تسديد القواعد في حاشية الفرائد

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري

تسديد القواعد في حاشية الفرائد

المؤلف:

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٩

ايضا فكيف يمكن ثبوت المصلحة فى هذه الحالة فى ضدّه والقول بانّه بدل اضطرارىّ للمتروك لا معنى له لانّ جعل البدل مع بقاء وقت المبدل عنه وثبوت المصلحة الملزمة فيه لا معنى له وعلى الثّانى فكيف يعقل اسقاطه للواجب التعبّدى مع انّ المصلحة الملزمة فيه تقتضى عدم حصوله الّا بالاتيان به وبالجملة ليس الاشكال كما عرفت مبنيّا على عدم معذوريّة الجاهل فى الموضعين من حيث المؤاخذة كما هو ظاهر عبارة المتن حتّى يختصّ الاشكال بالجاهل المقصّر وعلى أيّ حال يكون الجاهل فى الموضعين من حيث المؤاخذة كالجاهل بالحكم الشّرعى فى غيرهما فان كان قاصرا لم يستحقّها بمخالفة الواقع وان كان مقصّرا كان مستحقّا للعقاب وقد أجاب المصنّف عمّا قرّره من الاشكال تارة بمنع تعلّق التكليف فى حال الجهل بالواقع المتروك وذلك باحد الوجوه الاربعة ثمّ دفعها وردّها بانّ هذا كلّه خلاف ظاهر المشهور والفرق بين الوجه الثّالث والاوّل هو اشتراط التّكليف بالعلم التّفصيلى وكون الحكم الواقعى مع العلم به واجبا نفسيّا فى الاوّل وكون العلم واجبا نفسيّا فى الثالث وعدم اشتراط التّكليف به اصلا بل انّما يحدث بعد العلم وصيرورة المكلّف قابلا له والفرق بين الرّابع والثانى هو ارتفاع الخطاب الواقعى فى الرّابع والخطاب الفعلى فى الثّانى ويندفع هذه الوجوه مضافا الى انّها خلاف ظاهر المشهور بان يقال امّا الاوّل فمن الواضح انّ اشتراط التكليف الواقعى بالعلم به مستلزم للدّور فانّ العلم متاخّر عن المعلوم واذا تاخّر المعلوم عنه حسبما هو قضيّة اشتراطه به لزم تاخّر المعلوم عن نفسه وقد سبق ذكر هذا الدّور فى الكتاب مرارا وامّا الثانى فبانّ القياس فى غير محلّه فانّ الحكم بوجوب التّمام فى الظّاهر على الشاكّ فى تحقّق السّفر من جهة الشّبهة فى الموضوع انّما هو للامر الظاهرى الشّرعى وهو رافع للمؤاخذة على ترك الواقع لو كان هو القصر ولا يجزى مع انكشاف الخلاف عن الاعادة والقضاء وفى المقام نسلّم عدم امكان توجيه الخطاب نحو الجاهل المقصّر بعد عروض الغفلة له لاستقلال العقل بقبح التكليف بما لا يطاق سواء كان عن سوء اختيار المكلّف ام لا الّا انّه يستحقّ العقاب ويجب عليه وعلى الجاهل القاصر الاعادة والقضاء بعد الالتفات ووجهه تنجّز جميع الخطابات الواقعيّة من الواجبات والمحرّمات عليه فى زمان التفاته وعلمه اجمالا بانّ لله تعالى احكاما فى الوقائع بلّغها النّبى ص بل قد عرفت فيما مرّ استقلال العقل بعدم المعذوريّة مع قطع النّظر عن العلم الاجمالى بوجود التّكاليف وانّ مجرّد احتمال التّكليف مع ترك الفحص عنه موجب لاستحقاق العقاب على مخالفته وبالجملة القول بعدم تنجّز الخطابات بالعلم الاجمالى خلاف قضيّة العقل الصّريح مع انّ مجرّد الالتزام بارتفاع تنجّز التكليف بالقصر لا يوجب الحكم بصحّة التّمام مع عدم تعلّق الامر الشرعىّ به واعتقاد الوجوب غير مجد اصلا والاجزاء فى هذا

٤٨١

الفرض غير معقول وان امكن فى الامر الظاهرىّ الشّرعى فالقياس فى غير محلّه وامّا الثالث فبأنّه لو سلّمنا رفع الخطاب بالقصر واقعا من جهة الغفلة فهذا بمجرّده لا يصحّح العمل المأتيّ به مع عدم تعلّق امر به مع انّ جعل وجوب تحصيل العلم نفسيّا فى المقام لا يجدى فى رفع الاستحالة العقليّة ولزوم الدّور لانّ مرجع هذا الوجه ايضا الى انّ التكليف الواقعىّ لا يتوجّه الّا بعد العلم والمفروض انّ العلم متاخّر عن المعلوم مضافا إلى انّ تنجّز التّكليف الواقعى بالعلم الاجمالى كما عرفت عقلىّ ايضا فكيف يعقل القول بخلافه والخطاب الفعلىّ بالواقع وان انقطع عنه الّا انّه لا يجدى نفعا فى رفع التّنجّز وامّا الرابع فبما عرفت من انّ ارتفاع الامر عن القصر لا يصحّح العمل المأتيّ به مضافا إلى انّ انقطاع التكليف الواقعى بالغفلة لا معنى له لانّ الامتناع انّما عرض بالنّسبة الى توجيه الخطاب فعلا وتارة بمنع تعلّق التّكليف بالمأتىّ به والتزام انّ غير الواجب مسقط عن الواجب من حيث اشتماله على جهة الامر والمصلحة الجابرة لمصلحة الواجب الفائتة والقول بانّ سقوط المأمور به فى العبادات يتوقّف على قصد التقرّب المتوقّف على الامر والعلم به ممنوع اذ يكفى فى الاسقاط رجحان الفعل فى الواقع واشتماله على المصلحة وان كان هناك مانع من الامر به لا يقال اتيان غير الواجب يوجب فوات الواجب فيحرم بناء على دلالة الامر بالشّيء على النّهى عن ضدّه الخاصّ كما فى آخر الوقت حيث يستلزم فعل التّمام فوات القصر وكيف يكون الحرام مقرّبا فإنّه يقال انّ السّبب فى ترك الواجب وكذا السّبب لوجود المأتيّ به ليس الّا تقصيره فى التعلّم وقد تحقّق فى مسئلة الضدّ استحالة ان يكون وجود احد الضدّين علّة لعدم الآخر وليست قضيّة التّضاد الّا التلازم بين وجود احدهما وعدم الآخر وليس السّبب فى كلّ منهما الّا تقصيره واذا كانت العلّة لفوات الواجب هو التّقصير فلا مانع من وقوع المأتيّ به مقرّبا لاشتماله على مصلحة فى نفسه ورجحان فى حدّ ذاته هذا مضافا الى انّ النّهى المتوجّه الى الضدّ الخاصّ على القول به انّما يتولّد من الامر النفسىّ المتعلّق بالمأمور به ويتبعه من جهة انّ تركه مقدّمة للمأمور به المضيّق والجاهل بالحكم الواقعىّ المقصّر فى جهله لا يمكن توجيه الخطاب اليه بعد عروض الغفلة له واعتقاده للخلاف وان كان منجّزا من حيث الآثار ومع انقطاع الخطاب كيف يكون ضدّه منهيّا عنه فعلا مع انّ النّهى انّما هو من حيث انّ تركه مقدّمة لوجود المأمور به وعلى اىّ حال فنحن فى تصحيح هذا الوجه فى سعة من هذه الجهة لما عرفت من منع اقتضاء الامر بالشّيء النّهى عن ضدّه وردّ المصنّف هذا الوجه بانّ الظّاهر من الادلّة كون المأتيّ به مأمورا به فى حقّه مثل قوله ع فى الجهر والإخفات تمّت صلاته ولكن لا يخفى عليك منع ظهورها فى

٤٨٢

ذلك وصحّة دعوى ظهورها فى مجرّد عدم وجوب الاعادة ولو سلّم فمن الواضح انّ الظّاهر يدفع بالقاطع ولا مناص من الالتزام بخلاف الظّاهر دفعا للاستحالة العقليّة اذا انحصر دفع الاشكال فى هذا الوجه وانتظر لتمام الكلام بعد الفراغ عن توضيح الوجوه المذكورة فى المتن وتارة بما ذكره كاشف الغطاء وتبعه جماعة من تلامذته من الالتزام بالتكليفين وتصحيح ذلك بنحو الترتّب وردّه ايضا بمنع الكبرى من حيث انّ المحذور فى طلب الضدّين فى زمان واحد جار فى المقام فانّ فى زمان العزم على العصيان يكون التّكليف الفعلىّ متعلّقا بكلّ واحد منهما فانّ التكليف الاوّل مطلق غير مقيّد بمرتبة فهو فعلىّ فى هذه المرتبة وهو زمان العزم على المعصية ففى مرتبة العزم يكون التكليفان ثابتين وهو محال وان شئت قلت إنّ فى صورة العزم على المعصية امّا ان يكون التكليف بالنّسبة الى ما عزم على معصية باقيا ام لا فان كان باقيا لزم التكليف بما لا يطاق وهو قبيح وان لم يكن باقيا لزم اشتراط التكليف بعدم العزم على المعصية وهو ايضا غير معقول وهذا دليل المنكرين للترتّب فى المقام وفى مسئلة الضدّ فى تصحيح فعل غير الاهمّ من الواجبين المضيّقين وذكر المصنّف انّ الترتّب انّما يعقل فيما اذا كان الامر باحدهما مشروطا بتحقّق معصية الآخر المطلق فى الخارج ويكون حدوث التكليف الثّانى بعد معصية الاوّل والمختار فى كبرى مسئلة الترتّب هو الصحّة وشرحنا الكلام فى ذلك فى كتاب منهاج الاحرام وأجبنا عن الاشكال بانّ فى زمان فعليّة طلب المهمّ يجتمع الطّلبان وهو تكليف بما لا يطاق بانّ طلب الاهمّ المجتمع مع الطّلب الأخر لا يقتضى الّا عدم تحقّق الترك الّذى هو شرط لوجوب الهمّ لا انّه يقتضى ايجاد الفعل فى زمان تحقّق هذا التّرك وذلك لانّ تقدير الفعل او التّرك الّذين هما عبارتان عن الاطاعة والمعصية يمتنع اخذه فى المأمور به اطلاقا وتقييدا لانّ ارادة الفعل على تقدير التّرك طلب للمحال وعلى تقدير الفعل طلب للحاصل واذا امتنع التقييد امتنع الاطلاق فالارادة تقتضى ايجاد ذات متعلّقها لا ايجاده فى ظرف عدمه او فى ظرف وجوده وامّا الاشكال باجتماع الامر والنّهى فى كلّ من الضدّين فالجواب عنه بمنع اقتضاء الامر بالشّيء النّهى عن ضدّه لعدم المقدميّة وانّما المسلّم عدم الامر به مع حفظ الوحدات الثّمانية لامتناع الامر بايجاد الضدّين فى زمان واحد ولو سلّم فالنّهى المقدّمى لا يعقل ان ينشأ من الامر بالمهمّ بالنّسبة الى الضدّ الاهمّ وانّما ينشأ من الامر بالاهمّ بالنّسبة الى المهمّ فيجتمع فى المهمّ النّهى الغيرىّ المنجّز على الاطلاق والامر النفسىّ المعلّق على مخالفة الاهمّ ومع تصحيح الترتّب فى نفس الامرين يندفع محذور هذا الاجتماع وقد بسطنا الكلام فى توضيحه فى المنهاج وردّه بعض بمنع الصّغرى وانّ المقام اجنبىّ عن الخطاب التّرتيبى ولا يندرج فى ذلك الباب بدعوى انّه يعتبر فى الخطاب الترتيبى ان يكون كلّ من متعلّق الخطابين واجدا لتمام ما هو الملاك و

٤٨٣

مناط الحكم بلا قصور لاحدهما فى ذلك ويكون المانع عن تعلّق الامر بكلّ منهما هو عدم القدرة على الجمع بين المتعلّقين فى الامتثال لما بينهما من التّضاد والمقام لا يكون من هذا القبيل لعدم ثبوت الملاك فى كلّ من القصر والتّمام والّا لتعلّق الامر بكلّ منهما لامكان الجمع بينهما وليسا كالضدّين الّذين لا يمكن الجمع بينهما فعدم تعلّق الامر بكلّ منهما يكون كاشفا قطعيّا عن عدم قيام الملاك فيهما وفيه انّ الاساس فى مسئلة الترتّب هو توجّه تكليفين الى المكلّف فى زمان واحد على نحو الترتّب سواء كان متعلّقهما ضدّين وكانا مضيّقين او كان احدهما مضيّقا والأخر موسّعا او كان متعلّقهما فعلين لا تنافى بينهما فى ذاتهما فى غير آخر الوقت وقد علم التنافى بينهما من دليل خارج دالّ على انّ المنجّز فى حقّ المكلّف احدهما تعيينا كما فى المسألتين حيث نعلم بعدم وجوبهما جمعا ولا تخيير أو ما ذكره المعترض من لزوم كون كلّ من متعلّق الخطابين واجدا لتمام ما هو الملاك ومناط الحكم مسلّم وما ذكره من لزوم كون المانع عن تعلّق الامر بكلّ منهما هو عدم القدرة على الجمع بين المتعلّقين ايضا مسلّم والممنوع هو كلامه الاخير وهو لزوم كون عدم القدرة على الجمع لا بدّ وان يكون من حيث عدم القدرة فى مقام الامتثال لما بينهما من التضادّ لما عرفت من انّ عدم القدرة قد يكون عقليّا راجعا الى عدم قدرة المكلّف على الامتثال وقد يكون شرعيّا من حيث العلم بعدم وجوبهما جمعا او وجوب احدهما تخييرا مع العلم بوجود الملاك فى كليهما فالمدّعى هو ثبوت الملاك فى كلّ من القصر والتّمام امّا فى القصر فلفرض ثبوته فى حقّ المكلّف مط من دون تقييده بالعالم بالحكم وامّا فى التّمام فبدلالة حكم الشّارع بصحّة المأتيّ به ثمّ أنّ الصّواب فى المنع عن دفع الاشكال فى المقام بنحو الترتّب هو المنع عن الصّغرى لا من جهة ما نقلناه بل من جهة انّه ان أراد تعليق الامر بالتّمام بالعزم على معصية الامر المطلق المتعلّق بالقصر كما هو صريح كلام كاشف الغطاء فهو غير وجيه اذ لا يمكن ان يؤخذ العزم على المعصية عنوانا للمكلّف فانّ التارك للقصر من حيث جهله بالحكم غير ملتفت الى هذا العنوان ولو التفت اليه ارتفع موضوع الخطاب وخرج المكلّف عن عنوان الجاهل ودعوى أنّ امتثال الامر لا يتوقّف على ان يكون المكلّف ملتفتا الى ما اخذ عنوانا له بخصوصه بل يمكن الامتثال بالالتفات الى ما ينطبق عليه من العنوان وان كان من باب الخطاء فى التّطبيق فيقصد الامر المتوجّه اليه بالعنوان الّذى يعتقد انّه واجد له وان أخطأ فى التطبيق والجاهل بحكم القصر يقصد الامر المتوجّه اليه بتخيّل انّه التّمام غير مسموعة لانّه يعتبر فى صحّة البعث والطّلب ان يكون قابلا للانبعاث عنه بحيث يكون داعيا لانقداح الارادة نحو ما امر به ولو فى بعض الأوقات وامّا التكليف

٤٨٤

الّذى لا يصلح لان يصير داعيا فى وقت من الاوقات فهو قبيح ومستهجن والامر بعنوان العزم على المعصية يستلزم التكليف بما يكون امتثاله دائما من باب الخطاء فى التّطبيق مضافا الى انّه لو كان العزم على معصية القصر موضوعا لحكم التّمام لزمه صحّة التّمام فى حقّ المسافر العالم بوجوب القصر اذا عزم على معصية الامر بالقصر وهذا خلاف الاجماع وصريح الأخبار وان أراد تعليق الامر بالتّمام على معصية الامر بالقصر فمضافا الى انّه يمتنع ان يخاطب التّارك للقصر بعنوان العاصى لانّه من حيث جهله بالحكم لا يلتفت الى هذا العنوان واذا التفت ارتفع موضوع الخطاب وخرج المكلّف عن عنوان الجاهل ولا تصحّ منه الصّلاة التّامة لا يعقل من جهة اخرى وهو الالتزام ببقاء التّكليف الفعلىّ المنجّز بالقصر حال الغفلة عنه والجهل به وقد عرفت منعه وانّ ذلك المصلّى حين الجهل لا يمكن توجيه الخطاب اليه فلا يكون مامورا ومكلّفا بالقصر عقلا وان لم يكن معذورا واذا لم يكن مامورا بالقصر فكيف يكون تكليفه بالتّمام مترتّبا عليه اللهمّ إلّا ان يلتزم بتحقّق العزم على المعصية عند ترك التعلّم فيتحقّق الخطاب بالتّمام بالنّسبة اليه فى ذلك الوقت ويحتاج حينئذ في التفصّى عن الاشكال الوارد فى حقّ الجاهل القاصر الى وجه آخر فتدبّر وإذا عرفت المناقشة فى الوجوه المذكورة فى المتن فاعلم انّه يمكن دفع الاشكال بالالتزام بانّ ما أتى به يكون مشتملا على مصلحة وافية بحيث يصدق عليه انّه واف بالمصلحة الفائتة وان لم تكن بتمامها كما اذا فرضنا كون المصلحة فى الصّلاة هى النّهى عن الفحشاء وأتى المصلّى بالتّمام موضع القصر جهلا كانت الصّلاة المأتيّ بها وافية بتلك المصلحة فتكون محبوبة ومطلوبة وان كان المأمور به وهو القصر مشتملا على مصلحة زائدة لازمة ومع الاتيان بها لا يتمكّن من الاتيان بصلاة القصر لكونها ضدّا لها لا بالمعنى المعروف فى مبحث الضدّ وهو اشتمال كلّ واحد من الضدّين على مصلحة لازمة الاستيفاء غير المصلحة الثابتة للآخر بحيث لو امكن امتثالهما ورفع التضادّ عنهما لامر بهما معا كانقاذ الغريقين الّذين يكون احدهما ابن المولى والأخر اخاه فانّ انقاذ كلّ منهما مشتمل على مصلحة لازمة ولو انقذ الابن فقد استوفى تمام المصلحة القائمة به وفوّت على نفسه تمام المصلحة القائمة بانقاذ الأخ بل بمعنى آخر حيث انّ المصلحة واحدة والغاية انّ المأمور به الواقعى يكون مشتملا على مصلحة زائدة لازمة والمأتيّ به يكون مشتملا على مقدار من تلك المصلحة يكون لازما ووافيا ايضا نظير ما لو امر المولى على وجه اللّزوم بالاتيان بالماء البارد فاتى العبد بما دونه فى البرودة وشربه المولى فانّ المأتيّ به يشتمل على مقدار من تلك المصلحة وبعد استيفائه لا يبقى مجال لاستيفاء تلك المصلحة اللّازمة التامّة لمكان المضادّة بينهما ولا يجب عليه الاعادة والقضاء وان كان آثما

٤٨٥

بترك التعلّم وتفويت المصلحة التّامة على نفسه وبالجملة اذا كان من الممكن احتمال ان يكون غير المأمور به مشتملا على مقدار من مصلحة المأمور به مع كونه لازما بحيث يكون الفعل فى حدّ نفسه محبوبا واحتمال ان يكون هذا المقدار من المصلحة مع استيفائه مستقلّا مضادّا مع المصلحة فى المأمور به ويجتزى به عنه فلا مانع من الجمع بهذا الوجه بين ما دلّ على جزئيّة ما اخلّ به او شرطيّته فى المأمور به وما دلّ على صحّة المؤاخذة وما دلّ على تماميّة الصّلاة وصحّة المأتيّ به من دون اعادة وقضاء ويقال انّ الجاهل المركّب التّارك للتعلّم لو أتى بالتّمام فى موضع القصر لم يكن عليه شيء فى الوقت ولا فى خارجه ولو كان جهله عن تقصير كان مستحقّا للعقوبة ولا يبقى مجال للاشكال تارة بانّه لا وجه للحكم بالصحّة مع كون المأتيّ به غير مأمور به لكونه منافيا لما دلّ على دخل ما اخلّ به من الجزء او الشّرط واخرى بانّه لا وجه للحكم باستحقاق العقاب مع التمكّن من الإعادة فى الوقت والقضاء فى خارجه وثالثة بانّه لا وجه للحكم بعدم وجوب الاعادة لو علم بما جهل فى الوقت فإن قيل كيف يكون غير متمكّن من استيفاء المصلحة الكاملة مع انّه يجوز له الاعادة لصلاة القصر جماعة لو كان آتيا بالصّلاة الغير المأمور بها منفردا فهذا يكشف عن امكان استيفاء تلك المصلحة قيل ان كان المأتيّ به جماعة مشتملا على تلك المصلحة الزائدة لكان الامر كما ذكر وكانت الاعادة واجبة لكشف ذلك عن امكان الاستيفاء ولكنّه لم يعلم كون المأتيّ به جماعة كذلك بل المعلوم اشتماله على الاكمل الغير اللّازم وهو فضيلة الجماعة فيمكن ان يكون الاعادة مؤثّرة فى استيفاء الزائد الغير اللّازم استيفائه ويكون الصّلاة المأتيّ بها فرادى علّة تامّة لعدم التمكّن من استيفاء المصلحة الكاملة الزائدة ولا بأس بالجمع بين ما اشرنا اليه من الادلّة وما دلّ باطلاقه على استحباب الاعادة جماعة باستحباب الاعادة قصرا مثلا ويكون نظير من قصّر فى سفره قبل قصد الاقامة ثمّ بدا له الاقامة حيث افتوا باستحباب الاعادة تماما لو تمكّن من الجماعة فإن قيل ذكرتم انّ اطلاق دليل القصر باق بحاله ومقتضاه وجوب القصر عليه فى نفس الامر فى هذا الحال وان لم يكن توجيه الخطاب اليه والغاية انّه لمّا أتى بضدّه صار غير متمكّن من الاتيان بالواجب الواقعى لتفويته لمصلحته وكان المأتيّ به تامّا مسقطا للاعادة وكيف يصحّ هذا القول مع عدم الامر بالمأتىّ به والفرض انّه عبادة قيل يكفى فى صيرورته عبادة كونه محبوبا ومشتملا على مقدار من المصلحة اللّازمة ولا يحتاج فى تصحيح العبادة الى الامر بها وعلى القول بلزومه وقصده كما يدّعيه بعض لما كان وجه للصحّة من غير اختصاص بالمسألتين بل يكون الامر كذلك فى كلّ مهمّ مع الامر بالاهمّ فان قيل انّ الآتي بالتّمام فى موضع القصر لم يقصد المحبوبيّة والمصلحة الكامنة فيه وانّما قصد التقرّب بالامر المتعلّق به والمفروض عدمه قيل انّه

٤٨٦

قصد التقرّب بما امر به وأخطأ فى تطبيقه على التّمام وهذا كاف فى قصد التقرّب بالمأتىّ به لكونه ذا مصلحة وبالجملة اشتمال المأتيّ به على جهة الامر والمصلحة يكفى فى كونه مسقطا لحصول الغرض من الامر كما مرّ فى تصحيح عبادة ناسى الجزء اذا لم يكن ركنا انّ على تقدير عدم امكان التكليف بما عدا المنسىّ ثبوتا نستكشف من حديث لا تعاد ثبوت المصلحة الواقعيّة فى المأتيّ به وان لم يكن بمأمور به وانّه يكفى فى صحّة العبادة ثبوت منشإ الطلب وهى المحبوبيّة والمصلحة بل يكون المقام اولى من ذلك من جهة انّ الآتي بالتّمام مثلا يقصد وجوبه وقد أخطأ فى التطبيق كما عرفت والنّاسى يأتى بداعى الامر المتعلّق بالمركّب التّام وبعد قيام الدّليل فى العبادة على اسقاط غير المامور به له لا مناص عن الالتزام بما ذكر فان قيل انّ المأتيّ به اذا كان ضدّا للواجب كان سببا لتفويته فيكون محرّما وكيف يكون صحيحا قيل قد مرّ جوابه وكذا الجواب عن دعوى كون هذا الوجه خلاف ظاهر الأخبار وقد ظهر ممّا ذكرنا انّ مجرّد احتمال اشتمال المأتيّ به جهرا فى مقام الاخفات وبالعكس او تماما فى مقام القصر على مصلحة المأمور به فى نفس الامر بمقدار لا يبقى معه مجال لاستيفاء بقيّة المصلحة اللازمة واف بدفع الاشكال من جميع الوجوه فانّ الصحة حينئذ تكون من حيث اشتمال المأتيّ به بملاك الامر النّفس الامرى لا من حيث الامر به وحيث لم يكن مسقطا صرفا بل وافيا بمقدار من المصلحة الكاملة صحّ توصيفه بالتماميّة وحيث انّ المقدار الباقى غير قابل للاستيفاء صحّ عدم ايجاب الاعادة واستحقاق العقاب على ترك المأمور به بسبب التقصير وقد تقدّم إمكان وجه آخر عند الكلام فى امكان تصوير الامر بما عدا الجزء المنسىّ فى العبادة المأتيّ بها فراجع قوله (وثبوت الامر بالبدل فتامّل) لعلّ وجهه انّه لا يحتاج الى ثبوت الامر بالبدل ولا محذور فى التزام كون غير الواجب مسقطا عن الواجب من حيث اشتماله على الرّجحان الواقعى والمصلحة الّتى هى جهة الامر فيحصل الغرض من الامر وقيام غير الواجب مقام الواجب وكونه مسقطا له غير عزيز فى الشرعيّات كاخراج الفطرة قبل هلال شوّال وزكاة الانعام قبل حلول الحول وتقدّم سابقا صحّة عبادة ناسى بعض الاجزاء اذا لم يكن ركنا مع عدم الامر به [الامر الثالث] قوله (الثالث انّ وجوب الفحص انّما هو الخ) لا اشكال فى حسن الاحتياط فى الشّبهة الموضوعيّة قبل الفحص تحريميّة كانت او وجوبيّة للاتّفاق ولعموم ادلّة حسن الاحتياط من العقل والنّقل فمن احتمل كون هذا المائع خمرا وتحرّز عنه او بلوغ المال الى حدّ النّصاب فاخرج مقدار المستحقّ مع قدرته على الفحص فقد احسن وامّا إجراء البراءة فان كانت الشّبهة تحريميّة فقد نقلوا الاتّفاق على جواز ترك الفحص فيها وان كانت وجوبيّة فيظهر من بعض الخلاف فيها اصولا وفقها امّا اصولا فتراه من كلام صاحب المعالم والقوانين وامّا فروعا فقد اشار المصنّف الى بعضها ويمكن ان يقال بعدم وجوب الفحص فى الشّبهة الوجوبيّة فى القضايا الواردة على نحو القضايا الحقيقيّة للانحلال ووجوبه فى غيرها ممّا كان

٤٨٧

المأخوذ فى القضيّة الشرعيّة ماخوذا على نحو الاستيعاب والاستغراق ومجموع الوجودات والاحسن ما افاده المصنّف ره من التفصيل بين ما اذا استلزم ترك الفحص الوقوع فى مخالفة التكليف كثيرا فيجب كما فى الموارد المنقولة فيها وجوب الفحص عن الاصحاب وعدمه فى غيره وذلك لانّ بناء العرف والعقلاء على عدم اجراء الاصل فى القسم الاوّل الّا بعد الفحص واطلاق الاخبار ايضا منصرف عنه والمقتضى لوجوب امتثال الواقعيّات وهو اطلاق ادلّتها موجود فيجب الفحص مقدّمة وأمّا لو لم يستلزم ترك الفحص المحذور المذكور فمقتضى العقل والنّقل عدم الوجوب والإنصاف جريان هذا التّفصيل فى الشّبهة التحريميّة ايضا لعدم ثبوت الاجماع على عدم وجوبه حتّى فى صورة استلزام تركه للتفويت كثيرا بل المتيقّن منه غير هذه الصّورة وانصراف الاخبار المصرّحة بجواز الارتكاب فى الشّبهة التحريميّة عن هذه الصّورة ثمّ لا يخفى انّ عدم وجوب الفحص فى الشّبهات الموضوعيّة انّما هو فيما يكون العلم بالموضوع محتاجا الى تمهيد مقدّمات وامّا اذا كانت مقدّمات العلم حاصلة بحيث لا يحتاج حصول العلم الى ازيد من النّظر فلا اشكال فى وجوبه لوضوح عدم صدق الفحص على مجرّد النّظر سواء كانت الشّبهة تحريميّة او وجوبيّة ولا يجوز شرب المائع المردّد بين كونه خمرا او خلّا عند ما يحصل العلم باحدهما بالنظر مثلا قوله (وايّد ذلك المحقّق القمّى قدس‌سره) وذلك فى شرائط العمل بخبر الواحد قوله (واشكل منه فرقهم بين الموارد) حتّى من الفقيه الواحد كما عرفت فى المتن من كلامى العلّامة ره في التّحرير وهذا كما سيجيء فى كلام المحقّق القمّى ره حيث فرّق بين اصالة عدم بلوغ الماء الملاقى للنّجاسة كرّا المستلزمة لنجاسة الملاقى واصالة عدم الدّين المستلزمة لوجوب الحجّ قوله (وعدم الاقتصار على القدر المعلوم فلا يخفى ما فيه) فانّه زعم من الامر بقبول قول العادل وردّ خبر الفاسق انّ وجوب عدالة الرّاوى ذاتىّ نفسىّ فاوجب الفحص مع انّه قد تقرّر فى محلّه انّ وجوبه شرطىّ غيرىّ فمتى تحقّق الشرط بنفسه وجب القبول من دون فحص ومتى لم يتحقّق فلا يجب تحصيله حتّى يجب الفحص فيجوز التوقّف الى ان يعلم العدالة بنفسها من دون فحص عنها.

قوله (وامّا الكلام فى مقدار الفحص) فهل يجب استفراغ الوسع فى تحصيل العلم بالدّليل وعدمه مع الامكان او يكفى الظّن مط او يشترط حصول ما يطمئنّ به النّفس ويسكن لديه القلب بعد التنزّل عن العلم ويسمّى ذلك بالعلم العرفى وجوه اوجهها الاخير فانّ مقتضى القاعدة سيّما بملاحظة العلم الاجمالى وجوب تحصيل العلم بعدم ما يثبت التّكليف وعدم اجراء الاصل الّا بعده الّا انّه لمّا كان تحصيل العلم فى امثال زماننا مستلزما للحرج وتعطيل استعلام سائر التكاليف

٤٨٨

كما فى المتن فاللّازم هو الاكتفاء باطمينان النّفس فانّه الاقرب الى المتعذّر ويكون بمنزلته عند العرف والعقلاء ولا وجه حينئذ للترخيص فى الرّجوع الى مطلق الظّن قوله (بعدم وجود دليل التّكليف فى الكتب الاربعة) وفى الآيات المتعلّقة بالاحكام ولا بدّ من الرّجوع الى كتب الفتاوى حتّى يعرف الخلاف والوفاق ولعلّه اطّلع على اجماع على خلاف مقتضى الاصل والحاصل انّ المناط هو حصول الظّن الاطمينانى بعدم وجود دليل التّكليف وفى امثال زماننا يكفى الرّجوع الى الكتب الاستدلاليّة المبسوطة المستقصية لتمام ادلّة المسألة.

قوله (ان لا يكون اعمال الاصل موجبا لثبوت حكم شرعىّ) خلاصة القول انّه ان اراد من كلامه انّ اصالة البراءة لا تثبت اللّوازم كان مرجعه الى عدم اعتبار الاصول المثبتة ولا يختصّ هذا باصل البراءة بل هو جار فى جميع الاصول حتّى الاستصحاب على تفصيل يأتى فى محلّه وان أراد أنّ الحكم المترتّب على عدم حكم آخر لا يحكم بترتّبه بمجرّد نفى الحكم بالبراءة فهذا تارة يكون من حيث التّزاحم بين الحكمين من اجل عدم القدرة على امتثالهما معا كترتّب وجوب الازالة على عدم وجوب الصّلاة وبالعكس وفى هذا لا اشكال فى انّ باجراء البراءة عن احدهما يثبت الحكم الآخر لوضوح انّ اصالة البراءة تمنع عن تنجّز الحكم الواقعى فى مجريها وهذا كاف فى ترتّب الحكم الآخر وتارة يكون الحكم المترتّب على مجرى البراءة مترتّبا على نفى المؤاخذة واستحقاق العقوبة او ملازما له وفى هذا لا محيص عن اجراء البراءة بعد الفحص والالتزام بذلك الحكم المترتّب عليه قهرا وكذا ان كان مترتّبا على نفى الحكم الفعلى والاباحة الظاهريّة وتارة يكون الحكم مترتّبا على عدم الحرمة الواقعيّة او على عدم الوجوب الواقعى ففى البراءة العقليّة يكون من الواضح انّ حكم العقل بالبراءة ليس الّا فى مقام التّنجيز واذا كان الحكم مترتّبا على عدم ثبوت التكليف فى الواقع لم يكن موضوعه متحقّقا لعدم حكم العقل به وفى البراءة النقليّة لا بدّ ان ينظر فى ادلّتها من انّ مفادها هل هو نفى الحكم واثبات الاباحة فى مقام التكليف الفعلىّ وفى الظّاهر فقط ام هو نفى الحكم واثبات الاباحة من جميع الجهات حتّى من جهة ما يترتّب على الواقع من الحكم فانّ قول الشّارع كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام لا بدّ ان يكون له لحاظ فى ذلك فان كان بلحاظ جميع ما للواقع من الآثار الشرعيّة فلا بدّ من الحكم بالترتّب وان كان الحكم بالاباحة من جهة رعاية التكليف الظّاهرى الفعلىّ فلا يترتّب عليه وهذا هو الظاهر وعلى اىّ تقدير لا يمنع ذلك عن اجراء البراءة فانّها لا محالة تجرى فى الشّبهة البدويّة بعد الفحص واليأس ويكون الحكم المترتّب على عدم الحرمة الواقعيّة كوجوب الحجّ عند عدمها للامر الفلانى دينا كان او غيره فى الترتّب وعدمه دائرا مدار تحقّق موضوعه وعدمه فان كان الحكم بالاباحة من حيث

٤٨٩

الظّاهر فقط فلا يترتّب عليه لانّ الحرمة الواقعيّة مشكوكة ولم يدلّ دليل على عدمها فالاصل براءة الذّمة عن وجوب الحجّ ويقال انّ الدين مشكوك والاصل البراءة ووجوب الحجّ مترتّب على عدم ثبوت الدّين فى الواقع ولم يتحقّق موضوعه والاصل البراءة عن وجوبه وان كان الحكم بالاباحة من جميع الجهات يجب الحجّ لتحقّق موضوعه وبالجملة ترتّب ذلك الحكم يدور مدار تحقّق موضوعه وعلى اىّ حال فلا مدخل له فى جريان البراءة ولا يخفى انّ هذا من حيث ترتّب الحكم على البراءة وامّا الاستصحاب اذا كان عدم احد الحكمين الّذى اخذ قيد الوجود الأخر مجرى للاستصحاب فبالاستصحاب يترتّب عليه الحكم الأخر وان كان مترتّبا على الواقع فانّ الاستصحاب ينفى الحكم الواقعى وقد علم أنّه لو قلنا بانّ الواجد لمقدار من المال واف بالحجّ ولم يكن عليه دين فى مرحلة الظّاهر بحسب تكليفه الفعلى يكون مستطيعا ويجب عليه الحجّ فالواجد له الشاك فى اشتغال ذمّته بالدّين يجب عليه الحجّ بمقتضى اصالة البراءة عن الدّين ولو حجّ احتسب حجّة الاسلام ولو انكشف بعد ذلك اشتغال ذمّته بالدّين ولو قلنا بأنّ شرط الاستطاعة عدم اشتغال الذّمة بالدّين فى الواقع فان كان مفاد البراءة الشرعيّة هو نفى الدّين فى الظّاهر فلا يترتّب عليه وجوب الحجّ لعدم تحقّق موضوعه ويكون المرجع فيه اصالة البراءة عن وجوبه وان كان مفادها نفى الحكم فى الواقع ترتّب عليها وجوب الحجّ واذا انكشف الخلاف لم يجز المأتيّ به عن حجّة الإسلام ولو جرى استصحاب عدم الدّين وجب الحجّ سواء كان الشّرط عدم الدّين واقعا او ظاهرا الّا انّه لو انكشف الخلاف لم يجزه المأتيّ به عن حجّة الاسلام على الاوّل ويجزيه على الثّانى قوله (ولم يحكم بنجاسة الماء مع جريان اصالة عدم الكريّة) وكذلك فيما كان الماء مسبوقا بالنّجاسة وشكّ فى ارتفاعها فانّه التزم باستصحاب نجاسة الماء ولم يحكم بنجاسة ملاقيه بل حكم بطهارة ملاقى الماء المسبوق بالنّجاسة قوله (ولم يعلم وجه فرق بينهما اصلا) فانّ مسلكه فى تعارض الاصلين فى مورد التنافى الطّرح والرّجوع الى اصل آخر ولا يلتزم بتحكيم الاصل المزيل على المزال فاصالة عدم الكريّة معارضة باصالة طهارة الماء والملاقى وبعد التّعارض يرجع الى قاعدة الطّهارة الّا انّ هذا المعنى موجود ايضا فى اصالة البراءة عن الدّين حيث انّها معارضة باصالة عدم وجوب الحجّ فلا معنى للفرق بينهما حيث يعمل بالاصل فى الثّانى دون الاوّل قوله (وهو معنى عدم تقدّم الملاقاة على الكريّة) اى لا بدّ من الحكم بالتّساقط والمرجع حينئذ ما تقدّم من طهارة الماء قاعدة او استصحابا او النّجاسة لانّ الملاقاة مقتضية لها قوله (وقد يفصّل فيها) والمفصّل صاحب الفصول قوله (ومرجعه الى نفى وقوع كلّ منهما فى زمان

٤٩٠

يحتمل عدم وقوعه فيه) الظّاهر زيادة لفظة عدم وان كان فى النّسخ حتّى نسخ الاصل موجودا كما لا يخفى على المتامّل قوله (من دون احراز عدم المانع ولو بالاصل محلّ تامّل فتامّل) لعلّ وجهه انّ عدم العلم بالمانع فى حكم العلم بعدمه لبناء العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال المانع مع احراز المقتضى فلا يحتاج الى احرازه ولو بالاصل ويمكن ان يكون اشارة الى انّ مع فرض الجهل بالتّاريخين اذا حكم بالتّعارض والتّساقط كما هو المشهور بل هو صريح الكتاب ايضا فلا يمكن احراز عدم المانع بالاصل.

قوله (كما لا وجه لما ذكره فى تخصيص مجرى الاصل الخ) حيث قال كلّ نصّ بيّن فيه اجزاء ذلك المركّب كان دالّا على عدم جزئيّة ما لم يذكر فيه فيكون نفى ذلك المختلف فيه حينئذ منصوصا لا معلوما بالاصل انتهى والجواب عنه ما افاده المصنّف ره من انّ النّص ربما يكون مجملا أو لا نصّ فى المسألة.

قوله فنقول قد ادّعى فخر الدّين فى الايضاح فى باب الرّهن) لا بأس قبل الورود فى معنى لا ضرر وبيان المراد من هذه الهيئة من ذكر أمور الأوّل انّه ان كان اجراء البراءة فى مورد مستلزما للضّرر وقد عمّه ما دلّ على نفى الضّرر كما اشار اليه المصنّف كان دليلا كسائر الادلّة الاجتهاديّة الحاكمة على البراءة بل نفى الضّرر حاكم على الادلّة ايضا ولا مجرى للبراءة عقلا ولا نقلا ولا اختصاص بالمنع عنها بنفى الضّرر فانّ جميع الاحكام قواعد شرعيّة واذا كانت فى المسألة قاعدة مستفادة من دليل اجتهادىّ لا يكون العقل مستقلّا بقبح العقاب لعدم تحقّق موضوع حكمه ولا يكون الشّرع حاكما بالبراءة لعدم كون المورد ح مشتبه الحكم او ممّا لا يعلم على اختلاف السنة ادلّتها وان لم يكن مجرى البراءة مستلزما للضّرر فلا وجه لهذا الاشتراط أصلا الثّاني نقل دعوى تواتر الاخبار على نفى الضّرر والضّرار عن فخر الدّين جماعة منهم النّراقى فى العوائد ونقل فيها احدى عشر رواية ويمكن دعوى تواترها اجمالا بمعنى دعوى القطع بصدور واحد منها مع كثرتها عن المعصوم ع بل يمكن دعوى التّواتر اللّفظى والمعنوىّ فى خصوص لفظ لا ضرر ولا يخفى انّ الحاجة الى اثبات التّواتر انّما هى بناء على عدم حجيّة اخبار الآحاد والّا فلا اشكال فى حجيّة الاخبار الواردة فى الباب مع اشتمالها على ما يكون موثّقا بحسب الاصطلاح وعمل الاصحاب طرّا بها يكفى فى اثبات هذه القاعدة فلا حاجة الى ذكر اسانيدها وتصحيحها الثالث الظّاهر انّ الضّرر هو ما يقابل النفع من غير فرق بين كونه فى النّفس او فى المال او فى العرض وليس المراد به تقابل الوجود بالوجود حتّى يخرج عنه مثل ما لو احدث فى الشّجرة فعلا لا تنمى ولا تثمر اصلا او فى الزّمان المتعارف لها فانّه ليس من الوجودىّ المقابل للوجود ومع ذلك يعدّ عند العرف ضررا ولا تقابل العدم بالعدم كى يشمل مثل عدم وجود الكتاب عند طالب

٤٩١

العلم لعدم قدرته على شرائه فانّه لا يعدّ ضررا بل المراد به هو المقابل للنّفع على نحو تقابل العدم والملكة اى العدم الّذى يكون من شأنه الوجود ولو لم يكن بموجود فعلا للضّرر كما فى الشّجرة الّتى تصلح لان تثمر فى وقته فعمل فيه عملا لا تنمى فى ذلك الوقت والحاصل انّه لو كان المراد بالضّرر ضدّ النّفع على نحو تقابل الوجود بالوجود كقطع اليد من الانسان فى مقابل بقائها لزم ان يخرج الموارد القطعيّة من مصاديقه من دون وجه ولو كان المراد به خصوص السّلب المقابل للايجاب كى يكون من تقابل العدم بالعدم لزم ان يدخل فيه ما ليس بضرر قطعا فالّذى ينبغى ان يراد به ما ذكرنا ومن الواضح أنّ اطلاق الضّرر على الوجود كقطع اليد انّما هو بلحاظ الامر العدمى الملازم للامر الوجودى على اختلاف مراتب الوجود فيرجع جميع ما يكون ضررا من الوجودات الى العدم فلا يكون ما يعدّ ضررا داخلا فى سلسلة الوجودات حتّى يكون المراد به ضدّ النّفع على نحو تقابل الوجود بالوجود الرّابع الظّاهر انّ المراد من الضّرار فى الرّواية هو الضّرر جيء به تاكيدا على خلاف ما هو الاصل فى باب المفاعلة والشّاهد على ذلك أنّه ص اطلق المضارّ على السّمرة مع انّه لم يكن ضرر من الانصارى عليه فمن اطلاق النّبى ص كلمة المضارّ عليه نستكشف ان ليس المراد من الضّرار فيها ما يكون بين الاثنين وصدقه على ما يكون بين اثنين من حيث انّ الضّرر يصدق على فعل كلّ واحد منهما لا لكونه من الضّرار المنفىّ ومن هذا يظهر عدم كون المراد منه المجازاة على الضّرر وذلك لاطلاق المضارّ على السّمرة مع كون الضّرر منه بدويّا قوله (كان له عذق) بكسر العين ثمّ الدال المعجمة ثمّ القاف هو العرجون اى السعف وهو غصن النّخلة وبالفتح النّخلة الحاملة قوله (واضرّ به يتعدّى بنفسه ثلاثيّا) نظير اكبّ واعرض وهذا من النوادر قوله فاعلم انّ المعنى بعد تعذّر ارادة الحقيقة عدم تشريع الضّرر) الاقرب انّ البلاغة فى امثال هذا التركيب تقتضى ان تكون لا لنفى الحقيقة حقيقة او ادّعاء للمبالغة فى نفى ما هو المطلوب من هذه الحقيقة ويتّضح ذلك بمراجعة المحاورات من اهل كلّ لسان عند استعمالهم لهذا التركيب فانّ بنائهم على استعماله فى نفى الحقيقة باحد الوجهين وقد ورد فى الشّرع التعبير عن نفى الآثار المرغوبة عن موضوع بنفيه كما فى قول على ع يا اشباه الرجال ولا رجال وقوله ع ايضا لا صلاة لجار المسجد الّا فى المسجد وقوله ص رفع ما لا يعلمون وامثالها ومن راجع الى اهل المحاورات فى مثل قولهم لا عالم ولا فقيه والى الكلمات الصّادرة من الشّرع لا يتبادر الى ذهنه من هذا التركيب الّا نفى الموضوع ولكنّه لمّا كان النفى حقيقة مخالفا للوجدان والحسّ لما يرى من كثرة الضّرر فلا محيص ينتقل الى ذهنه انّ المراد نفى ما

٤٩٢

يناسب الموضوع المنفىّ من الآثار والاحكام كما ينتقل الى الذّهن من قول لا رجال نفى ما هو المطلوب منهم وكما انّ نفى موضوع الضّرر حقيقة من السّلب البسيط فكذلك نفيه ادّعاء باعتبار نفى حكمه من السّلب البسيط وذلك لانّ الاحكام الشرعيّة من الامور الاعتباريّة النفس الأمريّة ووجودها التكوينى عين وجودها التشريعى واثباتها او نفيها ليس الّا ايجاد حقيقتها او اعدامها فنفيها تكليفيّة كانت كالوجوب والحرمة او وضعيّة كالصحّة واللّزوم من السّلب البسيط فكلّما تعلّق النفى بالموضوع الخارجى وكان مخالفا للوجدان فالنفى بلحاظ الاثر واذا كان النفى بسيطا فمقتضى البلاغة ان يكون لنفى الاثر والحكم بلسان نفى الموضوع كما فى المقام والسلب الادّعائي يقوم مقام السلب الحقيقى فمهما كان سلب الموضوع سلبا تامّا فلا محالة يكون سلبه الادّعائى ايضا كذلك لوضوح انّه مقتضى البلاغة فى دعوى انّ سلبه سلب حقيقىّ واذا كان النّفى تركيبيّا كان النفى تخصيصا بلسان الحكومة بمعنى كون النفى تحديدا للموضوع الماخوذ لذلك الحكم المنفىّ بما عدا مورد النّفى وذلك كقوله ع لا شكّ لكثير الشّك فانّه يدلّ على انّ الاحكام المجعولة للشاكّ مخصوصة بغير كثير الشّك والنّفى التركيبىّ قد يكون نفيا للموضوع عن شيء كقوله لا صلاة الّا بطهور ولا صلاة الّا بفاتحة الكتاب ولا عتق الّا فى ملك فيفيد النفى الجزئيّة او الشرطيّة وانّ ماهيّة الموضوع لا يتحصّل بدونه وقد يكون نفيا لشيء عن الماهيّة كما فى قوله تعالى (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) فيفيد المانعيّة وانّ الماهيّة لا تتحصّل الّا بعدمه وان اريد من النّفى النّهى فى الآية كما ستطّلع عليه وامّا النّفى الوارد على متعلّقات التكليف كالوضوء والصّلاة والمعاملات فنفيها تركيبيّ دائما والمجعول الشرعىّ نفس الاحكام والمتعلّقات امور خارجيّة والشّارع امّا يجعل التركيب فيها كالماهيّات المخترعة وامّا يمضيها كما فى المعاملات وامّا الوجوه الأخر فبعيدة جدّا أمّا الاوّل وهو كون المراد نفى الحكم الضّررى بنحو الاضمار او المجاز فى الكلمة فلأنّ ذكر الشّيء وارادة خصوص سبب من اسبابه وهو حكمه غير متعارف فى المحاورات وظاهر انّ الضّرر ناش امّا من الحكم او من الموضوع ونسبة كلّ اليه نسبة السّبب الى مسبّبه مع استلزامه لتخصيص الاكثر او الكثير فانّ جعل الاحكام الضّررية فى ابواب العبادات والمعاملات غير عزيز كما فى الضّمانات والحجّ والخمس والجهاد وامثالها واخراج مثلها عن عموم القاعدة يستلزم ما ذكر وامّا الثانى وهو كون المراد من النفى النّهى فلانّه وان كان ذلك شايعا فى كلمات الشّارع كما فى قوله تعالى (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) الّا انّ هذا المعنى بعيد فى المقام لانّ المنفىّ بلا اذا كان المنع عنه فى الشّرع معلوما صحّ هذا ارشادا وتاكيدا للنّهى فانّ المنع الشرعى لمّا كان معلوما فبواسطة كون الممنوع الشرعىّ كالممنوع العقلى والمعدوم الخارجى صحّ ان يقال لا فسوق وهذا بخلاف الضّرر المنفىّ فانّ مع قطع النّظر عن هذا الدّليل لم يعلم المنع عن

٤٩٣

الشّارع حتّى يقال فى مقام التاكيد لا ضرر هذا مضافا الى انّه لو اريد النّهى من هذا التركيب لزم اختصاصه بغير الضّرر الواجب النّاشى من قبل التكاليف وبعبارة أخرى على هذا المعنى يختصّ مورده بالمعاملات اذا كان فيها ضرر حيث انّ المعاملة لا بدّ لها من سبب ويكون ايجاد السبب باختيار العبد واذا كان السّبب ضرريّا صحّ ان ينهى الشّارع عنه وهذا بخلاف باب التكليف اذ ليس اختيار الفعل المكلّف به فعلا او تركه بيده حتّى يكون الضررىّ منه قابلا لتوجّه النّهى عنه وامّا الثالث وهو كون المراد من المنفىّ الضّرر المقيّد بعدم التدارك كاتلاف المال من دون تدارك فانّه ضرر على صاحبه فهو منفىّ فهو تقييد بلا دليل ولا يكفى فى الدّلالة عليه عدم امكان ارادة نفى الحقيقة حقيقة فانّ التّاويل غير منحصر بالتّقييد والشّائع فى امثال هذا التركيب هو نفى الحكم عن موضوع بلسان نفيه ومع هذا الشّياع يكون التقييد بلا قرينة غير سديد هذا مضافا الى استلزام ذلك عدم جواز التّمسك بالقاعدة لنفى الحكم الضّررى فانّ فعل المضرّ حرام ولم يجعل له الشّارع تداركا كما لا يخفى فانّ الوضوء الضّررى حرام وليس له تدارك فالمتعيّن فى معنى هذه الهيئة هو ما ذكرنا لكونه قضيّة البلاغة وغير موجب للتخصيص بباب دون باب والفرق بين ما اخترناه وما اختاره المصنّف ره يظهر امّا فى الاصول ففى وجوب الاحتياط وعدمه المذكور فى مقدّمات دليل الانسداد فانّه اذا كان المنفىّ الحكم الّذى يجيء من قبله الضّرر كان موجبا لعدم وجوب الاحتياط اذا كان ضرريّا وهذا بخلاف ما لو كان المنفىّ الموضوع ادّعاء مبالغة فى نفى الحكم فانّه لا يرفع وجوب الاحتياط لانّ الموضوع الّذى تعلّق به حكم الشارع لم يكن ضرريّا وانّما يكون الضّرر من ناحية امتثاله ولا دخل له بالحكم المجعول وامّا فى الفقه ففى مسئلة خيار الغبن للمغبون فانّ على مسلك المصنّف قد يشكل بانّه لا يصحّ ان يقال انّ بواسطة الضّرر يحكم بالخيار فانّ المنفىّ على هذا هو الحكم الّذى يجيء من قبله الضّرر وفى الفرض يكون اللّزوم مستلزما للضّرر لو كان وحده وامّا لو كان مع الارش فلا يجيء من قبله الضّرر واللّازم حينئذ هو القول بالارش او الخيار تخييرا فى قبال المشهور وهذا بخلاف المختار فانّ عليه مقتضى نفى الضّرر نفى الحكم من البيع الضّررى فانّه موضوع ضررىّ وهو منفىّ بلحاظ حكمه ونفى حكمه يستلزم جوازه ويثبت له الخيار كما عليه المشهور إلّا أنّه يلزم على هذا اشكال على المشهور من حيث حكمهم بصحّة اسقاط خيار الغبن فانّ الجواز الثّابت على هذا حكم والحكم غير قابل للاسقاط نعم لو كان اسقاطه فى ضمن عقد البيع الضّررى كان محقّقا لموضوع الاقدام على الضّرر فيكون صحيحا من تلك الجهة لا من جهة الإسقاط وبالجملة لو كان المرفوع بحديث نفى

٤٩٤

الضّرر الحكم الناشى منه الضّرر فانتفاء اللّزوم فى العقد الضّررى لا يستلزم ثبوت الخيار فيه وامّا اذا كان المرفوع به ما كان للضّرر من الحكم مع قطع النّظر عن هذا الحديث كما استظهرناه كان المرفوع فى المعاملة الغبنيّة وجوب الوفاء بها وهو يستلزم جوازها كما عرفت وثبوت الجواز فيها غير ثبوت الخيار ضرورة انّ عدم وجوب الوفاء عليه لا يقتضى ثبوت حقّ له يسقطه ويصالح عنه ولو شكّ فى ذلك فالمتّبع اصالة عدم سقوطه بالاسقاط كما هو المقرّر فى محلّه عند الفرق بين الحق والحكم فإن قلت إنّ الحكم التكليفى ليس من آثار حقيقة الفعل فى الخارج حتّى يصحّ نفى الموضوع بلحاظ عدم ترتّب الحكم عليه الّا مثل اللّزوم والصحّة من الاحكام الوضعيّة فانّها تعدّ اثرا للمعاملة فيصحّ نفيها بنفيها مضافا إلى انّ الفعل الخارجىّ ليس موضوعا للحكم التكليفى حتّى يصحّ نفيه ادّعاء قلت ظرف نفى الموضوع يختلف باختلاف الآثار والاحكام المترتّبة عليه فتارة تكون من الآثار الخارجيّة كقوله ع ولا رجال فظرف السّلب هو الخارج وتارة تكون من الامور الاعتباريّة كالتكاليف الشرعيّة حيث انّ التكليف قائم بنفس المولى ومتعلّق بالطّبيعة بلحاظ الوجود فظرف السّلب ليس هو الخارج بل هو عالم التشريع الّا انّ الجامع بينه وبين الخارج هو نفس الامر ومتن الواقع ولا ضير فى ان يكون ظرف السلب نفس الامر بلحاظ الآثار الشاملة للاحكام التكليفيّة والوضعيّة فيكون نفى الضّرر فى عالم التشريع عبارة عن نفى الاحكام المترتّبة على الفعل الضررىّ تكليفيّة او وضعيّة ويكون تنزيل الفعل الضررىّ منزلة المعدوم بلحاظ نفس الامر المنطبق على الخارج وعلى عالم التشريع فان قلت كيف يمكن ان يكون نفى الضّرر عبارة عن نفى آثاره واحكامه ادّعاء مع انّ اللّازم ان يكون للموضوع المنفىّ آثار شرعا او واقعا كما فى لا صلاة لجار المسجد الّا فى المسجد حيث انّ للصّلاة احكاما وآثارا ينفيها الشّارع بلسان نفى الموضوع وهكذا يا اشباه الرّجال ولا رجال حيث انّ للرجوليّة آثارا ينفيها بنفى الموضوع ادّعاء وعنوان الضّرر لو كان موضوعا لاحكام شرعيّة فهى ثابتة لا محالة ونفى الضّرر ليس ناظرا اليها بل المراد نفى الاحكام الموجبة للضّرر فالاحكام المنفيّة ليست احكاما للضّرر حتّى يمكن نفيها بنفى الموضوع ادّعاء كما فى امثاله من سائر التراكيب قلت غير خفىّ انّ الضّرر بنفسه ليس من العناوين الاوليّة لعدم وجود مصداق له ابتداء وليس الّا معلولا لمصداق كلّى طبيعىّ من العناوين الاوليّة فهو دائما من العناوين الثانويّة المترتّبة على العناوين الاوليّة فهو عنوان ثانوىّ امّا للفعل الخارجى او للحكم الشرعىّ من حيث كونه كالعلّة التكوينيّة له ثمّ انّ فى تقريرات بعض الاعلام كلاما فى المنع عن كون معنى لا ضرر هو ما رجّحناه من ارادة نفى الحكم بلسان نفى الموضوع قال انّ هذا المعنى انّما يصحّ مع قيود ثلاثة الاوّل ان يكون الموضوع وهو الضّرر

٤٩٥

محكوما امّا فى الجاهليّة وامّا فى الشرائع السّابقة بحكم حتّى يكون هذا النّفى وارد النفى حكمه السّابق وامّا لو لم يكن له حكم فلا معنى لنفى الحكم بلسان نفى الموضوع وزيادة كلمة فى الاسلام فى كثير من هذا القسم انّما بعناية نسخ الحكم السّابق فى الإسلام الثاني ان يكون عنوانا اختياريّا كالرهبانيّة والخصاء ونحو ذلك حتّى يكون نفيه التشريعى موجبا لنفيه التكوينىّ الثالث أن يكون الحكم المنفىّ هو الحكم الجائز قبل ورود النّفى وامّا لو كان حكما تحريميّا فلا ينتج نفى الحكم بلسان نفى الموضوع نسخه بل يدلّ على امضائه كما لو قيل لا ختان ولا طلاق انتهى وفيه انّ المسلّم هو القيد الثّانى وامّا القيد الاوّل فلا وجه له لعدم دليل عليه امّا من الخارج فواضح وامّا نفس الكلام فكذلك حيث انّ نفى الحكم عن موضوع لا دلالة له على ثبوت ذلك الحكم فى السّابق باحدى الدّلالات وأمّا كلمة فى الاسلام فالروايات المشتملة عليه مرويّة من طرق العامّة ولا جابر لسندها وعلى فرض وروده فلا دلالة فيه ايضا على ما ذكره والمنسبق الى الذّهن من الجملة هو نفى الحكم المتوهّم ثبوته عن الموضوع الضررىّ سواء كان له حكم فى السّابق ام لا ولعمرى انّ هذا فى غاية الوضوح وأضعف من ذلك دعوى لزوم القيد الثّالث وقد عرفت ان لا دلالة لقوله ص لا ضرر على ثبوت حكم للضّرر فى السّابق حتّى يقال انّه لو كان حكما تحريميّا فلا ينتج نفى الحكم نسخه إلى ان قال وقوله ص لا ضرر وان كان نفيا بسيطا والضّرر وان كان عنوانا اختياريّا الّا انّ حكمه السّابق حيث لم يكن اباحة بل كان امّا تحريما وامّا قبيحا على ما يستقلّ به العقل فارادة نفى الحكم بلسان نفى الموضوع ينتج ضدّ المقصود فى بعض المقامات كما فى مورد اتلاف مال الغير فانّه لو صدق فى هذا المقام قوله ص لا ضرر فمفاده انّ هذا الفرد الصّادر خارجا من المتلف لا حكم له كما انّ هذا مفاد قوله ع لا سهو فى سهو أي السّهو الصّادر من السّاهى لا حكم له انتهى وفيه انّ الحقّ فى توجيه هذا المعنى هو ما افاده المحقّق المولى محمّد كاظم الخراسانى قدس‌سره من انّ المنفىّ هو جواز الاضرار بالغير او وجوب تحمّل الضّرر عن الغير فاذا لم يكن الاضرار بالغير مشروعا يبقى هذا الفرد الصّادر خارجا من المتلف تحت عموم من اتلف وقول المقرّر المشار اليه انّ هذا التّوجيه لا يفيد لرفع الاشكال لانّ الاضرار بالغير لم يكن جائزا فى الجاهليّة او فى الشّرائع السابقة حتّى يرد لا ضرر لنفيه كورود لا رهبانيّة فى الاسلام ونحوه لنفى ما كان مشروعا فى السّابق فيبطله ما عرفت من انّ المنسبق الى الذّهن من قوله ص لا ضرر هو نفى الحكم المتوهّم ثبوته سواء كان له حكم فى السّابق ام لا وهذا المعنى يعمّ الاتلاف الموجب للضّمان اذ نفى الحكم اعمّ من المتوهّم ثبوته للمورد وهو براءة ذمّة المتلف سيّما فى الاتلاف من غير عمد وليس فى الادلّة المتكفّلة لبيان احكام

٤٩٦

الموضوعات بعناوينها الاوليّة ما يدلّ على الرّخصة فى الاتلاف او براءة ذمّة المتلف بعده حتّى يكون لا ضرر مقدّما وحاكما عليه والمراد من حكومته على تلك الادلّة انّما هو فيما كان حكم للموضوع بعنوانه الاوّلى فى هذه الشريعة او الشّرائع السّابقة لا انّ مورده لا بدّ وان يكون محكوما بحكم فى السّابق وثبوت الرهبانيّة فى الشريعة السّابقة لا يدلّ على لزوم جواز المنفىّ فى السّابق دائما ثمّ قال فى ابطال ما اخترناه من المعنى يمكن ان يقال انّه لو كان المراد انّ الفرد الضررىّ لا حكم له فمقتضاه بطلان العقد لانّ العقد الغبنى لو لم يكن له حكم فرفع خصوص اللّزوم لا وجه له وهذا بخلاف ما اذا كان المراد منه انّ الحكم النّاشى منه الضّرر ليس بمجعول لانّه لا بدّ ان يلاحظ ان المجعول الّذى ينشأ منه الضّرر هل هو الصحّة او اللّزوم ولا اشكال فى انّ الجزء الاخير للعلّة التّامة هو اللّزوم لا الصحّة فيجب ان يتعلّق الرّفع به لا بالصحّة انتهى وفيه انّ على المعنى لا يقتضى نفى الضّرر الحكم بالبطلان لانّه حكم ايضا كالصحّة فهو مرفوع وقد مرّ عليك فى بيان الفرق بين المعنى المختار وما اختاره المصنّف انّ البيع الغبنى موضوع ضررىّ وهو منفىّ بلحاظ حكمه ونفى حكمه مط صحّة وبطلانا يستلزم جوازه ويثبت الخيار فتدبّر قوله (لكن لا بدّ ان يراد بالنّهى زائدا على التّحريم الفساد) اشارة الى ردّ ما ذكره المحقّق القمّى ره من انّ الخبر لو اريد به النّهى فلا دلالة فيه على الضّمان لانّ غايته العقاب امّا الضّمان فيحتاج الى دليل آخر والانصاف استقامة هذا الكلام اذ ارادة النّهى وتحريم الاضرار لا يلازم الحكم الوضعى كالضّمان والتنظير فى غير محلّه فانّ الصحّة لا يستفاد من دليل الامر بالوفاء بالدّلالة اللفظيّة بل الامر بالوفاء يستلزم صحّة العقد بحكم العقل وابن هذا من المدّعى قوله (والمراد بالحكومة ان يكون احد الدّليلين بمدلوله اللفظىّ الخ) لا اشكال فى انّ النّسبة بين العمومات المثبتة للتكليف وهذه القاعدة ليست من باب التّعارض لما افاده المصنّف إنّما الكلام في انّ بعض الاساطين جعل تقديم القاعدة على تلك العمومات من التوفيق العرفىّ بينهما بانّ العرف يوفّق بين ادلّة الاحكام ودليل نفى الضّرر بحمل ادلّتها على الحكم الاقتضائى ودليله على الحكم الفعلى والّذى دعاه الى ذلك هو ظاهر كلام المصنّف من انّ المراد بالحكومة ما يكون احد الدّليلين بمدلوله اللفظىّ متعرّضا لحال دليل آخر فتخيّل انّ شرط الحكومة ان يكون احد الدّليلين شارحا لفظيّا ومفسّرا للآخر وقال فى حاشيته معترضا على ما افاده المصنّف من حكومة القاعدة ما هذا لفظه حكومتها يتوقّف على ان يكون بصدد التعرّض لبيان حال ادلّة الاحكام المورثة للضّرر باطلاقها او عمومها على ما افاده قدس‌سره اى بناء على انّ مفاد نفى الضّرر نفى الحكم وانّ الحكم الضّررى لا جعل له او حال الادلّة الدّالة على جواز الاضرار بالغير او وجوب تحمّل الضّرر عنه بالاطلاق

٤٩٧

او العموم على ما ذكرنا اى بناء على انّ مفاده نفى الحكم بلسان نفى الموضوع وانّ الموضوع الضررىّ لا حكم له والّا بان يكون لمجرّد بيان ما هو الواقع من نفى الضّرر فلا حكومة لها بل حالها كسائر ادلّة الأحكام انتهى والحال انّ مقصود المصنّف من الحكومة ليس ما هو ظاهر العبارة من كون احد الدّليلين متعرّضا للآخر وشارحا لفظيّا ومفسّرا له كيف وقد افاد فى تعارض الاستصحابين حكومة السّببى على المسبّبى مع انّ دليلهما واحد وسيجيء ايضا ما يظهر من المصنّف من الحكومة فيما بين الاصول العقلائيّة مع انّ من الواضح خروجها عن عالم اللّفظ بل معنى الحكومة عنده ما هو نتيجة التّفسير بان يكون الدّليل الحاكم بحيث لا يفهم التّنافى بينه وبين دليل المحكوم ويكون عند العرف كالقرائن المتّصلة موجبا لظهور المحكوم فى اختصاص الحكم الّذى تضمّنه بغير مورد الحاكم مع صدق موضوع المحكوم على ذلك المورد وان شئت قلت انّ الحكومة كون الدّليل الحاكم بمنزلة قول المتكلّم اعنى غير هذا المورد لا انّه مفسّر وشارح للمحكوم بلفظ اعنى وبالجملة لا اشكال فى انّ لا ضرر ليس شارحا لفظيّا لادلّة الاحكام بل هو لمجرّد بيان ما هو الواقع من نفى الضّرر وينتج انّ الحكم الّذى اريد نفيه هو الحكم الثابت للافعال بعناوينها او المتوهّم ثبوته لها كذلك فى حال الضّرر فتدبّر ثمّ إنّ القرينة على حكومة لا ضرر على ادلّة الاحكام نفس الهيئة وورود القاعدة فى مقام الامتنان ولذا لا يتمسّك بها الّا فيما كان فيه منّة فلو فرض المكلّف معتقدا بعدم تضرّره بالوضوء او الصّوم فتوضّأ او صام ثمّ انكشف الضّرر فلا يقال انّ وجوب الوضوء منفىّ بالضّرر ويجب عليه الاعادة فانّ الحكم الاوّلى انّما يرتفع فيما كان فى رفعه منّة على العبد ولا منّة فى رفعه مع الجهل بالضّرر لاستلزامه المشقّة عليه ولا يلزم من ذلك جواز التّمسك بعموم العنوان الاوّلى فيما اذا كان الضّرر مشكوكا فى مصداق بتوهّم كون المرفوع هو الضّرر المعلوم وفيما لا يعلم لا بدّ من التّمسك بعموم العنوان الاوّلى فانّه لا تفاوت من حيث الشّبهة الموضوعيّة بين المقام وسائر المقامات فى عدم جواز الرّجوع الى المخصّص والى العامّ ووجوب الرّجوع الى دليل آخر من عموم او اصل عملىّ والمصداق المشكوك كونه ضررا ليس حاله الّا كسائر الشّبهات المصداقيّة والحكم بعدم الرّفع فى الصّورة المفروضة ليس من جهة كون المنفىّ بدليل نفى الضّرر هو الفرد المعلوم بل لما عرفت من عدم كون الرفع فيها منّة الّا ان يقال انّ المنّة حكمة ولا يلزم اطّرادها فى جميع الموارد فيشكل الحكم بعدم وجوب الاعادة قوله (وقد يدفع بانّ العمومات الخ) اى ما يقال انّ الضّرر يتدارك بالمصلحة العائدة الى المتضرّر والدّافع هو النراقى قوله (الاجر المستفاد من قوله ص) بناء على انّ المراد من أحمزها اشقّها كما فى المجمع وامّا بناء على ما فى القاموس والصّحاح من التفسير بامتنها وأقواها

٤٩٨

فلا دلالة فيه على المدّعى فانّ النّسبة بين الامتن والاشقّ هو العموم من وجه كما لا يخفى قوله الّا انّ الّذى يوهن فيها هى كثرة التخصيصات فيها) وهى كابواب النّفقات من نفقة الوالدين والاولاد والزّوجة وكالحدود الالهيّة لا مثل القصاص والدّيات الّتى شرعت من جهة نفى الضّرر وحفظ النفوس وكالحقوق الماليّة مثل الزّكاة والخمس والصّدقة وكالجهاد والحجّ ولا يخفى انّ هذا الوهن على تقدير ثبوته انّما يوهن التّمسك بعموم القاعدة فيما شكّ فى اصل التخصيص وامّا اذا ورد دليل معتبر يكون اخصّ منها فلا اشكال فى تقديمه عليها ثمّ انّ الاشكال بكثرة التخصيص انّما هو على تقدير كون المعنى نفى الحكم الضّررى كما هو مختار المصنّف وامّا على ما اخترناه فهو سليم عن هذا الاشكال لانّ الحكم الضّررى على قسمين الاوّل ما يكون الضّرر ذاتيّا ملازما له كالامثلة الّتى ذكرناها من النفقات والزّكاة والجهاد وغيرها الثانى الحكم التكليفى او الوضعىّ للموضوع الّذى يعرض عليه الضّرر من دون كونه ذاتيّا له كالوضوء والصّوم الضّرري والقسم الاوّل على المختار خارج عن المنفىّ تخصّصا لا تخصيصا لوضوح انّ نفى الموضوع يكون مقصورا على كون الضّرر جهة تعليليّة عارضا على الفعل احيانا موجبا لنفى الحكم منّة على المكلّفين وأمّا إذا كان الضّرر ذاتيّا للموضوع فلا يصحّ من الشّارع نفيه لانّ نفى الحكم حينئذ إلقاء له بالكليّة مع اقتضاء المصلحة الملزمة جعله والّا يلزم تفويت المصلحة المقتضية لجعله دائما وليس فى ذلك منّة فالحكم الّذى اريد نفيه بنفى الضّرر هو الحكم الثابت للافعال بعناوينها او المتوهّم ثبوته لها كذلك فى حال الضّرر لا الثابت له بعنوانه فكما أنّه اذا كان الضرر مقتضيا لحكم فلا يمكن ان يكون مانعا عنه ونافيا له فانّ العلّة لثبوته حينئذ هو الضّرر وكيف يمكن ان يرفع ما يثبته ويقتضيه وكذلك الدّليل الدالّ على رفع الخطاء لا يرفع ما هو مترتّب على الخطاء ويكون الخطاء مقتضيا لثبوته فكذلك اذا امر بنفس الضّرر بحيث يكون الضّرر تمام الموضوع كالامثلة المذكورة الّتى يكون الضّرر ذاتيّا فيها لانّ الموضوع للاحكام المجعولة فيها هو نفس الضرر ومن المعلوم انّ تمام العلّة لثبوت الحكم هو تحقّق موضوعه واذا كان الموضوع نفس الضّرر او الفعل الّذى يكون الضّرر ذاتيّا له ولا يمكن ان ينفكّ عنه فالضرر لا يمنع عن حكمه فإن قيل ما ذكرتم من عدم امكان شمول لا ضرر لنفى الحكم عمّا كان الضّرر ذاتيّا وخروج الامثلة المذكورة انّما يكون من باب التخصّص انّما يتمّ لو استفيد من نفى الضّرر كون الضرر علّة لنفى الحكم لا موضوعا له مع انّ المستفاد منه بالفرض كون الضرر موضوعا للنّفى لوضوح انّ نفى الحكم بلسان نفى الموضوع يتوقّف على كون الضرر موضوعا للحكم حتّى يكون نفيه بنفيه وعليه فيعمّ نفى الضرر ما كان الضرر موضوعا للحكم كما فى الامثلة ويكون خروجها عن القاعدة بالتخصيص قيل قد ظهر انّ موضوع الحكم

٤٩٩

قد يكون مفهوم الضرر باعتبار صدقه على فعل خارجىّ وقد يكون عنوانا آخر والثانى على قسمين لانّه امّا فعل يكون الضّرر ذاتيّا له وامّا فعل قد يطرأ الضّرر عليه وفى الاوّلين يكون الضرر مقتضيا لثبوت الحكم مط ولا يصحّ نفى حكمه عنه وامّا الثالث فهو الّذى يمكن نفى الحكم عنه عند طروّ الضّرر وقاعدة نفى الضّرر انّما هو كبرى بالنّسبة إليه فأخذ الضّرر موضوعا للحكم فى القاعدة انّما هو فى القسم الثالث واخذه موضوعا ليس باعتبار نفسه لما عرفت من انّ مقتضى الثبوت لا يمكن ان يكون مقتضيا للنفى بل باعتبار صيرورته عنوانا للفعل الّذى طرأ عليه الضّرر فالمراد من نفى الحكم بنفى الموضوع نفى الحكم التكليفى او الوضعىّ عن الفعل الّذى طرأ عليه الضّرر وليس مفهوم الضّرر بما هو موضوعا اصلا وامّا الافعال الّتى يكون الضّرر ذاتيّا لها كالامثلة المتقدّمة فالمصلحة الملزمة فيها مع كونها ضرريّة مقتضية لثبوت الحكم ولا يمكن ان يكون الضّرر فيها مقتضيا لنفى الحكم فتدبّر وبالجملة الاشكال انّما هو على تقدير كون المعنى نفى الحكم الضّررى اى الحكم الّذى ينشأ منه الضّرر اذ لا فرق ح فى الضّرر المسبّب عن الحكم بين كونه ذاتيّا للموضوع او عرضيّا بل الضّرر الذّاتى لعلّه اولى بالنفى لكون الحكم سببا له دائما فإن قيل انّ الظاهر والمنساق الى الذّهن من ادلّة نفى الضّرر بناء على مختار المصنّف ره فى معناه ايضا كون المنفىّ هو الاحكام الّتى لم يكن تشريعها بعناوينها الاوليّة ضرريّا كالامثلة الّتى ذكرها المصنّف فى المتن من انّ لزوم البيع مع الغبن حكم يلزم منه ضرر على المغبون الخ وامّا الاحكام الّتى كان تشريعها بعناوينها الاوليّة ضرريّا فليست القاعدة ناظرة اليها ولا حاكمة عليها فالمذكورات يكون خروجها تخصّصا لا تخصيصا قيل انّ العلم بتخصيص القاعدة بما ذكر والقطع بخروجه عن مدلولها اوجب ظهورها فى نفى الاحكام الضرريّة الّتى لم تكن بعناوينها الاوليّة كذلك ثمّ إنّه يظهر من المتن امكان الجواب عن الاشكال بوجهين الاوّل استقرار سيرة الفريقين على الاستدلال بالقاعدة فى مقابل العمومات المثبتة للاحكام ويردّه أانّ عمل الاصحاب فى المقام لعلّه لارادتهم معنى من القاعدة لا يلزم منه تخصيص ومع تردّد الامر بين العموم وارادة ذلك المعنى يصير العامّ مجملا واستدلالهم لا يصلح معيّنا هذا مضافا الى انّ الشّهرة العمليّة لا تكون جابرة لضعف الدّلالة فانّ الظّن الحاصل من الخارج لا يوجب ظهورا فى اللّفظ الثّانى انّ الموارد الكثيرة الخارجة عن العامّ انّما خرجت بعنوان واحد جامع لها وان لم نعرفه على وجه التفصيل ويردّه أانّ افراد العامّ اذا كانت انواعا فلا استهجان فى خروج افراد كثيرة بعنوان واحد من تلك الانواع وقاعدة نفى الضّرر ليست كذلك فانّها من العمومات الواردة على الافراد الخارجيّة وهذا فى غاية الوضوح ولا يتفاوت الحال

٥٠٠