قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير التّحرير والتّنوير [ ج ٢٩ ]

147/424
*

وذلك يهوّن الصبر عليك فهو من باب (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) [المائدة : ٤٨] ، (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ) [الكهف : ٢٨].

و (بَعِيداً) هنا كناية عن معنى الإحالة لأنهم لا يؤمنون بوقوع العذاب الموعود به ، ولكنهم عبروا عنه ببعيد تشكيكا للمؤمنين فقد حكى الله عنهم أنهم قالوا (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) [ق : ٣].

واستعمل (قَرِيباً) كناية عن تحقق الوقوع على طريق المشاكلة التقديرية والمبالغة في التحقق. وبين (بَعِيداً) و (قَرِيباً) محسن الطباق.

[٨ ـ ١٨] (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلاَّ إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨))

يجوز أن يتعلق (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ) بفعل (تَعْرُجُ) [المعارج : ٤] ، أو أن يتعلق ب (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ) قدم عليه للاهتمام بذكر اليوم فيكون قوله : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) ابتداء كلام ، والجملة المجعولة مبدأ كلام تجعل بدل اشتمال من جملة (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) لأن عدم المساءلة مسبب عن شدة الهول ، ومما يشتمل عليه ذلك أن يود المول لو يفتدي من ذلك العذاب.

والمهل : درديّ الزيت.

والمعنى : تشبيه السماء في انحلال أجزائها بالزيت ، وهذا كقوله في سورة الرحمن [٣٧] (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ).

والعهن : الصوف المصبوغ ، قيل المصبوغ مطلقا ، وقيل المصبوغ ألوانا مختلفة وهو الذي درج عليه الراغب والزمخشري ، قال زهير :

كان فتات العهن في كل منزل

نزلن به حبّ الفنا لم يحطّم

والفنا بالقصر : حب في البادية ، يقال له : عنب الثعلب ، وله ألوان بعضه أخضر وبعضه أصفر وبعضه أحمر. والعهنة : شجر بالبادية لها ورد أحمر.