تسديد القواعد في حاشية الفرائد

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري

تسديد القواعد في حاشية الفرائد

المؤلف:

الشيخ محمّد الإمامي النجفي الخوانساري


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٩

الى غير من قصد إفهامها إنّما الاشكال فى انّ حجيّة هذا الاصل اى اصالة عدم القرينة هل هى من باب التعبّد الصّرف او من باب وصف حصول الظّن النوعى او الشّخصى او من باب الظهور العرفى وعلى التقديرين الاوّلين هل يكون الاصل حجّة مط سواء حصل الظّن بالخلاف او لم يحصل او يكون حجيّته مقيّدة بما اذا لم يحصل الظّن بالخلاف سواء كان الظّن المخالف حاصلا من امارة نعلم بعدم اعتبارها فى الشرع كالظنّ الحاصل من القياس والاستحسان او من أمارة غير معتبرة ولم يمنع عنها كالحاصل من الشهرة والاجماع المنقول والاستقراء وامثالها او يكون حجيّته مقيّدة بعدم الظّن بالخلاف لكن لا مط بل على نحو التفصيل فان كان الظّن المخالف من قبيل الاوّل فالاطلاق وان كان من قبيل الثانى فالتقييد وجوه بل اقوال وتوضيح ذلك انّ اثبات كون معنى مرادا للمتكلّم يتوقّف على امرين وجود المقتضى الّذى هو استعمال اللّفظ الموضوع مع قصد المتكلّم لمعنى فى الجملة ورفع المانع الّذى هو وجود القرينة الصارفة ضرورة انّ مجرّد وجود المقتضى لا يكفى فى اثبات انّ هذا هو المراد لانّ المعلول يستند الى علّته الّتى هى وجود المقتضى وعدم المانع وحيث انّا قد احرزنا المقتضى اعنى وضع اللّفظ للمعنى واستعماله من المتكلّم مع تحقّق قصد الافهام فلا بدّ من احراز عدم المانع فمرّة يحصل العلم بعدم القرينة ولا كلام فى انّه يجب العمل على طبقه من العمل بالمعنى الحقيقى المراد وأخرى لا يعلم وجود القرينة او قرينيّة الموجود وهنا هو محلّ الكلام فنقول انّ حجيّة ظواهر الالفاظ واعتبار تلك الامور العدميّة هل تكون من جهة انّ نوع هذا الامر العدمى مثلا فى نفسه لو خلّى وطبعه يفيد الظّن وان لم يفده فى بعض المواضع لاجل وقوع الشّهرة مثلا على خلافه بل ولو قام هناك ما يوجب الظّن الشخصىّ بالخلاف بشرط عدم اعتباره فهذا الظّن كاشف بالنّوع من انّ المقتضى يطابق الواقع كشف عن الواقع ام لا نظير الاصول العمليّة على القول بافادتها للظنّ نوعا أو من جهة الظّن النّوعى بالمعنى المتقدّم بشرط عدم حصول الظّن الشّخصى على خلافه أو من جهة نفس وضع اللّفظ من غير اعتبار كشف وظنّ فى ذلك ولو نوعا فيكون من باب التعبّد الصرف المعبّر عنه فى كلام جماعة كالمرتضى وصاحب المعالم بالسببيّة المطلقة وعليه يكون البناء على اصالة الحقيقة مثلا عند الشّك فى ارادة المعنى الحقيقى او المجازى من قبيل قول الشارع اذا شككت بين الثلاث والاربع فابن على الأربع او من جهة إفادة الظّن الشخصى ويدور الحجيّة وجودا وعدما مدار حصوله ثمّ انّ المدرك بناء على حيثيّة الظّن النّوعى يحتمل ان يكون من احدى جهات الاولى ان يكون من جهة الاعتبار بمطلق الاستصحاب وجوديّا وعدميّا من باب الوصف لا من باب التعبّد بمعنى انّ نوع الممكنات والحوادث متى شكّ فى زوالها وانعدامها او تحقّقها ووقوعها بعد العلم بوجودها او عدمها يظنّ فيها بقاء الحالة السّابقة ولا يعتنى باحتمال عروض ما خالفها واصالة عدم القرينة من افراده الثانية أن يكون اعتبار عدم القرينة من جهة اعتبار الاستصحاب فى

٢٠١

مطلق العدميّات خاصّة الثالثة أن يكون من جهة دعوى قاعدة مقرّرة عند العقلاء وهو البناء على العدم عند الشّك فى وجود شيء لم يعلم حدوثه وذلك لاجل حصول الظّن بالعدم وان لم يلاحظ فيه الحالة السّابقة كما فى بنائهم على اصالة البراءة عند الشّك فى وجود التّكليف بناء على انّه من باب حصول الوصف كما اختاره بعض الرّابعة أن يكون من جهة دعوى قاعدة المقتضى وعدم المانع فانّه متى احرز المقتضى عندهم وشكّ فى وجود المانع فبنائهم على الاخذ بالمقتضى وترتيب آثاره ودفع المانع بالأصل وذلك من حيث الظّن بعدمه اذا عرفت هذا كلّه فاعلم انّه لا ينبغى الاشكال فى انّ حجيّة اصالة عدم القرينة ليست من حيث الظّن الشخصى لوجوه الاوّل طريقة العرف وبناء العقلاء ألا ترى انّ المولى اذا امر عبده باكرام العدول مثلا وتردّد العبد فى وجوب اكرام زيد العادل بسبب احتمال خروجه عن العموم من جهة كونه عدوّا للمولى او غير ذلك فترك اكرامه معتذرا بانّه لم يحصل له الظّن بوجوب اكرامه لذمّه العقلاء وصحّ مؤاخذته من المولى الثانى الاجماع العملى من الصّدر الاوّل الى الآن على العمل باصالة الحقيقة والبناء على عدم القرينة ولو لم يحصل الظّن الفعلىّ فان قلت هذا مناف لما اشترط بعضهم فى بحث العامّ من عدم جواز العمل به لمكان العلم الاجمالى بوجود المخصّصات الّا بعد الفحص التامّ عن المعارض بحيث يحصل العلم او الظّن الفعلى بعدمه وهذا ينافى العمل باصالة الحقيقة او العموم من باب التعبّد او الظّن النوعى قلت إنّما اشترطوا فى جواز العمل بالعامّ الفحص عن المخصّص فى المعارضات والمخصّصات الموجودة فى ايدينا الى ان يحصل العلم او الظّن بعدمه كذلك واين هذا من حصول العلم او الظّن بمراد المتكلّم مع احتمال معارض او قرينة حاليّة او مقاليّة فى الواقع لم يصل الينا ولم يكن موجودا فيما بايدينا وقد قيل انّ زرارة كان حافظا خمسين الف حديث ولم يصل الينا منه الّا خمسين حديثا الثالث الاخبار الكثيرة الدّالة على ذلك بظاهرها منها ما سبق من رواية عبد الاعلى حيث قال ع فى جوابه هذا وشبهه يعرف من كتاب الله وما جعل عليكم فى الدّين من حرج فالاحالة الى الكتاب فى استفادة حكم المسألة اقوى شاهد على المدّعى سيّما بعد ملاحظة كونه فى غاية الصّعوبة لاستلزام التفكيك فى التّركيب العقلى والقيد والمقيّد فانّ الواجب فى الوضوء هو المسح المقيّد بمباشرة الماسح للرّجل وبعد انقطاع الظّفر وجعل المرارة على الأصبع يكون الأمر دائرا بين سقوط اصل المسح كما هو القاعدة فى المقيّد بعد ذهاب قيده وانتفاء القيد خاصّة وفى الاحالة الى الكتاب تنبيه على انّ فوات القيد لا يوجب فوات اصل المسح فهذا الخبر كالصّريح فى انّ الأخذ بظاهر الكتاب لا يعتبر فيه حصول الظّن الشّخصى لوضوح انّ الآية ليست ظاهرة فى المقصود كذلك وامّا حجيّتها من حيث التعبّد فيرد عليها انّ التعبّد ان كان من الشّرع للاستصحاب فلا مدخليّة للشارع

٢٠٢

فى استفادة المرادات من الألفاظ ولو كان هو الواضع فانّ الظهور المسبّب عن احراز المقتضى وعدم المانع امر عرفىّ منوط بفهم العرف ونظره وليس من الموضوعات الخارجيّة المترتّبة عليها الآثار الشرعيّة وان كان من العقل وبناء العقلاء فالعقل عند الشّك فى وجود شيء وعدمه لا يحكم بلزوم البناء على عدمه من دون جهة مرجّحة له يتّكل عليها والترجيح بلا مرجّح محال وامّا حجيّتها من حيث الظّن النوعى فهى وان كانت غير بعيدة باعتبار انّ غلبة حصول الظّن من الظواهر صارت عند العرف فى بدو الامر حكمة لاعتبار الظّواهر لاختلال امور معاشهم ومعادهم على تقدير عدم اعتبار الظاهر وعدم الاعتناء بالقرينة على الخلاف ولكنّ الاولى من هذا ما هو مختار المتن من كون مناط الحجيّة والاعتبار وعدم الاعتناء باحتمال الخلاف فى دلالة الالفاظ هو الظّهور العرفى لما نرى من انّ اللّفظ يحمل عند العرف على ما يرونه ظاهرا فيه من جهة دلالته وحكايته عن المراد من دون فرق بين افادته الظّن بالمراد وعدمها ولا بين وجود الظّن الغير المعتبر على خلافه وعدمه ومن دون فرق بين الالتفات الى الكشف النّوعى بالنّظر الى نفس الوضع وعدمه ويتّضح ما اختاره زيادة على ما عرفت بما سيذكره فى ردّ التفصيلين فافهم واغتنم ولكن ليعلم انّه لا ينبغى الأشكال فى انّ العمل باصالة الحقيقة والعموم واصالة عدم القرينة والتخصيص فى الآيات والاخبار الّتى بايدينا مشروطة بالفحص عن القرينة والمعارض كما هو الشّأن فى جميع الادلّة الظاهريّة والاصول وخالف فى ذلك بعض الاصحاب منهم صاحب المناهج ره على ما حكى عنه فقالوا بعدم لزوم الفحص عن شيء منهما مستدلّين بوجوه ضعيفة أحدها أنّ الفحص عن القرينة ليس بواجب اتّفاقا فكذلك فى العامّ عن المخصّص لاشتراكهما فى احتمال ارادة خلاف الظّاهر والوقوع فى خلاف الواقع وفيه منع الاجماع على عدم وجوب الفحص عن القرينة فيما اذا كان الظّاهر من الكتاب او السّنّة فانّ مدرك اصالة الحقيقة امّا الإجماع والمسلّم منه فيهما بعد الفحص لا قبله وامّا بناء العرف والعقلاء وهو ايضا كذلك ولا فرق فى ذلك بين احتمال وجود القرينة او المخصّص والمعارض للعلم الاجمالى بانّ كثيرا من ظواهر الكتاب والسّنّة قد اريد منها خلافها ومن الواضح انّ العرف والعقلاء لا يعملون بالظّاهر فيما اذا علم بالإجمال وجود المخالف نعم يتمّ هذا بالنّسبة الى المشافهين الّذين لم يكن لهم حالة منتظرة وقد كانوا عالمين بوجود القرينة او المعارض على تقدير وجودهما بالتّفصيل فكانوا يعلمون غالبا انّ القرينة موجودة ام لا وكذا المعارض فاذا اراد النّبى ص أو احد الائمّة عليهم‌السلام التكلّم معهم كان الكلام علّة تامّة لتفهيم المخاطبين ولو ارتاب المخاطبون فى بعض الأحيان فى قيام القرينة او التّخصيص كان ذلك شكّا بدويّا يدفعونه بالأصول المذكورة وكانوا يعملون بالظّواهر وهذا هو الشّأن فى كلّ خطاب شفاهى من اىّ متكلّم لاىّ مخاطب كان وهذا بخلاف مخاطبة الغائبين الّذين لهم حالة منتظرة فى فهم المراد من الكلام اذا لم يكن من

٢٠٣

قبيل تأليف المؤلّفين فكانّ المتكلّم فى هذا القسم لا يريد جعل كلامه علّة تامّة لأفهام المخاطب لعدم صلاحيّة الكلام له بذاته حينئذ وبالجملة فنحن علمنا بواسطة العلم الاجمالى بوجود القرينة الصارفة والمخصّص بالنّسبة الى الفاظ الكتاب والسّنة انّه ليس مراد الشارع افهام مراداته ومقاصده منها للغائبين سواء قلنا بكونهم مخاطبين بها او بها منضمّة الى القرائن والمخصّصات والعقلاء فى مثل ذلك لا يبنون على اصالة الحقيقة ثانيها سيرة اصحاب الائمّة ع والتّابعين فانّهم كانوا يعملون بالعمومات ويستدلّون بها فى مقام المخاصمة ولم يكن للخصم الرّد عليه باحتمال وجود المعارض وفيه أيضا ما عرفت من ثبوت الفرق الواضح بيننا وبين الصّحابة والتابعين وذلك لمكان علمهم تفصيلا غالبا ثالثها عموم الأخبار الدّالة على جواز التّمسك بالكتاب والسّنة وتقييدها ببعد الفحص لا وجه له وفيه أنّها فى مقام بيان تأسيس الاصل فى وجوب الرّجوع اليهما لا فى مقام بيان تمام شروطه وحدوده وان شئت قلت انّها فى مقام بيان وجوب الرّجوع الى ما هو حجّة منهما عند العرف واهل المحاورة وهذا لا ينافى كون الحجيّة عندهم وعند العقلاء مع العلم بوجود المخصّص مشروطا بالفحص ومن هنا يظهر ضعف ما فصّله المحقّق القمىّ ره في المقام فقال انّ الفحص فى العامّ ليس لاجل احتمال ارادة المعنى المجازى بل لأنّ وجود دليل خاصّ يرفع احكام بعض العامّ محتمل او مظنون وان آل ذلك الى حصول التجوّز فى لفظ العامّ بعد ظهوره والقرينة والمعارض بينهما عموم من وجه لافتراق القرينة عن المعارض بما اذا فسّر لفظ عامّ او مطلق بواحد من افراده بلفظ اى او اعنى ونحوهما بحيث كان بيانا لهما كما فى مثل قوله تعالى (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) المفسّر بالقراءة خلف الإمام وافتراق المعارض عن القرينة فيما اذا اوجب رفع الكلام الاوّل كلّيا بان يكون بينهما تناقض كلّى مثل قوله اكرم النّحاة ولا تكرم النّحاة وتصادقهما فى مثل التخصيص والتقييد ونحوهما ممّا لا يوجب رفع الكلام الاوّل كلّيا فيجتمع فى العامّ الحيثيّتان وتداخل الحيثيّتين لا يوجب تداخل حكميهما والكلام فى لزوم الفحص عن المخصّص انّما هو من جهة كونه معارضا لا من جهة كونه قرينة وعدم اشتراط العمل باصل الحقيقة بالفحص عن القرينة متّفق عليه بينهم ووجه ضعفه أنّ العلم الاجمالى بارادة خلاف الظّاهر من اللّفظ ان كان موجودا كما فى الفاظ الكتاب والسّنّة بالنّسبة الينا وجب الفحص عن كلّ من القرينة والمعارض ودعوى الاتّفاق على جواز العمل باصل الحقيقة بالإضافة الى القرينة ولو قبل الفحص ممنوعة والّا فلا يجب الفحص فى شيء منهما كما بالنّسبة الى المشافهين فان قيل انّ العلم الإجمالي بوجود احكام الزاميّة وبورود مقيّدات ومخصّصات وقرائن منفصلة فيما بايدينا من الكتب بعد الفحص والعثور على مقدار معلوم يطابق مقدار المعلوم بالإجمال يوجب

٢٠٤

انحلال العلم الإجمالي كما هو الشّأن فى كلّ علم اجمالى تردّدت اطرافه بين الاقلّ والاكثر والزائد شبهة بدويّة تجرى فيها الأصول اللفظيّة والعمليّة بلا لزوم فحص عن القرينة والمعارض وهذا ينافى القول بوجوب الفحص عند كلّ شبهة قيل انّ العلم الاجمالى انّما يكون على نحو المنفصلة المانعة الخلوّ وطرفاها تارة يكون حين العلم من اوّل الامر احدهما متيقّنا والآخر مشكوكا كما لو علم بانّه مديون لزيد امّا خمسة دراهم او عشرة واخرى لا يكون طرفا العلم كذلك بل كان العلم متعلّقا بجميع الطرفين او الاطراف بحيث لو كان الاكثر هو الواجب لكان ممّا تعلّق به العلم لا ان يكون مشكوكا من اوّل الأمر بحيث لم يصبه العلم بوجه من الوجوه وهذا كما لو علم بانّه مديون لزيد بما فى الدفتر فانّ جميع ما فى الدفتر من دين زيد قد تعلّق العلم به فلو فرضنا كان دينه لزيد فى الدفتر عشرة دراهم فقد اصابه العلم لمكان وجوده فى الدفتر ولم يكن مشكوكا ابتداء وفى القسم الاوّل ينحلّ العلم بالعثور على القدر المتيقّن وهو الاقلّ والزائد كان مشكوكا من اوّل الأمر ولم يتعلّق به العلم أصلا وفى الثّانى لا ينحل العلم الاجمالى بالعثور على القدر المتيقّن اذ بعد ما اصاب العلم ما هو الزائد عليه من اوّل الامر لا مؤمّن له على تقدير ثبوته فى الواقع وهذا القسم حاله فى العلم الاجمالى حال المتباينين وهذا الفرق انّما نشأ من حيث انّ الأطراف فى الأوّل لم تكن معلمة بعلامة تعلّق بها العلم بل كان العلم متعلّقا بنفس الاطراف المردّدة بين الاقلّ والاكثر وهذا بخلاف القسم الثّانى فانّها تكون معلمة بعلامة تعلّق العلم بها والمقام من الثّانى للعلم بانّ كثيرا من ظواهر الكتاب والسنّة لها مخصّصات ومقيّدات فيما بايدينا من كتب الأخبار وعلى هذا فلا بدّ فى العمل بالاصول لفظيّة او عمليّة من الفحص التامّ عن وجود المعارض مط فى الاخبار الّتى بايدينا وبالجملة لا اشكال فى حجيّة اصالة الحقيقة والعموم والاطلاق وغيرها قبل الفحص عن المعارض للظهور العرفى ولبناء العقلاء على العمل بها بمجرّد السّماع من المتكلّم بها ما لم يعلم بارادة خلاف الظّاهر تفصيلا ولم تكن من اطراف ما علم تخصيصه اجمالا ومن هنا تبيّن حال الاجماع الّذى ادّعى فى بعض الكلمات فان هذا الإجماع لو كان معناه تعبّد الشارع للمكلّفين بعدم العمل بالعامّ قبل الفحص بعد كون طريقة العرف والعقلاء على العمل ليكون هذا الاجماع من قبله ردعا لطريقتهم فهو فرية وبهتان وان كان معناه اطباق العقلاء على ذلك فمنعه اوضح من ان يخفى لما عرفت من معلوميّة طريقتهم فانّا نرى من دون ريب قيام السّيرة منهم على كون الكلام الملقى حجّة للمولى على العبد بحيث يصحّ له ان يؤاخذه بترك العمل ولا يصحّ له الاعتذار باحتمال التّخصيص إلّا انّك قد عرفت وجوب الفحص فيما قام العلم الاجمالى على وجود معارض لتلك الاصول وكذا فيما كان كلام المولى معرضا للتّخصيص وغيره كما اذا كان ممّن صدر عنه العامّ كثيرا وقد خصّصه بالدليل المنفصل واحتمل فى كلامه هذا ما هو من طريقته فانّهم لا يبنون على العمل بعموم كلامه قبل الفحص ثمّ إنّه يظهر ممّا ذكرنا انّ الفحص اللّازم فى المقام غير الفحص الّذى

٢٠٥

يعتبر فى الاصول العمليّة وتوهّم وحدتهما كما يظهر من بعض فى غير محلّه فانّ البحث عن الدّليل الاجتهادى فى الأصول العمليّة انّما هو لتنقيح موضوعها اذا كانت من الأصول العقليّة فان العقل يحكم بقبح العقاب بلا بيان ولا يكاد يتحقّق هذا الموضوع الّا بعد الفحص واذا كانت من الاصول الشرعيّة فاطلاق دليلها وان دلّ على حجيّتها على سبيل الاطلاق سواء كان فى موردها دليل اجتهادى ام لا الّا انّ الاجماع القطعى قد قام على تقييده بما اذا لم يكن هناك دليل اجتهادى وبعد قيام الاجماع يكون الفحص لتنقيح الموضوع وهذا بخلاف الفحص فى المقام فانّه بحث عن المعارض بعد وجود المقتضى وبالجملة قبل الفحص عن الدّليل الاجتهادى فى الاصول العمليّة بكلا قسميها لا حجّة اصلا وامّا الاصول اللفظيّة فالحجّة فيها موجودة قبل الفحص والفحص انّما هو عن المانع والمعارض واين هذا من ذاك وتمام الكلام فى الفحص عن خلاف الظهور يطلب فى مبحث العامّ قوله (فليس من جهة مزاحمة الشّهرة الخ) لا يكون المراد من الوهن بالشهرة عندهم الّا ما هو المراد من جبر ضعف الخبر بها وليسا الّا من حيث السّند امّا الوهن فلانّ العمدة فى دليل حجيّة الخبر هو الاجماع قولا وعملا وذلك منتف فى الخبر المخالف لفتوى المشهور قوله (وهذا وان لم يرجع الى الاستصحاب المصطلح) لانّ قوام الاستصحاب باحراز اليقين السّابق والشّك اللاحق وهذا المعنى مفقود فى المقام فانّ شمول العامّ وثبوت حكمه للفرد المشكوك فى تخصيصه به مشكوك ابتداء الّا أن يؤجّه بانّ الحكم المستفاد من الظاهر بدوا كان واجب العمل بحكم العرف فيستصحب حين الشّك وهذا هو المراد من استصحاب الظاهر حتّى يثبت التاويل لا انّ المستصحب هو الظهور حتّى يستشكل بانّ الظهور امر وجدانى لا واقعىّ فلا يجرى فيه الاستصحاب او يرجع الاستصحاب الى اصالة عدم التخصيص قوله (وربما فصّل بعض المعاصرين) هو المحقّق الشيخ محمّد تقى وكلامه مع غيره يكون صغرويّا كما سيشير اليه المصنّف فانّ العامل باصالة الحقيقة مطلقا يدّعى الظّهور كذلك وهو ينكره ويدّعى عدم الظّهور فى القسم الاوّل.

قوله وامّا القسم الثّانى وهو الظّن الّذى يعمل لتشخيص الظّواهر) الأنصاف عدم حجيّة الظّن من حيث اثبات الظهور الوضعى او العرضى كالظنّ بكون الصّعيد هو التراب الخالص او كون الامر عقيب الخطر ظاهرا فى الاباحة لعدم احراز جريان السّيرة عليه نعم في خصوص الظّن الحاصل من قول اللّغوى قد ادّعى حجيّته فى تعيين الظهورات واستدلّ له بوجوه أحدها بناء العقلاء فى كلّ زمان على الرجوع الى اهل الخبرة فى كلّ فنّ كرجوع المريض الى الاطبّاء ورجوع النّاس الى الصّراف فى اختبار النقدين والرجوع الى المقوّم وهكذا رجوع العامى الى المفتى ثانيها انسداد باب العلم فى خصوص اللغات وان لم نقل بالانسداد فى الاحكام

٢٠٦

الشرعيّة بالنظر الى الدليل الرّابع فى حجيّة مطلق الظّن بيانه أنّ تحصيل العلم بمعانى الكلمات الّتى اوردها اللغويّون فى كتبهم غير ممكن لنا وقد اشتمل الكتاب والسنّة على كثير منها وهذا وان لم يثبت به اعتبار الظّن فى الاحكام الشرعيّة الحاصلة من الكتاب والسنّة اذا كان الظّن راجعا الى اصل الصّدور وجهته الّا انّه يثبت به الاعتبار من حيث الظّن الدّلالى من جهة الوضع خاصّة فلا يتوقّف تماميّة هذا الدّليل على تماميّة دليل الانسداد الآتى ولا ضير فى ذلك فانّك تريهم كثيرا ما يستدلّون بقاعدة الانسداد فى بعض الموارد الخاصّة مع انكارهم لحجيّة الظّن المطلق منها تمسّكهم بها فى باب التّعادل والتّرجيح فإن قلت إنّ الظّن المطلق المدّعى ثبوت حجيّة بدليل الانسداد الكبير هو الظّن الشخصىّ الفعلى وقول اللغوى لو افاد الظّن لأفاده بالنّوع قلت الكلام هنا فى افادة قول اللغوى فى نفسه الظّن بالظهور بلا ملاحظة وجود معارض له ولا شكّ انّ الظّن من حيث الوضع لو لم يعارضه امارة اخرى كالشّهرة ونحوها يفيد الظّن الفعلى ايضا نعم بين الظّن المطلق وهذا الظّن فرق وهو انّ دليل الانسداد فى الاوّل يثبت حجيّة كلّ ظنّ تعلّق بالحكم الفرعى بلا واسطة كالظنّ الحاصل بالحكم بواسطة الشّهرة او الاجماع المنقول وهذا بخلاف الظّن الحاصل من قول اللغوىّ فى باب الالفاظ فانّ حصول الظّن بالحكم حينئذ يحتاج الى مقدّمات اخرى ايضا كملاحظة اشتمال الفاظ الكتاب والسنّة عليها وثبوت صحّة سندها وغير ذلك من المقدّمات المحتاج اليها فى تحصيل الظّن بالحكم ومراد الشارع فلا يحصل من قول اللغوىّ مثلا الظّن بالحكم بلا واسطة ويكون المثبت للحكم هو الظّن الحاصل من مجموع تلك المقدّمات او من المقدّمة الأخيرة والظّن الحاصل من قول اللّغوى يكون جزء علّة لحصول الظّن بالحكم بلا واسطة وهو الظّن الحاصل بعد ترتيب المقدّمة الأخيرة فلا تغفل ثالثها اتّفاق العلماء على الرّجوع الى قول اهل اللّغة فى استعلام اللّغات والاستشهاد باقوالهم فى مقام الاحتجاج ولم ينكر ذلك احد على احد وقد حكى عن السّيد دعوى الاجماع عليه بل ظاهر كلامه المحكىّ اتّفاق المسلمين عليه وانّك لترى اعاظم اصحاب الفقه يذكرون اللّفظ كثيرا ويقولون انّه لغة كذا وعرفا كذا ويستندون الى ذلك فى معرفة الحكم حتّى انّ بعضهم اورد فى بعض المقامات بعد ذكر المعنى اللغوىّ والعرفىّ انّ النّسبة بينهما عموم من وجه ولا اشكال فى مادّة الاجتماع ويقع الاشكال فى تقديم احد المعنيين عند الافتراق وبالجملة فالإجماع العملى المقطوع به من الكلّ والاجماع القولى المنقول من اكابر الاصحاب موجود ولا يصحّ إنكاره والجواب امّا عن الاوّل فبمنع الصّغرى اوّلا وذلك لعدم كون اللغوىّ من اهل الخبرة فى باب الاوضاع بداهة كون مرامه ومقصده ضبط موارد الاستعمالات فلا يعرف بالرّجوع اليه المعنى الحقيقى من المجازى واللّغوى وغيره فى تعيين ذلك سواء حيث يحتاج فى تشخيصهما الى اعمال ملاكهما ومن المعلوم عدم اختصاصه به وليس هو الّا كغيره وكون المذكور فى كتب اللغة هى المعانى الحقيقيّة دعوى يكذّبها العلم واليقين وكون المعنى المذكور اوّلا هو الحقيقى مجرّد احتمال لا شاهد عليه ومنع الكبرى ثانيا بمنع كون الرّجوع الى اهل الخبرة من حيث مجرّد كونهم من اهل الخبرة بل حجيّة قولهم

٢٠٧

والاعتماد عليه انّما هو لحصول دليل او امارة معتبرة اخرى عقليّة او شرعيّة معه وهو يختلف باختلاف الموارد ففى مثل الرّجوع الى الاطبّاء فلانّه يحصل من ترك العمل بقول الطّبيب الظّن بالضرر ودفع الضرر المظنون واجب وهو امارة معتبرة عند العقلاء ودعوى حصول الظّن بالضرر من عدم الاخذ بقول اهل اللّغة لانّه مستلزم للظنّ بالضرر الاخروى وهو العقاب فيجب العمل بمقتضاه فاسدة لأنّ العقل حاكم فى الاحكام الشرعيّة بقبح العقاب بلا بيان وكذلك الشرع حاكم بعدمه ما لم يحصل العلم بالتّكليف وفى مثل الرّجوع الى قول الصرّاف فلعدم طريق للمختبر غالبا فى تشخيص القلب الّا ذلك فرجوعه اليه انّما هو لانسداد باب العلم بالنّسبة إليه ودعوى اعتبار قول اللغوى ايضا لذلك رجوع الى الوجه الآتى وأمّا في مثل الرّجوع الى قول المقوّم فالمتيقّن هو الرّجوع اليه مع اجتماع شرائط الشّهادة من العدد والعدالة والرّجوع اليه مع انّه يعتبر فى الشهادة الحسّ او ما فى حكمه لانّ تشخيص القيمة عنده بمنزلة الامر المحسوس فكانّه لغاية مهارته فيها يريها امرا محسوسا ولم ينقل الى الآن اتّكال فقيه على قيّم واحد فى التقويمات وأمّا رجوع المقلّد الى المجتهد فللاجماع والادلّة الخاصّة ولذا يعتبر فيه العدالة وامّا عن الثانى فبما فى المتن بعنوان التوهّم واندفاعه وحاصله أنّ الحاجة الى قول اللغوى انّما هى فى قليل من المسائل ولا اشكال فى البناء على الاصل ح لعدم استلزامه الخروج من الدّين او على الاحتياط لعدم استلزامه العسر والحرج وامّا عن الثالث فبأنّ الاجماع القولى غير محقّق والمنقول لا يفيد سوى الظّن واعتباره كما سيأتى اوّل الكلام واعتبار ظنّ بظنّ آخر لا معنى له وامّا الاجماع العملى ففى غاية السّقوط وعمل العلماء بالرّجوع الى اللغة فهو كما فى المتن امّا فى مقامات احرزوا الظّهور بذلك فى مورد الاستعمال لبعض الخصوصيّات المكتنفة بالكلام فانّ كثيرا ما يتّفق للعالم المراجع الى اقوال اهل اللّغة العلم بارادة المعنى الّذى ذكروه وامّا فى مقامات يتسامح فيها وليست من الفتوى وامّا فى مقام انسدّ فيه طريق العلم وامّا فى غير ذلك فاىّ فقيه فى مقام الفتوى اعتمد على قولهم من حيث انّه قول اللغويّ ولو سلّم ذلك فباىّ وجه يدّعى كون ذلك مستمرّا الى زمان المعصوم ع مع عدم ردع منه بحيث كان الأمر على ذلك الى زمان الائمّة والنّبى صلوات الله عليه وعليهم اجمعين لا يقال فما الفائدة فى الرّجوع الى اللّغة فإنّه يقال قد ظهر من مطاوى كلماتنا ما هو فائدته لما عرفت انّ الرّجوع الى اللّغة قد يوجب القطع بانّ اللّفظ فى مورد الاستعمال ظاهر فى معنى وان لم يعلم بانّه حقيقة او مجاز وهذا المقدار يكفى للمجتهد فى مقام الفتوى وبالجملة الوجوه المذكورة غير وافية لاثبات حجيّة قولهم بالخصوص قوله (كاف فى المطلب فتامّل) الظاهر انّه اشارة الى انّ الانسداد النّاقص الّذى لا يفيد شيئا للاعتراف بانّ موارد الحاجة الى قول اللغوى ليست فى الكثرة بحيث يوجب التوقّف فيها محذورا اذا انضمّ الى الاتّفاقات المنقولة الّتى لا تشملها ادلّة حجيّة الإجماع المنقول لعدم معلوميّة كون الناقلين مستندين الى

٢٠٨

الحسّ او الحدس باقسامه مضافا الى عدم عنوان المسألة فى كلمات جماعة وشيوع الخلاف فيها لا يؤثّر فى الحجيّة ولا يكون هذا الانضمام من تمام السّبب.

قوله (والّذى يقوى فى النّظر هو عدم الملازمة فانّ ثبوتها يتمّ بامرين) الاوّل وجود دليل عامّ يدلّ على حجيّة كلّ خبر اخبر به العدل سواء كان اخباره عن حسّ او حدس الثانى اثبات انّ لفظ الاجماع فى كلام ناقليه محمول على معناه الحقيقى المصطلح اى الاتّفاق الكاشف عن قول المعصوم ع وذلك لانّ حجيّة الاجماع المنقول بخبر الواحد يحتاج الى اثبات البناء على صدور مضمونه تعبّدا وهو الأمر الاوّل والى اثبات جهة دلالته اى تشخيص مدلول لفظه وهو الأمر الثّانى وكلاهما فى خيّر المنع قوله (كما عمل بفتاوى علىّ بن بابويه قه) تقريب للعمل بفتوى الفقيه اذا كشف عن صدور الحكم فانّ عمل الفقهاء بفتاويه عند اعواز النّصوص كان لاجل ما اطّلعوا عليه من رجوع فتاويه الى نقل الروايات بالمعنى ولا يتوهّم أنّ المصنّف اراد انّ الفقهاء لمّا استفاد والمناط المذكور من الأخبار الّتى اقيمت على حجيّة خبر الواحد عملوا لذلك بفتاوى علىّ بن بابويه قدس‌سره قوله (ولذا يعتبرون فى الشّاهد والرّاوى الضّبط) يؤيّد ما ذكره من دلالة الآية على عدم الاعتناء باحتمال تعمّد العادل فى كذبه لا وجوب البناء على عدم خطائه فى حدسه امور ثلاث الاوّل اعتبار الضبط فى الشّاهد والرّاوى فانّ الظاهر انّه ليس الّا من جهة انّ آية البناء لا تدلّ الّا على قبول قول العدل اذا انتفى احتمال الغفلة فى خبره ولو بالاصل وامّا اذا لم ينتف هذا الاحتمال فلا دليل على اعتبار قوله الثّاني انّه لم يستدلّ احد على حجيّة قول الفقيه بآية النّبإ الثالث ذهاب المعظم بل اطباقهم كما فى الرّياض الى عدم اعتبار الشهادة فى المحسوسات اذا لم تستند الى الحسّ قوله (وان علّله فى الرّياض بما لا يخلو عن نظر) فانّ من الواضح صحّة استعمال الشّهادة بمعناها الحقيقى فى الشّهادة بالتّوحيد والرسالة وغيرهما من الامور الغير الحسيّة مضافا إلى انّ من ادلّة حجيّة خبر العدل فى الموضوعات ما ليس فيه لفظ الشّهادة ولا يكون الحكم معلّقا عليها بل على البيّنة قوله (فلا بدّ له من دليل آخر فتامّل) وجه التامّل انّ ظاهر كلمات العلماء هو استدلالهم بالآية على اشتراط العدالة على وجه الموضوعيّة وان علم عدم كذب الفاسق لا مجرّد الاجماع هكذا نقل عن المصنّف ولكن هذا لا يؤثّر بحيث يرفع اليد عمّا ذكره فى معنى الآية وذلك لاحتمال ان يكون غرضهم التّمسك بالآية فى الجملة وامّا العدالة بعنوان الموضوعيّة فاعتبارها عندهم لدليل آخر قوله (وقال صاحب غاية البادى فى شرح المبادى) هو الشّيخ محمّد بن علىّ بن محمّد الجرجانى الغروىّ صاحب المصنّفات الكثيرة قوله (وحاصل المسامحتين اطلاق الإجماع على اتّفاق طائفة) اعلم انّه اذا اطلق الاجماع واريد دخول قول الإمام ع فى اقوال المجمعين بحيث يكون دلالته عليه بالتضمّن وهو المسمّى بالاجماع الدّخولى وهو مختار السّيد وجماعة ففيه تسامح من جهة واحدة لما عرفت انّهم يطلقون الاجماع على اتّفاق جماعة قلّت او كثرت كان

٢٠٩

قول الإمام ع فى اقوالها وليس هذه المسامحة مجازا فى الكلمة بل انّما هى تصرّف عقلىّ من حيث انّ المخالف مفروض عدمه وان اطلق الاجماع واريد اتّفاق من عدا الإمام ع بحيث يكشف عن صدور الحكم عن الامام ع ففيه تسامح ايضا من جهة واحدة من حيث انّ حقيقة الاجماع المعروفة بين الفريقين هو اتّفاق كلّ الامّة المشتمل على الرئيس وان اطلق الاجماع واريد الكاشف منضمّا الى المنكشف فعلى طريقة الشّيخ من قاعدة اللّطف كان اللّفظ مستعملا فى معناه الحقيقى الّا انّ فيه مسامحة من جهة واحدة وهى التّسامح فى الانضمام وامّا على طريقة المتاخّرين من حصول العلم بقول الإمام ع من الحدس القطعى من اتّفاق جماعة من الأصحاب يستحيل توافقهم على الخطأ كانت المسامحة فى اطلاق الاجماع على الكاشف والمنكشف من جهتين الاولى من حيث خروج بعض الاصحاب وعدم اتّفاق كلّهم والثانية من حيث التّسامح فى انضمام قول الإمام ع وكلام المصنّف الّا ان ينضمّ قول الإمام ع بعد استكشافه باتّفاق هؤلاء الى اقوالهم فيسمّى المجموع اجماعا الى آخر ما يتعرّض لاشكال صاحب المعالم والجواب عنه راجع الى الإطلاق على طريقة المتاخّرين قوله (فنقول انّ الحاكى للاتّفاق قد ينقل الإجماع الخ) الكلام فى المقام يقع فى امرين الاوّل فى حيثيّة الثبوت فانّ الإجماع ليس حجّة عند الخاصّة من جهة نفس الاجماع بل حجيّته من جهة كشفه عن رأى الامام ع امّا لدخوله فى المجمعين بحيث يكون ع احدهم وان لم يعلم بشخصه ويظهر ذلك ممّن اعتذر عن وجود المخالف بكونه معلوم النّسب ولا يعتبر فى حجيّته عند هذا القائل اتّفاق كلّ اهل العصر بل اتّفاق جماعة قلّت او كثرت يكون احدهم الإمام ع وإمّا لدخول رأية فى آرائهم وان لم يكن بشخصه ع منهم ويظهر ذلك ممّن اعتذر عن وجود المخالف بانقراض عصره فانّه يعتبر عنده ان يكون اتّفاق اهل العصر على قول واحد فيكون ملازما لقوله ع عقلا فانّ الاتّفاق على شيء فى عصر مع كونه مخالفا لرأى الامام لا يكون لاستلزامه خلاف اللطف واذا اتّفق اهل عصر واحد على حكم فلا مناص من موافقة قوله ع لأقوالهم والّا وجب عليه اظهار الخلاف بلسان واحد منهم وإمّا لاستلزام اتّفاق جماعة قلّت او كثرت لقوله ع عند حاكيه وان لم يكن بمستلزم له عقلا ولا عادة ويظهر ذلك من المتاخّرين فى دعواهم الاجماع حيث انّهم لحسن ظنّهم بأعيان الإماميّة كالعلّامة والمحقّق والشّيخ واضرابهم اذا رأوا اتّفاق هؤلاء الاعلام على مسئلة يحصل لهم القطع برأيه ع وإمّا لتشرّف حاكى الإجماع بخدمته ع واخذه الحكم عنه ولكنّه لا ينقل عنه كذلك لئلّا يكذّب فيظهره بلسان الاجماع الثّانى فى حيثيّة الاثبات ودلالة الألفاظ فانّ صراحة الالفاظ او ظهورها فى نقل قول الإمام ع او نقل ما هو السبب له او نقلهما معا يختلف باختلاف الالفاظ واختلاف المقامات والاشخاص فلا بدّ فى تعيين كون المنقول هو رأيه عليه‌السلام عن حدس او حسّ او الكاشف عنه او هما معا من ملاحظة تلك الخصوصيّات واذا لاحظت الامرين فاعلم ان نقل الإجماع

٢١٠

ان كان من جهة دخول جنابه عليه‌السلام فى المجمعين او من جهة تشرّف الناقل بخدمته ع فلا اشكال فى حجيّة نقله للمسبّب فانّه بقوله اجماعا يدّعى اطّلاعه على اتّفاق جماعة يكون منهم الإمام ع او يدّعى تشرّفه بخدمته ع فيحكى قوله ويكون ذلك حجّة بواسطة اخبار الثّقة به فانّه لا يتفاوت فى ذلك بين نقل قوله ع اجمالا وفى ضمن الاقوال ونقله تفصيلا ولكن لا يخفى عليك انّ نقل المسبّب كذلك فى زمن الغيبة موهون جدّا فانّ دخول الإمام ع بشخصه فى المجمعين غير متّفق غالبا فى زمن الغيبة وكذلك التشرّف بخدمته ع الّا لبعض أوحدىّ من النّاس فانّ غالب المدّعين كذلك ليس مستندهم الّا بعض التوهّمات والاشتباهات وكذلك فى دعوى الدّخول نعم لا مضايقة فى امكان حصول ذلك لمن صار مهتديا بنور هداية الله تعالى ولكن انّى لنا بمثله ولو كان لم يظهر ذلك ولم يعلم من قبله وان كان من جهة حدسه برأيه ع عقلا بسبب اللّطف فلا اعتبار به لمنع الصغرى تارة والكبرى اخرى ضرورة عدم امكان تحصيل اتّفاق علماء العصر على مسئلة مع تشتّتهم فى الاقطار وعدم المعرفة بحالهم ومع تسليم ذلك وامكان تحصيله نمنع حكم العقل بأنّه ع لو كان مخالفا وجب ان يلقى الخلاف ويظهر رأيه فى آرائهم بل لا مانع من خفاء رأيه فى زمان الغيبة بتمامه فانّ هذا اللّطف ليس باعظم من وجوده وظهوره ع وقد منعنا عن ذلك وان كان من جهة حدسه برأى الامام من المبادى المحسوسة فهو وان كان حجّة للناقل لكونه قاطعا وليس لنا المنع عنه الّا على وجه المنع عن المقدّمات الّا انّ نقله للمسبّب وهو قوله ع ليس الّا كنقله على الوجه السابق عليه وبالجملة اذا علم انّ نقل المسبّب وهو قول المعصوم ع انّما هو بواسطة قاعدة اللّطف او بواسطة حدس النّاقل فالقول بحجيّته للمنقول اليه موقوف على شمول ادلّة حجيّة الخبر للاخبار عن حدس وللمنع عنه مجال واسع وإذا لم يعلم كيفيّة نقله ودار الامر بين كون نقل المسبّب عن حدس لا اعتبار به وكونه عن حس موهون كما عرفت فلا اعتبار به لعدم شمول ادلّة حجيّة الخبر لمثله فانّ العمدة فيها بناء العقلاء وهو غير جار فى مثله ولا مجال لدعوى بناء العقلاء على العمل باخبار الثقة من دون فحص عن كونه عن حدس او حسّ والاجماع والآيات والاخبار ايضا غير واف بذلك معلوميّة كون الاجماع على قبول خبر الثقة فى خصوص ما اذا كان عن حسّ وكون المنصرف من الآيات والاخبار غير الخبر الّذى يحكيه ناقل الاجماع وامّا نقل السّبب فهو ان كان عند المنقول اليه ملازما لقول الامام ع بحيث لا يكاد ينفكّ عنه عنده ويكون من لوازم السّبب المنقول وآثاره فهو حجّة له كسائر الموضوعات الّتى لها احكام وآثار فى الاخبار المرويّة فكما انّ نقلها يوجب ثبوت آثارها لدى المنقول اليه فكذلك نقل السّبب والفتوى عن جماعة يكون بينه وبين رأى الإمام ع ملازمة عنده وان لم تكن الملازمة ثابتة فى العادة لكلّ احد وقد يثبت به جزء السّبب عنده وذلك لانّ السّبب المنقول يختلف باختلاف النّاقل وباختلاف الالفاظ فلا بدّ ان يلحظ انّ السبب المنقول اليه هل هو من تمام الملزوم لقول

٢١١

الإمام ع او جزئه ممّا له دخل فى استكشافه فان كان المنقول تمام السّبب عنده يعامل معه معاملة المحصّل وان كان جزء السبب يعامل معه معاملته فيضمّ اليه ما حصّله او نقل اليه من اقوال الآخرين فان كان المجموع بمقدار السبب التامّ جعله كالمحصّل وانتقل منه الى لازمه بحسب اعتقاده وان لم يكن ممّا يستلزمه عادة او ممّا يرى الناقل ثبوت الملازمة بل لا يكفى كونه ملازما عادة ما لم يعتقد المنقول اليه اللزوم واقعا فالمدار على احرازه ثبوت الملازمة وجودا وعدما ولو من باب الاتّفاق وبذلك ينقدح ما فى ظاهر المتن من اختصاص حجيّة نقل السبب بما اذا كان مستلزما عادة لرأيه عليه‌السلام قوله (ولكن سيجيء بيان الاشكال فى تحقّق ذلك) وهو انّ السّبب الملازم عادة لقول الإمام ع لا يحصل بالحسّ للنّاقلين وما يحصل لهم من الأقوال بالحسّ لا يلازم عادة لقول الإمام ع قوله (وفى حكم الاجماع المضاف الى من عدا الامام ع) فانّ النّاقل لم ينقل الحجّة وهو قول الإمام ع وكذا لو كان النقل بعبارة عدم الخلاف وامثاله ويجرى فيما الحق ما تقدّم من انّه لو فرض السّبب المنقول ممّا يستلزم عادة موافقة قول الإمام ع امكن اثبات السّبب بخبر العادل والانتقال الى لازمه قوله (ولا يخفى انّ الاستناد اليه غير صحيح على ما ذكر فى محلّه) قد بيّن فى مسئلة الإجماع المحقّق انّ العلل الموجبة لغيبته ع هى الموجبة لعدم التصرّف الظاهرىّ ووجوب اظهار الحقّ والردع عن الباطل عليه سلام الله عليه وانّ خفاء بعض الاحكام علينا ليس باعظم من اصل خفاء وجوده وغيبته وقد ذكر السّيد المرتضى اذا كنّا نحن السّبب فى استتاره فكلّ ما يفوتنا من الانتفاع به وبما يكون معه من الاحكام قد فاتنا من قبل أنفسنا الخ نعم يجب وجوده لتوقّف وجود جميع العوالم الخلقيّة عليه وقد قال هو عليه‌السلام وامّا الانتفاع بى فى غيبتى كالانتفاع بالشّمس اذا غابتها السّحاب وامّا تصرّفه الظاهرىّ فقد حرمنا منه ونحن السّبب فى ذلك ثمّ أنّه لو سلّم ذلك كيف يكون وجود دليل من كتاب او سنّة مقطوع بها على قول الإمام ع فيما أخطأ الكلّ واتّفقوا على خلافه كافيا فى ازاحة التّكليف وعدم وجوب الظهور عليه ع مع عدم تقصيرهم فى خطائهم قوله (لبيان عدم انعقاد اجماع اهل العصر) هذا تعليل لعدم ابطال ذكر الحكم الاوّل على التّقديرين قوله وعدم انعقاد اجماع اهل العصر الثّانى) هذا تعليل لخصوص ذكر التردّد وامّا اذا حكم بخلاف ما اختاره اوّلا فهو مانع عن انعقاد الإجماع فى هذا العصر على خلافه قوله (قلت انّ الظّاهر من الإجماع اتّفاق اهل عصر واحد) لا يتوهّم انّ هذا يخالف ما سيذكره من انّ الغالب فى اجماعات مثل الفاضلين والشّهيدين ظهورهما فى اتّفاق جميع علماء الامصار فانّ الكلام فى المقام سؤالا وجوابا انّما هو فى الظّهور بحسب لفظ الإجماع

٢١٢

والكلام الآتي فى الظهور الحاصل من امور خارجة عن نفس اللّفظ قوله (فالجواب امّا علم الهدى فانّه ذكر فى الخلاف) ذكروا من تصانيف السّيد مسائل الخلاف فى الفقه ومسائل الخلاف فى اصول الفقه ولم يتمّهما قوله (ومن الثانى ما عن المفيد فى فصوله) اى من اتّفاقهم على مسئلة اصوليّة نقليّة او عقليّة فى قبال الاتّفاق الاوّل قوله (وحفظتهم الصّدوق ذكر ذلك) الحفظة كهمزة مبتداء وخبره ذكر ذلك قوله (خريّت هذه الصّناعة) الخرّيت بالكسر والتّشديد الحاذق قوله (وعلى هذا ينزّل الإجماعات المتخالفة من العلماء) وعلى اىّ حال فلا يقع التعارض بين نقل الاجماعين بحسب السّبب ونقل الفتاوى لاحتمال صدق كلّ واحد منهما نعم لو كان الناقل لهما شخصا واحدا او شخصين من اهل عصر واحد كان التّنافى واقعا فى السّبب ولا بدّ ان يحمل على احد الوجوه السّابقة ويمكن ان يكون احدهما تمام السّبب او جزئه عند المنقول اليه لخصوصيّة حاصلة موجبة لقطعه برأيه ع من ذاك دون الآخر وامّا بحسب نقل المسبّب فلا اشكال فى تعارضهما ضرورة استحالة كون المنقول اليه محصّلا لجميع الفتاوى بحيث يستكشف منهما قول الإمام ع على وجهين متنافيين فكذلك فى المنقول فيكون كلّ واحد منهما بالنّسبة الى معقده معارضا للآخر وامّا بالنّسبة الى نفى الثّالث فيكونان حجّة قوله (فكذا اذا اخبر العادل ببعضه عن حسّ) فانّ ما دلّ على حجيّة الخبر الحسّى من الإجماع والسّيرة يدلّ على اعتبار خبر الثّقة والعادل فى المحسوسات مط سواء كان المخبر به مجموع ما يستكشف به قول الإمام ع او جزئه وعليه بناء الفقهاء والعقلاء كما يتّضح بالمثال المذكور مضافا الى انّه ما من خبر الّا وفيه من الموضوعات الّتى لها دخل فى معرفة قول الامام وحكمه عليه‌السلام كما يقال كنت عند أبي عبد الله ع وقد سئل زرارة بن اعين كذا فى حال كذا فاجاب ع عنه بكذا فانّه لو لم يكن السّائل هو هذا لم يثبت به رأى الامام وكذلك الجواب لو كان كلاما ابتدائيّا من غير ان يكون مسبوقا بالسّئوال كان مدلوله الظاهرىّ منافيا للمدلول بوصف تعقّبه للسّؤال وكذا لو لم يكن على تلك الحالة الّتى صدر السّؤال والجواب مثلا فلا شبهة فى كون تعيين مراده ع من كلامه متوقّفا على اثبات تلك الخصوصيّات الّتى لها دخل فى ذلك بحيث لو لاها لما كان سبيل الى تعيين قوله ع ونفس دليل الاعتبار الدالّ على وجوب تصديق العادل والقاء احتمال الخلاف يدلّ على اعتبار هذه الخصوصيّات مع انّه ليس لها آثار بخصوصها ولا يكون الّا من الموضوعات فكما يثبت بدليل الاعتبار تلك الموضوعات من دون لزوم قيام البيّنة فكذلك المنقول الّذى يكون جزء سبب لاستكشاف رأيه عليه‌السلام يكون حجّة فيضمّ اليه ما حصّله المنقول إليه إلّا أن يقال انّ الموضوعات الواقعة فى الأخبار لو لم يثبت بدليل الاعتبار كان الدّليل لغوا لانّ المفروض توقّف تعيين مراده ع على ثبوت هذه الموضوعات واين هذا من مثل

٢١٣

المقام حيث انّه لو لم يكن قول العادل الّا ما هو جزء للسّبب فيكون صرف اخبار عن اتّفاق جماعة والّذى دلّ على قبول خبره عن حسّ انّما هو فيما كان ملازما لقوله ع بان يكون تمام السّبب لذلك وعلى اىّ حال ففى بناء العقلاء على الاعتبار من دون فرق كفاية قوله (فيثبت به لازمه العادى وهو موت زيد) لا يخفى انّ اللّازم العادى لاخبار الف عادل محتاط مثلا بموت زيد انّما هو العلم بالموت لانّه مستند الى الأخبار لا الموت اذ لا شكّ انّه مستند الى اسبابه لا الى الأخبار كما انّ اللازم فى الإجماع المنقول على ما تقدّم ذكره من المصنّف هو العلم بمقالة الامام عليه‌السلام قوله (لكن حصل منه القطع بوجود دليل ظنّى) انّما يتصوّر ذلك فيما لو علم من الخارج اتّحاد مسلك هؤلاء المجمعين فى حجيّة الأمارات مع مسلك المنقول اليه وكونهم اوسع باعا فى فهم العبارة والتتبّع عن المعارض قوله (بعض المحقّقين فى كلام طويل له) هو المحقّق الشّيخ اسد الله التسترى قوله (من جهتى الثّبوت والأثبات) المراد بالاوّل ثبوت الحجيّة للمنقول اليه وبالثّانى اثباتها للغير بان يستدلّ بالاجماع المنقول على الغير قوله وهى متحقّقة ظاهرا فى الألفاظ) منع شيخنا فيما تقدّم دلالة اللّفظ على تمام السّبب وذكر انّه اذا ادّعى الناقل الاجماع انحصر حمله بوجوه احدها ان يراد به اتّفاق المعروفين بالفتوى الخ قوله (وقد يشتبه الحال اذا كان النّقل الخ) لعلّ غرضه انّ نقل الاجماع اذا كان فى مقام نقل الاقوال فالظّاهر منه اتّفاق الكلّ ولا يحتمل بل من المعلوم انّ دعوى الإجماع ليس لاجل حصول العلم بقول الإمام ع من جهة الكشف او الوجه الاخير المذكور فى كلامه واذا كان فى مقام الاستدلال فقد يشتبه الحال فى انّ مراد ناقله اتّفاق الخصم او اتّفاق الكلّ وسيشير الى اختلاف المقامين فيما بعد قوله (ولا على الوجه الأخير الّذى ان وجد فى الاحكام) ذكر المحقّق المذكور فى رسالة المواسعة والمضايقة لنقل الإجماع واستكشاف رأى الامام عليه‌السلام اثنتى عشر وجها واراد من الوجه الاخير فى المقام الوجه الثّانى عشر وهو ان يحصل لبعض الاولياء العلم بقوله ع بعينه باحد الوجوه الغير المنافية لامتناع رؤيته فى غيبته ولم يكن مأمورا باخفائه وكتمانه او كان مأمورا باعلانه بحيث لا ينكشف حقيقة امره فيبرزه فى مقام الاستدلال بصورة الإجماع خوفا من التكذيب وحكى عن بحر العلوم انّه يتّفق فى زمان الغيبة الوصل الى خدمة الإمام ع واستعلام بعض الاحكام والآداب عنه واعلانه بعبارة الإجماع خوفا من التكذيب وعدم القبول والغالب فيه الآداب والأدعية والزيارات ونحوها قوله (ولا من الامور المتجدّدة الّتى لم يعهد) جميع ما ذكره الى هنا لمّا كان راجعا الى بيان السيرة صحّ دفع هذا التوهّم لانّ كونه من الامور المتجدّدة يمنع عن قيام السيرة على قبوله وامّا بناء على ما يتمسّك به عقيب هذا ممّا دلّ على حجيّة خبر الثّقة

٢١٤

العدل بقول مطلق وممّا دلّ على كفاية الظّن فيما لا غنى عن معرفته المعروف بدليل الانسداد فهو جار ولو كان المبحوث عنه من الامور المتجدّدة وهو واضح قوله (ولا ممّا يندر اختصاص معرفته) صحيح العبارة هكذا ولا ممّا يقدّر اختصاص معرفته قوله (ويدلّ عليه مع ذلك ما دلّ على حجيّة خبر الثّقة) لا يخفى انّ مقتضى المقدّمة الثانية والثّالثة هو حجيّة النّقل المذكور مطلقا سواء كان تمام السبب لاستكشاف الحجّة المعتبرة او جزء السّبب وسيصرّح بهذا فى المقدّمة الثّالثة وأفاده شيخنا فيما تقدّم إذا عرفت هذا فنقول اذا كان النّقل المذكور جزء السّبب صحّ اعتبار الملاحظات المذكورة فى المقدّمة الثّالثة مط سواء كان دليل حجيّته السيرة امر الدليل الدالّ على حجيّة خبر الثقة ام ما اقتضى كفاية الظّن فيما لا غنى عن معرفته وامّا اذا كان النقل المذكور تمام السّبب وكان الدّليل على حجيّته هو ما دلّ على حجيّة خبر الثّقة فلا وجه حينئذ لاعتبار اغلب الملاحظات الآتية فانّه ح من الظنون الخاصّة نعم صحّ اعتبارها عند تعارض الإجماعين المنقولين وارادة تحصيل ما هو الأقرب الى نفس الامر كما فى الخبرين المتعارضين قوله (وكذا حال لفظه بحسب وضوح دلالته) اى حال لفظ النّاقل اذ قد يكون لفظ صريح كما لو قال باجماع الامّة او اجماعا ونحوهما وقد يكون لفظ ظاهر كقوله اتّفاقا ونحوه وقد يكون لفظ هو ادنى ظهورا من ذلك كقوله عندنا لقوّة احتمال انتسابه الى نفسه وملاحظة متعلّقه من انّه من المسائل المعنونة او من الفروع الحادثة الجديدة وكذا ملاحظة زمان نقله فانّه قد يكون فى زمان كثرة المجتهدين وارباب الفتوى لصفاء الزّمان من الكدورات وقد يكون فى زمان قلّتهم لوجود اسباب موجبة لانعدام العلم واهله كزماننا هذا قوله (وكذا فى نقل ساير الأشياء) كنقل الفقهاء للاخبار فى كتبهم الفقهيّة فمع التمكّن من مراجعة كتب الأخبار وملاحظة موافقة المنقول لما فيها ومخالفته لا يعتمد على مجرّد النّقل وكذا سائر الامور المبتنية عليها الاحكام الشرعيّة من نقل اقوال اللغويّين والنّحاة وكذلك نقل تعديل اهل الرجال وتمييزهم للمشتركات وغيرها.

قوله (ومن جميع ما ذكرنا يظهر الكلام فى المتواتر المنقول) ممّا قدّمنا يظهر الحال فى نقل التواتر فانّ التواتر اخبار جماعة يوجب القطع بوقوع المخبر به فان كان نقل التواتر عند المنقول اليه تمام السّبب لذلك ثبت التواتر ورتّب عليه ما له من الآثار كما لو كان هو المحصّل فلو كان اخبار عشرين مثلا عنده موجبا للقطع بوقوع المخبر به وحصل له ذلك من نقل التواتر فهو وان لم يكن موجبا له عند النّاقل وان لم يكن كذلك فلا يثبت به التّواتر عنده بمجرّد نقله ولو كان عند الناقل اخبار عشرين موجبا للقطع كما هو الحال فى الاخبار عن العدالة بناء على الاختلاف فى معناها فانّها لا تثبت بمجرّد نقل العدالة ما لم يكن النقل عند المنقول اليه تمام السّبب للمعنى الّذى يراه للعدالة وبالجملة مجرّد اخبار العادل بتواتر شيء لا يوجب الحكم بوقوع المخبر به عند المنقول اليه فانّ اخبار الجماعة يختلف

٢١٥

باختلاف المقامات والاشخاص وغاية مدلول هذا النّقل هى كون اخبار الجماعة موجبا لعلم النّاقل بالواقع وهذا لا يجدى ما لم يكن هذا المقدار المنقول اجمالا تمام السّبب للعلم بالواقع او جزئه بعد ضمّ مقدار يكون المجموع موجبا له ومع حصول تمام السّبب يحكم بترتّب الآثار مطلقا عليه سواء كانت الآثار للواقع او للتواتر واذا لم يكن كذلك فلا يحكم بواحد منهما نعم لو كان اثر للتواتر فى الجملة ولو عند شخص رتّب عليه قوله (على اخبار الشّهيد بتواتر القراءات الثلاث) اعلم انّ المشهور هو تواتر القراءات السّبع المرويّة عن السّبعة وهم نافع وابو عمرو والكسائى وحمزة وابن عامر وابن كثير وعاصم بل ادّعى عليه الاجماع والحق بالسّبعة فى محكىّ الذكرى أبا جعفر ويعقوب وخلف وخالف فيه علىّ بن طاوس ره في سعد السّعود ونجم الائمّة الشيخ الرّضى عند قول ابن الحاجب واذا عطف المجرور اعيد الخافض وجمع آخر من المتاخّرين فذهبوا الى عدم تواتر الثلاثة الأخيرة قوله (ولا يخلو نظرهما عن نظر) وذلك لانّ اشتراط التواتر فى القراءة لا دليل عليه اصلا والثّابت هو جواز القراءة بما قرأه النبىّ ص من دون مدخليّة للتّواتر ودعوى الملازمة بين القراءة والتواتر ممنوعة لا يقال ان كان وجوب القراءة منوطا بكون المقرّ وقرانا واقعيّا والتّواتر طريق اليه ولا يشترط فى ترتيب احكام القرآن عليه اتّصافه بوصف المتواتريّة فما وجه عدم قبول ما عدا العشرة من القراءات مع انّ فيه قراءات مرويّة باسانيد صحيحة فانّه يقال المراد من القرآن الواقعى هو القرآن المتعارف بين النّاس فى عصر الائمّة عليهم‌السلام لقوله ع دع وو اقرأ كما يقرأ النّاس ولسنا بمكلّفين بقراءة القرآن الواقعىّ المخزون عند الامام عليه‌السلام.

قوله (الشهرة فى الفتوى الحاصلة بفتوى جلّ الفقهاء) ذكروا انّ اوّل من عنون هذه المسألة الشهيد الاوّل فى الذكرى حيث قال فيها ما هذا لفظه الحق بعضهم المشهور بالمجمع عليه فان ارادوا فى الحجيّة فهو قريب لمثل ما قلنا وما قاله هو ما ذكره فى الفتوى الّتى لا يعلم لها مخالف من انّ عدالتهم يمنع عن الاقتحام على الافتاء بغير علم ولا يلزم من عدم الظفر بالدّليل عدم الدّليل ولذا كان السّلف من الاصحاب يتمسّكون بما يجدونه فى شرايع ابى الحسن علىّ بن بابويه ره عند اعواز النّصوص لحسن ظنّهم به وانّ فتواه كروايته وينزّلون فتواه منزلة رواياته ولقوّة الظّن فى جانب الشهرة سواء كان اشتهارا فى الرواية بان يكثر تدوينها او الفتوى بها واورد فى المعالم على الوجه الاوّل بانّ العدالة انّما يؤمن معها تعمّد الافتاء بغير ما يظنّ بالاجتهاد دليلا وليس الخطأ بمأمون على الظّنون وهذا الإيراد غير وارد بظاهره على الشّهيد لانّ مقصوده من الشهرة الّتى استقرب حجيّتها هو الشهرة على ما يراه القدماء وهو كون المخالف فى غاية الندرة لا مجرّد ذهاب جماعة من الفقهاء الى حكم ولا ريب انّ هذه الشهرة متى تحقّقت يحصل منها القطع العادى بانّ

٢١٦

لها مدركا صحيحا معتبرا شرعا لانّه اذا اشتهر بين مائة فقيه متتبّع متقن مثلا حكم ولم ينكروه مع كونهم عدو لا متضلّعين محتاطين يحصل العلم العادى بوجود مستند مفروغ اعتباره عندهم سيّما مع ما نرى من اختلافهم فى كثير من المسائل الاصوليّة والفرعيّة فانّا اذا وجدناهم مع تلك الاختلافات الكثيرة متّفقين علم حكم يحصل لنا القطع بانّ مدرك الحكم ليس شيئا من المسائل الّتى اختلفوا فيها فى الاصول بل هو مستند آخر معتبر عندهم ويدلّك على انّ مراد الشّهيد من الدليل الاوّل هو ما ذكرنا من حصول العلم استشهاده بتمسّك السّلف بما يجدونه فى الشّرائع فانّ الظّاهر انّ مراده من ذلك هو العمل ح بفتاوى علىّ بن بابويه من حيث حصول العلم لهم بانّه لا يفتى الّا عن مدرك صحيح وخبر معتبر مضافا الى انّ مراده من الشهرة لو لم يكن ذلك بل كان شهرة يحصل منها الظّن بوجود مدرك معتبر لا يبقى وجه بعد ذلك لقوله ولقوّة الظّن فى جانب الشهرة فانّ هذا كالصريح فى انّ المراد بالدّليل الاوّل ليس هو الكشف الظنّى نعم دليله الثّانى مبنىّ على حجيّة مطلق الظّن ولا ضير في تمسّكه به مع كون المقصود ما اشرنا اليه من انّه الشهرة القدمائيّة وهى الشهرة الموجبة لحصول القطع فانّه مبنىّ على التنزّل ونظير هذا واقع كثيرا فى كلمات الأصحاب فانّك ترى كثيرا ما يستدلّون بالإجماع ثمّ باصالة الاشتغال او البراءة او غيرهما من الأصول العمليّة ومن الواضح انّ الاصول العمليّة ليست فى مرتبة الادلّة الاجتهاديّة فانّ مجرى الأصول انّما هو فى صورة فقد الدليل ولا وجه له سوى التّنزّل واستدل صاحب المعالم ره على حجيّة خبر الواحد بعد الآيات والإجماع بدليل الانسداد واعترض عليه صاحب القوانين ره بانّه لا يصحّ الجمع فى الاستدلال بين الأخير والادلّة المتقدّمة عليه لانّه ليس فى مرتبتها والجواب أنّ الاعتماد على المتقدّم وذكر الأخير ليس الّا من باب التنزّل وكيفما كان ليس الكلام فى المقام فى القسم الاوّل من الشهرة لوضوح حجيّتها مع حصول العلم منها ولا فى الحجيّة من حيث اعتبار مطلق الظّن وانّما الكلام فى انّ الشهرة الفتوائيّة من حيث هى هل تكون خارجة عن تحت اصالة حرمة العمل بالظنّ بالخصوص ام لا قوله للظنّ بل العلم بانّ المناط والعلّة فى حجيّة الأصل الخ) والّا لكان مدلول دليل حجيّة الأصل هو حجيّة مطلق الظّن بل الظّاهر من الادلّة اللفظيّة لحجيّة الأصل هو كون المناط الظّن الحاصل من السّبب الخاصّ لا لمجرّد حصول وصف الظّن منه ولو سلّم عدم العلم والظّن يكفى الاحتمال فى منع الاستدلال.

قوله (عن اصالة حرمة العمل بغير العلم خبر الواحد) ستعرف من المصنّف ره فى اوّل المقدّمة الاولى انّ المراد من خبر الواحد فى مصطلحهم هو ما لا يفيد القطع بالتّواتر او القرينة قوله (موقوف على مقدّمات ثلاث) هذه امور لا بدّ منها فى العمل بالكتاب والسنّة والأخبار امّا الكتاب فواجد للجهة الاولى والثّانية ضرورة قطعيّة صدوره وجهة صدوره من حيث عدم ابتنائه على التقيّة ونحوها وكذلك السنّة النبويّة والاخبار المتواترة عن النّبى ص وانّما الكلام

٢١٧

فيهما من الجهة الاخيرة وامّا الاخبار المتواترة او المحفوفة بالقرائن القطعيّة عن الائمّة عليهم‌السلام فواجدة للجهة الاولى فقط وامّا اخبار الآحاد المرويّة عنهم ع فلا بدّ فيها من احراز هذه الامور باجمعها حتّى يثبت جواز العمل بها والكلام فى المقام انّما هو فى البحث عنها من حيث الامر الاوّل قوله ومن هنا يتّضح دخولها فى مسائل اصول الفقه) اعلم انّ ما قيل او يمكن ان يقال فى جعل المسألة من مسائل علم الاصول وعدمه وجوه الأوّل ما ذهب اليه المحقّق القمّى ره وهو انّ موضوع علم الاصول الادلّة الأربعة بما هى ادلّة فلا بدّ ان يبحث فى العلم عن عوارضها بعد حفظ عنوان دليليّتها ويكون البحث عن حجيّة الادلّة وخبر الواحد من المبادى التصديقيّة لعلم الاصول ومن المسائل الكلاميّة فموضوع علم الأصول غير صادق على خبر الواحد المبحوث عن حجيّته كما انّ تعريفه ايضا لا يشمله أمّا الاوّل فلأنّ موضوع العلم هو ما يبحث فيه عن عوارضه لا ذاته وشأن الموضوع ان يقدّم معرفته على اصل العلم ويبيّن فى علم آخر وامّا الثانى فلانّ علم الأصول هو العلم الباحث عن احوال الأدلّة بوصف كونها ادلّة كالبحث عن الأوامر الواقعة فى الكتاب والسنّة القطعيّة وعموماتهما واطلاقاتهما ونحو ذلك لا العلم الباحث عن ذات الادلّة مع قطع النّظر عن احراز وصف الدّليلية فيها وقد أشار إلى ذلك فى حاشية منه فى اوائل القوانين وهذا لفظه موضوع كلّ علم هو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة اى ما يعرض الشّيء ويلحقه لذاته كالتّعجب للنّاطق او بجزئه المساوى كالتعجّب للإنسان او الاعمّ كالحركة بالارادة له او لعرض يساويه كالضحك للتعجّب ومسائل العلم هى المطالب المثبتة فيه وقد يكون موضوع تلك المسائل نفس موضوع العلم وقد يكون جزئه او جزئيّاته او عرضا من اعراضه او اعراض جزئه او جزئيّاته فالبحث عن جواز نسخ الكتاب وعدمه ونسخه بالخبر وعدمه وجواز نقل الخبر بالمعنى وعدمه ونحو ذلك بحث عن عوارض ذات الموضوع وما قد يذكر لمثال ذلك بقولهم الكتاب حجّة او السنّة حجّة لا يرجع الى محصّل اذ ذلك معنى كونه دليلا والمفروض انّا نتكلّم بعد فرض كونها ادلّة فهو خارج عن الفنّ وبيانه ليس من الأصول كما لا يخفى بل هو من توابع علم الكلام والبحث عن جواز النسخ قبل حضور وقت العمل مثلا وعدمه بحث عن عوارض العوارض الذاتيّة والبحث عن انّ المحكم مقدّم على المتشابه والنّص على الظاهر بحث عن عوارض جزئيّات الموضوع وكذا العامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن وقد يعدّ من جملة ذلك البحث عن كون خبر الواحد حجّة والاجماع المنقول حجّة وليس بذلك اذ ذلك كلام فى تعيين الدّليل لا من عوارض الأدلّة فتدبّر والبحث عن انّ الامر للوجوب وعدمه وللفور وعدمه وللمرّة وعدمها بحث عن اجزاء الموضوع وهكذا فقس انتهى وهذا كما ترى يستلزم خروج كثير من المسائل المهمّة للأصول عن الفنّ وكون ذكرها من باب الاستطراد الثّانى ما ذهب اليه صاحب الفصول ره وهو انّ الموضوع ذوات الادلّة فالبحث عن حجيّة خبر الواحد ودليليّة الدّليل بحث عن احوال الدّليل وعوارضها وفيه انّه يستلزم خروج مسئلة

٢١٨

خبر الواحد عن الاصول لعدم كون البحث فيها عن عوارض السنّة لانّه صرّح بكون السنّة هو قول المعصوم او فعله او تقريره ومن الواضح انّها حجّة بحكم العقل وليست حجيّتها تعبّديا من قبل الشّارع وكذا خروج كثير من مهمّات مباحث التّعادل والترجيح فانّ محلّ الكلام فيها هو انّه هل يكون حجّة فعليّة فى صورة التعارض ام لا فيكون البحث عن وجود الحجّة وعدمها وحجيّة الخبر فى هذا الحال وعدمها وخروج مثل هذه المهمّات كما ترى الثالث القول بانّ موضوع علم الاصول هو ذوات الادلّة والمراد من السنّة المعدودة منها هو ما يعمّ حكايتها الرّابع ما فى المتن وهو انّ البحث فى مسئلة حجيّة خبر الواحد راجع الى انّ السنّة الواقعيّة الثّابتة حجيّتها هل يثبت بخبر الواحد ام لا فالبحث عن حجيّة خبر الواحد وعدمها بحث عن انّه يصلح لكونه طريقا اليها ام لا ويكون كلاما فى كيفيّة الدّليل الّذى يكون حجيّته ثابتة وفى طريقه وطريق الاخذ به لا فى حجيّة الدليل ولا يعدّ اصل خبر الواحد دليلا بوجه ويرد عليه أنّه اذا كان المراد كون البحث عن ثبوت السنّة ووجودها فهو بحث عن وجود الموضوع ويكون من المبادى لا من المسائل وان كان البحث فى الثبوت التعبّدى لها وهو الظاهر من كلامه ره فمن الواضح انّ مرجعه الى وجوب العمل على طبق الخبر الحاكى لها وهذا بحث عن عوارض الخبر الحاكى واوضح شاهد عليه هو ثبوت حجيّته عند القائلين بها وان لم يكن فى الواقع على طبقه سنّة توضيحه أنّ المجعول بناء على حجيّة خبر الواحد امّا ان يكون نفس الحجيّة الّتى هى حكم وضعىّ او يكون امرا طريقيّا بمجرّد العمل به من دون تنزيل او يكون امرا طريقيّا بالعمل به تنزيلا بحيث يكون فى قيام الخبر على حكم تنزيل المؤدّى منزلة الواقع تعبّد كما هو ظاهر كلام المصنّف ره وجميعها من عوارض الخبر الحاكى لا من عوارض السنّة الواقعيّة أمّا على الاوّلين فواضح وامّا على الثالث فلانّ مدلول هيئة الامر الطريقى هو انشاء الأمر بالتّصديق ولازمه ترتيب آثار الواقع على المؤدّى ويكون التعبّد التنزيلى ح من اللّوازم لما هو المجعول وما يقع فى طريق الاستنباط والمبحوث عنه فى مسئلة حجيّة خبر الواحد ابتداء هو ثبوت الامر الطريقى بالنّسبة الى خبر الواحد لا الثّبوت التنزيلى للواقع الّذى هو لازمه والمعيار فى المسألة هو نفس المجعول بحيث يكون من العوارض الذاتيّة للموضوع لا ما هو لازمه الخامس انّ مرجع البحث عن حجيّة خبر الواحد وعدمها الى البحث عن جواز تخصيص الكتاب او الخبر المتواتر او تقييدهما به ام لا فالبحث انّما هو عن احوال الادلّة لوضوح انّ التّخصيص منها وعموم الدعوى بالنّسبة الى غير التّخصيص ايضا لانّ من يدّعى حجيّة خبر الواحد يدّعيها مط ومن ينكرها ينكر مطلقا غير ضائر لانّ المقصود الاصلى من البحث هو خصوص ما كان مخصّصا للكتاب والسنّة ومن حيث انّ المناط فى الكلّ متّحد عنونوا المسألة على وجه العموم نظير انّهم يبحثون فى باب الاوامر عنها مط ولا يلاحظون فى العنوان خصوص اوامر الشّرع لاتّحاد المناط بينها وبين اوامر غيره وما اختاروه فى الباب يبنون عليه فى اوامر الكتاب والسنّة وكذا الكلام فى المفاهيم والعامّ و

٢١٩

الخاصّ وغير ذلك والخبر على تقدير حجيّته وان كان على وجه العموم لاثبات كلّ حكم شرعىّ الّا انّ المقصود ابتداء من عنوان الباب هو اثبات حجيّته فى مقام التّخصيص وهذا كما ترى السّادس انّ مرجع البحث الى جواز رفع اليد عن الاصول المعتبرة مثل البراءة والاستصحاب والاحتياط فى مورد الخبر الواحد وعدمه فالبحث انّما هو عن احوال الاصول المعتبرة وعوارضها بعد الفراغ عن حجيّتها وهذا كسابقه السّابع ما اختاره صاحب الكفاية ره وهو انّ موضوع علم الأصول اوسع دائرة من جميع ما تقدّم ذكره من وجه وأضيق دائرة منه بوجه آخر فانّ كثيرا من عوارض الادلّة الأربعة لا يبحث فى هذا العلم عنه كمسألة اعجاز الكتاب وكثيرا ممّا يبحث فى هذا العلم عنه ليس من عوارضها ولا اشكال فى انّ موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه والنّاظر فى مسائل كلّ علم ان تمكّن من تعيين الموضوع باسم له خاصّ فهو والّا فليشر اليه بانّه الطبيعىّ الّذى يتّحد مع موضوعات المسائل خارجا ولا تفاوت بينهما الّا تفاوت الكلّى ومصاديقه والطّبيعى وافراده فانّ حقيقة العلم هى المسائل المدوّنة الّتى يجمعها غرض واحد وكلّ مسئلة لها دخل فى ذلك الغرض فهى معدودة من مسائل ذلك العلم ومن الواضح ان الغرض من تدوين علم الاصول جمع ما ينتفع به فى الفقه ويجدى فى طريق الاستنباط فكلّ مسئلة لها دخل فى هذا المقصد فهى معدودة من مسائل الاصول وهذا الغرض ميزان لتعيين موضوعات المسائل ولا يكون موضوع علم الاصول الّا ما ينطبق على هذا الامر المخترع من هذا الغرض فيكون هذا الغرض اشارة اجماليّة الى موضوع هذا العلم وبذلك يخرج طالبه عن طالب المجهول المطلق واذا سئل عن موضوعه يقال انّه الطّبيعى الّذى ينطبق على موضوعات مسائله لا يقال انّ موضوع المسائل يكون اخصّ من موضوع العلم ولا يكون العارض للاخصّ عارضا للاعمّ فإنّه يقال موضوعات العلوم اخذت فيها لا بشرط حتّى عن قيد اللابشرطيّة فتجتمع مع موضوعات المسائل وتتّحد معها وبالجملة الميزان فى تعيين كون المسألة اصوليّة هو صحّة وقوع نتيجتها فى طريق الاستنباط فالبحث عن حجيّة خبر الواحد من مهمّات مسائل هذا العلم.

قوله (وهو ظاهر المحكى عن الطّبرسى فى مجمع البيان) وذلك لانّ المستثنى منه وان كان عامّا يشمل الظّن فى الاحكام والموضوعات الّا انّ المستثنى لمّا كان من خصوص الموضوعات اوهن ارادة العموم.

قوله (امّا عن الآيات فبانّها بعد تسليم دلالتها عمومات) ولمنع الدّلالة مجال واسع وذلك لما تقدّم من المصنّف فى مقام تأسيس الاصل الّذى يكون عليه المعوّل عند عدم الدليل على حجيّة الظّن مط او فى الجملة وهو انّ المستفاد من الادلّة الاربعة انّ التعبّد بالظن مع الشّك فى رضاء الشارع بالعمل به محرّم فالآيات دالّة على حرمة التعبّد بالظن فى صورة عدم احراز رضاء الشّارع به والظّن الّذى وقع التعبّد به منه لم يكن مشمولا لها حتّى يقال بتخصيص العمومات بما سيجيء من الأدلّة.

قوله (وامّا الجواب عن الإجماع

٢٢٠