تسديد القواعد في حاشية الفرائد

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري

تسديد القواعد في حاشية الفرائد

المؤلف:

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٩

من طهارتك فشككت هو اليقين والشكّ المتعلّقان بشيء بل المركوز فى الاذهان من اطلاق اليقين والشكّ هو ما تعلّقا بشيء واحد ومن هنا يقال انّ قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ ظاهر فى النهى عن نقض اليقين بالشكّ المتعلّق بما تعلّق هو به وح فالنقض المنهىّ عنه هو نقض اليقين بالطهارة بهذا الشكّ المتاخّر والشكّ فى رافعيّة شيء لشيء قبل تعلّق اليقين بوجوده وان كان متقدّما عليه الّا انّ استناد النقض ليس الى ذلك الشيء حتّى لا يعقل النقض بالشكّ بل النقض مستند الى الشكّ المتعلّق بما تعلّق به اليقين السّابق بسبب وجود ما يشكّ فى رافعيّته والشكّ فى رافعيّة شيء قبل تعلّق اليقين بوجوده لا ينافى تحقّق حصول الشكّ المتعلّق بمتعلّق اليقين بعد اليقين بوجود ذلك الشيء فوجود الشيء المشكوك رافعيّته يكون محقّقا لحصول هذا الشكّ المتاخّر لا محقّقا لحصول النقض الثانى انّ نقض اليقين بشيء كالطهارة مثلا لا يعقل ان يكون مسبّبا عن اليقين بوجود ما يشكّ فى رافعيّته بل نقض اليقين امّا بسبب الشكّ او باليقين بخلافه الثالث أنّ ظاهر قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ ولكن تنقضه بيقين آخر هو نقضه بيقين متعلّق بخلافه وليس فى الفرض يقين بالخلاف حتّى ينقض به ويمكن ايضا ان يجاب بوجهين آخرين الاوّل انّ الشكّ فى رافعيّة شيء لشخص الحكم لا يكون الّا متاخّرا عن وجود ذلك الشيء المشكوك كما انّ وجود ذلك الشّيء لا يكون الّا بعد اليقين بشخص الحكم وما فرض حصوله قبل تحقّق شخص الحكم هو الشكّ فى النوع وليس ذلك مناط الاستصحاب الثاني انّ الظّاهر من اليقين فى اخبار الباب هو اليقين الفعلى وعليه فالمراد من عدم نقضه بالشكّ هو عدم نقضه بالشكّ المتعلّق به فعلا والشكّ فى رافعيّة شيء على تقدير تحقّقه ليس له مساس بما هو مناط الاستصحاب إلّا ان يقال انّ ما تعلّق بشخص الحكم هو نفس ما كان حاصلا قبل وجود الشيء المشكوك رافعيّته غايته انّه تحقّق بشخصيّته بعد ما كان حاصلا بكليّته وانّ الموجود فعليّة النقض بسبب وجود ما هو محقّق للنقض ويمكن ان يقال انّه ان اراد بعدم صدق النقض الّا فى صورة الشكّ فى وجود الرّافع انّ مع تقدّم الشكّ عن اليقين لا يتحقّق النقض به فهو كما ترى لانّ تقدّم ذات الشكّ لا يقتضى ذلك وليس تاخّره ملاكا اصلا مع انّه قد يفرض حصول الشكّ فى ما يشكّ فى رافعيّته متاخّرا عن وجوده لعارض ولا يلتزم باجراء الاستصحاب وقد يفرض الشكّ فى وجود الرافع متقدّما كما اذا شكّ فى نسخ الحكم المعيّن عند حضور وقت العمل قبل حضوره وان اراد بعدم صدق النقض بالشكّ عدم استناده اليه بل الى وجود ما يشكّ فى رافعيّته فقد علم جوابه ممّا سبق من انّ وجود ما يشكّ فى رافعيّته سبب لحصول الشكّ الناقض ضرورة انّ الشكّ لا بدّ له من منشإ حتّى الشكّ فى وجود الرافع قوله (وقد يتوهّم انّ مورد صحيحة زرارة الخ) نقل هذا عن صاحب الضوابط قوله (فالنقض به لا بالشكّ فيه فتامّل) وجهه انّ الفرق بين المقامين واضح اذ لا بدّ ان يكون الشيء

٥٦١

المتيقّن الوجود بنفسه قابلا للمانعيّة والنقض وهذا معنى الشكّ فى رافعيّته وسبب الشكّ فى وجود الرافع ليس كذلك.

قوله (وحسنة ابن المغيرة وموثّقة ابن يعقوب) الدالّتان على على كفاية التنقية واذهاب الغائط قوله (قلت الظاهر انّ المراد من عدم نقض اليقين بالشكّ انّه عند التعارض لا ينقض به) توضيح ما استظهرناه انّ معنى النقض الرفع والابطال ورفع الشيء لا يتحقّق الّا بعد وجوده ومعارضته مع نقيضه وهذا لمّا لم يمكن بالنّسبة الى نفس اليقين والشكّ لعدم اجتماعهما فى زمان واحد فلا بدّ ان يراد به ما هو اقرب الى هذا المعنى وليس ذلك هو لحاظ الاتّحاد بالنّسبة الى قضيّتى اليقين والشكّ الّا من حيث الزمان بان يكون نجاسة الماء مثلا فى يوم الخميس متيقّنة وفى يوم الجمعة مشكوكة لعدم تحقّق معنى النقض مع اختلاف الزمان بل الاقرب اليه هو ان يكون للدليل المثبت للحكم فى الزمان الاوّل استعدادا للبقاء بان يكون عامّا من حيث الازمان والافراد فانّ الشكّ ح يكون رافعا لاستعداد الدليل المقتضى لليقين لو لا الشكّ بحيث لو لاه كان الدليل موجبا للعموم والشمول وح يتحقّق التعارض بين اليقين والشكّ ويتحقّق معنى النقض وهذا المعنى غير موجود فى استصحاب القوم اذ لا مقتضى للعموم والاستمرار فى مفروضهم وستعرف وجوه المناقشة فى هذا الدليل وما ذكره من قاعدة الاشتغال قوله (لا يخلو عن التاييد للدليل الاوّل فتامّل) يمكن ان يكون اشارة الى ضعف المناقشات فلا اشكال فى انّ المسلّم من الروايات ثبوت الحكم فى الصورتين ويمكن ان يكون اشارة الى ظهورها فى خصوص الصّورتين من دون اجمال فيها فالتمسّك بها فيهما من اجل ظهورها لا من حيث الاخذ بالمتيقّن منها ويمكن ان يكون اشارة الى انّ مع اجمال الروايات وورود بعض المناقشات بحيث لا ظهور لها ولا ما هو المسلّم منها فليس فيها تاييد ايضا للدّليل الاوّل قوله (ومثال الثانى ما نحن فيه) وهو الماء المشتبه فانّ الاناء المعلوم النجاسة تعلّق بها وجوب الاجتناب لانّه شيء علم انّه نجس وبعد زوال وصف العلم صارت مشكوكة فوجوب الاجتناب حينئذ مشكوك ولا امر يقتضى بقاؤه قوله (ثمّ لا يخفى انّ الفرق الّذى ذكرنا) هنا فى النسخ الموجودة سقط فى الكلام والعبارة الاصليّة هكذا ثمّ لا يخفى انّ الفرق الّذى ذكرنا بين القسمين المذكورين وان كان لا يخلو من بعد ولكن بملاحظة ما ذكرنا من انّ اثبات مثل هذا بمجرّد الخبر مشكل الخ وعليه يصحّ الكلام ويكون قوله كانّه يصير قريبا جوابا لقوله ولكن بملاحظة ما ذكرنا قوله (اقول بقاء الحكم الى زمان كذا يتصوّر على وجهين) لمّا كان دليل المحقّق ره على حجيّة استصحابه امرين الاوّل قاعدة الاشتغال والثانى الاخبار شرع المصنّف ره فى الايراد على الدليل الاوّل ونحن نذكر قبل ما اورده المصنّف على حسب ترتيب العبارة ايرادين

٥٦٢

آخرين الاوّل انّ ما ذكره من ارجاع الحكم الوضعى الى الاقتضائى والتخييرى فهو على فرض تسليمه والغضّ عمّا اسلفناه من التفصيل وانّ بعضا من الاحكام الوضعيّة انتزاعيّة وبعضا منها اعتباريّة متاصّلة نقول انّ التكلّم فى الاحكام الخمسة التكليفيّة فى المقام لا يغنى عن التكلّم فى الحكم الوضعى لعدم الملازمة بين صيرورة الحكم التكليفى ذا غاية وصيرورة الحكم الوضعى كذلك وبالعكس وان قلنا برجوعه اليه فانّه قد لا يقيّد شيء منهما بالغاية وقد يقيّد التكليفى بها دون الوضعى وبالعكس وقد يقيّد كلّ منهما بها وهذا على وجهين لانّه قد يختلف الغايتان وقد يتّفقان مثال الاوّل ما اذا قال يجب الوفاء بالعقد مع وقوعه صحيحا فانّ شيئا من وجوب الوفاء وصحّة العقد لم يقيّد بغاية ومثال الثانى ما اذا قال يجوز للمالك التصرّف فى ملكه كيف شاء الّا اذا كان محجورا عليه او قال يجوز للوكيل التصرّف فى ملك الموكّل الى حين العزل ومثال الثالث ما اذا قال انت وكيلى الى يوم كذا فالوكالة حكم وضعىّ ومغيّاة بغلية والحكم التكليفى المترتّب عليه مثل لزوم الوفاء بالعقد من الموكّل او الوكيل وعدم جواز تصرّفهما بعد اجراء العقد من الوكيل غير مقيّد بغاية ومثال الرابع ما اذا كانت الوكالة الى زمان خاصّ وكان لزوم الوفاء بالعقد الى حين فسخ المشترى ان كان بالخيار ومثال الخامس ثبوت الوكالة للوكيل الى يوم كذا وجواز التصرّف الى ذلك اليوم للوكيل وارجاع الحكم الوضعى الى التكليفى انّما يصحّ فى الصّورة الاولى والاخيرة دون غيرهما لاختلافهما من حيث التّقيد بالغاية مثلا اذا تحقّق الوكالة وكانت مطلقة وكانت الاحكام المترتّبة عليها ايضا كذلك فارجاعها الى تلك الاحكام يوجب حصر الحكم فى التكليفى واذا لم يقيّد بغاية كما هو المفروض لا يجرى فيه الاستصحاب عنده ويكون الارجاع فى هذه الصورة مجديا له وكذا اذا تحقّق كلّ من الوكالة والحكم التكليفى كالاذن فى التصرّف مقيّدا بغاية واحدة كالعزل او الموت او النقل الموجب لخروج الملك عن ملك الموكّل ودخوله فى ملك الغير وأمّا في صورة تحقّق الوكالة المقيّدة بالغاية فلا يجدى ارجاعها الى الحكم التكليفى الغير المقيّد بالغاية كلزوم الوفاء بالعقد الواقع من الوكيل صحيحا فعند الشكّ فى الصحّة المستلزم للشكّ فى وجوب الوفاء من الوكيل او المالك كان مقتضى كلام هذا المحقّق عدم جريان الاستصحاب لرجوع الوكالة المقيّدة الى الحكم التكليفى وعدم تاصّلها والمفروض عدم تقيّد ذلك الحكم بغاية ولا يقول بالاستصحاب ايضا فى امثاله مع انّ الظاهر عدم التزامه بذلك وانّه لا ينكر الاستصحاب فى امثال ذلك الحكم التكليفى ولا يفرّق بينه وبين ما كان من قبيل جواز التصرّف الثانى انّ ما ذكره من لزوم تحصيل الظّن بالامتثال عند الشكّ فى حصول الغاية للامر او النهى بفعل الى غاية معيّنة من جهة انّ التكليف المعلوم يستلزم حصول الظّن بالامتثال فممنوع جدّا فانّ بعد تسليم اشتغال الذّمة بالتكليف المعلوم لا بدّ من تحصيل العلم بالامتثال ولا وجه للاكتفاء بالظنّ لعدم الدّليل عليه مع امكان تحصيل العلم وتوجيه الفاضل القمّى ره

٥٦٣

بانّ مراده منه ظنّ المجتهد واعتباره اتّفاقى عندهم ففيه انّ ظنّ المجتهد انّما هو تابع لاجتهاده فى مدركه ومعنى ذلك انّ بعد استفراغ وسعه فى المدرك واثباته بالظنّ الخاصّ او المطلق ليس لغيره منعه عن العمل به وليس ظنّه عنوانا مستقلّا فى الاعتبار متّفقا عليه لكلّ احد ولو لم يستند الى دليله الخاصّ قوله وان كان نهيا كما اذا حرم الامساك المحدود بالغاية) توضيحه انّه اذا كان المنهىّ هو الفعل فى جميع الوقت كالنّهى عن الامساك المستمرّ الى الليل او الجلوس المستمرّ كذلك فان قلنا بتحريم الاشتغال من جهة انّ الحرام وان كان هو الجلوس المستمرّ ومجرّد الجلوس لو لم يكن مستوعبا لتمام الوقت ليس حراما الّا انّه اذا جلس قاصدا للجلوس مستمرّا الى مقدار يعلم بتحقّق الحرام كان متجرّيا وكان الجلوس حراما فعلا موجبا لاستحقاق العقاب من جهة التجرّى كان المتيقّن التحريم قبل الشكّ فى وجود الغاية وامّا التحريم بعده فلا وذلك لانّ مع الشكّ فى حصول الغاية لا يجرى فى زمان الشكّ وجوب ترك الجلوس تحصيلا للبراءة اليقينيّة من التكليف المعلوم لانّ المتيقّن من الحرام هو الجلوس قبل الشكّ فى الغاية وامّا حكم الجلوس فى زمان الشكّ فان لم يكن جالسا قبل زمان الشكّ فى الجملة فلا اشكال فى عدم استحقاق العقاب بالنّسبة الى الجزء اليقينىّ فضلا عن المشكوك ومع الشكّ فرضا فى حكم الجلوس فالاصل الإباحة وان كان جالسا الى زمان الشكّ فيحتمل ان يكون الجلوس فى زمان الشكّ بعد تماميّة ما هو المنهىّ عنه كما يحتمل ان يكون به التّمام وليس فى دليل النهى ما يقتضى شموله له والاصل البراءة الّا ان يتمسّك بالاستصحاب المشهور وهو الاخذ بالحالة السابقة وان لم نقل بتحريم الاشتغال بان تعلّق القصد الى مجرّد الجلوس من دون قصد الى استمراره او لم نقل بحرمة التجرّى فحكم الجلوس فى زمان الشكّ ما ذكر فى الصورتين فمع عدم الجلوس فى الجملة لا اشكال فى عدم استحقاق العقاب ومع الجلوس الى زمان الشكّ فمن المحتمل تماميّة المنهىّ عنه والاصل البراءة والمصنّف ره وان عبّر فى المقام بانّ المرجع هو اصالة عدم استحقاق العقاب وعدم تحقّق المعصية الّا انّ من الواضح عدم معنى لهما فمقصوده هو اصالة عدم تحقّق موجب استحقاق العقاب والمعصية فيرجعان الى البراءة فإن قلت إنّ مع الجلوس فى تمام الوقت قبل زمان الشكّ فى الغاية سواء قلنا بتحريم الاشتغال ام لا يكون الجلوس فى زمان الشكّ فى الغاية موجبا للعلم بتحقّق الحرام وموجبا للمخالفة القطعيّة قلت أمّا المخالفة القطعيّة الّتى هى محرّمة قطعا فحصولها بالجلوس فى زمان الشكّ مشكوك وامّا تحصيل العلم بالمخالفة فلا دليل على حرمته هذه غاية ما يمكن ان يقال فى توضيح عبارة المتن لكن لا يخفى انّ القول بعدم حرمة تحصيل العلم بالمخالفة القطعيّة ينافى ما تسالموا عليه من انّ مع العلم بتوجّه الخطاب وتنجّزه يكون للامتثال فى حكم العقل مراتب اربع الاوّل الامتثال العلمى التفصيلىّ الثانى العلمى الاجمالى الثالث الامتثال الظنّى الرابع الامتثال الاحتمالى وهذه المراتب مترتّبة عند العقل والامتثال الاحتمالى يستقلّ به العقل عند تعذّر غيره

٥٦٤

من المراتب وفى الفرض كيف يحكم بجواز الجلوس فى زمان الشكّ مع انّه يوجب العلم بتحقّق الحرام المنجّز والعقل يستقلّ بالقرار عن المخالفة القطعيّة بعد عدم الاطاعة بطريق الموافقة القطعيّة ويمكن ان يقال انّ القدر المسلّم من حكم العقل بالامتثال الاحتمالى انّما هو فى موارد تنجّز الحكم وثبوته فعلا وتردّده بين احتمالين بحيث لا يمكن الامتثال الّا بالمرتبة الرابعة كموارد التخيير لا فى مثل المقام الّذى لا يكون الثابت الّا احتمال الامر فتامّل ثمّ انّ للنّهى الموقّت قسمين آخرين الاوّل ما لوحظ فيه الفعل امورا متعدّدة وكان النّهى بالنّسبة الى كلّ جزء من الزمان تكليفا مستقلّا فمع الشكّ يكون المرجع اصالة الاباحة والبراءة لكون الشبهة موضوعيّة الثاني ما لوحظ مجموع التروك الى زمان الغاية تركا واحدا مرتبطا بعضها ببعض كما يلاحظ الفعل كذلك ويتعلّق به الامر فالمقصود من النهى ترك الفعل وعدمه المستمرّ ولا اشكال فى انّ المرجع ح قاعدة الاشتغال ولم يذكره المصنّف ره لأنّه مجرّد فرض والّا فلو كان مجموع التروك مطلوبا مستقلّا كان من الامر الموقّت كالامر بالامساك من الفجر الى اللّيل.

قوله (مطابق لاصالة الاباحة الثابتة بالعقل والنّقل) ووجه الاظهريّة انّ جريان الاباحة فى مثل المقام امر متّفق عليه بخلاف جريان قاعدة الاشتغال فانّه مختلف فيه كما لا يخفى قوله (والعجب من بعض المعاصرين) هو صاحب الفصول قوله وقد اورد عليه السيّد الشارح بجريان الخ) قال ره بعد نقل كلام المحقّق المذكور اقول فى كلامه مواقع للتامّل والفحص ولا بأس بالاشارة إليها الأوّل قوله ره فعند الشكّ بحدوث تلك الغاية لو لم يمتثل التكليف الى آخر الدليل والايراد عليه اوّلا بانّ هذا الدّليل جار فيما اذا ثبت تحقّق حكم فى الواقع مع الشكّ فى تحقّقه بعد انقضاء زمان لا بدّ للمحقّق منه وهذا هو الّذى اجرى القوم فيه الاستصحاب بيانه انّه كما نجزم الخ العبارة المنقولة فى المتن ولا بأس بذكر شطر من بقيّة عبارته وهو هكذا وحينئذ فنقول لو لم يمتثل المكلّف لم يحصل الظّن بالامتثال والخروج عن العهدة ولو امتثل لحصل القطع به لانّ فى زمان الشكّ ان كان الواقع وجود الحكم فقد فعلنا ما كان علينا من التكليف وان كان الواقع عدمه فقد خرجنا بما فعلنا فى زمان القطع عن العهدة وثانيا بأنّ تحصيل القطع او الظّن بالامتثال انّما يلزم مع القطع او الظّن بثبوت التكليف وفى زمان الشكّ ليس شيء منهما حاصلا ولو تمسّك بانّ الشكّ انّما هو فى اوّل النظر وامّا مع ملاحظة اليقين السّابق فالاصل هو الظّن ببقاء التكليف فيكون المرجع هو ما قاله القوم ونحن كما نطالبهم بدليل التعويل على مثل هذا الظّن نطالبه ره أيضا والظّاهر أنّ بناء كلامه ره على انّ اليقين بشغل الذمّة اذا حصل فلا بدّ من اليقين او الظّن بالبراءة ولا اقلّ من الظّن وان صار يقين شغل الذمّة بعد عروض الشكّ فى البراءة مشكوكا فيه ايضا وقد ادّعى الاجماع على هذا ايضا انتهى ما اردنا نقله من كلام السيّد الشارح وهذا كما ترى يرجع الى امرين الاوّل النقض على المحقّق ره بجريان ما ذكره من قاعدة الاشتغال فى استصحاب القوم الثاني بيان

٥٦٥

الحلّ بمنع صحّة التّمسك بالاشتغال فى المقامين من استصحابه واستصحاب القوم بانّ التّمسك بالاشتغال انّما يصحّ عند العلم بالحكم وموضوعه على ما هو عليه فى الواقع ويكون الاشتباه من حيث الموضوع الجزئىّ والاشتباه فى غالب موارد الاستصحاب فى نفس الحكم الواقعى او موضوعه الكلّى والمرجع فى ذلك هو البراءة لا الاشتغال وفى كلامه ما لا يخفى وايراده كما افاده المصنّف ساقط عن المحقّق فانّ مراده اجراء الاستصحاب فيما اذا علم الحكم والموضوع الواقعيّان وعلم استمرار الحكم الى غاية معيّنة فى الواقع وشكّ فى حصول الامتثال به كما اذا فرض ثبوت التكليف بالامساك الى ميل الحمرة المشرقيّة وكونه معلوما مبيّنا وشكّ فى حدوث الغاية ولا اشكال فى جريان قاعدة الاشتغال فى ذلك لكونه من الشكّ فى المكلّف به بعد العلم باصل التكليف ولا معنى ح للتمسّك بالبراءة وامّا القوم فيتمسّكون بالاستصحاب حتّى فى موارد الشكّ فى اصل التكليف الّتى هى مجرى البراءة فكيف يقاس مجرى استصحابه باستصحابهم الّذى يعمّ الشكّ فى التكليف كما اذا ثبت وجوب الصّوم فى الجملة وشككنا فى انّ غايته سقوط القرص او ميل الحمرة المشرقيّة فانّه من المجمل من حيث المفهوم والمرجع فيه عند المحقّق على ما صرّح به هو البراءة وهو المنصور وعليه المشهور ويكون من الشكّ فى التكليف قوله (ظاهر فى نقض احكام اليقين يعنى الاحكام الثابتة) قد مرّ انّ احكام المتيقّن ايضا كنفس اليقين ليس قابلا للنقض حتّى يتعلّق النهى بها وانّ المراد من نقض اليقين هو عدم الاخذ به ونقض البناء عليه عملا ولا حاجة الى تخريج النقض على نقض المتيقّن واحكامه كما افاده المصنّف مرارا ولا الى جعل ملاحظة التعارض بين موجب اليقين والشكّ كما افاده المحقّق المزبور قوله (ثمّ انّ تعارض المقتضى لليقين ونفس الشكّ) حاصله انّه لا معنى لنسبة النقض الى المقتضى لليقين والشكّ لانّه اذا حصل الشكّ فى حصول الغاية باعتبار الشك فى حصول نفس الغاية او باعتبار صدقها على امر حاصل كان ارتفاع اليقين بالحكم مستندا الى انتفاء مقتضيه لا الى وجود مانعه وذلك لانّ اليقين بالحكم كان مستندا الى المقدّمتين لا الى خصوص الكبرى وهو الدليل لكن قد يقال انّ مراده ليس لحاظ التعارض بين الشكّ وموجب اليقين بل بينه وبين نفس اليقين باعتبار موجبه وذلك من حيث انّه لو لاه لما كان يحصل اليقين فنقض اليقين باعتبار نقض موجبه محقّق للنقض حقيقة ومن هنا تعلم أنّ ما ذكره المحقّق من المعنى اولى ممّا ذكره المصنّف من ملاحظة النقض باعتبار المتيقّن واحكامه قوله (فى تحقّق المخصّص خصوصا فى مثل التخصيص بالغاية) لانّها من المخصّصات المتّصلة قوله (ولو بقرينة ذيله الدالّ على كفاية الاحجار) فانّ الصحيحة هكذا لا صلاة الّا بطهور ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة احجار بذلك جرت السنّة من رسول الله ص وامّا البول فلا بدّ من غسله قوله (وبعده القول المشهور)

٥٦٦

قد عرفت انّه الاقوى.

قوله (فامّا ان يكون الشكّ من جهة الشكّ فى بقاء ذلك الفرد) الظاهر من هذا الكلام انّ الشكّ فى الكلّى مسبّب عن الشكّ فى الفرد والمقرّر كما سيجيء عدم جريان الاستصحاب فى المسبّب مع جريانه فى السّبب وهذا ينافى لما يأتى منه ره في هذا القسم من نفى الاشكال فى جواز استصحاب الكلّى مع استصحاب الفرد الّذى يترتّب عليه ما يترتّب على استصحاب الكلّى اللهمّ إلّا ان يقال انّ عدم الاشكال فى الجواز انّما هو بالنّسبة الى ما يأتى فى القسمين الاخيرين لا من حيث السببيّة أو يقال بانّ تعيّن الكلّى فى الخارج عين تعيّن الفرد فلا وجه لملاحظة السببيّة بينهما قوله (امّا الاوّل فلا اشكال فى جواز استصحاب الكلّى ونفس الفرد) جواز استصحاب الكلّى بناء على وجوده فى الخارج بتحقّقه فى ضمن الفرد فلانّه شيء متيقّن الوجود سابقا ومشكوكه لاحقا وامّا بناء على انّ تعيّنه فى الخارج بعين وجود الفرد فالمتيقّن سابقا هو عين وجوده الفردي وفيه اشكال لانّه قد يقال لا مجال ح لاستصحاب الكلّى فانّ المتعبّد شرعا بعدم النقض هو وجود الفرد وفيه انّ تعيّنه فى الخارج بعين الفرد لا يوجب كون الموجود فى الخارج فى نظر العرف ليس الّا الفرد بل الكلّى عندهم ايضا موجود خارجا ولو كان وجوده فيه بوجود الفرد وعلى هذا فرفع اليد فى الزمان الثانى عن الكلّى وآثاره المتيقّن بوجود فرده فى الزمان الاوّل نقض لليقين بالشكّ عند العرف قوله (وترتيب احكام كلّ منهما عليه) الظاهر انّ المراد هو ترتيب آثار الكلّى والفرد على استصحاب الفرد فيكون مقتصرا فى استصحاب الكلّى على مجرّد جوازه ومعقّبا استصحاب الفرد بترتيب اثر كلّ من الكلّى والفرد عليه ويحتمل ان يكون المراد هو ترتيب آثار الكلّى والفرد على استصحاب كلّ من الكلّى والفرد ويبعّده أوّلا انّه خلاف الظاهر لظهور ضمير عليه فى الرجوع الى الفرد والّا لكان حقّ العبارة ان يقال وترتيب اثر كلّ منهما على الآخر وثانيا أنّ بناء على القول بتحقّق الكلّى فى ضمن الفرد فاستصحاب كلّ منهما انّما يفيد فى ترتيب آثار نفس المستصحب لا ترتيب آثار الأخر وان كان الآخر باقيا ببقائه الّا اذا كان اثر كلّ منهما اثرا للآخر ايضا وبناء على انّ تعيّنه فى الخارج بعين وجود الفرد فيترتّب آثار الكلّى على استصحاب الفرد بخلاف العكس فانّه لا يترتّب آثار الفرد على استصحاب الكلّى الّا على القول بالمثبت فتأمل ويمكن أن يقال بالصحّة وترتيب اثر كلّ منهما على المستصحب على كلا البنائين للمسامحة العرفيّة فانّهم يرون اثر كلّ منهما فى الفرض اثرا للآخر وليس هذا مسامحة منهم فى النقض بل فى كون الاثر اثرا للمستصحب قوله (دون آثار شيء من الخصوصيّتين) لا يخفى انّه ان كان لكلّ واحدة منهما اثر شرعى لا يجرى اصالة العدم بالنّسبة اليهما ايضا للعلم الاجمالى كما فى الشبهة المحصورة نعم لو حصل العلم بعد رفع احد الفردين صحّ اجراء الاصل فى الفرد الآخر وهذا الاصل لا معارض له لا بالنّسبة الى الخصوصيّة ولا بالنّسبة الى الاثر المشترك لعدم جريان الاصل فى الطرف الآخر فلا يجرى استصحاب القدر المشترك لانّ وجوده فى ضمن هذا الفرد مدفوع بالاصل وامّا فى ضمن الفرد المرتفع فغير مبتلى به نعم لو كان العلم الاجمالى قبل

٥٦٧

ارتفاعه لا يجرى الاصل بالنسبة الى الاثر المشترك لابتلائه بالمعارض وان لم يكن لكلّ واحدة منهما اثر شرعىّ فلا يجرى الاصل بالنّسبة اليهما ووجهه واضح وامّا الخصوصيّة الّتى لها اثر شرعىّ فيجرى الاصل بالنّسبة اليه من غير معارض الّا بالنّسبة الى الاثر المشترك لابتلائه بالمعارض فيجرى استصحاب القدر المشترك هذا اذا كان العلم الاجمالى قبل ارتفاع احد الفردين كما تقدّم وامّا لو كان بعده فلا يجرى استصحاب القدر المشترك بل الاصل عدمه ايضا فاصالة عدم الجنابة فى مثال العلم الاجمالى بحدوث البول او المنى ان كانت بالنّسبة الى الاثر المشترك فلا يجرى وان كانت بالنّسبة الى الخصوصيّة فان كان المقصود بالنسبة الى وجوب الغسل فلا يجرى ايضا لابتلائها بمعارضة اصالة عدم الحدث الموجب للوضوء وان كان بالنسبة الى غيره من الآثار كجواز المكث فى المساجد ونحوه فيحتمل جريانها لعدم ابتلائها بالمعارض اذ مرجعها الى استصحاب نفس تلك الآثار ويحتمل العدم لكون المثال من القسم الاوّل فلا يلاحظ القلّة والكثرة فى الاثر فتدبّر قوله (وتوهّم عدم جريان الاصل فى القدر المشترك) لمّا كان حاصل الدليل على جواز استصحابه هو انّ مع فرض الشكّ فى بقاء الكلّى المتيقّن سابقا لم يكن احتمال ارتفاعه فى ضمن الفرد المرتفع يقينا موجبا لاخلال ما هو الركن فى الاستصحاب من هذه الجهة وامّا اصالة عدم الجنابة مثلا لا يوجب تعيين الكلّى فى الآخر المرتفع حتّى يفيد ارتفاعه فانّ القطع بارتفاع الحادث اليقينى وهو القدر المشترك لا يحصل الّا بارتفاع الفردين المردّد بينهما وذلك لانّ الشكّ فى بقائه ليس من حيث الشكّ فى حدوث المرتفع وعدمه بل من حيث تردّد الحادث بين ما هو معلوم الارتفاع وما هو معلوم البقاء فيتوهّم أنّ غير المرتفع لم يعلم وجوده فهو مشكوك حدوثه فيستصحب عدمه ومع البناء على عدمه لا مجال للشكّ فى بقاء الحادث اليقينى لانّه لو كان ذلك الفرد المرتفع فهو مرتفع حقيقة ولو كان الفرد الآخر فهو مرتفع بناء وتعبّدا بالاستصحاب ولا وجود له فى غير الفردين بالفرض فيكون الشكّ فى بقاء الكلّى من الشكّ فى الحدوث لا فى البقاء وذلك لانّ للطبيعىّ موطنين موطن فى الذّهن وموطن فى الخارج واذا كان فى الذّهن كان كلّيا واذا كان فى الخارج كان جزئيّا وفى مفروض المقام لمّا كان موجودا فى الخارج حيث انّ وجوده فى الخارج يكون بعين وجود فرده فهو مردّد بين ما يقطع بارتفاعه وما يحكم بعدمه واصالة عدم حدوثه فيكون الشكّ فى الزمان المتاخّر فى حدوث الطبيعى لا فى بقائه ويدفع هذا التوهّم بانّ المشكوك هو شخص الكلّى الموجود فى السابق بوجوده الوحدانى غاية الامر انّ وجوده مردّد بين ان يكون فى ضمن ما هو باق جزما وما هو مرتفع قطعا ورفع الشكّ فى بقاء هذا الحادث المشكوك والقطع بارتفاعه لا يتحقّق الّا بالاتيان بما يوجب ارتفاع الفردين الّذين كان الحادث اليقينىّ فى ضمن احدهما مردّدا ومع الاتيان بما يوجب ارتفاع احدهما يكون الشكّ باقيا فيستصحب و

٥٦٨

اصالة عدم حدوث غير المرتفع لا يوجب ارتفاع موضوع استصحاب القدر المشترك الحادث يقينا فانّه مثبت اذ لا يترتّب عليه الّا بتوسّط ما يستلزمه عقلا من كون الحادث هو المرتفع وبالجملة نحو وجود الكلّى لمّا كان مردّدا بين الفردين كان هذا الوجود المعلوم الحدوث مشكوك البقاء والارتفاع فى الزمان المتاخّر من دون شكّ فى اصل حدوثه ويكون ركن الاستصحاب فيه موجودا ومعه لا يضرّ تردّده بين هذا او ذاك ومن هنا يندفع ايضا ما قد يتوهّم من انّ الشكّ فى بقاء الكلّى مسبّب عن الشكّ فى حدوث غير المرتفع لانّ بقائه فرع حدوثه بحدوث غير المرتفع ومع جريان اصالة عدم الحدوث فى السبب لا مجال لاستصحاب بقاء المسبّب وتوضيح الدفع مضافا الى ما عرفت من انّ اصالة عدم حدوث مقطوع البقاء فى طرف السّبب لا يترتّب عليه الاثر المهمّ وهو ارتفاع الجامع الّا بتوسّط ما يستلزمه عقلا وهو كون الحادث ذاك الأخر الّذى قطع بارتفاعه فى الزمان المتأخّر أنّ الأمر كما ذكر لو كان الاستصحاب جاريا فى طرف السّبب وكان الشكّ فى بقاء الطبيعى والقدر المشترك ناشيا من الشكّ فى حدوث الفرد ومن المعلوم عدم تماميّة هاتين المقدّمتين فكيف يمنع عن اجراء الاصل فى طرف المسبّب وعدمها امّا فى الاولى فلانّ اصالة عدم حدوث مقطوع البقاء معارضة باصالة عدم حدوث الأخر واذا كان الاصل فى طرف السّبب معارضا بالمثل لا مانع من جريانه فى المسبّب كما هو الشّأن فى كلّ سببىّ ومسبّبى وامّا فى الثانية فلأنّ الشكّ فى بقاء الطّبيعى ليس ناشيا من الشكّ فى حدوث الفرد من حيث نفسه بل هو انّما هو ناش من الشكّ فى انّ الحادث هذا او ذاك ولا اصل فى البين يقتضى تعيين احدهما لعدم وجود سابق لاحد النحوين كى يستصحب وبالجملة الشكّ فى تعيين الحادث وبقاء الطبيعى فى ضمن الفرد الباقى ام رفعه فى ضمن المرتفع ولا اصل فى المقام يعيّن ذلك وقد يتوهّم أنّ على القول بوجود الكلّى الطبيعى بوجود الفرد يكون وجود الكلّى عين وجود الفرد وعليه فالعلم بوجود الحادث المعلوم عبارة عن العلم بوجود احد الحادثين ومع فرض ارتفاع احدهما يكون الشكّ فى بقاء الفرد الأخر الغير المعلوم وجوده سابقا لا فى بقاء الكلّى وفيه انّ العرف فى الفرض مع ترديده بين الفردين وشكّه فى حدوث كلّ منهما تعيينا يرى حدوث الكلّى يقينا وبعد ارتفاع احدهما يشكّ فى بقاء ما تيقّن به واحراز وجود المتيقّن فى السّابق واتّحاد القضيّتين انّما هو بنظر العرف وبنائهم على وجود الكلّى سابقا بنحو اليقين انّما يكون على نحو الحقيقة عندهم لا مسامحة منهم فى احراز الوجود او فى النقض قوله (مع انّه مستلزم لاختصاص اعتبار الاستصحاب الخ) يعنى انّ ما ذكر مستلزم لعدم جريان استصحاب الكلّى اذا كان الشكّ فى المقتضى لانّ الشكّ فيه راجع الى اصل الاستعداد دون الرافع لاحراز الاستعداد فيه ولكن لا يخفى انّ غرضه لزوم اعتبار احراز الاستعداد فى نوع المستصحب وصنفه بالغلبة وهذا يكون فى الشكّ فى المقتضى والفرق بين مذهب المحقّق القمّى ره من ملاحظة استعداد

٥٦٩

المستصحب ومذهب المصنّف ره من الحجيّة فى الشكّ فى الرافع هو انّ الاوّل يرى لزوم احراز الاستعداد ولو نوعا ولذا تكفيه الغلبة فى نوعه وامّا المصنّف فهو يرى لزوم احراز الاستعداد شخصا فينحصر على الثانى فى الرافع دون الاوّل وحاصل الكلام انّه يجرى الاستصحاب فى القسم الاوّل من الكلّى اذا تعلّق غرض المكلّف بترتيب آثاره كما يجرى بالنّسبة الى الخاصّ اذا كان له غرض بترتيب آثاره فاذا شكّ فى بقاء الطلب من جهة الشكّ فى بقاء الايجاب او التحريم جاز له استصحاب الطلب الجامع بين الوجوب والاستحباب او التحريم والكراهة وانّما الكلام والاشكال فى ترتيب آثار الايجاب بعد استصحاب الطلب وانّه هل يغنى استصحابه عن استصحابه ام لا فيه وجهان مبنيّان على القول بحجيّة الاصول المثبتة وعدمها فانّ ترتيب آثار الشخص على استصحاب الكلّى الجامع لا يكون الّا بتوسيط امر عقلىّ ومع توسيطه يرجع الامر الى تلك المسألة نعم يمكن ان يدّعى خفاء الواسطة فى مفروض المقام ومن هنا يظهر الكلام فى ترتيب آثار الكلّى باحراز الفرد بالاستصحاب نظرا الى انّ وجود الطّبيعى عين وجود افراده فيكون التعبّد بوجود الفرد تعبّدا بوجوده فالاشكال جار فى الصّورتين لانّه ان كان المستصحب هو الجامع فترتيب اثر الخاصّ من دون استصحابه مبنىّ على القول بالمثبت وان كان هو الفرد فترتيب آثار الجامع من دون استصحابه مبنىّ على كون الموضوع المحرز هو المتيقّن سابقا بنظر العرف وليس ببعيد دعوى فهم اهل العرف الاتّحاد والعينيّة نظرا الى مسامحتهم فى ذلك فكما انّ الطبيعى بحسب الدّقة عين افراده فكذلك العرف يرى الخاصّ عين الكلّى ولا يعتنون بمثل هذه الواسطة وكذا يجرى الاستصحاب فى القسم الثانى لما عرفته مفصّلا من انّه لا يعتبر فى مجرى الاستصحاب ازيد من اليقين بالحدوث والشكّ فى البقاء وهذا متحقّق فى الفرض فانّ ما كنّا على يقين من ثبوته وهو الطبيعى نشكّ فى بقائه وارتفاعه ويكون رفع اليد عنه نقضا له بحسب الدقّة وفهم العرف فنحكم ببقائه ونلتزم بترتيب آثاره حتّى يجيء من ذلك امر بيّن فلو علم المكلّف بحدوث بلل مردّد بين البول والمنى فانقطاع السبيل له من استصحاب احد الخاصّين لا يوجب كما مرّ المنع عن استصحاب كلّى الحدث وعدم جواز الدّخول فى الصّلاة الّا بعد الوضوء والغسل معا فانّ المنع من استصحاب احد الخاصّين ليس الّا من جهة اختلال ركن الاستصحاب وكون الشكّ فى كلّ منهما فى الحدوث وهذا بخلاف استصحاب المشترك بينهما فانّه بعد الاتيان بالوضوء يشكّ فى بقاء الحدث المشترك بحيث لو كان باقيا كان هو الحادث أوّلا ومن هنا يعلم انّه لا وجه لاعتبار عدم العلم بالحالة السّابقة فى اجراء الاستصحاب فى هذا القسم فانّ اللّازم هو العمل على طبق المتيقّن ولو مع العلم بالحالة السّابقة طهارة كانت او حدثا اصغر ولا يكفى الاقتصار على واحد من الوضوء او الغسل قوله (وجوه أقواها الاخير) بل الاقوى الثانى ويرد على ما ذكره أوّلا أنّه ان لوحظ الكلّى بالنّسبة الى انحاء وجوداته فى ضمن افراده كما هو الحقّ يكون الشكّ

٥٧٠

فى بقائه باعتبار نحو وجود له غير اعتباره بنحو الوجود المعلوم ارتفاعه وعليه فلا مجال للشكّ فى استمراره وان لوحظ بالنّسبة الى مجرّد وجوده يكون الشكّ فى بقائه شكّا فى استمرار ما هو المتيقّن وعليه فلا مجال للفرق بين الموارد وقياس المقام على القسم الثانى من استصحاب الكلّى فى غير محلّه فانّ الاختلاف فى نحو الوجود انّما هو فى فرض وجوده فى ضمن فرد معلوم وفرد مشكوك لا فيما تردّد وجوده الخاصّ فى الخارج بين فرد وفرد وثانيا أنّ المناط فى الشكّ فى استمرار الشيء وابقائه وصدق النقض برفع اليد عنه فى الزمان الثّانى وعدمه انّما هو بنظر العرف وغير خفىّ انّ الشكّ فى بقاء الكلّى بعد انتفاء ما كان متعيّنا بوجوده من حيث احتمال وجود فرد آخر معه مثل الشكّ فى بقائه كذلك من حيث احتمال حدوث فرد آخر مقارنا لارتفاعه او احتمال تبدّله إليه لا يكون عند العرف شكّا فى بقاء ما كان متيقّنا سابقا فى الخارج بحيث يكون وجوده فى زمان الشكّ على نحو وجوده فى السّابق حتّى يكون مستمرّ الوجود ولو فرض أنّ وجوده الحادث فى ضمن فرد آخر يعدّ عند العرف بقاء وجوده السابق ولا يرى اختلافا فى نحو وجوده فى الخارج كان محكوما بالبقاء بالاستصحاب ولذا لو تحقّق الكلّى فى ضمن فرد بعينه وفرض العلم بتبدّله ودار الامر بين تبدّله بفرد ضعيف او آخر مغاير له يستصحب فالحقّ فى هذا القسم هو المنع عن استصحاب الكلّى فى كلا القسمين من دون فرق بين كون الشّبهة حكميّة كما اذا شكّ فى الاستحباب بعد القطع بارتفاع الايجاب بملاك مقارن او حادث او موضوعيّة كما اذا شكّ فى بقاء الكرّ فى الحوض بعد القطع بارتفاعه من جهة الشكّ فى وجود كرّ آخر معه او من جهة الشكّ فى حدوث كرّ آخر مقارنا لارتفاعه وذلك لما عرفت من انّ وجود الطبيعى وان كان بوجود افراده الّا انّ وجوده فى ضمن المتعدّد من افراده ليس نحو وجود واحد له بل وجودات متعدّدة دقّة وعرفا فما يتيقّن وجوده لا يشكّ فى بقائه وما يشكّ فى بقائه لم يعلم حدوثه فيكون احد ركنى الاستصحاب مختلّا عرفا ودقّة لا يقال انّ المدار فى البقاء انّما هو على فهم العرف مسامحة والعرف بالمسامحة يرون الباقى هو الحادث اوّلا فلا يكون وجود الكلّى فى ضمن فردين او افراد بناء على مسامحتهم الّا وجودا واحدا له فيستصحب عند الشكّ فى بقائه بمجرّد العلم بحدوثه فانّه يقال العبرة بنظر العرف يراد منه النظر فى مقابل الدّقة لا فى مقابل ما يرون من الحقيقة فى ذلك الشيء فاذا صدق فى نظر العرف البقاء على وجه الحقيقة فهو الّذى يعتبر فى بقاء الموضوع فى الاستصحاب وان لم يكن بحسب الدقّة بقاء للشّيء وذلك كما فى الماء المتغيّر الّذى زال تغيّره من قبل نفسه فانّ استصحاب النجاسة وان لم يكن للموضوع الاوّلى بحسب الدقّة الّا انّه له بالنظر العرفى فيكتفى به وامّا اذا لم يصدق كذلك فى نظرهم ولا يرون انّه باق الّا بالعناية والمسامحة فلا دليل على اعتباره فى الحكم بالبقاء وما يتراءى من فهم العرف البقاء فى تلك الصّورة فانّما هو على وجه العناية وليست هذه المسامحة مقصودة فى مقابل الدقّة العقليّة وبالجملة من الواضح انّ ما شكّ فيه فى هذا القسم

٥٧١

فقد شكّ فى اصل حدوثه وما علم وجوده فقد علم ارتفاعه فانّ وجود الطبيعى بالنّسبة الى الافراد كنسبة الآباء الى الابناء لا كنسبة الاب الواحد بالنّسبة الى الابناء فوجود كلّ فرد منه نحو وجود له بحسب الدقّة وفهم العرف غير ما يكون له فى ضمن فرد آخر ولذا يتّصف بالجزئيّة اذا كان فى موطن الخارج وفى ضمن الأفراد لا يقال لا بدّ فى استصحاب الكلّى من القاء الخصوصيّات الفرديّة ومع القائها يكون الشكّ فى البقاء كما هو الحال فى القسم الثانى حيث لا يكون الشكّ فيه فى البقاء الّا بعد القائها ولحاظ الكلّى بما هو موجود والّا فبملاحظتها يكون الشكّ فى القسم الثانى فى اصل الحدوث فانّ ما يقطع ببقائه على تقدير حدوثه لم يعلم حدوثه من اوّل الأمر وبالجملة اذا كان رفع اليد فى القسم الثانى نقضا لليقين فليكن الرفع فى هذا القسم ايضا كذلك فانّه يقال قياس المقام بالقسم الثانى ناش عن الغفلة عمّا اشرنا اليه مرّتين وهو انّ وجودات الافراد هى بعينها وجود الطبيعى وانّها نفس الطبيعى فى موطنه الخارجىّ حيث انّه فى هذا الموطن لا يكون الّا جزئيّا كما انّه فى موطن الذّهن كلّى وليست نسبة المعنى الطبيعى الى افراده نسبة أب واحد الى اولاد كثيرين كلّهم ينسبون اليه بان يكون الانسانيّة الكليّة انسانيّة واحدة بالعدد موجودة فى كثيرين بحيث يكون بنفسه موجودا فى الخارج ويرد عليه الخصوصيّات ويصير بانضمام كلّ قيد شخصا غير ما هو فى شخص آخر وهو موجود ثابت فى نفسه يمتاز وجوده عن وجودات قيوده كما هو الحال فى الأب واولاده حيث انّه موجود بوجود يخصّه وبتحقّق كلّ واحد من اولاده يتحقّق اضافة منه اليه وهو هو وكما فى الجسم بالقياس الى السواد والبياض فإنّ الواحد العددى لا يتصوّر كونه فى امكنة كثيرة ولو كانت انسانيّة افراد النّاس امرا واحدا بالعدد لزم كونه عالما جاهلا ابيض اسود متحرّكا ساكنا الى غير ذلك من المتقابلات وهو ضرورىّ البطلان بل من الواضح أنّ نسبته مع الافراد كنسبة آباء الى ابناء بمعنى انّ لكلّ واحد من افراد الانسان مثلا انسانيّة هى بالعدد غير ما للآخر وامّا الانسان المشترك فهو فى الذهن وبهذا يظهر لك الفرق بين القسمين حيث انّ فى القسم الثانى ليس الّا نحو وجود خاصّ للطبيعى وهو كونه موجودا بوجود وحدانىّ فلو كان المشكوك باقيا على فرض القضيّة التعليقيّة لكان هو الفرد الحادث المعلوم ولو رفعنا اليد عنه كان نقضا لليقين بالشكّ عقلا وعرفا وهذا بخلاف القسم الثالث فانّه ان كان فى الزمان الثانى لكان غير المعلوم حدوثه بداهة ارتفاع ما تيقّن وجوده وعدم معلوميّة حدوث ما شكّ فيه وقد علم ممّا ذكرنا بطلان التفصيل فى القسم الثالث ايضا وتوضيحه مضافا الى ما تقدّم فى صدر الكلام انّ فى هذا القسم مع كون وجود كلّ فرد من الطبيعى نحو وجود له عقلا وعرفا لا مصحّح للفرق بين ما اذا شكّ انّ الكلّى فى الزّمان الاوّل كان موجودا بوجود واحدا واثنين وفى ضمن فرد او فردين وما اذا شكّ انّه حين ارتفاع فرده الاوّلى وجد له فرد

٥٧٢

آخر من دون تخلّل العدم بينهما ام لا فانّ المانع من اجراء الاستصحاب فى كليهما هو اختلال احد ركنى الاستصحاب وهو الشكّ فى البقاء ولعلّ اظهريّة وجود هذا المانع فى الثانى اوجبت على المفصّل ما ذهب اليه مع انّ المتامّل يقطع بانّه لا يكون الشكّ فى الفرض الاوّل شكّا فى نحو وجوده بل الشكّ فيه انّما يكون فى وجوده بنحو آخر غير ما علم من نحو وجوده فكما انّ فى الفرض الثانى يكون الشكّ فى اصل الحدوث فكذلك فى الاوّل وان شئت توضيح الحال فى بطلان الاستصحاب فى القسم الثالث مط فقس حال الشكّ بحال العلم فاذا كنت عالما بوجود الانسان فى ضمن زيد وعلمت بوجوده فى ضمن عمرو ايضا معه او علمت بوجوده فى ضمن عمرو حين انتفاء وجوده فى ضمن زيد من دون تخلّل العدم فهل يخطر ببالك وحدة الانسانيّة الموجودة فيهما وهل يحكم الّا بالمغايرة فكن فى حال الشكّ ايضا متيقّنا بانّ الانسان فى ضمن زيد غير ما هو فى ضمن عمرو وبعد القطع بارتفاع الاوّل لا يكون الشكّ الّا فى الحدوث وربما يؤيّد المنع بكون الجواز يستلزم ما لم يلتزم به احد مثل ما لو علم باشتغال ذمّته بفريضة واحدة ثمّ أتى بها ويشكّ فى الزّيادة عليها فانّ مقتضى الاستصحاب ان يقال باستصحاب وجوب الفريضة ووجوب ترتيب جميع الآثار الشرعيّة المترتّبة على من كانت عليه فريضة مثل عدم جواز التطوّع له على القول بعدم جوازه لمن اشتغلت ذمّته بالفريضة وهذا ممّا لم يلتزم به أحد نعم يستثنى كما فى المتن ما اذا كان الشيء متحرّكا الى المراتب العالية كالسواد الضعيف اذا ترقّى الى القوىّ او الى المراتب النازلة كالسواد الشديد الّذى يتنزّل الى الضعيف فانّه لو كان المناط فى بقاء الموضوع على الدقّة العقليّة فلا مانع من اجراء الاستصحاب حتّى فى حركة الحمرة والكدورة الى السواد الشّديد الّذى لا يتصوّر فوقه وكذلك العكس اذا شكّ فى البقاء فانّ الوجود فى جميع المراتب المتبدّلة شدّة وضعفا شيء واحد شخصىّ ما دام متّصلا ولم يتخلّل العدم فى البين ففى آخر مراتب السواد من جهة الشدّة لو شكّ فى بقاء الكدورة او اوّل مرتبة السواد حكم ببقائه فانّ انتزاع الماهيّات المتفاوتة والانواع المختلفة لا يضرّ بوحدة الوجود بالنظر الدّقيق حيث انّه يرى وجودا واحدا شخصيّا متحرّكا بهذه الحركات وأمّا إذا كان المناط فى بقاء الموضوع على النظر العرفى فما يجوز استصحابه هو آخر مرتبة السواد فى حال اوّل مرتبته وحال اوّلها فى حال آخرها حيث انّ العرف يرى موضوع الكدورة والحمرة غير موضوع السواد بخلاف ما اذا شكّ فى تبدّل السواد الضعيف بالشديد فانّه يرى السّواد شيئا واحدا ومن هنا يظهر الكلام فى وجه منع اثبات الاستحباب بعد ارتفاع الايجاب باستصحاب الطلب فانّ الاستحباب والايجاب وان كانا فردين من الطلب الّا انّ العرف لا يراهما شيئا واحدا مختلف الوصف فى زمانين بل يراهما متعدّدا فلا مجال لاستصحاب الطلب نعم لو كان الثابت سابقا اوّل مرتبة الاستحباب او الايجاب او آخر مرتبتهما لم يكن منع فى الاستصحاب اذا شكّ فى تبدّل الطّلب

٥٧٣

الشديد بالضعيف او العكس فانّك قد عرفت مرارا ويأتى مفصّلا انّ العبرة فى باب الاستصحاب فى بقاء الموضوع هو نظر العرف لا العقل ففى كلّ مورد عدّ الفرد اللّاحق مع السابق فى العرف شيئا واحدا مستمرّا بحيث كان رفع اليد عن السّابق مع الشكّ نقضا له بنظرهم جرى استصحاب الكلّى فى القسم الثالث لكون المشكوك بالنظر العرفىّ هو المتيقّن سابقا فاذا شكّ فى تبدّل الايجاب الضعيف بالقوىّ او تبدّل الاستحباب كذلك او شكّ فى تبدّل السواد الشّديد بالضّعيف حكم ببقاء الطلب والعرض واذا لم يعدّ الفرد اللّاحق مع السابق فى العرف كذلك لا مجال لاستصحاب الجامع بينهما ولو كان بحسب الدقّة نقضا له كما فى الايجاب والاستحباب واوّل مرتبة السّواد مع آخر مرتبة الكدورة فانّ بحسب الدقّة لا يكون آخر مرتبة الاستحباب مع اوّل مرتبة الايجاب الّا كآخر مرتبة الايجاب مع اوّل مراتبه الّا انّ العرف لا يرى وجها للاستصحاب فلا وجه لما يقال من انّه لا تفاوت بين الايجاب والاستحباب الّا من جهة شدّة الطلب وضعفه فتبدّل الايجاب بالاستحباب لا يوجب تعدّد الطبيعى الموجود فيهما كما انّ تبدّل السّواد الشّديد بالضعيف لا يوجب ذلك فتدبّر قوله (الّا انّ نظر المشهور فى تمسّكهم على النّجاسة الخ) ذهب المشهور الى نجاسة الجلد المطروح تمسّكا باستصحاب عدم التذكية ونوقش فى هذا الاصل بوجوه منها أنّه لا اعتبار بالاصول العدميّة واستظهر ذلك من المدارك ومنها أنّ عدم التذكية لازم لامرين الحياة والموت حتف الأنف والنجاسة مترتّبة على الثانى وعدم التذكية المستند الى الحياة معلوم الانتفاء والمستند الى الثانى لم يكن متيقّنا سابقا وهذا ما ذكره الفاضل ومنها إنّ الحكم لم يكن معلّقا على عدم التذكية وما علّق عليه وهو الموت حتف الانف لا يثبت باستصحاب عدم التذكية وأجاب المصنّف عن الاخيرين بوجهين الاوّل انّ النجاسة انّما رتّبت فى الشرع على مجرد عدم التذكية الثانى انّ على فرض ترتّب الحكم على الميتة فهو ما زهق روحه مط ويشمل المذكّى وغيره وقد استثنى منه ما ذكّى فاذا شكّ فى عنوان المخرج كان الاصل عدمه ويرجع الى العامّ وان كان الشكّ فى المصداق لانّ الرّجوع الى العامّ بعد اجراء الاصل الموضوعى واثبات عدم المخصّص وبعبارة اخرى استصحاب عدم التذكية يجعل المشكوك من افراد العامّ ويمكن التّمسك باصالة عدم التذكية بوجه ثالث وهو انّه لو سلّم تفسير الميتة بما مات حتف انفه وتعليق الحكم عليها فلا اشكال فى انّ غير المذكّى ممّا خرج روحه ملحق به حكما فخروج الرّوح اذا علم استناده الى الحتف كان ميتة واقعا واذا لم يعلم ذلك كما اذا ازهق روحه وشكّ فى تذكيته كان غير مذكّى شرعا لاصالة عدمها ويكون فى حكم الميتة مثل المذبوح مع العلم بعدم التذكية من دون احتياج الى اثبات موت الحتف والاشكال بانّ الحىّ من الحيوان غير مذكّى وليس بحكم الميتة فكيف يكون اصالة عدم التذكية مثبتا لحكم الميتة فى غير محلّه فانّ المدّعى هو انّ ما خرج روحه وكان غير مذكّى فهو بحكم الميتة والموضوع فى

٥٧٤

فى الملحق يكون مركّبا او مقيّدا والمركّب اذا احرز جزئه بالوجدان وكذا المقيّد صحّ اثبات الجزء الآخر او القيد بالاصل ويترتّب عليه الحكم الثّابت للمركّب قوله (فذكر انّ اصالة عدم التذكية يثبت الموت الخ) حكى عن شارح الوافية انّ مع ترتّب حكم النجاسة والحرمة على الموت حتف الانف لو اريد اثباته باصالة عدم التذكية عورض باصالة عدم الموت حتف الانف المثبت للتذكية وبعد التعارض يرجع الى قاعدة الحلّ والطّهارة واستصحابهما وهو كما ترى فانّ عدم التذكية السابق حال الحياة المستصحب الى زمان خروج الرّوح لا يثبت كون الخروج حتف الأنف مع انّ على الفرض يكون استصحاب عدم حدوث سبب النجاسة وهو الموت حتف الانف كافيا فى الطّهارة ولا يحتاج الى اثبات التذكية فلا وجه للمعارضة نعم لو كان المذكّى والميتة موضوعين للحلّ والحرمة والطّهارة والنّجاسة وكانا امرين وجوديّين بان يكون كلّ منهما ازهاق الرّوح على وجه خاصّ كان اصالة عدم كلّ منهما معارضة باصالة عدم الأخر قوله (الّا انّ كون عدم المذبوحيّة من قبيل الخ) والغرض بيان الفرق بين المستصحب الوجودى اذا كان كلّيا والعدمى لانّ وجود الكلّى فى ضمن فرد غير وجوده فى ضمن فرد آخر بخلاف العدم فانّه يقارن جميع الوجودات وليس المستصحب عدم الذّبح حال الحياة فانّ الاضافة اليه اتفاقيّة كالاضافة الى الموت حتف انفه ولا يخفى انّ استصحاب العدم ليس من استصحاب الكلّى وان كان ظاهر كلام الفاضل التّونى من جهة قياسه على الضّاحك كونه منه قوله (بل لو قلنا بعدم جريان الاستصحاب فى القسمين الخ) الظاهر انّ الاضراب للتّنبيه على انّ استصحاب العدم ليس من استصحاب الكلّى فلو نوقش ايضا فى القسمين الاوّلين من حيث انّ الشكّ فى الكلّى فيهما يكون مسبّبا عن الشكّ فى الوجودات الفرديّة كان استصحاب العدم الأزليّ المقارن للوجودات خاليا عن الاشكال قوله (نظير اثبات الموت حتف الأنف بعدم التذكية) بناء على تعليق حكم النجاسة على الموت حتف الانف كما هو واضح قوله (موردا لذلك الوصف العنوانى فافهم) الظّاهر انّه اشارة الى دقّة المطلب وعظم الانتفاع بهذا المعيار ولعلّه اشارة الى انّ هذا التفصيل والمعيار مبنىّ على اخذ الاستصحاب من باب التعبّد وأمّا على الظّن فلا فرق كما لا يخفى.

قوله (امّا نفس الزمان فلا اشكال فى عدم جريان الخ) لمّا علم انّ مورد الاستصحاب هو الشكّ فى بقاء ما كان فى الزّمان السّابق فما ينقضى جزء فجزء لا يتصوّر فيه البقاء حتّى يستصحب والجزء المشكوك فى كونه من اجزاء النّهار مثلا لا وجود له فى السّابق فضلا عن وصف كونه نهارا وما ادّعى الاتّفاق وبناء العرف عليه من الاستصحاب فى الزمان انّما هو بملاحظة اعتبار المجموع شيئا واحدا فانّ اللّيل والنّهار عرفا عبارة عن مجموع اجزاء من الزمان اخذ باعتبار اشراق الشّمس فيها او وجود الظّلمة شيئا واحدا موجودا فى الخارج مثل اعتبار مقدار اجزاء من الزمان فى السّنة والشّهر والاسبوع شيئا واحدا بنحو من الاعتبار

٥٧٥

فاذا لشكّ فى انقضاء النّهار من جهة الشكّ فى انقضاء جزئه الاخير وعدمه يستصحب هذا الموجود الخارجى على نحو الاستصحاب فى الشكّ فى بقاء امر قارّ فى ثانى زمانه وعلى هذا فلا حاجة الى انّ التعبير بالبقاء والابقاء انّما هو بملاحظة صحّة هذا المعنى فى الزمانيّات او انّ التعبير به بملاحظة تعميمه لمثل هذا مسامحة بان يكون بقاء الشّيء فى الزّمان الثّانى فى الامور القارّة على نحو الحقيقة وفى مجموع الزمان باعتبار جزئه الاخير على التّسامح فإنّ بعد البناء على اعتبار مجموع اجزاء القطعة من الزمان موجودا واحدا خارجيّا سمّى بالنّهار كان وجوده وتحقّقه نظير وجود الامر القارّ عندهم فالتّسامح انّما هو فى اعتبارهم القطعة شيئا واحدا موجودا مع انّها مركّبة من اجزاء يحدث بعضها عقيب انقضاء البعض الآخر لا فى البقاء وعدمه ولا فى النقض وعدمه كما انّه ليس من التّسامح فى بقاء الموضوع فتدبّر ثمّ إنّ استصحاب اللّيل والنّهار عند الشكّ فى انقضاء جزئه الاخير بالبناء على عدم ارتفاعه وبقائه على ما كان قبل الشكّ يجدى فى ترتيب ما لهما من الآثار كوجوب الامساك وجواز الافطار لا فى تشخيص كون الجزء المشكوك من اجزاء احدهما حتّى يترتّب عليه الاثر المترتّب على كون الجزء المشكوك من النّهار فانّ ترتيب هذا الاثر انّما يتفرّع على اثبات كون الجزء المشكوك من النّهار واثباته بالاستصحاب المذكور يكون من الاصل المثبت قوله هاهنا استصحابات أخر فى امور متلازمة مع الزّمان) فانّها تجدى فى ترتيب آثارها كما لو فرض ترتّب حكم على نفس طلوع الفجر مثلا وامّا اثبات الزّمان بها فهو من الاصل المثبت وكذا لا يجدى استصحاب عدم حدوث ضدّ الزمان المشكوك كما عن بعض فى ترتيب الحكم المترتّب على وجود ضدّ المستصحب وانّما يجدى فى ترتيب الحكم المترتّب على نفس المستصحب والفرض انّ الاثر مترتّب على وجود اللّيل مثلا لا على عدم النهار وعن بعض آخر انّه يستصحب مفهوم اللّيل وهو بظاهره غريب الّا ان يكون المراد استصحاب ما يفهمه العرف من لفظ اللّيل وهو القطعة الخاصّة من الزمان فيرجع الى ما ذكره المصنّف وعن الفصول انّ المدار فى الاستصحاب على العرف وهم يعدّون اللّيل والنّهار مثلا امرا واحدا مستمرّا قارّ الذّات كما فى الموضوعات الخارجيّة ولا يلتفتون الى الدّقائق الحكميّة من كونهما ينعدم كلّ جزء منهما بوجود جزء آخر وهو كما ترى فانّ كون اللّيل عبارة عن اجزاء من الزمان يتحقّق انعدام كلّ جزء منها بتجدّد جزء آخر ليس من الدقائق الحكميّة الّا ان يرجع ايضا كما هو الظاهر الى ما ذكره المصنّف من انّ للعرف اعتبار مجموع القطعة امرا واحدا قوله (فالاولى التّمسك فى هذا المقام) لو اريد من استصحاب الحكم ما هو المترتّب على وجود النّهار وبقائه فلا مجال له مع جريان الاستصحاب فى نفس النهار ولو اريد منه ما هو المترتّب على ما يتّصف بوقوعه فى النهار فكما لا يجدى استصحاب النهار فى اثبات الحكم المترتّب على الفعل الواقع فى النهار كذلك لا يصحّ استصحاب نفس هذا الحكم لعدم احراز موضوعه الّا ان يرجع الى استصحاب الحكم المنجّز سابقا وان كان معلّقا

٥٧٦

فى نفسه راجع ما تقدّم فى النقض الثالث على الفاضل التونى قوله (لانّ المفروض فى توجيه الاستصحاب جعل كلّ فرد الخ) لمّا كان الوجه فى جواز اجراء الاستصحاب فى هذا القسم هو جعل العرف كلّ فرد من التكلّم مجموع ما يقع فى الخارج من الاجزاء الّتى يجمعها رابطة واعتباره لتلك الامور التدريجيّة امرا واحدا مستمرّا نظير ما ذكر فى نفس الزمان كان المستصحب امرا واحدا شخصيّا لا كلّيا وقدرا مشتركا حتّى يلاحظ فى كون الشكّ ناش عن حدوث جزء آخر حتّى يكون من القسم الثالث من الكلّى او عن بقاء الطبيعة من حيث تعيّنه فى الخارج بوجود فرده حتّى يكون من القسم الثانى والّا لامكن تخريج المقام على القسم الاوّل ايضا قوله (وما نحن فيه من هذا القبيل فافهم) لا يخفى انّ قياس المقام على السواد الضعيف الباقى مبنىّ على فرض كلّ قطعة من الزمان جزئيّا من الكلّى وهذا لا يجتمع مع فرض كلّ قطعة جزء من الكلّ مضافا الى انّه لو فرضنا فى المقام كون كلّ قطعة جزئيّا من الكلّى فقياسه على السواد الضّعيف فى محلّ المنع قوله (وامّا القسم الثالث وهو ما كان مقيّدا بالزّمان) توضيحه انّ الوجه فى عدم جريان الاستصحاب فيه هو عدم بقاء الموضوع وهذا هو الّذى تقدّم ذكره فى استصحاب الاحكام التكليفيّة وليس الوجه فيه ما استشكل به فى القسمين السابقين من عدم كون المستصحب قابلا للبقاء والى ذلك يرجع ما اجاب عمّا نقله من تخيّل معارضة استصحاب عدم الامر الوجودى مع استصحاب وجوده فإنّ الزمان ان فرض اخذه ظرفا فلا مجال لاستصحاب العدم لانتقاضه بالوجود المطلق وان فرض اخذه قيدا فلا مجال لاستصحاب وجود الحكم لارتفاع موضوعه وكذلك اذا فرض الشكّ فى اخذه ظرفا او قيدا بمعنى عدم العلم باحدهما وان كان فى الواقع لا يخلو عن احدهما للشكّ فى بقاء الموضوع قوله (وممّا ذكرنا يظهر فساد ما وقع لبعض المعاصرين) هو النراقى ره فى المناهج قوله (وامّا ثالثا فلو سلّم جريان استصحاب العدم ح) يحتمل انّه قد اشار بقوله ح الى الاحتمال الثانى وهو كون الشكّ غير متعلّق بالجعل بل يكون متعلّقا بالرّافع فحينئذ لا يجرى استصحاب العدم اى عدم جعل الوضوء سببا لكن لو سلّمنا جريانه ح ليس استصحاب عدم الشّيء رافعا حاكما وهذا هو الظّاهر من العبارة وهذا استصحاب لا اشكال فى جريانه الّا انّ القول بانّه ليس حاكما ليس فى محلّه وكذا الفرق بينه وبين استصحاب عدم وجود الرافع ويحتمل ان يكون اشارة الى الاحتمال الاوّل وهو كون الشكّ متعلّقا بالجعل فح يجرى استصحاب العدم ولكن لا يجرى استصحاب عدم جعل الشيء رافعا كما تقدّم وعلى تقدير جريانه وقطع النظر عن الاشكال السابق لا يكون استصحابه حاكما ولكنّ الاشكال فى القول بانّه ليس حاكما قوله (نعم يستقيم ذلك فيما اذا كان الشكّ فى الموضوع) لا يخفى ان استصحاب العدم فى صورة الشكّ فى وجود المزيل ليس بمعنى عدم تاثير الوضوء كما كان فى الشكّ فى رافعيّة المذى بل بمعنى عدم

٥٧٧

الطهارة الازلى والتعارض يكون بينه وبين استصحاب الطهارة فلا تغفل قوله (الّا انّ الاستصحاب مع هذا العلم الاجمالى) اى استصحاب الوجود والعدم بالمعنى المتقدّم غير جار مع العلم الاجمالى بانّ المجعول الحدث او الطّهارة فانّ العلم الاجمالى بذلك مانع عن جريان الاصلين وليس فى المقام الّا استصحاب عدم وجود الرافع ان كان له اثر شرعىّ والحاصل انّ التعارض غير متصوّر حتّى يكون الاصل الحاكم مقدّما عليهما وحاصل الكلام فى الجواب عن اصل التوهّم الصّادر من الفاضل النّراقى ره التباس الامر عليه لما عرفت من انّ الزمان ان كان مأخوذا على وجه الظرفيّة فالجارى هو استصحاب الوجود لا غير وان كان مأخوذا على وجه الموضوعيّة فالجارى هو استصحاب العدم لا غير ولا مجال فى كلّ واحد منهما لاستصحاب الآخر وما ذكره من مثال الامر بالجلوس فالاستصحاب العدمى الجارى فيه انّما هو بملاحظة ان الموضوع هو الجلوس الخاصّ وهو الجلوس الى الزوال المغاير لما بعده والاستصحاب الوجودىّ فيه انّما هو بملاحظة انّ الموضوع هو الجلوس من دون تقييده بكونه الى الزوال ومن المعلوم انّ الموضوع لو كان هو الجلوس الخاصّ فلا يبقى فيه مجال للاستصحاب الوجودى لما عرفت من تعدّد الموضوع وكون الشكّ فى الحدوث ولو كان هو الجلوس من دون تقييده بكونه الى الزّوال فلا يبقى مجال للاستصحاب العدمى لانقلاب العدم الأزليّ لوجوب الجلوس بالوجود فيما قبل الزوال وقد شكّ فى بقائه له بعد الزوال فلا حالة سابقة بهذا اللّحاظ الّا لوجوبه فلا مجال الّا لاستصحابه لا لاستصحاب عدمه لانقلابه الى الوجود غاية الامر تردّد هذا الوجود بين كونه مستمرّا او غير قابل للبقاء واختصاصه بقطعة من الزمان وقضيّة لا تنقض اليقين بالشكّ هى الحكم ببقائه حتّى يعلم ارتفاعه فإن قلت إنّ الزمان وان كان مأخوذا على وجه الظرفيّة فلا محالة انّما هو من قيود الموضوع فانّ تقييد الحكم بالزّمان انّما هو لقصور فى ناحية الموضوع بحيث لا يقتضى حكما عليه بازيد من ذلك لانّ الموضوعات مقتضيات لاحكامها فالزّمان فى الحقيقة له دخل فيما هو المناط لثبوت الحكم وهو الموضوع وان كان بالنظر العرفى قيدا مأخوذا فى الحكم وعلى هذا فالجارى كلّ واحد من الاستصحابين ويستصحب الوجود بعد الوقت بلحاظ النظر العرفى ضرورة اتّحاد الفعل فى كلا الوقتين ويستصحب العدم بلحاظ النظر الدقيق فانّ الفعل المقيّد بزمان خاصّ غير الفعل فى زمان آخر وح يقع التعارض ومع عدم الترجيح يحكم بالتّساقط قلت ارجاع القيد الى المادّة دون الهيئة لا يجدى فى اجراء كلا الاستصحابين فانّ دليل الاستصحاب لا بدّ وان يكون مسوقا باحد اللّحاظين ولا يمكن ان يكون مسوقا لهما معا لكمال التهافت بينهما فانّ فى الانشاء الواحد لا يعقل الجمع بينهما فاللازم هو تعيين كون خطاب لا تنقض مسوقا باىّ اللّحاظين من حيث عدم امكان الجمع بينهما فى الخطاب فانّ الموضوع الدقيقى مغاير للموضوع العرفى وحين الانشاء بقوله ع لا تنقض اليقين امّا ان يلحظ وجوده الدّقيقى او العرفى والاهمال فى اللّحاظ يوجب عدم الدّلالة واذا كان الانشاء باحد اللحاظين فلا يكون

٥٧٨

الّا استصحاب واحد بعد ما كان اللّحاظين فى الدليل ممتنعا والاهمال غير كاف فى الدّلالة وحينئذ فأمّا ان يكون مدلول الخطاب حرمة النقض بحسب الحقيقة والدقّة فلا مجال الّا لاستصحاب العدم لان الحكم على الموضوع فى الزمان الثّانى نقض لليقين بالشكّ بحسب الدقّة وامّا ان يكون هو حرمته بالنظر العرفى فلا مجال الّا لاستصحاب الوجود لانّ الحكم بالعدم نقض لليقين بالشكّ عرفا وبالجملة ما ذكر من انّ باللحاظ الدقيقى والعرفى يجرى استصحاب الوجود والعدم معا ويقع التعارض بينهما ولو كان الزمان مأخوذا على وجه الظرفيّة انّما يتمّ لو امكن الجمع بين اللحاظين وكانت العبرة فى الحكم بالبقاء بهما معقولة ولكن قد عرفت عدم امكانه ومن المعلوم انّ العبرة انّما هى بالنظر العرفى وهو يرى غاية التفاوت بين ما كان الزمان ظرفا او قيدا وفى الاوّل يرى الموضوع باقيا بخلاف الثانى فانّه يريه مغايرا مع الموضوع الاوّل كما انّه كذلك بحسب الدقّة ثمّ انّ المتوهّم ره راى انّ التعارض يجرى فى الطّهارة اذا حصل الشكّ فيها من جهة خروج المذى وفى النجاسة اذا حصل الشكّ فيها من جهة الغسل مرّة ولكنّه غير خفيّ كما استفيد من المتن انّ منشأ ذلك هو التباس الامر عليه ايضا والغفلة عن انّ الطهارة والنجاسة اذا وجدتا باسبابهما فهما كالملكيّة فى اقتضاء الدّوام والبقاء ما لم يوجد رافع وانّ زيدا اذا تحقّق ملكيّته لشيء ثمّ اوقع عقدا على هذا الملك لعمرو وشكّ فى تاثيره فى ملكيّته له فهل يكون هناك استصحاب غير استصحاب الملكيّة لزيد وكذلك الامر بالنّسبة اليهما فما لم يحصل رافع يقينىّ لهما لا مجال الّا لاصالة الطّهارة او النجاسة وكما لا موقع فى فرض الملكيّة لاستصحاب عدم كون السّبب سببا للملكيّة فى الزائد وجه الظرفيّة بمعنى كونه قيدا للحكم فالمتعيّن استصحاب الحكم الحادث والحكم ببقائه لانّ الاستصحاب شارح للدّليل ويوسّع دائرته ويثبت الحكم فى الزّمان اللّاحق عملا تعبّدا كما انّ الدّليل يثبت الحكم واقعا فى الزمان السّابق واذا كان مأخوذا على وجه الموضوعيّة فالمتعيّن استصحاب العدم الأزليّ السّابق ضرورة انّ الفعل المقيّد بزمان خاصّ غير الفعل فى زمان آخر ولو بالنّظر المسامحىّ العرفى نعم قد عرفت فى القسم الثالث من استصحاب الكلّى انّه لو كان الثابت سابقا اوّل مرتبة الاستحباب او الايجاب لم يكن منع فى الاستصحاب عند تبدّل احدهما القوىّ الى الضّعيف لانّ العبرة فى بقاء الموضوع هو نظر العرف وعليه ففي الفعل المقيّد بالزمان الخاصّ اذا شكّ فى بقاء حكمه من جهة الشكّ فى انّه بنحو التعدّد المطلوبى وانّ حكمه بتلك المرتبة الّتى كانت فى ذلك الوقت وان لم يكن باقيا قطعا الّا انّه يحتمل بقائه بما دون تلك المرتبة من مراتبه لا يبعد دعوى اتّحاد الموضوع عرفا فلا بأس بالاستصحاب لانّ ما قطع بارتفاعه هو الحكم بتلك المرتبة اى مرتبة كونه تمام المطلوب وامّا الحكم بما دونها فلم يعلم ارتفاعه ولكن لا يخفى عليك انّ المستصحب ح هو اصل المطلوبيّة لا الحكم المتعلّق بما هو مطلوب لو فرض فيه الشكّ والّا فمن جهة تعدّد المطلوب يكون الشكّ فى اصل الحكم فتدبّر.

قوله (فلا يعقل اجمال الموضوع فى

٥٧٩

حكم العقل) لا يخفى انّ هذا يتمّ فيما لا يكون الحكم محمولا على الموضوع على اجماله اذ قد يحكم العقل اجمالا على موضوع على الاجمال لكونه ضروريّا على اجماله كما فى كثير من القضايا الوجدانيّة فانّا نجد بالضرورة من انفسنا قبح طلب المتضادّين مع انّ عند الالتفات اليه تفصيلا يشكّ فى انّ مناط هذا الحكم هو قبح الالزام باتيانهما او نفس الالزام بهما ومع ذلك لا يشكّ فى اصل الحكم بقبحه على نحو الاجمال والغرض انّ الحكم العقلىّ المحمول على شيء بتفصيله لا يلحقه باجماله قوله وامّا الحكم العقلى بالقبح فلا يثبت بذلك) وتخيّل انّ بالاستصحاب يحكم شرعا ببقاء الضرر فى السمّ فينطبق على المضرّ الّذى هو موضوع حكم العقل بناء على ان موضوعه اعمّ من القطع والقطعىّ انّما يتمّ لو كان مفاد الاستصحاب على التعبّد تنزيل المشكوك فى الموضوعات منزلة الواقع ولكن ليس مفاده الّا ترتيب الاثر الشرعىّ المجعول قبل هذا الشكّ وليس ذلك فى المقام الّا الحرمة كما انّه يمكن اجراء استصحاب الحرمة ايضا فى الواقعة الجزئيّة فيما شكّ فى بقاء سمّيته ويقال هذا الموجود الخارجى كان حراما شرعا قبل زمان الشكّ فيستصحب والموضوع فى كلا الاستصحابين باق عرفا وان كان غير باق فى حكم العقل لعدم احراز الانطباق على المضرّ وكون الحرمة الشرعيّة من حيث القبح المذكور فى حكم العقل غير ضائر بالاستصحاب ومن هنا تعلم انّ الحكم الشرعى المستند الى الحكم العقلىّ انّما يكون حاله حال الحكم العقلىّ فى عدم جريان الاستصحاب عند المصنّف اذا كان المستصحب حكما كلّيا وامّا فى الحكم الجزئىّ فقد يجرى الاستصحاب فى الحكم الشرعى ولكن قد عرفت منّا عند بيان القول الخامس وهو التفصيل بين الحكم الشرعىّ الكلّى وغيره امكان استصحاب الحكم الشرعىّ الكلّى المستكشف من العقل قوله وما فى اعتراض بعض المعاصرين على من خصّ الخ) فانّ مرادهم ليس استصحاب الحكم العقلىّ بل استصحاب ما ثبت فى مورد حكم العقل من غير جهة حكم العقل وحيث انّ استصحاب الامر الوجودى فى مورد حكم العقل لا يمكن ان يكون من غير جهة حكم العقل فلذا خصّوه باستصحاب العدم اى البراءة الاصليّة فلا معنى لهذا الاعتراض قوله (ويظهر ايضا فساد التّمسك باستصحاب البراءة) فانّ الشكّ فى التكليف موضوع لحكم العقل بقبح العقاب على التكليف المشكوك وهذا الحكم العقلىّ يفيد القطع بالبراءة فلا مجال للشكّ فيها حتّى يحكم ببقائها شرعا فليست الواقعة محلّا للحكم الظاهرى وكذا الكلام في الشكّ فى بقاء التكليف الواقعى المعلوم اجمالا فيما فعل ما يحتمل معه سقوطه فانّ الشكّ المذكور بنفسه موضوع لاستقلال العقل بوجوب تحصيل اليقين بالفراغ عن التكليف المعلوم فلا مجال للشكّ فى ذلك حتّى يحكم بعدم ارتفاع الاشتغال شرعا قوله (نعم لو اريد اثبات عدم الحكم امكن اثباته) ظاهر العبارة انّ استصحاب عدم الحكم يجرى لانّه استصحاب فى الحكم الشرعى ولا دخل له بالاستصحاب فى الحكم العقلىّ كما مرّ فيما

٥٨٠