منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ١

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ١

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN: 9960-03-367-8
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٥٥٦

ولما شاع ذلك في البرايا

أتى الفاروق في يوم شريف (١)

وجاء به المحلّ بنا عليه

وقاس الأرض في جمع منيف

قال الفاسي (٢) بعد كلام طويل : «وعلى مقتضى ما قيل من أن موضعه الآن محاذيا موضعه عند الكعبة ، (يكون موضعه عند الكعبة) (٣) في مقدار نصف الحفرة ال تلي (٤) الحجر ـ بسكون الجيم ـ والله أعلم».

وذكر ابن جبير في رحلته (٥) ما يقتضي : «أن الحفرة المرخمة ال عند باب الكعبة في وجهها علامة ، موضع المقام في عهد إبراهيم عليه‌السلام ، إلى أن صرفه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الموضع الذي هو فيه الآن».

قال الفاسي (٦) : «وفيه نظر ، لأن موضع المقام الآن ، هو موضعه في عهد الخليل عليه‌السلام ، بلا خلاف أعلمه في ذلك. وإنما الخلاف في موضعه الآن ، هل هو موضعه زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما ذكره ابن مليكة ، أو لا ، كما قاله مالك ـ والله أعلم».

__________________

(١) في (ج) «لطيف». وأضاف الناسخ أن في نسخة أخرى" شريف». وتتعذر قراءة ذلك من (أ). والاثبات من (ب) ، (د).

(٢) في كتابه شفاء الغرام ١ / ٣٣٥.

(٣) ما بين قوسين من (أ) فقط.

(٤) في (أ) «الذي يلي». والاثبات من (ب) ، (ج).

(٥) ابن جبير ـ أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير ـ الرحلة ص ٥٥. والنص فيه : «وبين الباب الكريم والركن العراقي حوض طوله اثنا عشر شبرا ، وعرضه خمسة أشبار ونصف ، وارتفاعه نحو شبر متصل به من قبالة عضاة الباب التي تلي الركن المذكور آخذا إلى جهته ، وهو علامة موضع المقام مدة إبراهيم عليه‌السلام إلى أن صرفه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (إلى الموضع الذي هو الآن مصلى».

(٦) شفاء الغرام ١ / ٣٣٧.

٥٢١

قال ابن جماعة (١) : «وحكى مسند (٢) عن أشهب عن مالك : أن الذي حمل عمر رضي‌الله‌عنه ـ والله أعلم / ـ ما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يذكر من كراهيته تغيير مراسم إبراهيم عليه‌السلام ، ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعائشة رضي‌الله‌عنها : لو لا حدثان قومك بكفر ، لنقضت البيت .... الحديث.

فرأى عمر رضي‌الله‌عنه أن ذلك ليس فيه تغيير لمراسم إبراهيم عليه‌السلام. وسؤال عمر رضي‌الله‌عنه عن موضعه يحتمل أمرين :

أحدهما : عن موضعه زمن النبوة.

والثاني : أنه سأل عن موضعه في زمن إبراهيم عليه‌السلام ، لعلمه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يؤثر مراسم إبراهيم عليه‌السلام ، ولكون صلاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم خلفه مع إقراره له ملصقا بالبيت إلى أن توفي من سبيل سكاته عن نقض البيت في حديث عائشة رضي‌الله‌عنها ، تأليفا لقريش في عدم تغيير مراسمهم. فلذلك سأل عمر رضي‌الله‌عنه عن موضع المقام في زمن إبراهيم عليه‌السلام. وعلى هذا فلا مناقضة بين الأقوال كلها» ـ كذا لخصته من هدية (٣) السالك لابن جماعة ـ إلا أنه بقي عليّ فيه شيء وهو : قول المطلب بن وداعة «قد كنت أخشى عليه مثل هذا ، فأخذت مقداره» ـ أو ما في معناه ـ فإنه يأبى الاحتمال (٤) الثاني في قول عمر رضي‌الله‌عنه ، وكونه صلى‌الله‌عليه‌وسلم نقله ولم يعلم به عمر رضي‌الله‌عنه بذلك بعيد جدا. فليتأمل!.

ومقدار ذرع ما بين المقام اليوم والكعبة ، وما بينه وبين الحجر

__________________

(١) ابن جماعة في هدية السالك.

(٢) ذكر ناسخ (ج) في الهامش" لعله مسدد».

(٣) في (ب) «هداية».

(٤) في (ب) ، (ج) «إلا الاحتمال».

٥٢٢

الأسود ، (وما بينه وبين الحجر) (١) ، وما بينه وبين جدار زمزم مذكور في تحفة الكرام للفاسي (٢) فراجعه إن شئت.

فائدة :

نقل التقي الفاسي (٣) عن الفاكهي (٤) قال : «قال بعض الناس : كان بمكة رجل (٥) يهودي أو نصراني ، أسلم بمكة ، ففقدوا المقام ذات يوم فوجدوه في داره ـ أراد أن ينقله إلى ملك الروم ، فأخذ منه ، وردّ إلى محلّه ، وضربت عنق ذلك اليهودي أو النصراني».

نرجع لذكر عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه وتوسعة المسجد :

فوسع المسجد بما أخذه من البيوت ، وأمر ببناء حائط على المسجد ، وجعل عوض تلك الأزقة أبوابا ، وعلق عليها السرج ، فهو رضي‌الله‌عنه أول من سرج المسجد.

روي ذلك / عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه (٦).

وذكر القاضي في جامعه (٧) : «أن أول من استصبح لأهل الطواف

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(٢) ذكره الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٣٣١. كما ذكره الأزرقي في أخبار مكة ١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(٣) في شفاء الغرام ١ / ٣٣٨.

(٤) الفاكهي ـ أخبار مكة ١ / ٤٥٢ رقم ٩٩١.

(٥) ذكر الفاسي اسمه «جريج». شفاء الغرام ١ / ٣٣٨.

(٦) كان علي رضي‌الله‌عنه يقول : «نوّر الله على عمر قبره كما نوّر علينا في مساجدنا». انظر : السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ١٣٧.

(٧) ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ٨١.

٥٢٣

عقبة (١) بن الأزرق ، وكانت داره لاصقة بالمسجد ، فكان يضع في جداره مصباحا كبيرا يضيء لمن يطوف بالبيت الشريف». أخرجه الأزرقي (٢). ولم يزل ذلك إلى زمن خالد بن عبد الله القسري كما سيأتي بيانه (٣).

وبنى عمر رضي‌الله‌عنه في هذه السنة (٤) الردم (٥) بأعلى مكة المشرفة ، وهو المحل الذي يقال له المدّعى. ولما ردم هذا المحل صار السيل إذا أتى من

__________________

(١) في النسخ «عتبة». والاثبات من الأزرقي ١ / ٢٥ والجامع اللطيف ٨١. واسمه عقبة بن الأزرق بن عمرو الغساني.

(٢) أخبار مكة ١ / ٢٠٠.

(٣) أضاف الدهلوي ناسخ (ج) قوله : «قال كاتبه أبو الفيض والاسعاد غفر الله له : والآن حدّ بناء عمر رضي‌الله‌عنه كما أخبرني الثقة هو الصف الأول لمقام إبراهيم الذي يصلي فيه الإمام الشافعي الأوقات الخمس ، المستدير حول الكعبة من بعد القناديل المعلقة حولها ـ والله أعلم».

(٤) أي سنة ١٨ ه‍ كما سبق بيانه.

(٥) علق الدهلوي ناسخ (ج) في الهامش ما نصه : «والأقدمون يسمون هذا الردم ردم بني جمح ـ بضم الجيم وفتح الميم وبعدها حاء مهملة ـ بطن من قريش نسبوا إلى جمح بن عمرو بن لؤي بن غالب بن فهر. وهذا الموضع كان يرى منه البيت الشريف ، وكان الناس يرونه خصوصا من يريد الحج من ثنية كداء وهي الحجون ، إذا وصلوا إلى هذا المحل شاهدوا منه البيت الشريف ، والدعاء مستجاب عند رؤية البيت ، وكانوا يقفون هناك للدعاء. وأما الآن فقد حالت أبنية عن رؤية البيت ، ومع ذلك يقف الناس للدعاء فيه على العادة القديمة ، وعن يمينه ويساره ميلان للإشارة إلى أنه المدّعا.

قال في البحر العميق : أنه كان يرى في زمانه رأس الكعبة ، وكان المذكور في أواسط المائة التاسعة ووفاته سنة ٨٥٤ ه‍.

ولا شك أن في زمن الصحابة كانوا يقفون ويدعون لمشاهدتهم البيت ، وعلى وقت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان ذلك المحل غير مرتفع في زمنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وما رفعه إلا سيدنا عمر رضي‌الله‌عنه بالردم الذي بناه ، فصار يشاهد منه البيت ، فوقف الناس عنده للدعاء تبركا بوقوف من سلف ـ مستحب ـ انتهى ـ اعلام». أي اعلام الأنام.

٥٢٤

أعلى مكة انحدر إلى جهة الشمال ، ونزل من سوق الليل إلى وادي إبراهيم عليه‌السلام ، ويمر بالجانب الجنوبي من المسجد إلى بركة ماجن.

وهذه الزيادة أول زيادة وقعت في المسجد. وقد وسّعه جماعة ، ذكرهم بعض الناس في أبيات وهي :

تحقيق ذا المسجد ذي التباهي

أوسع من عهد رسول الله

إذ بعده بالقطع زاده عمر

وشيد الجدران (١) منه إذ عمر

ووسّع الأمكنة المضيقة

عثمان واستجدّ فيه الأروقة

وابن الزبير بعده قد وسعه

ثم الوليد بعده زاده سعة

ثم انقضى ملك بني أمية

واحترقوا بمثل لدغ الحية

ثم انتهى الملك ورفع (٢) الباس

من بعدهم إلى بني العباس

فوسع المنصور ثم المهدي

ودام ذا الأمر إلى ذا العهد

وسيأتي تفصيل ما أجمل في هذا النظم إن شاء الله تعالى.

[كسوة الكعبة في زمن عمر رضي‌الله‌عنه]

وكسى عمر رضي‌الله‌عنه الكعبة القباطي (٣). وعن الأزرقي (٤) أن عمر رضي‌الله‌عنه كان ينزع كسوة الكعبة في كل سنة ، ويقسمها في الحجاج ، ويكسوها كسوة جديدة.

قال ابن الضياء (٥) : «كان رضي‌الله‌عنه يجلل بدنة بدنة بالقباطي والحلل

__________________

(١) في (د) «البنيان».

(٢) في (ج) ، (د) «ووقع».

(٣) الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ١٧٦.

(٤) أخبار مكة ١ / ١٧٩ ، وانظر : ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ٦٨.

(٥) ابن الضياء الحنفي.

٥٢٥

والأنماط ، ثم يبعث بها إلى الكعبة يكسوها بها ، وكان يكسوها من بيت المال».

[معاليق الكعبة في زمن عمر رضي‌الله‌عنه]

وكان يحج بالناس كل عام إلا سنتين متواليتين (١).

قال الحلبي (٢) : «ولما فتحت مدائن كسرى ، كان فيما بعث لعمر هلالان من ذهب ، فعلّقا في الكعبة».

[استشهاد عمر رضي‌الله‌عنه]

واستمر رضي‌الله‌عنه بالمدينة إلى أن ضربه الشقي عدو الله أبو لؤلؤة / عبد المغيرة بن شعبة بخنجر (٣) وقد تقدم للصف الأول في صلاة الصبح ، وذلك يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة (٤) سنة ثلاث وعشرين من الهجرة. فتوفي رضي‌الله‌عنه يوم الأحد مستهل المحرم ، وله ثلاث وستون سنة (٥).

قال عبد الصمد بن إبراهيم بن الخليل المحدث : «هذا هو المشهور».

وعن سالم : «أنه قبض وهو ابن خمس وستين».

__________________

(١) ذكرت المصادر : «حج عمر جميع سني ولايته إلا السنة وهي ١٣ ه». انظر : ابن سعد ـ الطبقات ٣ / ١ / ٢٠٣ ، اليعقوبي ـ تاريخ ٢ / ١٥٩ ، القضاعي ـ تاريخ القضاعي ٢٩٦.

(٢) السيرة الحلبية ـ انسان العيون. وانظر : ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ٧١.

(٣) انظر حول مؤامرة اغتيال عمر رضي‌الله‌عنه : أثر أهل الكتاب في الفتن والحروب الأهلية في القرن الأول الهجري ـ للمحقق ٢١٥ ـ ٢٤٣.

(٤) انظر هذا التاريخ : ابن خياط ـ تاريخ ص ١٥٢.

(٥) انظر حول الاختلاف في سنه رضي‌الله‌عنه : ابن خياط ـ تاريخ خليفة ص ١٥٣ ، ابن جرير الطبري ٥ / ١٨٩ ـ ١٩٠ ، ابن قتيبة ـ المعارف ٩ ، القضاعي ـ تاريخ القضاعي ٢٩٢.

٥٢٦

وقال ابن عباس رضي‌الله‌عنهما : «كان ابن ست وستين».

وقال قتادة : «احدى وستين».

وقيل أربع وخمسين ، وقيل خمس وخمسين ، وقيل اثنتين وخمسين.

وقال أسلم (١) : «ابن ستين».

قال الواقدي (٢) : «وهذا أثبت الأقاويل عندنا» ـ انتهى.

وكانت خلافته رضي‌الله‌عنه عشر سنين وستة أشهر وخمسة أيام ـ كذا قاله ابن إسحاق (٣).

ودفن بالحجرة الشريفة مع صاحبيه رضي‌الله‌عنه.

وتذكرت هنا قول العلامة سراج الدين عمر بن الوردي الشافعي (٤) ملمحا إلى قصة قتلة عمر رضي‌الله‌عنه بقوله في مليح في أذنه لؤلؤة :

قد قلت لما مرّ بي

مقرطق (٥) يحكي القمر

هذا أبو لؤلؤة

منه خذوا ثأر عمر

[خلافة عثمان بن عفان رضي‌الله‌عنه]

فولي الخلافة بعده سيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه.

وهو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.

__________________

(١) ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ١٩٠.

(٢) ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ١٩٠.

(٣) انظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ١٨٦.

(٤) عمر بن مظفر ابن الوردي المعرّي الكندي ـ شاعر وأديب ومؤرخ. توفي سنة ٧٤٩ ه‍. صاحب كتاب تاريخ ابن الوردي وغيره. انظر : الزركلي ـ الاعلام ٥ / ٦٧.

(٥) مقرطق : يضع في أذنه القرط حلية. انظر : لسان العرب لابن منظور ٧ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥.

٥٢٧

ويجتمع مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عبد مناف.

وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية (١).

ومولده لستة أعوام من الفيل.

وبويع بالخلافة لثلاث مضين من موت عمر رضي‌الله‌عنه. قال في تاريخ الخميس (٢) : «وكانت مبايعته يوم الاثنين لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين. واستقبل الخلافة في محرم سنة أربع وعشرين».

وكان محببا في قريش (٣) حتى قال قائلهم في الدعاء : «أحبك الرحمن حبّ قريش لعثمان».

ولما بويع عثمان أمر عبد الرحمن بن عوف رضي‌الله‌عنه أن يحج بالناس (فحج بالناس سنة أربع وعشرين من الهجرة ، ثم حج بالناس عثمان رضي‌الله‌عنه ، ولم يزل يحج بالناس) (٤) إلى أن حصر سنة خمس وثلاثين ، فحج بالناس حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي‌الله‌عنهما.

وذكر المسعودي في مروج الذهب (٥) أمراء الحج إلى سنة ستين وثلاثمائة ، ولا حاجة لنا بذكرهم ، فراجعه إن شئت.

__________________

(١) انظر : ابن سعد ـ الطبقات ٣ / ٥٣ ، القضاعي ـ تاريخ ٣٠١ ، ابن خياط ـ تاريخ خليفة ١٥٦.

(٢) للديار بكري ٢ / ٢٥٤ ، وانظر : ابن سعد ـ الطبقات ٣ / ٦٤ ، ابن خياط ـ تاريخ خليفة ١٥٦ ، ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ٢٤١.

(٣) في الجاهلية والإسلام. انظر : القضاعي ـ تاريخ ص ٣٠٢.

(٤) ما بين قوسين سقط من (ج). وما بعده بمقدار سطر سقط من (د).

(٥) المسعودي ـ مروج الذهب ٤ / ٣٩٦ ـ ٤٠١.

٥٢٨

[ولاة مكة ، وأخبارها زمن عثمان رضي‌الله‌عنه]

فولي مكة في زمنه رضي‌الله‌عنه : علي بن عدي بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس (١). ثم خالد بن العاص المقدم ذكره. وولي مكة أيضا الحارث ابن نوفل السابق ذكره ، وكذلك عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن أخي عتاب (٢) السابق ذكره. وكذلك عبد الله بن عامر الحضرمي (٣) / وكذلك نافع بن عبد الحارث الخزاعي (٤) السابق.

وذكر ابن الأثير (٥) : «أن خالدا كان واليها سنة خمس وثلاثين ، وفيها قتل عثمان رضي‌الله‌عنه» ـ والله أعلم.

[توسعة المسجد]

قال ابن فهد (٦) : «وفي سنة ست وعشرين من الهجرة اعتمر عثمان رضي‌الله‌عنه ، فدخل مكة ليلا ، وطاف وسعى ، واشترى دورا بمكة فهدمها ، ووسع بها المسجد ، وبنى الأروقة ، وهو أول من اتخذها له (٧) ـ انتهى.

__________________

(١) انظر : الذهبي ـ تجريد الصحابة ١١ / ٣٩٣.

(٢) وكان عبد الله هذا ممن ولي فارس لزياد بن أبيه ، وأقره معاوية رضي‌الله‌عنه. انظر : الفاسي ـ العقد الثمين ٥ / ١٣٣ ، الذهبي ـ تجريد الصحابة ١ / ٣٠٧.

(٣) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٣ / ٩٥.

(٤) انظر : المزي ـ تهذيب الكمال ٣ / ١٤٠٣.

(٥) ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٣ / ٩٥.

(٦) في اتحاف الورى في أخبار أم القرى ٢ / ١٩ ـ ٢٠.

(٧) أضاف ناسخ (ج) في المتن قوله : «قال كاتبه أبو الفيض والإسعاد : وحدّ زيادة عثمان رضي‌الله‌عنه في المسجد الحرام ، كما أخبرني الثقة هو محل الصف الأول من مقام الإمام الحنفي الذي يصلي فيه الصلوات الخمس ، المستدير حول الكعبة ، ومقام الإمام الحنفي المذكورة هو محل دار الندوة ـ والله أعلم ـ».

٥٢٩

[كسوة الكعبة]

وروى الأزرقي (١) : «أن عثمان رضي‌الله‌عنه أول من كسى الكعبة كسوتين ، يعني بطانة وظهارة.

[نقل البندر إلى جدة]

وسأله أهل مكة أن ينقل ساحل مكة من الشعيبية (٢) إلى جدة لقربها منهم ، فخرج بنفسه رضي‌الله‌عنه إلى جدة ، ورآها واغتسل من البحر ، وأمر من معه بالغسل منه ، وقال : إنه مبارك. وأمر بنقل البندر إليه. ثم توجه من طريق عسفان إلى المدينة».

[استشهاد عثمان رضي‌الله‌عنه]

واستمر رضي‌الله‌عنه خليفة اثنتي عشرة سنة إلا اثنا عشر يوما (٣).

قال القاضي (٤) عن ابن إسحاق : وقيل إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وأربعة عشر يوما. ثم قتل رضي‌الله‌عنه شهيدا يوم الأربعاء بعد صلاة

__________________

(١) أخبار مكة ١ / ١٨٠.

(٢) في (ب) «شعيبية». وانظر : ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ٥٣. وهي شعيبة : كانت مرفأ السفن من ساحل بحر الحجاز لمكة قبل جدة. انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ٣ / ٣٥١.

(٣) ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ١٤٩. وانظر حول الاختلاف في مدة خلافته رضي‌الله‌عنه : ابن خياط ـ تاريخ خليفة ١٧٧ ، ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ٤٣٧ ، القضاعي ـ تاريخ ٣٠٣.

(٤) وانظر هذا الاختلاف في وقت قتله رضي‌الله‌عنه ودفنه في : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ٤٣٥ ـ ٤٣٧ ، ابن خياط ـ تاريخ خليفة ١٧٦ ، القضاعي ـ تاريخ ٣٠٢ ـ ٣٠٣. وفي دفنه رضي‌الله‌عنه ، وسنه يوم قتل ، انظر : ابن خياط ـ تاريخ خليفة ١٧٧ ، الطبري ـ تاريخ ٥ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩ ، القضاعي ـ تاريخ ٣٠٣.

٥٣٠

العصر. ودفن يوم السبت قبل الظهر ، وقيل ليلة السبت بين المغرب والعشاء ، وقيل يوم الجمعة لثماني عشرة أو سبع عشرة خلت من ذي الحجة ، وقيل في وسط أيام التشريق.

وقال عبد الصمد بن خليل في شرحه للأربعين : «يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة ، ويقال لثماني عشرة. ودفن يوم ليلة السبت ، وسنه يومئذ تسعون سنة ، وقيل خمس وتسعون سنة ، وقيل ثمان وثمانون سنة ، وقيل اثنتان وثمانون ، وقيل ثمانون ، وقيل خمس وثمانون ، وقيل ست وثمانون». انتهى.

وقيل يوم الجمعة الثاني عشر من ذي الحجة ـ قاله مغلطاي (١) ـ والله أعلم ، «سنة خمس وثلاثين من الهجرة وعمره اثنان وثمانون سنة». وقيل غير ذلك.

وصلى عليه جبير بن مطعم (٢) ، وقيل المسور بن مخرمة (٣) ، وقيل

__________________

(١) في النسخ الثلاث الأولى «ما غلط». والاثبات من (د). كما ذكر ناسخا (ب) ، (ج) في الهامش «لعله مغلطاي». ومغلطاي هو : مغلطاي بن قليج بن عبد الله البكجري المصري الحنفي ، مؤرخ من حفاظ الحديث ، نسابة تركي الأصل. ومن تصانيفه في السيرة : الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم ، وله شرح البخاري في عشرين مجلدا. توفي سنة ٧٦٢ ه‍. انظر : الدرر الكامنة ٤ / ٣٥٢ ، شذرات الذهب ٦ / ١٩٧ ، الزركلي ـ الاعلام ٧ / ٢٧٥.

(٢) جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي ، واشتهر بالنسب عن أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه. أسلم يوم الفتح ، ومات في خلافة معاوية رضي‌الله‌عنه. انظر : ابن عبد البر ـ الاستيعاب ١ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، ابن حجر ـ الاصابة ١ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

(٣) المسور بن مخرمة بن نوفل القرشي الزهري ، كان فقيها من أهل الفضل والدين وخاله عبد الرحمن بن عوف رضي‌الله‌عنه ، توفي بمكة في إمارة ابن الزبير. انظر : الاستيعاب ٣ / ٤١٦ ـ ٤١٧ ، الاصابة ٣ / ٤١٩ ـ ٤٢٠.

٥٣١

حكيم بن حزام ، وقيل الزبير (١) ، وقيل ابنه عمرو (٢) ، الذي يكنى به (٣). وشاهد الناس الملائكة تصلي عليه ، ودفن بالبقيع (٤) رضي‌الله‌عنه.

[خلافة علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه]

فولي الخلافة بعده علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ابن عبد المطلب ، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية ، وهي أول هاشمية ولدت هاشميا ، توفيت بالمدينة ، ودفنت بالبقيع.

قال في الرياض النضرة (٥) بعد سابقة كلام في القصة بعد قتل عثمان رضي‌الله‌عنه : «خرج علي رضي‌الله‌عنه ، ومن معه [من الصحابة](٦) إلى بيوتهم ، فجاء الناس كلهم إلى علي ليبايعوه ، فقال : ليس ذلك إليكم ، إنما هو إلى أهل بدر ، فمن رضي به أهل بدر فهو الخليفة. فلم يبق أحد من أهل بدر إلا قال : ما نرى أحقّ بها منك.

فلما رأى عليّ ذلك جاء إلى المسجد ، فصعد المنبر ، وكان أول من صعد إليه وبايعه طلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص» ـ إلى آخر ما قاله ـ.

__________________

(١) أي الزبير بن العوام حواري رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٢) عمرو بن عثمان بن عفان. انظر عنه : ابن سعد ـ الطبقات ٥ / ١٥٠ ، ابن قتيبة ـ المعارف ١٩٩. قال عنه الذهبي : ثقة ليس بالمكثر. سير أعلام النبلاء ٤ / ٣٥٣.

(٣) انظر في ذلك : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ٤٣١ ـ ٤٣٥.

(٤) دفن في أرض يقال له حشّ كوكب كان اشتراها رضي‌الله‌عنه وزادها في البقيع. انظر : القضاعي ـ تاريخ ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

(٥) للمحب الطبري.

(٦) ما بين حاصرتين من (د).

٥٣٢

وفي تاريخ الخلائف لأبي الثناء (١) : «استخلف يوم السبت لعشر بقين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين».

فأقام بالمدينة بعد مبايعته أربعة أشهر ، ثم سار إلى العراق في سنة ست وثلاثين.

ولم يتفق له حج لاشتغاله بالحروب ، فحج بالناس (٢) سنة ست وثلاثين عبد الله بن عباس (٣) رضي‌الله‌عنهما ، ثم حج بهم سنة سبع وثلاثين (٤) أيضا. (ثم حج بالناس سنة ثمان وثلاثين قثم بن عباس (٥) ، ثم حج بالناس سنة تسع شيبة بن عثمان (٦) ـ وقيل كان ذلك سنة سبع وثلاثين) (٧) ، وسيأتي ذلك بأزيد ـ والله أعلم.

واستشهد (٨) علي رضي‌الله‌عنه سنة أربعين ـ كذا نقله القطب / عن العلامة ابن الجوزي (٩).

__________________

(١) وانظر تفاصيل ذلك عند ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ٤٤٨ ـ ٤٥٨.

(٢) سقطت من (ب) ، (د).

(٣) ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ٦١٥.

(٤) ذكر ابن جرير الطبري : «أن الذي حج بالناس سنة ٣٧ ه‍ عبيد الله بن عباس ، وكان عامل علي على اليمن ومخاليفها» ـ تاريخ ٥ / ٧٠٨.

(٥) خليفة بن خياط ـ تاريخ ص ٢٠١ ، ابن جرير الطبري ٦ / ٤٧. وانظر عن سيرة قثم : الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٤٠.

(٦) انظر في ذلك والاختلاف فيه : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٦ / ٥١.

(٧) ما بين قوسين سقط من (د).

(٨) في (ب) ، (ج) «وتوفي».

(٩) ابن الجوزي ـ في المنتظم.

٥٣٣

[ولاة مكة وأخبارها زمن علي رضي‌الله‌عنه]

فولي مكة في زمنه : أبو قتادة الأنصاري (١). ثم قثم بن العباس بن عبد المطلب (٢) ، واستمر إلى أن قتل علي رضي‌الله‌عنه. ـ هكذا قال الفاسي (٣) ـ. وقيل : ان أخاه معبد بن العباس (٤) وليها لعلي رضي‌الله‌عنه» ـ والله أعلم.

فائدة : قثم هذا أمه لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهدم بن رؤبة ابن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن الهلالية ، وكنيتها أم الفضل (٥). وهي أول امرأة أسلمت بمكة بعد خديجة بنت خويلد رضي‌الله‌عنها. أتت للعباس بقثم وبالفضل وعبد الله ومعبد وعبد الرحمن ، وفيها يقول عبد الله بن يزيد الهلالي :

ما أنجبت نجيبة من فحل

في جبل نعلمه (٦) وسهل

كصبية من بطن أم الفضل

أكرم بها من كهلة وكهل

عم النبي المصطفى ذي الفضل

وخاتم الرسل وخير الرسل

وهو ممن أردفه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودعا له. واستشهد بسمرقند (٧) سنة [ست

__________________

(١) أبو قتادة : الحارث بن ربعي الأنصاري السلمي ، فارس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. توفي بالمدينة سنة ٥٤ ه‍. انظر ترجمته : سير أعلام النبلاء للذهبي ٢ / ٤٤٩ ـ ٤٥٦.

(٢) انظر : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٣ / ١٧٧ ، ١٨٨.

(٣) في شفاء الغرام ٢ / ٢٥٧ ، والعقد الثمين ١ / ١٦٢.

(٤) الفاسي ـ العقد الثمين ٧ / ٣٩ ، وانظر : ابن حزم ـ الجمهرة ١٨.

(٥) انظر عن أم الفضل رضي‌الله‌عنها ـ لبابة الكبرى : ابن حجر ـ الاصابة في تمييز الصحابة ٤ / ٤٨٣ ـ ٤٨٤ ، ٣٩٨ ، ابن عبد البر ـ الاستيعاب ٤ / ٤٨٢ ـ ٤٨٣.

(٦) في (د) «بغلمه».

(٧) سمرقند : قصبة بلاد الصغد ، ويقال لها بالعربية سمران. من أشهر مدن بلاد ما وراء النهر. انظر عنها : ياقوت ـ معجم البلدان ٣ / ٢٤٦ ـ ٢٥٠.

٥٣٤

وخمسين](١) ـ قاله ابن عبد البر (٢).

قال الفاسي (٣) : «وفي سنة تسع وثلاثين كاد أن يقع قتال بين قثم (٤) هذا وبين يزيد بن شجرة الرهاوي (٥) الذي بعثه معاوية رضي‌الله‌عنه لإقامة الحج ، وأخذ البيعة له بمكة ، ونفي عامل علي رضي‌الله‌عنه. ثم وقع الصلح بينهما على أن يعتزل كل منهما الصلاة ، ويختار الناس من يصلي بهم ، ويحج بهم ، فاختاروا شيبة بن عثمان الحجبي ، فصلى بهم وحج بهم».

قلت : وقال غيره : ان قثم بعث إلى علي رضي‌الله‌عنه يستغيث به ، فبعث إليه علي بعبد الله بن عباس ، وأمّره على الحج ، فاجتمع بمكة على يزيد ، وتنازعا الإمارة ، ثم اصطلحا على أن يعتزلا الصلاة ، ويختار الناس من يقوم بأمر الموسم ، فاختاروا شيبة بن عثمان ... إلى آخره ـ.

وفي قثم بن العباس هذا يقول بعض الشعراء (٦) :

__________________

(١) ما بين حاصرتين من (ج).

(٢) في الاستيعاب ٣ / ٢٧٥ ـ ٢٧٩ ، وانظر : ابن حجر ـ الاصابة ٣ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.

(٣) في العقد الثمين ١ / ١٦٢. وانظر : خليفة بن خياط ـ تاريخ ١ / ١٩٨ ، ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ٥١ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٢٩ ، عز الدين بن فهد ـ غاية المرام ١ / ٦٨.

(٤) سقطت من (ج).

(٥) يزيد بن شجرة الرهاوي : له صحبة ، اشتهر بغزو الروم ، واستشهد في البحر سنة ٥٨ ه‍. انظر : ابن سعد ـ الطبقات ٧ / ٤٤٦ ، خليفة بن خياط ـ تاريخ ٢٢٣ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٩ / ١٠٦ ـ ١٠٧.

(٦) وهو داود بن سلم من بني سليم ، مولى بني تيم بن مرة ، شاعر مخضرم ، شديد السواد. انظر : ياقوت ـ معجم الأدباء ١١ / ٩٥ ، ٩٧. وانظر الأبيات عند ابن عبد البر ـ الاستيعاب ٣ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

٥٣٥

نجوت (١) من حلّ ومن رحلة

يا ناق إن أدنيتني من قثم /

إنك إن أدنيتني (٢) منه غدا

حالفني اليسر ومات العدم

في كفّه بحر وفي وجهه

بدر وفي العرنين منه شمم

أصمّ عن قيل الخنا سمعه

وما عن الخير به صمم

لم يدر ما لا (٣) وبلى قد درى

فعافها واعتاض عنها (٤) نعم

قال الزبير بن بكار (٥) : «أتاه أعرابي فأنشده :

يا قثم الخير جزيت الجنة

أكس بنيّاتي وأمّهنّه

أقسم بالله لتفعلنّه

فقال له قثم : قد أبرّ الله قسمك».

وفيه يقول داود بن سلم (٦) من قصيدة :

كم صارخ بك من راج وصارخة

يدعوك يا قثم الخيرات يا قثم

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

يكاد يمسكه (٧) عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

إذا رأته قريش قال قائلها

إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

هذا الذي لم يضع (٨) للملك حرمته

أو الكريم الذي يحظى به الحرم

__________________

(١) عند ياقوت ـ معجم الأدباء ١١ / ٩٥ ، وفي الاستيعاب «عتقت». وكذلك عند الزبيري في نسب قريش ص ٣٣.

(٢) في (أ) ، (د) «أدنيت» كما في الاستيعاب. والاثبات من (ب) ، (ج).

(٣) سقطت من (ج) ، وغامضة في (ب). والبيت كله مضطرب في (د).

(٤) في معجم الأدباء «منها».

(٥) انظر : الزبيري ـ نسب قريش تحقيق بروفنسال ص ٣٣.

(٦) في النسخ الأربع «سالم». والاثبات من معجم الأدباء ، والاستيعاب.

(٧) في (أ) «يعلقه». والاثبات من بقية النسخ.

(٨) في (ج) «تخضع».

٥٣٦

قلت : هكذا أورد ابن بكار هذه القطعة لداود في كتابه أخبار قريش ، وتوجد هذه القطعة للفرزدق ، وسيأتي ذكرها في ترجمة هشام ابن عبد الملك (١) ، وإنما ذكرتها لغرابة النسبة ـ والله أعلم لمن هي.

[استشهاد علي رضي‌الله‌عنه]

وكانت خلافة علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه أربع سنين وثمانية أشهر (٢).

فخلفه أمير المؤمنين معاوية رضي‌الله‌عنه ابن أبي سفيان سنة ثمان وثلاثين في واقعة الحكمين وهي مشهورة (٣). وتغلب معاوية رضي‌الله‌عنه ، فرجع علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه إلى الكوفة ، واستمر بها إلى أن قتله الشقي عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، ضربه بالسيف على ناصيته ، وذلك في صلاة الصبح يوم الجمعة سابع عشر من رمضان ، وقيل ليلة الجمعة (٤) لثلاثة عشر منه ، وقيل لإحدى عشرة ليلة خلت منه أو بقيت ، وقيل لثماني عشرة (٥) ليلة خلت منه ـ كذا قال القاضي ابن جار الله (٦). وذلك سنة أربعين من

__________________

(١) في هذا الكتاب. وقد علق العز بن فهد : «أنها لا تصح لقثم» ـ غاية المرام ١ / ٧١.

(٢) انظر الاختلاف في ذلك : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٦ / ٦٧ ، ٦٨.

(٣) انظر بشأن واقعة الحكمين ـ التحكيم ـ ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٥ / ٦٨٠ ـ ٦٨٥ ، تاريخ الدعوة الإسلامية للمحقق ص ٤٠٢ ـ ٤٠٤.

(٤) سقطت من (ب) ، (ج).

(٥) سقطت من (ب) ، (ج).

(٦) ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ١٥٠. وانظر في ذلك : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٦ / ٦٧. وذكر ابن خياط : «قتل علي بن أبي طالب رحمة الله عليه صبيحة الجمعة لسبع بقين من شهر رمضان» ـ تاريخ خليفة ١٩٨. في حين ذكر القضاعي : «وضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من شهر رمضان» ـ تاريخ ٣١١ ـ ٣١٢.

٥٣٧

الهجرة.

وتوفي رضي‌الله‌عنه ليلة الأحد. وقال القاضي (١) : «من يومه». وعمره ثلاث وستون سنة. وولادته قبل البعثة بعشر سنين.

لطيفة :

تقدم قول العلامة سراج الدين عمر بن الوردي في المقرطق (٢) باللؤلؤة ، وتلميحه إلى قصة قتل عمر رضي‌الله‌عنه. وقد كنت نظمت بيتين في غلام اسمه عبد الرحمن ، لمحت فيها بقصة قتل علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، عقدت عليها الخناصر من كل معاصر وهي هذه :

قلت لما أن لاح بالقرب مني

شخص عبد الرحمن في القرمزيّ

يا أخلائي من ذؤابة دلّه (٣)

مّن فتى آخذ بثأر عليّ

فأنظر لما خبيء لنا من خزائن الغيب ، وإياك والمبادرة إلى العيب ، والله يتولى هداك.

[خلافة الحسن بن علي رضي‌الله‌عنهما]

فولي الخلافة الحسن بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهما ، وأمه فاطمة الزهراء ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سيدة نساء العالمين.

ومولده في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة.

واستمر رضي‌الله‌عنه خليفة ستة أشهر وأياما (٤) ، فسار إليه معاوية بن أبي

__________________

(١) ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ١٥٠.

(٢) في (د) «المطرطق».

(٣) هكذا في (أ). وفي بقية النسخ الثلاث «طه».

(٤) ذكر القضاعي أن : «خلافته ستة أشهر وخمسة أيام» ـ تاريخ ٣٢٠ ، وذكر ـ ابن خياط وابن عبد ربه : «سبعة أشهر وسبعة أيام» ـ تاريخ خليفة ٢٠٣ ، العقد الفريد ٥ / ١١٠.

٥٣٨

سفيان رضي‌الله‌عنه ، وسار إليه الحسن رضي‌الله‌عنه في جيش أعظم منه ، والتقيا بالأنبار (١) ، فوفق الله تعالى مولانا الحسن رضي‌الله‌عنه لحقن الدماء ، فنزل له عنها ، وذلك في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين من الهجرة (٢).

ثم ارتحل الحسن رضي‌الله‌عنه من الكوفة إلى المدينة ، واستمر بها إلى أن توفي مسموما بها. واختلف في وفاته (٣) : قيل سنة تسع وأربعين ، وقيل سنة إحدى وخمسين ، وقيل في ربيع الأول سنة خمسين ، وعليه الأكثرون. وهو ابن ست أو سبع وأربعين سنة. ودفن رضي‌الله‌عنه بالبقيع في قبّة أهل البيت ـ رحمه‌الله تعالى / ـ.

قال في كتاب الوقائع الحكمية (٤) في المواسم المكية :

«وفي سنة إحدى وأربعين بعد الهجرة ، زعم المغيرة بن شعبة أن معاوية رضي‌الله‌عنه ولّاه أمر مكة والحاج. فوقف بالناس يوم التروية ، وهو يوم

__________________

(١) المقصود بها هنا : مدينة الأنبار الواقعة غربي بغداد ، كانت الفرس تسميها فيروز سابور. واتخذها السفاح عاصمة له فيما بعد. انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ١ / ٢٥٧.

(٢) ذكر الطبري : «أن معاوية دخل الكوفة لخمس بقين من ربيع الأول ، ويقال من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين» ـ تاريخ ٦ / ٧٩ ، ٨٠ ، وانظر : ابن خياط ـ تاريخ خليفة ص ٢٠٣.

(٣) انظر : القضاعي ـ تاريخ ص ٣٢١.

(٤) في (ب) «المحلية». وفي (د) «المحكمية». وقد ذكر الطبري ذلك في حوادث عام ٤٠ ه‍. تاريخ ٦ / ٧٦. والوقائع الحكمية في المواسم المكية للسيد البهنسي كما ذكر السنجاري. ولم أتمكن من التعرف على الكتاب وصاحبه فيما رجعت إليه من المظان.

٥٣٩

ثمان من ذي الحجة ، ودعا لمعاوية رضي‌الله‌عنه ذلك اليوم ، فتخلّف عنه ابن عمر رضي‌الله‌عنه ومعظم الناس من أمر نسكه. وكان ابن عمر رضي‌الله‌عنه ومعظم الناس غادين إلى منى ومن منى إلى عرفات ، والمغيرة ومن معه نافرين من عرفة إلى مزدلفة ، ولم يسمع بمثل ذلك».

أقول : ويحمل هذا على أنه وقع أن أناسا شهدوا عند المغيرة برؤية الهلال فاعتمد ذلك. وإلا فمقامه يجلّ عن هذه الشنيعة (١).

فائدة :

روى الامام أحمد بسنده إلى سفينة (٢) قال :

سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «الخلافة بعدي ثلاثون سنة (٣) ، ثم يكون بعد ذلك الملك» ـ أخرجه أصحاب السنن ، وصححه ابن حبّان.

قال العلماء : «ولم يكن في الثلاثين بعده ـ (النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إلا (٤) زمن) (٥) الخلفاء الأربعة وأيام الحسن بن علي رضي‌الله‌عنهم أجمعين».

__________________

(١) في (د) «التشديد». وتعليل السنجاري هذا جيد ، بينما ذكر الطبري بإسناده : «.. وقد قيل : إنه إنما فعل ذلك المغيرة لأنه بلغه أن عتبة بن أبي سفيان مصبحه واليا على الموسم ، فعجّل الحج من أجل ذلك» ـ تاريخ ٦ / ٧٦. وفي ذلك سوء ظن بالمغيرة رضي‌الله‌عنه لا يليق.

(٢) مسند الامام أحمد ٥ / ٢٧٩ ، ٢٨٠. وعن سفينة مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، انظر : القضاعي ـ تاريخ ص ٢٣٤ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ٥ / ٣١٥.

(٣) في (ب) ، (د) «عاما».

(٤) في (ج) «ولا». وهو خطأ. وفي (د) «إلى».

(٥) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (د). وانظر في ذلك تاريخ القضاعي ٣٢١.

٥٤٠