تسديد القواعد في حاشية الفرائد

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري

تسديد القواعد في حاشية الفرائد

المؤلف:

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٩

بحسب الزمان المنافى للاستصحاب وهذا الاشكال غير جار فى الموثّقة.

قوله (اللهم الّا ان يقال بعد ظهور كون الزّمان الخ) لمّا ذكر لظهور الرواية فى الشكّ السارى وجهين صراحتها فى اختلاف زمان الوصفين من حيث التعبير بكان والفاء المفيد لتعقّب الشكّ وظهورها فى اتّحاد المتعلّق من حيث عدم ذكره اراد منع دلالة الظهور فى وحدة المتعلّق على تعلّق الشكّ بالمتيقّن فى زمان اليقين به بان يكون المتعلّق لليقين مجرّدا عن التقييد بزمان وصف اليقين ويكون الزمان الماضى المأخوذ فى الجملة ظرفا لليقين لا قيدا للمتيقّن فينطبق على الاستصحاب ويكون قوله ع فانّ الشكّ لا ينقض اليقين مساوقا لما ورد فى الصّحاح من انّ اليقين لا ينقض بالشكّ وقد يورد على هذا التّوجيه بانّ قوله ع فشكّ ظاهر فى كون متعلّقه هو متعلّق اليقين واذا بنى الكلام على تجريد متعلّق اليقين عن الزّمان كان متعلّق الشكّ ايضا مجرّدا عنه فيكون المفاد ح الشكّ فى الشّيء بعد اليقين به وهذا ظاهر فى بيان القاعدة لا الاستصحاب ويدفع بانّ المراد من تجريد متعلّق اليقين عن الزّمان الماضى ليس عدم ملاحظته على الاطلاق كيف والاستصحاب ملحوظ فيه ذلك ايضا بل المراد التجريد باعتبار تعلّق الشكّ به حتّى يكون مفاد الكلام الحكم عليه بتعلّق الشكّ به بعد ذلك الزّمان من دون ان يكون الملحوظ المتيقّن فى ذلك الزّمان مشكوكا بل الملحوظ وقوع الشكّ عليه مجرّدا عن التّقييد بالزّمان فيكون ظاهرا فى تأخّر زمان متعلّق الشكّ ثمّ أنّه يمكن ان يقال انّ دلالة الرواية على تاخّر الشكّ عن اليقين لا يدلّ على كونها لبيان القاعدة لانّ المناط فيها زوال وصف اليقين بطروّ وصف الشكّ فى محلّه ومجرّد سبق اليقين وتأخّر الشكّ لا يدلّ على هذا مع انّ الغالب فى موارد الاستصحاب ايضا هو سبق اليقين وتاخّر الشكّ وان كان مناطه اعمّ لشموله ما لو كان الوصفان فى زمان واحد كأن يقطع يوم السّبت بعدالة زيد يوم الجمعة ويشكّ فى زمان هذا القطع بعدالته فى يوم السّبت وشموله ما لو كان الشكّ قبل اليقين كما لو كان يوم الجمعة شاكّا فى عدالة زيد وفى السّبت حصل له العلم بكونه عادلا فى يوم الخميس فيستصحب عدالته فى زمان القطع لو لم يكن قاطعا بزواله قوله (الى تضعيف ابن الغضائرى المعروف عدم قدحه فتامّل) قد ضعّفه صاحب الرّجال الكبير وصاحب نقد الرّجال نظرا الى انّ العلّامة استند فى تضعيفه ايّاه الى تضعيف ابن الغضائرى والمشهور بين علماء الرّجال انّ قدحه لا ينافى المدح ووجه التامّل يمكن ان يكون اشارة الى انّ تضعيف العلّامة قد يكون مستندا الى امر آخر ويمكن ان يكون اشارة الى عدم قدحه من جهة اشتهار الرّواية فتوى ورواية كما نقل النراقى عن المجلسى انّه قال اصل الخبر فى غاية الوثاقة والاعتبار على طريقة القدماء واعتمد عليه الكلينى انتهى.

قوله (ومنها مكاتبة علىّ بن محمّد القاسانى) هى سندا مطعونة بانّ علىّ بن محمّد القاسانىّ

٥٢١

ممّن لم يوثّقه احد من الرّجال وان لم يضعّفه احد ايضا ولكن ذهب جماعة الى انّ كل خبر رواه احد من المشايخ الثلاثة فى احد الكتب الاربعة ولم يكن له معارض فهو محكوم بالاعتبار مضافا الى انجبار المكاتبة بعمل الأصحاب وامّا الدلالة فكما يمكن ان يراد منها الاستصحاب بارادة عدم جعل اليقين السّابق مدخولا بالشكّ اى مزاحما به يمكن ان يراد من اليقين فيها اليقين باعتبار ما يتحقّق به ويكون المراد انّ الصّوم من شهر رمضان انّما يتحقّق مع العلم به برؤية هلاله فلا يدخل فيه الشكّ بان يصوم صوم شهر رمضان فى يوم مشكوك كونه منه باعتبار عدم اليقين بتحقّقه وكذا فى اليوم المشكوك كونه من شوّال لا يترتّب عليه حرمة الصّوم ما لم يتيقّن بتحقّق شوّال ويمكن ان يراد منه اليقين باعتبار قاعدة الاشتغال وعدم جواز الافطار فى يوم يشكّ انّه من شوّال باعتبار اليقين بالاشتغال وعلى هذا المعنى يحتمل ان يكون المراد من قوله ص صم للرّؤية ترتيب آثار شعبان فانّه مقتضى اليقين بالاشتغال بترتيب آثاره دون آثار شهر رمضان وان يكون مذكورا بالتّبع ولكنّ المعنى الاخير انّما يتمّ بناء على انّ صوم شهر رمضان بتمامه تكليف واحد فانّ الشكّ فى اليوم الآخر حينئذ يكون من الشكّ فى المكلّف به مع تبيّن متعلّق التكليف مفهوما وهذا بخلاف ما اذا كان صوم كلّ يوم تكليفا مستقلّا فانّه ح يكون من الدّوران بين الوجوب والحرمة.

قوله (ولو كان المستند قاعدة الطّهارة لم يكن معنى الخ) قد يقال انّ الرّواية لبيان انّ النجاسة تعرض الاشياء باعتبار العلم بها ويكون الغرض منها انّ حكم النّجاسة يترتّب على معلومها وحيث انّك ما علمت بنجاسته لانّك اعرته ايّاه وهو طاهر ولم تعلم ايضا انّه نجّسه فليس الثّوب بنجس فالحكم ليس مستندا الى سبق الطّهارة ويكون قوله ع لانّك اعرته إيّاه إلخ لبيان انّ العلّة لوجوب الغسل لمشروط الطّهارة انّما هو العلم بالنّجاسة وليس لك علم بذلك قوله (ومنها قوله ع الماء كلّه طاهر حتّى تعلم انّه نجس) هذا الخبر من حيث اتّحاده مع الخبر السّابق من حيث الحكم والغاية يتصوّر فيه وجوه منها أنّ مفاده الحكم بطهارة المياه المشتبهة بشخصيّتها فهو كقوله ع كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف انّه حرام يكون مورده الشّبهات الموضوعيّة ولا يشمل الشّبهات الحكميّة ومنها إنّ مفاده الحكم بطهارة المياه المشتبهة بكليّتها الى ان يعلم قذارتها فمورده الشّبهات الحكميّة ومنها إنّ مفاده الحكم بطهارة المياه المجهولة حالها بكليّتها باعتبار الاشتباه فى الحكم الشرعى او بشخصيّتها باعتبار الاشتباه فى الموضوع الخارجى ومنها إنّ مفاده الاستصحاب والحكم باستمرار طهارة ما كان طاهرا سابقا سواء كان الشّبهة من حيث الحكم او من حيث الموضوع ولكنّ المصنّف ره فرّق بين الخبرين فحمل الاوّل على قاعدة الطّهارة والثانى على الاستصحاب نظرا الى انّ الاشتباه فى المياه من غير جهة عروض النجاسة للماء غير

٥٢٢

متحقّق غالبا وفيه تامّل وعلى تقدير إرادة المعانى الثلاثة كما زعمه صاحب الفصول يكون مفاد الخبر الحكم بطهارة المياه واقعا وظاهرا بعناوينها او باعتبار الجهل بحكمها بكليّته وشخصيّته الى ان يعلم انّها نجس وقد عرفت فى المتن عدم الجامع واذا اريد من الموضوع الماء بعنوانه الواقعى فلا يمكن ان يراد منه ايضا الماء بعنوان انّه مجهول الحال قوله (توضيحه انّ حقيقة النقص هو رفع الهيئة) غرضه انّ حقيقة النقض رفع الهيئة الاتّصاليّة مع بقاء المادّة والاقرب اليه عرفا واعتبارا رفع الامر الثابت مع القطع ببقاء مقتضيه فى زمان الشكّ ومجرّد رفع اليد عن الشيء ولو لعدم مقتضيه الّذى هو المعنى الثالث لا يصار اليه بعد دوران الامر بينه وبين المعنى الثانى بعد تعذّر حمله على المعنى الاوّل وغرضه من التعبير بانّه هو رفع الامر الثّابت انّه الامر المبنىّ على الثبات والاستحكام على نحو الابرام ومنه نقضت البيعة بعد ابرامها بناء على عدم اشتراط كون المنقوض حسيّا وكون النقض هو مطلق رفع الاتّصال حسيّا كان ام عقليّا وح فرفع اليد فى مثله لا بدّ وان يكون بسبب وجود المزيل والرافع المستلزم لانفساخ ما هو كالعلّة للثّبات والدّوام ورفع الامر الثّابت المساوق لرفع اليد عن الشّيء بعد حصوله ووجوده من دون ان يكون ثبوته مقتضيا للدّوام بعيد عن صدق اطلاق النقض عليه وحاصل كلامه ره انّ المراد من رفع اليد عن الموجود فى ثانى ان وجوده امّا رفعه فيما بنى ثبوته على الثبات لو لا المزيل بان كان المقتضى لوجوده فى الآن الاوّل مقتضيا له فى الآن الثانى وامّا رفعه ولو لم يكن مبنيّا على الثبات بان كان المقتضى مقتضيا له فى ان وجوده فقط والنقض بمادّته يوجب الظهور فى المعنى الاوّل وفيه انّه لا اشكال فى انّ النقض لا بدّ من تعلّقه بما له اتّصال وكونه رفعا له الّا انّه قد يستعار لما يترقّب فيه الاتقان والاستحكام كالعهد والبيعة واليقين فكما يجوز اسناد النّقض الى البيعة والعهد فكذلك يجوز اسناده الى اليقين فانّ اليقين ليس كالظنّ حيث انّه يظنّ انّه ليس فيه ابرام واستحكام من جهة احتمال الخلاف معه فانّ اليقين وان كان جهلا مركّبا يكون صفة قائمة بالنّفس لا يجرى فيه احتمال الخلاف اصلا فهو يشبه الامر المستحكم فيستعار له ما يسند اليه ويكون الاسناد على الحقيقة على وجه وعلى المجاز على وجه آخر على الاختلاف فى باب الاستعارة واذا كان المصحّح للاسناد هو اليقين نفسه لا اليقين بما فيه اقتضاء للبقاء فيكون المسند اليه للانتقاض هو اليقين سواء كان فيه اقتضاء للبقاء ام لا ولا وجه للاختصاص من هذه الجهة فالانصاف أنّ الاخبار المتضمّنة للفظ النّقض بعد تسليم دلالتها على الاستصحاب لا فرق فى مفادها بين ما كان شكّا فى المقتضى وما كان شكّا فى الرافع فانّ المدار فى الاستصحاب على احتمال بقاء المستصحب فى الآن الثانى من وجوده والّا لم يكن موردا للاستصحاب والظّاهر انّ رفع اليد عمّا يحتمل دوامه بعد اليقين بوجوده نقض له والنقض المنهىّ عنه فى باب الاستصحاب ليس

٥٢٣

الّا رفع اليد عن وجود المستصحب فى الآن الثانى لاحتمال عدم بقائه من دون تفاوت بين كون الشّيء ممّا له فى نفسه الثبات لو ثبت وكان احتمال عدم البقاء من جهة احتمال المانع ام لا بل من جهة احتمال المانع ام لا بل من جهة احتمال عدم المقتضى له وبناء العقلاء أيضا فى البقاء ليس الّا عدم الاعتناء باحتمال عدم البقاء سواء كان ناشئا من احتمال الرافع او من احتمال عدم المقتضى له وقد عرفت انّ الدّليل على انّ المراد من النّقض هو الاعمّ عموم متعلّقه وهو اليقين كما انّ المحسّن لاطلاق النقض على مطلق رفع اليد هو تعلّقه بلفظ اليقين وما ذكره المصنّف من انّ الفعل الخاصّ يصير مخصّصا لمتعلّقه العامّ ففيه مضافا الى مسامحة التعبير من حيث اطلاق العامّ والخاصّ على المثال بل وعلى المقام أوّلا أنّ تخصيص الفعل الخاصّ لمتعلّقه العامّ ليس له كليّة ولا ضابطة وقد يكون الامر بالعكس والمثال على تقدير تسليمه جار على قرينة خارجيّة وثانيا أنّ كون الضّرب قرينة فى المثال انّما يتمّ اذا كان المراد الضّرب المولم وثالثا أنّ متعلّق الضّرب فى المثال لم يعلم عمومه عرفا بحسب سياق الكلام للاموات بل هى كالجمادات فى عدم الشّمول وحيث قد عرفت انكار حكومة ظهور الفعل على ظهور المتعلّق كليّة وانّ ظهور الكلام فى تقديم احدى الحكومتين عرفا يختلف بحسب خصوصيّات الموارد فنقول انّ الظاهر فى المقام هو تقديم ظهور المتعلّق فى العموم وانّ عمومه قرينة على اطلاق النقض على ارادة مطلق رفع اليد عن اليقين السّابق والحاصل انّه لمّا كان الاعتناء باحتمال عدم البقاء باعتبار تعلّق الشكّ بما تعلّق به اليقين مصحّحا لاطلاق النّقض على عدم البناء على اليقين صحّ النّهى عنه وهذا هو الظّاهر من الاخبار المشتملة على ذلك وليس الأخبار ناظرة الى مادّة النقض لغة حتّى يلاحظ فيه المعنى الحقيقى او ما هو اقرب إليه هذا مضافا الى انّ مورد جملة من الاخبار هو الشكّ فى المقتضى ولا داعى الى تاويلها كما ارتكبه المصنّف فى المقام وقد يقرّر وجه الاختصاص بالشكّ فى الرافع بما لعلّه ادقّ وامتن وهو انّه اسند النقض فى هذه الاخبار الى اليقين وفى الاستصحاب ليس اليقين منتقضا لا حقيقة ولا مجازا فانّ اليقين متعلّق بالحدوث وهو فى زمان الشكّ كما كان والبقاء لم يتعلّق به اليقين حتّى يكون النقض بالنّسبة اليه فلا بدّ ان يراد ما هو شبيه لنقض اليقين والمشابه له ان يكون متعلّق اليقين ما يكون من شأنه البقاء والاستمرار فانّ ما له هذا الشّأن فكانّه يقطع ببقائه واستمراره واذا طرأ الشكّ عليه فكانّه اضمحلّ اليقين وارتفع وبواسطة تلك المشابهة يصحّ ان يقال لا تنقض اليقين بالشكّ وبالجملة النّهى عن نقض اليقين لا يصحّ الّا فيما ارتفع حقيقة او عناية ومشابهة والاوّل كما فى قاعدة اليقين والشكّ السّارى فانّ الشكّ يسرى الى زمان اليقين بحيث يكون متعلّقهما واحدا ذاتا وزمانا ويرتفع اليقين به فيصحّ ان يقال لا تنقض اليقين والثانى كما فى الشكّ فى الرافع فى باب الاستصحاب فانّ اليقين فيه وان كان على ما كان

٥٢٤

من دون رفع اصلا الّا انّه لمّا كان متعلّقه فيه من شأنه البقاء لوجود مقتضيه كان كانّه متيقّن البقاء والاستمرار وقد ارتفع بالشكّ وصحّ بالمسامحة ان يقال انّه ينتقض به فوجه الاختصاص هو مشابهة الشكّ فى الرافع بانتقاض اليقين حقيقة وامّا الشكّ فى المقتضى فلا يكون فيه انتقاض لليقين ولو مشابهة ولا يصحّ ان يقال فيه لا تنقض اليقين وفيه انّه لوحظ اتّحاد متعلّق اليقين والشكّ ذاتا واسند النقض اليه حقيقة او مجازا بالمسامحة العرفيّة فانّ اليقين تعلّق بالقيام والقعود والحياة لزيد وكان على يقين من ثبوت احدها له فشكّ فيها ومع وحدة متعلّق الحدوث والبقاء يصحّ ان يقال لا تنقض اليقين بحياة زيد بالشكّ فيها ويصدق بهذا اللّحاظ انّه انتقاض لليقين حقيقة ولئن ابيت عن ذلك فلا اقلّ من كونه انتقاضا له فى نظر العرف والمدار فى الاقربيّة هو نظر اهل العرف لا الاقربيّة الاعتباريّة وبالجملة القول بانّه لا انتقاض لليقين فى الاستصحاب فلا بدّ ان يراد ما هو المشابه لانتقاضه ممنوع فانّ المصحّح لاسناد النقض ليس الّا اليقين كما عرفت ويكون اسناد النّقض الى اليقين بلحاظ اتّحاد متعلّقه مع متعلّق الشكّ وبهذا اللّحاظ يصدق نقض اليقين على وجه الحقيقة والّا فلا اشكال فى انّ هذا اللّحاظ اقرب الى اذهان اهل العرف بخلاف تلك الملاحظة فانّها لدقّتها بعيدة عن اذهانهم وكيف تكون هو الوجه فيما يكون المتّبع فهم العرف وح فنقول انّ العرف يكتفون فى اطلاق النّقض بمجرّد كون الشيء محتمل البقاء ولا تفاوت عندهم فى صحّة هذا الاسناد بين ما كان انتقاضه لانتفاء مقتضيه او لوجود رافعه ولذا يقال ينتقض التيمّم بوجود الماء كما يقال ينتقض بالحدث بلا تفاوت بينهما فى نظر العرف قوله (ثمّ لا يتوهّم الاحتياج ح الى تصرّف فى اليقين) لا اشكال فى انّ حمل النقض على المعنى الثّانى وأنّ المراد هو النّهى عنه فى خصوص الشكّ فى الرافع يوجب التصرّف فى لفظ اليقين بان يكون نسبة النقض اليه باعتبار متعلّقه او باعتبار آثار اليقين ونفس اليقين لا يمكن ارادته للقطع بارتفاعه بالشكّ وأجاب المصنّف بانّ التصرّف فى اليقين باحد الاعتبارين لازم وان اريد المعنى الثالث ولا اختصاص له بالمعنى الثانى حتّى يكون مبعدا له وفيه مضافا الى انّ المتيقّن او احكام اليقين ليس الّا كنفس اليقين فى عدم صلوحهما لتعلّق النّهى بهما فكما انّ اليقين لا يكون تحت قدرة المكلّف واختياره كذلك المتيقّن وآثار اليقين فانّ الموضوعات الخارجيّة بقائها وارتفاعها منوطة باسبابها الخارجة عن الاختيار وقيام زيد مثلا رفعا وبقاء منوط بعلّته وثبوت المحمولات الشرعيّة لموضوعاتها بيد الشارع وخارج عن اختيار المكلّف انّ بناء على المعنى الثّالث وعدم اختصاص متعلّق النقض بما يقتضى الاستمرار لا داعى للتصرّف فى اليقين بارادة المتيقّن او الاحكام الثابتة له ويكون المراد من رفع اليد عن اليقين هو عدم الاخذ به عملا والمراد من النهى عن نقض اليقين لزوم

٥٢٥

البناء على العمل على طبق الحالة السّابقة ويكون كناية عن انشاء الحكم المماثل وينقدح من هذا انّه لا يجوز التصرّف فى لفظ اليقين بالتجوّز او الاضمار فضلا عن لزومه وما أفاده رحمه‌الله من لزومه على اىّ تقدير ممنوع لما عرفت من انّ النّهى لا بدّ ان يتعلّق بما يكون اختياريّا للمكلّف وليس هنا امر اختيارىّ سوى بناء المكلّف على العمل على طبق الحالة السّابقة ولا محيص الّا بصرف النّهى إليه لا يقال مقتضى ما ذكرت من كون المنهىّ عنه من حيث فعل المكلّف هو لزوم البناء على اليقين والعمل بآثاره كون مفاد هذا الخطاب ضرب قاعدة بلحاظ اليقين وآثاره دون المتيقّن واليقين لا اثر له فى المقام بل الاثر انّما هو للمتيقّن وهو الوضوء لا اليقين بالوضوء فانّه يقال نعم اذا كان اليقين ملحوظا بنفسه وبالنّظر الاستقلالى لكان الامر كذلك ولكنّه ممنوع بل الظاهر كما عرفت من قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ عند العرف هو كونه كناية عن لزوم البناء والعمل عليه بالتزام حكم مماثل للمتيقّن تعبّدا ان كان حكما وبآثاره واحكامه ان كان موضوعا ومقتضى ذلك هو كون اليقين ملحوظا بنحو الآليّة والمرآتيّة فكانّه قال وليكن عملك فى حال الشكّ كعملك فى حال اليقين فاليقين ماخوذ مرآتا الى المتيقّن واذا كان مرآتا اليه يكون المقصود ترتيب آثار المتيقّن لا يقال سلّمنا الّا انّ من الواضح عدم تطرّق النقض الحقيقى الى نفس اليقين ولا بدّ من التصرّف لاجل صحّة النّهى عن نقضه اذ لا يصحّ النّهى فى مقام البناء والعمل عن نقض ما لا يتطرّق اليه النقض فإنّه يقال قد ذكرنا كون المصحّح لاسناد النقض هو اليقين وانّ العرف يفهم من قوله ع لا تنقض اليقين نقض نفس اليقين بلحاظ وحدة متعلّقه مع متعلّق الشكّ فتدبّر.

قوله (او المقتضى بالمعنى الاخصّ) يعنى العلّة التامّة لو لا الرافع وهو المسمّى بالسّبب عند الاصوليّين فانّهم يطلقون المقتضى على خصوص ذلك بخلاف العرف واللّغة حيث يطلقونه على الاعمّ من ذلك ومن العلّة التامّة للحكم او الدليل قوله (فمعنى ذلك التوقّف عن الحكم بثبوت المقتضى بالفتح) اى عدم الحكم باعتبار الاستصحاب لا اعتباره والحكم بمقتضى الحالة السّابقة لانّ الحكم ببقاء المقتضى بالفتح فى حكم ترجيح عدم الرّافع وهو خلاف فرض التساقط وترجيح بلا مرجّح قوله (ويمكن ان يريد به اثبات البناء الخ) يعنى انّ المراد بقول المحقّق فيجب الحكم بثبوته فى الآن الثانى هو الحكم بثبوته تعبّدا عقليّا لبناء العقلاء على ذلك فى امورهم اذا احرز المقتضى وشكّ فى وجود الرّافع بناء منهم امّا على عدم رفع اليد عمّا احرز الّا مع العلم بارتفاعه وامّا على الركون على اصالة عدم الرافع على نحو ركونهم على اصالة عدم صدور الفعل عن سهو وخطاء وامثال ذلك من الاصول العقلائيّة وعلى كلّ تقدير ليس ذلك مبنيّا على رجحان البقاء وان كان فى مورده وفيه انّ هذا البناء منهم على اطلاقه ممنوع والظّاهر انّ بنائهم على ذلك انّما هو مع حصول الظّن ولو نوعا لا التعبّد مطلقا ولا بدّ

٥٢٦

فى حكم العقل والعقلاء ان يكون مستندا الى امر لا الى التعبّد الصّرف نعم ذلك فى المجعولات الشرعيّة بمكان من الامكان والوقوع قوله (ويمكن ان يستفاد من كلامه السّابق الخ) وهو قوله والّذى نختاره ان ينظر فى دليل ذلك الحكم المذكور بعد ذكر الاقوال فى ذيل قول المصنّف والاقوى هو القول التّاسع قوله (يظهر بالتامّل عدم استقامته فى نفسه) وذلك لانّ كون العامّ مقتضيا والخاصّ مانعا وكذا المطلق والمقيّد خارج عن الاصطلاح لانّ اللّفظ المجرّد عن القرينة بوصف التجرّد ظاهر فى المعنى وامّا مع اقترانه بها لا ظهور له حتّى يكون القرينة مانعة وعلى فرض تسليم انّ للّفظ ظهورا شأنيّا فى المراد ووجود القرينة مانع عن الظّهور فعلا فالمخصّص رافع ومانع عن تحقّق الظهور لا انّه رافع بعد وجوده ومن المعلوم انّ المانع أعمّ من الرّافع اذ يصدق ايضا على الدافع المباين بحسب الحقيقة قوله (وعدم انطباقه على قوله المتقدّم الخ) نقل عنه قدس‌سره انّه كتب فى الحاشية اى الّذى فى كلامنا لا فى كلامه فانّ هذا الكلام عن المحقّق متأخّر عن ذلك الدليل انتهى ويرشد إليه العبارة المتقدّمة فى ذيل قوله والاقوى هو القول التّاسع ثمّ إنّ الوجه فى عدم الانطباق هو انّ قوله والّذى نختاره صريح فى ارادة التفصيل فى عنوان الاستصحاب واخراج بعض افراده واين هذا من التوجيه بارادة التّمسك بالظهور اللّفظى عند الشكّ فى الصّارف فليتامّل قوله (كما نبّه عليه فى المعالم وتبعه غيره فتامّل) لعلّه اشارة الى انّ دعوى كون اللّفظ المجرّد عن القرينة بوصف التجرّد ظاهر فى المعنى بحيث يكون عدم قيام القرينة مأخوذا فى اصل الظّهور وعدم الخاصّ مأخوذا فى اقتضاء العامّ للعموم دعوى بلا برهان ومناف لما عليه قدس‌سره فى المخصّصات المنفصلة من كون العامّ بنفسه مقتضيا قوله (ومنها انّ الثابت فى الزمان الاوّل ممكن الثبوت الخ) ما استدلّ به على اعتبار الاستصحاب عقلا وجوه الأوّل انّه لو لم يكن الاستصحاب حجّة لم يمكن استفادة الاحكام الشرعيّة من الادلّة اللفظيّة وفيه انّ الاصول اللفظيّة قواعد مجمع عليها ولا يقاس بها موضع الخلاف وهى خارجة عن الاستصحاب المصطلح الثاني انّه لو لاه لم يثبت الاحكام الشرعيّة لجواز النّسخ ح وفيه انّ اصالة عدم النّسخ ممّا اجمع عليه ايضا مضافا الى انّ من ملاحظة غلبة بقاء الاحكام الشرعيّة وعدم نسخها يحصل الظّن بالبقاء وعدم النّسخ فى مورد الشكّ والى انّ لو لاه لاختلّ نظام الدّين والى انّ النّسخ قسم من التخصيص واصالة عدمه من الاصول اللفظيّة الخارجة عن الاستصحاب المصطلح الثالث ما ذكره البيضاوى فى منهاج الاصول من انّ ما ثبت ولم يظهر زواله ظنّ بقائه ولو لا ذلك لما تقرّرت المعجزة لتوقّفها على العادة ويريد من كلامه هذا انّه لو لا ان يكون الثّابت فى الزّمان الاوّل على وجه لم يظهر زواله لا قطعا ولا ظنّا مظنون البقاء

٥٢٧

فى الزمان الثانى لزم ان لا تتقرّر معجزة اصلا لانّ المعجزة امر خارق للعادة وخرق العادة متوقّف على استمرارها فانّه لو لم يتوقّف على استمرارها لجاز تغيّرها فلا تكون المعجزة خارقة للعادة واستمرار العادة متوقّف على انّ الاصل بقاء ما كان على ما كان فانّه لا معنى للعادة الّا انّ تكرّر وقوع الشيء على وجه مخصوص يقتضى اعتقاد انّه لو وقع لم يقع الّا على ذلك الوجه فلو كان اعتقاد وقوعه على الوجه المخصوص يساوى اعتقاد وقوعه على خلاف ذلك الوجه لم تكن المعجزة خارقة للعادة وفيه انّ ما ذكر يقتضى ايضا وجود معدوم عند احتماله اذا كان العادة على وجوده ولم يلتزم بذلك أحد مضافا إلى انّ العادة بالمعنى الّذى عرفت توجب العلم بالاستمرار فانّ قبل وجود الشيء بالمعجزة كان المعلوم بسبب العادة عدم وقوعه الرّابع بناء العقلاء على ذلك فى جميع أمورهم والجواب ما ذكره فى المتن من انّ بناء العقلاء انّما يسلّم فى موضع يوافق الاحتياط او يحصل لهم العلم بالبقاء عادة او الظّن به النّاشى من الغلبة الصنفيّة وامّا كون بنائهم على البقاء فى الاحكام الشرعيّة فممنوع الخامس انّ الاخذ ببقاء ما ثبت اخذ بالراجح فيتعيّن لقبح الاخذ بالمرجوح مع ترك الراجح امّا قبح الاخذ بالمرجوح فظاهر لا اشكال فيه وامّا انّ الاخذ ببقاء ما ثبت اخذ بالرّاجح فلهم فى اثباته وجوه منها ما عن المحقّق فى المعارج ومنها ما ذكره جماعة من انّ الثابت اوّلا قابل الثبوت ثانيا والّا لانقلب من الامكان الذاتى الى الاستحالة ولا ينعدم الّا بمؤثّر لاستحالة خروج الممكن من احد طرفيه الى الآخر الّا بمؤثّر ومع تقدير عدم العلم بمؤثّر العدم الراجح بقاؤه وهذا كما ترى يرجع الى دعوى انّ ما لا يمتنع بقائه ممّا ثبت اوّلا يرجّح بقائه ثانيا لعدم العلم بما يؤثّر فى عدمه وما أجاب به انار الله برهانه فى المتن من منع استلزام عدم العلم بالمؤثّر لذلك فكانّه لا يلائم الاستدلال اذ ليس الدّعوى كون عدم العلم بالمانع مؤثّرا فى رجحان عدمه بل الدّعوى كون ذلك مؤثّرا فى رجحان البناء على عدمه لوضوح انّ عدم العلم بما يقتضى ارتفاع ما وجد اوّلا لا يوجب رجحان بقائه كما انّ عدم العلم بما يقتضى بقائه وهو عدم المانع لا يوجب رجحان ارتفاعه والحقّ فى الجواب ان يقال انّ انكار الاستصحاب لا يتوقّف على دعوى انعدام الثابت حتّى يحتاج الى التعليل باستحالة خروج الممكن عن احد طرفيه الى الأخر الّا بمؤثّر ومن الواضح أنّ الثابت اوّلا كما لا ينعدم الّا بمؤثّر كذلك لا يبقى الّا بمؤثّر وهو بقاء المقتضى بصفة اقتضائه الغير المتحقّق الّا مع عدم الرّافع وبقائه كذلك ايضا غير معلوم وان أرادوا من هذا الدليل انّ عدم العلم بالمانع يوجب الظّن بالبقاء رجع الى الوجه الآتي ومنها ما ذكره العضدى وغيره من انّ ما تحقّق وجوده ولم يظنّ عدمه او لم يعلم عدمه فهو مظنون البقاء وظاهره دعوى الظّن الفعلىّ بالبقاء وهو ايضا ظاهر دعوى كون الاستصحاب الاذعان بالبقاء من القائلين بحجيّته ولا يبعدان يكون منشأ هذه

٥٢٨

الدّعوى غلبة بقاء الحادث ولعلّ من هنا قيّده العضدى بعدم الظّن بالخلاف او يكون المنشأ توهّم الفرق وجدانا بين احتمال بقاء ما ثبت اوّلا واحتمال وجود معدوم ولو من جهة احتمال تحقّق المقتضى مقارنا لوجود المانع ولا يخفى انّ دعوى حصول الظّن الفعلى فى جميع الموارد خصوصا فى الموضوعات الخارجيّة ممنوعة جدّا ومخالفة للاجماع ومنها ما عن السّيد صدر الدّين الشارح للوافية من الالحاق بالاعم الاغلب والظاهر منه ايضا دعوى حصول الظّن الفعلىّ وقد عرفت منع حصوله فى جميع الموارد وعدم التزامهم بذلك بل لا يمكن حصوله فى بعض الموارد قوله (ففيه انّه لا دليل على اعتباره اصلا) اى حتّى على القول باعتبار الظّن المطلق لانّ مفاد دليل الانسداد على ما تقدّم اعتبار الظّن الشخصىّ قوله (وان اريد به ما وجّه به كلام السّيد المتقدّم) هذه الجملة عطف على فان اريد اغلب الموجودات السّابقة وجزائها قوله فيظهر وجه ضعف هذا التوجيه بعد انتهاء كلام صاحب القوانين قوله (فانّ اعتبار استصحاب طهارة الماء من جهة الظّن الخ) غرضه انّ مناط اعتبار الاستصحاب فى الموضوعات ان كان هو الغلبة فلا معنى للتفكيك بين ما كان على طبق الحالة السّابقة وما خالفها فيعتبر فى الاوّل دون الثانى قوله (نعم الأنصاف انّهم لو شكّوا فى بقاء حكم الخ) يريد بذلك اثبات بنائهم على العدم فى الحكم الشرعى اذا كان شكّا فى الحدوث من جهة حصول الظّن من عدم وجدان الدليل بعد الفحص لا اختصاص بنائهم على ذلك بالحكم الشرعى فانّهم يبنون على ذلك فى غيره ايضا اذا وافق الاحتياط او حصل الظّن من الغلبة ثمّ إنّ الفرق بين بقاء حكم وحدوثه عند الشكّ ليس على اطلاقه فانّ البناء على العدم انّما هو فيما كان الشكّ فى حدوث الحكم ناشيا من احتمال وجود مقتضيه وامّا اذا كان الشكّ فيه من جهة احتمال مقارنة المقتضى للمانع فلم يعلم منهم البناء على عدمه بل يبنون على عدم الاعتناء بالمانع المحتمل اذا كان العمل بالمقتضى موافقا للاحتياط او حصل الظّن بعدم المانع ثمّ إنّ كون عدم الدّليل دليلا على العدم يمكن ان يكون بملاحظة الحالة السّابقة وانّ احتمال حدوث الحكم مرجوح بالظنّ على عدمه الحاصل من الظّن بعدم وروده بعد الفحص فيكون من الاستصحاب ويمكن ان يكون اصلا برأسه سواء وافق الحالة السّابقة كما فى مثل المقام او خالف وعلى التقدير الثّانى يمكن اشتراطه بان يكون المشكوك ممّا يعمّ به البلوى كما نسب الى المحقّق فيما سبق فى البراءة.

قوله (وهو الشكّ فى ناقضيّة الخارج من غير السّبيلين) فانّه من الشكّ فى الرّافع كما هو واضح قوله (بما ذكرنا فى توجيه كلام المحقّق فى المعارج) من انّ مراده بالمقتضى للحكم دليله وانّ المراد بالعارض احتمال طروّ المخصّص قوله (اذ قلّما ينفكّ مستصحب عن اثر حادث الخ) وذلك كاستصحاب الطّهارة للحكم بجواز الصّلاة فى زمان الشكّ واستصحاب حيوة زيد للحكم بتوريثه عن مورّثه الميّت وامّا الاثر الغير الحادث اى

٥٢٩

المترتّب على المستصحب فى زمان اليقين فلا معنى لاستصحاب عدمه حتّى يعارض استصحاب وجود المستصحب اذ هو حكم ثابت فى زمان اليقين وهذا كلّه مع قطع النظر عن عدم جريان الاستصحاب فى الشكّ المسبّبى مع جريانه فى الشكّ السّببى فانّ هذا جار فى الاثرين قوله (اللهمّ الّا ان يقال انّ اعتبارها ليس لاجل الظّن) فلا يحصل ح بها الاعتضاد اذ لا معنى لاعتضاد الدّليل بالاصل لعدم اتّحادهما موردا ورتبة فلا يجتمعان قوله (وثانيا بما ذكره جماعة من انّ تقديم الخ) حاصله انّ هذا الدليل مبنىّ على مقدّمتين إحداهما صلاحيّة معارضة بيّنة النفى لبيّنة الاثبات كما لو رجع الى الاثبات وثانيتهما ثبوت الترجيح فى تعارض البيّنات بمطلق الظّن كما فى تعارض الاخبار وهما ممنوعان وان شئت قلت انّ الاستدلال مبنىّ على دعوى الملازمة بين عدم كون الاستصحاب مرجّحا لبيّنة النفى وعدم حجيّته لدعوى الملازمة بين اعتضاد بيّنة النفى به وكونها ح اولى وارجح من بيّنة الإثبات وفيه انّ ذلك فرع تكافؤ بيّنة النفى والاثبات وهو ممنوع ولو مع تعاضد الاولى بمرجّح قوله (امّا التفصيل بين العدمى والوجودى بالاعتبار الخ) لا اشكال فى بطلان هذا القول فانّ اعتبار الاستصحاب ان كان من حيث الظّن واعتباره فهو حاصل فى الوجودى من دون فرق والمفروض هو استصحاب الامر الوجودى مع حصول الظّن وان كان من حيث التعبّد فمن الواضح انّ دعوى شمول الأخبار للمستصحبات العدميّة دون الوجوديّة لا وجه لها اصلا مع انّ مورد بعضها هو الامر الوجودى إلّا ان يقال بالاوّل وانّ الفرق من حيث انّ العدم شيء واحد مستمرّ فالمتحقّق سابقا يظنّ بتحقّقه لا حقا بخلاف الوجود فانّه ينحلّ الى وجودات عديدة فبمجرّد تحقّقه سابقا لا يحصل الظّن ببقائه فتامّل.

قوله (وما استظهره التفتازانى لا يخلو ظهوره عن تامّل) لانّ عبارة العضدى تفصح عن انّ النزاع بين النافى والمثبت صغروىّ بمعنى انّه فى افادة الظّن وعدمها ومع ذلك كيف يخصّص خلاف الحنفيّة بالاثبات بان يدّعى حصول الظّن فى العدمىّ دون الوجودىّ فهو حجّة فى العدمى هذا مضافا الى ما افاده المصنّف من انّ كلّ استصحاب وجودىّ لا ينفكّ عن استصحاب عدمىّ قوله (واضعف من ذلك ان يدّعى انّ المعتبر الخ) والمدّعى هو صاحب الفصول ووجه الأضعفيّة انّه لمّا كان الظّن معتبرا من باب الطريقيّة اخذ به فى جميع لوازمه سواء كانت طريقيّته بجعل الشارع او ببناء العقلاء قوله (ولعلّه المراد بما حكاه التفتازانى) وجه التّعبير بلعلّ هو انّ العبارة الّتى حكاها التفتازانى يحتمل وجوها الأوّل ما ذكره فى المتن هاهنا من انّ استصحاب عدم انتقال مال الغائب الى وارثه يجرى ولا يترتّب عليه ما كان امرا وجوديّا وهو انتقال مال مورّثه اليه وان كان المستصحب لا ينفكّ

٥٣٠

عن الظّن بالثانى الثّانى ما يذكره ايضا آنفا من انّ استصحاب عدم موت الغائب يصلح لترتّب الامر العدمى عليه وهو عدم انتقال ارثه الى وارثه لا لترتّب الامر الوجودى وهو انتقال مال مورّثه إليه الثالث ما هو ظاهر العبارة من انّ استصحاب حيوة الغائب يصلح لترتّب الامر العدمىّ المذكور عليه دون الوجودىّ المذكور وعلى الوجهين الاخيرين يكون غرضه انّ الامر الوجودىّ لا يترتّب على المستصحب العدمى او الوجودى وعلى اىّ تقدير فكلامه حينئذ لا دخل له بالمقام لانّ غرضه يكون هو التفكيك بين الاثرين فيما يترتّب على المستصحب لا نفى ترتّب الامر الوجودى المظنون من جهة اجراء الاستصحاب فى العدمى قوله (وبالجملة فلم يظهر لي ما يدفع هذا الاشكال) يمكن ان يقال انّ الاشكال بانّ القول باعتبار الاستصحاب فى العدميّات يغنى عن التكلّم فى اعتباره فى الوجوديّات اذ ما من مستصحب وجودىّ الّا وفى مورده استصحاب عدمىّ الى آخر ما سبق انّما يتمّ بالنّسبة الى اصل افادة الظّن وامّا بالنّسبة الى اعتباره فلا يستبعد دعوى اعتباره عند العقلاء فى امر دون آخر ملزوم او لازم له اذا كان الظّن فيهما منضبطا بالنّوع اذ لا ملازمة بين الظنون النوعيّة فى الاعتبار فيقال انّ الظّن الحاصل من الاستصحاب العدمى نوع معتبر عندهم دون الوجودىّ نوعا نعم اذا كان الامر الوجودى راجعا الى العدمى فيما هو المحمول عليه عرفا او شرعا تمّ عدم التفكيك بل لا يستبعد دعوى عدم حصول الظّن اصلا بان يقال انّ العدمى بالنّسبة الى الاستمرار والبقاء غالبىّ فيفيد الاذعان والظّن نوعا دون الوجودىّ اللّازم له فانّه نوع آخر من الظّن ولا ملازمة فى حصول الظنّين المختلفين بالنّوع قوله (انّما يحكم ببقائه لترتّبه على استصحاب عدم وجود الرّافع) فيه مضافا الى ما سيذكره فى المتن من عدم صحّة ترتّب الوجودى اذا كان امرا خارجيّا على استصحاب عدم الرافع أوّلا انّ المراد من عدم نقض اليقين بالشكّ هو البناء على المعلوم سابقا قبل زمان الشكّ فيه عملا وحرمة رفع اليد عنه بالبناء على مقتضى الشكّ وبعد ذكر متعلّق اليقين وهو الوضوء او الطّهارة فى الرّوايات يكون المراد من قوله ع والّا فانّه على يقين من وضوئه وقوله ع لانّك كنت على يقين من طهارتك هو البناء على يقين الوضوء او الطّهارة وبناء العمل عليهما فى زمان الشكّ لا البناء على عدم الرافع ويكون قوله ع مقدّمة لكون المستصحب هو عدم الرّافع وثانيا أنّ بقاء الشّيء المشكوك فى بقائه من جهة الرافع ليس اثرا شرعيّا لعدم الرافع مط فانّ ما جعله الشارع رافعا لشيء ليس معناه الحكم ببقاء ذلك الشيء عند عدمه بل معناه هو الحكم بارتفاعه عند وجود الرافع وثالثا أنّ ما ذكره فى توجيه عدم استصحاب الوجودى من كون الشكّ فيه مسبّبا عن الشكّ فى وجود الرافع وكون الشكّ فى الطّهارة مسبّبا عن الشكّ فى حدوث النوم فهو على فرض تماميّة كلام فى جريان الاستصحاب لا فى حجيّته ورابعا أنّه لو كان المراد من الرّوايات انّ احتمال

٥٣١

طروّ الرافع لا يعتنى به كان المستفاد منها هو البناء على عدم الرافع لا استصحابه وكان ح منطبقا على قاعدة المقتضى وعدم المانع واين هذا من الدلالة على الاستصحاب وخامسا أنّ هذا لا يصلح لان يكون دليلا على حجيّة الاستصحاب فى مطلق العدميّات حتّى على القول باعتباره من حيث الشكّ فى المقتضى وقد تقدّم انّ الظّاهر من الروايات هو عموم الحجيّة بالنّسبة الى الشّكين قوله (سواء تعارض مقتضى اليقين السابق فيهما الخ) وذلك كما تقدّم من مثال استصحاب وجوب المضىّ للمتيمّم الواجد المعارض باستصحاب الاشتغال وامّا المتعاضدان كاستصحاب الطّهارة المعاضد باستصحاب عدم الحدث.

قوله (حجّة من انكر اعتباره فى الامور الخارجيّة) يستفاد من المتن انّ غاية ما يمكن ان يستدلّ به لهذا القول هو عدم شمول الاخبار للموضوعات وذلك بوجهين الاوّل انّ بيان الحكم فى مثل هذه الامور الّتى ليست حكما شرعيّا ليس من وظيفة الشّارع وفيه انّه ان اريد انكار الاستصحاب فى الامور الخارجيّة اذا كانت هى منشأ الشكّ سواء كان المستصحب نفس الموضوع الخارجىّ او حكمه فيردّه أخبار الباب فانّ اكثرها واردة فى مورد الاشتباه فى الامور الخارجيّة وان أريد إنكار الاستصحاب فيها اذا كانت هى نفس المستصحب بانّ المستصحب لا بدّ وان يكون حكما شرعيّا كلّيا او جزئيّا فيردّه مضافا الى النقض بما كان المستصحب حكما جزئيّا فانّ بيان الاحكام الجزئيّة وتعلّقها بالموضوعات الخارجيّة كبيان تلك الموضوعات ليس من وظيفة الشّارع انّ بيان حكم الموضوعات المشتبهة من حيث الاشتباه من وظيفة الشارع فانّه حكم كلّى كما انّ حكم المشتبه حكمه الجزئىّ حكم كلّى من وظيفة الشّارع كيف وجميع الامارات الشرعيّة الجارية فى الموضوعات كالبيّنة ونحوها مجعولة من الشارع لمعرفة حال الموضوعات المشتبهة من حيث انّها كذلك الثانى عدم قابليّة المستصحب للجعل اذا كان من الامور الخارجيّة حتّى يشمله اخبار الباب وهذا الوجه يغاير الوجه الاوّل وان امكن ارجاعه الى عدم كونه وظيفة للشارع من اجل عدم قابليّته للجعل وفيه انّ الاحكام ايضا ليست من الافعال الاختياريّة للمكلّف حتّى يكون قابلة للجعل كما مرّ فى معنى النقض بل ابقاء الوجوب بعد عدمه واقعا من ابقاء غير الواقع فلا بدّ ان يكون المراد من ابقاء الحكم المتيقّن هو البناء عليه عملا لا جعل المثل ولا سائر الآثار واذا كان المراد من الاستصحاب هو البناء العملى جرى ذلك فى الموضوعات ايضا ويكون المراد من استصحاب طهارة الثّوب ورطوبته بناء العمل فى حال الشكّ بوجودهما على طبق العمل فى حال اليقين وهذا هو معنى عدم النقض كما انّ معنى النقض هو البناء على مقتضى الشكّ عملا والحاصل انّ الشارع جعل للمشكوك وجوده حكما من حيث الشكّ كما جعل للمتيقّن وجوده حكما من حيث عنوانه وواقعيّة والمجعول عند الشكّ بناء العمل فى المشكوك على طبق عمله السّابق والفرق انّ الاوّل حكم واقعىّ بخلاف البناء عملا على طبق العمل السابق من حيث الشبهة فانّه حكم ظاهرىّ فى مورد الشكّ ومن لم يجر الاستصحاب فى الامور

٥٣٢

الخارجيّة او الاحكام الجزئيّة لا بدّ له ايضا من حكم من حيث الشكّ والشبهة وهو البراءة او الاحتياط قوله وحكاه فى حاشية له عند كلام الشّهيد) وجه حكاية الحجّة هو انّ بعد ذكر الحجّة من منع شمول الاخبار للامور الخارجيّة قال وهذا ما يقال من انّ الاستصحاب فى الامور الخارجيّة لا عبرة به قوله لكن مقتضى التدبّر اجراء الاستصحاب على وجه التعليق) وذلك نظير ما يقال فى ماء الزبيب اذا غلا واشتدّ من انّه لو كان ماء العنب وغلا تنجّس وفى صلاة المسافر بعد دخول الوقت انّه لو صلّى حاضرا لصلّى تماما فيستصحب الملازمة الموجودة فيهما وسيأتى تفصيله قوله (ولا يغنى عن ذلك اجراء الاستصحاب فى نفس الآثار) ما ذكره قدس‌سره فى حرمة مال زيد يريد به كون الحرمة محمولة على مال زيد بوصف انّه حىّ بالنّسبة الى وارثه وامّا بالنّسبة الى غيره فهى محمولة على ماله لكونه مال الغير واذا شكّ فالمستصحب هو مال زيد بل نفس الشكّ يكون كافيا لها لانّ حليّة مال الغير يحتاج الى سبب والشكّ فى سبب الانتقال كاف فى الحرمة بل قد يقال بذلك ايضا فى حرمة مال زيد بالنّسبة الى وارثه فانّ سبب الانتقال هو الموت فى حال حيوة الوارث والشكّ فيه كاف فى حرمة ماله ولا يحتاج الى الاستصحاب حتّى يقال انّها محمولة على مال زيد بوصف انّه حىّ ومع الشكّ لا يقين بالموضوع الّا ان يقال بجريان الاستصحاب مع ذلك ايضا ولكنّه خلاف مسلكه ره فى نظائر المسألة نعم بالنّسبة الى زوجة زيد الغائب لا بدّ فى عدم جواز العقد عليها من استصحاب حياته لانّ عدم جواز العقد محمول على كونها ذات بعل ولا يحرز الّا باستصحاب الحياة ولا يكفى استصحاب نفس الحرمة المتيقّنة سابقا اللهمّ إلّا ان يقال باستصحاب عدم جواز العقد على هذه الزوجة الّذى كان متيقّنا سابقا من دون حاجة الى استصحاب حيوة زيد من جهة انطباق ذلك على كونها زوجة زيد وكذلك فى سائر الموارد من اشباه المقام وعلى اىّ حال فلا اشكال فى جريان الاستصحاب فى الامور الخارجيّة وانّ استصحاب الموضوع من الاستصحاب السّببى قوله (وعدم جعله ناقضا لليقين زوال الشكّ المسبّب به فافهم) يمكن ان يكون اشارة الى انّ ما ذكره من انّ فى مورد جريان الاستصحاب فى الامر الخارجى لا يجرى استصحاب الاثر المترتّب عليه لعدم احراز الموضوع فى ردّ الكلام المتقدّم من انّ استصحاب الامور الخارجيّة لا يظهر له فائدة لانّ استصحاب الآثار المترتّبة عليه يغنى عن استصحاب نفس الموضوع هل هو من حيث لزوم احراز الموضوع بالدقّة العقليّة ام هو بناء على كفاية المسامحة العرفيّة وعلى الاوّل فلا اشكال فى صحّة ما ذكره فى جميع المقامات لوضوح انّ كلّما شكّ فى بقاء الحكم الشرعى من جهة الشكّ فى بقاء موضوعه يكون الموضوع مشكوك البقاء ولم يكن محرزا وامّا على القول بالثانى فقد يجرى فى بعض المقامات استصحاب الحكم وذلك كما فى شكّ الحائض فى ارتفاع الحيض عنها فانّ العرف يرى الموضوع ذات المرأة مع قطع النظر عن وصف

٥٣٣

الحيضيّة فيجرى استصحاب حرمة العبادة وغيرها من الاحكام الشرعيّة المترتّبة على عنوان الحائض فلا يصحّ ما ذكره فى جميع المقامات وان كان يندفع على هذا القول ايضا الكلام المتقدّم لوضوح انّ العرف لا يتسامح فى جميع موارد الشكّ فى بقاء الموضوع والسّلب الجزئىّ يكفى فى رفع الايجاب الكلّى وبالجملة اراد الاشارة الى انّ ما ذكره من عدم جريان استصحاب الاثر والحكم فيما كان الشكّ من جهة الموضوع لا يكون على القول الثانى بنحو السّالبة الكليّة كما هو ظاهر العبارة وامّا الجواب الأخير وهو جريان الاستصحاب فى الشكّ السّببى دون المسبّبى فلازمه عدم استصحاب الحكم المسبّب عن الشكّ فى الموضوع فى جميع المقامات من دون تبعيض ويصحّ ما ذكره من انّ فى مورد جريان الاستصحاب فى الامر الخارجى لا يجرى استصحاب الاثر المترتّب عليه فى جميع المقامات ويمكن ان يكون اشارة الى وجه آخر فى ردّ توهّم انّ استصحاب الآثار المترتّبة على الموضوع المشكوك يغنى عن استصحاب الموضوع غير ما افاده من الوجهين وهو ثبوت موارد من الشكّ فى الموضوع لا يصحّ استصحاب الاثر قطعا ولا بدّ من استصحاب نفس الموضوع منها ما لو تعارض استصحابان حكميّان وكان مع احدهما استصحاب موضوعىّ ومنها ما لو ثبت حكم لموضوع مغيّا بغاية وشكّ فى حصولها فانّه يستصحب الموضوع المغيّى او عدم حصول الغاية ولا اشكال فى عدم الرجوع الى استصحاب نفس الحكم الثابت.

قوله (وامّا القول الخامس وهو التفصيل الخ) الظاهر من الاخباريّين انكار الاستصحاب فى نفس الحكم الشرعى ان كان منشأ الاشتباه الحكم الكلّى اى جعل الشارع ولو كان المستصحب من الاحكام الجزئيّة وحجيّته ان كان منشأ الشكّ والاشتباه الحكم الجزئىّ او الامور الخارجيّة وذلك بناء على اصلهم من لزوم الاحتياط فى الشبهة الحكميّة دون الموضوعيّة ونحوها ويستندون لهذا التفصيل بعدم شمول اخبار الاستصحاب لما يكون منشأ الاشتباه الشكّ فى الحكم الشرعىّ الكلّى وباخبار التوقّف والاحتياط وقد حكى عن المحدّث الحرّ العاملى انّه قال فى فوائده انّ اخبار الاستصحاب غير شاملة له لانّ المستفاد منها هو عدم نقض اليقين بالشكّ وحده وفى الشبهات الحكميّة لو نقض اليقين فليس النقض بالشكّ بل بالشكّ واليقين والنقض بهما ليس نقضا بالشكّ وحده قال فى محكيّه بيان ذلك انّ منشأ الشكّ فى الشبهات الحكميّة انّما يكون باعتبار حدوث امر لم يكن قبله شكّ فى بقاء الحكم كحدوث المذى فى استصحاب الطهارة وزوال التغيّر فى استصحاب نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره ونحو ذلك وهذا الامر الحادث موجب للشكّ فى بقاء الحكم السابق فلو نقض الحكم السابق لكان ذلك نقضا بهذا الامر الحادث اليقينىّ وبالشكّ معا لا بالشكّ وحده وهو ظاهر انتهى والجواب أوّلا بالنقض بما اذا كان الشكّ فى رافعيّة الحادث من الشكّ فى الشبهة المصداقيّة كما اذا حدث رطوبة لم يعلم انّها بول او غيره فانّ النقض هنا ايضا مستند الى الشكّ والحادث

٥٣٤

اليقينىّ مع انّه يعترف بشمول الاخبار له وثانيا بأنّ المناط فى الاستصحاب هو عدم نقض اليقين الّا بيقين لقوله ع ولا تنقض اليقين الّا بيقين مثله وقوله ع ولكن تنقضه بيقين آخر وفى المثال المذكور لم يتحقّق نقض اليقين باليقين وثالثا أنّ الامر الحادث ليس ممّا ينقض به اليقين لانّ نقض اليقين السابق وعدم البناء عليه عملا لا يعقل الّا بالشكّ فى اليقين السّابق او بيقين على خلافه والّا فرفع اليد عن اليقين السابق بدونهما ترك للحكم ومخالفة له فالمقصود من عدم النقض بالشكّ هو عدم البناء على مقتضاه من التردّد والامر الحادث بنفسه لا يوجب نقضا لليقين اصلا وذلك واضح والمحكىّ عن الامين الأسترآبادي فى وجه عدم شمول الاخبار لابقاء الحكم الكلّى أمران الاوّل انّ المستفاد من الاخبار لزوم كون متعلّق اليقين والشكّ امرا واحدا بحيث يكون القضيّة المتيقّنة هى بعينها المشكوكة حتّى لو احتمل كون الزمان جزء للمحمول او الموضوع فلا بدّ من اعتبار الاتّحاد فيه ايضا وعليه فلو اختلفتا محمولا او موضوعا لم يجر الاستصحاب وكان ابقاء الحكم فيه الحاق موضوع بموضوع آخر متّحد معه بالذّات ومغاير بالقيوم والصّفات وكان بالقياس اشبه والاستصحابات فى الاحكام الكليّة جميعها كذلك الثانى لزوم تقديم اخبار الاحتياط والتوقّف واجاب المصنّف عن الاوّل أوّلا بالنقض بالموارد الّتى ادّعى الاجماع والضّرورة على اعتبار الاستصحاب فيها وثانيا بالحلّ وانّ ابقاء الحكم فى فرض الشكّ فى الرافع فرض لعدم ايجاب التقييد فى القضيّة اذ ليس عدمه حينئذ معتبرا فى حدوث المتيقّن السّابق حتّى يكون انتفائه بانتفائه والقضيّة المتيقّنة بعد ما حدث الرّافع المشكوك حكمه كالمذى مثلا لم يكن مغايرا للقضيّة المشكوكة فى شيء من الاشياء فهو كما اذا حصل الشكّ فى حصول الرافع المعلوم الرافعيّة او فى رافعيّة الحادث المشتبه من حيث المصداق فانّ المناط فى تعدّد القضيّة واتّحادها وتعدّد الموضوع واتّحاده هو التعدّد والاتّحاد فى كلام الشّارع ومن الواضح انّ موضوع المستصحب ونفسه ليس مقيّدا بعدم الرافع ولم يكن الحكم فى الحالة السابقة مترتّبا على المتطهّر الّذى لم يخرج عنه الوذى حتّى يتبدّل الموضوع بحدوثه والّا لما حصل الشكّ بل على نفس المتطهّر والقضيّة ليست الّا كون المكلّف متطهّرا فى حال اليقين ومتطهّرا فى حال الشكّ وبحكم النصّ يكون الحكم فى الزمان الثانى هو الطهارة السّابقة المعلومة نعم بقاء الحكم السابق انّما هو لعدم وجود الرافع وهذا ليس بضائر لانّه ليس هو المستصحب وامّا احتمال كون الزّمان او الحال قيدا للموضوع او المحمول او انّ لهما مدخليّة فى بقاء الحكم الاوّل فلا يضرّ فى بقاء الموضوع لانّ المحكّم فى احراز الموضوع من الادلّة وبقائه هو نظر العرف وستعرف فى محلّه انّ بقاء الموضوع يتبع عنوانه المستفاد من الادلّة عرفا وكذلك النقض والبقاء فانّهما بنظر العرف فالمدار فى اتّحاد القضيّتين هو العرف ولو مسامحة كما فى بعض الموضوعات والمستصحبات الغير القارّة كالزمان

٥٣٥

وليس المراد من المسامحة ما يتبادر منها بدوا بل المراد منها عدم كون العنوان فى الموضوع الماهيّة على ما هى عليه بحسب الدقّة العقليّة بل العنوان فيه هو ما يراه العرف وأجاب عن الثانى أوّلا بعدم دلالة الاخبار على وجوب الاحتياط وقد تقدّم فى بحث اصالة البراءة انّ اخبار الاحتياط لا يدلّ على وجوب التحرّز وجوبا شرعيّا بل مفاد بعضها الاستحباب وجملة منها الطلب الإرشادي وثانيا بأنّ اخبار الاستصحاب حاكمة على ادلّة الاحتياط على تقدير الدلالة ولا يخفى ما فى التعبير من المسامحة فانّ اخبار الاستصحاب واردة على تلك الادلّة ورافعة لموضوع البراءة والاحتياط ولا بأس بتوضيح الكلام فى بيان ما اوقع الجماعة فى توهّم المنع عن جريان الاستصحاب فى الاحكام الكليّة وبيان الشبهة باحسن ما يمكن تقريره بحيث يكشف حقيقتها ويرفع ابهامها فنقول من الواضح لزوم كون الموضوع والمحمول فى القضيّة المتيقّنة وفى القضيّة المشكوكة متّحدين فى باب الاستصحاب بان يكون الشكّ حاصلا فيما هو مقطوع الثبوت اوّلا لم يكن الشكّ فى البقاء وكان شكّا فى الحدوث وهذا الامر موجود فى استصحاب الموضوعات بلا اشكال فاذا قطع بحياة زيد فى يوم السّبت وشكّ فيها فى اليوم اللاحق يستصحب حياته وأمّا استصحاب الاحكام الالهيّة فقد يتوهّم انّه لا يعرض الشكّ على مورد اليقين ويكون الشكّ دائما فى وجود الموضوع لا فى حكمه لانّ الحكم لا يتخلّف عن موضوعه واذا احرز ذلك الوجود الخاصّ الّذى لوحظ حين جعل الحكم وتشريعه قطع بثبوت حكمه ويمتنع ان يرتفع الّا بنحو البداء المستحيل فى حقّه تعالى فلا يكاد يحصل الشكّ فى الحكم الشرعى الّا عند عدم احراز موضوعه بان يكون الموضوع فى الحالة اللاحقة فاقد الامر وجودىّ او عدمىّ اعتبر فيه شرطا او شطرا لوضوح انّ كلّ حكم من الاحكام الالهيّة وضعيّا ام تكليفيّا لا بدّ له من موضوع محدود معيّن من غير فرق بين ان يكون تشخيصه وتحديده بالاطلاق او التّقييد كيف لا والشّارع العالم بعواقب الامور يعلم حدود موضوعات احكامه من الزمان والمكان والموانع والقواطع والشرائط والاجزاء بحيث لو سئل عنه من هذه الخصوصيّات لاجاب عنه بالاعتبار او عدمه فالشكّ فى الحكم الشرعىّ لا يكون الّا من جهة فقدان ما له دخل فى ترتّب الحكم والّا لا يحصل الشكّ فالماء الكرّ المتغيّر بالنّجس الّذى زال تغيّره من قبل نفسه اذا شكّ فى نجاسته لا يكون مورد الشكّ هو مورد اليقين فانّ الحكم بالنّجاسة ان كان للماء الّذى حدث فيه التغيّر فمع زواله نقطع بنجاسته ايضا لانّ الموضوع باق ويستحيل ان يرتفع منه حكمه وان كان للماء ما دام متغيّرا فمع زواله نقطع بطهارته نعم يمكن الشكّ فى غير الاحكام الشرعيّة من احكام سائر الموالى لامكان رفع المولى حكمه فى الزمان الثانى مع بقاء الموضوع على ما هو عليه وذلك لامكان البداء فى حقّهم ولا يمكن ذلك فى الاحكام الشرعيّة سواء قلنا فيها بكون المصلحة فى نفس الحكم او فى متعلّقه فانّ الحكيم تعالى اذا التفت الى جعل حكم فلا محيص عن تعيين موضوعه

٥٣٦

وان كانت لحكمة خارجيّة ومصلحة فى نفس الحكم ولا يتعلّق حكمه بموضوع غير معيّن واذا عيّنه وحدّده فلا مجال لارتفاع حكمه والّا لزم تخلّف المعلول عن علّته ولذا كان النّسخ دفعا واخبارا عن امد الحكم لا رفعا ومن ذلك يظهر عدم اختصاص لزوم تحديد الموضوع بالشارع الحكيم بل كلّ حاكم لا بدّ له من ملاحظته وتعيينه غاية الامر انّ غير العالم بعواقب الامور يتخيّل سعة حدوده او ضيقه فيلاحظه كذلك ثمّ ينكشف لديه خلاف ذلك بخلاف العالم لا يقال انّ هذا يتمّ لو كانت القيود راجعة الى المادّة ولكنّ المشهور وهو المنصور رجوع القيود فى الواجب المشروط الى الحكم والهيئة دون الموضوع والمادّة ومعه كيف يكون الشكّ فى الحكم الشرعى من جهة الشكّ فى بقاء موضوعه فلو قال مثلا ان جاءك زيد اكرم عمرا وشكّ فى الحالة الثانية وهى بعد المجيء فى وجوب اكرامه ايضا وعدمه فليس منشأ الشكّ فيه هو الشكّ فى بقاء الموضوع حيث انّ الموضوع باق على ما كان بل انّما هو لعدم وجود قيده فى الحالة الثانية فانّه يقال الواجب بجميع اقسامه من المشروط والمعلّق والمطلق لا فرق فيه من هذه الجهة وهو لزوم كون موضوع الحكم ومتعلّقه محدودا ومشخّصا ومع احرازه بجميع خصوصيّاته فى الزمان اللّاحق لا موقع للشكّ ح فى الحكم واذا شكّ فيه فلا بدّ من ان يكون من جهة عدم احراز الموضوع وما ذكرت من كون منشإ الشكّ عدم تحقّق قيد الحكم فبطلانه اوضح من ان يخفى فانّ ثمرة الفرق بين كون القيد راجعا الى الهيئة او الى المادّة انّما هو فى لزوم تحصيل القيد وعدمه والّا فمن الواضح انّ الموضوع وهو ذات زيد يكون له حالات مختلفة وعوارض متشتّتة من الصحّة والمرض والسفر والحضر والقيام والقعود والمجيء وعدمه ولا بدّ ان يقدّر هذا الذّات امّا بجميع حالاته ليكون الاطلاق قيدا له وامّا ببعض حالاته ليكون الموضوع هو زيد الصّحيح دون المريض مثلا وعلى هذا اذا احرز الموضوع بما قدّر له فالحكم ثابت له واذا لم يحرز يحصل الشكّ فى الحكم من جهة عدم احراز بعض حدوده وقيوده هذا غاية ما يمكن ان يقال فى تقرير الشبهة والجواب ما عرفت من كفاية اتّحاد القضيّتين موضوعا ومحمولا بنظر العرف فانّ ما يستفاد من الاخبار من عدم نقض اليقين بالشكّ ينطبق على هذا الاتّحاد العرفى على وجه الدقّة والحقيقة واذا كان المفهوم العرفى منه منطبقا على هذا الموضوع العرفى على وجه الحقيقة كان كاشفا عن كفاية الاتّحاد عرفا وكذلك الاجماع لو تمّ فانّه قائم على معنى يكون موضوعه هو الموضوع العرفى وكذلك بناء العقلاء وسيرتهم فانّ بنائهم على البقاء فيما شكّ فى بقائه اذا كان بعض ما عليه الموضوع من الخصوصيّات معدودا فى نظر العرف من حالاته وان كان واقعا من مقوّماته وكذلك لو قلنا باعتباره من باب الظّن النوعى والغلبة فانّه يدّعى كون الغالب فى هذه الخصوصيّات المعدودة من حالات الموضوع فى نظر العرف بقائها ومعه يظنّ ببقاء الحكم والظّن يلحق الشّيء بالاعمّ الأغلب وبالجملة لمّا كان الاتّحاد بنظر العرف كافيا فى تحقّق الموضوع وفى

٥٣٧

صدق الحكم ببقاء ما شكّ فى بقائه وكان بعض ما عليه الموضوع من الخصوصيّات الّتى يقطع معها بثبوت الحكم له ممّا يعدّ من حالاته عرفا وان كان من حدوده ومقوّماته واقعا كان جريان الاستصحاب فى الاحكام الشرعيّة الثابتة لموضوعاتها عند الشكّ فيها لاجل طروّ انتفاء بعض ما احتمل دخله فيها تامّا من دون ريب وشبهة من دون تفاوت فى ذلك بين كون دليل الحكم نقلا او عقلا أمّا اذا كان نقلا فلا اشكال فى انّ الموضوع العرفىّ باق فى الحالة الثانية فيستصحب حكمه كما اذا دلّ الدّليل على نجاسة الماء الكثير المتغيّر ثمّ زال تغيّره من قبل نفسه فانّ العرف يحكم ببقاء الموضوع فى زمان زوال التغيّر ويصحّ عنده ان يقال كان هذا الماء نجسا فيحكم بنجاسته فى الحالة اللاحقة ايضا لمكان اليقين السّابق مضافا الى ثبوت الاتّحاد موضوعا بالنّظر الى لسان الدّليل وواضح أنّ ما كان موضوعا فى لسان الدّليل ليس بلازم ان يكون متّحدا بنظر العرف فى القضيّتين فاذا حكم الشارع بعدم جواز التوضّى من الماء اذا تغيّر كان الموضوع هو الماء دون الماء المتغيّر ويكون الموضوع فى الحالة الثانية هو المأخوذ موضوعا فى الحالة الاولى وكان التغيّر فى الدليل حالا من احواله وأمّا إذا كان عقلا فقد تقدّم فى المتن انّ الحكم الشرعىّ المعلوم من الحكم العقلى لا يجرى فيه الاستصحاب لانّ الحكم الشرعىّ ح دائر مدار ذلك المناط ولا يحرز الموضوع الّا بحسب حكم العقل ومع الشكّ فى الحكم يكون شكّا فى الموضوع ولكنّه ممنوع فانّ الحكم الشرعى اذا كان منشائه حكم العقل فبواسطة طروّ انتفاء بعض ما عليه الموضوع من الخصوصيّات يحصل الشكّ فى بقاء الحكم الشرعى المستكشف وانتفاء الحكم العقلى بالوجدان لا يوجب القطع بانتفاء الحكم الشّرعى وذلك لاحتمال ان يطّلع العقل على مصلحة فعل او مفسدته مع العجز عن تعيين ما له دخل من الخصوصيّات فى الحكم ومن الممكن عدم دخل الخصوصيّة المتيقّنة فى ثبوت الحكم فيكون ما هو الملاك واقعا للحكمين فى الحالة السّابقة باق فى الحالة اللّاحقة وان لم يدركه العقل الّا فى الحالة السّابقة فربّ خصوصيّة لها دخل فى استقلال العقل مع احتمال عدم دخله فبدونها لا استقلال له بالحكم مع احتمال بقاء ملاكه واقعا وحينئذ يحتمل بقاء حكم الشرع او احتمال ان يكون هناك ملاك آخر بلا دخل لتلك الخصوصيّة فيه فالحكم الشرعى اذا استكشف من العقل لا ينافى كون موضوعه شرعا اعمّ ممّا ادركه العقل ويكون هناك مناطان ادرك العقل احدهما فى الحالة السابقة وبقى الحكم الشرعى بمناطه الاعمّ فاذا حكم العقل بقبح الصّدق الضّار وحكم الشرع بحرمته بالتلازم فالحكم العقلى غير قابل للاستصحاب عند الشكّ فى بقاء الضّرر ولا مانع من استصحاب الحرمة وبالجملة عدم استقلال العقل الّا فى حال غير ملازم لعدم حكم الشرع فى حالة اخرى والملازمة بين الحكمين انّما تكون فى مقام الاثبات حيث يستكشف من حكم العقل بشيء قطعا حكم الشرع به كذلك لا فى مقام الثبوت والحكم الشرعى

٥٣٨

قد يكون بواسطة احد الاحتمالين مشكوكا واذا عرضنا مثل هذه القضيّة مع القضيّة المتيقّنة على العرف يحكم بانّ الموضوع والمحمول فيهما متّحدان وانّه شكّ فى البقاء لا فى الحدوث فيكون من مصاديق قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ فما يقال تارة من انّ فى الحالة الثانية نقطع بارتفاع الحكم الاوّل ونشكّ فى حدوث حكم آخر واخرى بتبدّل الموضوع ممّا لا يصغى إليهما نعم يمكن ان يكون انتفاء الخصوصيّة فى بعض الموارد موجبا لتغاير القضيّتين بحسبهما فى نظر العرف وح فلا مجرى للاستصحاب وما ذكرناه انّما هو فيما لم يكن انتفاء بعض ما عليه الموضوع من الخصوصيّة موجبا للتغاير فى نظر العرف قوله وما ذكره اوّلا قد استدلّ به) اى اختلاف موضوع المسألتين قوله (فيرد عليه اوّلا النقض بالموارد الّتى الخ) انّ استصحاب الزمان شايع بين الاخباريّين مع وضوح كونه تدريجىّ الحصول غير قارّ الذّات فإن قيل استصحاب نفس الزمان كذلك ولكن ليس منه استصحاب اللّيل والنّهار وعدم الطّلوع والغروب وعدم مجيء الظّهر الى غير ذلك فانّ لكلّ منها معنى قابلا للبقاء والاستمرار فى الجملة فانّ استتار القرص وعدمه وقيامه وسط النّهار وزواله عنه وعدمه معنى قابل للبقاء الى زمان الشكّ فاذا علمنا بطلوع الشمس وبروزها او غروبها وخفائها او زوالها عن وسط النّهار صحّ ان يقال الاصل بقاء بروز الشمس او غروبها او عدم غروبها فيفرض مجموع ما بين حالتى اليقين والشكّ يوما او ليلة فلا حاجة الى استصحاب نفس الزمان حتّى يرد المحذور قيل هذه كلّها امور منتزعة من السّير الظاهرى للشّمس تابعة له وعناوين مأخوذة عنه فاذا لم يصلح اصل السّير للاستصحاب فكذا توابعها فإن قيل ليس الغرض من استصحاب الزّمان الّا ترتيب آثاره الشرعيّة والحكم ببقاء احكامه من وجوب الصّوم والصّلاة وجواز الاكل والشّرب فانّ الشارع اعتبر عدّة اجزاء من الزمان امرا واحدا لتعليق الحكم الشرعى عليه والموضوع والحكم بهذا المعنى قابل للبقاء فلا يضرّ عدم جريان الاستصحاب فى نفس الزّمان قيل مضافا الى ما تقدّم من انّه لا معنى لاستصحاب الحكم عند الجهل بموضوعة انّ الموضوع اذا علمنا بعدم صلوحه للبقاء لتبدّله آنا فآنا فبطلان اجراء الاستصحاب فى حكمه فى غاية الوضوح والحاصل انّ الزّمان وجميع ما يتبعه من الآثار والعناوين ممّا لا يصحّ اجراء الاستصحاب فيه قوله (وان كان دون الاوّل فى الظّهور) لانّه كما عرفت وان كان امرا منتزعا من الزّمان وكان بحسب المناط وانّه من الاشياء الغير القارّة بحسب الوجود مثل الزّمان ولكنّه من حيث انّه زمانىّ وامر يوجد فى الزّمان والزّمان يؤخذ اصلا فى الاشياء الغير القارّة بحسب الوجود كان دونه فى الظّهور قوله (وثانيا بالحلّ بانّ اتّحاد القضيّة) هذا مضافا الى انّ الدقّة العقليّة غير مضرّة باستصحاب عدم المانع لعدم دخول المانع باقسامه فى ذات المستصحب بحيث كان موضوعا او جزء موضوع كما فى الاستصحاب عند الشكّ فى المقتضى فانّ

٥٣٩

المانع شيء خارج عن حقيقة المستصحب وماهيّته ووجود كل غير وجود الآخر وانّما يكون المانع على تقدير العلم بتحقّقه مؤثّرا فى رفع وصف من اوصاف المقتضى ورافعا لاثره لا مانعا عن وجوده بمعنى انّه يمكن فرض تحقّق كلّ من الموضوع المقتضى للاثر وتحقّق مانعه وعلى فرض تحقّقهما معا يرفع المانع بعض آثار المقتضى والّا فعلى ما يقوله الخصم لا بدّ ان لا يجتمع وجود ذات المقتضى مع وجود ذات المانع كما انّ وجود المقتضى لا يمكن مع فقد بعض اجزائه وهو بديهىّ البطلان فعلى فرض لزوم اتّحاد القضيّتين وبقاء الموضوع بالدقّة العقليّة لا ضير فى تحقّق ذات الموضوع بجميع القيود الرّاجعة اليه ودفع احتمال وجود المانع المغاير له فى الماهيّة والوجود بالاصل لعدم رجوعه الى قيود الموضوع فلو بنى على عدم كفاية الاتّحاد العرفى وصدق بقاء الموضوع عرفا مع انّه لا قائل به عند التحقيق لزم التفصيل بين الشكّ فى المقتضى ومطلق الشكّ فى المانع ولا وجه للتّفرقة بين الحكم الكلّى وغيره مع انّ غرضه تخصيص مورد الاستصحاب بغير الاحكام الكليّة والحاق استصحاب الشكّ فى المانعيّة وصدق المانع باستصحاب الشكّ فى المقتضى وهذا مع قطع النظر عمّا هو المختار من انّ اخراج استصحاب الشكّ فى المقتضى عن مدلول الاخبار لا وجه له قوله (نعم قد يتحقّق فى بعض الموارد الشكّ الخ) قد علمت انّ المناط فى اتّحاد القضيّتين هو نظر العرف واحتمال مدخليّة الزمان او الحال فى الحكم لا يعتنى به اذا لم يفهم ذلك عرفا وقد يشكل الفرق بين كون الزمان او الحال قيدا او علّة للبقاء او انّ لهما مدخليّة فى البقاء وكون الزمان ظرفا للحكم وثبوته ويصعب الأمر حينئذ على من يشترط العلم بعدم كون الزمان او الحال قيدا للموضوع لعدم القطع ببقاء الموضوع والمصنّف خصّ الاشكال بالشكّ فى مدخليّة الحالة المتبدّلة فى الموضوع ولم يذكر الشكّ فى مدخليّة الزّمان مع انّها اقرب احتمالا فى بعض الموارد لمدخليّة الزّمان فى مصلحة الحكم غالبا ولعلّ الوجه فى تخصيصه هو سبق مثال الخيار والشفعة ويحتمل ان يكون الوجه ما سيجيء من انّ الاحتمال بالنّسبة الى الزمان من الشكّ فى المقتضى وليس الاستصحاب عنده حجّة فيه قوله (وامّا ما ذكره ثانيا من معارضة قاعدة اليقين الخ) فيجاب عن اخبار التوقّف بانّ التوقّف انّما هو بالنّسبة الى الحكم الواقعى ولا منافات بينه وبين البراءة والاستصحاب بالنّسبة الى الحكم الظاهرى مع انّ اخبار التوقّف مغيّاة بالسئوال وملاقاة الامام عليه‌السلام وقد سئل فاجاب بالاستصحاب فى موارده وبذلك يرتفع موضوع اخبار التوقّف وعن أخبار الاحتياط بضعف السند اوّلا والدّلالة ثانيا لانّ مضمونها الارشاد والامر بما يقتضى سقوط احتمال الوقوع فى الضّرر والعقاب فاذا آمننا الشارع بعدم العقاب فى مورد البراءة والاستصحاب ارتفع موضوع الاحتياط.

٥٤٠