تسديد القواعد في حاشية الفرائد

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري

تسديد القواعد في حاشية الفرائد

المؤلف:

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٩

الواقعى على المشتبهين فيحكم بتنجّس ملاقى احدهما لانّه محرز للموضوع تعبّدا وهذا بخلاف ما اذا كان الحكم بالاحتياط من جهة الاحتياط وامّا على القول بعدم سقوط البراءة فى السّابق فيمكن القول بوجوب الاحتياط هنا والعمل بكلّ من الاصلين ويكون المرجع هو الاحتياط المطابق لهما لا يقال اذا صحّ اجراء الاصل فى مقابل العلم الاجمالى لزم صحّة اجراء البراءة ايضا واذا لم يصحّ هذه فلا يصحّ اجراء الاصل الموضوعى لعدم الفرق بين الاصول من حيث اخذ عدم العلم فى موضوعها فإنّه يقال وجه الفرق انّ الكلام ليس فى مطلق الاصل الموضوعى بل فى الاصول الموضوعيّة الّتى تؤكّد الاحتياط فى مقام العمل ويكون العلم الاجمالى غير مضرّ بها ومراعاة العلم والحكم بسقوط تلك الاصول قد تؤدّى الى مخالفة العمل للواقع بخلاف مراعاة الاصول الموضوعيّة فانّ العلم علم بعدم التكليف والاصل محرز له فمخالفة العلم الغير المؤثّر فى ثبوت التكليف اولى من مخالفة الاصل المثبت له وان كان فى الثانى مخالفة للواقع بحسب الفتوى فانّ الغرض الاصلى عند الاشتباه احراز الواقع بحسب الامكان فى مقام العمل وحاصل الفرق يرجع الى التفرقة بين ما يوجب اجراء الاصل مخالفة فتوائيّة فالجواز ومخالفة عمليّة فالعدم وقد مرّ تفصيل الكلام فى ذلك فى صدر الكتاب فحيث أنّ فى الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالى وعدم اصل موضوعىّ يوجب العمل بالبراءة مخالفة عمليّة لا يجوز العمل بالأصل وفيها مع اصل موضوعىّ لا يوجب العمل به الّا المخالفة فى الفتوى جاز فانّ الاصول ح لا اثر لها الّا انّها مشخّصات للعمل فى مرحلة الظاهر نعم اذا كانت الاصول الموضوعيّة نافية للتكليف بحيث يلزم من العمل بها المخالفة العمليّة للعلم الاجمالى فحكمها كاصل البراءة فى عدم الجواز قوله (وربما يقال انّ الظاهر انّ محلّ الكلام) والقائل هو المحقّق التقىّ فى حاشية المعالم فى آخر مسئلة مقدّمة الواجب ووجه النّظر فى كلامه هو انّ الضرورة قضت بحرمة نفس العنوانات فى الانفس والاعراض وامّا المنع عند الاشتباه فليس بضرورىّ مطلقا ومجرّد الاهتمام فيهما لا يصلح ان يكون فارقا.

قوله (التاسع انّ المشتبه باحد المشتبهين حكمه حكمهما) وذلك كما اذا اشتبه احد الثوبين المشتبهين بثوب ثالث فلم يعلم انّ هذا طرف الشبهة او ذاك ومن الواضح تكثّر اطراف الشبهة حينئذ ويجب الاجتناب عن الكلّ ما لم يبلغ حدّ الشبهة الغير المحصورة لجريان المقدّميّة من اجل حصول العلم الاجمالى فى الجميع وبعبارة أخرى العلم الّذى يتوقّف تحصيله على الاجتناب عن المشتبهين يتوقّف حينئذ على ما يتوقّف تحصيل العلم باجتناب احد المشتبهين عليه فيجب الاجتناب عنه مقدّمة وهذا واضح.

قوله (وبالجملة فنقل الاجماع مستفيض وهو كاف فى المسألة) من راجع الى كلماتهم فى المسألة اذا حصل له الاجماع المحقّق فلا اشكال واذا لم يحصل له ذلك فنقل الاجماع مستفيض وهو كاف فى المسألة لانّ الكلام فى الشبهة الموضوعيّة وهى من المسائل الفرعيّة وليست اصوليّة

٤٠١

كما فى الشبهات الحكميّة حتّى يناقش بالمنع عن العمل فيها بالظنّ الخاصّ او المطلق مضافا الى انّ الناقل للاجماع اذا كان هؤلاء الاعلام فالظاهر عدم الرّيب فى حجيّته والقطع بحصوله لدقّة نظرهم وعدم تفريطهم فى نقل الاجماع والشّهيد مثلا ممّن يقطع بانّه لا يدّعى الاجماع فى مسئلة الّا بعد اطّلاعه عليه وليس اجماعاته المنقولة كاجماعات الغنية.

قوله (وثانيا لو سلّمنا شمولها لصورة العلم الاجمالى) اعلم انّ الحقّ فى تعارض ازيد من دليلين هو تقديم الاخصّ من المعارضات ثمّ ملاحظة النّسبة بين الباقى وان اوجب تقديم الاخصّ انقلاب النسبة بين الدليلين الآخرين وتوضيح هذا الامر مذكور فى باب التراجيح اذا عرفت هذا فنقول انّ غرض المصنّف قدس‌سره انّ بعد تسليم شمول اخبار الحلّ لصورة العلم الاجمالى مطلقا كان اللازم هو العمل باخبار وجوب الاجتناب وتقديمها على اخبار الحلّ فى مورد العلم الإجمالي من كلتا الشّبهتين المحصورة وغيرها من دون فرق بين العمل على ما هو الحقّ وهو تقديم الاخصّ من المعارضات ثمّ ملاحظة النّسبة وعدمه امّا على الاوّل فلأنّ الاجماع القائم على عدم وجوب الاجتناب فى الشبهات البدويّة يخصّص اخبار الاجتناب بالشبهتين من العلم الاجمالى وبعد تخصيصها بالاجماع المذكور كانت اخصّ مطلقا من اخبار الحلّ الشاملة بعمومها لموارد العلم ايضا فيتعيّن تخصيص اخبار الحلّ بالشبهات الابتدائيّة وابقاء كلتا الشبهتين تحت اخبار التوقّف ووجوب الاجتناب وامّا على الثانى فلانّ مع قطع النظر عن الاجماع المذكور كانت النسبة بين اخبار الحلّ واخبار التوقّف هو التباين الكلّى والجمع المذكور فى الدّليل لا شاهد له اصلا اذ منتهى الامر هو نصوصيّة اخبار الحلّ فى الشبهة الابتدائيّة واخبار الاجتناب فى الشبهة المحصورة وظهور كلّ منهما فى الغير المحصورة فاخراجها عن احدهما وادخالها فى الآخر ليس جمعا بل كان ترجيحا بلا مرجّح وعبارة المتن لا يخلو عن مناقشة لانّ المذكور بعد الحاصل يخالف قبله فى المبنى لكنّ الامر سهل لوضوح مرامه زيد فى علوّ مقامه.

قوله الّا كون الشبهة غير محصورة) لا يخفى انّ ظاهر ما افاده من انّ المراد من قول الامام عليه‌السلام ما اظنّ كلّهم يسمّون هو عدم وجوب الظّن او القطع بالحليّة هو موافقته لما افاده فى الجواب عن الاستدلال بالفقرة الاولى من الرّواية من كونها مسوقة لبيان حكم ما كان خارجا عن اطراف الشبهة فالمراد في المقام انّ العلم الاجمالى كما لا يكون علّة لطرح الاصل بالنّسبة الى ما لا يكون من اطرافه كذلك لم يكن علّة لوجوب تحصيل الظّن او القطع بالنّسبة إليه واذا كان مراده ذلك كما هو الظاهر كان الاستدراك بانّ سوق المسلمين غير معتبر مع العلم الاجمالى فى غير محلّه ومنافيا لما افاده قبل ذلك ويحتمل ان يكون الامر بالتامّل اشارة الى ذلك ويحتمل ان يكون اشارة الى منع كون الامارات مثل الاصول فى عدم اعتبارها مع العلم الاجمالى بخلافها ومنع عدم اعتبار السوق مع العلم الاجمالى بوجود الحرام فى الشبهة الغير المحصورة فانّ الغالب فى السوق وجود العلم الاجمالى

٤٠٢

بالنّجس والحرام ويحتمل ان يكون اشارة الى انّه ولو سلّمنا كون الامارات كالاصول فى عدم جريانها مع العلم الاجمالى الّا انّه لا ضير فى مثل التّمسك بسوق الاسلام ولو مع العلم الاجمالى وذلك لعدم الابتلاء بتمام اطراف الشبهة دفعة واحدة وقد عرفت فيما سبق انّه لا اثر للعلم الاجمالى اذا لم يكن بعض الأطراف محلّا للابتلاء مع كون الشبهة محصورة فضلا عمّا اذا كانت غير محصورة وح فالمصحّح للرّجوع الى الامارة هو عدم الابتلاء المذكور لا كون الشّبهة غير محصورة ويحتمل ان يكون اشارة الى جواب آخر عن اصل الاستدلال بالرّواية وهو انّه لو سلّمنا ظهورها فى جواز التناول مع العلم الاجمالى فلعلّ المجوّز والمصحّح للتناول المذكور فيها هو ما عرفت من عدم كون جميع الاطراف محلّا للابتلاء دفعة لا كون الشبهة غير محصورة.

قوله (ولم يعتبر العلم بعدم اتيانه فتامّل) لعلّ وجهه انّه لا معنى لجعل المناط شدّة الاحتمال وضعفه اذ لو كان ذلك لفرّقوا فى المحصورة بين كون احتمال التحريم فى بعض المشتبهات مساويا لاحتمال التحريم فى غيره او مختلفا معه فى القوّة والضّعف مع انّ هذا لم يعهد من احد ولو كان الاحتمال فى بعض الاطراف ضعيفا فى الغاية ولو سلّم الفرق فى غير المحصورة فانّما هو فى الضّرر الدنيوىّ كالامثلة المذكورة وامّا الضرر الأخروى فلا نسلّم عدم حكمهم بدفع محتمله الضعيف هذا ويحتمل ان يكون اشارة ايضا الى الجملة الاخيرة من حرمة المخالفة القطعيّة بما سيصرّح به من جوازها على الوجه الخامس ولكنّ هذا الاحتمال خلاف ما سيذكره فى بيان الضابط من انّ التامّل راجع الى اصل الدّليل.

قوله (وامّا الوجه الخامس فالظّاهر دلالته على جواز الارتكاب) ذكر المصنّف من مقتضى وجوه الادلّة المتقدّمة لارتكاب جميع المشتبهات على تقدير تماميّتها الإجماع والاخبار واصالة البراءة مع انّ مقتضى الوجه الأخير ايضا ذلك نعم نفى الحرج ورواية ابى الجارود لا يقتضى ذلك فتفطّن قوله (فصور ارتكاب الكلّ ثلاثة) وذلك لانّه امّا لم يقصد ارتكاب الكلّ من اوّل الامر او قصده مع كون المقصود ارتكابها فى انفسها لا بجعل ارتكابها مقدّمة للحرام او قصد ارتكاب الكلّ مقدّمة لارتكاب الحرام.

قوله (فانّ مادّتى الافتراق من هذا القسم) وتوهّم أنّ الغناء المحرّم اذا تردّد بين مفهومين بينهما عموم من وجه يكون مرجع الشّك فى مادّتى الافتراق الى الاقلّ والاكثر لانّ الاقلّ وهو مادّة الاجتماع متيقّن الحرمة والاكثر وهو مادّتى الافتراق من الشّك فى التكليف مدفوع بانّ هذا يتمّ لو فسّر بعض اهل اللغة الغناء بالصّوت المشتمل على الترجيع والطرب وبعضهم بالمشتمل على الترجيع وثالث بالمشتمل على الطرب ولكن ليس كذلك لانّ المفروض ترديد اهل اللغة بين معنيين فقال بعض بانّه الصّوت المشتمل على الترجيع والأخر بانّه المشتمل على الطرب فليس الشّك فى المقام من دوران الامر بين الاقلّ والاكثر لانّ مضافا الى العلم بحرمة مادّة الاجتماع يعلم ايضا بحرمة احدى مادّتى الافتراق وامّا الاذان الثالث فقيل انّ المراد منه الأذان للعصر بناء على انّ المراد بالاوّل والثانى أذان صلاة الصّبح والظهر او الجمعة او بناء على انّ المراد بالاوّل أذان الظّهر وبالثانى اقامتها اذ قد

٤٠٣

يسمّى الاقامة اذانا وقيل الأذان الثانى للجمعة بناء على انّ المشروع من الاذان للجمعة ما كان قبل صعود الامام المنبر للخطبة او بعد صعوده وجلوسه على المنبر فالاذان الثالث ما لم يكن بين يدى الخطيب وامّا الحديث المروىّ عن امير المؤمنين صلوات الله عليه الضّعيف عند بعض لوجود ابن سنان فى سنده فقد قرء على الوجوه المذكورة فى المتن قال محمّد بن الحسن الصفّار انّه بالجيم اى يجدّد بنائه وقال سعد بن عبد الله انّه بالحاء المهملة من التحديد بمعنى التّسنيم وقال المفيد انّه بالخاء المعجمة بمعنى الشقّ وخدّدت الارض اى شققتها ومنه اصحاب الاخدود وقال احمد بن عبد الله البرقى انّه جدث بالجيم والثاء المثلّثة اى يجعل القبر جدثا دفعة اخرى.

قوله (وليس المثالان الاوّلان من الاقلّ والاكثر كما لا يخفى) فانّ المثالين من المردّد بين امرين متغايرين بالماهيّة تغايرا كلّيا ولا يمكن التوصّل بالاقلّ منهما بعد الاشتغال به الى الاكثر فانّ ماهيّة صلاة الجمعة غير ماهيّة صلاة الظهر والجعل فيهما مختلف ولا يكون صلاة الجمعة على تقدير كون الواجبة هى صلاة الظهر جزء لها ومربوطة بها وكذا القصر والاتمام فانّ الجعل فيهما متعدّد بخلاف الصّلاة ذات السّورة وفاقدتها فانّ على تقدير كون الواجب هو الاكثر لا يكون ذلك بجعل آخر لما بينهما من الارتباط ويمكن التوصّل بالاقلّ الى الاكثر على تقدير العلم بانّ الصّلاة الواجبة هى ذات السورة لانّ الاقلّ والاكثر داخلان فى ماهيّة واحدة ولا فرق فيما ذكرنا بين القول بجزئيّة التسليم وعدم جواز العدول والقول بعدم جزئيّة التسليم وجواز العدول امّا على الاوّل فواضح وامّا على الاخير فلانّ الاقلّ مأخوذ فى القصر بشرط لا وفى التمام بشرط شيء فليسا الّا متباينين نعم لو كان الاقلّ مأخوذا فى التمام على نحو لا بشرط خرجا عن التباين ولكنّه ليس كذلك قطعا وجواز العدول لا ينافى التباين كما فى العدول من الظّهر الى العصر قوله (لانّ مرجع الدوران بينهما فى تلك الشبهة الخ) العلم الاجمالى فى تلك الشبهة ينحلّ الى معلوم الحرمة وهو الاكثر ولو من جهة اشتماله على الحرام ومشكوكها وهو الاقلّ لاحتمال كون المحرّم هو مجموع الاكثر فيجرى فى الاقلّ حكم الشّك فى التّكليف وهذا بخلاف الشبهة الوجوبيّة ودوران الامر بين الاقلّ والاكثر الارتباطيّين فانّ الاقلّ فيها متيقّن الوجوب والشّك فى وجوب الزائد بالوجوب الغيرى فانّ وجوب الاكثر يستلزم وجوب الاقلّ فهو لا محالة متيقّن الوجوب وامّا تحريم الاكثر لا يستلزم تحريم الاقلّ وذلك لما ذكر فى مبحث مقدّمة الواجب انّ وجوب الشّيء يستلزم وجوب مقدّماته واجزائه بخلاف تحريم الشيء فانّه لا يستلزم تحريم مقدّماته واجزائه كحرمة التّصوير فانّ بعض الصورة ليس بحرام والتصوير تمامه حرام الّا المقدّمة السببيّة وقد علم ممّا ذكرنا انّ دوران الحرام بين الاقل والاكثر يكون مثل دوران الوجوب بين الاقلّ والاكثر الاستقلاليّين من حيث الانحلال الى تكليف معلوم وأخر مشكوك لا من قبيل دوران الواجب بين الاقلّ والاكثر الارتباطيّين وغير خفىّ انّ مقصود المصنّف من الاقلّ والاكثر فى المقام وهو اشتباه الواجب بغير الحرام هو الارتباطيّان خاصّة كما

٤٠٤

يعلم من تمثيله بما اذا تردّدت الصّلاة الواجبة بين ذات السّورة وفاقدتها وامّا الاستقلاليّان منهما كالصّلوات الفائتة المردّدة بين الاقلّ والاكثر فداخلان فى الشّك فى التكليف وذكرهما المصنّف فى المسألة الرابعة من الشبهة الوجوبيّة فى الشّك فى التكليف ومقصوده ايضا من دوران الامر بين الاقل والاكثر فى الشبهة التحريميّة من الشّك فى المكلّف به والحكم بانّ مرجع الدوران بينهما الى الشّك فى اصل التكليف هو الارتباطيّان خاصّة فانّ التعليل المذكور فى المتن وهو انّ الاكثر معلوم الحرمة والشّك فى حرمة الاقلّ انّما هو فى الارتباطىّ وامّا الاستقلالى فلا اشكال فى انّ معلوم الحرمة هو الاقلّ وان كان دوران الحرمة بينهما فى الاستقلالىّ ايضا من الشّك فى التكليف فلا تغفل لا يقال انّ فى الشبهة الوجوبيّة المردّدة بين الاقلّ والأكثر الارتباطيّين ايضا بناء على القول بجريان البراءة فى الاكثر يكون مرجع الدوران بينهما الى الشّك فى اصل التكليف فعلى هذا القول لا فرق فى الاقلّ والاكثر من حيث انحلال العلم الاجمالى الى الشّك فى التّكليف بين الشّبهة التحريميّة والوجوبيّة غاية الفرق انّ فى الشّبهة التحريميّة يكون الاكثر معلوم الحرمة والشّك فى حرمة الاقلّ وفى الشبهة الوجوبيّة يكون الاقلّ معلوم الوجوب والشّك فى وجوب الاكثر ومن الواضح انّ هذا لا يصير سببا لجعل الاولى من الشّك فى التّكليف والثّانية من الشّك فى المكلّف به فإنّه يقال مجرى البراءة فى وجوب الاكثر بناء على اجرائها هو مطلق وجوب الاكثر لا خصوص الوجوب النفسىّ كما انّ الاقلّ ح يكون معلوم الوجوب كذلك لا بالوجوب النفسىّ ومجرى البراءة فى حرمة الاقلّ هو التحريم النفسىّ لا مطلق الحرمة لما عرفت من انّ تحريم الاكثر لا يستلزم تحريم الاقلّ فتدبّر.

قوله (لانّ العلم بالوجوب موقوف على الوجوب فكيف يتوقّف الوجوب عليه) ودعوى أنّ العلم بالوجوب يتوقّف على نفس الوجوب والمتوقّف على العلم تنجّز الوجوب لا نفسه مدفوعة بأنّه لا يمكن ان يراد ذلك من نفس الخطابات الواقعيّة ضرورة عدم كون تنجّز الوجوب من مداليلها بل لا بدّ ان يقوم عليه دليل من الخارج وذلك ايضا محال لجهة اخرى غير الدور وهى مخالفته لحكم العقل القطعىّ بانّ العلم الاجمالى علّة تامّة لتنجّز التكليف قوله (وفعل المحرّمات كما هو المشهور) اى عقابه بل الظاهر اتّفاق كلمتهم على ثبوت عقاب الجاهل المقصّر فى الفروع والاصول مسلما كان او كافرا مع انّ الغالب هو حصول الشّك للجاهل المقصّر لا العلم الاجمالى فاذا كان استحقاق العقاب ثابتا له مع الشّك كان ثبوته مع العلم الاجمالى الّذى هو محلّ الكلام اولى قوله (ودعوى انّ مرادهم تكليف الجاهل فى حال الجهل) توضيح الدعوى انّ مراد المشهور انّ تكليف الجاهل تكليف برفع الجهل عنه وتحصيل العلم ثمّ اتيان الواقع نظير تكليف الجنب بالصّلاة حال الجنابة حيث انّه تكليف برفع الجنابة ثمّ الاتيان بالصّلاة وهذا ممّا لا اشكال فى جوازه نعم تكليفه باتيان الواقع فى حال الجهل كتكليف الجنب بالصّلاة فى حال الجنابة غير معقول والمفروض فيما نحن فيه عجزه عن

٤٠٥

تحصيل العلم فلا يقاس بقابليّة الجاهل القادر على تحصيل العلم والجواب ما تقدّم من عدم حكم العقل بعذر الجهل بعد احراز المقتضى قوله (وامّا من الحكم بانّ شمولها للواحد المعيّن المعلوم وجوبه الخ) وهذا غير صحيح أمّا أوّلا فلأنّ المنطوق اذا دلّ على الاذن وشمل الواحد المعيّن المعلوم وجوبه كيف يدلّ المفهوم على خلافه وعدم كونه موضوعا عن العباد مع انّ دلالة المفهوم فرع دلالة المنطوق وامّا ثانيا فلأنّ المنطوق اذا دلّ على ما ذكر فهو رافع لموضوع حكم العقل بوجوب المقدّمة العلميّة فانّ حكمه بوجوب الاحتياط من باب المقدّمة العلميّة انّما هو من حيث لزوم دفع العقاب المحتمل فالموضوع الاوّلى عنده هو العقاب المحتمل واذا قنع الشارع ببعض المحتملات واذن فى ترك البعض فقد ارتفع موضوع حكم العقل ومن ذلك يعلم انحصار الامر فيما ذكره اوّلا من عدم جواز التّمسك بادلة البراءة وعدم جريان اخبارها فى المقام.

قوله (كما فى بعض الروايات وغيرها كما فى بعض آخر) فى المجمع عن علىّ ع قال انّها الجمعة يوم الجمعة والظّهر سائر الايّام والمروىّ عنهم عليهم‌السلام فى الكافى والفقيه وتفسير العيّاشى انّها صلاة الظهر وقيل هى صلاة العصر وروى ذلك ايضا مرفوعا وقيل صلاة الفجر ويدلّ عليه قوله تعالى (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) وعلى اىّ حال فتردّد غير الجمعة ايضا بين عدّة صلوات غير دخيل فى البحث اذ وجوب كلّ من الظهر والعصر وغيرهما من الصّلوات اليوميّة معلوم تفصيلا قوله (لانّ الخطاب هنا تفصيلا متوجّه الى المكلّفين فتامّل) الظّاهر انّه اشارة الى عدم الفرق بين المسألتين فانّ الخطاب المجمل المتوجّه الى المكلّفين فى المقام لا يوجب الّا العلم بوجوب احد الفعلين كالمسألة السّابقة واختلاف سبب العلم لا يؤثّر شيئا فى حكم العقل بوجوب الاحتياط وعدمه فاذا كان العلم الاجمالى بوجوب احد الشيئين كافيا فى حكمه بوجوب الاحتياط حكم به فى المسألتين وان لم يكن كافيا لم يحكم به فيهما ايضا ويحتمل ان يكون اشارة الى انّ الخصم لا يسلّم توجّه الخطاب الى من يكون هذا الخطاب مجملا بالنّسبة اليه فلا علم بالتّكليف ولا اولويّة قوله ولكنّ التامّل فى كلامه يعطى عدم ظهور كلامه الخ) ويمكن ان يقال لا وجه لهذا التّاويل فى كلامه لانّه اذا كان حكم المخاطبين عند كون الخطاب مجملا هو الاحتياط كان حكم غيرهم ايضا فيما يكون مجملا عندهم هو الاحتياط وان كان مبيّنا معلوما عند المخاطبين وطرأ الاجمال بالنّسبة الى غيرهم وذلك لانّ كلّ حكم ثبت لموضوع خاصّ بالنسبة الى المخاطبين فهو ثابت لذاك الموضوع بالنّسبة الى الغائبين والقول بمدخليّة المخاطبة فى هذا الحكم الخاصّ وهو وجوب الاحتياط هدم لما اتّفقوا عليه من الاشتراك فان قلت إنّ مدخليّة المخاطبة فى نظر المحقّق الخوانسارىّ انّما هى من جهة دلالتها على تعلّق التّكليف بالواقع الموجب لسقوط قصد التّعيين فى الاطاعة وهذا المناط غير موجود فى حقّ غير المخاطب فى زعمه وما دلّ على اشتراك التكليف بين الكلّ لا ينافى القول باعتبار قصد التعيين فى

٤٠٦

الاطاعة مط الّا فيما دلّ الدّليل على سقوطه فالالتزام بوجوب الاحتياط على من خوطب بالمجمل وبعدمه على غيره لا ينافى ما ثبت من الاشتراك فى التكليف فى الاحكام الواقعيّة والظاهريّة فيما كان للمخاطبة مدخليّة فى الحكم من حيث ايجابها لدفع اعتبار قصد التعيين فى صحّة العبادة وذلك لاختلاف موضوع الحكم حينئذ فى حقّهم قلت هذا كلّه يصحّ فيما علم بمدخليّة المخاطبة فى الحكم وبمجرّد احتمال المدخليّة لا يجوز رفع اليد عن الاشتراك والّا فلا معنى لثبوته فى حقّ غير المخاطب ومن اين يصحّ لاحد دعوى العلم بمدخليّتها فى الحكم ثمّ على تقدير ان يكون الموضوع لنفى الاستبعاد من وجوب الاحتياط فى كلام شارح الدروس هو خصوص ما اذا علم بتوجّه الخطاب الى المكلّفين وكان مردّدا بين امرين او امور لا ما اذا كان الخطاب مبيّنا وعرض له الاجمال بالنّسبة الى الغائبين فهو موافق فيما هو عنوان البحث فى المسألة الثانية الّا انّه يرى القسم الثّانى من قبيل المسألة الاولى وهو عدم النّص لا من اجمال النّص وهذا نزاع فى الصغرى قوله الّا انّك عرفت انّ المختار فيهما وجوب الاحتياط فافهم) يحتمل ان يكون اشارة الى الدقّة فى كلام شارح الدّروس ويحتمل ان يكون اشارة الى ما ذكرنا من الاشكال ويحتمل ان يكون اشارة الى ما قد يختلج بالبال وهو انّ كلام كلا الفاضلين الخوانسارى والقمىّ ليس صريحا فى المخالفة حتّى فى المسألة السابقة وهو عدم النّص بل يحتمل قريبا موافقتهما للاصحاب فى كلتا المسألتين الّا انّهما يمنعان من العلم بالتّكليف بالنّسبة الى غير المخاطبين فيما كان للخطاب مدخليّة فى ثبوت التكليف وان كان هذا منظورا فيه لما عرفت.

قوله (فالمشهور فيه التخيير لأخبار التخيير) هذه المسألة خارجة عن باب البراءة والاشتغال وتكون من مسائل تعارض الاخبار وباب التعادل والترجيح ويأتيك تفصيل الكلام فيها إن شاء الله الله تعالى وانّما يذكر هنا اجمالا من باب الاستطراد لاجل التعرّض لجميع صور الشّك فى المكلّف به ومن أمثلة هذه المسألة ما لو دلّ خبر على وجوب صلاة الجمعة عينا وخبر آخر على استحبابه وقد شاع التمثيل لها ببعض مسائل القصر والاتمام وبما اذا ورد خبر على وجوب الجمعة دون الظهر وخبر آخر على وجوب الظهر دون الجمعة وعن الاخباريّين وجوب الأخذ بما يوافق الاحتياط منهما تمسّكا ببعض الاخبار العلاجيّة الأمرة به ظاهر أو فيه انّ المفروض عدم موافقة شيء منهما للاحتياط فيما شاع التمثيل به إلّا ان يستظهر من اخبار الاحتياط مطلوبيّته مط عند تصادم الادلّة سواء كان الاحتياط فى الاخذ باحدهما كما فى المثال الاوّل او فى الجمع والاخذ بهما معا كما فى المثالين الاخيرين لكن قد عرفت فيما سبق انّ اخبار الاحتياط لا تقاوم سندا ولا دلالة اخبار التّخيير مضافا إلى انّ عمدة ما يستدلّ به على وجوب الاحتياط فى المقام هى مرفوعة زرارة المرويّة فى غوالى اللئالى وهى مشهورة بالضّعف سندا حتّى انّ صاحب الحدائق الّذى ليس من دأبه المناقشة فى سند الرّوايات قد طعن فى هذه الرّواية ثمّ إنّ هذا فى صورة كون الخبرين

٤٠٧

كليهما حجّة امّا لو كان الحجّة احدهما واشتبه بالآخر كما اذا علمنا بصدق احدهما وكذب الأخر ولم يميّز بينهما فالحقّ فيه هو التوقّف والرجوع الى الاصل المطابق لاحدهما ان كان والّا فالتخيير العقلى.

قوله (كما فى الشبهة المحصورة لعين ما مرّ فيها) وهو وجود المقتضى اى الخطابات الواقعيّة المعلومة وعدم المانع عقلا وشرعا بل وجوب الاحتياط هنا اولى لما فى المتن من انّ المكلّف به مفهوم معيّن طرأ الاشتباه فى مصداقه لبعض العوارض الخارجيّة قوله (ويؤيّد ما ذكرنا ما ورد من وجوب قضاء الخ) وهو المروىّ عن المحاسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام انّه سئل عن رجل انّه نسي صلاة من الصلوات الخمس لا يدرى ايّها هى قال عليه‌السلام يصلّى ثلاثة واربعة وركعتين فان كانت الظهر والعصر والعشاء كان قد صلّى وان كانت المغرب والغداة فقد صلّى والسّر فى كون الرّواية مؤيّدة لا دليلا هو عدم صراحتها فى وجوب تحصيل اليقين بالفراغ من اجل اليقين بالتكليف وظهورها فى كون الحكم تعبّديا والّا لوجب الامر بالاتيان بخمس صلوات كما هو واضح.

قوله (ممّا كان الاشتباه الموضوعى فى شرط من شروط الواجب) المقصود بالبحث هنا هو انّه متى تعلّق الامر باتيان شيء على ان يكون شرطا لشيء آخر فهل يسقط الامر والاشتراط عند عدم العلم التفصيلى بذلك الشّيء وحصول العلم الاجمالى به فيشمل مثل اباحة مكان المصلّى ممّا يعدّونه من الشروط العلميّة فلو علم المصلّى اجمالا بكون احد المكانين غصبا فعلى القول بسقوط الشرط عند الاشتباه يجوز ان يصلّى فى ايّهما شاء وعلى القول بعدم السقوط عند العلم الاجمالى لا يجوز ذلك ويجب الاحتياط وكذا المراد من الشرط فى هذا البحث اعمّ من الشرط الوجودى والعدمىّ فيشمل المانع وبالجملة اشتباه مصداق المكلّف به بغيره قد يكون من حيث الترديد بين ذاتيهما كتردّد الفائتة بين الظهر والعصر وقد يكون من حيث الترديد فى شرط من شروط المكلّف به والقسمان داخلان فى عنوان المسألة الرابعة ويجرى الكلام فيهما على حدّ سواء إلّا انّ فى القسم الثانى قد يقع النزاع من جهة اخرى لا من جهة منع كون العلم الاجمالى مقتضيا للتنجّز ولا لما ينسب الى المحقّق الخوانسارى من كفاية الظّن بالامتثال بدلا عن اليقين بل بعد تسليم وجوب الاحتياط فى الجملة بالنظر الى الجهتين يمكن ان يمنع عنه لخصوصيّة اخرى فى الشرط ليست فى غيرها وهو ما اشرنا اليه من دعوى سقوط الشرط عند العلم به اجمالا والجهل به تفصيلا فى خصوص ما ثبت الوجوب الواقعى للفعل بهذا الشرط والّا لم يكن من الشّك فى المكلّف به للعلم حينئذ بعدم وجوب الصّلاة الى القبلة الواقعيّة المجهولة بالنّسبة الى الجاهل فالنزاع فى المقام فى انّه هل يسقط وجوب الشرط ح كسقوطه عند الجهل به رأسا فى الشروط العلميّة وامّا الكلام في تأسيس الاصل عند اشتباه كون الشّرط من الشروط العلميّة او الواقعيّة بحسب الاصل اللفظىّ او العملىّ فللبحث عنه مقام آخر إذا عرفت محلّ النزاع هنا فالمدّعى لسقوط الشرط المعلوم بالاجمال والمجهول تفصيلا أمّا

٤٠٨

يدّعى انصراف ادلّته الى صورة العلم به تفصيلا فالجواب عنه منع الانصراف وانّ مفروض الكلام ما اذا ثبت الوجوب الواقعى للفعل بهذا الشرط وامّا يدّعى دوران الامر بين اهمال الشرط المجهول تفصيلا واحراز الشرط الأخر وهو وجوب مقارنة العمل لوجهه بحيث يعلم بوجوبه او ندبه والجزم بالنيّة حين ايجاد الفعل او العكس باحراز الشرط المجهول وهو ستر العورة بالثوبين المشتبهين من حيث الطّهارة والنّجاسة واهمال مقارنة العمل لوجهه والاوّل اولى فالجواب أنّه لا دليل على وجوب الجزم بالنيّة سوى الاجماع ومورده هو صورة التمكّن والقدرة على تحصيل العلم التفصيلى بالمأمور به والاتيان به مستجمعا للشرائط مع استلزام الاحتياط للتكرار فانّ الظاهر قيام الاجماع على بطلان عبادة تارك طريقى الاجتهاد والتقليد اذا تمكّن من تحصيل العلم التفصيلى واستلزم احتياطه التكرار فى العمل مضافا الى انّ القائلين باعتبار قصد الوجه التفصيلى قد صرّحوا باعتباره عند التمكّن من احراز الوجه لا فيما لا يتمكّن منه والى التمكّن من قصد التقرّب والوجه والجزم بالنيّة بالواجب الواقعى بان ينوي فى كلّ منهما فعلهما احتياطا لاحراز الواجب الواقعى ولا دليل على بطلان الاحتياط بل اللّازم حينئذ هو سقوط وجوب الجزم واحراز الشّرط المجهول الّذى اوجب العجز عن الجزم بالنيّة والاتيان بصلاتين فى الثّوبين لتحصيل السّتر بالطّاهر المشروط به الصّلاة والسرّ فى تعيين الجزم للسّقوط انّ قصد التقرّب والوجه من متفرّعات الامر نظير الاطاعة والعصيان والثّواب والعقاب والصحّة والفساد فانّ هذه كلّها متاخّرة عن المأمور به مرتبة بمعنى انّ الشارع فى مقام جعل العبادات لاحظ اوّلا ماهيّتها مركّبة من اجزاء وشرائط معتبرة فيها مثل القيام والرّكوع والسّجود والحمد والسّورة والتّشهد وغيرها فى الصّلاة واعتبر فى بعضها الاطلاق وفى بعضها التقييد او الاطلاق فى جمعها او التقييد كذلك بحسب ما ادّى اليه حكمته ومصلحته ثمّ بعد لحاظ تلك الماهيّة مطلقة او مقيّدة انشاء عليها بحكم تكليفى وجوبا او ندبا فمرتبة الطلب متاخّرة عن لحاظ المطلوب واجزائه وشرائطه ولكلّ من الماهيّة والطلب المتعلّق ثمرات ومتفرّعات لا دخل للآخر فيه ومن تبعات الامر المتاخّر عن لحاظ الماهيّة وجوب الاطاعة وحرمة المخالفة بحكم العقل والشرع ارشادا وكذا الحاكم بكيفيّات الاطاعة من النيّة والتقرّب والوجه والجزم بها هو العقل المتاخّر عن لحاظ الماهيّة وتعلّق الطلب بها وكما انّ الحكم الشرعى وطلبه متاخّر عن لحاظ اصل الماهيّة فكذلك ما يكون من لوازمه متاخّر عن لوازمها فالشارع اعتبر اوّلا ماهيّة الصّلاة مركّبة من اجزاء وشرائط منها الستر فيها مطلقا كما هو المفروض وانشاء الطلب بها باعتبار التقييد بالستر مطلقا كذلك وبعد طلب الشارع لها الّتى من شرائطها الستر الواقعى حكم العقل والشرع بوجوب اطاعته وحرمة مخالفته على وجه الاخلاص وقصد الوجه تحصيلا لغرض المولى لانّ معنى الاطاعة الاتيان بالمأمور به على وجه امر به ومن وجوه الامر قصد التقرّب والجزم بالنّية واذا ورد قيد القدرة والتمكّن فلا بدّ ان يكون مقيّدا لهذا الطّلب

٤٠٩

الاخير لانّ المفروض الفراغ عن لحاظ الماهيّة وتعلّق الطلب بها بنحو الاطلاق ولا معنى لتقييد الماهيّة بقيود الطّلب اى بقيد الاطاعة الّتى هى من لوازم الطلب الشّرعى فيبقى الستر الّذى هو من شرائط الماهيّة على وجه الاطلاق على حاله ولا صارف له بوجه وان شئت توضيح ذلك فلاحظ قول الشارع مثلا الماهيّة المكيّفة بكيفيّة من الاطلاق والتقييد اطلبها منك قاصدا للتقرّب والوجه مع الامكان فانّ قيد الامكان لا يصلح ان يكون قيدا الّا للطلب دون متعلّقه هذا إلّا ان يقال انّ المدار فى تقديم احدهما انّما هو على الاهميّة عند الشارع لا على تقدّم اللحاظ وتاخّره وعند ذلك فيمكن دعوى انّ قصد الوجه عند القائل به وقصد التقرّب من مقوّمات الاطاعة فى العبادة فالعمدة فى الجواب ما تقدّم.

قوله (الثانى انّ النيّة فى كلّ من الصّلوات المتعدّدة الخ) قد سبق فى المسألة الاولى من اشتباه الواجب بغير الحرام عند ردّ كلام الفاضل القمىّ انّ للنّية فى مثل الترديد بين الظهر والجمعة طريقان أحدهما أن ينوى لكلّ منهما الوجوب والقربة وثانيهما ما ذكره هنا وافاد هناك بطلان الطريق الاوّل وانّ المتعيّن هو الثانى ويترتّب على هذا انّ على الاوّل لو اتى المكلّف باحدهما ولم يجزم على الاتيان بالآخر ثمّ صادف ما اتى به للواقع يكون مجزيا عنه ويحصل به الامتثال لفرض كونه متعبّدا به بالخصوص فى مرحلة الظاهر وقد صحّ قصد التقرّب به والوجه بالنسبة الى الامر الظاهرى وطابق الواقع بخلافه على الطريق الثانى فلا بدّ ان يكون جازما على الاتيان بالآخر حين اتيانه باحدهما لانّه ما لم يكن بانيا على فعل المجموع من اوّل الامر لم يحصل له التقرّب بالفعل والوجه وهو من حيث ترديده لم يكن قاصدا لامتثال الواجب الواقعى على كلّ تقدير والّا فمع قصد التقرّب والوجه للامر الواقعى المشتبه بين الفردين ولا يعلم بامتثاله الّا باتيان الجميع كيف يترك البعض لا يقال لو كان الجزم بالنيّة شرطا فى العبادة فكيف اتّفقوا على صحّة عبادة من يحتمل توجّه الخطاب اليه فى الشكوك البدويّة واجزاء ما فعله احتمالا عن الواقع بعد الانكشاف وذلك كما فى واجدى المنى فى الثوب المشترك فانّ كلّا منهما متردّد فى الجنابة ومع هذا لو اتى بغسل الجنابة ثمّ ظهر كونه جنبا لم يجب عليه الاعادة الى غير ذلك من الموارد الّتى لا يكون جازما حين الفعل وحكموا بالصّحة فانّه يقال فرق بين المقامين وذلك لانّ قصد التقرّب يختلف اعتباره باختلاف الموارد ففى مورد التمكّن من العلم التفصيلى لا يحصل التقرّب والوجه الّا بالجزم بهما تفصيلا فى خصوص الفعل المامور به لقدرة المكلّف على ذلك وفى مورد العلم الاجمالى لا يحصلان الّا بالجزم بهما بالنّسبة الى الامر الواقعى المردّد بين المشتبهين المتوقّف ذلك على قصد الاتيان بهما لانّه المقدور فى مورد الاحتمال الصرف لا تقرّب عقلا ولا شرعا الّا بالاحتمال لعدم قدرة المكلّف على ازيد من ذلك فقصد التقرّب والوجه يتبعان ثبوت التكليف تفصيلا واجمالا واحتمالا وامّا لو اتى باحدهما جازما على فعل الآخر وانكشف مطابقة ما اتى به للواقع قبل فعل الباقى يكون ما اتى به مجزيا عن الباقى على كلا الوجهين امّا على الاوّل فواضح وامّا على الثانى فلانّه أتى بالمطلوب الواقعى قاصدا

٤١٠

للتقرّب به ونظير ذلك من دخل فى صلاته ثمّ اضطرّ الى مسئلة من المسائل الغير العامّة البلوى ولا يعرف حكمها وتردّد بين امرين احدهما جزء او شرط للصّلاة والأخر مبطل لها ولم يعرف الواجب عن غيره كما اذا شكّ فى وجوب الجهر او الإخفات فانّهم قالوا انّه يبنى على احد المحتملين ويتمّ صلاته ثمّ يستظهر ويستبين فان طابق الواقع فلا اعادة لانّه تقرّب به بقدر وسعه واتى بالمطلوب الواقعى والّا فيعيد وامّا المسائل الّتى يعمّ بها البلوى فلا يعذر فيها الجاهل ويكون بالنسبة اليها مقصّرا بل ربما يشكل بعدم تأتّى قصد القربة منه ولا يصحّ له الدّخول فى الصّلاة مع الشّك فى بعض اجزائها وشرائطها ولعلّه من الجاهل القاصر من اعتقد انّ الدّين وفروعه هو دين ابيه فيسأل عنه ويعمل على طبقه ثمّ فطن بوجوب التقليد فى احكام الله تعالى والسؤال عن اهل العلم وسألهم فوافق ما اخذ من ابيه لانّه كان معذورا فى جهله واتى بالعمل متقرّبا وصادف المطلوب الواقعى وامّا بناء على التّخيير من حيث عدم وجوب الموافقة القطعيّة وكفاية الموافقة الاحتماليّة فلا يلزم الاعادة مع انكشاف مطابقة عمله للواقع لانّ دليله امّا الاجماع فهو دليل شرعىّ مصحّح لقصد القربة او العقل بانضمام الملازمة بينه وبين الشّرع فيثبت بذلك الوجوب التّخييرى الشرعىّ ظاهرا وان كان الوجهان باطلين.

قوله الخامس لو فرض محتملات الواجب غير محصورة الخ) اختصاص الكلام فى المقام وفيما يليه من حصول المانع من الاتيان ببعض المحتملات بالشبهة الغير المحصورة من حيث عدم وجوب الموافقة القطعيّة فيها والّا فبناء على عدم وجوبها فى الشّبهة المحصورة ايضا يجرى النّزاع فيها ايضا ثمّ انّ محلّ الكلام فى وجوب الاتيان بما تيسّر من المحتملات وعدمه انّما هو فيما لم يقم دليل على وجوب الاحتياط فى المشتبهات الميسورة بعد عدم وجوب الاحتياط الكلّى بترك جميع اطراف الشبهة ويشكّ فى انّ الرخصة فى ترك بعض المحتملات هل يقتضى ترك الاحتياط رأسا او ترك الاحتياط الكلّى مع بقاء الامر بالاحتياط بالنّسبة الى البعض الأخر كما هو الحال فى صورة الاضطرار او العسر فانّه لا يعلم من جواز الترك المسبّب عن لزوم العسر فى فعل جميع المحتملات انّ الّذى لا عسر فيه مطلوب بعد سقوط البعض ام لا والّا فلو فرض دليل كوجود العلم الاجمالى فيما تيسّر من المشتبهات ايضا غير العلم الاجمالى السابق وجب الاحتياط فيها بلا اشكال ومن هنا يندفع توهّم انّ على تقدير تماميّة دليل الانسداد وعدم وجوب الاحتياط فى جميع محتملات التكليف من حيث لزومه العسر الشديد وايجابه فى المظنونات لكونها اولى من المشكوكات والموهومات فى الاخذ بالاحتياط فيها فاللّازم جريان هذا النزاع وانّ بعد عدم وجوب الاحتياط الكلّى هل يجب رعاية الاحتياط فى جميع المظنونات ام لا مع انّهم متّفقون على رعاية الاحتياط فى جميعها بعد رفع وجوب الاحتياط فى المشكوكات والموهومات للعسر وجه الدفع انّ اتّفاقهم على ذلك على تقدير تماميّة مقدّمات الانسداد انّما هو لثبوت علم اجمالىّ آخر عندهم على وجود تكاليف فى خصوص المظنونات ولا عسر فى رعاية هذا العلم ووجوب الاحتياط بالعمل بجميع مظنونات التكليف إذا تمهّد هذا فاعلم انّه لا وجه لسقوط الواجب عند تردّد جزء من اجزائه او شرط من شروطه بين امور

٤١١

غير محصورة فيؤتى به مع الشرط بقدر الامكان او بدونه مقارنا لسائر الاجزاء والشرائط المقدرة ولا يجوز المخالفة القطعيّة بترك الواجب رأسا كما سنشير اليه فمن اشتبه عليه الساتر وتردّد بين ثياب غير محصورة فلا جرم يصلّى مع ستر العورة ببعض هذه الثياب الى ان يبلغ حدّ العسر او مع سترها بواحد منها فرارا عن المخالفة القطعيّة او عريانا بترك الشرط رأسا وأمّا إذا كان نفس الواجب مردّدا فوجوب مراعات جميع محتملاته ساقط جزما للعسر والإجماع وغير ذلك ممّا تقدّم فى الشّبهة الغير المحصورة وامّا المخالفة القطعيّة بترك جميع المحتملات فالظاهر عدم الجواز ولو قلنا بجواز ارتكاب الكلّ فى الشبهة التحريميّة وهل يجوز الاقتصار على واحد اذ به يندفع محذور المخالفة ام يجب الاتيان بما تيسّر من المحتملات فيه الوجهان المذكوران فى المتن والاقوى الثانى وو ستعرف وجهه ولو وجد المانع من الاتيان ببعض المحتملات بان اضطرّ مثلا الى ذلك ولم يتمكّن من الاحتياط الكلّى على القول بوجوبه فهل يجب عليه الاحتياط الجزئى باتيان ما يمكنه من البقيّة ام لا وهذا على اقسام ثلاثة لانّ الحاكم بالرّخصة فى الترك امّا العقل او الشّرع وعلى الاوّل فالمرخّص فيه امّا بعض معيّن او غير معيّن مثال الاوّل ما لو لم يتمكّن مثلا من الصّلاة الى واحدة معيّنة من الجهات الاربع بناء على وجوب الصّلاة الى تلك الجهات لاستلزامه التوجّه اليها قتله من قدّامه او خلفه فانّ العقل يرخّص فى ترك الصلاة اليها بل يلزمه عليه لوجوب دفع الضّرر المقطوع ولكونه خلاف المقصود من فعل الصّلاة وهذا مع الاغماض عن موافقة حكم الشّرع له ايضا ومثال الثانى ما لو لم يتمكّن من الصّلاة الى جميع تلك الجهات ويقدر على بعض غير معيّن لانّه لو اتى بجميع المحتملات يقرب منه العدوّ واذا اقتصر على البعض يؤمن منه والعقل يحكم حينئذ بترك البعض مخيّرا ومثال الثالث لا بدّ ان يفرض فيما لم يقم دليل بعد اسقاط الشّارع رعاية الاحتياط الكلّى على ارادة مرتبة معيّنة والّا فيجب الإتيان بتلك المرتبة قطعا وما يفرض له هو اشتباه القبلة بناء على انّ الدليل انّما يدلّ على عدم وجوب ما زادت على اربع صلوات الى الجهات الأربع والاجماع قائم عليه ايضا وليس فى الدليل دلالة على تعيين الاربع والاجماع قائم على وجوب اصل الصّلاة وامّا وجوبها فى ضمن اربع او الاقتصار بما دونها فلا وح فيحتمل كون الواجب بعد عدم وجوب الزائد على الاربع هو الصّلاة الواحدة خروجا عن مخالفة الإجماع ويحتمل كونه الصّلاة الى جهتين او الى ثلاث جهات وتمام الكلام فى الفقه والمشهور بين الاصحاب ومنهم المحقّق فى الشرائع فى الصّور الثلاث على ما يظهر منهم فى مسئلة اشتباه القبلة هو وجوب الاحتياط بما تيسّر ويمكن المناقشة فى ذلك بانّ وجوب الاحتياط عقلا وشرعا انّما هو من باب المقدّمة العلميّة لامتثال ما يلزم امتثاله من التكليف الواقعى المعلوم بالاجمال وهو منتف فى هذه الصّور لاحتمال كون الواجب هو ما اضطرّ الى تركه فلا علم بوجود الواجب بين الباقى ومقتضى القاعدة حينئذ هو الرّجوع الى البراءة وجواز المخالفة القطعيّة بمعنى عدم وجوب الاتيان بما تيسّر من المحتملات إلّا ان يقال انّ الوجه فى فتاويهم من وجوب الاحتياط بقدر الامكان هو انّ مبنى البراءة والاشتغال انّما هو

٤١٢

على بناء العقلاء وبنائهم على مراعاة العلم الاجمالى فى المقام بحسب الامكان وفصّل المصنّف بين القسم الاوّل والثّانى بثبوت بناء العقلاء فى الثانى والاشكال فى القسم الاوّل ولعلّ وجهه انّ المتفاهم عرفا من الرّخصة فى بعض غير معيّن هو جعل الباقى بدلا من المكلّف به الواقعى بخلاف الرّخصة فى بعض معيّن فانّ المتفاهم عندهم ح هو رفع اليد عن الباقى ولا اقلّ من الشّك فى هذه الصّورة وعدم بنائهم على شيء والاصل البراءة وامّا القسم الثالث فيشكل القول بوجوب الاحتياط فيه مضافا الى المناقشة المذكورة بانّ رخصة الشارع فى ترك بعض المقدّمات العلميّة ابتداء لا يجتمع مع ارادته للواقع من المكلّف فرخصته فى ذلك معيّنا او غير معيّن كاشفة عن عدم ارادته للواقع بما هو هو ولا اقلّ من الشّك والاصل البراءة غاية الأمر حرمة المخالفة القطعيّة فيما قام الاجماع عليها فيأتى بواحد من المحتملات الميسورة خروجا عن مخالفة الاجماع الّا انّ الظاهر أيضا ثبوت بناء العقلاء على مراعات الاحتياط فى هذا القسم ايضا ثمّ انّ حيثيّة الكلام فى بناء العقلاء فى المقام هو الفارق بين ما ذهب اليه المصنّف فى المقام من لزوم مراعات الواقع مهما امكن فى القسم الاوّل والاشكال فى الثّانى وما ذهب اليه عند الكلام فى الشّبهة الموضوعيّة التحريميّة فى التّنبيه الخامس من تنبيهات الشّبهة المحصورة من انّ المرخّص فيه ان كان بعضا معيّنا فالظّاهر عدم وجوب الاجتناب عن الباقى ان كان الاضطرار قبل العلم او معه ووجوبه ان كان بعده وان كان بعضا غير معيّن وجب الاجتناب عن الباقى مط فلا تغفل.

قوله (ويمكن ان يقال انّ اصالة عدم الامر) وان شئت قلت انّ الظّهر الّتى تختصّ بالوقت انّما هى الظهر الواقعيّة والوقت المختصّ بها لا يزيد على مقدار اربع ركعات ولا دليل على اختصاصها بما يزيد على ذلك لانّ الدّليل لم يدلّ الّا على اختصاص شيء من اوّل الوقت بالظّهر الواقعيّة بمقدار فعلها فيه والزّائد عليه انّما هو زمان فعل مقدّماتها العلميّة لا الزّمان المختصّ بالظهر الواقعيّة فالزّائد على زمان الظهر الواقعيّة انّما هو ظرف تحصيل العلم بالواجب لا ظرف نفس الواجب فيكفى اتيان العصر مع سبق الظهر عليها فى كلّ من الجهات مع حصول العلم بعد الفراغ بوقوع العصر الواقعيّة عقيب الظّهر الواقعيّة والشّاهد على هذا انّه لو عزم على الصّلاة الى اربع جهات فأتى بظهر وعصر فى اوّل الوقت بانيا على فعل الباقى ثمّ انكشف وقوعهما على جهة القبلة الواقعيّة فيحكمون بصحّة الصّلاتين مع انّه لو كان من الوقت المختصّ بالظّهر فلا وجه للحكم بصحّة صلاة العصر الواقعة عقيبها فى الوقت المختصّ بها لعدم الأمر ولا يتوهّم أنّ الحكم بالصحّة من جهة الامر الظّاهرىّ ومطابقته مع الواجب الواقعى لانّ المفروض على قول الخصم عدم الامر بصلاة العصر ظاهرا وأوضح من ذلك ما لو اخّرهما الى آخر الوقت عصيانا او سهوا واضطرارا بحيث لم يبق الى الغروب الّا مقدار صلاتين فانّه لا ريب حينئذ في انّه يجب عليه الاتيان بظهر وعصر ولا يقول احد بوجوب صلاتين للعصر وترك الظّهر فإن قلت إنّ الاستصحاب يقتضى عدم جواز الدّخول فى العصر الّا بعد الفراغ عن الاتيان بمحتملات الظّهر سواء كانت الشّبهة موضوعيّة كاشتباه

٤١٣

القبلة او حكميّة كتردّد الامر بين القصر والإتمام أمّا الاولى فلانّ اصالة عدم وقوع الظّهر الواقعيّة واصالة شغل الذمّة بها تقتضى عدم جواز الدّخول فى العصر وبطلانها وان طابقت الواقع الّا بعد انقطاع الاصلين بالفراغ عن جميع محتملات الظّهر الواقعيّة وذلك لمخالفة الامر الظّاهرىّ وامّا الثانية فلمكان اصل ثالث زيادة على الاصلين يرجع الى نفى المقتضى وهو استصحاب عدم الامر بالعصر اذا صلّى الظهر قصرا لاحتمال ان يكون الواجب الاتمام فلم يدخل وقت العصر المشترك فكان العصر قصرا بعد الظّهر قصرا واقعا فى الوقت المختصّ بالظّهر فمع عدم الامر بالعصر بمقتضى الاصل يحرم الدّخول فيها وتقع باطلة للزوم مخالفة التّكليف الظّاهرى قلت إمّا فى الشبهة الموضوعيّة فالمقتضى لصحّة العصر موجود على كلّ تقدير بعد صلاة الظّهر ظاهرا قصرا او تماما فاذا صلّى واحدة للظّهر فقد دخل الوقت المشترك وتحقّق الامر ومعه يكفى اتيان العصر على احتمال سبق الظهر عليها بحيث يحصل من انضمام الثّلاثة الّتى يفعلها بعدها اليها القطع بتحقّق العصر الواقعيّة بعد الظّهر الواقعيّة اذ الّذى ينافيه الاستصحاب الاتيان بالعصر الظاهريّة جازما على انّها بعد الظهر الواقعيّة مع عدم الفراغ عن محتملاتها ولذا لا يجوز فعل مجموع محتملات العصر مع عدم الفراغ عن مجموع محتملات الظّهر وامّا الاتيان باحتمال وقوعها بعد الظّهر الواقعيّة فلا ينفيه الاستصحاب وبالجملة مقتضى الاصلين عدم جواز الدّخول فيما يحتمله من العصر على تقدير عدم الامر واقعا كما اذا صلّى العصر الى غير الجهة الّتى صلّى الظّهر امّا ما لا يحتمله الّا على تقدير وجود الامر فلا يقتضى الاصل المنع عنه فانّ الاحتمال الّذى يصحّح الظّهر هو بعينه الاحتمال الّذى يصحّح العصر فيفعلهما على الاحتمال الى ان يحصل الفراغ عن جميع المحتملات وامّا فى الشبهة الحكميّة فيجاب عن الاصل المذكور فيها مضافا إلى عدم جريان الاشكال بعدم دخول الوقت المشترك فى جميع الصّور واختصاصه بما كان العصر قصرا بعد الظّهر كذلك بما ذكر فى الاصلين الأوّلين ضرورة انّه ينافى الإتيان بالعصر على انّه عصى يقينا وامّا الإتيان باحتمال كونه عصرا فلا ينافى الاصل مع فرض حصول الشرط وهو الترتّب على الظهر الواقعيّة على تقدير المطابقة ومع حصول القطع بعد الفراغ عن جميع المحتملات بتحقّق ظهر وعصر واقعيّين والاحتمال اذا تادّى الى القطع فهو فى حكمه عند العقلاء فى طريق الاطاعة والعصيان ولو لا كفاية الاحتمال لما صحّ الإتيان بمحتمل الظّهر ايضا وبالجملة مرجع الاصل الى المنع عن الدّخول فى العصر من حيث عدم حصول الترتيب بين الظهر والعصر والمفروض حصوله قطعا على تقدير الأمر فإن قلت إنّ الاتيان بالمحتملين فى كلّ من الظهر والعصر ليس الّا من حيث الاحتياط ومن باب المقدّمة العلميّة ومع عدم الفراغ عن جميع محتملات الظّهر لا يحصل له العلم بالامر بالعصر ولا بدّ فى الصحّة من العلم بالامر تفصيلا او اجمالا وكما انّه لا يصحّ الدّخول فى الصّلاة مع احتمال دخول الوقت فكذلك فى المقام قلت ما ذكره الاصحاب من اختلاف الوقت

٤١٤

المختصّ باختلاف حالات المكلّف كالحضر والسّفر والمرض والصحّة وحصول الشّرائط وعدمه غير جار فى اختلاف الحالات الموجبة لاختلاف المكلّف به فى مرحلة الظّاهر وقد عرفت انّه اذا صلّى الظّهر قصرا فقد دخل وقت العصر قصرا وهكذا الامر فيما اذا صلّى الظهر الى بعض الجهات او فى احد الثّوبين فانّه يجوز له صلاة العصر الى تلك الجهة او فى ذلك الثّوب فالقياس على الدّخول فى الصّلاة مع احتمال دخول الوقت مع الفارق.

قوله (ولا يتكلّم فيها من حيث الاطاعة الخ) وهذا بخلاف المقام فانّ الامر فيه مولوىّ ويتكلّم فيه من حيث الاطاعة والمعصية والحاكم فيهما بالتحقّق وعدمه هو العقل فانّ الاطاعة غير ذات الواجب الواقعى وقد يحكم بتحقّق الاطاعة مع عدم القطع بحصول الواجب الواقعى ونحن نرى فى المقام استقلال العقل بكفاية فعل الاقل وحكمه بتحقّق الاطاعة وقبح العقاب على تقدير كون الواجب هو الاكثر لكن للكلام تتمّة قوله (كما اذا امر بمعجون وعلم انّ المقصود منه الخ) ومثاله فى الشرعيّات ما قيل فى الطّهور من انّه الاثر الشرعىّ الحاصل من الوضوء والغسل والتيمّم وهو النّظافة المعنويّة الموجبة لاباحة الصّلاة وهو المامور به وامّا الوضوء والغسل والتيمّم فهى اسباب ومحصّلات قوله (او مذهب بعض العدليّة المكتفين بوجود المصلحة فى الأمر) كالمحقّق جمال الدّين الخوانسارى والسّيد صدر الدّين وصاحب الفصول حيث ذهبوا الى كفاية المصلحة فى نفس التّكليف والامر والطّلب نظير التّكاليف الغير المطّردة العلّة الّتى يعبّر عنها بالحكمة كتشريع العدّة وغسل الجمعة وكراهة الصّلاة فى الحمام وغير ذلك قوله (وثانيا انّ نفس الفعل من حيث هو ليس لطفا) فيه أوّلا عدم جريان هذا الكلام فى التوصّليات مع انّ الكلام فيما يعمّه وثانيا أنّ اعتبار قصد الوجه فى العبادات خلاف التحقيق وثالثا أنّ القائلين به انّما يقولون باعتباره عند التمكّن من تحصيل الوجه ولو ظنّا وامّا فى مقام الاحتياط خصوصا عند قيام الدّليل عليه فلم ينكر احد حسنه من جهة الاخلال بقصد الوجه تفصيلا وما أفاده رحمه‌الله ليس إلّا اشكالا فى الاحتياط فى العبادة وانّ المنع عن الاحتياط بالاتيان بالاكثر من اجل عدم التمكّن من الاحتياط فيه والّا لو كان متمكّنا لاستقلّ العقل بالاحتياط ورابعا أنّ قصد الوجه إمّا أن يكون بمعنى الغاية والداعى الى العبادة فهو ممكن فيما لو أتى بالاكثر لوجوب الصّلاة عليه فاذا كان المأتيّ به من مشخّصات الطّبيعة المأمور بها ومن مصاديقها بحيث تنطبق عليه فقد أتى بما هو مصداق المتعلّق الامر بداعى امره وكذلك اذا كان المأتيّ به من مشخّصات الفرد لهذه الطّبيعة فانّ الخصوصيّة الزائدة غير ضائرة بالمامور به حسب الفرض والغاية انّه أتى بالمأمور به مع هذا الشّيء الزائد وكذلك اذا كان الزائد من مقارنات وجود هذا الفرد وامّا ان يكون قصد الوجه بمعنى الوصف فهو ايضا ممكن بالنسبة الى الاكثر فيقصد الصّلاة الواجبة عليه فى ضمن الأكثر وامّا ان يكون قصد الوجه بمعنى قصد الوجوب النّفسى او الغيرى

٤١٥

فهو غير معتبر قطعا فانّ الوجوب الغيرى انّما يتعلّق بالقراءة والرّكوع والسّجود بما هى اجزاء لا بالقراءة الواجبة بالغير والّا لزم الدّور وما يتراءى من اجراء قصد الوجه بالنسبة الى الاجزاء تبعا انّما هو لكون الصّلاة عين هذه الأجزاء وبالجملة قصد الوجه على القول باعتباره وصفا او غاية ممكن بالنّسبة الى الاكثر والغاية انّه لا يتمكّن من التمييز حينئذ وهو غير ضائر مع عدم التمكّن منه وما نقل عن العلّامة ره من اعتباره التمييز فى مقام الإطاعة فليس منقولا عنه بنحو الفتوى بل المحكىّ انّه فى مقام العمل كان يفكّر مدّة لاجل التّمييز ومن المعلوم انّ على فرض اعتباره فهو مع التمكّن ومع عدمه لا يعتبر قطعا وخامسا أنّ قصد الوجه النّفسى بالمعنى الّذى يعتبروه وصفا او غاية لا يتأتّى بالنّسبة الى الاقلّ لانّه لا يجوز له ان يقصد بالاقلّ الصّلاة الواجبة عليه او يأتى به لوجوبه عليه فانّه لم يحرز كونه مأمورا به على كلّ تقدير لاحتمال ان يكون الواجب هو الاكثر ومع عدم كونه فعليّا كيف يجب مقدّماته وكيف يصحّ العقوبة على مخالفة تلك المقدّمات وهذا بخلاف الاتيان بالاكثر حيث انّه لا يحصل اخلال بقصد الوجه النّفسى بكلا معنييه فانّه يأتى بالصّلاة المشتملة على السّورة بداعى امرها او يقصد الصّلاة الواجبة عليه مع هذا الجزء المشكوك نعم في صورة الاتيان بالاكثر يحصل الاخلال بالتمييز وهو غير معتبر حينئذ قطعا فانّ بناء الاصحاب قديما وحديثا على الاحتياط فى العبادات حتّى فى حال التمكّن من العلم والمعرفة بالاجزاء تفصيلا فيكشف ذلك عن عدم اعتباره جزما فالأولى فى الجواب ان يقال أوّلا انّه ليس المراد من ابتناء الاحكام على مصالح فى المأمور به وانّ الواجبات الشرعيّة الطاف فى الواجبات العقليّة هو كونها مأمورا به بها فى الحقيقة وهى الواجبة بالذّات بحيث يكون الامر بفعل الواجب امرا غيريّا مقدّميا بل المراد انّ تلك المصالح علّة وحكمة فى ايجاب الشارع وانّ بملاحظتها كان تشريع الاحكام فهى ممّا لاحظها الشّارع فى فعله فالواجب الشرعى هو نفس الفعل ومن الواضح انّ ما يحكم به العقل فى مقام الاطاعة ليس الّا التخلّص من تبعة العقاب لما هو عنوان الوجوب فيما جعله الشّارع واجبا وامّا كونها غرضا من تشريع الواجبات السمعيّة وان لم تكن واجبة بالذات فكذلك ليس على نحو يجب تحصيلها والّا كان اللازم وجوب الاحتياط حتّى فى الشّك البدوىّ مع انّ الاحتياط ايضا لا يلازم العلم بحصول الغرض ولا يعلم به الّا علّام الغيوب وان شئت قلت انّ الاوامر الشرعيّة بعضها ارشاديّة كاوامر الطاعة والتوبة وما دون ذلك ليس الّا مولويّا وان كان فيه جهة ارشاديّة الى حصول الغرض والمصلحة الّا انّه ليس بحيث يكون هو المكلّف به والّا لزم الحرج الشديد والعسر الأكيد فالواجب في حكم العقل ليس الّا تحصيل البراءة عمّا اوجبه الشارع ولا يرى العقل فى المقام الّا لزوم صدق الاطاعة ولا ريب بناء على تماميّة البراءة العقليّة فى المقام فى حكمه بصدقها على تقدير الاتيان بالاقلّ وقبح العقاب على تقدير وجوب الأكثر ولا وجه لتنظير اوامر الشّرع باوامر الطّبيب

٤١٦

لوضوح انّ امره بالدواء المركّب من اجزاء ليس الّا ارشاديّا صرفا ولا مدخليّة فيه لحكم العقل من حيث الثّواب والعقاب والاطاعة والمعصية وثانيا لو سلّمنا كون تلك المصالح من قبيل العنوان او الغرض الّذى يجب تحصيله فمن الواضح انّه لا يوجب الاحتياط فى مورد الشّك لانّ الفعل ح يكون محصّلا شرعيّا واللّازم على الشارع بيانه ومع الشّك فى وجوب الزائد يكون المرجع البراءة ثمّ انّه لا ينقضى تعجّبى من صاحب كفاية الاصول حيث ذهب الى انّه لا بدّ فى مقام الاطاعة عقلا من احراز موافقة المأتيّ به للغرض الداعى الى الامر قوله (امّا الاوّل فلانّ عدم جواز المخالفة القطعيّة الخ) فالاصل فى المقام لا يجرى فى احد طرفى العلم وهو الاقلّ المتيقّن الوجوب وامّا فى الاكثر فلا مانع من جريانه وفى المتباينين لا يجرى فى كلّ منهما لما تقدّم من المصنّف وحاصله انّ جريانه فى احدهما ترجيح بلا مرجّح وفيهما معا مستلزم لجواز المخالفة القطعيّة قوله (لا يجدى بعد فرض كون وجود المتيقّن الخ) فانّ نفس التكليف المردّد المعلوم لا يقتضى وجوب الاكثر قبل الاتيان بالاقلّ فكيف يقتضى استصحاب الوجوب المردّد وجوب الاكثر بعد الاتيان بالاقلّ وذلك لانّ الغرض من الاستصحاب هو ترتيب الاثر المترتّب على الوجود اليقينى للمستصحب على وجوده التنزيلى فى حال الشّك وقد عرفت انّ التكليف المردّد فى حال وجوده اليقينى ما كان يقتضى وجوب الاتيان بالأكثر ولا ينافى هذا مع القول بانّ بناء على الاصل المثبت يمكن الاستدلال بالاستصحاب المذكور لاثبات كون الواجب هو الاكثر وذلك لانّ بناء عليه يكون ما ذكر من الآثار العقليّة لبقاء المستصحب اعنى الوجوب المردّد واللّوازم العقليّة لوجوده فى اللّاحق بعد الاتيان بالاقلّ وان لم يكن من آثاره مطلقا حتّى لوجوده فى السّابق ولا يلزم فى باب الاستصحاب ترتيب ما كان مترتّبا على المستصحب مطلقا بل يكفى فيه ترتيب ما يترتّب على وجود المستصحب وان كان من آثاره فى الزّمان اللّاحق قوله (لكن يمكن ان يقال انّا نفينا فى الزّمان السّابق الخ) هذا وجه آخر لمنع جريان استصحاب الاشتغال لاثبات كون الواجب هو الاكثر وهذا الوجه يمنع من جريانه ولو بناء على الاصل المثبت واختيار انّ استصحاب الوجوب المردّد على تقدير جريانه يثبت كون الواجب هو الاكثر وبيانه انّ قبل الاتيان بالاقلّ ووصول النّوبة الى الاستصحاب كان مقتضى البراءة هو نفى وجوب الاكثر وباجرائها يتعيّن التكليف ظاهرا ويرتفع الشّك فى وجوب الاكثر بمقتضى حكم الشارع بالبراءة فكيف يجرى الاستصحاب بعد الاتيان بالاقلّ وهذا معنى حكومة البراءة على الاستصحاب فى المقام وليس الغرض من البراءة هو اثبات كون الواجب هو الاقلّ حتّى يكون من المثبت بل الغرض نفى وجوب الاكثر ومنعه عن جريان الاستصحاب المذكور مضافا الى انّ الكلام على تقدير القول المثبت قوله (وامّا الثّالث ففيه انّ مقتضى الاشتراك الخ) لانّ دليل الاشتراك انّما يجرى فيما ثبت اتّحاد صنف الغائبين مع الحاضرين والسّر فى ذلك انّ دليل الاشتراك هو الاجماع ولا اجماع عليه الّا فيما اتّحد الصّنف فدليل الاشتراك

٤١٧

انّما يثبت الكبرى وامّا الصغرى فهى مختلفة بحسب اختلاف المكلّفين ولم يعلم انّ تكليف الحاضرين فى مورد دوران الامر بين الاقلّ والاكثر هو الاحتياط حتّى يكلّف الغائبون به لعدم قيام دليل عليه من العقل والنقل بل مقتضاهما فى حقّهم ايضا عدم تكليفهم به فالتمسّك بالكبرى مع الشّك فى الصّغرى لا معنى له قوله (نعم لو ثبت انّ ذلك اعنى تيقّن احد طرفى المعلوم بالإجمال تفصيلا) بعد ما بيّن سابقا جريان البراءة العقليّة فى المقام جازما به اظهر قدس‌سره هنا الترديد فيه وان اردت ان تعرف الوجه فى ذلك فاستمع لما يتلى عليك على وجه الاختصار فنقول انّهم اختلفوا فى وجه المصير الى الاحتياط فى المتباينين وعدم جريان البراءة فيهما فذهب بعضهم الى انّه لاجل تعارض الأصلين وتساقطهما وبعضهم الى انّه لاجل حصول الغاية الرافعة لموضوع البراءة فانّ العلم الاجمالى بالتّكليف فيهما منجّز للتّكليف بالمعلوم اجمالا ورافع لموضوع البراءة لانّ العلم المذكور بيان للتّكليف الواقعى المردّد بين المتباينين فان قلنا بالأوّل فلا اشكال فى جريان البراءة فى المقام وهو الاقلّ والاكثر الارتباطيّان لما عرفت من انّ الرّجوع الى البراءة بالنّسبة الى الاكثر لم يعارض بالرّجوع اليها بالنّسبة الى الاقلّ وان قلنا بالثّانى فمع تسليم تعميم البيان الماخوذ عدمه فى موضوع حكم العقل بالبراءة لما يشمل العلم الاجمالى كما هو الحقّ بلا ريب فيه وهو المبنى فى الحكم بوجوب الاحتياط فى المتباينين وجميع موارد وجوب الاحتياط نقول هل يكون العلم الاجمالى بالخطاب بيانا وغاية رافعة لموضوع البراءة على وجه الاطلاق ام فى الجملة يمكن ان يقال انّ المسلّم من كونه بيانا انّما هو فى الجملة ويوضح ذلك ما ذكر فى الكتاب فى الأمر الثالث من تنبيهات الشّبهة المحصورة فانّ من ذلك يستأنس انّ العلم الاجمالى لا يكون بيانا مطلقا فكما انّ من شرائطه كونه بيانا تنجّز التّكليف بالمعلوم على كلّ تقدير فكذلك يكون من شرائطه عدم انحلال المعلوم بالاجمال الى معلوم تفصيلىّ ومشكوك بالشكّ البدوىّ ولذلك كان الحكم هو البراءة فى الاقلّ والاكثر الاستقلاليّين وفى المقام ايضا ينحلّ العلم الاجمالى الى علم تفصيلىّ وهو وجوب الاقلّ وشكّ بدوىّ وهو وجوب الاكثر ودوران وجوب الاقلّ بين كونه نفسيّا او غيريّا لا عبرة به بعد الانحلال والعلم بكونه واجبا مطلقا ولا يكون الدّوران المذكور مع وجود الجامع واليقين به فى الاقلّ فارقا بين المقام والاستقلاليّين فانّ التّحريك العقلى تابع للعلم بالوجوب من غير ان يكون للخصوصيّات مدخل فيه والحاصل انّ حكم العقل باستحقاق العقاب وعدمه لا يكون تابعا لوجود العلم مط باىّ وجه كان فقد يكون علم بعدم التّكليف ويحكم بثبوت العقاب على مخالفة الواقع لو اتّفقت ولذا كان المحقّق هو ثبوت العقاب للجاهل المقصّر على مخالفة الواقع مع علمه بعدم التّكليف فضلا عن شكّه فيه خلافا لمن ذهب الى انّ عقابه لاجل ترك تحصيل العلم عند الالتفات وقد يكون شكّ بالتّكليف ويحكم بثبوت العقاب

٤١٨

كذلك ولذا لا يجوز الرّجوع الى البراءة قبل الفحص وان كان من الشّك فى التّكليف والشّبهة الحكميّة وقد يكون علم ولا يلتفت اليه ويكون فى حكم العقل وجوده كعدمه فالعلم الاجمالى المؤثّر لا يلازم عدم جواز الرّجوع الى البراءة ولكن لا يخفى عليك انّ الانصاف عدم جريان البراءة العقليّة وذلك لعدم صحّة الانحلال المدّعى وبيان ذلك يتوقّف على رسم امرين الاوّل انّ وجوب المقدّمة يتبع وجوب ذيها فى الفعليّة فانّ الوجوب يترشّح من ذى المقدّمة الى المقدّمة فما لم يكن ذوها بواجب على نحو يبعث اليه فعلا لم يكن معنى لوجوبها فعلا فانّه لا يعقل ان يكون الفرع زائدا على الأصل بل لو لم نقل بالوجوب الغيرى فى المقدّمة وقلنا بوجوب الإتيان بالمقدّمة من باب الإلزام العقلى لما كان معنى لوجوبها فعلا من دون وجوب ذيها لعين ما عرفت فوجوبها الفعلىّ سواء كان بالالزام الشرعى المولوىّ او بالإلزام العقلى الإرشاديّ يتبع وجوب ذيها كذلك فاذا كان ذوها واجبا فعليّا فهى ايضا كذلك بحكم العقل او الشّرع والّا فلا الثّانى انّ الوجوب الفعلىّ بالنّسبة الى الاقلّ لا يكون الّا بعد كون الاكثر واجبا فعليّا لانّ النّتيجة تابعة للأخصّ من المقدّمات والسّر فى ذلك انّ العلم بوجوب الاقلّ نفسيّا كان او غيريّا يتوقّف على فعليّة التّكليف المعلوم بالإجمال على تقديرى كونه الاقلّ ام الأكثر ففعليّة وجوب الاقلّ يتوقّف على كون الاكثر واجبا فعليّا ووجهه ما عرفت من انّ وجوب المقدّمة فرع وجوب ذيها ووجوب الاقلّ على تقدير كونه غيريّا يتوقّف على وجوب الاكثر اذ ليس هنا الّا علم بوجوب واحد فوجوب الاقلّ مردّدا بين النّفسى والغيرىّ يتوقّف على فعليّة التّكليف المعلوم بالاجمال مطلقا لانّ على تقدير وجوبه الغيرىّ لا يكون وجوبا للاقلّ الّا اذا كان الاكثر واجبا فلا بدّ من الالتزام بوجوب الاكثر لانّ ذلك هو مقتضى فعليّة التّكليف مط وتأثير العلم الإجمالي المنجّز لا يقال انّ الاقلّ لا يكون مقدّمة لشيء وانّما هو واجب بالعرض من جهة الامر بالكلّ فالأمر فيه دائر بين الوجوب النفسىّ والعرضىّ وعلى كلّ تقدير يكون واجبا فعليّا والاكثر مشكوكا فيجرى فيه البراءة العقليّة دونه فإنّه يقال نساعد الخصم ولا نبالى بتغيير الاسم ونسلّم كون وجوب الاقلّ بالعرض لا من باب المقدّمة لكن نقول انّ اللّازم وجوب الاحتياط بالاتيان بالاكثر على جميع التّقادير سواء كان وجوب الاقلّ عرضيّا او غيريّا ارشاديّا او مولويّا اذ لا يعقل اتّصاف الاقلّ بالوجوب الفعلىّ بحيث يلزم العقل الاتيان به ما لم يكن الكلّ واجبا كذلك وما لم يكن الحكم فى الاكثر فعليّا منجّزا يصحّ المؤاخذة عليه من المولى لم يكن معنى لكون الاقلّ واجبا بالوجوب العرضىّ او الغيرىّ وعلى القول بترتّب العقوبة على مخالفة الواجب الغيرىّ والتّبعى كان ترتّبها ايضا موقوفا على فعليّة هذا الواجب وقد عرفت انّ فعليّة الاقلّ يتوقّف على تنجّز التّكليف المعلوم بالاجمال لاجل احتمال كون وجوبه من حيث مقدّميّته للاكثر ومع تنجّزه لا يعقل عدم كون العلم الاجمالى مؤثّرا ومع ذلك كيف يكون العقاب بالنّسبة الى الاقلّ معلوما دون الأكثر واذا كان الحكم بالنّسبة الى الأكثر

٤١٩

فعليّا منجّزا كان الانحلال خلفا فانّك بنيت على تنجّز التّكليف المعلوم بالاجمال ولو كان متعلّقا بالاكثر فكيف يصير الأكثر مشكوكا بالشكّ البدويّ هذا مع انّ وجود الانحلال مستلزم لعدمه فانّ العلم التّفصيلى بالالزام الاقلّ مط مستلزم لعدم تنجّز التّكليف الواقعى مطلقا ولو كان متعلّقا بالاكثر وعدم تنجّز التّكليف كذلك مستلزم لعدم لزوم الاقلّ الّا على تقدير كون الأمر متعلّقا به لا بما يشمله وعدم لزوم على بعض التّقادير وهو ما لو كان الامر متعلّقا بما يشمله ولزومه على التّقدير الأخر مستلزم لعدم انحلاله فانّ وجوبه حينئذ لا يكون منجّزا فعليّا بحيث يجب الخروج عن عهدته على كلّ تقدير كى يكون الأخر مشكوكا بالشكّ البدوى بل التّكليف الفعلىّ بعد بينهما والعلم الاجمالىّ به على حاله من دون انحلال وما يلزم من وجوده عدمه محال فالانحلال محال نعم يمكن القول بالانحلال بالنّسبة الى الاقلّ اذا كان الاقلّ ذا مصلحة ملزمة على كلّ تقدير بحيث يكون فيه ما هو ملاك الطّلب الّا انّه نشكّ فى استقلال تلك المصلحة لتعلّق الطّلب بالاقلّ وفى كونها جزء للمصلحة الملزمة الثّابتة فى الاكثر من حيث انّ الشّيء الواحد غير قابل لان يتعلّق به طلبان والّا لو سئل عن المولى عن مطلوبيّته مستقلّا صرّح بها كما يكون الامر كذلك فى كثير من شرائط الصّلاة كالجهر والإخفات والقصر والاتمام فانّ فى هذا الفرض يمكن ان يقال بانحلال العلم الإجماليّ بالطّلب الفعلى المردّد بينهما الى علم تفصيلىّ بما هو ملاك الطّلب بحيث يستقلّ العقل بلزوم موافقته وحسن المؤاخذة على مخالفته والى شكّ بدوىّ بما يشمله ويكون ذا مصلحة اقوى ومرتبة شديدة من الطّلب ولكنّه خلاف المفروض فى دوران الامر بين الأقلّ والأكثر فانّه على تقدير وجوب الاقلّ بالوجوب النّفسى يكون ذا مصلحة وعلى التّقدير الأخر يكون غير ذات مصلحة وحاصل الكلام انّ جريان البراءة فى الاستقلاليّين لما نرى من الانحلال حقيقة الى واجبين احدهما معلوم والأخر مشكوك وامّا فى المقام فلمّا كان الواجب واحدا حقيقة كان الانحلال موجبا للزوم الخلف وهو محال ويوضح ذلك انّ الواجب لو كان منحلّا لكان اللّازم ارتفاع الشّك فى وجوب الأكثر للعلم بانّ هناك ليس الّا وجوب واحد.

قوله (وكان بعض مشايخنا قدّس الله نفسه) هو شريف العلماء ره قوله (لانّ ترك الجزء عين ترك الكلّ فافهم) لمّا افاد قدّس الله تعالى نفسه فى ردّ دعوى ظهور اخبار البراءة فى نفى الوجوب النّفسى المشكوك وتصحيح التّمسك بها فى نفى وجوب الجزء المشكوك وان كان وجوبه غيريّا بعدم الفرق بين الوجوبين فى نفى ما يترتّب عليه من استحقاق العقاب أراد بيان وجه آخر لصحّة التّمسك بها لنفى وجوب الجزء لو سلّم ظهور اخبار البراءة فى نفى خصوص الوجوب النفسىّ المشكوك وهو ثبوت الفرق الواضح بين وجوب الجزء لتحصيل الكلّ ووجوب ما كان مقدّمة خارجيّة على كلّ من تقديرى الوجود والعدم فإنّ الجزء إمّا من حيث الوجود فيمكن ان يلحظ من حيث ذاته وتوقّف وجود

٤٢٠