تسديد القواعد في حاشية الفرائد

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري

تسديد القواعد في حاشية الفرائد

المؤلف:

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٩

فى الاستهجان بين تخصيص واحد جامع لافراد كثيرة وتخصيصات عديدة لافراد كثيرة نعم اذا كان افراد العامّ الافرادى بعد التّخصيص كثيرة فى نفسها وان كان الخارج اكثر يمكن ان يقال انّ التخصيص بعنوان واحد لا استهجان فيه ودعوى كون عموم القاعدة من هذا القبيل ليست بعيدة قوله (وبالجملة فالضّرر عندهم فى بعض الاحكام حكمة) افتى الاصحاب على طبقه فى باب المعاملات كما فى الخيارات من الغبن والعيب وفى الشّفعة وغيرهما من مسائل المعاملات فانّهم لا يلاحظون فيها الحالات والاشخاص وفى بعض المقامات يعتبرون اطّرادها وذلك فى العبادات كما فى الصّوم وفى شراء ماء الوضوء بثمن غال حيث يفصّلون بين ما اضرّ ذلك الشّراء بحال المكلّف فلا يجب وما لا يضرّ بحاله فيجب مع انّ ظاهر الرّواية اعتبار الضّرر الشّخصى إلّا أن يستظهر منها نفى الحكم الموجب للضّرر الشخصىّ غالبا لا دائما اى الحكم اذا كان موجبا للضّرر بحسب الغالب فهو منفىّ رأسا ويمكن ان يقال انّ مفاد الرّواية هو الضّرر الشخصى بلحاظ متعلّقه فان كان متعلّقه النّفس كان المدار على شخص المكلّف وتضرّر الغير بالوضوء او بثمنه لا مدخل له بالمكلّف وان كان مالا كان المدار على ما يعدّه العرف ضررا فى المال مع قطع النّظر عن حال الشخص وبالجملة المسلّم من الرّواية هو كون المناط ترتّب الضّرر فى النّفس او فى المال او فى غيرهما بحسب ما يراه العرف ضررا فيها وهذا هو المراد عندهم من الضّرر الشخصىّ وليس المناط على تضرّر شخص المكلّف فعلا قوله (الّا ان يقال انّ الضّرر اوجب وقوع العقد الخ) فانّ ذا الخيار وان كان ضرره نوعيّا وضرر صاحبه شخصيّا الّا انّ اجراء القاعدة بالنّسبة الى الاوّل اوجب الخيار ووجه الأمر بالتأمّل انّه لو كان الضّرر موجبا لنفى الحكم فكما يكون لزوم العقد موجبا لتضرّر المشترى مثلا يكون الحكم بجواز العقد ايضا ضررا على الآخر لا يقال انّ الضّرر الاوّل اولى بالمراعاة لانّ الضّرر الثانى مرتّب على جريان القاعدة فى الضّرر الاوّل فلا تشمله القاعدة فإنّه يقال ليس الغرض نفى الضّرر الثانى بحسب الدّلالة اللفظيّة بل الغرض الاشكال بشمول القاعدة للضّرر الثانى بتنقيح المناط او كون القضيّة اللفظيّة طبيعيّة فتامّل ويحتمل ان يكون اشارة الى منع ما ذكره بانّ الظاهر انّ حدوث الخيار انّما هو بعد العلم بسببه لا من حين العقد قوله ثمّ انّه قد يتعارض الضّرر ان بالنّسبة الى شخص الخ) تنقيح الكلام فى المقام يتمّ ببيان امرين الاوّل فى بيان النّسبة بين هذه القاعدة وقواعد أخر مثلها متكفّلة للاحكام بعناوين ثانويّة كقاعدة نفى الحرج ومجمل القول فى ذلك هو انّه لو تعارضا كأن يكون الاتيان بالفعل فى مورد مستلزما للضّرر على شخص وكان تركه مستلزما للحرج على آخر

٥٠١

فهل يعامل معهما معاملة المتعارضين فيقدّم ما هو اقوى منهما دلالة والّا فما هو اقوى سندا الى آخر ما هو المقرّر فى باب التّعارض او يعامل معهما معاملة المتزاحمين فيقدّم أقواهما تأثير او اشدّهما اقتضاء وان كان دليل الأخر أقوى فإن قلنا بعدم ثبوت مقتضى المنع فى كلّ من الضّرر والحرج فلا بدّ ان يحكم بالتّعارض والحكم بعدم اعتبار واحد منهما كما هو الشّأن فى المتعارضين وان قلنا بانّ المقتضى للمنع موجود فى كلّ منهما فلا بدّ من الاخذ بما هو اقوى تاثيرا ان كان احدهما كذلك ولا يبعدان يكون الغالب فى توارد العارضين كونهما من باب تزاحم المقتضيين فيؤثّر ما هو الاقوى منهما والّا فالتّخيير وتوضيح ذلك انّ الغالب كون كلّ واحد من نفيهما على خلاف ما يقتضيه الحكم بالعنوان الاوّلى وعدم احراز كون الحكم بالعنوان الاوّلى تامّا ومقتضيا لثبوته فى جميع افراده وفى هاتين الصّورتين لا محيص عمّا ذكرنا ولو كان نفى احدهما موافقا لما يقتضيه الحكم بالعنوان الاوّلى او كان المقتضى للحكم فى جميع افراده تامّا بان احرز المقتضى له فيها بعموم دليله وانّما يرفع اليد عن العموم فى موردهما بدليل نفيهما فمع تساويهما فى اقتضاء المنع فلا تأثير لكلّ منهما ويجب المشى على طبق الحكم بالعنوان الاوّلى كما اذا لم يكن له مانع اصلا ولو كان مستلزما للضّرر فانّ الضّرر مانع عن فعليّة الحكم بالعنوان الاوّلى اذا لم يكن له مزاحم والّا فلا يصلح للمنع لابتلائه بمثله وكذلك الحرج ويكون المانع المزاحم بالمثل كالعدم ويبقى الحكم الاوّلى على اقتضائه من دون رافع ومانع ولا يقاس المقام بتعارض المتزاحمين حيث انّ الحكم فيهما مع التّساوى هو التخيير والفرق بينهما من جهة انّ فى المتزاحمين يكون كلّ واحد منهما مشتملا على مصلحة تامّة غير المصلحة الموجودة فى الآخر ولمكان التزاحم لا يمكن ان يكون التأثير لكليهما معا ولا لاحدهما معيّنا للزوم الترجيح من غير مرجّح فيكون المؤثّر فى مقام الفعليّة احدهما تخييرا وهذا بخلاف المقام فانّ الامر دائر بين الفعل المستلزم للضّرر والتّرك المستلزم للحرج وفى كلّ منهما يكون المقتضى للحكم بالعنوان الاوّلى ثابتا والمانع انّما يؤثّر فى رفع المقتضى لو لم يكن له مزاحم والّا فوجوده كعدمه وتأثير احدهما تخييرا يتوقّف على عدم كونه مبتلى بمثله فيسقطان معا ويبقى الحكمان المتعلّقان بالفعل والتّرك على ما هما عليه من الفعليّة الثّاني فى حكم تعارض الضررين قد علم ممّا ذكرنا حكم تعارضهما للشّخص الواحد من جهة دوران الامر بين الفعل والتّرك كما اذا دار الامر بين الافطار والصّوم لشخص وكان كلّ منهما مستلزما للضّرر عليه ولا محيص من الاقدام على احد الضّررين حيث انّه لا يخلو من الفعل والتّرك فلا منّة فى رفع احدهما مع كونه مستلزما للوقوع فى الضّرر الآخر ولا يكون واحد منهما مانعا عن فعليّة الحكم الثّابت بالعنوان الاوّلى لكونه معارضا بضرر آخر مثله فيكون وجوده كعدمه ويبقى الحكم الاوّلى بحاله الموافق لنفى احدهما نعم لا بدّ من التخيير فيما اذا كان الضّرر ان مترتّبين على فعلين من شخصين او شخص واحد كما

٥٠٢

اذا دار الامر بين الاضرار بزيد لحفظ نفس زيد بسرقة ماله والاضرار بعم ولحفظ نفسه بسرقة له ما بحيث لو لم يكن هذا التعارض كان الاضرار بكلّ منهما جائزا وكما إذا دار الامر بين فعلين ضرريّين لشخص واحد فانّ فى الصّورتين لا وجه لارتكاب الضّرريين والمنّة يقتضى رفع احدهما تخييرا لئلّا يلزم الترجيح من غير مرجّح لو لم يكن احدهما اقوى فى مقام التّاثير والّا فلا بدّ من اختياره ولو تعارضا بأن دار الامر بين ضرر نفسه وضرر غيره كما اذا اكره على الولاية من قبل الجائر المستلزم للاضرار على النّاس ومثله اذا كان تصرّف المالك فى ملكه موجبا لتضرّر جاره وتركه موجبا لتضرّر نفسه فلا بدّ من تشخيص انّ نفى الضّرر هل يعمّ لمثل هذه الصّورة واللّازم حينئذ هو دفع الضّرر عن نفسه وان استلزم تضرّر غيره او لا يعمّ لانّ نفى الضّرر انّما هو للمنّة على العباد ونسبتهم اليه تعالى كنسبة عبد واحد ولا معنى للمنّة على العباد برفع الضّرر فيما كان نفيه عن احد مستلزما لثبوته على آخر فيستكشف بذلك عدم إرادتهما وكذا لا منّة فى نفى الضّرر الاقوى من احد بثبوت الضّرر الاضعف على آخر وانّما يكون منّة على خصوص من نفى عنه وكون العباد بالنّسبة اليه تعالى بمنزلة عبد واحد لا يصحّح المنّة على جميعهم فى نفى الضّرر الاقوى فيستكشف من جميع ذلك عدم ارادتهما من نفى الضّرر وعدم شموله لهذه الصّورة واللّازم حينئذ هو الرجوع الى القواعد او الاصول الّا ان يقال انّ مقتضى المنّة على العباد ان يلاحظ ما هو اقلّ ضررا فيتحمّل الضّرر ان كان ضرر غيره اكثر والظّاهر الاوّل لانّ ظهور الحكم بالعنوان الثانوىّ فى المانعيّة عن فعليّة الحكم بالعنوان الاوّلى مقدّم عند اهل العرف على قرينة ورود الحكم بالعنوان الثانوى فى مقام المنّة وياخذون بالظّهور الدالّ على العموم ولا يعتنون بتلك القرينة فى قبال الظهور المذكور وانّما يلاحظ تلك القرينة مع عدمه فلو أراد حفر بئر او بالوعة فى داره وكان مستلزما للضّرر على الجار او المارّة وكان ترك الحفر مستلزما للضّرر على نفسه كان المنّة فى حقّه ان يحفر البئر ولو تضرّر غيره وان شكّ فى عمومه لها فالمرجع هو القواعد الأخر من عموم نفى الحرج او عموم قوله ع النّاس مسلّطون على أموالهم فإن قلت إنّ ادلّة نفى الضّرر بمقتضى عمومها تدلّ على منع المالك من السّلطنة فى ماله فانّ قاعدة التسليط كسائر القواعد الشرعيّة الّتى يكون نفى الضّرر حاكما عليها فكيف يكون عموم التسليط هو المرجع قلت المفروض انّ تصرّف المالك فى ماله مستلزم للضّرر على الجار وتركه مستلزم للضّرر على نفسه وعلى تقدير سقوط نفى الضّرر وعدم شموله لهذه الصّورة لمكان المعارضة وصيرورة المورد خاليا عن دليل الرافع جرى دليل السّلطنة نعم لو كان المفروض حصول الضّرر من دون معارض له كان الامر كما ذكر فإن قلت ادّعيتم انّ الظّاهر عموم نفى الضّرر لدوران الامر بين ضرر نفسه وضرر غيره وانّ اللّازم حينئذ هو دفع الضّرر عن نفسه وان استلزم تضرّر غيره مع انّ مورد الحديث الوارد فى قضيّة سمرة من هذا

٥٠٣

القبيل لانّ مالك العذق وهو سمرة امره دائر بين دفع الضّرر عن نفسه ودخوله على الأنصارى من دون استيذان منه ورفع الضّرر على الانصارى وقد حكم رسول الله ص بقلع الشّجرة ودخول الضّرر على سمرة وهذا خلاف ما صرتم إليه قلت الظّاهر من تمام الرواية هو كون سمرة قاصدا للاضرار بالانصارى ابتداء وكون الحكم بقلع الشجرة من هذه الجهة وكون قوله ص لا ضرر ولا ضرار كبرى لقوله انّك رجل مضارّ فانّ قوله ص انّك رجل مضارّ انّما كان بعد قوله ص خلّ عنه ولك عذق فى مكان كذا قال لا قال فلك اثنان قال لا اريد فجعل ص يزيد حتّى بلغ عشرا عذق فقال خلّ عنه ولك عشرا عذق فى مكان كذا فابى فقال خلّ عنه ولك مكانه عذق فى الجنّة فقال لا أريد فهذه الرواية موردها هو الضّرر الابتدائىّ من سمرة واذا كان قصد المالك مجرّد الاضرار من غير غرض فى التصرّف يعتدّ به لا يعدّ فواته ضررا عليه ويكون كمال المنّة فى رفع اضراره ويكون عدم رفعه من الترحّم على الظالم وبالجملة ففى دوران الامر بين رفع الضّرر عن نفسه او عن غيره لو لم يكن اوّلا متوجّها الى الغير فالظّاهر شمول نفى الضّرر لدفع الضّرر المتوجّه اليه ولا وجه لاختيار اقلّهما ولو شكّ فى العموم فالمرجع ما عرفت وقد علم ممّا ذكرنا انّه لو كان تصرّف المالك فى ملكه موجبا لتضرّر جاره ففيه فروض الأوّل ما يقصد المالك من التصرّف فى ملكه دفع الضّرر عن نفسه ولا اشكال فى جوازه وان استلزم الضّرر على الجار او المارّة ولا وجه لاختيار اقلّهما الثانى ما يقصد المالك من التصرّف فى ملكه جلب المنفعة من دون ترتّب ضرر على تركه وكان موجبا لتضرّر جاره والظّاهر الجواز لانّ منع المالك عن الانتفاع بملكه حرج وضيق عليه بل يمكن ان يقال انّه ضرر عليه وانتفاعه به ضرر على الجار وكلاهما منفيّان وقد عرفت انّ مع تساويهما فى اقتضاء المنع فلا تأثير لكلّ منهما ويجب المشى على طبق الحكم بالعنوان الاوّلى ويكون المرجع قاعدة السلطنة ولا ضمان فى الصّورتين الثالث ما يقصد المالك من التصرّف مجرّد الاضرار من غير غرض يعتدّ به فى التصرّف من حيث دفع المضرّة او جلب المنفعة والظّاهر عدم جوازه فتدبّر واغتنم ما مهّدناه فى المسألة فانّها ذات فروع كثيرة فى ابواب الفقه واضطربت فيها كلمات الاعلام وعليك بالتأمّل التامّ بقى شيء ينبغي التّنبيه عليه وهو انّ المنفىّ بقاعدة نفى الضّرر انّما هو جعل الحكم الضّررى ولا يثبت بها حكم وجودىّ تكليفىّ او وضعىّ أصلا وبعبارة أخرى لا تكون القاعدة حاكمة على العدميّات فاذا لزم من عدم الحكم فى مورد ضرر على شخص ولم يكن مشمولا لقاعدة الاتلاف او اليد او نحوهما من موجبات الضّمان لا يصحّ نفى هذا العدم والحكم بالضّمان من جهة القاعدة وبعبارة ثالثة مفادها نفى الحكم الثابت او المتوهّم ثبوته لا اثبات الحكم الغير الثابت فلو قصد من التصرّف فى

٥٠٤

ملكه مجرّد الاضرار بالغير فالمنفىّ هو جواز التصرّف وامّا الضّمان فلا يثبت بها وثبوته انّما هو بدليل آخر كالإتلاف وكذا فى لزوم العقد مع العيب من دون ارش فانّ المنفىّ بها انّما هو نفس اللّزوم وامّا اثبات الخيار والارش تخييرا او تعيينا فبدليل آخر وثبوت حقّ الشّفعة ونحوها ليس من باب حكومة القاعدة بل انّما هو لدليل خاصّ ومن الواضح أنّ الالتزام بحكومتها على العدميّات مستلزم لتأسيس فقه جديد ولكان الطّلاق مثلا بيد الزّوجة فى صورة تضرّرها بالصّبر على زوجها وكان العتق بيد العبد لو كان تحت الشدّة وعلى الله التوكّل ومنه التّوفيق.

فى الاستصحاب

قوله (اسدّها واخصرها ابقاء ما كان) قد يشكل فى كونه اسدّ بعدم اشتماله على ذكر اليقين والشّك مع انّهما من مقوّمات ما يتحقّق به محلّ الاستصحاب لانّ الحكم المشكوك للمكلّف ان كان له حالة سابقة بمعنى العلم بها فهو مورد الاستصحاب والاكتفاء بالاشعار فى التعاريف غير جيّد وكون العلّة فى الابقاء هو الثّبوت فى السابق ان كان من مقوّمات المحدود فمجرّد الاشعار غير كاف والّا فلا حاجة الى الاشعار به وكان التعريف بمجرّد الابقاء كافيا بل قد يقال انّ اخذ ذلك فى الحدّ انّما يناسب لو كان وجه اعتبار الاستصحاب العقل والّا فعلى كون وجهه هو التعبّد يكون الحكم بالبقاء لمصلحة موجبة لذلك لا لانّه كان بل بناء على حكم العقل ايضا لا وجه له لانّ منشأ حكمه هو غلبة البقاء لا مجرّد الثّبوت فى السّابق ويمكن ان يجاب بانّ الاشعار بالقيود معتبر عند ارباب الحدود لبنائها على المفهوم ولذا يكتفى فيها بالحيثيّات المطويّة وامّا ما ذكر من انّ بناء على التعبّد لا وجه لاعتبار كون علّة الحكم بالبقاء هو ثبوته فى السّابق فهو حقّ بل ليس فى الاستصحاب حكم من الشّارع بالبقاء حقيقة بحيث يكون كالعامّ او المطلق او دليل آخر دالّ بالنّص او الظّاهر على استمرار الحكم فى الزّمان اللّاحق كما يتوهّم من بعض العبائر بل هو حكم على طبق الحالة السّابقة فى مورد الشّك كأخواته من اصالة الاباحة والحليّة والطّهارة فالتّعريف انّما هو مبنىّ على اعتباره بالعقل كما هو ظاهر الاكثر حيث انّهم اعتبروه لغلبة البقاء المورث للظنّ به او لبناء العقلاء على ترتيب آثار ما كان فى زمان الشّك ويمكن ان يقال انّ حكم الشّارع على طبق الحالة السّابقة انّما هو لثبوته فى السّابق وهو الظّاهر من بعض اخبار الباب وان كان ذلك كاشفا عن كون مجرّد ثبوته فى السّابق موافقا للحكمة الموجبة لجعله فى حقّ الشاكّ فتامّل قوله (وازيف التّعاريف تعريفه الخ) هذا التعريف للمحقّق القمّى ويمكن ان يؤجّه بانّه تعريف للحال المضاف اليه كلمة الاستصحاب وهو محلّه ومورده او يكون الاستصحاب المأخوذ فى كلامه مصدرا مبنيّا للمفعول ويكون اضافته الى الحال صفتيّة قوله وليس هنا الّا حكم العقل ببقاء ما كان) وكون حكم او وصف الى آخره ليس

٥٠٥

نفس حكم العقل بل هو سبب لحكمه بالبقاء بل عرفت انّ منشأه ليس الّا غلبة بقاء ما كان لا مجرّد ثبوته فى السّابق بل حكم العقل بالبقاء ظنّا يمكن منع كونه ممّا يتوصّل به الى الحكم الشّرعى حتّى يكون دليلا عقليّا والمتوصّل به ما دلّ على حجيّة هذا الظّن ولكن ستعرف بطلان الكلام الاخير قوله والمأخوذ من السنّة ليس الّا وجوب الحكم الخ) قد عرفت انّ الاستصحاب بناء على التعبّد ليس الّا حكم الشّارع بالبناء على طبق الحالة السّابقة عملا قوله (وان جعل خصوص الكبرى انطبق على تعاريف المشهور) لا يخفى انّ الاذعان بالبقاء ظنّا كما هو مفاد تعاريف المشهور غير الاذعان بانّه مظنون البقاء كما هو مفاد الكبرى والتوفيق بينهما بكون التّغاير بين الظّن بالشّيء وكونه مظنونا اعتباريّا كما ترى والظّاهر انّ العضدى اراد من المحدود نفس القاعدة العقليّة ولا ينافيه جعله كبرى القياس وصاحب الوافية لمّا نظر الى اطلاقه الاستصحاب على القاعدة العقليّة الّتى يتمسّك بها فى الموارد الخاصّة تسامح وجعله عبارة عن التّمسك بثبوت ما ثبت فى وقت او حال على بقائه فيما بعد ذلك فى غير تلك الحال فاطلقه على كلا مقدّمتى الدّليل وقد يظهر من بعضهم اطلاقه على القاعدة الشرعيّة اعنى كلّ امر ثبت تحقّقه حكم ببقائه ما لم يعلم المزيل وعلى اىّ حال فاكثر التعاريف غير خالية عن الاشكال مضافا الى عدم كونها مانعة والّذى يهوّن الخطب فى امثال المقام انّ هذه التعاريف شارحة ومميّزات فى الجملة وليست حدودا حقيقيّة.

قوله (وامّا بناء على كونه من احكام العقل فهو دليل) لانّ الدليل ما يمكن التوصّل بصحيح النظر فيه الى مطلوب خبرىّ والاستصحاب لو كان الحاكم به العقل كان موصلا الى الحكم الشرعى لانّه لازمه ومفاده فانّ الحكم كما يكون شرعيّا وغير شرعىّ كذلك دليل الحكم الشرعىّ قد يكون شرعيّا كالامارات المجعولة من الشارع وقد يكون عقليّا وهو ما يحكم به العقل ويجعله طريقا ويتوصّل باعانته غالبا الى الحكم الشرعىّ ويكون حكم العقل ح ظنيّا ظاهريّا كما فيما نحن فيه فانّ العقل قد يكون حكمه قطعيّا كحكمه بالبراءة فى موردها وبحرمة الظلم ووجوب الشكر وقد يكون ظنّيا ظاهريّا واذا عملنا به ادركنا مطلوب الشارع غالبا فكون الاستصحاب من باب الدليل اذا انيط حجيّته بالعقل ظاهر ومثله بناء العقلاء ولزوم الاخذ بالرّاجح عندهم من حيث لزوم ترجيح المرجوح عليه فى صورة العكس ومع ذلك لا يخفى عليك انّ فى اطلاق الدليل عليه مسامحة وذلك لانّ الدليل عبارة عن مجموع القضايا المتوصّلة بها الى مطلوب خبرىّ المركّبة من صغرى وكبرى ونسبة الدليل بالعقلى انّما يستقيم اذا استفيد مجموع القضيّتين من العقل كما هو الحال فى قولنا الظّلم قبيح وكلّ قبيح حرام فالظّلم حرام حيث انّ قبح الظلم وحرمته كلاهما عقلىّ وكذا الكلام في تسمية

٥٠٦

الدليل بالشّرعى فلو كان الصّغرى شرعيّة والكبرى عقليّة او بالعكس لم يصحّ تسمية باحدهما على الاطلاق والحقيقة ولمّا كان الاستصحاب فى قولنا انّ الشيء الفلانى قد كان ولم يظنّ عدمه وكلّما هو كذلك فهو باق ظنّا عبارة عن الكبرى فقط لانّ الاستصحاب هو الحكم بالبقاء كما تقدّم وهو معنى الكبرى لانّها الكاشفة عن الحكم دون الصّغرى وهى كاشفة عن موضوع الحكم وكان الدليل الموصل الى الحكم الشرعى هو المجموع المركّب منهما اى الكبرى باعانة الصغرى فكان كلّ منهما جزء الدليل وكان الصغرى وهو ثبوت الحكم الشرعىّ فى الآن السّابق شرعيّة ومنوطة بجعل الشارع وبعبارة اخرى المستصحب شرعىّ فانّ قولنا انّ الحكم الفلانى قد كان نظير الجواز فى مسئلة نسخ الوجوب مثلا لا بدّ ان يكون ببيان الشّارع وانشائه وان كان الكبرى عقليّة كان اطلاق الدّليل على مجرّد الاستصحاب وهو الابقاء مسامحة واذا تمّ الدليل العقلىّ يستكشف منه الحكم الشرعى بالملازمة بقولنا هذا ممّا حكم العقل ببقائه ظنّا وكلّ ما هو كذلك فهو باق شرعا ومن الواضح أنّ هذا الاستكشاف انّما هو فى الاستصحاب الجارى فى الشبهة الحكميّة كاستصحاب نجاسة الماء الكرّ المتغيّر اذا زال تغيّره من قبل نفسه وامّا الاستصحاب فى الشّبهة الموضوعيّة كاستصحاب عدالة زيد وطهارة ثوبه بهذا الدّليل العقلىّ وان كان من الامارات الظنّية المعتبرة عقلا الّا انّه لا يستكشف منه الحكم الشرعىّ الكلّى وانّما يثبت به الحكم الجزئىّ وليس بيانه من وظيفة الشّارع حتى يكون حكما شرعيّا والدليل المثبت له دليلا على الحكم الشرعى ثمّ إنّ ترجيحهم جانب الكبرى وتسميتهم لها بالدّليل العقلى مع امكان العكس بملاحظة الصغرى فربما يعلّل بانّ الادلّة الشرعيّة غير منضبطة لكثرتها والالحاق بالادلّة العقليّة اولى لانضباطها فانّها عدّة امور محصورة والّذي يخطر بالبال فى وجه التّسمية هو انّ الدليل وان كان عبارة عن مجموع القضيّتين ولكن لمّا كان الملحوظ فى المقام بالاصالة هو حيثيّة حكم الحاكم من الابقاء وعدمه وكان ثبوته فى الكبرى بوساطة العقل فكان المناسب تسميته بالعقلى كما انّه لو استفيد الحكم من الشّرع يسمّى بالدليل الشّرعى نعم لو كان الملحوظ هو جهة الصغرى كان المناسب تسميته بالشرعى لكنّ الكلام في المسائل الشرعيّة او العقليّة لمّا كان غالبا منساقا لبيان حال الحاكم واستكشاف انّ جاعل الحكم الكذائىّ هل هو العقل او الشّرع وكان هذا هو محلّ بحثهم فى الاستصحاب حيث يدّعى جماعة انّه العقل واخرى انّه الشّرع من دون نظر الى الصّغرى كان الانسب ما عرفت بعد المسامحة فى ارادة الكبرى فقط من الدّليل ولو فرض موضوع واحد غير الاستصحاب محكوما بحكم الشرع والعقل سمّى الحكم بلحاظ كونه من منشآت الشرع شرعيّا ومسئلة شرعيّة وبلحاظ كونه من منشآت العقل عقليّا وبالجملة لا عبرة عندهم بالموضوع فى التسمية غالبا هذا.

قوله الثانى انّ عدّ الاستصحاب على تقدير اعتباره الخ) الابقاء فى الزّمان اللّاحق

٥٠٧

لمجرّد الثبوت فى الزّمان السابق حكم عقلىّ مستقلّ كسائر القضايا الّتى تكون من المستقلّات العقليّة ولكنّ التوصّل به الى الحكم الشرعى فى العناوين الخاصّة من موارد الاستصحاب انّما يكون بواسطة الخطاب الشرعى المتحقّق به المستصحب والوجوب فى الزّمن السابق فلا بدّ فى التوصّل بذلك الحكم العقلىّ الكلّى المستقلّ الى الحكم الشرعى من مقدّمة اخرى تجعل صغرى ويجعل ذلك الحكم العقلىّ كبرى وكون الحكم بالبقاء فى الكبرى ظنّيا لا ينافى كونه من مدركات العقل ومن احكامه المستقلّة اذ المراد من الحكم مطلق التصديق والاذعان والحكم العقلىّ الّذى يكون دليلا اعمّ من ان يكون ظنّيا او يقينيّا واليه اشار المصنّف بقوله والكبرى عقليّة ظنّية ومن هنا يندفع الاشكال بانّ هذا القياس يثبت الظّن بالبقاء ولا دليل على حجيّة هذا الظّن بناء على عدم اعتبار الظّن المطلق لما ذكرنا من انّ الكبرى ليس هو الحكم بانّ ما ثبت سابقا فهو مظنون البقاء كما يوهمه عبارة العضدى حتّى يحتاج فى التوصّل به الى اثبات حجيّة هذا الظّن بل الكبرى هى نفس الاذعان بالبقاء ظنّا والحاصل انّ استقلال العقل ببقاء ما كان على ما كان ليس الّا كاستقلاله بحسن الاحسان وقبح الظّلم وانّما يحصل الفرق فى انّ حكم العقل ببقاء ما كان فى الاحكام المحمولة على العناوين الخاصّة يحتاج الى ثبوت ذلك العنوان وبعبارة أخرى الحاكم بدوام المستصحب واستمراره بعد وجوده هو العقل ولكن بعد ملاحظة الدّليل الدالّ على المستصحب وحكمه وما هو المستفاد من خطاب الشرع المثبت للمستصحب بعنوانه الخاصّ بجعل صغرى لما حكم به العقل مستقلّا.

قوله (الثالث انّ مسئلة الاستصحاب على القول بكونه الخ) الاستصحاب الجارى فى الاحكام الكليّة اى الشّبهات الحكميّة كاستصحاب نجاسة الكرّ المتغيّر بعد زوال تغيّره من قبل نفسه ونجاسة العصير الزّبيبى بعد الغليان وعدم ذهاب ثلثيه واستصحاب حقّ الخيار ونحو ذلك اذا كان مدركه العقل وكان من باب الظّن فلا اشكال فى كونه من المسائل الاصوليّة ويكون من الامارات الغير العلميّة كخبر الواحد ونحوه كما هو مقتضى تعريف علم الاصول بانّه العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الاحكام الفرعيّة فانّ المسألة الاصوليّة تكون عبارة عن قاعدة ممهّدة تقع نتيجتها فى طريق الاستنباط وهذا شأن الاستصحاب بعد اثبات حجيّته واذا كان مدركه الاخبار فكذلك وينطبق عليه التّعريف المذكور لانّه يقع فى طريق الاستنباط ولذا يجرى فى المسألة الاصوليّة ايضا كالحجيّة ونحوها والاشكال بانّ المسألة الاصوليّة ما مهّدت لاستنباط الحكم والاستصحاب ليس كذلك لانّه عبارة عن نفس القاعدة الشرعيّة اعنى كلّ حكم ثبت تحقّقه حكم ببقائه المستفادة من قولهم ع لا تنقض اليقين بالشكّ نظير قاعدة وجوب الوفاء بكلّ عقد المستفادة من نحو قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وقاعدة نفى الضّرر والحرج المستفادة من

٥٠٨

الآيات والرّوايات ممنوع لان الحكم بنجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره انّما يستنبط من الاستصحاب وهو الحكم على طبق الحالة السّابقة والبناء عليه فالاستصحاب هو الدّليل لهذا الحكم الشرعىّ كالاخذ بالخبر الّذى به يستنبط الحكم الفرعى من خبر زرارة مثلا والمسألة الفقهيّة ما يكون المبحوث عنه محمولا اوّليا لفعل المكلّف من دون توسيط شيء آخر كقاعدة نفى الضّرر والحرج وقاعدة الحليّة للاشياء الّتى لا يعلم حرمتها فى الشّبهة الحكميّة وقاعدة الطّهارة فيها ايضا وما ذكر من انّ المثبت للحكم الفرعى انّما هو نفس لا تنقض اى قاعدة عدم نقض اليقين بالشكّ لا الاستصحاب وهو البناء على طبق الحالة السّابقة حتّى يكون هذا البناء دليلا ووسطا لاثبات الحكم خلاف مقتضى التامّل بل عدم نقض اليقين بالشكّ انّما هو دليل لقاعدة الاستصحاب والحكم بالبناء على الحالة السابقة وهى ليست الّا كسائر القواعد الاصوليّة من البراءة وغيرها الّتى مهّدت للتوصّل بها الى الحكم الشّرعى وامّا الاستصحاب الجارى فى الشبهات الموضوعيّة والاحكام الجزئيّة فلا اشكال فى كونه حكما فرعيّا سواء كان من باب الظّن او التعبّد فانّ معنى حجيّة الامارة بناء على الظّن وحجيّة الاصل بناء على التعبّد فى الموضوعات هو جعل احكامها لا جعلها بانفسها وليست الامارة والاصل ح ممّا يتوصّل بهما الى الاحكام الفرعيّة الكليّة بل المتوصّل بهما اليه هو حكم فرعىّ جزئىّ متعلّق بعمل خاصّ ويكون الكلام في الاستصحاب فى الموضوعات الخارجيّة من باب الظّن كالكلام فى اعتبار سائر الامارات من اليد والسّوق والبيّنة واصالة الصحّة ونحوها الجارية فى الشّبهات الخارجيّة ومن باب التعبّد كالكلام فى حجيّة قاعدة الفراغ وقاعدة التّجاوز مثلا وعلى هذا فالمهمّ من البحث فى الاستصحاب انّما هو بالنّسبة الى الاحكام وامّا البحث فيه بالنّسبة الى الموضوعات فلا يكون الّا على سبيل الاستطراد نعم هو فى الموضوعات المستنبطة يكون من مسائل الاصول لمدخليّة حينئذ فى الاستنباط قوله (نعم يشكل كون الاستصحاب من المسائل الفرعيّة) الظاهر انّه يريد انّ مقتضى ما ذكره سابقا كون البحث عن الاستصحاب فى الشّبهة الحكميّة من المسائل الفرعيّة لو لا وجود ما هو من خواصّ المسألة الاصوليّة فيه وهو اختصاصه بالمجتهد وعدم انتفاع الغير منه وهذا لا يتمّ الّا ان يكون دليلا على الحكم كوجوب البناء على الخبر وحجيّته وكلّما عجز المقلّد عن اعماله ولم ينفع به حتّى بعد استخراجه فهو مسئلة اصوليّة مثلا لا حظّ للمقلّد فى استنباط وجوب الوفاء بالعقد بان يجعله كبرى لقوله هذا عقد لعجزه عن استنباط القاعدة لكن بعد استنباط المجتهد ذلك من الادلّة لو عرضه عليه ينتفع به ويجعله كبرى لصغرى احرزها بالوجدان وهذا بخلاف الاستصحاب فانّ بعد استنباط المجتهد لوجوب الحكم على طبق الحالة السّابقة من اخبار الباب لم ينتفع به المقلّد وليس له الحكم بنجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره بل هذا ممّا يختصّ به المجتهد ومن هذا يظهر لك وجه الفرق بين الاستصحاب وقاعدة نفى الضّرر والحرج ايضا فانّ اجراء الاستصحاب فى مورده

٥٠٩

مشروط بالفحص عن حال الادلّة وهو من وظيفة المجتهد بخلافهما فانّ موارد اجرائهما غير مشروط بالفحص بل بعد تعيين مواردهما وتحديد حدودهما من طرفه يرجع اليهما المقلّد فى الموارد الجزئيّة كغيرهما من الاحكام الفرعيّة ولا تكون القاعدتان بعد اعلام المجتهد الّا كوجوب الصّلاة والصّوم.

قوله (هو مجرّد عدم العلم بزوال الحالة السّابقة) وان لم يحصل الظّن بالبقاء نوعا او شخصا وان كان فى جعله جهة نظر الى الواقع نعم يمكن اعتبار عدم الظّن بالخلاف استظهارا من الرّوايات وامّا بناء على اعتباره من باب الظّن فمن الواضح انّ بناء العقلاء على ترتيب آثار البقاء الناشى من غلبة البقاء والملازمة الغالبيّة بين الحدوث والبقاء وهذا حاصل من دون اعتبار الظّن الشّخصى والّذي يظهر من طريقة القائلين باعتبار الاستصحاب لاجل الظّن هو ما ذكرنا الّا ان عبارة العضدى المتقدّمة فى تحديد الاستصحاب وهى انّ الحكم الفلانى قد كان ولم يظنّ عدمه ظاهرة فى اعتبار الظّن الفعلىّ لانّ الظّن بالخلاف انّما ينافى ذلك لا الظّن النّوعى اللهمّ إلّا ان يقال انّ مراده الظّن النوعى المقيّد بعدم الظّن الفعلى بالخلاف قوله (بالشكّ هو الظّن ايضا فتامّل) الظّاهر انّه اشارة الى منع الاستظهار الاخير لانّ مجرّد التّعبير بانّ اليقين لا ينقضه الشّك لا يدلّ على انّ غرضه ذلك من باب الاخبار خصوصا مع ملاحظة قوله قولنا من دون استناد الى خبر أصلا ويمكن ان يكون اشارة الى احتمال كون مراده بالظنّ الظّن النّوعى المجامع مع الشّك بمعنى تساوى الطّرفين وح فلا يستظهر من كلام الشّهيد اعتبار الظّن الشّخصى فان قيل انّ ارادة احتمال الظّن النوعى بعيد من كلامه قيل نعم الّا انّ ارادة مجرّد الاحتمال من الشّك بحيث يشمل الوهم بعيد ايضا ومع الدّوران لا وجه لاستظهار الظّن الشخصى من كلامه.

قوله وامّا مجرّد الاعتقاد بوجود شيء فى زمان) وهذا هو المسمّى عند بعضهم بالشكّ السّارى فى قبال الاستصحاب الاصطلاحىّ المسمّى بالشكّ الطّارى قوله (ثمّ المعتبر هو الشّك الفعلىّ الموجود حال الالتفات اليه) لا اشكال فى انّ الاستصحاب لا يتحقّق الّا بامرين يقين سابق وشكّ لا حق بالبيان الّذى أفاده إنّما الكلام في انّ الحكم الظاهرى المستفاد من الاستصحاب هل هو حكم لنفس الواقعة والقضيّة المشكوكة نظير الاحكام الواقعيّة المجعولة لموضوعاتها او حكم لها بوصف كونها مشكوكة بالفعل فاذا لم يكن شكّ فعلا فلا موضوع فلا حكم الظاهر الثّانى وانّ الموضوع للحكم الاستصحابى ليس مجرّد واقعيّة الحالة السّابقة واللّاحقة بل الموضوع هو الشيء المتيقّن بوصف كونه متيقّنا من حيث تحقّق الشّك فعلا وذلك لظهور قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ فى فعليّة الشّك كما لا يخفى وعلى هذا فالمتيقّن للحدث اذا التفت الى حاله فى اللّاحق وشكّ كان محكوما بالحكم الاستصحابي

٥١٠

ومقتضاه وجوب تحصيل الطّهارة للصّلاة وان كان نفس الشّك ايضا مقتضاه ذلك لاشتغال الذمّة بالامر بالصّلاة مع الطّهارة ومعه لا حاجة فى الحكم بوجوب تحصيل الطّهارة الى الاستصحاب الّا انّ المقصود تصوير مجراه فلو شرع فى الصّلاة والحال هذه لم تصحّ لعدم امكان قصد القربة ولو تبيّن بعد الصّلاة كونه متطهّرا كما لو دخل فيها مع تيقّن الحدث وإذا التفت الى حاله وشك ثمّ غفل ودخل فى الصّلاة ثمّ التفت بعدها لم تصحّ وان احتمل كونه متطهّرا واقعا لانّ مقتضى حكم الاستصحاب والاشتغال قد كان وجوب تحصيل الطّهارة لها وان لم يتوجّه اليه الخطاب حال الغفلة ولا بدّ أن يعلم انّ وجوب الإعادة حينئذ ليس من حيث الاستصحاب حتّى يشكل فيه بل هو لاستقلال العقل فى باب الاطاعة بعد ملاحظة حكم الشّارع بكونه بحكم المحدث بوجوب تفريغ الذّمة عمّا اشتغلت به يقينا ولا يجرى فى هذه الصّورة قاعدة الشّك بعد الفراغ لانّ مجريها الشّك الحادث بعد الفراغ والفرض حصول الشّك قبل العمل المقتضى للفساد قبل الشّروع وإذا التفت وشكّ ثمّ صلّى فشكّ انّه تطهّر بعد شكّه قبل الصّلاة ام لا جرى قاعدة الفراغ واذا لم يلتفت الى حاله اصلا حتّى فرغ من الصّلاة فالتفت وشكّ جرى قاعدة الفراغ ولم يجر الاستصحاب لعدم تحقّق الشّك الفعلىّ قبلها.

قوله (وامّا العدمى فقد مال الاستاد) هو شريف العلماء قدس‌سره قوله (وببنائهم هذه المسألة على كفاية العلّة المحدثة) فانّ الظّاهر من هذا اختصاص النّزاع بالوجودى بناء على انّ الاعدام لا يعلّل او انّ علّتها عدم علّة الحدوث [تقسيمه باعتبار الدليل الدال عليه] قوله (امّا دعوى الاجماع فلا مسرح لها فى المقام) لانّ المدّعى هو حصول الظّن والاذعان من العقل بناء على الملازمة بين ما ثبت ودوامه غالبا فالمسألة عقليّة والكلام فى الصّغرى ولا مسرح للاجماع فيها نعم لو اريد من حجيّة الاستصحاب فى العدميّات الكبرى وهو اعتبار هذا الظّن والاذعان فيمكن التّمسك لذلك بالاجماع لكنّه ممنوع مضافا الى انّه غير الدّعوى قوله (صريح فى ذلك بملاحظة ما ذكره قبل ذلك) فانّه قسّم الاستصحاب قبل ذلك الى اقسام منها التّقسيم باعتبار كون المستصحب وجوديّا وعدميّا ونسب انكار اعتباره مطلقا بعده الى جماعة قوله وممّن انكر الاستصحاب فى العدميّات صاحب المدارك) يحتمل ان لا يكون غرضه انكار الاستصحاب فى العدميّات بل يكون انكار كون عدم التذكية حجّة فى ترتيب آثار الموت حتف الانف عليه قوله (الثانى من حيث انّه قد يثبت بالدّليل الشّرعى الخ) المستفاد من كلامه قدس‌سره فى المقام امور ثلاثة الاوّل انّ الاحكام العقليّة اى القضايا الّتى استقلّ فيها العقل كحرمة الظلم وقبحه لا يجرى فيها الاستصحاب لانّ العقل لا يحكم بشيء الّا بعد احراز جميع ما له دخل فى حكمه فمع فرض بقاء ذلك الشّيء الّذى هو موضوع حكمه لا يتصوّر

٥١١

الشّك فيه بمدخليّة موجود مرتفع او معدوم حادث ومتى فرض الشّك فيه كذلك لم تكن القضيّة قضيّة يستقلّ بها العقل لانّه لا يحكم الّا بعد العلم بجهات الحكم وموضوعه مفصّلا فإن قيل احراز الموضوع فى الحكم عليه لا يختصّ بما اذا كان الحاكم فى القضيّة هو العقل كيف وبقاء الموضوع شرط فى الاستصحاب كما سيجيء ذكره مستقلّا فى الشّروط وانّه لو لا ذلك لكان الحكم ببقاء المستصحب فى غير موضوعه فالموضوع فى استصحاب الحكم الشّرعى لا بدّ من احرازه ايضا قيل نعم ولكنّ الفرق بين الحكم الشّرعى والعقلىّ انّ الموضوع فى القضايا الشرعيّة هو ما يستفاد من ادلّة احكامها بنظر العرف ويمكن الشّك ح فى بقاء الحكم لارتفاع ما كان موجودا او الحدوث ما كان معدوما من الحال والصّفة ويجرى اخبار الاستصحاب لانّ مبناه على الموضوعات العرفيّة الّتى بها يتحقّق صدق النقض فى نظرهم مع رفع اليد عن الحكم الثّابت لها فى الزّمان السّابق فالاجمال انّما جاء من قبل الادلّة الثّانى الاحكام الشرعيّة سواء كانت وجوديّة ام عدميّة المستندة الى القضايا العقليّة بحيث يكون مناط الحكم الشّرعى هو مناطه العقلىّ فيكون ما هو المناط عنده علّة للحكم الشّرعى فهى كالاحكام العقليّة لا يجرى فيها الاستصحاب وذلك لما سبق من عدم تصوّر الشّك فى الاحكام العقليّة مع فرض حكم العقل فى موضوعه فالموضوع ان كان باقيا فى ثانى الحال كان الحكم محمولا عليه بعين العلّة الموجبة للحكم عليه اوّلا والّا فلا يحكم عليه قطعا لعدم احراز الموضوع لفرض الشّك ولنا فى هذا المقام كلام يأتيك عند التعرّض للقول الخامس وأمّا إذا لم يكن الحكم الشّرعى مستندا الى القضيّة العقليّة بحيث يكون علّة الحكم هو المناط المعلوم عند العقل فلا اشكال فى انّه يتصوّر الشّك ح فى ثانى الحال من جهة فقد صفة او مقارنة حال يحتمل مدخليّته فى المناط الواقعى للحكم الشّرعى والوجه فى عدم جريان ما سبق فى هذا القسم انّ كشف العقل عن المناط الواقعى للحكم الشرعىّ موقوف على اطّلاعه على ذلك بجميع حدوده وقد عرفت أنّ القضايا الغير المعلومة استناد مناطها وموضوعها الى العقل بحيث يكون علّة للحكم لا تحمل الّا على موضوعاتها الواقعيّة واللّازم ايضا عدم جريان الاستصحاب مع الشّك فى بقاء الموضوع وعدم احرازه الّا انّ بناء على اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد يكون تحقّق موضوع المستصحب تابعا لنظر العرف الثالث عدم التكليف فى حال الصّغر وعدم الوجوب والحرمة المسمّى بالبراءة الاصليّة يجرى فيه الاستصحاب عند الشّك فى التكليف بغير خلاف يعرف ويعبّر عنها باستصحاب حال العقل مع انّ البراءة ونفى التكليف كذلك حكم عقلىّ والوجه فى ذلك انّ استصحابها ليس مستندا الى القضيّة العقليّة وهى قبح تكليف غير المميّز او المعدوم حتّى لا يعقل الشّك بعد ارتفاع هذه القضيّة وان كانت متحقّقة فى موردهما بل عدم التكليف المستصحب مستند الى عدم العلّة فانّ الاعدام الازليّة لا تستند الى علّة بل هى

٥١٢

امّا لا تعلّل كما عليه بعض وامّا انّ العلّة له هو عدم العلّة للوجود كما عليه آخرون فاذا علم بانتفاء شيء ممّا له دخل فى علّة الوجود فى زمان يقطع بالعدم فى ذلك الزّمان واذا شكّ فى ثانى الحال باعتبار الشّك فيما له دخل فى علّة الوجود ولم يعلم بتحقّق علّة الوجود والحدوث ولا بعدمه يستصحب العدم الاوّل فالمستصحب انّما هو العدم الأزليّ المطلق لا العدم المعلول لعلّة ومن هنا تعلم انّ العدم فى مورد حكم العقل يمكن ان يكون مستندا الى غير القضيّة العقليّة امّا بناء على انّ الاعدام لا تعلّل فواضح وامّا بناء على انّ علّته هو عدم العلّة للوجود فلانّ العدم يكون مستندا الى عدم علّة الوجود المنطبق على عدم المقتضى وعلى وجود المانع فبانتفاء احدى مقدّمات الوجود يحكم بالعدم وعليه فيمكن ان يحكم العقل فى مورد بالعدم من جهة المانع عن الوجود مع انّه فى الواقع يكون مستندا الى عدم المقتضى له ويكون حكم الشّارع ح بالعدم من هذه الجهة لا من الجهة الّتى بها حكم العقل به وليس هذا امرا مستحيلا وهذا بخلاف ما كان متعلّق الحكم وجودا فانّ العقل اذا حكم به من جهة لا يمكن ان يحكم به الشّارع من جهة اخرى لانّ العقل لا يحكم به الّا بعد اطّلاعه على جميع المقدّمات من وجود المقتضى وانتفاء المانع ومع القطع بحكم العقل به وفرض عدم خطائه اذا حكم الشّرع به من جهة اخرى يلزم اجتماع العلّتين على معلول واحد وهو محال.

قوله (الّا ان فى تحقّق الاستصحاب مع ثبوت الحكم بالدّليل العقلىّ) قد عرفت انّ الاستصحاب فى نفس حكم العقل الكاشف لا معنى له لانّ الحاكم لا يشكّ فى حكمه اصلا واذا لم يحكم فى الزّمان اللّاحق كما حكم فى الزّمان السّابق كان هذا كافيا فى القطع بعدم الحكم ولا معنى لاستصحاب حكمه وغرض المصنّف قدس‌سره فى المقام بيان عدم جريانه فى الحكم الشّرعى المستكشف من حكم العقل بالتّلازم قوله (فان قلت على القول بكون الاحكام الشرعيّة تابعة) وبعبارة اخرى اذا قيل انّ هذا منقوض بالحكم الشّرعى الثّابت ابتداء بالدّليل الشرعى اذ على القول بتبعيّة الاحكام الشرعيّة للمصالح والمفاسد الواقعيّة فكلّما حكم به الشرع حكم به العقل ايضا وهذا معنى قاعدة التلازم من الجانبين لانّه اذا حكم الشرع بحكم والمفروض انّ العقل يقطع بانّ ذلك لجهة واقعيّة وان لم يعلم بها تفصيلا حكم على طبقه لتلك الجهة والمناط المعلوم بالاجمال فالمناط فى الحكمين واحد واذا بنى على عدم تحقّق موضوع الاستصحاب فى الحكم الشّرعى المستكشف من الحكم العقلىّ لا بدّ من ان يبنى عليه ايضا فى الحكم الشّرعى الثابت ابتداء بالدّليل الشّرعى لعدم انفكاكه عن الحكم العقلىّ ايضا فالجواب ان بناء على حجيّة الاستصحاب من باب الظّن فهذا الكلام مسلّم اذ لا يعقل الفرق بين الحكمين لانّه لمّا كان الشّك فى الحكم دائما مسبّبا عن الشّك فى العلّة وقلنا بانّ الغلبة فى الموجودات بقاؤها على ما كانت وذلك يوجب الظّن ببقاء العلّة فى الحكم المشكوك او انّ نفس الوجود فى السّابق يوجب الظّن ببقاء العلّة

٥١٣

وذلك يوجب الظّن ببقاء الحكم فلا فرق بين الحكمين فى ذلك وامّا بناء على حجيّته من باب التعبّد فالفرق بين الحكمين الشرعيّين واضح اذ فى المنقوض به امور ثلاثة المناط والموضوع والحكم وامّا فى المنقوض فامران المناط والحكم والموضوع فى المنقوض به الّذى رتّب الشّارع الحكم عليه قد يكون باقيا قطعا مع الشّك فى بقاء المناط وذلك كاف فى جريان الاستصحاب بخلاف المنقوض اذ لم يترتّب الحكم فيه الّا على نفس المناط المعلوم ولمّا كان الشّك فى الحكم دائما مسبّبا عن الشّك فى العلّة والمناط فالشكّ فيه شكّ دائما فى الموضوع قوله (نعم لو علم مناط هذا الحكم وعنوانه المعلّق الخ) وذلك كما لو قال الخمر حرام لانّه مسكر قوله (وممّا ذكرنا ظهر انّه لا وجه للاعتراض على القوم) المعترض هو صاحب الفصول حيث قال واعلم انّه ينقسم الاستصحاب باعتبار مورده الى استصحاب حال العقل والمراد به كلّ حكم ثبت بالعقل سواء كان تكليفيّا كالبراءة حال الصّغر واباحة الاشياء الخالية عن امارة المفسدة قبل الشرع وكتحريم التصرّف فى مال الغير ووجوب ردّ الوديعة اذا عرض هناك ما يحتمل زواله كالاضطرار والخوف او كان وضعيّا سواء تعلّق الاستصحاب باثباته كشرطيّة العلم لثبوت التّكليف اذا عرض ما يوجب الشّك فى بقائها مطلقا او فى خصوص مورد او بنفيه كعدم الزوجيّة وعدم الملكيّة الثابتين قبل تحقّق موضوعهما وتخصيص جمع من الاصوليّين لهذا التّقسيم اعنى استصحاب حال العقل بالمثال الاوّل اعنى البراءة الاصليّة ممّا لا وجه له انتهى قوله (وذلك لما عرفت من انّ الحال المستند الخ) وسيأتى توضيح المقام فى الامر الثالث من التّنبيهات.

قوله (وبين ما يظهر من بعض استدلال المثبتين والنّافين) فانّ من أدلّة المثبتين انّ المقتضى للحكم الاوّل موجود والعارض لا يصلح ان يكون رافعا ومن الواضح انّ هذا الدليل لا يتمّ الّا بشمول النزاع للشكّ فى الرافع والّا فلو كان الخلاف مختصّا بالشكّ فى المقتضى وكان اعتبار الاستصحاب فى الشّك فى الرافع اتّفاقيّا لم يكن الدّليل تامّا ومن أدلّة النّافين انّ الاستصحاب لو كان حجّة لكانت بيّنة النفى اولى لاعتضادها بالاستصحاب بناء على ما يظهر من المصنّف كما سيجيء من ان الشّك فى ارتفاع العدم من الشّك فى الرّافع وللنّظر فيه مجال لانّ العدم ليس امرا يكون له مقتض لبقائه الى زمان الوجود بل هو مستند الى عدم المقتضى للوجود.

قوله (وقابليّته فى ذاته للبقاء كالشكّ فى بقاء اللّيل والنّهار) اذا كان الشّك من جهة الشّك فى طول اللّيل والنّهار وقصرهما فما ذكره واضح وامّا اذا كان الشّك من جهة الشّك فى حصول الغاية وهى استتار القرص وطلوعه مع العلم بانّهما الغاية الرافعة كما فى اللّيل

٥١٤

بالنّسبة الى وجوب الصّوم فقد يشكل بانّه يعدّ من الشّك فى الرّافع وفيه انّ النّهار برهة من الزّمان وهى الزّمان الّذى تكون الشّمس مرئيّة وفوق الافق وكذلك اللّيل ليس الّا برهة تكون الشّمس فيها تحت الافق فوجوب الصّوم يتمّ اقتضاؤه بوجود اللّيل وليس رافعا للوجوب ولا لموضوعه وهو النّهار لوضوح انّ النّهار ليس له اقتضاء البقاء والاستمرار ولا يقتضى زمانا ازيد ممّا هو له الّا ان يقال انّ بناء على اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد فاللّازم الرّجوع فى تشخيص كون الشّك من الشّك فى المقتضى او الرّافع الى نظر العرف والعرف فى مثل اللّيل والنّهار يرى رفع اليد عن الحالة السابقة من الرّافع فتامّل.

قوله (منها صحيحة زرارة ولا يضرّها الاضمار قال قلت له الرّجل ينام الخ) الوجه فى عدم اضرار اضمارها هو انّ اضمار زرارة كاظهاره لمعلوميّة انّه لا يروى الّا عن احدهما عليهما‌السلام ولا يروى عن غير الإمام مضافا إلى انّ الاضمار عارضىّ قد حصل بسبب تقطيع الأخبار ورواها فى التهذيب عن المفيد ره عن احمد بن محمّد عن حمّاد عن حريز عن زرارة والمحكىّ عن منتقى الجمان عدّها من الصّحيح الاعلائى مع انّ احمد بن محمّد الّذى روى الشيخ عنه ممّن لم يذكر فى حقّه الّا انّه من مشايخ الشّيخ المفيد ومجرّد كونه من مشايخ الاجازة ليس تعديلا له وحريز الراوى عن زرارة ممّن لم يذكّه الّا عدل واحد وكيف كان فشرح الرواية انّ قوله الرّجل ينام ظاهره ارادة النوم بالاشراف لا النوم حقيقة فانّه اراد من النّوم الخفقة والخفقتين مع انّ اخذه بمعناه الحقيقى لا يجتمع مع الجملة الحاليّة بعده بناء على اتّحاد زمان الحال وعامله لعدم امكان اتّحادهما زمانا فى المقام والخفقة كما فى المجمع كضربة تحريك الرّاس بسبب النعاس يقال خفق برأسه خفقة او خفقتين اذا اخذته سنة من النعاس فمال برأسه دون سائر جسده والظّاهر أنّ السؤال عن الخفقة والخفقتين من جهة الشّك فى حصول النوم عندهما والجواب انّ النوم النّاقض هو نوم العين والاذن والقلب وانّ نوم الاذن يكشف عن نوم القلب لانّه اوعى الحواسّ واحسّها وامّا نوم العين وحده فلا يكشف عن نوم القلب ومجرّد الشّك فى حصوله لا يوجب الوضوء ولمّا ذكر الامام ع ما هو ملاك تحقّق النوم وهو نوم الاذن سئل عمّا يورث الظّن بتحقّقه وهو تحريك شيء الى جانبه مع عدم علمه به فأجاب ع بعدم وجوب الوضوء حتّى يستيقن بالنّوم قوله (وجعله نفس الجزاء يحتاج الى تكلّف) اذ مفاد الكلام حينئذ وان لم يستيقن النوم فانّه على يقين من وضوئه فيكون بيانا لما يقتضيه عدم اليقين بالنّوم ومعلوم انّ اليقين بثبوت الوضوء قبل اليقين بحدوث النّوم ليس مترتّبا على عدم اليقين بالنّوم حتّى يكون جزاء له ولو رفع اليد عن ظاهره بارجاعه الى بيان الحكم على ان يكون المراد والّا فانّه يمضى على وضوئه او فليكن على يقينه عملا بان يكون عمله فى زمان الشّك على طبق عمله فى زمان يقينه السّابق كان الكلام حينئذ مترتّبا على الشرط لكنّه تكلّف لا داعى اليه بعد ظهور تخريج

٥١٥

الكلام على حذف الجزاء وقيام العلّة مقامه بقرينة الفاء ويمكن ان يقال بظهور الجملة فى كونها نفس الجزاء بقرينة كون المقام محلّا لبيان الحكم ويكون الظّاهر من وان لم يستيقن فهو على يقين من وضوئه هو البناء على يقينه ويكون قوله ع ولا ينقض اليقين بالشكّ مؤكّدا له ومبيّنا لما هو كالمناط للحكم كما انّ قوله ولكن ينقضه بيقين آخر مؤكّد لقوله ولا ينقض ببيان نقيض الحكم فيما يتحقّق نقيض ما هو كالمناط بل هو مؤكّد لقوله حتّى يجيء من ذلك بامر بيّن كما انّ قوله ع على يقين ظاهر فى اليقين الحادث قبل زمان الشّك واخراج الحكم مخرج التعليل ليس الّا تخريجه مخرج المرتكزات الذّهنيّة عرفا كما انّ قوله ع ولا ينقض اليقين بالشكّ ليس على حقيقة النّهى بل للارشاد الى عدم جريان حكم غير اليقين السّابق وجريان حكم اليقين الحادث قوله وبعد اهمال تقييد اليقين بالوضوء) لا يخفى انّه اذا اخذ اللام فى اليقين للجنس تمّ الاستدلال بكليّة الكبرى وان لم يهمل تقييد اليقين بالوضوء قوله (ولكن مبنى الاستدلال على كون اللّام الخ) يظهر من هذا انّ اهمال تقييد اليقين بالوضوء لا يكفى فى الاستدلال اذا كان اللّام للعهد وهو كما ترى اذ يكون اليقين المعهود من قوله لا تنقض اليقين مهمل الخصوصيّة الّا ان يقال انّ ارادة العهد فى قوّة الذّكر ثانيا وهذا لا يجتمع بظاهره مع الاهمال بل لا يكاد يتوجّه معنى لعهديّة اليقين مع اهمال الخصوصيّة قوله (وقد اورد على الاستدلال بالصّحيحة بما لا يخفى جوابه) فمن ذلك انّ المسألة اصوليّة وهى لا تثبت بخبر الواحد وفيه أوّلا إمكان المنع من كونها اصوليّة كما تقدّم الكلام فى ذلك وثانيا المنع من عدم حجيّته فى المسائل الاصوليّة لما ظهر فى محلّه من عدم جواز التفرقة بينهما وبين المسائل الفرعيّة فان ثبت حجيّة خبر الواحد كان حجّة مطلقا وان لم يثبت فليس بحجّة كذلك وثالثا المنع من كون الصّحيحة من اخبار الآحاد للعلم الاجمالى بصدور خبر من اخبار الاستصحاب ولو لم تكن متواترة معنى فهى متواترة لفظا غاية الامر وجوب الاخذ بالالفاظ المتّفق عليها مجموع تلك الأخبار ومنه أنّه لا معنى لعدم نقض اليقين بالشكّ فانّ اليقين ينتقض بالشكّ قهرا ضرورة عدم امكان اجتماعهما وفيه انّه يرجع الى نفى الآثار والاحكام امّا باخذ اليقين فى قوله ع ولا ينقض اليقين ابدا بالشكّ بمعنى المتيقّن وامّا بتقدير المضاف اى لا ينقض احكام اليقين السّابق بالشكّ اللّاحق لكن لا بدّ على هذا ان يلاحظ اليقين بوصف كونه مرآتا وطريقا الى الحكم لا موضوعا او جزء موضوع فانّ الحكم يزول بزواله على هذا التقدير لتبدّل عنوانه ومنه إنّها معارضة بادلّة البراءة والاحتياط وفيه ما سيجيء ذكره فى ادلّة النّافين ومنه إنّها لو دلّت على اعتبار الاستصحاب لمنعت من اعتبار نفسها لانّ صدورها عن المعصوم ع مشكوك

٥١٦

ومقتضى الاستصحاب عدم الصّدور وما يستلزم من وجوده عدمه محال وفيه ما لا يخفى.

قوله (ومنها صحيحة اخرى لزرارة مضمرة ايضا) رواها الشّيخ فى التهذيب في زيادات الطّهارة عن حسين بن سعيد عن حمّاد عن حريز عن زرارة ورواها الصّدوق فى العلل بطريق حسن بابراهيم بن هاشم مسندا الى ابى جعفر ع هكذا الصّدوق عن ابيه عن علىّ بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عن حمّاد عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام وحيث كانت الروايتان متّحدتين كان الخبر بمنزلة المسند فلا يضرّه الاضمار فى أحدهما ومورد الاستدلال فقرتان الاولى قوله ع لانّك كنت على يقين الثّانية قوله ع فى ذيل الرّواية فليس ينبغى لك ان تنقض اليقين بالشكّ قوله (وارادة الجنس من اليقين لعلّه اظهر هنا) امّا بالنّسبة الى الفقرة الاولى فلعدم تطرّق احتمال كون القضيّة جزاء فيها لعدم وجود الشرط وامّا الثانية فلعدم سبق يقين فيها ووجه التعبير بلعلّ ما ستسمعه من انّ تفريع عدم نقض اليقين على احتمال تاخير الوقوع يابى من حمل اللّام على الجنس قوله (لكن عدم نقض ذلك اليقين بذلك الشّك الخ) هذا اشكال على ظاهر الرّواية وحاصله انّ عدم اعادة الصّلاة المقطوع بوقوعها مع النّجاسة بعدها ليس من آثار اليقين بالطّهارة قبل ظنّ الاصابة والشّك حين ارادة الدخول فيها بل الإعادة حينئذ من آثار القطع بفقدان شرط الصّلاة حال الدّخول فيها بعدها فوجوب الاعادة لا يكون نقضا لليقين بالشكّ بل هو نقض لليقين باليقين لكونه من آثار فقدان الطّهارة الواقعيّة فلا يحسن التعليل بذلك كما هو ظاهر قوله ع وليس ينبغى لك ان تنقض اليقين وظاهر قول السائل بعد حكمه عليه‌السلام بعدم الاعادة قلت ولم ذلك وقد يؤجّه حسن التعليل بانّ عدم الاعادة وصحّة الصّلاة مع الطّهارة المتيقّنة السابقة لموافقتها لامرها فعدم الاعادة من آثار اجزاء الصّلاة مع الطّهارة المتحقّقة السابقة عن الواقع ويكون الحكم بتعليله مثبتا لقاعدة الاجزاء فى المورد واجاب عنه بأنّ عدم وجوب الاعادة وان كان من آثار اجزاء الامر الظّاهرى الّا انّ الإعادة لاحراز الطّهارة الواقعيّة ليس نقضا لليقين بصحّة الصّلاة مع الطهارة الظاهريّة بمعنى توجّه امر الصّلاة بها وحصول الامتثال بموافقة هذا الأمر مع انّ المستفاد من قوله ع وليس ينبغى لك ان تنقض بالشكّ كون الاعادة نقضا ويمكن تصحيح التوجيه المذكور بانّ معنى نقض اليقين هو الاعتقاد بعدم كفاية ما تيقّن صحّتها والحكم بوجوب الاعادة او نقض البناء على عمله ورفع اليد عن العمل الداعى اليه يقينه وحينئذ فوجوب الاعادة لاحراز الطّهارة الواقعيّة نقض للبناء على اليقين بصحّة الصّلاة مع الطّهارة الظاهريّة الموجبة للاجزاء نعم لو كانت الطّهارة من الشروط الواقعيّة ولم يكن الامر الظاهرى مقتضيا للاجزاء لم تكن الإعادة حينئذ نقضا لليقين بالشكّ وكانت نقضا باليقين لانّها حينئذ من آثار العلم بوقوع الصّلاة مع فقد شرطها وهو الطّهارة الواقعيّة كما أنّ ما ذكره ره أخيرا لا وجه له ظاهرا

٥١٧

فانّ قوله ع لا ينقض اليقين بالشكّ ابدا فى صحيحة الوضوء ليس علّة لعدم ايجاب الوضوء بل هو علّة للبناء على الوضوء السابق الّذى كان داعيه اليقين ويمكن توجيه حسن التعليل بوجه آخر وهو انّ الحكم بعدم الاعادة يكون تعبّديّا ومفيدا لكون الطّهارة شرطا علميّا والتّعليل ليس لعدم وجوب الاعادة بل لمشروعيّة الدّخول فى الصّلاة مع الطّهارة المتحقّقة سابقا حيث انّ التعبّد بعدم الاعادة بعد القطع بعدم الطّهارة واقعا متوقّف على صحّة الصلاة حين الدّخول بها مع الالتفات الى الشكّ اذ من الواضح انّ التعبّد بعدم الاعادة بدون صحّتها حين الدّخول بها غير معقول عقلا وشرعا مع الالتفات فالمراد من عدم نقض اليقين بالشكّ هو بيان الصحّة عند الدّخول مع الشكّ فالسائل سأل بقوله ولم ذلك عن وجه الحكم بعدم الاعادة مع انّ مقتضى الشكّ والالتفات عدم الصحّة ومعه كيف يمكن التعبّد بعدم وجوب الاعادة فعلّل ع حكمه بعدم وجوب الاعادة بما يوجب صحّة الدّخول مع الشكّ وهو البناء على طبق الحالة السابقة عملا فلو فرض كون الدّخول غفلة كان الحكم بعدم وجوب الاعادة غير متوقّف على بيان الحكم الاستصحابى ولكن الانصاف انّه خلاف الظّاهر بل الجملة على تقدير انّه رأى ما يعلم انّها الّتى خفيت عليه قبل الصّلاة يكون تعليلا امّا لنفس عدم وجوب الاعادة او للبناء على طهارته حين الشكّ قوله (كما هو ظاهر قوله ع بعد ذلك فتعيد الخ) وذلك يقتضى اولويّة الحكم بالاعادة والفساد فيما اذا علم بوقوع تمام الصّلاة مع النّجاسة فلا بدّ ان يكون المراد غير هذا الوجه قوله (وشكّ فى موضعها ولم يغسلها نسيانا) وفعل بعض الصّلاة غفلة ثمّ التفت وحصل له العلم بموضع النّجاسة فالحكم بالاعادة ح فى هذه الصّورة لا يلازم بالاولويّة القطعيّة الحكم بالاعادة فى الصّورة الاولى وانت خبير بضعف هذا الحمل لانّه مخالف لقوله ع بعد ذلك وان لم تشكّ ثمّ رأيته لانّه ليس المراد منه الشكّ فى الموضع بعد القطع بالوقوع بداهة بل المراد من قوله تنقض الصّلاة بقرينة المقابلة هو الشكّ فى اصل النّجاسة لا فى موضعها مع القطع بها كما زعمه قوله (وهذا الوجه سالم ممّا يرد على الاوّل) من كون الاعادة نقضا لليقين باليقين لا بالشكّ لانّ المفروض عدم علمه بوقوع صلاته مع النّجاسة فالاعادة معه نقض لليقين بالشكّ الّا انّه مخالف لقول السائل فرأيت فيه إلخ لأنّ الظّاهر منه رؤية النّجاسة الّتى احتملها قبل الصّلاة الّا انّ ارتكاب هذا اولى من ارتكاب ما يرد على الوجه الاوّل ولكن يرد على هذا الوجه اشكال آخر وهو انّ عدم الاعادة والصحّة الواقعيّة وان كان من آثار الطّهارة المتحقّقة سابقا الّا انّه ليس من الآثار الشرعيّة المجعولة لها كما ذكره المصنّف فى الوجه الاوّل وحينئذ لا يحسن تعليل عدم الاعادة بكونها نقضا لليقين بالشكّ قوله (يابى من حمل اللام على الجنس فافهم) لعلّه اشارة الى انّه يمكن ان يكون التفريع على احتمال الوقوع بملاحظة

٥١٨

نفس الاحتمال لا باعتبار متعلّقه حتّى يكون للعهد والخروج من الجنس الى العهد يحتاج الى قوّة الدّلالة بحسب القرائن الحاليّة او المقاليّة بحيث يوجب امتناع ارادة الجنس لفظا او معنى.

قوله (ومخالف لظاهر الفقرة الاولى) فانّ صدر الرّواية هكذا عن زرارة عن احدهما عليهما‌السلام قال قلت له من لم يدر انّه فى اربع هو ام فى ثنتين وقد احرز ثنتين قال يركع ركعتين واربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهّد ولا شيء عليه قوله (فالمراد باليقين كما فى اليقين الوارد فى الموثّقة) ويمكن ان يقال فى معنى الرّواية انّ الغرض تطبيق المورد على الحكم الاستصحابى وانّ مقتضى الاستصحاب هو البناء على عدم وقوع المشكوك بترتيب آثاره الشرعيّة عليه وهذا مفاد قوله ع ولا ينقض اليقين بالشكّ وقوله لا يدخل الشكّ فى اليقين الى آخر الفقرات بناء على ما هو الظّاهر من كونها مؤكّدات لا مؤسّسات وقوله ع قام فاضاف اليها يراد منه الاضافة منفصلة بمعونة صدر الرّواية وسائر الاخبار الواردة فى هذا الباب وبالجملة بيان الاثر الشرعى للبناء على عدم وقوع المشكوك فى المورد ومثله وما بعده الّذى هو مفاد الاستصحاب تعليل لما ذكره من ترتيب اثر عدم وقوع المشكوك بالاتيان به منفصلا ولعلّ هذا المعنى اقرب الى الفهم بالنظر الى مجموع الصّحيحة خصوصا صدرها اذ حملها على التقيّة مناف لصدرها تنافيا كلّيا والاخبار الواردة فى هذا الباب كلّها مبنيّة على خلاف التقيّة وحمل اليقين على وجوب تحصيل اليقين بعدد الركعات على الوجه الاحوط بعيد من مساق ظهور الرّواية كما اعترف به المصنّف وكون الاتيان بالركعة على هذا الوجه محصّلا للبراءة اليقينيّة دون ما يراه العامّة شيء آخر لا مدخليّة له بظاهر الكلام حتّى يؤخذ اليقين متعلّقا بالبراءة مع انّ اليقين بالبراءة هنا ايضا يرجع محصّله الى ما ذكر من انّ قوله ع قام فاضاف اليها اخرى حكم تعبّدى والتعليل بقوله ولا ينقض اليقين بالشكّ انّما هو بملاحظة كونه الاثر الشرعىّ للبناء على عدم وقوع المشكوك فالرواية ناظرة الى عدم نقض اليقين بالشكّ والتعبّد بترتيب الاثر الخاصّ لا الى العمل باليقين بالبراءة وان كانت حكمة هذا الاثر الخاصّ البراءة على كلّ تقدير فهى لبيان الاثر الخاصّ المترتّب على البناء على الاقلّ وبناء على هذا المعنى لا يحتاج الى تكلّف اخراج موردها عن عمومها للتقيّة حتّى يشكل بانّ اخراج المورد عن العامّ والتقيّة فى اجراء القاعدة فى المورد لا فى نفسها يوجب وهنه بحيث لا يصلح للاستدلال به قوله (وامّا احتمال كون المراد من عدم نقض اليقين بالشكّ الخ)

المحتمل صاحب الفصول فى مقام دفع ما اورد واعلى الروايات بضعف السّند فى بعض وقصور الدّلالة فى آخر فانّه قال ما حاصله انّه لا منافاة بين دلالة الرّواية على اعتبار الاستصحاب كليّة حتّى فى المورد بالبناء على عدم وقوع المشكوك وما استقرّ عليه المذهب من البناء على الاكثر والاتيان بالركعة المنفصلة لانّ مقتضى الاستصحاب هو الحكم بعدم اتيان ما وقع الشكّ فى وقوعه وذلك لا

٥١٩

ينافى الحكم باتيانه منفصلا قوله (من المخالفة لظاهر الفقرات الستّ) ان كان قوله ع فيبنى عليه تفريعا على ما قبله او السّبع ان لم يكن كذلك بل كان امرا مستقلّا قوله (واضعف من هذا دعوى انّ حملها على وجوب الخ) ربما يستفاد هذه الدّعوى من الفصول وان صرّح بها بعض آخر ووجه الأضعفيّة انّه لا جامع بين المعنيين لان عدم نقض اليقين بالشكّ فى الاستصحاب انسحاب آثار المتيقّن السّابق فى زمان الشكّ وفى قاعدة الشغل لزوم تحصيل ما يوجب اليقين بالامتثال وعدم الجامع بينهما ظاهر قوله (وممّا ذكرنا ظهر عدم صحّة الاستدلال بموثّقة عمّار) كأنّ مراده ره ابداء القرينة ممّا ذكره سابقا على ارادة يقين البراءة من هذه الرّواية اى اذا شككت فابن على اليقين بالبراءة بالعمل بالاحتياط على وجه خاصّ وتقريره عليه‌السلام اصليّته يوافق ما جعل اصلا فى اخبار الشّكوك والّا فالمنافاة بين هذه الرّواية بجعل الاصل فيها البناء على الاقلّ والرّوايات الأخر بجعل الاصل البناء على الاكثر تفتقر الى العلاج ولا يخفى عليك انّ المناسب لاطلاق الاصليّة ارادة ما يطابق الحكم الاستصحابى من الاخذ باليقين المتحقّق لانّ وجوب العمل بالاحتياط ليس اصلا كلّيا فى جميع الموارد نعم اليقين بالبراءة اصل لو كان المراد من قوله ع اذا شككت الشكّ فى اعداد الصّلاة وليس فى الرّواية ما يدلّ على خصوص ذلك والإيراد بعدم دلالة الرواية على ارادة اليقين السّابق على الشكّ ولا المتيقّن السّابق على المشكوك اللّاحق ممنوع فانّ حمل البناء على اليقين على ايجاب البناء على اليقين المتحقّق سابقا اقرب من حمله على اليقين بالبراءة من حيث التعبير بالفاء وكون اليقين متعلّقا بما تعلّق به الشكّ وظهور اليقين فى المتحقّق لا فيما الزم بالبناء عليه فى حال الشكّ باعتبار كونه مفيدا لليقين بالبراءة والحاصل انّ وجوه معانى الموثّقة ثلاثة الاوّل البناء على اليقين المتحقّق بما تعلّق به الشكّ الثانى البناء على اليقين المتعلّق بغير المشكوك من الفعل الخارجى اى العمل بالاحتياط فى شكوك اعداد الصّلاة الثالث البناء على اليقين الزائل بالشكّ كما هو المراد فى الرّواية الآتية ودعوى ظهور الموثّقة فى المعنى الاوّل قريبة جدّا وينطبق على الاستصحاب خصوصا مع جعله اصلا كلّيا على الاطلاق قوله (فهو اضعف دلالة من الرواية الآتية) الظاهر من مجموع كلامه ره دعوى الاجمال فى الموثّقة لا ظهورها فى اليقين بالبراءة وجعل احتمال الموثّقة لارادة ايجاب العمل بالاحتياط بالقرائن الّتى تقدّم منعها من دون جرى هذا الاحتمال فى الرواية الآتية لصراحتها فى اليقين السّابق وجها لأضعفيّة دلالة الموثّقة على الاستصحاب من الرواية الآتية والإنصاف أنّ الموثّقة اقوى دلالة على الاستصحاب من تلك الرّواية من حيث التعبير فيها بمن كان على يقين فشكّ الدالّ على اختلاف الشك واليقين

٥٢٠