواز الاستصحاب فى المثال المذكور ونظيره الّا انّ نظر المشهور فى تمسّكهم على النّجاسة الى انّ النجاسة انّما رتّبت فى الشرع على مجرّد عدم التذكية انتهى فراجع كى تحيط خبرا بتماميّة كلام الفاضل من الشرط المذكور وبتضعيفه فيما ذكره من مثال الجلد المطروح الأمر الرابع الاصول الّتى يتمسّك بها فى الموضوعات المستنبطة كثيرة والمراد بها مفاهيم الالفاظ مط من دون اختصاص بمثل الصّوم والصّلاة سواء كانت شرعيّة ام عرفيّة ام لغويّة ومنها مفهوم الوجوب والحرمة وسمّيت مستنبطة لدخلها فى استنباط الحكم الشرعىّ وهو ارادة الشارع وانشائه فانّ طلبه للصّلاة مثلا انّما يستنبط بواسطة فهم معنى الصّلاة والامر وهكذا وتلك الاصول على نوعين أحدهما ما يتمسّك به فى مقام تعيين الاوضاع ومرجعه الى اصالة عدم الوضع واكثر ما يدور فى ألسنة الاصوليّين من اقسامها اربعة لانّ الشكّ أمّا في وصف الوضع من حيث تقدّمه وتاخّره مثل ما ثبت وضع الصّلاة فى زمان الصّادقين عليهما‌السلام للاركان المخصوصة قطعا ويشكّ فى وضعها لها فى زمان النبىّ ص وعدمه فيقولون انّ الاصل عدم وضع الشارع ويثبتون به الحقيقة المتشرّعة ويعبّرون عنه مسامحة

٦١٦

بقولهم الاصل تاخّر الحادث والّا فوصف التأخّر لم يكن ثابتا أو فى اصل الوضع وهذا على قسمين لانّه امّا يلزم من ثبوت الوضع فيه مخالفة اصل واحد كاصالة عدم الاشتراك فانّ الاشتراك مستلزم لخلاف اصل واحد وهو تعدّد الوضع وامّا يلزم من ثبوت الوضع فيه ارتكاب خلاف اصلين كاصالة عدم النقل فانّ النقل من معنى الى معنى آخر يستلزم تعدّد الوضع وهجر المعنى الاوّل وكلاهما خلاف الاصل وهذا ايضا على قسمين لانّ الشكّ فيه امّا فى الوضع المتقدّم كما اذا ثبت مثلا كون الامر حقيقة فى الوجوب عرفا فبضميمة اصالة عدم النّقل يثبت كونه كذلك لغة وأمّا في الوضع المتاخّر كما اذا ثبت كونه حقيقة فيه لغة وشكّ فى صيرورته حقيقة فى الندب عرفا او فى اصطلاح الشارع بحيث هجر المعنى اللغويّ وثانيهما ما يتمسّك به فى مقام تعيين المرادات من الالفاظ بعد العلم بالمعنى الحقيقى والمجازى او الحقائق والمجازات وهى كثيرة ومرجعها الى اصالة عدم القرينة كاصالة الحقيقة واصالة عدم التخصيص والتقييد والنّسخ واصالة عدم الحذف والإضمار إذا عرفت هذا فاعلم انّ الاصول المذكورة بكلا نوعيها وبعبارة اخرى الاصول اللفظيّة سواء جرى فى الوضع او المراد لا اشكال بل لا خلاف ظاهرا فى اعتبارها لبناء العرف والعقلاء فى محاوراتهم ومكالماتهم عليها وقد يدّعى شمول اخبار الاستصحاب لها بعمومها وقد يمنع عن ذلك بدعوى انّ الظهور المسبّب عن احراز المقتضى وعدم المانع امر عرفىّ منوط بفهم العرف وليس من الموضوعات الخارجيّة المترتّبة عليها الآثار الشرعيّة فلا دخل فيها لجعل الشارع والاولى فى وجه المنع هو عدم اعتبار الاستصحاب اذا كان مثبتا وهذه الاصول كلّها اصول مثبتة لعدم ترتّب اثر شرعىّ عليها الّا بواسطة امر عقلىّ او عادىّ مثلا اصل عدم الاشتراك لازمه العادىّ عدم ثبوت الوضع الّا للمعنى الاوّل وكذا اصل عدم النقل لازمه العادىّ عدم هجر اللّفظ عن المعنى الاوّل وكذا اصل عدم الوضع وتاخّر الحادث لازمه العقلىّ او العادىّ عدم ثبوت الوضع فى الزّمان الاوّل وهكذا مع أنّه لو قلنا بالمثبت كان ذلك فى اللوازم العقليّة والعاديّة دون الامور المقارنة والملزومات ومقتضى الاستصحاب فى بعض هذه الاصول امّا اثبات الملزوم باللازم او اثبات المقارن الاتّفاقى بمقارنه فمن الاوّل عدم نصب القرينة لازم لارادة الحقيقة فاثبات المعنى الحقيقى باصالة عدم القرينة يكون من اثبات الملزوم باللازم ومن الثانى اثبات وحدة الموضوع له باصالة عدم النقل لانّهما من اثبات احد المتقارنين باثبات الآخر لعدم الملازمة بينهما من حيث التقدّم والتأخّر طبعا او وضعا بل هما لازمان لعدم الوضع لمعنى آخر وهكذا ثمّ إنّ الغرض من هذا التنبيه هو دفع ما يتوهّم من ظاهر عبارة المتن فى الامر التاسع من جريان الاستصحاب فى الموضوعات اللغويّة ولا يبعد أنّه اراد من ذلك فيما اذا فرض حكم شرعىّ مترتّب على بقاء الموضوع اللغوىّ بلا واسطة الأمر الخامس لا اشكال فى انّه يعتبر فى الاستصحاب امور ثلاثة الاوّل اجتماع اليقين والشكّ فى الزّمان من غير فرق بين تقارن حدوثهما زمانا او سبق حدوث احدهما عن الأخر

٦١٧

ولا يلزم ان يكون زمان حدوث اليقين سابقا على زمان حدوث الشكّ فلو شكّ فى عدالة زيد فى يوم السّبت واستمرّ الشكّ الى يوم الاحد وفى يوم الاحد حدث اليقين بعدالته فى يوم الجمعة كان موردا للاستصحاب وان لم يكونا مجتمعين بان ارتفع اليقين وتعلّق الشكّ بزمانه كان من قاعدة اليقين الثانى سبق زمان المتيقّن على زمان الشكّ بان يتعلّق الشكّ ببقاء ما هو متيقّن الوجود سابقا ولو انعكس الامر بان شكّ فى مبدا حدوث ما هو متيقّن الوجود فى زمان فلا استصحاب وقد يطلق عليه الاستصحاب القهقرى وحيث انّ المستند لحجيّة الاستصحاب هو الاخبار كان من الظاهر عدم حجيّته لانّ مقتضى قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ هو عدم نقض المتيقّن فى الزمان السّابق بالشكّ فى بقائه ومع العكس يكون من نقض الشكّ باليقين الثالث فعليّة الشكّ واليقين ولا يكفى اليقين والشكّ التقديرى لما علم من تعريف الاستصحاب والاخبار الدّالة على حجيّته انّه وظيفة مجعولة للشاكّ فى الحكم المتيقّن به سابقا بعد الالتفات اليه لا لمن لو التفت اليه حصل له الشكّ والشارع لم يحكم بالبقاء الّا فيما شكّ فى بقائه وارتفاعه بعد اليقين بحدوثه كما هو ظاهر قوله ع من كان على يقين فاصابه شك فليمض على يقينه فانّ اليقين لا يدفع بالشكّ واذا لم يكن شكّ كذلك فلا موضوع للاستصحاب فلا ريب فى اعتبار فعليّة الشكّ فى الاستصحاب ولا يكفى التقدير بانّه لو التفت لكان شاكّا فلو كان متيقّنا بالحدث ثمّ غفل وصلّى لم يكن محكوما باستصحاب الحدث ولو انّه اذا التفت كان يشكّ فى الطّهارة والاشكال بانّ لازم ما ذكرتم عدم جريان الاستصحاب فيمن تيقّن بالحدث ثمّ شكّ ثمّ غفل وصلّى لانّ مع الغفلة حال الدّخول فى الصّلاة يكون الشكّ مرتفعا ومع زوال الشكّ الفعلىّ حال الغفلة لم يكن موضوع الاستصحاب متحقّقا مع انّه لا اشكال فى الحكم ببطلان الصّلاة وعدم جريان قاعدة الفراغ وبالجملة لا فرق بين ما لو التفت الى الحدث وشكّ فى الطهارة ثمّ غفل وصلّى وما لو لم يلتفت اصلا وغفل وصلّى وفى كليهما لا يكون الشكّ فعليّا فما وجه الفرق من حيث جريان الاستصحاب فى الاوّل دون الثانى مندفع بانّ وجه البطلان فى الاوّل ليس من حيث الاستصحاب بل لما تقدّم منّا فى اوّل الاستصحاب من انّه لاستقلال العقل بوجوب تفريغ الذّمة عمّا اشتغلت به يقينا ولا يجرى قاعدة الفراغ لانّ مجريها الشكّ الحادث بعد الفراغ والفرض حصول الشكّ قبل العمل مضافا الى امكان ان يقال انّه لا بدّ من فعليّة الشكّ لما عرفت ولكنّه بواقعيّته موضوع لحكم الاستصحاب لا بالعلم به فانّ الشكّ والترديد الفعلىّ الحاصل فى النّفس قد يلتفت اليه فيعلم المكلّف انّه شاكّ وقد لا يلتفت اليه ويكون مغفولا عنه ولكنّه موجود وحاصل فى النّفس بصفته الحقيقيّة فعلا وعلى كلا التقديرين يكون الشكّ فعليّا بخلاف ما اذا لم يكن فى النّفس صفة الترديد والشكّ اصلا وان كان هناك امور لو التفت اليها يحصل الشكّ فى النّفس وكذلك العلم فإنّه قد يكون هناك امور واسباب اذا التفت اليها النّفس حصل لها العلم فما لم يحصل ليس هناك علم اصلا وقد يكون العلم حاصلا فعلا ولكنّه مغفول عنه وهنا يصدق العالم حقيقة فعليّة الشكّ لا يستلزم الالتفات إليه وهذا كلّه ممّا لا اشكال فيه وقد سبق

٦١٨

الكلام فى جميع ذلك فى صدر البحث عن الاستصحاب فى الامر الخامس فى المتن والحاشية فراجع وانّما الاشكال فى انّ العلم بالحكم الاستصحابى هل هو كالعلم بموضوعه فى توقّف ثبوته وجريانه عليه فلو حصل له اليقين والشكّ فعلا ولم يكن عالما بحكم الاستصحاب لا يكون حكم بالاستصحاب ولو غير منجّزا وانّه لا يعتبر العلم به الّا فى تنجّزه كالاحكام الواقعيّة حيث لا يتوقّف ثبوته واقعا وفعليّته على العلم وان كان تنجّزه موقوفا عليه وجهان وهذا هو الّذى دعانا لعقد هذا التنبيه والاظهر هو الاوّل وهو توقّف جريان الاستصحاب على الالتفات اليه حكما وموضوعا وهذا الكلام يجرى فى كلّ حكم ظاهرىّ لا بمعنى انّ وجوده الواقعى يتوقّف على العلم بالموضوع والحكم لوضوح انّ الحكم الظاهرىّ من الطريقيّة والحجيّة كالحكم الواقعى من الوجوب والحرمة لا يتوقّف وجوده الواقعىّ على العلم به بل بمعنى انّ الآثار المرغوبة من الحكم الظاهرىّ من كونه منجّزا للواقع عند الاصابة وعذرا عند المخالفة لا تترتّب على نفس وجوده الواقعى بل على العلم به موضوعا وحكما والسرّ في ذلك انّه ليس حكما مجعولا فى مقابل الحكم الواقعى بل هو مجعول امّا لاجل كونه طريقا موصلا الى الحكم الواقعى وما لم يكن الطريق محرزا لا يكون موصلا وامّا لاجل كونه عذرا وكيف يقتضى المعذوريّة مع عدم استناد المكلّف اليه فى العمل فانّ الّذى يستقلّ به العقل هو امتثال التكليف الواقعى ولزوم الخروج عن عهدته الّا اذا استند المكلّف الى ما نصبه الشارع طريقا او جعله عذرا وهذا بخلاف الاحكام الواقعيّة فانّ موضوعها المكلّف على جميع حالاته من القطع والظّن والشكّ والغفلة وفعليّتها لا تتوقّف على العلم بالحكم او الموضوع وتدور مدار وجود الموضوع خارجا ولو مع جهل المكلّف به وان اشترك الحكم الواقعى والظاهرى فى عدم توقّف الجعل والانشاء على العلم به للزوم الدّور الّا انّ الشأن فى انّ فعليّة الاحكام الواقعيّة لا تتوقّف على العلم بها بخلاف الاحكام الظاهريّة من الامارات والاصول العمليّة فانّها بوجوداتها الواقعيّة لا يترتّب عليها الآثار المطلوبة منها من كونها منجّزة للواقع عند الاصابة وعذرا لدى المخالفة الّا بعد الالتفات اليها والعلم بها حكما وموضوعا فتدبّر الامر السادس من الواضح انّ اكثر موارد جريان الاستصحاب هو ما اذا كان الحكم مترتّبا على وجود الشيء او عدمه من دون مدخليّة للعلم والجهل ولا اشكال فى انّه لا يجرى عند الشكّ اذا كان الحكم مترتّبا على نفس صفة العلم او الظّن او الجهل بشيء او كان مترتّبا على شيء مقيّدا بوصف العلم او باحد الوصفين الآخرين بمعنى كونه جزء للموضوع واقعا وقد وقع الاشكال فيما اذا كان الاثر مترتّبا على عنوان كالتشريع مثلا صادق فى صورة العلم بشيء والشكّ فيه بمعنى كون وجوده منطبقا على العلم بهذا الشيء والشكّ فيه فى الجملة وذهب المصنّف قدس‌سره فى اوّل مبحث الظّن عند تقرير الاصل اذا شكّ فى حجيّة امارة الى المنع عن استصحاب عدم الحجيّة للقطع بعدم الحجيّة فى صورة الشكّ كما يقطع به فى صورة العلم فلا يعقل اجراء الاستصحاب فى نفس الموضوع الواقعى وهو عدم الحجيّة المجامع لما هو مناط الاستصحاب فى حالتى العلم به والشكّ فيه فانّ الحجيّة عند المصنّف

٦١٩

من الموضوعات الخارجيّة والموضوع الخارجى غير قابل لتعلّق الجعل الشرعىّ به الّا بلحاظ الاثر الشرعى فاذا كان ممّا يترتّب عليه حكم يحكم بالاستصحاب بالبناء على ثبوته فى صورة الشكّ من الاعدام والوجودات والّا فلا يعقل تعلّق الحكم الشرعى به وعدم الحجيّة لا يترتّب على استصحابه اثر شرعىّ عملىّ فانّه يكفى فى حرمة العمل والتعبّد نفس الشكّ فى الحجيّة ولا تصل النوبة الى احراز عدم ورود التعبّد بالامارة حتّى يجرى استصحاب العدم فانّ الاستصحاب كما عرفت فى صدر الكلام انّما يجرى فيما اذا كان الاثر مترتّبا على نفس الواقع المشكوك من دون مدخليّة للعلم والجهل به لا فيما كان مترتّبا على نفس العلم والشكّ وبعبارة واضحة الوجه فى عدم جريان استصحاب عدم الحجيّة هو انّ حرمة التعبّد ليست من محمولات عدم الحجيّة الواقعيّة حتّى يجرى فيه الاستصحاب بل هى كما يكون اثر العدم العلم بالحجيّة كذلك يكون اثرا للشكّ فيها وردّه المحقّق الخراسانى ره بما حاصله انّ الحاجة الى الاثر فى جريان الاستصحاب انّما هو فى الاستصحابات الجارية فى الشّبهات الموضوعيّة وامّا الاصول الجارية فى الشبهات الحكميّة فلا يتوقّف جريانها على ان يكون فى البين اثر عملىّ ما وراء المؤدّى بل يكفى فى صحّة جريان الاصل ثبوت نفس المؤدّى من بقاء الحكم فى الاستصحابات الوجوديّة وعدمه فى الاستصحابات العدميّة بداهة انّ وجوب الشيء او عدم وجوبه بنفسه من الآثار الّتى يصحّ جريان الاصل بلحاظها فلا حاجة الى اثر آخر وراء ذلك والحجيّة وعدمها من الاحكام فيجرى استصحاب عدم الحجيّة عند الشكّ فيها بلا انتظار اثر آخر وراء عدم الحجيّة فانّ استصحاب عدم الحجيّة كاستصحاب عدم الوجوب فكما انّه لا يتوقّف استصحاب عدم الوجوب على اثر آخر وراء نفس عدم الوجوب كذلك استصحاب عدم الحجيّة ولو سلّم كون الحجيّة من الموضوعات الخارجيّة الّتى يتوقّف جريان الاصل فيها على ان يكون لها اثر عملىّ فعدم الحجيّة له اثر شرعىّ فانّ حرمة التعبّد كما يكون اثرا للشكّ فى الحجيّة كذلك يكون اثر العدم الحجيّة واقعا فيكون الشكّ فى الحجيّة قابلا لكلّ من الاستصحاب والقاعدة المضروبة لحكم هذا الشكّ الّا انّه لا يجرى فعلا الّا الاستصحاب لحكومته عليها وقال ره والضّابط انّه اذا كان الحكم الشرعىّ مترتّبا على الواقع ليس الّا فلا مورد ولا مجال الّا للاستصحاب واذا كان مترتّبا على الشكّ فيه كذلك فلا مورد ولا مجال الّا للقاعدة واذا كان مترتّبا على كليهما كما فى حكم الطّهارة المترتّبة على الواقع وعلى الشكّ فالمورد وان كان قابلا لهما الّا انّ الاستصحاب جار دونها لحكومته عليها فاستصحاب حكم الطهارة المترتّبة فى مسئلة الشكّ فى طهارة ما كان طاهرا او استصحاب موضوعها لحكومته على قاعدتها جار دونها كما حقّق فى محلّه وفيما نحن فيه وان كان حكم حرمة العمل والتعبّد مترتّبا على الشكّ فى الحجيّة الّا انّه يكون مترتّبا ايضا على عدمها لمكان ما دلّ على حرمة الحكم بغير ما انزل الله من العقل والنقل فيكون المتّبع فيه الاستصحاب انتهى كلامه رفع مقامه ويندفع ما قاله بما افاده الأستاد النائينى قدس‌سره كما فى تقريرات بحثه امّا ما قاله من انّ الحجيّة بنفسها من الاحكام وممّا يتطرّق اليه الجعل وتناله يد التصرّف من الشارع وما كان كذلك لا مانع من جريان استصحابه او استصحاب عدمه

٦٢٠