منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ١

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ١

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN: 9960-03-367-8
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٥٥٦

[دخل الكعبة فيمن دخلها للنظر إلى الحجر الأسود لما كان في الكعبة بأثر رد القرامطة له (١) ، وأنه تأمل الحجر الأسود](٢) ، فاذا السواد في رأسه دون سائره ، وسائره أبيض. قال : وكان مقدار طوله فيما حرزته مقدار عظم الذراع أو كالذراع المقبوضة الأصابع ، والسواد في وجهه غير ماض في جميعه» (٣).

وقيل في طوله أكثر من هذا ، ذكر صاحب العقد (٤) : أن طوله ثلاثة أذرع ـ والله أعلم ـ.

وارتفاعه من أرض المطاف ذراعان وربع وسدس بذراع الحديد ـ قاله ابن جماعة (٥). وقال ابن الضياء (٦) : أن (٧) طوله ذراعان قد أخذ عرض جدار الكعبة ، وأن مؤخره (٨) مضرس على ثلاثة أرؤس (٩).

__________________

عن مجاهد الذي نظر اليه حين نقض ابن الزبير البيت وذلك باسناد لين ١ / ٩٢ ، حديث رقم ٢٧.

(١) وذلك سنة ٣٣٩ ه‍.

(٢) ما بين حاصرتين في (أ) ، (د): «تأمل الحجر الأسود بأثر رد القرامطة له». والاثبات من (ب) ، (ج).

(٣) وأضاف الفاسي : «وما ذكره العلوي في صفة الحجر يخالف هذا ـ والله أعلم». شفاء الغرام ١ / ٣١٥.

(٤) ذكر الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٣١٤ أن صاحب العقد هو ابن عبد ربه ، وهو الصحيح ٦ / ٢٥٨.

(٥) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣١٥.

(٦) ابن الضياء الحنفي العمري.

(٧) سقطت من (ب) ، (ج).

(٨) في (د) «أخذه». وهو خطأ.

(٩) في (أ) «روس». والاثبات من (ب) ، (ج).

٣٠١

فائدة : هل كان الحجر الأسود يسمى بالأسود قبل اسوداده (١) حال كونه أشد بياضا من اللبن؟ أو تجدد له هذا الإسم بعد اسوداده؟ :

قال القاضي في جامعه (٢) عن جده : «لم أر في ذلك كلاما لأحد».

ومن خواصه :

أنه اذا جعل في الماء لا يغرق ، واذا جعل في النار لا يحمى (٣).

ومن حفظ الله له أنه أزيل من موضعه مرات ثم أعيد ، وها هو محفوظ إلى الآن ولله الحمد.

فرع :

السنة في تقبيل الحجر الأسود أن يكون بلا تصويت ولا تطنين ولا لحس (٤) ، وان أمكنه أن يسجد عليه فعل لأنه جائز عندنا (٥) وعند الشافعي وأحمد ، لأنه تقبيل (٦) وزيادة سجود لله تعالى. وقال مالك : ان السجود بدعة. ـ والله أعلم ـ.

__________________

(١) في (ب) ، (ج) ، (د) «سواده».

(٢) الجامع اللطيف لابن ظهيرة المخزومي ص ٢٥. وقد أضاف على ما نقله السنجاري : «ويحتمل أنه كان يسمى بذلك لما فيه من السؤدد ، فيكون المراد بقولهم أسود أي ذو سؤدد ، ويحتمل أنه لم يسم بذلك الا بعد اسوداده».

(٣) انظر : الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ١٥ / ٣٢٢. وذكر أنه لم يصح هذا. وانظر الفاسي ـ العقد الثمين ١ / ٧٤ ، شفاء الغرام ١ / ٣١٦.

(٤) في (ج) «فحش».

(٥) أي في المذهب الحنفي ، مذهب المؤلف السنجاري.

(٦) في (أ) «فيه تقبلا». وفي (ب) ، (د) «تقبيلا». والاثبات من (ج).

٣٠٢

وروي أن الحجر الأسود كان يسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل البعثة (١).

فائدة :

روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ما بين الحجر الأسود والركن اليماني روضة من رياض الجنة» ـ ذكره القاضي في جامعه (٢).

[في فضل الحجر الأسود]

والكلام في فضله وتوابعه طويل ، وفي هذا القدر كفاية.

ومما قيل فيه من المدح الشعري ، قول البدر بن الصاحب المصري (٣) :

للحجر (٤) الأسود كم لاثم

وساجد مرّغ فيه الجباه

تزدحم الأفواه في رشفه (٥)

كأنه ينبوع (٦) ماء الحياه

وله أيضا (٧) :

للحجر الأسود سرّ خفيّ

وقد بدا للعين منه (٨) شهود

__________________

(١) حول تسليم الحجر على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انظر : ابن هشام السيرة ١ / ٢٣٣ ـ ٢٣٥ ، القضاعي ـ تاريخ ٢٥٥. ولم يشر أحد منهما الى أنه الحجر الأسود.

(٢) أي الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف ص ٢٨. وقد جاء فيه «ما بين الركن اليماني والحجر الأسود روضة من رياض الجنة» وذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٥ / ١٥٦.

(٣) بدر الدين أحمد بن محمد بن الصاحب. انظر شفاء الغرام للفاسي ١ / ٢٧٨.

(٤) في (أ) «الحجر». والاثبات من (ب) ، (ج).

(٥) في شفاء الغرام «ورده». ١ / ٢٧٨.

(٦) في شفاء الغرام «ينبع» ١ / ٢٧٨.

(٧) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٢٧٨.

(٨) في شفاء الغرام «فيه» ١ / ٢٧٨.

٣٠٣

عليه (١) قد ضمّت قلوب الورى

كأنه (سوداء قلب) (٢) الوجود

وله أيضا (٣) :

للحجر الأسود كم أودعت

أسرار أنس من علام (٤) الغيوب

تزدحم الأفواه في لثمه

كأنها تلقط حبّ القلوب

وله أيضا (٥) :

أقول وقد زوحمت (٦) عن لثم أسود

من البيت أن يحجب ، فما السّر(٧) يحجب؟!

فإنك مني بالمحلّ الذي به

(يحلّ سواد القلب بل) (٨) أنت أقرب

وللمجد صاحب القاموس (٩) :

للحجر الأسود سرّ سرى

فكر الورى في بحره غاطسا

__________________

(١) سقطت من شفاء الغرام ١ / ٢٧٨.

(٢) ما بين قوسين في شفاء الغرام «قلب سواد» ١ / ٢٧٨.

(٣) البيتان في شفاء الغرام ١ / ٢٧٨ كالتالي :

كم أودعت أسرار أنس

في علوم الغيوب

يزدحم الأفواه في لثمه

كأنه يلفظ قوت القلوب

(٤) في (د) «علوم». وهو الأصح المناسب للوزن.

(٥) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٢٧٩.

(٦) في (د) «زحمت».

(٧) في (ج) «الستر». وفي (د) «لسر».

(٨) ما بين قوسين في شفاء الغرام «محل سواد العين أو أنت أقرب» ١ / ٢٧٩.

(٩) أي الفيروز آبادي صاحب القاموس المحيط.

٣٠٤

وصح ما قالوا وقالوا فقد (١)

أضحى لقلب (٢) الناس مغناطسا

وله أيضا ، وفيه توجيه بقواعد أهل الصنعة (٣) :

من مطلب الإفضال يفضي (٤)

يدي من كيمياء الخير يحرم

وكم زرنا (٥) المذهّب في الدياجي

وكم درنا على الحجر المكرّم

وللشهاب الخفاجي (من المتأخرين) (٥) [وفيه تورية](٦) :

بمكة لي غناء ليس يخفى (٧)

جوار الله والبيت المعظم

ففيها كيمياء سعادة لي

ظفرت بها من الحجر المكرم

وقال آخر (٨) :

الحجر الأسود من قبّله

من خالص الودّ (٩) وفرط الوله

يشهد له يوم قيام الورى

بأنّه إيمانه كمّله

لطيفة :

قال التقي الفاسي (١٠) عن البدر محمد بن الصاحب المصري قال :

__________________

(١) في (أ) «فقده» والاثبات من بقية النسخ.

(٢) بالاصل لقلوب وفي «د» قلب والسابق هو الأصح وهو من «د».

(٣) في (أ) ، (د) «الصناعة» والاثبات من (ب) ، (ج).

(٤) في (ب) ، (ج) «يقضي». (١١) في (أ) «درنا». والاثبات من بقية النسخ.

(٥) ما بين قوسين سقط من (ج) وأثبت الناسخ بدلا منها «رحمه‌الله».

(٥) ما بين قوسين سقط من (ج) وأثبت الناسخ بدلا منها «رحمه‌الله».

(٦) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

(٧) في (د) «يفنى».

(٨) سقط ذلك من (د) مع البيتين.

(٩) في (ج) «الحب».

(١٠) شفاء الغرام ١ / ٢٧٣ عن بدر الدين أحمد بن محمد المعروف بابن الصاحب المقري شيخ الفاسي بالاجازة ـ كما ذكر الفاسي.

٣٠٥

في كون الحجر الأسود من يواقيت الجنة دون غيره من الجواهر حكمة ، وذلك أن الشمس في الفلك الرابع المتوسط ، [شعر :

ولو لم يكن وسط الأشياء أحسنها

ما اختارت الشمس من أفلاكه الوسطا](١)

وهي الممدة (٢) لما فوقها وما تحتها من الأفلاك.

وكذلك المعدة (٣) في الفلك الرابع من الأنفس (٤) وهي الممدة لما فوقها وما تحتها ، ومقرها (٥) على النار ، ولذلك (٦) قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «المعدة بيت الداء». وخلق الله فيها عينا نباعة (بحمض معينة) (٧) على الهضم والتبريد.

ومكة في الفلك / المتوسط من الدنيا ، وهو (٨) محل النار ، وهي الممدة للدنيا. قال تعالى : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ)(٩) أي قواما لدينهم ودنياهم ، وجعل الحجر الأسود من ياقوت

__________________

(١) ما بين حاصرتين من (ب) ، (ج) ولعلها في احدى حواشي (أ) المطموسة ، وساقطة من (د).

(٢) في (ج) «أعمدة». وفي شفاء الغرام «الممتدة».

(٣) وفي (ج) «والمعدة».

(٤) في (أ) ، (د) «النفوس». والاثبات من (ب) ، (ج).

(٥) في شفاء الغرام «ومقصرها».

(٦) في (ج) «ولهذا» وحديث المعدة بيت الداء ذكره السيوطى بالدرر المنتثرة بالأحاديث المشتهرة ص ١٤٤.

(٧) ما بين قوسين في (ب) «يخمص معينته» وفي (ج) «يخمص معينه» ، وفي (د) سقطت «بحمض». ويبدو أن النساخ لم يتعرفوا عليها فحصل اللبس. والاثبات من (أ).

وحمض جمع حامض. وفي شفاء الغرام غير واضحة في الرسم ولا المعنى.

(٨) في (ج) «وهي».

(٩) سورة المائدة الآية ٩٧.

٣٠٦

الجنة [الذي لا يبالي بالنار](١) ، لكون الياقوت لا يؤثر فيه النار ويحصل منه التبريد المعنوي والحسي ـ شعر :

وطالما أصل (٢) الياقوت جمر غضى

ثم انطفى الجمر والياقوت ياقوت](٣)

وثم سر آخر وهو : أنه نقطة الدائرة الياقوتية المانعة من خراب الدنيا.

وهذه نكتة من كشف أغطية الكونين (٤) ـ انتهى كلامه ـ (٥).

[الملتزم]

وأما الكلام في الملتزم فهو ما بين الحجر الاسود والباب (٦) ويقال له المدعا ، والمتعوذ. وفي حديث مرفوع (٧) أن الدعاء فيه مستجاب.

وأما المستجار (٨) :

فهو ما بين الركن اليماني والباب المسدود في دبر الكعبة ، ويقال

__________________

(١) ما بين حاصرتين سقط من (أ) ، (د) ولعله في احدى الحواشي المطموسة.

(٢) في شفاء الغرام «أحمى» ١ / ٢٧٣.

(٣) ما بين حاصرتين سقط من (أ) ، (د). وانظر شفاء الغرام ١ / ٢٧٣.

(٣) سقطت من (ج).

(٤) في (ج) «الكونية».

(٥) أي كلام الفاسي عن البدر الصاحب المصري ـ شفاء الغرام ١ / ٢٧٤.

(٦) انظر : الفاكهي ـ أخبار مكة ١ / ١٦٠ ـ ١٦١ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣١٧ ، ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ٢٩.

(٧) انظر : الفاكهي ـ أخبار مكة ١ / ١٦٧ ـ ١٦٨ ، حديث رقم ٢٦٨ باسناد صحيح.

(٨) في الجامع اللطيف ص ٣٠ «المستجاب». وانظر شفاء الغرام ١ / ٣١٧.

٣٠٧

للمستجار المتعوذ والمستجاب (١) ويقال له ملتزم (٢) عجائز قريش.

وعن سيدنا أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان (٣) رضي‌الله‌عنه وأرضاه وقبح باغضه وأخزاه : «من قام عند ظهر البيت ودعا ، أستجيب له ، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».

وأما الحطيم :

فاختلف فيه وفي سبب تسميته بذلك ، فقيل : هو ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم وزمزم والحجر ـ بسكون الجيم. وهذا مقتضى ما قاله ابن جريج (٤).

وفي كتب الحنفية أن الحطيم الموضع الذي فيه الميزاب.

وقال ابن عباس : الحطيم الجدار. قال المحب الطبري (٥) : يعني جدار حجر الكعبة (٦). قال : وقيل الحطيم هو الشاذروان ، سمي بذلك

__________________

(١) سقطت من (ب) ، (ج) ، (د) ولا داعي لها إلا إذا وضعنا المستجاب بدلا من المستجار الذي في نسخة (أ).

(٢) في (ب) «الملتزم».

(٣) يركز السنجاري عند ذكره لمعاوية رضي‌الله‌عنه على هذه العبارة الواردة ، وقد حذف ناسخ (ج) ذلك واكتفى ب رضي‌الله‌عنهما ، وللسنجاري هدف في صفع الرافضة واظهار احترامه للصحابة جميعا رضوان الله عليهم.

(٤) ابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج مولى قريش. انظر : الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد ١٠ / ٤٠٠ ، ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ١ / ٢٨٦.

(٥) أي محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الطبري المكي الشافعي المتوفى سنة ٦٩٤ ه‍ ، في كتابه القرى لقاصد أم القرى. وانظر : الفاسي : شفاء الغرام ١ / ٣١٨ ، وابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ٣٠.

(٦) في (ج) «البيت». وذكر الناسخ أن في نسخة أخرى الكعبة ، كما في باقي النسخ.

٣٠٨

لأن البيت رفع وترك هو محطوما.

وقيل : سمي حطيما لأن العرب كانت تطرح فيه ما طافت فيه من الثياب ، فيبقى حتى ينحطم من طول الزمان.

وقيل : لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالايمان ، فقلّ من دعا هناك على ظالم إلا وهلك ، وقلّ من حلف آثما إلا عجلت له العقوبة.

ومن فضائله (١) :

ما رواه الفاكهي (٢) عن أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة رضي‌الله‌عنها (٣) : «إن خير البقاع وأطهرها وأزكاها ، وأقربها من الله تعالى ، ما بين الركن والمقام ، [وأن فيما بين الركن والمقام](٤) روضة من رياض الجنة ، فمن صلى فيه أربع ركعات نودي من بطنان العرش : أيها العبد ، غفر لك ما قد سلف منك ، فاستأنف العمل».

ومن ذلك : أن فيه قبر تسعة وتسعين نبيا جاءوا حجاجا (فقبضوا هنالك وقيل أن به قبر نوح عليه‌السلام و) (٥) هود وصالح وشعيب (٦). (وفي رواية أن فيه قبر تسعين نبيا منهم هود وصالح وإسماعيل) (٧). وقيل

__________________

(١) في (ج) «فضله».

(٢) الفاكهي ـ أخبار مكة ١ / ٤٦٨ ـ ٤٦٩.

(٣) هكذا يصف السنجاري عائشة أم المؤمنين رضي‌الله‌عنها فيصفع الرافضة. وسأقتصر على ما أثبتته النسخ الباقية من الترضي عنها رضي‌الله‌عنها.

(٤) ما بين حاصرتين سقط من (أ) ، (د) ولعله في أحد الحواشي المطموسة.

(٥) ما بين قوسين في (ج) «وقبضوا منهم» ، وفي (د) «منهم». وعلى الاجمال فهناك اضطراب في النسخ.

(٦) في (ج) «إسماعيل» وذلك نتيجة السقط الذي يتبعه.

(٧) ما بين قوسين سقط من (ج).

٣٠٩

ان قبر إسماعيل في الحجر (١).

وأما الركن اليماني :

فعنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال (٢) : «ما مررت بالركن اليماني إلا وعنده ملك ينادي آمين ، آمين. فاذا مررتم به فقولوا : اللهم (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ)(٣)».

وعن ابن عمر رضي‌الله‌عنهما قال (٤) : «على الركن اليماني ملكان يؤمنان على دعاء من مرّ بهما».

وعن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال (٥) : «وكّل بالركن اليماني سبعون ملكا ، من قال اللهم اني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ، (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) قالوا : آمين».

وقيل له صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٦) : «إنك لتكثر من استلام الركن اليماني. قال : ما أتيت عليه قط إلا وجبريل قائم يستغفر لمن يستلمه».

__________________

(١) انظر ابن قتيبة ـ المعارف ص ١٧ ، ابن جرير الطبري ـ تاريخ ١ / ٣١٤ ، القضاعي ـ تاريخ ص ٩٦ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ١٩٧ ، ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ٨٩ ـ ٩٠.

(٢) انظر : ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ٢٧ ـ ٢٨ وذكره السيوطي في الحبائك في أخبار الملائك صفحة ١٠٠ وفي الدور المنثور ١ / ٢٣٣ وابن كثير في البداية والنهاية ١ / ٣٥٦.

(٣) سورة البقرة من الآية ٢٠١.

(٤) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٢٨١ وأخرجه الخطيب في تاريخه ١٢ / ٢٢٧ وابو نعيم بالحلية ٥ / ٨٢ بنحوه.

(٥) أخرجه ابن ماجه رقم ٢٩٥٧ ج ٢ / ٩٨٥ بكتاب المناسك والبيهقي بالسنن ٥ / ١٢٨ وابن عدى بالكامل ٣ / ٦٩٠.

(٦) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٢٨١ والحديث أخرجه أبو حنيفة بمسنده ص ٨٩ وذكره السيوطي بجمع الجوامع ، كذا بكنز العمال ٣٤٧٥٦.

٣١٠

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) : «ان عند الركن اليماني بابا (٢) من أبواب الجنة».

وأخرج الأزرقي عن مجاهد (٣) : «ما من انسان يضع يده على الركن اليماني ويدعو إلا استجيب له ، وأن بين الركن اليماني والركن الأسود سبعين (٤) ألف ملك لا يفارقونه منذ خلق الله (٥) البيت».

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما بين الركن اليماني والحجر الأسود روضة من رياض الجنة».

ـ انتهى من الجامع للقاضي محمد بن ظهيرة (٦).

قلت : وروى السهيلي (٧) عن الترمذي مرفوعا : أن الركن الأسود والركن اليماني ياقوتتان من الجنة ولو لا ما طمس من نورهما لأضاءا ما بين المشرق والمغرب» (٨).

__________________

(١) الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٢٤٠ ، ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ٢٧ ، وفيه : «الركن اليماني باب من أبواب الجنة ، والركن الأسود من أبواب الجنة».

(٢) في (أ) ، (د) «باب». والاثبات من (ب) ، (ج).

(٣) أخبار مكة المشرفة ١ / ٢٤١.

(٤) في (ج) «سبعون». وصححها الناسخ في الهامش «سبعين». وسقط من (د) مقدار ثلاثة سطور ثم كرر ذلك فأحدث اضطرابا.

(٥) في (ج) «خلق البيت».

(٦) الجامع اللطيف ص ٢٨ ، وذكره الفاكهي كما سبق ١ / ٤٦٨ ـ ٤٦٩ وحديث ما بين الركن اليماني والحجر روضة ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٥ / ١٥٦.

(٧) في (أ) ، (ب) (د) «البلوي». وفي (ج) «السهيلي». والسهيلي : أبو القاسم وأبو زيد عبد الرحمن بن الخطيب الخثعمي صاحب الروض الأنف. توفي بمراكش سنة ٥٥٨ ه‍. انظر : ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٣ / ١٤٣ ـ ١٤٤. وانظر الحديث في : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٢٧٢.

(٨) والحديث في النسخة (ج) «أن الركن اليماني والركن الأسود ياقوتتان من الجنة لو لا طمس من نورهما لأضاءا ما بين المشرق والمغرب». انظر : الجامع اللطيف ص ٢٢.

٣١١

وفي رواية غيره : «ولأبرءا من استلمهما من الخرس والجذام والبرص» ـ انتهى كلام السهيلي ـ (١).

قلت : وينظر في معنى الركن اليماني هل هو هذا الحجر الذي في الركن الآن ، أو حجر غيره؟!.

ولم أر من تعرض لذكره بأكثر من الفضيلة (٢) ، وما ورد في الركن من ذلك. ثم رأيت في الشفاء ما معناه (٣) : «ان هذه اللفظة وهي والركن اليماني رواها السهيلي عن الترمذي ، قال : وهذا غير معروف ، وإنما المعروف في الحديث : الحجر الأسود والمقام. ولعل الركن من السهيلي سبق قلم». ـ انتهى كلام الفاسي في الشفاء وبه يحصل الشفاء ، والله الموفق.

[شرف بناء الكعبة]

نرجع (٤) إلى ذكر بناء الخليل عليه‌السلام :

قال العلامة القسطلاني (٥) : «ليس على وجه الأرض أشرف بناء

__________________

(١) في (أ) ، (ب) ، (د) «البلوي».

(٢) في (ج) «فضيلة ما».

(٣) والنص في شفاء الغرام للفاسي كما يلي : «وذكر السهيلي مثبتا في سبب تسمية الركن اليماني لأنه قال : وأما الركن اليماني فسمي باليماني فيما ذكر العيني لأن رجلا من اليمن بناه اسمه أبي بن سالم». ١ / ٢٨٢. والصحيح «فيما ذكره القتبي» بدلا من العيني. انظر : الروض الأنف ١ / ٢٢٤.

(٤) في (ب) ، (ج) «رجع».

(٥) القسطلاني : أبو بكر قطب الدين محمد بن أحمد بن علي القيسي الشاطبي ، توزري الأصل ، مصري المولد ، مكي النشأة. وتولى مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة الى وفاته سنة ٦٨٦ ه‍. عالم بالحديث ورجاله له رسالة في تفسير آيات من القرآن الكريم. انظر : شذرات الذهب ٥ / ٣٩٧ ، النجوم الزاهرة ٧ / ٣٧٣ ، الزركلي ـ الاعلام ٥ / ٣٢٣.

٣١٢

من الكعبة / لأن الآمر ببنائها الملك الجليل (١) ، والمبلغ والمهندس جبريل ، / ٤٤ والبناء إبراهيم الخليل ، والتلميذ العامل فيه إسماعيل». ـ انتهى ـ.

[الكعبة أول بيت وضع للناس للعبادة]

قال ابن الضياء (٢) : وأجمع العلماء على أن الكعبة أول بيت وضع للناس للعبادة.

وفي المعنى المراد بقوله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ)(٣) للعلماء ستة أقوال مذكورة في المطولات (٤).

ويروى أن ذا القرنين (٥) ورد مكة وإبراهيم وإسماعيل يبنيان البيت فقال : «ما هذا؟!». قالا : «نحن عبدان مأموران ببناء هذا البيت». فقال : «هاتا البينة على ما تدعياه». فجاءت خمسة أكبش (٦) هناك فقلن : «نحن نشهد أنهما عبدان مأموران بالبناء». فقال : «رضيت وسلمت». فمضى لشأنه وتركهما.

وعن أبي الدرداء قال (٧) : «قلت يا رسول الله ، أي مسجد وضع

__________________

(١) في (ج) «الجبار».

(٢) ابن الضياء الحنفي ـ تاريخ مكة المشرفة ٣٥.

(٣) سورة آل عمران الآية ٩٦.

(٤) انظر مثلا : تفسير البيضاوي ١ / ٨٢.

(٥) عن ذي القرنين انظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ١ / ٥٧٣ ـ ٥٧٨ ، القضاعي ـ تاريخ ١٥٨ ـ ١٦١. وهذه الرواية انظرها في قصص الأنبياء لابن كثير والتفسير ١ / ١٧٩ ، ١ / ٢٤٦. والأزرقي.

(٦) في (ب) ، (ج) «أنفس».

(٧) وجاء في الجامع اللطيف هذا الحديث ص ١٤ : «عن أبي ذر رضي‌الله‌عنه» (وقد ورد في الصحيحين عن «أبي ذر رضي‌الله‌عنه». انظر : ابن كثير ـ قصص الأنبياء ١ / ٢٤٠ أخرجه البخاري ٤ / ١٧٧ ومسلم في المساجد برقم ١ ، ٢ والبيهقي بالسنن ٢ / ٤٣٣ والطبري بتفسير ٤ / ٧ وابو نعيم بالحلية ٤ / ٢١٦.

٣١٣

في الأرض أوّلا؟!. قال : المسجد الحرام. قلت : ثم أي؟!. قال : المسجد الأقصى. قلت : كم كان بينهما؟!. قال : أربعون عاما».

فإن قيل (١) المسجد الأقصى بناه سليمان بن داود وما بين سليمان وإبراهيم زمان يزيد على ألف كما قال أهل التاريخ (٢) ، فكيف تأويل هذا الحديث؟!.

فالجواب : أن سليمان انما جدّده ، ولم يكن أسّسه ، كما جدّد إبراهيم الكعبة ، وأما أساسها فقديم من زمن آدم. فيجوز أن يكون أحد أبناء آدم بنى بيت المقدس بعد الكعبة بأربعين عاما ، ثم درس كالكعبة ، فجدده سليمان (٣) عليه‌السلام ـ ذكره القاضي في جامعه (٤).

قلت : وجزم بهذا ابن القيم في الهدي النبوي (٥) : «وأن الذي أسس بيت المقدس يعقوب بن إسحاق عليهما‌السلام بعد بناء الكعبة بأربعين عاما ، ثم إن سليمان عليه‌السلام جدده بعد خرابه» ـ فاحفظه فإنه مهم ـ.

__________________

(١) في (ب) ، (ج) «قلت».

(٢) ما بينهما أكثر من ألف سنة ـ انظر : القضاعي ـ تاريخ ص ٦٠ ـ ٦١.

(٣) والسنجاري يعظم الأنبياء ففي نسخة (أ) يذكر : «سيدنا سليمان صلوات الله وسلامه عليه ، وعلى نبينا». وناسخ (ب) ، (ج) يقتصر على الاسم واضافة عليه‌السلام على الأغلب. فسأقتصر على ذلك.

(٤) أي الجامع اللطيف ص ١٤.

(٥) زاد المعاد لابن القيم الجوزية محمد بن أبي بكر بن أيوب ـ شمس الدين أبو عبد الله الزرعي الدمشقي صاحب التصانيف المشهورة. توفي سنة ٧٥٢ ه‍. انظر : البداية والنهاية ١٤ / ٢٣٤ ، شذرات الذهب ٦ / ١٦٨ ، الزركلي ـ الاعلام ٦ / ٥٦. وانظر خبره هذا في كتابه : زاد المعاد في هدي خير العباد ١ / ١٣.

٣١٤

[دعاء إبراهيم عليه‌السلام]

فلما فرغ من البناء قام يدعو ، وكان من دعائه : (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)(١) ـ الآية ـ.

[الحجر]

وجعل الخليل الحجر ـ بسكون الجيم ـ عريشا من أراك تقتحمه العنز ، وكان زربا لغنم إسماعيل (٢) عليه‌السلام. ـ انتهى ـ. وسيأتي أن قريشا أدخلت (٣) في الحجر أذرعا من الكعبة لقصر (٤) النفقة التي أعدوها لعمارتها (٥) ، وأن عبد الله بن الزبير لما تمكن من مكة هدم الكعبة وعمرها ، وأدخل فيها ما أخرجته (٦) قريش في الحجر ، وأن الحجاج أعاده إلى الحجر وبنى الجدار على أساس قريش ، وهو باقي إلى الآن (٧) ، فسار بعض الحجر من الكعبة وبعضه ليس منها. ومن الحجة على ذلك حديث عائشة رضي‌الله‌عنها (٨) : «لو لا قومك ... ـ الحديث».

__________________

(١) سورة إبراهيم الآية ٤٠.

(٢) في (أ) ، (د) «إبراهيم». والاثبات من (ب) ، (ج). وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٢١١.

(٣) ذكر ناسخ (ج) في الهامش : «في نسخة أخرى : أخرجت من».

(٤) في (ب) «القصير» ، وفي (ج) «التقصير». والاثبات من (أ) ، (ج).

(٥) في (ج) «عمارته».

(٦) في (ج) «أخرجته».

(٧) أي زمن السنجاري الربع الأول من القرن الثاني عشر الهجري وهو كذلك الى اليوم ١٤١٦ ه‍.

(٨) انظر الحديث في مسند الامام أحمد ٦ / ٢٠٤ رقم ٢٥٤٥٠ / ١٤٤٨ ، ٢٥٤٥٣ / ١٤٥١ : «لو لا أن قومك حديث عهد بشرك ـ أو بجاهلية ـ لهدمت الكعبة فألزمتها بالأرض وجعلت لها بابين بابا شرقيا وبابا غربيا وزدت فيها من الحجر ستة أذرع ، فإن قريشا اقتصرتها حين بنت الكعبة».

٣١٥

وفي رواية : «فإن بدا لقومك أن يبنوه فهلمي لأريكي ما تركوا منه». فأراها قريبا من سبعة أذرع ـ أخرجه الشيخان ـ (١) وهو ما بين الركن الشامي الذي يقال له العراقي والركن الغربي (٢).

وأما صفته : فعرصة مرخمة (٣) على صورة (٤) نصف دائرة.

وأما خبر عمارته : فسيأتي (٥) في محله إن شاء الله تعالى.

وأما ذرعه : فقال الفاسي (٦) : «قد حررته فكان (٩) ما بين وسط جدار الكعبة الذي فيه الميزاب إلى مقابله في جدار (٧) الحجر خمسة عشر ذراعا. وكان عرض جداره ذراعين وربع ، وسعة فتحته الشرقية خمسة أذرع ، وكذلك [سعة](٨) الغربية بزيادة قيراط ، [وسعة](٩) ما بين الفتحتين [من داخل الحجر](١٠) سبعة عشر ذراعا وقيراطان ، وارتفاع جداره من داخله عند الفتحة (١١) الشرقية ذراعان إلا قيراط (١٢) ، وارتفاع جدر الحجر من وسط من داخله ذراعان إلا ثلث ، ومن خارجه ذراعان

__________________

(١) أي البخاري ومسلم.

(٢) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٤٠.

(٣) في (ج) «غير مقروءة ، وعند الأزرقي «مدور». وفي شفاء الغرام العبارة مضطربة وغير مفهومة ١ / ٣٤٥. والاثبات من (أ) ، (د).

(٤) سقطت من (ب) ، (ج).

(٥) في هذا الكتاب.

(٦) شفاء الغرام ١ / ٣٤٨. وقارنه بما ذكره الأزرقي ١ / ٢٣٤.

(٩) في (ب) ، (ج) «وما». والاثبات من (د) وشفاء الغرام.

(٧) في (أ) «جدر». والاثبات من (ب) ، (ج) ، وشفاء الغرام ١ / ٣٤٨.

(٨) زيادة من شفاء الغرام ١ / ٣٤٨.

(٩) في (ب) ، (ج) «وما». والاثبات من (د) وشفاء الغرام.

(١٠) ما بين حاصرتين زيادة من شفاء الغرام ١ / ٣٤٨.

(١١) سقط من (د) مقدار سطرين من «الشرقية .... الغربية».

(١٢) في (ج) «وقيراطان». والاثبات من (أ) ، (ب) وشفاء الغرام ١ / ٣٤٨.

٣١٦

وقيراطان. وارتفاع جدره عند الفتحة الغربية ذراعان الا قيراطان. ومن خارجه عندها ذراعان وثمن ذراع. ـ وكل ذلك بذراع الحديد (١) ـ» ـ انتهى (٢) ـ.

ومما ورد في فضله :

فعن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأبي هريرة (٣) :

«يا أبا هريرة ان على باب الحجر ملكا يقول لمن دخله فصلى فيه ركعتين مغفور لك ما مضى فاستأنف العمل. وعلى باب الحجر الآخر ملك منذ خلق الله الدنيا إلى يوم يرفع البيت يقول لمن صلى وخرج مرحوما لك (٤) ان كنت من أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم تقيا».

وعن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما : «صلوا في مصلى الأخيار». وسئل عن ذلك فقال : «تحت الميزاب» (٥).

وحكم الصلاة في الحجر حكم الصلاة في الكعبة. وقد بوب لذلك في كتب الفقه (٦).

وعن عطاء قال : «من قام تحت ميزاب الكعبة فدعا استجيب له ،

__________________

(١) ذراع الحديد يساوي ٥٦. ٥ سم. باسلامة ٤٢. وأما ذراع اليد فتساوي ٤٨ سم. باسلامة ٤٧.

(٢) أي من شفاء الغرام للفاسي ١ / ٣٤٨.

(٣) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٤٩ ، ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ٨٩ وأخرجه السهمى بتاريخ جرجان ص ٣٧٠.

(٤) سقطت من (ب) ، (د).

(٥) الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٢٣٤ ، ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ٨٨ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠.

(٦) انظر من كتب التاريخ : الأزرقي ١ / ٢٣٠ ، شفاء الغرام ١ / ٣٤٩.

٣١٧

وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» (١). وفي رواية عنه : «من قام تحت مثعب الكعبة" (٢).

وقال عثمان رضي‌الله‌عنه لأصحابه يوما (٣) : «ما زلت قائما على باب الجنة» ـ وكان قائما تحت الميزاب يدعو عنده ـ وفيه قبر إسماعيل عليه / ٤٦ السلام / كما يأتي (٤).

[بدعة](٥)

وينبغي الاحتراز عما يفعله جهلة العوام من وقوفهم في فتحتي الحجر للسلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واستدبارهم الكعبة ، والأدب استقبال الكعبة.

قلت : وأضر (٦) من هذا : ان كثيرا من الجهلة في رمضان يمتليء بهم الحجر ليلة ختم إمام الحنفي ، فيستقبلون الإمام للنظر إليه وإلى صلاته ويستدبرون الكعبة ، حتى أن بعضهم يأتي بابنه فيجلسه على جدار الحجر وهذا من البدع المنكرة يقّظ الله لحسمه (٧) أهل الخير ـ. والعجب

__________________

(١) ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ٨٩ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٥٠.

(٢) العبارة في (أ) ، (ب) ، (ج) «ما قام شعب الكعبة». وعلق ناسخ (ج) بقوله : هكذا في الأصل. وعند الفاسي وابن ظهيرة «من قام تحت مثعب الكعبة ودعا أستجيب له ، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». أخرجه الأزرقي ١ / ٢٣. انظر : ابن ظهيرة ص ٨٩ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٥٠ ، وذكروا أن المثعب هو مجرى الماء وسيله ويعني هنا ميزاب الكعبة.

(٣) الجامع اللطيف ص ٨٩.

(٤) في هذا الكتاب. وقبر أمه هاجر. الجامع اللطيف ص ٨٩.

(٥) من شفاء الغرام للفاسي ١ / ٣٥١. وسكت عنها السنجاري ولكنه لا يؤيد الرأي كما هو واضح في السياق.

(٦) في (ج) «وآخر».

(٧) بياض في (د).

٣١٨

من ولاة الحرم أنهم يوقفون المشدين صفين وسط الطواف ، حتى يكلد أن ينقطع الطواف ، ولا ينتبهون (١) لإيقاف مشدين على فرجتي الحجر في مثل هذه الليلة يمنعون الناس من هذه البدعة.

وعلى كل حال فان الناس واقعون (٢) في استدبار القبلة في (٣) ليالي الختوم للأئمة الأربعة ، ألا ان هذه (الجهمية أضل) (٤) وأبدع ، والله الموفق للصواب.

وصح أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم (صلى فيه) (٥).

[الحفرة المرخمة]

وأما الحفرة التي في وجه الكعبة :

فذكر العزّ بن عبد السلام أنها المكان الذي صلى فيه جبريل بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصلوات الخمس حين فرضها الله تعالى على أمته ـ قاله ابن جماعة ، ولم أر ذلك لغيره (٦).

وتقدم أن المقام كان في مقدار نصفها من جهة الباب ، وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلى عنده ركعتي الطواف.

__________________

(١) في (ب) «يتهمون» ، وفي (ج) «يتهمون. والاثبات من (أ) ، (د).

(٢) في (أ) ، (ب) ، (د) «واقعين : والاثبات من (ج).

(٣) سقطت من (ج).

(٤) ما بين قوسين في (أ) «الجهة أخضع» ، وفي (ب) «الجمعية أضل» ، وفي (د) «الجهة أفضع». والاثبات من (ج). والجهمية تطبق على القدرية وهم في الأصل أتباع الجهم بن صفوان. والصحيح «الجهة أفظع» أي جهة إمام الحنفي ـ الحجر ـ.

(٥) ما بين قوسين سقط من (ب).

(٦) عز الدين بن جماعة في منسكه. وانظر الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٥٥ ، ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ٨٧.

٣١٩

قال الفاسي (١) : «فتكون صلاته (٢) في نصف هذه الحفرة مما يلي الحجر ـ بسكون الجيم ـ».

وطول هذه الحفرة من الجهة الشامية إلى الجهة اليمانية أربعة أذرع ، وعرضها من الجهة الشرقية إلى جدار الكعبة ذراعان وسدس ، [وعمقها نصف ذراع ـ كل ذلك بذراع الحديد](٣).

فائدة :

ذكر القاضي جمال الدين بن ظهيرة في كتابه الجامع الصغير (٤) : «أن من صلى في هذه الحفرة ركعتين ، ودعا بهذا الدعاء ، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وهو هذا : يا واحد ، يا أحد ، يا ماجد (٥) ، يا برّ ، يا رحيم ، يا غني ، يا كريم ، أتمم (٦) علي نعمتك وألبسني عافيتك». ـ انتهى ـ.

[حج إبراهيم عليه‌السلام ونداؤه]

ثم ان إبراهيم عليه‌السلام لما فرغ بناؤه ، أتاه جبريل ، فصعد به وبإسماعيل ومن معهم من جرهم يوم التروية ، إلى أن قضى بهم الحج ـ

__________________

(١) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٥٨.

(٢) سقطت من (ب) ، (ج).

(٣) في جميع النسخ ما بين حاصرتين «بالحديد». وما أثبتناه من شفاء الغرام. ١ / ٣٥٨.

(٤) وهو الجامع اللطيف صفحة ٩٠ مع اختلاف بعض الألفاظ عما أثبته السنجاري.

(٥) سقطت من (ب) ، (ج). وتكررت في (د).

(٦) في (أ) ، (د) «أتم» ، وهي بالمعنى نفسه.

٣٢٠