تسديد القواعد في حاشية الفرائد

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري

تسديد القواعد في حاشية الفرائد

المؤلف:

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٩

بالنّسيان وعدمه واقعا كما فى السّفر والحضر فهذا هو التنويع المحال أو ظاهريّا بمعنى انّه وان لم يكلّف بباقى الاجزاء واقعا لكنّ التّكليف الظاهرى تابع لما يعتقده المكلّف ولمّا لم يعتقد حين النّسيان الّا وجوب ما عدا المنسىّ فلا يكون مكلّفا الّا به ففيه أنّ هذا ايضا محال لانّ المفروض انّه كان معتقدا لوجوب الكلّ لفرض علمه تفصيلا فى الابتداء بذلك وانّ الجزء الفلانى جزء للواجب فدخل فى العبادة بقصد انّه عشرة اجزاء ناويا لاتيان المجموع لكونه مأمورا به فمع علمه بذلك واعتقاده له لا يمكن توجيه الخطاب اليه بالنّسبة الى المغفول عنه ايجابا واسقاطا وتكليفه باقلّ من ذلك ولو تكليفا عقليّا وفى مرحلة الظّاهر فانّه تكليف بخلاف معتقده وما التفت اليه فانّه لم يترك المنسىّ الّا مع اعتقاد وجوبه وقصد انضمامه الى سائر الاجزاء وتكليفه بالبعض مع اعتقاده بوجوب الكلّ محال نعم لو قام دليل بالخصوص على عدم وجوب الاعادة والقضاء يستكشف منه صحّة المأتيّ به وكونه موافقا للمأمور به فى حقّه كما عرفته مفصّلا فان قلت عموم جزئيّة الجزء لحال النسيان انّما يتمّ فيما لو ثبت الجزئيّة بدليل اجتهادىّ منساق لاثبات الحكم الوضعىّ خاصّة بحيث كانت القضيّة المثبتة للجزئيّة والشرطيّة مطلقة عامّة بالنّسبة الى صورتى الذّكر والنّسيان وجودا وعدما مثل قوله ع لا صلاة الّا بفاتحة الكتاب ولا صلاة الّا بطهور ونحوهما وامّا فيما كانت القضيّة مهملة بحيث لم يقم دليل الّا على جزئيّة شيء او شرطيّته فى الجملة بحيث احتمل اختصاصها بحال الذّكر فلا يتمّ ذلك فيه ولا يصحّ الحكم بعموم الجزئيّة والشرطية حينئذ لاحتمال اختصاصها بحال الذّكر والشّك فى الجزئيّة حال النّسيان وليس المرجع ح إلّا البراءة والاشتغال على الخلاف فعلى القول بوجوب الاحتياط يثبت عموم الجزئيّة ظاهرا وعلى القول بالبراءة تختص بحال الذّكر ولا فرق فى ذلك بين ثبوت القضيّة المهملة بالاجماع الدالّ على الجزئيّة فى الجملة مع احتمال اختصاصها بحال الذّكر او بالدّليل الدالّ على الجزئيّة مع كون المستفاد منه حكما تكليفيّا مختصّا بحال الذّكر وكان الامر باصل العبادة مطلقا لوجوب الاقتصار فى تقييده على مقدار قابليّة دليل التّقييد اعنى حال الذّكر اذ لا تكليف حال الغفلة فانّ الجزئيّة المنتزعة من الحكم التّكليفى نظير الشرطيّة المنتزعة منه فى اختصاصها بحال الذّكر كإباحة المكان وغيره من الشّروط المعلومة المتوقّف شرطيّتها على ثبوت التّكليف مع القول بعدم امكان اجتماع الأمر والنّهى قلت امّا ما كان ثبوت الاطلاق بالدّليل الاجتهادىّ المثبت لمجرّد الحكم الوضعى بان كان الدّليل على اعتبار شيء فى العبادة شرطا وجودا او عدما او جزء من قبيل خطاب الوضع كقوله ص لا صلاة الّا بطهور او لمن لم يقم صلبه او لا صلاة الّا بفاتحة الكتاب او استكشف ذلك من دليل خاصّ كقوله ع لا تعاد الصّلاة الّا من خمسة ونحو ذلك فهو خارج عن البحث كما اعترف به المستشكل والكلام فيما كانت الجزئيّة مشكوكة ولم يقم عليها دليل مطلقا وانّما قام على ثبوتها مهملا والتّحقيق انّ الاهمال انّما هو فى بادى النّظر مع الاغماض عن حكم العقل بالاطلاق والّا فبعد

٤٤١

امعان النّظر لا مناص من عود القضيّة المهملة الى المطلقة وذلك لانّ الدّليل الدالّ على الجزئيّة حال الذّكر امّا هو الاجماع او اللّفظ فإن كان الاوّل فالعقل يحكم بانّ المستفاد منه هو الاطلاق وعموم الجزئيّة لحال النّسيان بالتفصيل المتقدّم فى الوجه الرّابع وهذا ان اريد بنفى ما ثبت جزئيّته فى الجملة فى حقّ الناسى ايجاب العبادة الخالية عن ذلك الجزء عليه وان أريد به امضاء الخالى عن ذلك الجزء من النّاسى بدلا عن العبادة الواقعيّة بمعنى انّ المأتيّ به وان لم يكن مأمورا به الّا انّه مسقط عمّا تعلّق به الامر فى الواقع فهو حسن عند قيام الدّليل عليه لكن عدم الجزئيّة بهذا المعنى عند الشّك ممّا لم يقل به احد من المختلفين فى مسئلة البراءة والاحتياط لانّ هذا المعنى حكم وضعىّ لا يجرى فيه ادلّة البراءة بل الاصل فيه هو قاعدة الاشتغال بالاتّفاق فانّ مجرّد الشّك فى صحّة المأتيّ به كاف فى الحكم ببقاء الامر ووجوب الاعادة والقضاء وهذا معنى فساد العبادة الفاقدة للجزء نسيانا بمعنى عدم كونها مأمورا بها ولا مسقطا عن الأمر بالكلّ وان كان الثّانى فهو امّا ان يكون من التكليف والخطاب النّفسى من غير ان يكون له تعلّق بالعبادة ونظر اليها كشرطيّة اباحة المكان واللّباس المستفادة ممّا دلّ على حرمة الغصب والنّهى عنه مطلقا او يكون من الطّلب الارشادىّ او التّكليف الغيرىّ المقدّمى كقوله تعالى (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) وقوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) بناء على سوقهما لايجاب الرّكوع والقراءة فى الصّلاة وما ورد من النّهى عن الصّلاة فى الحرير او غير الماكول او لباس الذّهب وقوله تعالى (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) الى غير ذلك وعلى الاوّل فلا اشكال فى سقوط الاشتراط مع الغفلة عن ذلك التكليف لانّ الشرطيّة على هذا منتزعة عن فعليّة ذلك التكليف واذا لم يكن فعليّا للغفلة عنه كما فى صورة الجهل به فلا موقع للاشتراط ولكنّه خارج عن محلّ البحث لوجهين أحدهما أنّ الكلام انّما هو فى مقام الشّك والشرطيّة فى هذه الصّورة معلومة العدم وثانيهما أنّ الطلب النّفسى المتعلّق بفعل لا يمكن ان يستكشف منه كون متعلّقه مربوطا بالعبادة ومعتبرا فيها من غير فرق بين ان يكون الاستكشاف بطريق الإنّ او اللّم لوضوح انّ الطّلب النّفسى والتكليف المتعلّق بشيء من حيث هو لا يكشف الّا عن كونه مطلوبا نفسيّا ومع عدم امكان استكشاف كونه مطلوبا للغير كيف يستكشف منه الارتباط وان امكن صيرورة ما هو مطلوب ذاتا مقدّمة ومطلوبا بالطّلب المقدّمى كما فى الطّهارة الحدثيّة ولكنّه لا ينافى ما ذكرنا وبالجملة الشّروط الّتى تنتزع من التكليف النّفسى يكون منشأ انتزاعها مستقلّا فى الوجود ومتمايزا عن العبادة المشروطة به غالبا لخروجه عن حقيقتها وتكون الشرطيّة راجعة الى مقام الامتثال كاشتراط الامر بالصّلاة وصحّتها بعدم وجوب الازالة او النّهى عن المكان الغصبىّ ونحو ذلك من الموانع المتوقّف مانعيّتها على القول باقتضاء الامر بالشّيء النّهى عن ضدّه والقول بعدم جواز اجتماع الامر والنّهى وترجيح جانب النّهى وقد ثبت فى محلّه انّ مانعيّة هذا الامر والنّهى عن الصّلاة انّما هى فى صورة علم المكلّف والتفاته فشرطيّتها ليست على حدّ

٤٤٢

سائر الشرائط المعتبرة فى اصل العبادة وصحّتها وهذا بخلاف الاجزاء فانّها لا يمكن ان يكون الدّليل عليها تكليفا نفسيّا غير العبادة المشتملة عليها ومنشأ انتزاعها لا بدّ ان يكون نفس المركّب الّذى اخذ هذا الجزء جزء له فهى دائمة داخلة فى الكلّ والأمر بها امر به بمعنى انّ الامر بالاجزاء لا بدّ ان يكون غيريّا فاذا امر بشيء منها فى حال من الاحوال يكشف ذلك الامر عن سبق جزئيّة هذا الجزء قبل ورود الامر عليه فالشرطيّة في الشّروط المعلومة مسبوقة بثبوت العلم بالتّكليف النّفسى ومتفرّعة عليه بمعنى عدم تحقّق الشّرط الّا بعد ثبوت التّكليف الفعلىّ المنجّز والجزئيّة فى جميع مواردها لا بدّ ان تكون سابقة على التّكليف ويكون التكليف بالجزء فرع ثبوت الجزئيّة الواقعيّة وان كان ذلك كاشفا عنها وموجبا للعلم بثبوتها فى الواقع وعلى الثّانى اى بناء على كون الاوامر المتعلّقة بالاجزاء ارشاديّة وخالية عن الطّلب ولو غيريّا كما قاله جماعة فمن الواضح بطلان المأتيّ به الخالى عن الجزء المنسىّ لانّ معنى الامر الارشادىّ هو الارشاد الى جزئيّة الشّيء وعدم تحقّق الواجب الّا مقرونا به من دون اشتماله على الطّلب ولا وقع ح للقول بقبح توجيه الخطاب نحو الغافل ولازمه تخصيص الامر المثبت للجزئيّة بصورة الذّكر والالتفات أصلا وعلى هذا فبعد الالتفات الى هذا الامر الارشادى يجب الاتيان بالمجموع وهذا واضح وعلى الثالث فقد عرفت انّ هذا النّوع من الطّلب يكشف عن سبق الجزئيّة والشرطيّة على هذا الامر لانّه معنى الطّلب الغيرىّ فانّ الامر الغيرىّ انّما يتعلّق بالمقدّمة وانتفائه بالنّسبة الى الغافل لا يدلّ على نفى الجزئيّة او الشرطيّة الّتى هى حكم وضعىّ وليست الجزئيّة والشرطية حينئذ مسبّبة عن هذا الامر بل هو مسبّب عنها عكس ما ثبت اشتراطه من حكم نفسىّ فانّ الشرطيّة ح مسبّبة عن التّكليف وينتفى بانتفاء فعليّته فإن قلت إنّ الدّليل الدالّ على الطّلب الغيرىّ من حيث كونه امرا او نهيا قاصر عن الكشف عن الجزئيّة او الشرطيّة المطلقتين ولو من جهة قصر تنجّزه بصورة العلم والالتفات فيرجع فى صورة الشّك الى البراءة قلت كيف يمكن ذلك مع انّ المفروض كون الطّلب غيريّا مقدميّا معلولا للارتباط بين متعلّقه والعبادة بحسب نفس الامر والواقع على ما يقتضيه لفظ متعلّقه كالحرير وشطر المسجد الحرام ونحوهما فانّه وان لم يجز التّمسك بنفس الخطاب المذكور مع الشّك فى وجود متعلّقه فى الخارج الّا انّه بعد الكشف عن ارتباط العبادة بوجود هذا الشّيء شطرا او شرطا بحسب نفس الامر يحكم العقل حكما قطعيّا بعدم صحّة ما كان فاقدا له كما يحكم بعدم جواز القناعة باحتمال وجوده الّا فيما كان هناك اصل يقتضى تحقّقه كما فى مستصحب الطّهارة وما كان الشّك فيه بعد الدّخول فى غيره نعم لو قام دليل شرعىّ على صحّة المأتيّ به الفاقد للجزء او الشّرط نسيانا كشف ذلك عن تعلّق الطّلب بغيره فى حقّه كما عرفته فى صدر الكلام كما انّه لو قام دليل شرعىّ على قناعة الشّارع واقعا باحتمال وجود الشّيء فى صحّة العبادة كما فى مسئلة الجهل بالخبث مع عدم سبقه فى اللّباس او البدن لا المسجد فانّه من محلّ الخلاف كشف ذلك عن كون المانع واقعا النّجاسة المعلومة فى الجملة

٤٤٣

لا الواقعيّة لكنّه خارج عن الجهة الّتى نحن فيها هذا واذا احطت خبرا بما ذكرنا فى الوجه الرّابع ظهر لك انّ هذه المسألة ليست من مسئلة الاجزاء فانّها مفروضة فيما كان هناك امر وقد عرفت عدم امكانه فى المقام ودريت انّ الغفلة لا توجب تبدّل المأمور به فانّ المخاطب بالصّلاة مع السّورة اذا غفل عن السّورة فى الاثناء لم يتغيّر الامر المتوجّه اليه قبل الغفلة ولم يحدث بالنّسبة اليه امر آخر من الشّارع حين الغفلة فانّه غافل عن غفلته فالصّلاة المأتيّ بها من غير سورة غير مأمور بها اصلا غاية الامر عدم توجّه الامر بالصّلاة مع السّورة اليه لاستحالة تكليف الغافل فالتكليف ساقط عنه ما دام غافلا وما يمكن ان يتوهّم فى تخصيص الجزئيّة بحال الذّكر وجهان الاوّل انّ فى المقام امرا عقليّا لاستقلال العقل بانّ الواجب فى حقّ النّاسى هو هذا المأتيّ به والحاكم بلزوم الاطاعة هو العقل فكما انّه يحكم بوجوب الاطاعة للكلّ مع الالتفات كذلك يحكم بوجوبها للباقى مع عدم الالتفات الى البعض الثّانى انّ اصالة العدم على الوجه المتقدّم وان اقتضت ما ذكر الّا انّ استصحاب صحّة سائر الاجزاء حاكم عليها واجاب عنهما فى المتن الجهة الثّالثة أنّه اذا امكن صحّة التّكليف بما عدا الجزء المنسىّ ثبوتا ولكنّ الاصل الاوّلى لم يدلّ على ذلك اثباتا كما عرفته مفصّلا فهل هناك اصل ثانوىّ من دليل اجتهادىّ او اصل عملىّ يستكشف منه تعلّق الامر بما عدا الجزء المنسىّ ام لا او فرض عدم امكان التّكليف بما عدا الجزء المنسىّ ثبوتا فهل هناك اصل ثانوىّ يقتضى الاجزاء بالمأتىّ به فى حال النّسيان عن الواقع وان لم يكن مأمورا به ام لا والحقّ بعد ما عرفت من امكان التّكليف ثبوتا وعدم اقتضاء الاصل الاوّلى ذلك اثباتا ما ستعرفه من عدم قيام دليل آخر كحديث الرّفع على امضاء ما يفعله النّاسى خاليا عن الجزء والشّرط المنسىّ عنه فى جميع الموارد ومقتضى القاعدة بالنّظر الى الاصل الاوّلى بطلان المركّب عند الاخلال بالجزء او الشّرط نسيانا ووجوب الاتيان به ثانيا تامّ الاجزاء والشّرائط ويكون الاصل فيهما من حيث النّقيصة هى الرّكنية نعم في خصوص الصّلاة قام الدّليل بالنّظر الى قوله ع لا تعاد الصّلاة الّا من خمس وغيره ممّا اشار اليه فى المتن على عدم بطلانها عند الاخلال بجزئها او شرطها سهوا ونسيانا فعلى تقدير امكان التّكليف بما عدا المنسىّ ثبوتا يستكشف تعلّق الامر به وعلى تقدير عدمه يكشف هذه الادلّة عن ثبوت المصلحة الواقعيّة فى المأتيّ به وان لم يكن بمأمور به وجعله الشّارع بدلا عن الواقع ومسقطا عنه وكيفيّة هذه الاستفادة وتفصيلها يطلب من مباحث الخلل فى الصّلاة فى الفقه قوله (بل الاصل فيه العدم بالاتّفاق) قد عرفت انّ المراد من هذا الاصل هو قاعدة الاشتغال وليس مراده قدس‌سره الاستصحاب فلا تغفل قوله (وقد يتوهّم انّ فى المقام امرا عقليّا) وهذا من جماعة منهم المحقّق القمىّ ره في القوانين قوله (وبين ما ثبت اشتراطه

٤٤٤

من الحكم التّكليفى كلبس الحرير) قد ظهر ممّا تقدّم انّ الشّرط على قسمين الاوّل ما يكون شرطا ومعتبرا فى المأمور به ويكون مأخوذا فى موضوع الامر فيكون مقدّما عليه بحسب الملاحظة كسائر ما له دخل فى حصول المأمور به مثل الاجزاء كغالب الشّرائط للعبادات والثّانى ما يكون معتبرا فى امتثال الامر المتعلّق بالمأمور به بحيث لا يكون له ارتباط بالماهيّة المأمور بها أصلا والقسم الاوّل يمتنع ان يكون مسبّبا من الخطاب النّفسى ومعلولا له بل هو علّة تامّة بناء على القول بوجوب المقدّمة لامر غيرىّ تبعىّ متعلّق به فهو علّة للامر الغيرىّ وان كان الكاشف عنه الخطاب النّفسى المتعلّق بالمشروط وامّا الجزء فليس الّا قسما واحدا وهو ما كان معتبرا فى المأمور به فدليل الجزء دائما يكون من قبيل القسم الاوّل من الشّرط ويكون الجزئيّة علّة للامر به وغرض المصنّف هنا الفرق بين الجزء والشّرط الّذى ثبت شرطيّته من الحكم التكليفىّ النفسىّ وهو القسم الثّانى منه اى ما يكون معتبرا فى امتثال الامر وانّ الشرطيّة فى القسم الثّانى مسبّبة عن التّكليف من غير دلالة التّكليف على دخل متعلّقه فى العبادة فالتّكليف النّفسى بما هو نفسىّ لا يمكن دلالته على المقدميّة وان كان ظرف متعلّقه العبادة فضلا عمّا اذا لم يكن كذلك فالامر بالسّجود عند قراءة آية السّجدة او استماعها لا يدلّ على كون السّجود للعزيمة جزء للصّلاة والنّهى عن الغصب بما هو غصب لا يدلّ على كون الغصب من موانع الصّلاة نعم لو استفيد من النّهى كونه ارشاديّا وغيريّا كما هو المسلّم فى التكتّف وغيره دلّ على المانعيّة وكان من القسم الاوّل من الشّرط ولكنّه يخرج عن النّهى النّفسى بل النّهى النّفسى المتعلّق بما ثبت شرطيّته لا يدلّ على الفساد والمانعيّة فالنّهى النّفسى عن لبس الحرير فى الصّلاة لم يدلّ على فساد الصّلاة فى الحرير فان قلت كيف يكون كذلك مع انّه لا اشكال فى فساد الصّلاة فى الحرير ولو ناسيا قلت غرض المصنّف انّ النّهى النّفسى لا يدلّ على الفساد والمانعيّة حتّى فى النّهى النّفسى المتعلّق بما ثبت شرطيّته وهذا لا ينافى حرمة لبسه من جهة النّهى النّفسى عن الصّلاة فى الحرير فانّه يدخل فى المنهىّ عنه بشرطه من اقسام النّهى فى العبادات والحاصل انّ الغرض هو التّفريق بين الجزئيّة المستكشفة من التّكليف الغيرىّ الّتى لا يلزم من انتفاء التّكليف انتفائها والشرطيّة المسبّبة من التّكليف النفسىّ المعلولة له الّتى يلزم من انتفاء التّكليف انتفائها من حيث انّها كانت راجعة الى مقام الامتثال وامّا الشّرط المأخوذ قيدا فى الماهيّة المستكشف من التّكليف الغيرىّ فهو كالجزء كما سيشير اليه فى آخر المسألة قوله (انّ جزئيّة السّورة ليست من الاحكام المجعولة) بناء على انّ الاحكام الوضعيّة منتزعة من الاحكام التكليفيّة وليست هى مجعولة والصحّة والفساد ايضا منها وليعلم انّ الجزئيّة على هذا المبنى سواء كانت بمعناها المعروف ام بمعنى المقدميّة وتوقّف الكلّ عليه ليست مجعولة للشّارع والفرق بينهما انّ الجزئيّة تكون منتزعة من الحكم التكليفىّ

٤٤٥

اذا كانت بمعناها المعروف وامّا المقدميّة والتوقّف فلها ثبوت فى الواقع بعد التّكليف بالكلّ وامّا من حيث عدم تعلّق الجعل بهما فلا فرق بينهما فإن قلت ليس المقصود اثبات عدم الجزئيّة والصحّة حتّى يقال انّهما من الاحكام الغير القابلة للجعل بل المقصود انّ ترك السّورة موضوع من الموضوعات وحكمه الشرعىّ التكليفىّ وجوب الاعادة والقضاء وهذا الحكم المترتّب على ترك السّورة منفىّ بالرّواية اذا كان عن نسيان قلت وجوب الاعادة والقضاء ليسا من آثار ترك السّورة حتّى يرتفعا عند نسيانها بل هما من آثار الامر الاوّل ولمّا تعذّر توجّه الامر حين النّسيان كان المكلّف معذورا كما لم يتمكّن من اتيان الكلّ او نام عنه واذا ارتفع العذر وزال المانع توجّه الامر اليه مع بقاء الوقت او دلالة الدّليل على القضاء قوله (لانّ عدم الرّافع من اسباب البقاء) توضيحه انّ الامر الاوّل وهو قوله مثلا صلّ مع السّورة مطلق قابل للتّقييد بحال الالتفات ولا ريب انّ تقييد المطلق امر موكول الى تصرّف الشّارع كالاطلاق فان شاء ابقاه كذلك وان شاء قيّده بحال الالتفات فعدم الرّافع بمعنى ابقاء المطلق على اطلاقه من مجعولات الشّارع ومن اسباب البقاء وحديث الرّفع مقيّد للاطلاق فالاطلاق مرفوع بالنّسيان ومعنى رفع النّسيان رفع ما يترتّب عليه من الاثر العقلى وهو ترك الجزء ومعنى رفعه رفع ما يترتّب عليه وهو ترك الكلّ ومعنى رفعه رفع ما يترتّب عليه من الاثر الشرعىّ وهو وجود الامر وبقائه فى الزّمان الثّانى وان شئت قلت انّ الاطلاق مرفوع بالنّسيان ويترتّب على ذلك مانعيّة النّسيان عن لزوم الإعادة والقضاء ويترتّب على ذلك انتفاء الامر الاوّل قوله (وان لم يكن اثرا شرعيّا فافهم) الظّاهر من المتن فى مواضع انّ رفع الاعادة ليس اثرا شرعيّا ووجوب الاعادة ورفع وجوبها من الآثار العقليّة لبقاء الحكم الشرعىّ وعدمه فغرض المصنّف ره من تصحيح الكلام الوارد هو الحمل على رفع الحكم الشرعىّ المتعلّق بالصّلاة بعد الاتيان بها خالية عن السّورة ويرتفع وجوب الإعادة حينئذ بحكم العقل لانّه من لوازم بقاء الامر بعد الالتفات كذلك ثمّ إنّ التّفريق بين النبوىّ بناء على رفع جميع الآثار لا خصوص المؤاخذة كما هو المفروض والدّليل الخاصّ الوارد فى نسيان بعض الاجزاء الحاكم بكونه مرفوعا مع وضوح امكان رفع الشّارع جميع الآثار حتّى الأثر الشرعىّ المترتّب بتوسيط الاثر العقلىّ والعادىّ كما هو المسلّم فى باب الامارات المعتبرة انّما هو من جهة دعوى ظهور حديث الرّفع واخبار الاستصحاب فى خصوص الآثار الشرعيّة بلا واسطة وعدم ظهوره فى التّعميم ويأتيك تفصيل ذلك بخلاف الدّليل الخاصّ الوارد فى مورد لا اثر للرّفع الّا الأثر الشرعىّ مع الواسطة فانّ بدلالة الاقتضاء يتعيّن ارادته قوله (وزعم بعض المعاصرين الفرق بينهما) اى الفرق بين الآثار المرفوعة فى هذه الرّواية والآثار الثّابتة للمستصحب وهو صاحب الفصول وحاصل كلامه انّ اصالة عدم الجزئيّة ان كان المراد بها الاستصحاب لا يثبت بها

٤٤٦

الاقلّ لانّه اصل مثبت وان كان المراد بها اصل العدم الّذى مدركه عموم اخبار البراءة الشّامل لنفى الحكم التّكليفىّ والوضعىّ فيثبت به الاقلّ فيقتصر فى الاستصحاب على الآثار الشرعيّة لقصور دلالة اخباره على ازيد من ذلك بخلاف اصل العدم الّذى مدركه عموم اخبار البراءة وقد عرفت ضعف ما ذكره.

قوله (فى زيادة الجزء عمدا) توضيح الكلام فى المقام من جهات ثلاث الاولى فى تشخيص ما هو محلّ الخلاف من حيث صحّة العبادة وبطلانها وهو زيادة الجزء عمدا فنقول انّ اعتبار شيء فى العبادة المأمور بها لا يخلو من وجوه الأوّل ان يلاحظه الشّارع بشرط جزء آخر معه كالتّسبيحة الصّغيرة مثلا فى الرّكوع حيث لوحظ جزء للصّلاة بشرط ضمّ تسبيحتين أخريين معها وح فتحقّق الجزء انّما هو باتيان جميعها الثّانى ان يلاحظه بقيد الوحدة كتكبيرة الإحرام وح فإذا أتى به ثانيا لم يتحقّق ما هو الجزء ولم يكن آتيا به لانتفاء قيده فالجزء فى كلا الوجهين مقيّد بقيد وجودا وعدما الثالث ان يلاحظه لا بشرط فى الجزئيّة بمعنى انّ فى جزئيّته لم يؤخذ قيد وجودا وعدما فان أتى بشيء آخر من سنخه او لم يأت به لا يضرّ بجزئيّة ذلك الجزء الرّابع ان يلاحظ الطّبيعة جزء من دون نظر الى الأفراد فكلّ فرد من الطّبيعة واحدا ام متعدّدا عرضيّا او طوليّا أتى به فقد تحقّق الجزء لانّ الطّبيعة صادقة على القليل والكثير ومحلّ الكلام هو القسم الثّالث ففى الاوّل لا يتحقّق الجزء الّا بالضّميمة وفى الثّانى لو أتى بالزّيادة اخلّ به وخرج الجزء عن كونه جزء ويكون من النّقيصة فى الجزء ويبطل العبادة بزيادة اعتبر فيها عدمها وفى الرّابع يتحقّق الجزء بلا زيادة ونقيصة بتحقّق الطّبيعة الصّادقة على القليل والكثير ولا يبطل العبادة بهذه الزّيادة لانّ الملحوظ فيها نفس الطّبيعة لا بشرط التعدّد والوحدة وامّا فى الثالث فلا اشكال فى تحقّق الجزء واذا زاد عليه لم يخلّ بحصول الجزء سابقا ولكن يقع الكلام فى انّ هذه الزيادة العمديّة على الجزء الحاصل هل يصير سببا لبطلان العبادة ام لا بمعنى وقوع الشّك فى انّ اصل العبادة بالنّسبة الى هذا الزائد هل يكون بشرط لا ام بلا شرط ومن هنا تعلم انّ الزّيادة العمديّة تجتمع مع الصحّة ثبوتا لانّه يمكن ثبوتا اخذ اصل العبادة بالنّسبة الى هذا الزّائد لا بشرط فلا تضرّ بصحّتها زيادة الجزء عمدا ويكفى فى صحّة العبادة احتمال اخذها لا بشرط بالنّسبة الى هذه الزّيادة ويكون مرجع هذا الشّك الى الشّك فى مانعيّة الزّيادة وامّا الزّيادة السهويّة فالامر فيها أوضح ثمّ إنّ زيادة الجزء عمدا بالمعنى الّذى عرفته انّما تتحقّق مع قصدها كما فى المتن فاذا أتى بالجزء ثانيا لا بقصد الزّيادة فى الجزء فهو خارج عن محلّ البحث الجهة الثّانية أنّ الشّك المفروض يرجع الى الشّك فى مانعيّة الزّيادة عن الصحّة لاحتمال اشتراط العبادة بعدمها نظير الشّك فى مانعيّة امور أخر وجوديّة او عدميّة فهو قسم من الشّك فى المانع لانّ المانع على قسمين قسم يكون حصوله قبل وجود العمل كفقدان الطّهارة وقسم يحصل فى الاثناء ويسمّى مخلّا ومبطلا وهو ايضا

٤٤٧

على قسمين يسمّى قسم منه بالقاطع وسنذكره بعد ذلك ومحلّ الكلام فى المانع الحاصل فى الاثناء بل فى صنف منه والاولى نقل الكلام فى مطلق المانع الأثنائي ثمّ نعقّبه ببعض ما يتعلّق بالمقام فنقول اختلفوا فى الشّك فى المانعيّة على قولين الاوّل القول بها مطلقا وبطلان العبادة والثّانى القول بعدمها مطلقا والحقّ انّ مقتضى الاصل الاوّلى عدم المانعيّة والقاطعيّة الّا ان يقوم دليل عليها وذلك لقوله ع النّاس فى سعة ما لا يعلمون وغيره من ادلّة البراءة الشرعيّة ولا نريد بالاصل اثبات الحكم الوضعىّ حتّى يقال انّه لا يثبت بالاصل بل المراد مجرّد رفع المؤاخذة فى خصوص العبادة المأمور بها وهذا هو عمدة ما يتمسّك به لاثبات عدم المانعيّة وربما يضاف إليه وجوه أخر مذكورة فى المتن مع ما يرد عليها منها ما تمسّك به جماعة كالشّيخ والشّهيدين وغيرهما من قوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) ومنها ما هو المشهور المعروف بينهم من استصحاب صحّة الاجزاء السّابقة ومنها استصحاب حرمة القطع ومنها إستصحاب وجوب الإتمام وأمّا حكم خصوص الزّيادة العمديّة بالمعنى الّذى عرفته فالزّيادة كما فى المتن يتصوّر على وجوه ثلاثة الاوّل ان يأتى بالزّائد على انّه جزء مستقلّ اعتبر وجوده فى ماهيّة المامور بها واتيانه على هذا الوجه امّا ان يكون مقرونا بعلمه التّفصيلىّ بعدم مشروعيّته وعدم اعتباره الشّارع فى المركّب ويأتى به على وجه التّشريع وامّا ان يكون مع جهله بكيفيّة امر الشّارع جهلا مركّبا وكان جهله عن تقصير وهذا من حيث انّه غير معذور فى جهله يلحق فى الحكم بالّذى يزيد عالما بعدم مطلوبيّة الزّيادة الثّاني ان يقصد كون مجموع الزّائد والمزيد عليه جزء واحدا كما لو اعتقد انّ الواجب فى الرّكوع الجنس الصّادق على الواحد والمتعدّد وهذا انّما يتحقّق مع قصد الامتثال بالمجموع كانّهما فرد واحد للطّبيعة ولو قصد الامتثال باحدهما اوّلا دخل فى القسم الاوّل وكان الإتيان به ثانيا بقصد الجزئيّة تشريعا الثّالث أن يأتى بالزّائد بدلا عن المزيد بقسميه المذكورين فى المتن وقد عرفت انّه لا بدّ فى الاقسام الثّلاثة من قصد الزّيادة وان يكون المزيد من جنس المزيد عليه ومن سنخه والّا فهو خارج عن محلّ البحث والزّيادة على الوجه الاوّل لا اشكال فى فساد العبادة بها لانّ المأتيّ به وما قصد به الامتثال غير مامور به وما امر به وهو ما عدا تلك الزّيادة لم يقصد الامتثال به ولا فرق فى ذلك بين علمه بعدم تعلّق طلب الشّارع بهذا المجموع المأتيّ به او جهله به لانّ الجاهل المقصّر فى حكم العالم ولا فرق ايضا بين قصد الامتثال بالمأتىّ به قبل الدّخول فى العبادة او فى الاثناء لاشتراط استدامة النيّة كاصلها فى الصحّة وقد استشكل بعض من عادته التّشكيك فى كلّ ما يرد عليه فى البطلان فى هذه الصّورة ولا يلتفت إليه وعلى الاخيرين فمرجع الشّك فيهما الى الشّك فى اشتراط العبادة بعدم الزّيادة فيها والحكم بالصحّة والبطلان فيهما مبنىّ على مسئلة البراءة والاشتغال فى الشّك فى الشّرائط والاجزاء وحيث

٤٤٨

كان المختار ثمّة هو البراءة الشرعيّة تعيّن الحكم بالصحّة والقائلون بالاشتغال هناك يلزمهم القول به فى المقام وليس لهم دليل فى خصوص الزّيادة غير ما تقدّم من الآية والاستصحابات المستدلّ بها على البطلان لا بعنوان الزّيادة بل بعنوان مطلق المانع والقاطع وقد احتجّ في المعتبر على بطلان الصّلاة بالزيادة بانّها تغيير لهيئة العبادة الموظّفة فتكون مبطلة مع انّ بنائه فى جميع مقامات الشّك فى الشرطيّة والجزئيّة على البراءة وفيه نظر واضح الجهة الثّالثة فى قيام الدّليل على خلاف ما اقتضاه القاعدة من الاصل الاوّلى وهو البراءة والظّاهر عدم قيام دليل كذلك الّا فى باب الصّلاة لتظافر الاخبار على بطلانها بالزّيادة قوله (وسيأتى الكلام فى معنى الزّيادة) لم يتعرّض فيما بعد لهذا وما ورد من تعليل النّهى عن قراءة العزيمة بانّ السّجود لها زيادة فى المكتوبة فظاهر ان ليس المراد بها زيادة الجزء الّذى هو مورد البحث ويحتمل ان يراد انّها زيادة امر خارج عن اجزاء الصّلاة فيها يكون مغيّرا للهيئة المعتبرة فى نظر الشّارع للصّلاة وان كانت هذه الزّيادة عبادة ويحتمل ان يراد بالزّيادة الالحاق الحكمى بزيادة الجزء من حيث الشّباهة الصوريّة والتّسمية من باب المسامحة قوله (بفقد بعض الشّروط كأن يأتى ببعض الاجزاء رياء) هذا بناء على انّ الرّياء فى البعض قابل للتّدارك وامّا بناء على انّه يوجب الرّياء فى مجموع العبادة ومبطل لها فلا يكون من مثال المقام قوله (والاصل بقاء تلك القابليّة وتلك الهيئة الاتّصاليّة) اراد بهذا انّ جريان الاستصحاب فى الشّك فى القاطع يكون بوجهين الاوّل ان يكون المستصحب صحّة الاجزاء بان يقال انّ الأجزاء السّابقة كانت صحيحة وقابلة لضمّ اللّاحقة اليها وصيرورتها اجزاء فعليّة للمركّب والأصل بقاء الصحّة اى بقاء تلك القابليّة للاجزاء والثّانى ان يكون المستصحب هو الهيئة الاتّصاليّة اى الاتّصال القائم بين الاجزاء السّابقة وما يلحقها ثمّ إنّه ذهب الى امكان الخدشة فى كلا الوجهين امّا فى الوجه الأوّل فبقوله وامّا اصالة بقاء الاجزاء السّابقة على قابليّة الحاق الباقى بها فلا يبعد كونها من الاصول المثبتة وذلك لانّ الاثر وهو الحكم الشّرعى مترتّب على فعليّة الاتّصال بين الاجزاء وتحقّقه فعلا ومجرّد قابليّة الاجزاء وشأنيّتها لأن تصير اجزاء فعليّة للكلّ لا يكفى لترتّب الاثر الشّرعى الّا اذا قلنا بالاصل المثبت وترتّب الأثر الشّرعى على المستصحب ولو كان بالواسطة فانّ باستصحاب بقاء القابليّة يترتّب عليه تحقّق الفعليّة فيترتّب الاثر الشّرعى وامّا فى الوجه الثّانى فبقوله وان كان ما بينها وبين ما لحقها من الاجزاء الآتية فالشكّ فى وجودها لابقائها وذلك لانّ الهيئة الاتّصاليّة القائمة بالاجزاء السّابقة وما يلحقها من الاجزاء الآتية متقوّمة بالطّرفين وما لم يوجد الطّرف اللّاحق لا يوجد تلك الصّفة لاستحالة قيامها بالموجود والمعدوم فان لم يفرض وجود اللّاحق بعد وجود السّابق

٤٤٩

كانت تلك الصّفة مقطوع العدم من اوّل الامر وان فرض وجود اللّاحق فهى مشكوك الحدوث وليس للمستصحب وجود يقينىّ فى السّابق على كلّ حال وأجاب قدس‌سره عن الاوّل بانّ الواسطة خفيّة وعن الثّانى بانّ احراز موضوع المستصحب موكول الى نظر العرف وليس مبنيّا على التّدقيق العقلىّ وهذان الامر ان اوجبا الاختلاف بين الاصحاب فى جريان كثير من الاستصحابات فترى احدهم يتمسّك بالاستصحاب ويردّه الأخر بانّه مثبت فيجيب عنه الاوّل بانّ الواسطة خفيّة وكذلك ترى يتمسّك به فيردّه الأخر بعدم بقاء الموضوع ووحدته فيجيب عنه الاوّل بانّ احراز الموضوع ليس مبنيّا على الدّقة العقليّة بل هو موكول الى العرف والإنصاف أنّ ما كان من هذا القبيل فالمتّبع هو نظر الفقيه فى تشخيص الموارد ثمّ لا يخفى أنّه لا دليل على اعتبار الهيئة الاتّصاليّة فى الصّلاة بمعنى ان يكون لها غير الاجزاء الخارجيّة جزء صورىّ يقوم باجزاء الصّلاة عند اجتماعها ويكون امرا وجوديّا يحدث باوّل جزء منها ويستمرّ الى آخر اجزائها الّا ما اشار اليه فى المتن وهو حكم الشّارع على بعض الاشياء بكونه قاطعا للصّلاة او ناقضا فانّه لو لم تكن للصّلاة غير الاجزاء هيئة اتّصاليّة لا وجه لاستعمال القاطع فى كلام الشّارع على مثل الالتفات الى الخلف ولكنّ التامّل التامّ يقتضى المناقشة فى هذا الدّليل فانّ مجرّد تعلّق النّهى الغيرىّ بمثل الالتفات ونحوه لا يدلّ على اعتبار امر وجودىّ غير نفس الاجزاء بحيث يكون فعلا للمكلّف او مسبّبا توليديّا له يسمّى بالهيئة الاتّصاليّة وغاية ما يدلّ عليه النّهى المتعلّق بامر عبّر عنه بالقاطع هو تقيّد الاجزاء بعدم تخلّله فى الأثناء باىّ وجه كان وهذا هو الفارق بين المانع والقاطع فانّ المانع يطلق على ما يمنع عن صحّة الصّلاة اذا وقع فى حال الاشتغال بالاجزاء واذا لم يكن فى حال الاشتغال بها لم يكن مبطلا كما اذا تنجّس بدن المصلّى او لباسه فى الصّلاة وطهّرهما فى الصّلاة فى حال عدم الاشتغال وكذا لو لبس الحرير ونزعه فى تلك الحالة وامّا القاطع فيطلق على ما يكون مبطلا ولو وقع فى حال عدم الاشتغال ولو سلّم دلالة النّهى المتعلّق بالقاطع على اعتبار امر آخر وجودىّ فلا دلالة له على تعلّق الطّلب به مستقلّا فانّه امر انتزاعى مستكشف من ذلك الدّليل وليس على حدّ سائر الاجزاء المعتبرة حتّى يمكن استصحابه قوله (وربما يردّ استصحاب الصحّة بانّه ان اريد الخ) وذلك من صاحب الفصول قوله (هذا ان قلنا بالاحباط مط الخ) اعلم انّ تكفير السّيئات بالحسنات لا خلاف فى صحّته فانّ مرجعه الى العفو عمّا يستحقّه فاعل المعصية بسبب طاعته فضلا من الله تعالى ولطفا ووردت به الاخبار المتواترة وامّا احباط الحسنات بالسّيئات فامّا ان يراد به الموازنة بين المعاصى والطّاعات وترجيح ما كان فائقا وغالبا وامّا ان يراد به بطلان الأجر والثّواب مع ايجاد العمل على الوجه الصّحيح الشّرعى جامعا لجميع الاجزاء والشّرائط من دون موازنة وفعل

٤٥٠

وانفعال وهذا هو الّذى حكموا باستحالته عقلا وامّا المعنى الاوّل فلا اشكال فى صحّته وعليه مدار الميزان فى يوم الجزاء ويحمل ما ورد من الآيات والاخبار فى ثبوته قال الله تبارك وتعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وقال تعالى (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) ثمّ إنّ الاحباط بالمعنى الّذى عرفت صحّته وامكانه عقلا ذهب بعض الى انّ غير الشّرك من وجوه المعاصى لا يعلم احد بغلبته على الطّاعات الّا الله تعالى والرّاسخون فى العلم ولم يرد دليل قطعىّ على ثبوته فلا يحكم بكونه موجبا للحبط وخبر الامالى وثواب الاعمال المذكور فى المتن لكونه من الآحاد لا اعتبار بمثله فى المسألة وامّا الكفر فالاحباط به بالمعنى الصّحيح اتّفاقى لانّ اثره الخلود فى النّار ولا يوازن به شيء من الطّاعات قوله (فان كان المراد بالأعمال ما يعمّ الخ) قد يناقش فيما افاده بانّه صرّح بظهور المعنى الاوّل فى الارشاد وهذا لا يجتمع مع التّمسك بها لحرمة القطع ولكنّها مدفوعة بانّ مع ارادة ما يعمّ الجزء المتقدّم يكون معنى رابعا وما صرّح به من الظّهور فى الارشاد انّما هو مبنىّ على كون المراد من العمل مجموع المركّب الّذى جعله باطلا ولغوا بعد ان لم يكن كذلك وهذا واضح قوله (واضعف منه استصحاب وجوب اتمام العمل) وجه الاضعفيّة ان لا دليل عليه الّا ما ذكر من حرمة القطع واذا ظهر عدم صحّة التّمسك بها فكيف يتمسّك بما هو متولّد عنها قوله (وربما يجاب عن حرمة الابطال الخ) وغاية ما يمكن ان يستدلّ لهذا الوجه هو انّ حرمة الابطال بالحرمة النفسيّة وكذلك وجوب الاتمام المتولّد منها لا يلازمان صحّة العمل او انّها من اللّوازم العقليّة للاصلين فلا تثبت بهما وحيث انّ الشّك فى المكلّف به والامر دائر بين المتباينين وهو وجوب اتمام هذا العمل او عمل آخر مستأنف فيجمع بين الأصلين واصالة الاشتغال بوجوب اتمام العمل ثمّ إعادته والجواب أوّلا انّ على تقدير جريان الاصلين لا معنى لوجوب الاتمام وحرمة الابطال الّا ايجاب امتثال الامر بكلّى الصّلاة فى ضمن هذا الفرد ويلزمه البراءة اليقينيّة وجواز الاقتصار عليه بسبب حكم الشّارع وحينئذ يرتفع موضوع اصالة الاشتغال وهو احتمال الضّرر فالاصلان امّا حاكمان او وارد ان وعلى تقدير عدمه فقضيّة اصالة الاشتغال هو الاستيناف والاعادة قطعا ومعه يكون احتمال وجوب الاتمام وحرمة القطع مدفوع بالأصل لانّ الشّك فى اصل التّكليف الوجوبى بالاتمام او التحريمىّ بالقطع مع اليقين بوجوب الإعادة بحكم اصالة الاشتغال والحاصل انّ مع جريان اصالة حرمة القطع تكون هذه حاكمة على اصالة الاشتغال ومع عدمه فالجارى هو اصالة الاشتغال وقضيّتها هو الحكم بالاعادة وليس الامر دائرا بين المتباينين ومن هذا تعرف انّ الفقيه لا يكون متردّدا بين الاتمام والاستيناف حتّى يكون من المتباينين وثانيا أنّ مراعات الاحتياط باتمام العمل ثمّ اعادته موجب لالغاء الاحتياط من جهة اخرى وهى مراعات نيّة الوجه التفصيلىّ فاذا فرض محالا تردّد الفقيه بين الاتمام والاستيناف كان الاولى

٤٥١

الحكم بالقطع ثمّ الاستيناف فتدبّر قوله (ولبيان معنى الزّيادة وانّ سجود العزيمة كيف يكون زيادة الخ) المتيقّن من الزّيادة المذكورة فى الأخبار الّتى حكم الشّارع ببطلان الصّلاة بها هو ما كان المزيد والمزيد عليه من جنس واحد وكان المزيد عليه من الاجزاء المجعولة للصّلاة بجعل الشّارع فى مقام اختراع الماهيّة وتشريعها كأن يكبّر مرّتين او يقرأ الحمد او السّورة مكرّرا او يركع ركوعين ونحو ذلك وهذا هو المتبادر من الزّيادة عرفا اذا اسندت الى مركّب ويحتمل قويّا شمولها لما اذا زاد المكلّف على اصل المركّب شيئا بقصد الجزئيّة مع عدم كونه جزء بجعل الشّارع كأن يأتى بالتّأمين او التكتّف ونحو ذلك بقصد انّه من اجزاء الصّلاة سهوا او عمدا عالما او جاهلا أمّا لو أتى بشيء زائد خارج عن ماهيّة الصّلاة مع عدم قصده جزئيّة ذلك الشّيء فلا يشمله الاخبار جزما لانّه لا يصدق عليه انّه زيادة فى الصّلاة بل هو شيء زائد عنها مقارن معها فى الوجود وعلى هذا يقع الاشكال فيما ورد فى النّهى عن قراءة العزيمة فى الصّلاة من التّعليل بقوله ع لانّ السّجود زيادة فى المكتوبة لوضوح انّه ليس من الزّيادة فى الصّلاة بل هو شيء زائد عن اصل المكتوبة ومع ذلك اطلق الامام عليه‌السلام عليه الزّيادة بلفظة فى والأخذ بظاهر هذا الاطلاق يكشف عن اتّحاد حكم هذه الزّيادة مع حكم الاوليين فى كونها مبطلة بل يكون الرّواية قرينة على ارادة عموم الزّيادة من سائر الأخبار ولكنّ الصّواب اندفاع الاشكال بانّ الزّيادة فى هذه الرّواية غير منصرفة الى المعنى الاخير لا حقيقة ولا عرفا وعلى تقدير ظهورها فى ذلك يلزم تخصيص الاكثر فانّ الزّوائد الغير المبطلة للصّلاة اجماعا المتّفق تقارنها معها فى غاية الكثرة كالنّظر الى الاجنبىّ او الى شيء آخر واداء الدّين والعبث والسعال وتحريك بعض الاعضاء بحيث لا يخلّ بالطمأنينة الى غير ذلك من المحرّمات والواجبات والمكروهات والمندوبات والمباحات المقارنة معها فيلزم التصرّف فى الرّواية بامرين الاوّل صرف لفظة فى عن ظاهرها وجعلها بمعنى مع ويجعل المجرور ظرفا مستقرّا متعلّقا بحاصلة صفة للزّيادة او حالا عنها فيكون المعنى لانّ السّجود للعزيمة زيادة عن الصّلاة حالكونه حاصلة ومقارنة معها الثّانى بعد جعل فى بمعنى مع حمل العلّة على الحكمة فرارا عن لزوم تخصيص الاكثر اى انّ الحكم فى خصوص العزيمة لهذه العلّة لا انّ الحكم فى الزّيادة مطلقا يدور مدار هذه العلّة حتّى يكون كبرى كليّة مثل ما ورد فى الرّوايات العديدة عند الأمر بالتيمّم من قوله ع فانّ ربّ الماء وربّ الصّعيد واحد ومن قوله ع انّ ربّ الماء هو ربّ الارض ومن الواضح انّ ربّ الماء ربّ كلّ شيء وما ورد في النّهى عن التكتّف فى الصّلاة من قوله ع وضع الرّجل احدى يديه على الأخرى فى الصّلاة عمل وليس فى الصّلاة عمل وقوله ع ذلك عمل وليس فى الصّلاة عمل مع انّ العمل لا يختصّ بالتكتّف وقد علمت

٤٥٢

انّ العمل مطلقا ليس مبطلا وبالجملة لا وجه لجعل الظّرف لغوا متعلّقا بقوله ع زيادة حتّى يلزم المحذور وقد تقدّم بعض الكلام فى معنى الرّواية.

قوله (لانّ مرجعه الى الاخلال بالشرط نسيانا) وذلك لانّ الزّيادة المفروضة ممّا شرط عدمها قوله (معارضة بضميمة عدم القول بالفصل الخ) لا يخفى انّ بناء على القول بجواز الفصل لا تعارض بين الاصلين وعلى القول بعدمه فالتّعارض صورىّ لا حقيقىّ وذلك لحكومة قاعدة الاشتغال على البراءة الشرعيّة وورودها على العقليّة وهى الوجه فى ترجيح القاعدة على القول الثّانى قوله (وبينهما تعارض العموم من وجه فى الزّيادة السهويّة) فانّ لا تعاد يختصّ بصورة النّسيان ويعمّ صورة الزّيادة والنّقص واخبار الزّيادة المتقدّمة تختصّ بصورة الزّيادة وتعمّ صورة العمد والنّسيان ويقع التّعارض فى الزّيادة السهويّة لافتراق حديث لا تعاد عن اخبار الزّيادة فى طرف النّقيصة وو افتراق اخبار الزّيادة فى صورة الزّيادة العمديّة وتصادقهما فى الزّيادة السهويّة فانّ مقتضى اطلاق لا تعاد عدم البطلان فى هذه الصّورة ومقتضى اطلاق بعض الرّوايات المتقدّمة البطلان فيها إلّا انّ هذا التّعارض صورىّ لحكومة لا تعاد عليها لانّ الظّاهر منه كونه بيانا ومفسّرا كقاعدة الضّرر والحرج وظاهر اخبار الزّيادة انّها فى مقام الجعل والتأسيس وتكون كسائر ادلّة الاجزاء والشّرائط والموانع فحديث لا تعاد تفيد انّ الاخلال بما دلّ الدّليل على عدم جواز الاخلال به اذا وقع سهوا لا يوجب الاعادة وان كان من حقّه ان يوجبها بمعنى انّه فى مقام بيان عدم قدح الاخلال سهوا بما ثبت قدح الاخلال به فى الجملة فيكون قوله ع لا تعاد باقيا على عمومه من عدم وجوب الاعادة بالنّقيصة والزّيادة سهوا ويخرج الزّيادة السهويّة عن عموم اخبار الزّيادة وتلحق بالنّقيصة السهويّة فى الحكم ومن الواضح انّه لا تلاحظ النّسبة بين الحاكم والمحكوم ويقدّم الحاكم وان كان بينه وبين المحكوم عموم من وجه وعلى هذا يكون الاصل الثانوىّ الصحّة فى النّقيصة والزّيادة بالسّهو والنّسيان والبطلان فى الزّيادة العمديّة ثمّ إنّ هذا فى الاخبار الّتى تعمّ بظاهرها صورتى السّهو والعمد وامّا اذا كان فيها خبر يختصّ بصورة السّهو فهو يكون اخصّ من حديث لا تعاد لاشتماله على صورتى الزّيادة والنّقيصة سهوا فيقدّم عليه الخبر المختصّ بالزّيادة السهويّة لانّ النّسبة بينهما يكون ح هى العموم والخصوص فيخصّص عدم وجوب الاعادة فى غير الخمسة بغير الزّيادة وتكون الزّيادة السّهوية موجبة للبطلان والظّاهر من صحيحة زرارة من قوله ع اذا استيقن انّه زاد فى صلاته المكتوبة لم يعتدّ بها واستقبل الصّلاة استقبالا اختصاصها بصورة السّهو لانّ الظّاهر من قوله ع استيقن انّه زاد سهوا ثمّ تذكّر فحصل له اليقين ولكنّ الّذى يقتضيه الجمع بين الادلّة هو ان يكون قوله ع فى صحيحة زرارة اذا استيقن انّه

٤٥٣

زاد فى صلاته الخ مخصوصا بالزّيادة السهويّة فى الاركان ويكون الحاصل من مجموع الاخبار الواردة بعد تخصيص العامّ بما هو اخصّ منه وتقديم الحاكم على المحكوم انّ الزّيادة العمديّة مبطلة للصّلاة فى الاركان وفى غيرها والزّيادة السهويّة مبطلة فى الاركان وغير مبطلة فى غيرها وتفصيل الكلام فى كيفيّة الجمع بين الاخبار بما ذكرنا يطلب فى الفقه قوله (والحاصل انّ هذه الصّحيحة مسوقة لبيان الخ) قد يقال انّ هذا مبنىّ على عموم الصّحيحة للزّيادة ايضا كالمرسلة كما هو الظّاهر من اختيار المصنّف ولكنّ التامّل يقتضى ظهورها فى خصوص النّقص لانّ من جملة الخمسة الوقت والطّهور ولا يتصوّر الزّيادة فيهما فكذا الباقى لوحدة السّياق وعليه فلا تعارض بينها وبين اخبار الزّيادة ويدفع بانّ هذا الكلام لا يلتفت اليه فانّ الظّاهر من الصّحيحة كونها فى مقام بيان عدم وجوب اعادة الصّلاة بكلّ اخلال فيها الّا اذا كان الاخلال بواحد من الخمسة وعدم امكان الزّيادة فى بعضها لا ينافى وقوعها فى الباقى فكما انّ الظّاهر من سياقها اختصاصها بالسّهو والنّسيان فكذلك الظّاهر منه التّعميم للزّيادة والنّقصان وهل هذه المناقشة الّا أسوأ حالا من المناقشة فى المرسلة بانّها وان كانت عامّة للزّيادة والنّقص بصريح اللّفظ ومختصّة بصورة السّهو لظهور تدخل عليك فى ذلك لكنّها ليست بصريحة فى عدم لزوم الاعادة لعدم المنافاة بين لزوم سجدتى السّهو ولزوم الإعادة فتامّل.

قوله (اذا ثبت جزئيّة شيء او شرطيّته فى الجملة فهل يقتضى الاصل الخ) الكلام فى المسألة حسب ما يقتضيه الاخبار الخاصّة فى الموارد الشخصيّة يقع فى الفقه والكلام فيها من حيث كلّى القاعدة قد يقع فى مقتضى الاصول اللفظيّة وقد يقع فى مقتضى الاصول العمليّة وقد يقع فى مقتضى القاعدة الكليّة المستفادة من الاخبار كالنبوىّ والعلويّين المنقولة عن غوالى اللّئالى امّا الاوّل فالشرطيّة والجزئيّة امّا ان تكون ثابتة بنفس الدّليل المثبت للمركّب او بدليل آخر فإن كانت القيديّة مستفادة من نفس الامر بالمركّب بان تعلّق امر واحد بعدّة امور على اختلاف فى كيفيّة التعلّق من جزئيّة بعض وشرطيّة آخر ومانعيّة ثالث من دون تعلّق امر بالخصوص بواحد من تلك القيود فمن الواضح سقوط الامر بالكلّ عند تعذّر بعض القيود اذ لم يكن هناك الّا امر واحد تعلّق بالمجموع وليس هناك بالفرض امر آخر متعلّق بالباقى وان امكن ثبوت امر آخر بعد سقوط الاوّل وان كانت القيديّة مستفادة من امر آخر متعلّق بنفس هذا القيد غير الامر المتعلّق بالمركّب بان تعلّق الطّلب اوّلا بالماهيّة المطلقة وثبت التّقييد من دليل خارج مستقلّ كما اذا ورد بعد الامر بالصّلاة الامر بقراءة الفاتحة او الطّهارة او النّهى عن لبس غير الماكول فيها فهي على أقسام الأوّل ان يكون للامر المتعلّق بالقيد اطلاق يشمل صورتى التمكّن منه وعدمه الثّاني ان لا يكون له اطلاق وكان للامر المتعلّق بالمقيّد اطلاق يشمل صورتى التمكّن من القيد وعدمه الثالث أن لا يكون لكلّ من

٤٥٤

من القيد والمقيّد اطلاق بالنّسبة الى حال التمكّن من القيد وعدمه ففي الاوّل يسقط الامر بالمقيّد عند تعذّر القيد الّا ان يثبت وجوبه بامر آخر كما سيأتى فى مقتضى القاعدة المستفادة من الاخبار ومع قطع النّظر عن دليل آخر كان مقتضى اطلاق القيد ثبوت القيديّة حتّى فى صورة تعذّره سواء كان لدليل المقيّد اطلاق ام لا اذ يرتفع اطلاقه باطلاق دليل القيد الحاكم عليه وفى الثّانى كما اذا قام الاجماع على اعتبار شيء فى المأمور به وكان المتيقّن منه الاعتبار فى صورة التمكّن منه فاللّازم فى صورة التعذّر منه الرّجوع الى اطلاق الامر بالمقيّد ووجوب فعله مجرّدا عن القيد ولكن لا يخفى انّهم ذكروا فى بحث الصّحيح والاعمّ انّ الثّمرة بين القولين هو جواز الرّجوع الى اطلاق المقيّد بناء على القول بوضع الالفاظ للاعمّ وامّا بناء على كونها موضوعة للصّحيح الجامع للاجزاء والشرائط فلا يمكن التّمسك باطلاق الامر بالمقيّد لكونه حينئذ مجملا من حيث احتمال ان يكون للقيد المتعذّر دخل فى الصحّة وفى الثالث فاللّازم عند تعذّر القيد الرّجوع الى الاصول العمليّة من البراءة او الاستصحاب على اشكال يأتى ثمّ انّ ما ذكر فى القسم الاوّل وهو ثبوت الاطلاق فى دليل القيد من سقوط الامر بالمقيّد عند تعذّر القيد لا فرق فيه بين ان يكون دليل القيد من مقولة الوضع مثل لا صلاة الّا بفاتحة الكتاب ولا صلاة الّا بطهور او يكون من مقولة التّكليف مثل اسجد فى الصّلاة ولا تلبس الحرير ونحو ذلك من الاوامر والنّواهى الغيريّة وقد نسب التّفصيل بينهما الى الوحيد البهبهانى ره بسقوط الامر بالمقيّد عند تعذّر القيد فى الاوّل وعدمه فى الثّانى واستدلّ له المحقّق الآشتياني ره ره بما هذا لفظه ثمّ انّ فرض عدم الاطلاق فى دليل الجزء والشّرط قد يكون من جهة عدم قابليّة للاطلاق والعموم من جهة كونه دليلا لبيّا كما اذا فرض ثبوت الجزئيّة للجزء المردّد حاله بالاجماع وقد يكون من جهة اهماله مع كونه لفظيّا قابلا للاطلاق وقد يكون من جهة امتناع شموله عقلا لحالة التعذّر وان كان من مقولة اللّفظ وان احتملنا ثبوت مفاده والجزئيّة المطلقة فى نفس الامر كما اذا كان من مقولة التّكليف ضرورة امتناع تعلّق التّكليف غيريّا كان او نفسيّا بغير المقدور فيقيّد اطلاق ذى المقدّمة بمقدار مساعدة التّكليف فإن شئت قلت الوجوب الغيرىّ وان كان متفرّعا على المقدميّة ومعلولا لها فى صورة امكان وجوده ولا يكون المقدميّة معلولة له فلا يكشف اختصاصه عن اختصاصها الّا انّ كشفه عنه بمقدار وجوده والمفروض اختصاصه بحالة الاختيار نعم لا يكون دليلا على عدمها ايضا لعدم تفرّعها عليه فيرجع الى اصالة الاطلاق نعم فيما كانت الشرطيّة مسبّبة عن التّكليف النفسىّ كشرط الامتثال كان اختصاصه دليلا على اختصاصها على ما عرفت الكلام فيه مفصّلا لكنّه خارج عن مفروض البحث لعدم تصوّر الدّوران فى حاله كما هو واضح فلا يقال انّ التّكليف المستفاد منه باعتبار متعلّقه فى المأمور به فى مفروض البحث غيرىّ فاختصاصه بحالة الاختيار ملازم لاختصاص التّكليف

٤٥٥

بذى المقدّمة بتلك الحالة لامتناع التفكيك بينهما عقلا فكما انّ التّكليف بذى المقدّمة يكشف عن طلب المقدّمات كذلك رفع التّكليف عن المقدّمة يكشف عن ارتفاع التّكليف بذيها لانّه مقتضى التّلازم من الجانبين كما هو ظاهر لأنّ ذلك كلّه انّما يصحّ فيما كانت المقدّمة باقية على مقدميّته فى حالة التعذّر وامّا اذا حكم بعدمها فلا يكشف انتفاء الوجوب الغيرىّ عن انتفاء الوجوب النفسىّ المتعلّق بذيها كما هو ظاهر وبما ذكرنا ينبغى تحرير المقام لا بما افاده قدس‌سره بقوله وكذلك لو ثبت اجزاء المركّب من اوامر متعدّدة فانّ كلّا منها امر غيرىّ اذا ارتفع عنه الامر بسبب العجز ارتفع الامر بذى المقدّمة اعنى الكلّ انتهى فانّه مع منافاته لبعض افاداته السّابقة غير مستقيم بظاهره كما لا يخفى اللهمّ إلّا ان ينزّل على مورد لم يتعلّق فيه امر بالكلّ وذى المقدّمة اصلا وانّما استفيد وجوبه من اوامر غيريّة متعلّقة باجزائها من حيث كونها مع فرض غيريّتها تابعة لها واذا حكم باختصاصها بصورة التمكّن منها فلا كاشف عنه لكنّه كما ترى انتهى ويردّه انّ القدرة انّما تعتبر فى متعلّقات التّكاليف النفسيّة لكونها طلبا مولويّا نحو المتعلّق والعقل يستقلّ بقبح تكليف غير المتمكّن والخطاب معه بطلب فعل او ترك وامّا الاوامر الغيريّة المتعلّقة بالاجزاء والشّرائط فالظّاهر انّها ليست الّا للارشاد الى مدخليّة المتعلّق فيما هو المامور به بالامر النفسى كما هو الشّأن فى الخطابات الغيريّة فى باب الوضع والاسباب والمسبّبات حيث انّ مفادها ليس الّا الارشاد الى دخل المتعلّق فى حصول المسبّب ففى الحقيقة كلّ مطلوب غيرىّ ثبت بالوضع او بالتّكليف ليس الّا بمنزلة الاخبار وليس فيه بعث وتحريك حتّى يستدعى القدرة على المتعلّق ولو سلّم الفرق بين ما كان الدّليل المثبت للجزء او الشّرط من مقولة الوضع وما كان من مقولة التّكليف الغيرىّ وقلنا بانّ التّكليف وان كان غيريّا فلا بدّ فيه من القدرة والتمكّن فمن الواضح انّ اعتبار القدرة على متعلّقه انّما هو باعتبار حصول المجموع فانّ الطّلب المولوىّ قائم به وليس باعتبار نفس متعلّقه والّا خرج عن كونه غيريّا وبالجملة لمّا كان تعذّر الجزء موجبا لتعذّر المطلوب الواقعى وهو مجموع المركّب كان سقوطه موجبا لسقوط المجموع ولعمرى هذا واضح ثمّ انّه لا يتوهّم لزوم استعمال المطلق فى معنيين فيما عرفت تبعا لما فى المتن من لزوم اختصاص التّقييد فيه بصورة التمكّن من الجزء والشّرط أمّا على مختار المصنّف وفاقا لسلطان العلماء من كون المطلق موضوعا للماهيّة المهملة والطّبيعة اللّابشرط المقسمى فاللّفظ مستعمل فى معناه ويراد الخصوصيّات من الخارج ولا اشكال اصلا لصدق الموضوع له على المجرّد عن القيد وعلى المقيّد به والدّلالة على المطلوب وهو التّقييد انّما يكون بتعدّد الدالّ والمدلول ويكون انفهام كلّ من الطّبيعة والتّقييد فى حال التمكّن مستندا الى لفظه الدالّ عليه وان كان المراد الواقعى من الطّبيعة تارة مع القيد وتارة بدونه وامّا على مذهب المشهور من كون وصف

٤٥٦

الاطلاق والانتشار مأخوذا فى وضع المطلق وانّه موضوع للطّبيعة المنتشرة وهى الطّبيعة اللّابشرط القسمى وانّ تقييده موجب للتجوّز كما نسب ذلك اليهم المحقّق القمىّ فاللّفظ مستعمل مجازا فى نفس الطّبيعة هذا وامّا الثانى وهو ما يقتضيه الاصول العمليّة فى المسألة فالصّواب هو البراءة والبناء على الجزئيّة والشرطيّة المطلقتين من غير فرق بين القول بالصّحيح والاعمّ لانّ التّكليف بالمركّب المشتمل على هذا المتعذّر مرتفع قطعا لعدم تمكّنه من الاتيان به بهذه الخصوصيّة ولم يثبت عليه تكليف آخر فعلىّ فهو مع عدم قدرته عليه يشكّ فى وجوب المركّب الخالى عنه وعدمه ولو لم يكن فى البين اصل لفظىّ او قاعدة خاصّة مقرّرة يقتضى الاتيان به فمقتضى الاصل العملى هو البراءة لانّ مع الشّك فى التّكليف مقتضى العقل قبح المؤاخذة عليه ومقتضى النّقل البراءة من هذا التّكليف المجهول والقول بانّ قضيّة حديث الرّفع فى المقام هى كون الواجب الإتيان بالباقى الميسور دون سقوط التّكليف رأسا كما فى الشّك فى الجزئيّة او الشرطيّة حيث انّ المرجع الى كون هذا المشكوك شرطا او جزء فى جميع الاحوال او فى خصوص حال التمكّن ويكون مقتضاه اعتباره فى حال التمكّن منه مدفوع بانّ سياق حديث الرّفع هو رفع ما يكون فى رفعه منّة كما فى الشّك فى الجزء والشّرط وامّا ما ليس كذلك فلا يكون مرفوعا به وفى مفروض المقام ما يحصل من جهته هو اثبات التّكليف بالباقى وهو ليس منّة بعد كون التّكليف بالكلّ ساقطا من جهة عدم القدرة عليه نعم لو كان التّكليف بحاله بعد تعذّر هذا الجزء كان رفع هذا الجزء منّة كما فى موارد الشّك فى الشرطيّة والجزئيّة فانّ التّكليف الواقعى بعد على حاله فى موردهما ويحكم بواسطة حديث الرّفع باجزاء الخالى عن هذا المشكوك عن الواقع منّة وامّا فى مفروض المقام فالمكلّف غير متمكّن من الاتيان بالمركّب المشتمل على هذا الشّيء المشكوك ويكون هذا التّكليف ساقطا عنه لمكان عدم القدرة واذا حكم بواسطة حديث الرّفع بوجوب الاتيان بالباقى كان المحصّل هو اثبات تكليف مستقلّ وهذا ليس من شأنه وبالجملة الشّك فى وجوب الباقى فى المقام من الشّك فى التّكليف والمرجع فيه هو البراءة لوضوح انّ تعذّر المقدّمة مع فرض كونها مقدّمة يستلزم ارتفاع التّكليف عن ذى المقدّمة لانّ الواجب المطلق مشروط بالنّسبة الى القدرة على المقدّمات الوجوديّة والمفروض فى المقام احتمال المقدميّة المطلقة وقد يقال انّ مقتضى الاصل هو الحكم بوجوب الباقى المتمكّن منه لانّ مقتضى الدّوران المذكور وان كان هو الرّجوع الى البراءة بالبيان المتقدّم الّا انّ الاستصحاب وارد او حاكم عليها ولكنّه يجرى فيما كان المكلّف مسبوقا بالقدرة ولا يجرى فيمن بلغ غير متمكّن من هذا الجزء او الشّرط او من دخل عليه الوقت كذلك فانّ فى هاتين الصّورتين لا يكون له متيقّن فى السّابق حتّى يستصحب حكمه وان صرّح المصنّف ره فى ما يأتى بانّه لا فرق بناء على جريان الاستصحاب بين ما كان مسبوقا بالقدرة وتنجّز التّكليف اولا ولا يتمّ فى الصّورة

٤٥٧

الاولى ايضا الّا باحد وجهين امّا بناء على القول بصحّة القسم الثانى من القسم الثّالث من اقسام استصحاب الكلّى او بناء على المسامحة فى تعيين الموضوع اذ لا شبهة فى كون الواجب فى السّابق هو المركّب المشتمل على هذا الجزء المتعسّر فى الزّمان اللّاحق ولا شكّ فى عدم وجوبه فى الزّمان المتأخّر فيكون المتيقّن فى السّابق غير المشكوك فى اللّاحق والمشكوك فى اللّاحق غير مسبوق باليقين فانّ باقى الاجزاء لم يكن وجوبه نفسيّا حتّى يستصحب وجوبه وكان الوجوب متعلّقا بالكلّ المركّب من هذا الجزء وسائر الاجزاء واذا تعذّر الاتيان به يقطع بعدم وجوبه وانتظر لتمام الكلام فى هذا الاستصحاب فى تنبيهات الاستصحاب قوله (مخالف للظّاهر بعيد كما لا يخفى على العارف باساليب الكلام) فانّ الظّاهر انّ المراد من الشّيء هو المركّب ويكون كلمة من للتّبعيض والموصول بدلا او عطف بيان للبعض والمناقش فى هذه الرّواية هو صاحب الفصول فى مسئلة انّ الامر للوجوب او النّدب والإنصاف أنّ الرّواية وان كانت ظاهرة فيما افاده المصنّف فتفيد وجوب الباقى عند تعذّر بعض الاجزاء او الشّرائط الّا انّ موردها قرينة قويّة على وهن هذه الدّلالة فانّها واردة فى الحجّ عند سؤال بعض الصّحابة عن وجوبه فى كلّ عام وإعراضه ص عن الجواب حتّى كرّر السّائل سؤاله مرّتين او ثلاث فقال (ص) ويحك وما يؤمنك ان اقول نعم والله لو قلت نعم لوجب ولو وجب ما استطعتم الى ان قال ص فإذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم الخبر فبقرينة المورد لا بدّ ان يكون المراد من الشّيء هو الكلّى الّذى له افراد طوليّة لا الكلّ المركّب من الاجزاء ويكون المعنى اذا امرتكم بشيء له افراد فأتوا من تلك الأفراد ما استطعتم ويدلّ ح على استحباب الافراد الممكنة او وجوبها ولا يمكن ان يكون المراد من الشّيء الاعمّ من الكلّ والكلّى حتّى يشمل ما له اجزاء وما له أفراد فإنّه وان صحّ استعمال كلمة شيء فيهما معا الّا انّ كلمة من لا يصحّ استعمالها فى الاعمّ من الاجزاء والافراد لوضوح انّ لحاظ الافراد يباين لحاظ الاجزاء ولا جامع بينهما قوله (وامّا الثانية فلما قيل من انّ معناه انّ الحكم الثابت الخ) والمناقش فى هذه الرّواية هو صاحب الفصول ايضا فى مسئلة اقتضاء الموقّت ايجاب الفعل فى خارجه وعلى هذا المعنى فالرّواية اجنبيّة عن المقام لانّه ان اريد عدم سقوط حكم الجزء اى الحكم المقدّمى فلا معنى له لزوال الكلّ وان اريد به وجوبه فى نفسه فهو باطل لانّه لم يكن له هذا الحكم من اوّل الامر حتّى يدّعى ثبوته بهذه الرّواية والجواب أوّلا انّ هذا المعنى مبنىّ على حمل الرّواية على الاخبار عن بقاء الحكم السّابق مع انّ الظّاهر منها هو الانشاء وانّ الميسور مطلوب للشّارع بنفس القضيّة فعدم السّقوط محمول على نفس الميسور وثانيا أنّ بناء على الحمل على الاخبار يمكن أوّلا أن يكون المخبر به هو الوجوب الجامع المشترك بين النفسىّ والغيرىّ وان كان تحقّقه فى حال تعذّر بعض الاجزاء فى

٤٥٨

ضمن الوجوب النفسىّ فانّ المقصود ح هو الاخبار عن ثبوت الوجوب للاجزاء المتمكّنة منها فى اللّاحق كما كان ثابتا فى السّابق وذلك لا يلزم ان يكون الحكم المخبر به فى اللّاحق من سنخ الحكم السّابق وهذا كما عرفت فى الاستصحاب على التّقرير الاوّل من انّ المستصحب هو مطلق الوجوب بمعنى لزوم الفعل من غير التفات الى كونه لنفسه او لغيره الّا انّ الفرق انّ الاستصحاب المذكور لا يثبت الوجوب النفسىّ لانّه يكون من المثبت وانشاء الكلّى فى مرحلة الظّاهر لا يلازم انشاء الجزئىّ وما يثبت به هو الآثار المترتّبة على الوجوب بقول مطلق وامّا الرّواية اذا حملناها على الاخبار عن بقاء الوجوب كان كاشفا عن انشاء الوجوب النفسىّ لانّ المخبر به هو الوجوب فى مرحلة الواقع وثبوت وجوده الانشائىّ فى اللّاحق وهذا لا يتحقّق الّا فى ضمن الوجوب النّفسى وثانيا أن يكون المخبر به هو عين ما حكم بعدم سقوطه فى السّابق على وجه المسامحة العرفيّة المبيّنة فى المتن قوله (من كون دليل الشّرط اذا لم يكن فيه اطلاق الخ) وقد مرّ ايضا انّ مع انتفاء اطلاق دليلى الشّرط والمشروط فالمرجع هو البراءة او الاستصحاب فمع قطع النّظر عن القاعدة المستفادة من الرّوايات وانتفاء الأصل اللّفظى يكون الاصل احدهما قوله (فالظّاهر عدم جريانها امّا الاولى والثّالثة الخ) فى اختصاصهما بالمركّب الخارجى نظر وان يوهما ذلك فى بادى النّظر ولكنّ الانصاف عدم الفرق بين الرّوايات الثّلاث وعلى اىّ حال فيمكن القول بالحاق الشّروط بالاجزاء مط بدعوى عموم دلالتها بالنّسبة الى المركّبات الخارجيّة والذهنيّة من غير فرق بينها فى الدّلالة على ذلك فانّ المستفاد منها انّ تعذّر البعض لا يوجب سقوط البعض الأخر والكلّ كما يطلق على المركّب من عدّة اجزاء كذلك يطلق على مجموع الشّرط والمشروط ويمكن القول بعدم الالحاق مط فيبقى حكم المشروط على اصلها الاوّلى بدعوى انّ المتبادر منها خصوص الاجزاء فانّ البعضيّة والارتباط بين عدّة اشياء لا يصدق مع انتفاء الشّرط على المشروط لانّ الشّرط والمشروط عبارة عن المطلق والمقيّد والمطلق المفارق عن القيد فى الوجود الخارجىّ يباين المقيّد تباينا كلّيا فانّه لو تحقّق فى الخارج بدونه فهو متحقّق فى ضمن خصوصيّة اخرى والخصوصيّات كلّها متباينة ويمكن القول بالتّفصيل كما فى المتن بين الشّروط الّتى يحكم العرف ولو مسامحة باتّحاد المشروط الفاقد لها مع الواجد لها كالصّلاة المشروطة بالقبلة مع عدم التمكّن منها وكذا القيام بالنّسبة الى الجلوس والاضطجاع والشّروط الّتى يكون بين واجدها وفاقدها تغاير كلىّ فى العرف كالرّقبة الكافرة بالنّسبة الى المؤمنة وأضحية الابل بالنّسبة الى اضحيّة الغنم اذا وجب الاوّل بنذر وشبهه او باصل الشّرع ولذا ترى الفقهاء لا يزالون يتمسّكون بهذه الاخبار فيما هو من قبيل الاوّل بخلاف الثّانى فمجرّد المبانية العقليّة الحاصلة فى باب الشّروط للواجد مع الفاقد لا يكفى فى المنع عن هذه القاعدة ولكن لا بدّ أن يعلم انّ هذا التّفصيل جار فى الاجزاء ايضا ولا اختصاص

٤٥٩

له بالمشروط وبعبارة اخرى لو استظهرنا من هذه الاخبار دلالتها على وجوب الاتيان بما يكون ميسورا من اجزاء المركّب بعد تعذّر الاتيان بالكلّ فما المدار والميزان فى الميسور فهل يصدق الميسور من المركّب على ما لو تعذّر جميع اجزائه الّا جزء واحدا كما لو لم يتمكّن من الصّلاة المركّبة من الاجزاء العديدة الّا من التّكبيرة او يعدّ مثل ذلك مباينا للصّلاة المأمور بها ولا بدّ فى صدق الميسور وجريان القاعدة من اشتمال الباقى على معظم الاجزاء على حسب اختلافها من جهة الركنيّة وغيرها والّذي يقتضيه التّحقيق فى تشخيص كون الباقى ميسورا انّ كلمة الميسور موضوع من الموضوعات العرفيّة وقع فى كلام الشّارع ولم يبلغ منه فيه بيانا وشرحا ولا بدّ فى تشخيص مصاديقه من الرّجوع الى العرف فالقيام مثلا الّذى هى الهيئة المقابلة للجلوس واعتبره الشّارع فى الصّلاة مع خصوصيّات اخرى كالاستقرار والانتصاب والاعتماد على الارض لو تعذّر الاعتماد على الأرض او الاستقرار يصدق على الباقى انّه الميسور من القيام ولا ينتقل الفرض الى الجلوس ومثله الرّكوع والسّجود اذا تعذّر بعض الخصوصيّات المعتبرة فيهما يصدق على الباقى انّه الميسور منهما ولو تعذّر القيام فلا بدّ من الجلوس لانّ معه يصدق الاتيان بالميسور من الصّلاة وبالجملة في بعض الاجزاء والشّرائط يحكم مع عدم التمكّن منه بوجوب الاتيان بالباقى من حيث انّ العرف يرى صدق الميسور من المأمور به عليه وفى بعضها يرى العرف عدمه وقد يشكّ فى الصّدق عرفا فلا بدّ من الرّجوع الى الاصول العمليّة ثمّ إنّ قيام الميسور مقام المعسور لمّا كان لاشتماله على المصلحة اللّازمة الاستيفاء او لكونه وافيا بالمصلحة القائمة بالمجموع فللشّارع ان يحكم بوجوب الاتيان ببعض الاجزاء من المركّب المتمكّن منه مع عدم صدق الميسور عليه عرفا كما انّ له ان يحكم بسقوط الباقى عند تعذّر الكلّ مع صدق الميسور منه عليه عرفا كما فى تعذّر الاركان وتمام الرّكعات وذلك لانّ الشّارع يرى الباقى وافيا بتمام ما كان فى المجموع من المصلحة او بمعظمه فى الفرض الاوّل وعدم قيامه بذلك فى الثّانى ولا فرق فى جميع ما ذكرنا بين الاجزاء والشّرائط فالتّفصيل الواقع فى المتن بالنّسبة الى الشّروط بين ما يحكم العرف ولو مسامحة باتّحاد المشروط الفاقد لها مع الواجد لها وما كان بين واجد الشّرط وفاقده تغاير كلّى فى العرف دون الاجزاء لا وجه له وممّا ذكرنا يعلم انّ فى صدق الميسور وعدمه من حيث تشخيص الرّكن وعدمه يختلف الحكم بحسب الموارد قوله (وبما ذكرنا يظهر ما فى كلام صاحب الرّياض) قال المحقّق فى الشّرائع ولو عدم الكافور والسّدر غسّل بالماء القراح وقيل لا يسقط الغسلة بفوات ما يطرح فيها وفيه تردّد هو قال فى المختصر النّافع ولو تعذّر السّدر والكافور كفت المرّة بالقراح واعترض عليه فى الرّياض بما فى المتن وحاصله عدم كون المسألة من

٤٦٠