تسديد القواعد في حاشية الفرائد

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري

تسديد القواعد في حاشية الفرائد

المؤلف:

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٩

وذلك من جهة انّ الخبر اذا دلّ فى مورده على تعادل الركعة للركعتين ثبت به ذلك ولو فى غير مورده ولا معنى للالتزام بالتّعادل فى الشّك بين الثلاث والاربع وعدم الالتزام به فى الشّك بين الاثنين والثلاث وقالا بجواز الفصل فى الثانى فانّ الاصول العمليّة لا تكون فيها طريقيّة وجهة كشف اصلا فلو ثبت بها شيء لا يلزم منه ثبوت لوازمه بها ايضا ولذا تراها مختلفة الاقتضاء فى مواردها ومجاريها وذلك مثل استصحاب طهارة الملاقى لاحد الثوبين المشتبهين وجواز التوضّى منه وعدم جواز الصّلاة مع الملاقى بالفتح وهذا التّفصيل وان لم نقل به نحن لكنّ المقصود تحقّق الخلاف به وثانيا أنّ التعبّد بالإجماع وعدم جواز الفصل انّما هو فيما لم يظهر لنا مدرك المجمعين واذا علمنا ماخذه ومدركهم فليس علينا التعبّد به وكان اللّازم العمل بالمدرك والحكم بمقتضى ما دلّ عليه ومن الواضح ان منشأ الاجماع المدّعى فى المقام ليس الّا لزوم الإطاعة والانقياد لقول المعصوم ع وهو على اطلاقه محلّ منع والمسلّم منه ما يلزم منه المخالفة فى مقام العمل ولا دليل على لزوم الإطاعة مطلقا وثالثا منع الاطلاق فى كلامهم بحيث يشمل ما لا يلزم منه مخالفة عمليّة قطعيّة ويدلّ على هذا كلام صاحب الفصول حيث قيّد فى كلماته عدم جواز احداث القول الثالث بما اذا كان القول الثّالث مخالفا للاحتياط حيث يقول بعد القول بعدم جواز خرق الإجماع المركّب على التفصيل المتقدّم وينبغى ان يستثنى من ذلك ما اذا ادّى دليل الاحتياط الى احداث قول ثالث فانّه يجوز احداثه وان كان الإجماع المنعقد فى ذلك المقام كاشفا عن الحكم الواقعى كما لو انعقد الاجماع المركّب على اباحة شيء او حرمته او إباحته ووجوبه فانّه يجوز الحكم فى الأوّل بالكراهة وفى الثانى بالاستحباب للاحتياط مع القطع بمخالفة الحكم الواقعى انتهى ثمّ لا يخفى انّ هذا كلّه مع قطع النّظر عمّا ياتيك فى باب البراءة من ابطال الاباحة ايضا وانّ الحقّ هو التوقّف فراجع قوله (الّا ان يقال انّ المدّعى للخطاب التخييرى الخ) وفى بعض النّسخ هكذا الّا ان يلتزم بانّ الخطاب المدّعى ثبوته ليس الغرض منه ما هو حاصل بدونه بل المقصود صدور واحد من الفعل او التّرك مع الالتزام بحكم لا على وجه عدم المبالات انتهى وهذا هو الصّحيح لانّ غرض المصنّف بيان انّ المدّعى للخطاب التخييرى اذا ادّعى انّ الخطاب الأخر الّذى هو غير الخطاب الواقعى المجمل اذا دلّ على التخيير ملتزما باحد الحكمين بحيث يكون الالتزام باحدهما من مدلول ذاك الخطاب فهذه الدّعوى معقولة لكن ينحصر دفعه حينئذ بعدم دليل خارجىّ يدلّ على ذلك وعلى تقدير العبارة المذكورة فى المتن لا بدّ وان يكون مراده من التعبّد باحد الحكمين الموجود فيها هو الالتزام لا ما هو ظاهر لفظ التعبّد وذلك لوضوح انّ مفروض البحث هو الدّوران بين الوجوب والتحريم التوصّليّين قوله (وامّا دليل وجوب الالتزام بما جاء به النّبى ص)

١٠١

هذا هو المهمّ فيما يفرض مانعا عن الفتوى بالاباحة اذ المفروض العلم بكون الحكم من الشارع غير ما هو مقتضى الأصل الموضوعى والحكمى ولا اشكال فى انّ معنى تصديق النّبى ص ليس الّا هو الاعتقاد والالتزام بما جاء به من غير فرق بين الاصول الاعتقاديّة والفروع العمليّة وكما انّ ترك العمل بالحكم الصّادر من الشارع حرام فكذلك الاعتقاد بحكم يكون مخالفا له بل يمكن ان يقال انّ الثّانى اشدّ من الاوّل وموجب للكفر والخروج عن الدّين واجاب قدس‌سره عن هذا الإشكال بانّ وجوب الالتزام بما جاء به النّبى ص تابع لثبوته تفصيلا واجمالا واقعيّا وظاهريّا فلو التزم المكلّف فى المقام بالإباحة الواقعيّة كان مخالفا لما وجب الالتزام به وامّا لو التزم بالاباحة الظّاهريّة معتقدا بانّ الحكم الواقعى هو الوجوب او الحرمة فليس فيه مخالفة للحكم الواقعى المردّد وطرح له اصلا وليس الحكم بالإباحة الظّاهريّة ايضا الّا من قبل حكم الشّارع بها كما هو مقتضى ادلّة الاصول مثل قولهم كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم انّه حرام وما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم وغير ذلك والتّنافى انّما هو بين ثبوت احد الحكمين من الوجوب والحرمة والعلم به مع ثبوت الإباحة ايضا فى الواقع لا فى ثبوت احدهما فى الواقع والاباحة فى الظّاهر ثمّ أنّ الفرار عن الاباحة من حيث لزوم المحذور المذكور الى القول بالتخيير الظاهرى غير مفيد قطعا لما عرفت من انّ الالتزام بالتخيير ايضا لا بدّ من دليل يدلّ عليه فكما انّ اثبات الالتزام بخصوص الوجوب او الحرمة فى المقام لا يمكن ان يستفاد من نفس دليل وجوب الالتزام بما جاء به النّبى ص فكذلك الالتزام بالتخيير ولا بدّ له من دليل يدلّ عليه كما هو المدّعى فى الالتزام بالإباحة الظّاهريّة ووجوب الالتزام بما جاء به النّبى ص لا يثبت الّا الالتزام بالحكم الواقعى على ما هو عليه لا التخيير الواقعى او الظّاهرى والالتزام باحدهما تخييرا فانّ التخيير ولو كان ظاهريّا غير التعيين ولو كان واقعيّا هذا مضافا الى ما ذكرنا فى الجواب الاوّل من الاستدلال على التخيير بحكم العقل فتدبّر قوله (فى تلك المسألة فيما اذا اقتضى الأصلان حكمين) وذلك كصحّة الوضوء بالماء القليل الّذى لاقى احد الثّوبين المشتبهين وبطلان الصّلاة فيه وكطهارة البدن وبقاء الحدث لمن توضّأ بمائع مردّد بين الماء والبول وغيرهما ممّا يعلم اجمالا ببطلان احدهما واستدلّ على الجواز بعدم قيام دليل صالح للمنع فيجب اتّباع ما يقتضيه الادلّة الّتى مفادها الظّاهر وان ادّى الى القول بالتّفصيل وخرق الاجماع بخلاف ما لو قام دليل من اجماع او غيره على المنع من التّفصيل فلا يجوز التّفصيل والخرق كالواطى للأمة اذا وجد فيها عيب بعد الوطى فقال بعض بعدم جواز الردّ وقال بعض آخر بجوازه مع الارش فالقول بجواز الردّ مجّانا خرق للإجماع قوله (والأنصاف انّه لا يخلو عن قوّة لانّ المخالفة العمليّة الخ) حاصله انّ وجوب الاجتناب عن المخالفة القطعيّة الحاصلة فى واقعتين

١٠٢

لازم بحكم العقل اذا كان عن قصد اليهما فانّ ارتكاب ما هو مبغوض للمولى قبيح عقلا ولو كان فى واقعتين اذا لم يكن عن غفلة وسهو ولم يكن له عند كلّ واقعة ما يكون بدلا فى الظّاهر عن المعلوم اجمالا بان يبتنى على التخيير ظاهرا او يأخذ جانب الحرمة من غير فرق فى ذلك بين ما علم الخطاب تفصيلا واشتبه الموضوع كما فى الشّبهة المحصورة او تعيّن الموضوع واشتبه الحكم بين امرين كما فى المقام نعم لو ارتكب احد طرفى الشّبهة فى المقام مع عدم العزم على ارتكاب الأخر لم يكن عليه شيء وفى كلامه نظر من وجوه الأوّل انّ حرمة الارتكاب حينئذ من حيث حصول المخالفة العمليّة تدريجا وهذا لا ينافى القول بعدم حرمة المخالفة الالتزاميّة بذاتها الثّانى انّ تعدّد الواقعة اذا كان مجديا فى جواز المخالفة العمليّة مع اذن الشّارع كما فى تخيير المقلّد بين قولى المجتهدين ففى المقام ايضا لا بأس بالمخالفة ولو مع العزم فى الواقعتين لانّ الرجوع الى الاباحة الّتى تقتضى ارتكاب الفعل دفعة وتركه اخرى يكون عن دليل شرعىّ وهو عموم ادلّتها من حديث الرفع والحجب وغيرهما الثالث أنّ حرمة المخالفة العمليّة انّما هى فيما كانت اطراف الشّبهة باجمعها محلّا للابتلاء واذا فرض عدم الابتلاء بها فى زمان واحد كما فى المقام فلا يكون فى البين خطاب منجّز حتّى يحكم العقل بحرمة المخالفة قوله (مع عدم التعبّد بدليل ظاهرىّ فت) يمكن ان يكون اشارة الى بعض ما ذكرنا ويمكن ان يكون اشارة الى انّ هذا التّفصيل والقول بالإباحة فيما لا يلزم مخالفة عمليّة ينافى ما هو ظاهرهم فى مسئلة دوران الامر بين الوجوب والتّحريم كما نصّ عليه من الاتّفاق على عدم الرجوع الى الاباحة وان اختلفوا بين قائل بالتخيير وقائل بتعيين الاخذ بالحرمة قوله (فان كانت لخطاب تفصيلى فالظاهر عدم جوازها) يستدلّ عليه بوجهين الاوّل انّ الالفاظ موضوعة للمعانى النّفس الأمريّة فلفظ النّجس موضوع للنّجس الواقعى والمفروض حصوله فى الإناءين المشتبهين فيجب الاجتناب عنهما امتثالا لقول الشارع اجتنب عن النّجس وارتكاب الإناءين مخالف لهذا الخطاب ولو اجاز الشارع ارتكابهما لزم التناقض لمنافاته مع الأمر بالاجتناب عن النّجس الثّانى الاخبار الكثيرة الدّالة على المنع وهى طوائف منها الاخبار الدّالة على اهراق الإناءين ووجوب التيمّم ومنها الاخبار الدّالة على وجوب الصّلاة فى الثوبين المشتبهين الّذين علم بنجاسة احدهما لا على التّعيين ومنها الاخبار الدّالة على وجوب غسل الثوب الّذى علم بنجاسة طرف منه للصّلاة ومنها الاخبار الدّالة على عدم جواز الانتفاع بالدّهن المشتبه بالنّجس ووجوب بيعه ممّن يستحلّ الانتفاع به ومنها الاخبار الدّالة على الأمر بالصّلاة الى اربع جهات اذا اشتبه القبلة واجيب عن الاوّل بانّ وضع الألفاظ للمعانى النّفس الأمريّة مسلّم ولكن تعلّق الامر بها لا يكون علّة تامّة لتنجّز التّكليف بل ليس الأمر الواقعى الّا مقتضيا له ويشترط فى تاثير المقتضى فقد المانع ولا يبعدان يكون الجهل مانعا عن تنجّز التّكليف

١٠٣

ووجوب الامتثال ولزوم التناقض فى تجويز الشارع للارتكاب مع كون الحكم الواقعى يكون من قبيل المقتضى ممنوع لانّه يشترط فى التّناقض اتّحاد المتعلّق وفى المقام يتغاير المتعلّقان لأنّ متعلّق وجوب الاجتناب الخمر الواقعى ومتعلّق جواز الشّرب المائع المشتبه فيتعدّدان وبعبارة اخرى وجوب الاجتناب حكم واقعى وجواز التّناول حكم ظاهرىّ والثانى فى طول الاوّل لا فى عرضه وإليه يشير المصنّف ره فى باب البراءة بقوله قلت الحكم الظّاهرى لا يقدح مخالفته للحكم الواقعى فى نظر الحاكم مع جهل المحكوم بالمخالفة لرجوع ذلك الى معذوريّة المحكوم الجاهل الخ وعن الثّانى بمعارضة هذه الاخبار مع اخبار كثيرة دالّة على الجواز مثل قوله ع كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام او حتّى تعلم انّه حرام وقوله ع كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال وغيرها من الأخبار ويردّ الأوّل انّ مع علم المكلّف بالمخالفة يقبح من الجاعل جعل الحكمين لانّ العلم بالتّحريم كاف فى وجوب الامتثال بالاجتناب عن ذلك المحرّم فاذن الشّارع فى فعله ينافى ويناقض حكم العقل بوجوب الإطاعة ويردّ الثانى بانّ الأخبار المانعة يقرب فى الكثرة الى حدّ التواتر وليست الأخبار المجوّزة بهذه الكثرة فهى راجحة عليها مضافا إلي ظهور الأخبار المجوّزة فى الشّبهات البدويّة فليس بينهما تعارض أصلا وعلى فرض شمول المجوّزة للشّبهات المقرونة بالعلم الإجمالي يكون اعراض الأصحاب عن التّمسك بها لجواز ارتكاب المشتبهين موهنا لها فلا تصلح للمعارضة ثمّ على فرض الشّمول والإغماض عن الاعراض تكون هذه الاخبار دالّة على جواز ارتكاب المشتبه من حيث انّه مشتبه فلا ينافى عروض مانع للجواز وفى المقام هو العلم الإجمالي بارتكاب الحرام ووجوب الاجتناب من كلّ منهما مقدّمة فانّ العقل لا يقبح العقاب على الارتكاب بعد حصول العلم الإجمالي والحاصل لا اشكال فى صدق المخالفة عقلا وعرفا لانّه مخاطب بالاجتناب عن النّجس مثلا والمفروض انّه موجود فى الإناءين فالخطاب منجّز فى حقّه والقائل بالجواز امّا يمنع من وجود المقتضى بانّ المراد بالنّجس المأمور بالاحتراز عنه هو النّجس المعلوم كونه نجسا مستدلّا بوضع الالفاظ للمعلومات او بانصرافها اليها فى مقام التّكليف وهو فى غاية السّقوط وامّا يثبت المانع من تنجّز الخطاب بعد اعترافه بانّ الواجب هو الاجتناب عن النّجس الواقعى مستدلّا بادلّة البراءة وهذا أيضا باطل لعدم جريانها فى المقام لانّ دليل البراءة امّا العقل وقد عرفت انّه يحكم بخلافها وامّا الاخبار وهى ايضا تدلّ بالمفهوم على عدم الجواز ويظهر ذلك بالتامّل فى مثل حديث الرّفع وقوله ع النّاس فى سعة ما لا يعلمون ومرسلة الفقيه كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهى وخصوصا الأخير فانّ الاوّلين يدلّان بالمفهوم على عدم رفع العقاب والآثار عمّا علم والعلم اعمّ من التّفصيلى والإجمالي ولا وجه لتخصيصه بالاوّل فالمراد بما لا يعلمون هو الشّك الصّرف الّذى لا يشوبه العلم

١٠٤

اصلا ولو اجمالا والأخير يدلّ بالغاية على حرمة ارتكاب ما ورد فيه نهى وفى المقام يعلم بوروده على انّ حرمة الارتكاب اتّفاقى ظاهرا ولم نعرف من افتى بالجواز وإنّما الإشكال فيما لعلّه كالصّريح فى الجواز وهو قوله ع كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه لكنّه بظاهره خلاف الاجماع وحكم العقل والأخبار الواردة بخلافه وبالجملة المتمسّك بالأصل امّا ان يحكم بجواز ارتكاب احدهما المعيّن فهو ترجيح بلا مرجّح او كليهما معا ويلزم منه مخالفة العلم الاجمالى المسبّب عن الخطاب التّفصيلى او أحدهما لا بعينه اعنى التخيير بينهما فى الظّاهر وهذا يحتاج الى دليل والمفروض عدمه وتمام الكلام فى باب البراءة إن شاء الله الله تعالى قوله (قلت اصالة الطّهارة فى كلّ منهما الخ) هذا بيان لكون المراد من العلم المجعول غاية لاجراء الأصل هو ما يعمّ العلم الإجمالي والتّفصيلى ولا يختصّ بالأخير قوله (المخالف لقوله اجتنب عن النّجس فتامّل) الظّاهر انّه اشارة الى عدم الفرق بين المقامين فكما انّ فى المخالفة الالتزاميّة يكون الأصول فى الموضوعات حاكمة عنده على ادلّة التّكليف فكذلك فى المقام تكون اصالة الطّهارة حاكمة على ادلّة وجوب الاجتناب عن النّجس وعلى الحكومة فليس مرجع اصالة الطّهارة الى عدم وجوب الاجتناب حتّى يكون مخالفا لخطاب اجتنب عن النّجس ويمكن ان يكون اشارة الى دقّة المطلب والفرق بين ما كانت الأصول حاكمة على الخطابات الواقعيّة كما فى الشبهات الموضوعيّة فى المخالفة الالتزاميّة وما لم تكن حاكمة كما فى المقام فانّ الكلام فى السّابق انّما كان فى المخالفة الالتزاميّة الّتى لا تستلزم المخالفة العمليّة القطعيّة وبعبارة اخرى ما كان فى دفعة واحدة وامّا فى المقام فحيث انّ مرجع اجراء الاصول فى الموضوع الى المخالفة العمليّة القطعيّة وهذا ينافى الخطاب المعلوم قوله (لانّ المخالفة القطعيّة فى الشّبهات الموضوعيّة فوق حدّ الاحصاء) كما فى المسألة الملاقى والملاقى بالفتح ومسئلة طهارة البدن وبقاء الحدث لمن توضّأ غفلة بمائع مردّد بين الماء والبول وغير ذلك بخلاف الشّبهة الحكميّة كما يظهر من كلماتهم فى مسئلة الاجماع المركّب فانّ كلماتهم عدا بعض نادر متّفقة على عدم الرجوع الى الاصل اذا استلزم مخالفة الحكم المعلوم بالإجمال قوله (والوجه فى ذلك انّ الخطابات فى الواجبات) ليس غرضه قدس‌سره تخصيص ارجاع الخطابات الى خطاب واحد بالواجبات ففى المحرّمات ايضا يقال بانّها بمنزلة خطاب واحد بترك الكلّ وهذا واضح قوله (والا قوى من هذه الوجوه هو الوجه الثّانى) والوجه فى اضعفيّة الرّابع بل سقوطه هو حكم العقل القطعى بقبح مخالفة ما هو مطلوب المولى واستحقاق الذّم والعقاب عليها ولا يعذر فيها الّا الجاهل بها ومن الواضح انّ العقل لا يفرّق فى قبح المخالفة بين

١٠٥

هاتين الصورتين لانّ مناط الذّم واستحقاق العقاب ليس الّا مجرّد ارتكاب ما هو مبغوض للمولى عن قصد اليه وقد يحتمل وجه خامس وهو انّه اذا كان المخالفة العمليّة مخالفة لخطاب مردّد بين خطابين وكان الشّبهة فى الموضوع فيجوز المخالفة مطلقا واذا كانت الشبهة فى الحكم فيفصّل بين ما كان الاشتباه من قبيل دوران تعلّق الخطاب الوجوبى بصلاة الظهر او الجمعة وما كان من قبيل تعلّقه بالدعاء عند هلال شهر رمضان او بالصلوات عند ذكر النّبى ص فكما أنّ الشبهة فى الموضوع اذا كانت كاشفة عن خطاب تفصيلى كما فى الشّبهة المحصورة فلا يجوز المخالفة فكذا فى الشّبهة الحكميّة اذا كانت من قبيل الاوّل ويستدلّ لهذا التّفصيل بجريان دليل الوجه الاوّل فيما كان من قبيل وجوب الدّعاء او الصلوات لا فيما كان من قبيل وجوب الظّهر او الجمعة ويمكن المناقشة فيه بان الاشتباه فى كلّى المتعلّق للحكم لا ينفكّ ابدا عن الاشتباه فى كلّى اصل الحكم فمتى كان متعلّقه الكلّى مردّدا بين امرين كان الخطاب ايضا مردّدا واذا جعل المدار فى جواز المخالفة اشتباه الخطاب الكلّى وتردّده بين خطاب تعلّق بموضوع كلّى وخطاب تعلّق بموضوع آخر كذلك فهذا بعينه موجود فى القسم الاوّل ولا يقاس المقام بالتّفصيل الجارى فى الشّبهة الموضوعيّة فانّ فى الشّبهة المحصورة يكون الحكم والمتعلّق الكليّان معلومين تفصيلا وقد علمت انّ ارتكاب الإناءين المشتبهين يكون مخالفة لخطاب معلوم تفصيلىّ وهو قول الشارع أجتنب عن النّجس وكذا لو قال اكرم زيدا واشتبه بين شخصين فانّ ترك اكرامهما معا معصيته لخطاب تفصيلى فالشّبهة الموضوعيّة قد يرجع المخالفة فيها الى مخالفة الخطاب التّفصيلى فيخرج عن محلّ الكلام وقد يرجع الى مخالفة الخطاب المردّد بين الخطابين فيجرى فيه الوجوه الأربعة وهذا بخلاف الشبهة الحكميّة الّتى يكون المتعلّق للحكم الكلّى مردّدا بين كلّيين فانّها يلزمها عدم الانفكاك عن المخالفة للخطاب المردّد مطلقا إلّا ان يقال انّ الجاعل اذا اراد انشاء الحكم لأحد الموضوعين الكليّين اللّذين بينهما جامع مشترك فامّا ان يلاحظ هذا الجامع وينشئ الحكم لكلّى خاصّ مع الالتفات الى الجامع المشترك بينه وبين الكلّى الآخر لكونه جنسا قريبا لهما مثل انشاء الحكم وتخصيصه بصلاة الظّهر او الجمعة مثلا فانّ تخصيص الحكم باحد النّوعين لا ينفكّ عن ملاحظة جنسهما الّذى هو مطلق الصّلاة وان خصّص الانشاء باحدى الخصوصيّتين فينحلّ الأمر فى الحقيقة الى امر باتيان الجنس وامر باتيان هذا الجنس فى ضمن الفصل الخاصّ فكانّه قال اطلب منك ايجاد الصّلاة وان توجدها فى ضمن الظّهر او الجمعة ويكون الفصلان من حيث كون القدر المشترك بينهما جنسا قريبا لهما بمنزلة المصداق له ولهذا يسمّى كلّ منهما جزئيّا اضافيّا بالنّسبة الى جنسهما القريب وان كانا كليّين ولهما مصاديق متعدّدة والحاصل انّ الجاعل وان انشأ الحكم لخصوص احد المتعلّقين الكلّيين الّا انّه جعل الخصوصيّة متعلّقة

١٠٦

للحكم بملاحظة كونها فصلا من فصول الجنس القريب وإمّا أن ينشئ الحكم لكلّى خاصّ ويجعل الخصوصيّة متعلّقة للحكم مع عدم الالتفات الى الجامع المشترك بينه وبين كلّى خاصّ آخر لكون الجامع جنسا بعيدا كما فى الدعاء والصّلوات فانّهما وان اشتركا فى انّهما فعل من الأفعال الّا انّا نقطع بانّ الشّارع المنشئ لحكم الوجوب لاحدهما لم يلاحظ هذا القدر المشترك البعيد عنهما لكونهما بمنزلة النّوع السافل ففى القسم الاوّل يحصل العلم بالخطاب التّفصيلى المتعلّق بأصل الجنس وان كان بتوسيط الخطاب الوارد على الفصل وفى ضمنه بخلاف القسم الثّانى لعدم العلم بالخطاب التّفصيلى ولو بالنّسبة الى الجنس ولذا ترى اهل العرف والعقلاء اذا عرض عليهم قوله تعالى (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) وجهلوا بانّها صلاة الظّهر او الجمعة يقطعون بانّ اصل الصّلاة قد لوحظت فى نظر الأمر ويبنون على وجوب الاتيان بكلّ من الفصلين وكذا فى مواضع الترديد بين القصر والإتمام وما ذكرناه يجري في الجملة الخبريّة ايضا فانّ المخبر اذا اراد الأخبار عن خصوصيّة فتارة يلتفت الى الجامع بينهما وبين ما يخبر عنه آخر مثل ما اذا صدرت اخبار عن وقايع متباينة ولكنّها اشتملت على معنى مشترك بينها بالتّضمن او الالتزام والمخبر حين الاخبار عن الواقعة الخاصّة يكون مقصوده الأصلى هو الأخبار عن الجامع ويؤدّى كلّ من المخبرين هذا المقصود بنحو خاصّ فانضمام تلك الاخبار يوجب العلم التّفصيلى بالجامع وهذا هو التواتر المعنوىّ وأخرى لم يلتفت الى الجامع اصلا وليس المقصود الّا الأخبار عن امر خاصّ من دون ملاحظة انّه فصل لجنس مشترك بينه وبين اخبار الآخرين مثل ان يخبر احد عن هلاك سلطان قومه وآخر عن حدوث الحرب فى بلاد الأفرنج وآخر عن مرض شايع فى ناحية من الأرض فتلك الوقائع الخاصّة المخبر عنها وان كان لها جامع مشترك وهو وقوع داهية عظمى لكنّ المخبرين غير ملتفتين اليه ولم يلاحظوا ذلك فى اخبارهم اصلا ولا توجب علما بوقوع القدر المشترك ولا يكون من قبيل القسم الاوّل معدودا من المتواتر والمسألة تحتاج الى التّامل ثمّ إنّه إذا كان الاصل المخالف للعلم الإجمالي من الاصول اللفظيّة كاصالة الحقيقة واصالة العموم فلا اشكال فى تقديم العلم الإجمالي عليه وعدم جواز مخالفة العلم غاية الأمر اداء الأمر بالأخرة فى بعض الموارد الى الرّجوع الى الأصول العمليّة فاذا قال المولى اكرم العلماء وقال لا تكرم الفسّاق وعلمنا من ذلك انّ العالم الفاسق امّا يجب اكرامه بتخصيص العام الثانى وامّا يحرم بتخصيص الاوّل فلا يصح الرّجوع الى اصالة العموم فى كلّ منهما لاستحالة البناء عليه مع العلم بوجود المخصّص اجمالا وكذا الكلام فيما اذا ورد مخصّصان متعارضان لمكان العلم بتخصيص العام باحدهما يقينا وعدم تخصيصه بالآخر كذلك بل لا بدّ

١٠٧

من الترجيح ان امكن والّا فيجرى فيه حكم العامّ المخصّص بالمجمل ويجب الرّجوع فى محلّ الاشتباه الى البراءة والاستصحاب او الى التخيير قوله (امّا الكلام فى الاوّل فمحصّله ان مجرّد تردّد التكليف الخ) قد يقع الكلام فى المسألة بالنّسبة الى حكم كلّ منهما منفردا وقد يقع بالنّسبة الى حكم كلّ منهما فى الوقائع المتعلّقة بصاحبه وقد يقع بالنّسبة الى شخص ثالث بالنّسبة الى الوقائع المتعلّقة باحدهما وقد يقع بالنّسبة اليه بالنّسبة الى الوقائع المتعلّقة بهما معا أمّا الاوّل فحكم كلّ منهما انّ له اجراء اصل البراءة عن وجوب الغسل وعن حرمة المكث فى المساجد وقراءة سور العزائم وغير ذلك لما ذكره المصنّف ره من انّ الاطاعة والمعصية فرع تعلّق الخطاب بالمكلّف الخاصّ وان لم يعلم ذلك الخطاب بعينه ومن الواضح انّ العلم بلزوم المخالفة انّما يمنع عن رجوع الشّخص الى الاصل اذا كان علما بمخالفته للخطاب المتوجّه اليه لا العلم بالمخالفة الحاصلة من احدهما مع فرض كون كلّ واحد منهما شاكّا فى المخالفة وعن بعض الاصحاب انّ حالهما كحال الشّبهة المحصورة فكما انّ المخالفة غير جائزة هناك ولا يجرى فيه الأصل لمكان العلم فكذلك فى المقام فانّ اصالة عدم جنابة احدهما تعارض باصالة عدم جنابة الآخر ولانّ العقل والنّقل يحكمان بوجوب اتيان ما يحتمل فى تركه العقاب بدون حصول المؤمّن وما نحن فيه كذلك اذ يحتمل كلّ واحد منهما كونه جنبا فبترك الغسل يحتمل العقاب ولم يثبت المؤمّن وهو الأذن لأنّ الأذن حاصل فى حال الجهل لا فى حال العلم ولو كان إجمالا فمقتضى القاعدة أن يجريا على نفسهما حكم الشّبهة المحصورة لكن لمّا ورد النّص فى خصوص مسئلة الجنب بانّهما ليسا مكلّفين بالغسل فعلينا العمل بمقتضاه الّا انّه لا يجوز التعدّى منه الى غير مورد النّص كواجدتى دم الحيض مثلا والحقّ ما قدّمناه والقياس مع الفارق فانّ فى الشّبهة المحصورة والخطاب المردّد بين خطابين كوجوب الظّهر او الجمعة يعلم المكلّف بتوجّه الخطاب اليه ولكنّه يتردّد بين امرين ولمكان العلم بتوجّه الخطاب اليه لا يجوز له المخالفة بخلاف المقام اذ لا يعلم كلّ منهما بتوجّه خطاب اليه فانّ وجوب الغسل متوجّه الى الجنب وكل منهما شاكّ فى توجّه هذا الخطاب اليه والعبرة بالعلم بتحقّق الخطاب بالمكلّف الخاصّ ويقبح عقاب واحد من الشّخصين يكون جنبا بمجرّد هذا الخطاب الغير المعلوم توجّهه اليه لانّه متوجّه الى الجنب وكلّ منهما بالاصل محكوم بعدم كونه جنبا والاصلان يتعارضان اذا كان لكلّ منهما اثر لشخص واحد كاجراء الاصلين فى كلّ من الإناءين المشتبهين فانّ اجراء الأصل فى كلّ منهما له اثر وهو جواز الشرب والاستعمال وامّا اذا لم يكن الاثر الّا لاصل واحد فالّذى لا اثر له بالنّسبة الى هذا الشّخص لا يعارضه وان كان له اثر آخر مثل ما اذا وقع على ثوب المصلّى دم اقلّ من الدّرهم وتردّد بين كونه دم حيض او غيره فانّ اصالة عدم كونه دم حيض له اثر وهو جواز

١٠٨

الصّلاة معه بخلاف الآخر فانّ اصالة عدم كونه دم غير الحيض لا اثر له لجواز الصّلاة فيه على كلّ تقدير من وجوده وعدمه الّا على القول بالأصل المثبت وما نحن فيه من هذا القبيل لانّ اصالة عدم كونه جنبا لها اثر شرعىّ وهو جواز الدّخول فى الصّلاة والمكث فى المساجد وغيرهما بخلاف اصالة عدم كون صاحبه جنبا لعدم اثر لهذا الاصل بالنّسبة الى المكلّف الأخر الّا على القول بالأصل المثبت نعم إذا حصل لأحدهما او لثالث علم بتوجّه الخطاب اليه دخل فى اشتباه متعلّق التّكليف ووجب الاحتياط وامّا الثانى فمن امثلته حمل احدهما الآخر وادخاله فى المسجد وكذا دخول المحمول واستيجاره الحامل ومنها ما لو امر احدهما صاحبه بالمكث فى المسجد او الحرم مع دخوله فى احدهما معه ايضا فانّه من المخالفة للخطاب المعلوم بالإجمال الّذى عرفت فيه الوجوه لانّ الأمر ان كان جنبا فهو مكلّف بعدم دخول المسجد وان كان صاحبه جنبا فهو مكلّف بعدم الامر بالمنكر وأمّا إذا استنابه او استاجره للغير ولم يدخل معه فيجوز له ذلك العمل بلا اشكال ومنها اقتداء احدهما بالآخر فان قلنا بانّ عدم جواز الاقتداء من احكام الجنابة الواقعيّة كان صلاة المأموم باطلا من جهة بطلانها بنفسها او من جهة بطلان صلاة امامه فهذا الفعل الخاصّ وهو صلاة المأموم معلوم البطلان تفصيلا وان قلنا انّه يكفى فى جواز الاقتداء عدم جنابة شخص فى حكم نفسه صحّ الاقتداء وامّا الثالث والرّابع فمن امثلتهما اقتداء الغير بهما فى صلاة او صلاتين او باحدهما ومنها إستيجارهما او احدهما لكنس المسجد قوله (او ادخال النّجاسة الغير المتعدّية) ولا اشكال فى ذلك فانّ المطلوب لدى الشارع على ما يفهمه الفقيه من الآيات والأخبار الواردة فى فضل المسجد وشرفه هو خلوّه عن النّجاسة الظاهريّة او ما بمنزلتها من النّجاسات الباطنيّة ومبغوضيّة عكسه سواء كان الباعث عليه الإدخال او الدّخول قوله (فان قلنا انّ الدّخول والإدخال متحقّقان بحركة واحدة) كما هو الظاهر بل اتّحادهما اوضح من اتّحاد الفعل والانفعال اللّذين صرّح الفقهاء والمتكلّمون باتّحادهما وهو الّذى يعرفه العرف والعقلاء مع انّ الفعل مقدّم على الانفعال طبعا بخلاف الدّخول والإدخال وذكر التغاير فى المتن لمجرّد ابداء الاحتمال قوله (وكذا من جهة دخول المحمول واستيجاره الحامل) اعلم انّ المراد من الحرمة فى المعاملات هى حرمة ترتيب الاثر وايقاع الفعل المعامل عليه وليس المراد حرمة صيغة تلك المعاملة حتّى يقال انّ الدّخول والاستيجار فعلان مستقلّان ولا يجرى فيهما الّا الوجه الأخير وهو كونهما من المخالفة للخطاب المعلوم بالإجمال بل المراد من حرمة الإجارة هى حرمة الفعل المستاجر عليه وهو ركوب المستاجر وان شئت قلت انّ المحمول يعلم بصدور احد المحرّمين عنه امّا دخوله جنبا

١٠٩

وامّا ادخاله الجنب بسبب الإجارة فالوجوه الثلاثة المتقدّمة جارية هنا بلا فرق اصلا قوله نعم لا اشكال فى استيجارهما لكنس المسجد) لا يخفى انّ الفرق بين استيجار الغير لهما او لاحدهما واستيجار احدهما الآخر للدّخول فى المسجد بنفى الاشكال فى الاوّل والأشكال فى الثّانى مشكل وكذا الفرق بين الاستيجار والاقتداء اذ كما يحتمل ان يكون صحّة الاستيجار تابعة لإباحة الدّخول ظاهرا كذا يحتمل ان يكون صحّة الاقتداء تابعة لصحّة صلاتهما ظاهرا ولم يعلم الفرق قوله (وامّا الكلام فى الخنثى) المراد من الخنثى من له فرج الرّجل والأنثى ولا بدّ اوّلا من بيان انّها حقيقة ثالثة ام داخلة فى احدى الحقيقتين واقعا وان لم يعلم ظاهرا وفيه خلاف نسب إلى بعض الاصحاب منهم الشّهيد والمحقّق الثّانى الاوّل ولم أر منهما كلاما صريحا فى ذلك ولكن يمكن استفادته من مواضع من كلامهما بضميمة مقدّمة خارجيّة منها ما ذكره الشّهيد فى الرّوضة فى كتاب الحجّ فى شرح قول الماتن والختان فى الرّجل وامّا الخنثى فظاهر العبارة عدم اشتراطه فى حقّه واعتباره اقوى لعموم النّص الّا ما اجمع على خروجه وفى جامع المقاصد فى شرح قول الماتن والختان للرّجل خاصّة اى دون المرأة للرواية لكن يرد عليه الخنثى والصّبي فانّ النّص يتناولهما انتهى ولا يخفى انّهما موافقان للمشهور فى عدم جواز التمسّك بالعمومات فى الشّبهة المصداقيّة وتمسّكهما بعموم النّص يدلّ على كونها حقيقة ثالثة وعموم النّص باعتبار دلالته على وجوب الختان لكلّ من له ذكر ولو لم يكن الخنثى حقيقة ثالثة يكون التمسّك بعموم النّص تمسّكا بالعام فى الشّبهة المصداقيّة وعلى اىّ حال فيستدلّ لهذا القول بموثّقة هشام بن سالم انّ الخنثى يورث ميراث الرّجال والنّساء المحمولة على اعطاء نصف النّصيبين الظّاهر فى كونها واسطة لاختلاف ارثها مع إرثهما وبفتوى الاصحاب بنصف الدّيتين فيها لو قتلها احد فاختلاف ديتها لديتهما كاشف عن كونها غيرهما وبالاعتبار لأنّ الغالب فى مراتب الموجودات هو وجود الوسائط بين المرتبتين بحيث يناسب العليا من وجه والسّفلى من آخر وعلى ذلك جرى تقدير العزيز العليم والظّن يلحق الشّىء بالاعمّ الاغلب وانّه لمّا كان الذّكر والأنثى مرتبتين متباعدتين جرى لطيف صنعه تعالى على ايجاد واسطة بينهما والمشهور على الثّانى وانّها ذكر او أنثى ولعلّه الأقوى ويستدلّ له بالآيات منها قوله تعالى (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) ومنها قوله تعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) وبقضاء على عليه‌السلام فى الخنثى بعدّ الاضلاع معلّلا بانّ حوّاء خلقت من الضلع الأيسر لآدم ع وحينئذ يكون اضلاع الذّكور ناقصة من اضلاع الأنثى واضلاع الخنثى ان كانت ناقصة يحكم بذكوريّتها وان كانت مساوية لاضلاع الأنثى يحكم بانوثيّتها وهذا القضاء

١١٠

من امير المؤمنين ع يكشف عن الانحصار وانّ الخنثى من أحدهما وبأنّها لو كانت حقيقة ثالثة كان اللّازم بيان حكمها ولم يرد من الائمّة عليهم‌السلام حكما لها فى جميع ابواب الفقه أصلا وموثّقة هشام لا دلالة فيها على كونها حقيقة ثالثة بل تدلّ على الجمع بين الحقّين والعمل بهما كما تقدّم فى مسئلة وديعة الدرهم والدرهمين وفقد احد الدّراهم والعين الّتى تداعاها رجلان والاعتبار المذكور بعد تسليم غلبة وجود الوسائط فى الموجودات الخارجيّة وتسليم انّ الشّىء يلحق بالأعمّ الأغلب لا اعتبار به فى المقام لانّ الواسطة فى الموجودات تكون لها جهة تناسب جهتى الأعلى والأدنى كالواسطة بين الطّويل والقصير والخنثى ليست كذلك بل هى ذات جهتين لوضوح انّ المراد منها من كانت له كلتا الآلتين فهى اجنبيّة عن الوسائط الغالبة الوجود إذا تمهّد هذا فاعلم انّ بناء على كونها حقيقة ثالثة فلا اشكال فى عدم شمول الخطابات المختصّة بالرّجال او النّساء لها وعدم تكليفها بكلّ منهما وانّما يشملها الخطابات الصّادرة على وجه العموم وبناء على كونها ذكرا او انثى ففى تكليفها بالنّسبة الى غير الاحكام المشتركة بين الرّجال والنّساء وجوه الاوّل العمل بالقرعة فى التّكاليف وفى الوضعيّات واليه ذهب الشّيخ ره في احكام نفسها فى الخلاف وادّعى عليه اجماع الفرقة وقال كاشف الغطاء انّ الحكم بالقرعة له وجه لو لم يكن الإجماع على خلافه الثّانى وجوب العمل بمقتضى الاحتياط لعلمها اجمالا بتوجّه خطاب احد الفريقين اليها فتكرّر الصّلاة مع الجهر والإخفات وتجتنب عن لبس الحرير ولو فى غير الصّلاة وعن النّظر الى ما عدا المحارم وتتستّر فى الصّلاة كالنّساء وتحضر الجمعة والجهاد ولا تخرج الى المسجد ترجيحا للكراهة الى غير ذلك الثالث العمل باصالة البراءة فى جميع الموارد المذكورة لانّ تعلّق الحكم بخصوص الرّجل او المرأة يوجب خروج المشكوك فيه عن خصوص الحكمين واذا ثبت التكليف اجمالا فيرجع فى الخصوصيّة الزائدة الى البراءة والاصل النافى بناء على عدم كون العلم الاجمالى منجّزا للتّكليف عند الشّك فى الاجزاء والشرائط الرّابع التفصيل بين الخطاب المختصّ بالرّجال او النّساء فلا يجرى حكمه فى حقّ الخنثى والخطاب المتعلّق بعموم المكلّفين واستثنى منه خصوص الرّجل او المرأة فيجرى حكم العام فى حقّها كآية النداء فى يوم الجمعة حيث انّ الخطاب عامّ واستثنى منه المرأة وكقوله ص من بدّل دين محمّد ص فاقتلوه واستثنيت منه المرأة بانّها تحبس وتستتاب فيجب على الخنثى صلاة الجمعة وتقتل لو ارتدّت ولكنّ الوجه مبنىّ على كون الخنثى حقيقة ثالثة او على العمل بالعمومات فى الشّبهات المصداقيّة وكلاهما ممنوعان الخامس التّفصيل بين ما يكون شكّا فى التّكليف فتعمل باصالة البراءة وما يكون شكّا فى المكلّف به فتعمل بالاحتياط فيجوز لها لبس الحرير والذّهب فى غير الصّلاة ولا يجب عليها الجهاد وتجتنب عن لبس الحرير والذّهب

١١١

فى الصّلاة ويجب عليها التّستر فيها بناء على كون الشّك فى الاجزاء والشرائط من الشّك فى المكلّف به وهذا التّفصيل اختاره صاحب الفصول بناء على اختصاص وجوب الاحتياط فى الشّبهة المحصورة بما اتّحد نوع الشّبهة والّا فيجب الاحتياط مط عملا بالوجه الثّانى السّادس ملاحظة الموارد والمقامات والرّجوع فى كلّ منها الى ما يقتضيه الاصل فيه وجودا او عدما وهذا ما اختاره المصنّف ره وهو الأقوى بناء على انّ الخنثى امّا ذكر او انثى وأمّا القرعة فالظّاهر منهم تقديم الأصول عليها ويذكر لذلك وجوه ليس المقام محلّ ذكرها وما يرد عليها ويكفى فى ضعف احتمالها انّ القرعة لا يعمل بها بدون جبر عمومها بعمل الأصحاب او جماعة منهم قوله (وحكم الكلّ يرجع الى ما ذكرنا فى اشتباه متعلّق التكليف) اى جميع هذه المسائل المفروضة يرجع فى حكمها بناء على المختار من انّها ليست خارجة عن احدى الحقيقتين الى اشتباه متعلّق التّكليف وقد علم ممّا سبق انّ الاشتباه كذلك على أقسام الأوّل ان يكون التّكليف معلوما بالتّفصيل ويكون الخطاب ايضا مفصّلا وهذا على وجهين لانّه قد يكون هناك خطاب مبيّن موضوعا ومحمولا بتمام خصوصيّاتهما وكانت الشّبهة من حيث المصداق كما فى الإناءين المشتبهين بالنّجس وقد يكون هناك خطابان متعلّقان بموضوعين متغايرين ويكون بين متعلّقيهما جامع قريب يتضمّنه خطاب ثالث كالقصر والإتمام فانّ الخطاب باصل الصّلاة يكون جامعا بينهما ويكون مخالفة القصر والاتمام مخالفة لهذا الخطاب التّفصيلى وكما انّ القسم الاوّل يكون من الخطاب التّفصيلى فكذلك الثانى وصرّح المصنّف ره فى المخالفة العمليّة للخطاب التّفصيلى بالتمثيل بالمثالين ووجّهنا بعد ذلك الحاق وجوب الظّهر او الجمعة فى يوم الجمعة وما اشبهه بذلك وبالجملة لا اشكال فى كون الخطاب التّفصيلى ينقسم الى الوجهين وان امكن المناقشة فى بعض الأمثلة الثّاني ان يكون التّكليف معلوما بالتّفصيل وان لم يكن هناك خطاب مفصّل الثّالث أن يكون التّكليف مجملا مردّدا خطابه بين خطابين والاحتمال الاوّل فى الدّخول والادخال من امثلة القسم الثّانى وستعرف انّ من امثلته ايضا عند المصنّف العلم بوجوب الغضّ وحرمة نظر الخنثى والاحتمال الثانى فيه من امثلة الشقّ الثانى من القسم الاوّل والاحتمال الثالث من امثلة القسم الثالث ثمّ ما كان من القسمين الاوّلين اى ما كان التّكليف والخطاب مفصّلين بكلا وجهيه وما كان التّكليف معلوما بالتّفصيل وان لم يكن هناك خطاب مفصّل فالظّاهر عدم جواز المخالفة بلا كلام وما كان من القسم الثّالث يأتى فيه الوجوه الأربعة المتقدّمة وان كان الاقوى فيه الوجه الثّانى وهو عدم الجواز ايضا قوله (امّا معاملتها مع الغير فمقتضى القاعدة الخ) الظّاهر انّه لا يجوز لها النّظر الى احدى الطّائفتين لا الى

١١٢

الرّجال ولا الى النّساء واستدلّ عليه المصنّف ره بوجهين الاوّل انّ المقام من قبيل الاشتباه فى متعلّق التّكليف المعلوم تفصيلا وان لم يكن هناك خطاب مفصّل وان كان من باب الخطاب الإجمالي المردّد بين الخطابين ايضا الّذى يجرى فيه الوجوه الأربعة المتقدّمة فانّ الاقوى منها كما هو مختار المتن هو الوجه الثانى اى عدم جواز المخالفة فيه لحكم العقل بوجوب الاحتياط بعد العلم التّفصيلى بوجوب الغضّ الحاصل من احد الخطابين اى قوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) وقوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ) فهنا علم تفصيلىّ بحرمة نظرها الى احدى الطّائفتين وان كان المصداق لهذا التّكليف المفصّل مشتبها ومردّدا بين خطابين الّا انّه لا اعتبار باجمال الخطاب مع العلم التّفصيلى والتّعبير فى المتن بالعلم الاجمالى بحرمة نظرها الى احدى الطّائفتين انّما هو باعتبار تردّد متعلّق حرمة النّظر بين الطّائفتين ومن الواضح انّ هذا التّرديد لا ينافى كون التّكليف معلوما بالتّفصيل فيجتنب عن كلتا الطّائفتين مقدّمة وبالجملة الظّاهر انّه لا اشكال عند المصنّف فى كون نظر الخنثى الى غيرها من باب الخطاب الاجمالى المردّد بين الخطابين الّا انّه حيث يقول بوجوب الاحتياط فيه لانّ مخالفة الشّارع قبيحة عقلا مستحقّة للذّم عليها ولا يعذر فيها الّا الجاهل بها حكم فى المسألة بوجوب الاحتياط والاجتناب عن النّظر مط مقدّمة وكونها من التّكليف المعلوم بالتّفصيل وان لم يكن هناك خطاب مفصّل والمتوهّم يريد ادراج المسألة فى الخطاب المردّد حتّى يختار من جهة الترديد عدم وجوب الاحتياط فالوجهان مشتركان فى الاعتراف بانّ وجوب الغضّ عليها من باب الخطاب المردّد الّا انّ المصنّف يقول بعدم الاعتداد باجمال الخطاب لانّ المناط فى الاطاعة والمعصية هو العلم التّفصيلى فالمخالفة فى المقام فى حكم مخالفة خطاب تفصيلىّ والمتوهّم يقول بانّ المناط نفس الخطاب وهو مجمل مردّد فيتأتّى فى المقام الوجوه الاربعة ويختار عدم وجوب الاحتياط وحاصل جوابه انّ تردّد الخطاب غير قادح فى حكم العقل بوجوب الاحتياط بعد العلم بوجوب الغضّ الحاصل من احد الخطابين والغرض من تشبيه المقام بالدّخول والإدخال هو الاستدلال على انّ تردّد الخطاب غير ضائر بعد العلم التّفصيلى بالتّكليف كما تقدّم فى الوجه الاوّل من الوجوه الجارية فيهما حيث قال فان قلنا انّ الدّخول والادخال متحقّقان بحركة واحدة دخل فى المخالفة القطعيّة المعلومة تفصيلا وان تردّد بين كونه من جهة الدخول او الإدخال فلا يقال انّ الخنثى حين النّظر الى النّساء ليست عالمة بحرمة النّظر وبوجوب الغضّ لاحتمال كونها امرأة فى الواقع وكذا العكس فليست هى مثل حمل احد واجدى المنى فى الثوب المشترك الآخر فى دخول المسجد لانّه عالم حين الدّخول بتعلّق النّهى عليه على كلّ تقدير وان لم يعلم جهة تفصيلا فما معنى تشبيه المقام بمسألة الحمل لانّ الغرض أنّ الخصم المتوهّم فى المقام كما يلتزم هناك

١١٣

بالحرمة مع انّ الخطاب مردّد من حيث العلم التفصيلىّ الحاصل من كونهما حركة واحدة فليلتزم فى المقام ايضا من حيث حكم العقل بوجوب الاحتياط وتردّد الخطاب غير ضائر ولو نظرت الى رجل وامرأة بنظرة واحدة كانت المسألة من قبيل الدّخول والادخال المتحقّقان بحركة واحدة وكانت من المخالفة القطعيّة المعلومة تفصيلا وان كان الخطاب مردّدا بين خطابين لانّها ان كانت رجلا عصى من حيث نظره الى المرأة وان كانت امرأة عصت من حيث نظرها الى الرّجل وكذا يجب على الخنثى مقدّمة من باب الاحتياط التّستر عن الرّجال وعدم النّظر الى النّساء لعلمها اجمالا بتوجّه احد الخطابين اليها من حرمة نظر الرّجل الى المرأة ووجوب التّستر عليها ولو كشفت سوى الوجه والكفّين للرّجال ونظرت الى النّساء فى آن واحد كانت من قبيل الاحتمال الاوّل فى الدّخول والادخال وهو تحقّقهما بحركة واحدة وكانت من المخالفة القطعيّة المعلومة تفصيلا لانّها ان كانت من النّساء حرم عليها كشف بدنها للرّجال لانّ ما عدا الوجه والكفّين منهنّ باجمعه عورة وان كانت من الرّجال حرم عليها النّظر الى النّساء الثّانى امكان ارجاع الخطابين الى خطاب واحد فيدخل فى الوجه الثّانى من القسم الاوّل المتقدّم ذكره وهذا صريح فى انّ المصنّف لا يخالف المتوهّم فى انّ حرمة نظرها الى احدى الطّائفتين من الخطاب المردّد بين الخطابين كما بيّنّاه ثمّ إنّه ناقش فيما افاده من وجوب الاحتياط تارة بامكان لزوم العسر والمشقّة العظيمة فى الكفّ عن النّظر الى ما عدا المحارم وهذا يرجع الى تسليم المقتضى وثبوت المانع وتارة بامكان دعوى ان رجوع الخطابين الى خطاب واحد انّما هو فى حرمة المخالفة القطعيّة لا فى وجوب الموافقة القطعيّة وهذا يرجع الى دفع المقتضى بناء على الدّليل الثّانى قوله (لا فى وجوب الموافقة القطعيّة فافهم) لا يخفى انّه يمكن الخدشة فى كلتا المناقشتين امّا فى الأولى فاوّلا بأن ادلّة العسر حاكمة على سائر ادلّة الواجبات والمحرّمات ولا اختصاص لها بالمقام ولا ينافى منع العسر عمّا يقتضيه الدّليل اقتضاء الدّليل بنفسه حرمة المخالفة ووجوب الاحتياط والكلام فى مقتضى الدّليل وثانيا بمنع كون الكفّ عن النّظر الى ما عدا المحارم فيه عسر ومشقّة لانّ الاقوى كون الحرام هو النّظر الى غير الوجه والكفّين وامّا اليهما فلا حرمة مع عدم الرّيبة وعليه فلا عسر لانّ النظر الى غير الوجه والكفّين ليس محلّا للحاجة والابتلاء بحيث يلزم من منعه العسر نعم لو قلنا بحرمة النّظر حتّى اليهما كان للعسر مجال وامّا فى الثانية فلأنّ التّبعيض المذكور والحكم بانّ الخطابين يرجعان الى خطاب واحد بالنّسبة الى حرمة المخالفة القطعيّة وهما على حالهما يكونان خطابين بالنّسبة الى الموافقة القطعيّة ممّا لا حاصل له لانّ المراد

١١٤

امّا هو التبعيض الحقيقى وامّا الحكمى امّا الاوّل فلا معنى له لوضوح امتناع اعتبار الوحدة والتعدّد فى الشّىء الواحد حقيقة وامّا الثانى بمعنى انّ العقل والعقلاء يحكمون بانّ المخالفة القطعيّة لاحد الخطابين لا على التّعيين يكون كمخالفة الخطاب المعيّن على وجه التّفصيل فى الحرمة واستحقاق المؤاخذة بخلاف الموافقة القطعيّة فانّ فيها لا يكون الخطابان عندهم بمنزلة الخطاب المفصّل ولا يلتزمون بوجوبها ففيه أنّهم إمّا يبنون فى العلم الاجمالى بالخطاب على تنجّز التّكليف ام لا وعلى اىّ تقدير فالتفصيل بين كون الخطاب المعلوم مفصّلا ام مردّدا لا معنى له وربما يؤجّه التّبعيض الحكمى بانّ العلم الاجمالى بالخطاب اذا كان على وجه التّفصيل فلا اشكال فى تنجّزه عندهم من دون فرق فى ذلك من جهة حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة وامّا اذا كان على وجه الترديد فارجاعهما الى خطاب واحد لا يصيّره خطابا متأصّلا كما فى سابقه بل معنى الإرجاع ح هو انتزاع خطاب منهما ولا ريب انّ بناء العقلاء فى باب الاطاعة والمخالفة انّما هو على الخطابات الأصليّة دون الانتزاعيّة فاذا كان الخطاب المفصّل متأصّلا يحكمون بتنجّزه فى المقامين وامّا اذا كان منتزعا فلا يترتّب عليه حكم الخطاب التفصيلى المتاصّل وغاية الامر افادته اثبات اصل التّكليف فى الجملة بمعنى حرمة المخالفة القطعيّة لكونها معصية وامّا حكمهم بافادته وجوب الموافقة القطعيّة فلا اذ ليس فى تركها الّا احتمال المخالفة والمخالفة الاحتماليّة خصوصا للخطاب المنتزع من الخطابين فى غاية الكثرة فانّ اكثر الموضوعات الخارجيّة نعلم اجمالا بكون بعضها نجسا او غصبا ولا يبنون على وجوب الاحتياط فى امثال ذلك وفيه انّ الحاصل من هذا الكلام هو منع المقدّمة العلميّة والتّحقيق تبعا للمصنّف هو وجوبها ولزومها عند العقلاء كما تطّلع عليه فى باب العلم الإجمالي والوجه فى عدم وجوب الاحتياط فى الشّبهات الموضوعيّة ليس الّا عدم العلم بالتّكليف وتوجيه الخطاب من حيث خروج بعض افرادها عن محلّ الابتلاء فالفرق بين الخطاب المفصّل والمردّد من الحيثيّة المذكورة لا محصّل له وهذا عند التامّل بمكان من الوضوح ثمّ لا يخفى عليك ما افاده بعض الأعلام فى ذيل المناقشة الاولى على فرض تسليمها وهو انّ فى كلّ مورد يلزم العسر والحرج على الخنثى من الاحتياط عن جميع اطراف الشّبهة لا يجوز له الّا مخالفة الاحتياط بقدر ما يندفع به الحرج ولا يجوز له المخالفة القطعيّة بترك الاحتياط رأسا حتّى لو قلنا بجوازها فى الشّبهة الغير المحصورة بناء على انّ العلم الاجمالى فيها لا يؤثّر فى تنجّز الخطاب فى بناء العقلاء نعم لو جعل المدرك فى عدم وجوب الاحتياط فيها لزوم العسر منه ايضا كان الحكم فيها كما عرفت قوله (وامّا حكم ستارته فى الصّلاة الخ) هذا وان قلنا بالبراءة فى مسئلة الشّك فى الاجزاء والشرائط لانّ المقام من الشّك فى المصداق بعد العلم الاجمالى

١١٥

بانّها ذكر او انثى وليس من الشّك فى الاجزاء والشرائط الرّاجع الى الشّك فى اصل التّكليف قوله (وامّا حكم الجهر والاخفات فان قلنا الخ) غرضه قدس‌سره وجوب الاحتياط عليها فيهما على كلّ من تقديرى كون الإخفات فى العشاءين والصبح رخصة للمرأة ام عزيمة لها واذا قام الاجماع على التّقدير الثّانى على عدم وجوب تكرار الصّلاة فى حقّ الانثى فالتّخيير فإن قلت إنّ الاحتياط على التقدير الاوّل غير لازم لعدم لزوم المخالفة القطعيّة اذا جهرت الخنثى فى بعض صلواتها واخفت فى البعض الآخر لأحتمال كونها امرأة فى الواقع فيكون الجهر والإخفات جائزين لها اذ لا علم بتعلّق النّهى بها على كلّ تقدير حتّى يلزم المخالفة القطعيّة وبعبارة أخرى أنّ على تقدير كون الإخفات رخصة يكون شكّ الخنثى من دوران الأمر بين التعيين والتخيير ومن قبيل الدّوران بين عتق مطلق الرّقبة وعتق رقبة مؤمنة ومختار المصنّف فى تلك المسألة عدم وجوب الاحتياط بالتّعيين قلت إذا لوحظ تكليف الخنثى من حيث نفسها فالأمر كذلك ولكن قد علمت انّ مبنى الكلام على كون شكّ الخنثى من الاشتباه فى متعلّق التّكليف مع العلم الاجمالى بخطاب مردّد بين خطابين وقد مرّ انّ الاقوى هو وجوب الاحتياط فاذا لوحظت وظيفة الرّجل ووظيفة المرأة فى الصّلاة مع العلم بكون الخنثى من احدى الطّائفتين وجب عليها القيام بالوظيفتين من باب المقدّمة وخرجت المسألة عن كونها شكّا فى التّكليف وعن كونها من دوران الأمر بين التّعيين والتّخيير فلا تغفل من انّ مقتضى القاعدة فى المقام هو الاحتياط وان قلنا بالبراءة عند الشّك فى الاجزاء والشرائط ثمّ انّ المحقّق القمىّ قد ادّعى التدافع بين كلامى الشّهيد فى الذّكرى حيث حكم على الخنثى بوجوب ستر الرأس فى الصّلاة والتجنّب عن لبس الحرير فيها وذهب الى التخيير فى مسئلة الجهر والإخفات واورد عليه فى الفصول بكون التخيير فى مسئلة الجهر والاخفات بالدّليل لا لأجل القاعدة وذلك لانّه بعد الحكم بوجوب الاحتياط على الخنثى فى الاحكام المختصّة بالرّجال والنّساء قال وينبغى ان يستثنى من الحكم الاوّل يعنى الاحتياط فى الاحكام المذكورة كلّ حكم يعذر فيه الجاهل كالجهر والإخفات فى مواضعهما فلا يجب عليه الاحتياط فى ذلك بل يتخيّر عند عدم سماع الاجانب بينهما لجهله بالحكم فيقطع بالبراءة بدون الاحتياط وهذا هو السّر فى الزام الشّهيد ره له فى الذّكرى بوجوب الاحتياط فى مسئلة الستر ولبس الحرير ومصيره الى التخيير فى مسئلة الجهر والإخفات فلا تدافع بين الحكمين اصلا كما زعمه الفاضل المعاصر فى كلامه انتهى ويظهر من هذه العبارة انّ صاحب الفصول اختار القول بالتخيير مط سواء كان الإخفات على المرأة رخصة ام عزيمة وادّعى انّ حكم الشّهيد

١١٦

بالتخيير ليس من باب التمسّك باصالة البراءة حتّى ينافى اختيار الاشتغال بل هو بسبب الدّليل القائم على انّ الجاهل بالجهر والإخفات معذور ومقتضاه انّ الخنثى الّتى تكون جاهلة معذورة وليس معنى عذرها الّا ثبوت التخيير لها والّا لم يكن الجاهل معذور او ردّه المصنّف بوجهين الاوّل انّ النّص لا يدلّ الّا على معذوريّة الجهل بالنّسبة الى لزوم الإعادة والقضاء على فرض المخالفة لا على الصحّة وهذا غير ثبوت التخيير من اوّل الامر والصحّة بل لا يمكن الصحّة لانّ العبادة مع التّرديد باطلة إجماعا الثّاني انّ مورد النّص والمعذور فى الحكمين هو الجاهل بالحكم دون الموضوع والخنثى تعلم بوجوب الجهر على الذّكور والإخفات على الأناث ولكن لا تعلم انّها من اىّ الطّائفتين فهى جاهلة بالموضوع ولا يشملها النّص مضافا إلى انّ مورد النّص وصريحة انّما هو فى الجاهل المركّب لا البسيط والإجماع كما عرفت قائم على بطلان صلاة الشّاك المتردّد فإن قلت لعلّ نظر الشّهيد الى ما ورد فيمن فات عنه صلاة ثمّ نسيها من انّه يصلّى ثلاثيّة ورباعيّة وثنائيّة حيث يستفاد منه الغاء الشّارع الجهر والإخفات بالنسبة اليه وانّه رضى بالجهر فى مقام الإخفات وبالعكس عند الجهل وانّ بنائه ليس على الدقّة والاهتمام بهما فى حال الجهل مضافا الى انّه لا وجه لتخصيص التّخيير بين الجهر والإخفات بالجاهل المركّب فانّ قاضى المنسيّة من الجاهل البسيط قلت إنّ الحكم بالتخيير فى قاضى الفريضة المنسيّة ليس من جهة النّصوص الواردة فى كفاية رباعيّة واحدة ولا من جهة ما ورد فى معذوريّة الجاهل بحكم الجهر والإخفات بل الوجه فى حكم الاصحاب انّما هو حكم العقل بعد قيام الدّليل على الاكتفاء بالصّلوات الثلاث فتخيير القاضى ليس شرعيّا بمعنى التّصريح به فى النّصوص بل هو عقلىّ بمعنى استلزام الاكتفاء برباعيّة واحدة للتّخيير بينهما بل لسقوط اعتبارهما رأسا مضافا إلى انّ الجهل فى مورد النّص المشار اليه انّما هو بالمكلّف به وفيما نحن فيه باندراج المكلّف تحت احد العنوانين بالخصوص والى أنّه يختصّ بالنّاسى ولا دليل على التعدّى ولم يوجد فى البين تنقيح مناط اصلا ويجب الاقتصار فيما خالف القواعد على مورد النّص بخصوصه ولذا لم يعمل به بعض الاصحاب كالحلّى فى السّفر وحكموا فيه بوجوب الإتيان بها خمسا اقتصارا على خصوص مورد النّص وهو فوتها فى الحضر إلّا ان يقال انّ كلام الشّهيد مبنىّ على كون الإخفات فى العشاءين والصّبح عزيمة للمرأة ولا بدّ من التخيير بعد قيام الاجماع على عدم وجوب تكرار الصّلاة وليس التخيير فى كلامه من حيث اقتضاء نفس الشّك فى المسألة فيوافق ما اختاره لما اختاره المصنّف ولا يرد عليه التّدافع اصلا قوله (ان قام الإجماع على عدم وجوب تكرار الصّلاة) وعدم جواز تكرار الفاتحة والسّورة من دون تكرار الصّلاة للزوم الزيادة فى الصّلاة او لزوم القرآن.

١١٧

قوله (وقد يقال بالتخيير مط) اشارة الى كلام صاحب الفصول كما عرفت قوله الاتّفاق على ذلك فتامّل جدّا) الظّاهر انّه اشارة الى عدم جواز الاستدلال بالعموم المذكور بعد تسليمه وذلك لانّ جواز نظر كلّ من الرّجل والمرأة الى المماثل ثابت بالضّرورة والشّك فى المقام من الشّك فى الموضوع ولا يجوز التمسّك فيه بالعموم فان قلت انّ عدم جواز التمسّك بالعمومات فى الشّبهات الموضوعيّة انّما هو فيما لم يكن اصل موضوعى يقتضى اخراجه عن المخصّص وادخاله فى العموم واصالة عدم المماثلة اصل موضوعى يخرج الخنثى عن مماثلة كلّ من الرّجل او المرأة ويدخلها تحت العام ولا ضير في لزوم المخالفة القطعيّة من العمل بالاصلين لما مرّ فى واجدى المنى فى الثوب المشترك من انّ العلم بلزوم المخالفة انّما يمنع عن رجوع الشخص الى الاصل اذا كان علما بمخالفته للخطاب المتوجّه اليه لا العلم بالمخالفة الحاصلة من احد الشّخصين مع فرض كون كلّ واحد منهما شاكّا فى المخالفة ولا تعارض أصالة عدم المماثلة باصالة عدم غير المماثلة كما لا تعارض اصالة عدم كونها رجلا باصالة عدم كونها امرأة وبالعكس لانّ اصالة عدم كونها غير المماثل ليس لها اثر شرعى واثبات المماثلة بها لكى تصحّ المعارضة لا يتمّ الّا بناء على القول باصالة المثبت قلت اصالة عدم المماثلة فى الخنثى ليس لها حالة سابقة حتّى يستصحب وذلك واضح والمنقول عن المصنّف ره أنّه كتب فى حاشية قوله فتامّل جدّا وجهه انّ الشّك فى مصداق المخصّص المذكور فلا يجوز التمسّك بالعموم ويمكن ان يقال انّ ما نحن فيه من قبيل تعلّق غرض الشّارع بعدم وقوع الفعل فى الخارج ولو بين شخصين فترخيص كلّ منهما للمخالطة مع الاجنبىّ مخالف لغرضه المقصود من عدم مخالطة الاجنبىّ مع الأجنبيّة ولا يرد النقض بترخيص الشارع ذلك فى الشّبهة البدويّة فانّ ما نحن فيه من قبيل ترخيص الشارع لرجلين فى تزويج كلّ منهما لاحد المرأتين اللّتين علم اجمالا انّهما اختان لاحد الرّجلين انتهى وما افاده حسن متين الّا انّ هذا مجرّد احتمال ومجرّد الاحتمال لا يوجب الاحتياط والّا لزم القول بوجوب الاحتياط مط وهو باطل إجماعا ونظير هذه العبارة ما فى جامع المقاصد من انّ حضورها فى مجامع الرّجال امر مرغوب عنه لما يترتّب عليه من خوف الفتنة والفساد فالحقت بالمرأة حسما للمادّة انتهى وفيه أنّ مجرّد الخوف لا يوجب الاحتياط مع انّ الحاقها بالمرأة لا يحسم مادّة الفساد بل يكون معينا له كما هو واضح ثمّ انّ هذا كلّه فى حكم معاملة كلّ من معلومى الذّكورة والانوثة مع الخنثى وامّا حكمها مع مثلها فلا اشكال فى عدم جواز نظرها اليها ايضا لكونها من اطراف الشّبهة قوله (بمعنى عدم ترتّب الاثر المذكور) المعبّر عنه

١١٨

باصالة الفساد فى العقد وعدم ترتّب أثره ذكر ذلك من جهة انّ مجرّد الشّك فى انّها ذكر ام انثى يوجب الحرمة ولا معنى لاجراء الاصل الموضوعىّ لعدم الحاجة وعلى فرض الحاجة فان أريد من الاستصحاب استصحاب الجزئى اى استصحاب عدم ذكوريّة هذا الخنثى فهى ليس لها حالة سابقة متيقّنة لانّها من ابتدائها موضوع مردّد مشكوك الذكوريّة والأنوثيّة وان أريد منه استصحاب الكلّى اى استصحاب عدم ذكوريّة غير الموجودين يقينا فى السّابق كان يعلم قبل وجود الخنثى وجود مائة من الذّكور فى القرية مثلا وبعد وجودها يشكّ فى صيرورة الذّكور ازيد من مائة بواحد فيستصحب عدمها فهذا الاستصحاب لا يثبت انوثيّة الخنثى حتّى يجوز نكاحها الّا على القول بالاصل المثبت نعم لا اشكال فى صحّة استصحاب الاثر كاستصحاب وجوب حفظ الفرج قبل النّكاح الّا انّه قد اشرنا الى عدم الحاجة وعلى اىّ حال فالظّاهر الاتّفاق على عدم جواز التناكح بين الخنثى وغيره من معلوم الذكوريّة والانوثيّة ومجهولهما الّا ما يستظهر من عبارة الشّيخ فى مسئلة فرض الوارث الخنثى المشكل زوجا او زوجة ثمّ أنّه يظهر ممّا ذكرنا حكم كلّ معاملة يترتّب الحكم فيها على عنوان الذّكورية والانوثيّة مثل انّ الشارع قد جعل ملك الرجل للاناث المحرّمات كالعمّة والخالة والأخت سببا للانعتاق فلو ملكت الخنثى إحداهنّ يحكم بعدم الانعتاق استصحابا له وبعدم تاثير الملك فيه.

قوله (فى امكان التعبّد به عقلا) اعلم انّه ليس النّزاع فى المقام فى الإمكان الذّاتى لوضوح انّ التعبّد به ليس من قبيل اجتماع المتناقضين ولا يتوهّم احد انّ التعبّد بالظنّ يابى عن الوجود بالذّات كاجتماع النقيضين بل النّزاع فى الامكان والامتناع الغيرى لانّ مدّعى الامتناع والاستحالة يدّعى انّ فى التعبّد به محذورا ومفسدة فتفطّن قوله لو جاز التعبّد بخبر الواحد فى الأخبار الخ) وبعبارة اخرى لو جاز العمل بالظنّ فى الشرعيّات لجاز التعويل عليه فى العقليّات ايضا فكان من الجائز اثبات النّبوة بمجرّد الظّن بصدق الرسول ومن المعلوم خلافه قوله (اذ لا يؤمن ان يكون ما اخبر بحليّته حراما) هذا بيان للملازمة وأمّا بطلان التّالى فضرورىّ امّا لاستلزامه الامتناع الذّاتى بمعنى انّ الشّيء لا يمكن ان يكون واجبا وحراما لاستلزامه الجمع بين المتناقضين وهو محال فلا يتصوّر فى حقّ الحكيم على الاطلاق الجمع بين الطلبين كيف وهو يستلزم فى بعض الصور كما اذا كان الشّيء واجبا فى الواقع واخبر العدل بحرمته او بالعكس عدم قدرة المكلّف على الامتثال واجتماع الكراهة وعدمها فى نفس الأمر وإمّا لاستلزامه الامتناع الغيري إمّا من حيث انّ الأمر باتّباع ما قد يوصل الى الواقع المطلوب وقد لا يوصل مناف للغرض الأصلىّ وهو الوصول او الإيصال الى المطلوب وهذا وان كان ممكنا بالذّات الّا انّه

١١٩

قبيح من الشارع الحكيم فيستحيل بالواسطة وأمّا من حيث انّه كما يجب بقاعدة اللّطف على الشّارع جعل الاحكام الواقعيّة الخمسة للأفعال بملاحظة جهاتها المحسّنة او المقبّحة كذلك يجب عليه نصب امارة لتلك الاحكام بحيث لا يتخلّف عنها والّا فيلزم ان لا يكون لطيفا بعباده وهذان الوجهان وان كان تقرير البيان الامتناع الغيرى الّا انّ الفرق بينهما انّ الاوّل يصحّ ان يتمسّك به الاشاعرة المنكرون ظاهرا للحسن والقبح الذّاتيين لعدم توقّفه على القول به بخلاف الوجه الثانى فانّه مختصّ بغيرهم قوله (فالاولى ان يقرّر هكذا انّا لا نجد فى عقولنا) وربما يتمسّك فى لزوم البناء على الامكان بالاستصحاب والغلبة أمّا الاوّل فبانّ الكلام فى الامكان الخاصّ وهو الاصل لتساوى طرفى الوجود والعدم فيه بخلاف طرفى الوجوب والامتناع لافتقارهما الى الزيادة وان شئت قلت انّ الامكان الذّاتى لا يكون غيريّا بخلاف الوجوب والامتناع فانّ الذّاتى منهما لا يجتمع مع الامكان الغيرى وامّا الإمكان الذّاتى فيجتمع مع الغيرى من الوجوب او الامتناع لكن لا بدّ له من حصول زيادة على ذات الممكن تقتضى ذلك والأصل عدمها وامّا الثّانى فبانّ الامكان له فرد ان والامتناع له فرد واحد فيغلب جانب الامكان على جانب الامتناع واذا دار الأمر بين الأخذ بالغالب وغيره فالتّرجيح مع الغالب وفيهما أنّ هذا يتمّ اذا لم يكن كلّ منهما قسيما للآخر والفرض انّ كلّا من الثلاثة قسيم للآخر لعدم القدر المشترك بينهما مضافا إلى ما فى الاخير من انّه لا يفيد القطع قوله (مع انّ عدم الجواز قياسا على الأخبار عن الله) هذا مضافا الى وجود الفرق بين المقامين وهو وجود دواعى الكذب فى الأخبار عن الله تعالى لما فيه من الرئاسة العامّة الممتنع من النّاس قبول ذلك الّا بطريق قطعىّ بخلاف الأخبار عن النّبى ص فانّه يصحّ ان يكتفى فيه بالظنّ قوله (تارة بالنّقض بالأمور الكثيرة الغير المفيدة للعلم) وقد وقع التعبّد بها فى الشّريعة إمّا فى الاحكام كفتوى المفتى للمقلّد وامّا فى الموضوعات كالبيّنة واليد والإقرار واليمين وامّا مطلقا كالاصول اللفظيّة مثل اصالة الحقيقة فانّ الشارع قد اعتبر ظواهر الالفاظ اذا ساعد عليها فهم العرف قوله (وان اريد تحريم الحلال الواقعى ظاهرا فلا نسلّم امتناعه) وذلك لانّ الممتنع انّما هو وجود الحليّة وعدمها والحرمة وعدمها فى محلّ واحد بان تكونا واقعيّتين او ظاهريّتين من حيث استلزام ذلك لاجتماع النّقيضين لا فى موضوعين كما هو الفرض ومن هنا يعلم انّه لا يلزم نقض للغرض اذ لا ضير مع تعدّد العنوان فى تعلّق غرض بكلّ منهما غير الغرض الّذى تعلّق بالآخر ولا ينثلم قاعدة

١٢٠