منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ١

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ١

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN: 9960-03-367-8
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٥٥٦

أنه قال : «ونقلت من خط الوالد ما نصه :

يشترط في المؤرخ الصدق ، وإذا نقل يعتمد على اللفظ لا المعنى ، وأن لا يكون ذلك الذي نقله أخذه بالمذاكرة وكتبه بعد ذلك ، وأن يسمي المنقول عنه. فهذه شروط أربعة.

ويشترط في المؤرخ لما يترجمه من عند نفسه أن يكون عارفا بحال صاحب الترجمة علما ودينا وغيرهما من الصفات ـ وهذا عزيز جدا ـ ، وأن يكون حسن العبارة بمدلولات الألفاظ ، حسن التصور ، مستحضرا حال الترجمة جميع (١) حال ذلك الشخص ، وأن لا يغلبه الهوى ليعطي (كل ذي حق) (٢) حقه ـ وهو عزيز أيضا ـ.

والمطلوب أن يكون معه من العدالة ما يدفع هواه ـ فهذه أربعة أخرى ، ولك أن تجعلها خمسة ، لأن حسن تصوره وعلمه قد لا يحصل معهما الإستحضار حال التصنيف [فيجعل حضور التصور](٣) زائدا على حسن التصور ـ. وأصعبها الإطلاع على حال الشخص في (٤) العلم ، فإنه يحتاج إلى المشاركة في علمه ، والقرب منه حتى يعلم ذلك» ـ انتهى.

__________________

الكافي بن علي بن تمام السبكي الشافعي ، فقيه ومؤرخ وباحث. أشهر تصانيفه" طبقات الشافعية الكبرى». وتوفي سنة ٧٧١ ه‍. انظر : ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٦ / ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، الزركلي ـ الإعلام ٤ / ١٨٤ ـ ١٨٥. وانظر ما نقله عنه السنجاري من طبقات الشافعية.

(١) سقطت من النسخة (ج).

(٢) في (ب) ، (د) ما بين قوسين" كلا». كما ذكر ناسخ (ج) أن في نسخة أخرى" كلا».

(٣) ما بين حاصرتين سقط من (أ). وتكررت بعض الكلمات في (ب).

والاثبات من (ج) ، (د).

(٤) في (أ) «من».

٢٠١

وهذه جملة من تعاريفه ، وأحسن ما يصدق منها على هذا الجمع ما تقدم عن الرافعي ـ والله الموفق ـ.

٢٠٢

مكة المكرمة والبيت الشريف

٢٠٣
٢٠٤

[إقليم الحجاز]

إعلم ـ وفقني الله وإياك ـ أن مكة المشرفة ـ زادها الله شرفا وأهّل سكانها من الجنة غرفا ـ من إقليم الحجاز.

والحجاز : مكة والمدينة واليمامة واليمن ومخاليفها (١).

ويسمّى حجازا لأنه حجز بين (العراق ونجد) (٢) /. وقيل لأنه / ٦ حجز بين الشام والبادية. وقيل لأنه حجز بين نجد والغور (٣). والإقليم مائة فرسخ (٤).

[مكة المكرمة ـ مبدؤها ونهايتها]

ومكة :

بلدة عظيمة (مستطيلة ، ذات شعاب واسعة) (٥) ، ولها مبدأ

__________________

(١) المخاليف : مفردها مخلاف. ومخلاف البلد سلطانه. ومخاليف اليمن كالأجناد في بلاد الشام ، والكور لأهل العراق ، والرساتيق لأهل الجبال ، والطساسيج لأهل الأهواز. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب ٩ / ٨٤ ، الفيروز آبادي ـ القاموس المحيط ٣ / ١٤١.

(٢) ما بين قوسين في (د) «الصراة».

وهذا رأي من جعل : «وما كان من حد السرّين على بحر فارس إلى قرب مدين راجعا في المشرق على الحجر إلى جبل طيء ممتدا على ظهر اليمامة إلى بحر فارس فمن الحجاز». ابن حوقل ـ كتاب صورة الأرض ص ٩.

(٣) الغور : القعر من كل شيء ، وما بين ذات عرق إلى البحر. وكل ما انحدر مغربا عن تهامة ـ وهذا هو المقصود هنا ـ. انظر : الفيروز آبادي ـ القاموس المحيط ٢ / ١٠٨ ، وانظر : ياقوت ـ معجم البلدان ٢ / ٢١٩.

(٤) الفرسخ : في الأصل بمعنى السكون والساعة والراحة. وهنا فرسخ الطريق ثلاثة أميال هاشمية ، أو اثنا عشر ألف ذراع ، أو عشرة آلاف. الفيروز آبادي ـ القاموس المحيط ١ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦.

(٥) ما بين قوسين أضافه الحضراوي ناسخ (أ) في الهامش. وسقط من نسختي (ب) ، (د).

٢٠٥

ونهايات ، فمبدأها المعلاة (١) وهي المقبرة الشريفة ـ وسيأتي الكلام عليها. ومنتهاها من جانب جدة الشبيكة (٢) ، ومن جانب اليمن رأس عين يقال لها بازان ـ وهو باب ماجن (٣) ـ قاله القطب (٤).

وقال التقي الفاسي (٥) : «[وطول مكة](٦) من باب المعلاة إلى باب ماجن أربعة آلاف ذراع وأربعمائة (٧) ذراع واثنان وسبعون ذراعا على خط المسعى (٨). [وطول مكة](٩) من باب المعلاة إلى باب الشبيكة على خط الرّدم (١٠) وتعدل إلى السويقة (١١) ثم إلى الشبيكة أربعة آلاف

__________________

(١) المعلاة : أثبتها النساخ «المعلى» و «المعلا». وهي القسم العلوي من مكة المكرمة. وغالبا ما يطلق على مقبرة مكة التي صارت تعرف بالمعلاة لوقوعها في هذا الحي.

انظر : عاتق البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٨ / ٢٠١.

(٢) الشبيكة : موضع بين الزاهر ومكة. ياقوت ـ معجم البلدان ٣ / ٣٢٤. وهي الآن من أحياء مكة المكرمة ، تمتد من المسجد الحرام غربا الى ريع الحفائر شمالا إلى حارة الباب. انظر : البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٥ / ١٨ ، أحمد السباعي ـ تاريخ مكة ١ / ٣٤ هامش رقم (١) و ٢ / ٢٥٨ هامش رقم (٢).

(٣) سمي باب ماجن بالنسبة لبركة ماجن ، وهي تسمية محرفة لبركة ماجل.

والماجل هو الماء الكثير. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب ٣ / ٤٤٢ ، السباعي ـ تاريخ مكة ١ / ١٥٦ هامش رقم (٥).

(٤) القطب الحنفي محمد بن علاء الدين أحمد النهروالي المكي. توفي سنة ٩٩٠ ه‍.

وكتابه الإعلام بأعلام بيت الله الحرام ص ٣٩.

(٥) في كتابه شفاء الغرام ١ / ٢٦ ـ ٢٧ مع بعض الإختلاف في المقاييس.

(٦) ما بين حاصرتين زيادة من شفاء الغرام ١ / ٢٦.

(٧) سقط في نسخة (د) مقدار سطرين.

(٨) في (ب) «المسمى». وهو خطأ.

(٩) زيادة من شفاء الغرام ١ / ٢٧.

(١٠) أي ردم بني جمح وردم بني قراد. انظر بشأن الردم : الفاكهي ـ أخبار مكة ٣ / ١٠٠ ، ١١٣ ، ٣٠٤ ، ٣٣٧.

(١١) سويقة : السوق الصغير. انظر : إبراهيم أنيس ـ المعجم الوسيط ١ / ٤٥٦.

٢٠٦

ذراع ومائة ذراع واثنان وسبعون ذراعا.

وعرضها من جبل يقال [له](١) جبل جزلّ ـ نوع (٢) من الحبوش وهو قعيقعان بالتصغير ـ ويقال [له](٣) الأحمر والأعرف ، إلى أكثر من نصف جبل أبي قبيس ، وهما أخشباها (٤).

قال الإمام علي بن عبد القادر الطبري (٥) :

«وكون المعلاة مبدؤها ، الظاهر أنه باعتبار زمنه (٦) ، ولا شك أنه كلما كثر العمران كثر مسماها ، ألا ترى أن الفقهاء لا يجيزون القصر إلا بعد مفارقة العمران ، فحينئذ يكون مبدؤها في زمننا (٧) البستان الكائن بالمنحنى المعروف ببستان المريسي (٨) ، وذلك على طريق منى. ومن جهة المقبرة ـ وهي المعلاة ـ الحجون الأول ، لأن العمران متصل به. ومن أسفلها (٩) بركة ماجن. ومن طريق المدينة باب الشبيكة ـ وهو المحل

__________________

(١) زيادة من النسختين (ب) ، (د).

(٢) سقطت من النسخة (ج). وجزل في اللغة : الحطب الغليظ. لسان العرب ١١ / ١٠٩. وهذا الجبل موضع قرب مكة. ياقوت ـ معجم البلدان ٢ / ١٣٤.

(٣) زيادة من (د).

(٤) عن الأخشبين انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ١ / ١٢٢ ـ ١٢٣.

وبشأن أبي قبيس انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ١ / ٨٠ ـ ٨١.

(٥) علي بن عبد القادر بن محمد بن يحيى الطبري الحسيني المكي ، توفي سنة ١٠٧٠ ه‍. أشهر آثاره التاريخية «الأرج المسكي في التاريخ المكي». انظر : محمد الحبيب الهيلة ـ التاريخ والمؤرخون بمكة ٣٤١ ـ ٣٤٤ ، ومقدمة كتاب الأرج المسكي.

(٦) أي زمن قطب الدين النهروالي صاحب كتاب الإعلام بأعلام بيت الله الحرام ص ٣٩. وانظر : علي بن عبد القادر الطبري ـ الأرج المسكي ص ٥٩ ، ٦١.

(٧) أي زمن علي بن عبد القادر الطبري المتوفى سنة ١٠٧٠ ه‍.

(٨) في (د) «المرسى». وفي الأرج المسكي «المريشي» ٥٩.

(٩) في (ب) «اسلفها». وهو خطأ.

٢٠٧

المعروف الآن بتربة الشيخ محمود (١). ومن الجهة الشرقية إلى أجياد ، وآخره شعب عامر (٢) وما هو على سمتهم (٣) من الشعاب (٤)» ـ انتهى كلامه.

أقول (٥) : ولم أقف على تحديد المعلاة والشبيكة لأحد ممن / وقفت على كلامه. وأما باب المعلاة فهو باب مكة ، لأن لها أسوارا ذكرها التقي الفاسي في الشفاء (٦) ، تركتها لعدم وجدانها (٧). ومحل باب السور محل سبيل السلطان سليمان خان (٨) ـ كذا رأيته بخط بعض الفضلاء عن الشيخ عبد الرحمن بن عيسى المرشدي (٩) ، وهو مفهوم كلام الفاسي.

__________________

(١) انظر : الأرج المسكي ٦٢.

(٢) في (د) سبق ذلك عبارة أخرى : «وآخره شعب علي».

(٣) في (د) «سميتهم».

(٤) في (د) «الشهود».

(٥) أي المؤلف السنجاري.

(٦) أي شفاء الغرام في أخبار مكة والبيت الحرام ١ / ٢٥ ـ ٢٦.

(٧) أشار علي الطبري أنه لم يقف على أول من بنى هذه الأسوار ، غير أنه بلغه أن الشريف قتادة هو الباني لهذه الأسوار. وجدد الشريف حسن بن عجلان بناء السور الكائن في جهة بركة الماجن وسور باب المعلاة سنة ٨١٦ ه‍. ولم يبق في زمنه أي علي عبد القادر أثر من هذه الأسوار. انظر : الأرج المسكي ص ٦١.

(٨) سليمان بن السلطان سليم أشهر خلفاء بني عثمان سيتكرر ذكره كثيرا.

سليمان بن سليم بن يزيد بن محمد الفاتح (٩٢٦ ـ ٩٧٤ ه‍). انظر شيئا من سيرته وترجمته : ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ٥ / ١٢١ ، الديار بكري ـ تاريخ الخميس ، علي عبد القادر الطبري ـ الأرج المسكي ٢٤٥ ـ ٢٥٢.

(٩) الشيخ عبد الرحمن بن عيسى المرشدي العمري الحنفي المكي ، من قضاة مكة وعلمائها. ولي القضاء والافتاء وامامة المسجد الحرام وخطابته. كما تولى ديوان إنشاء الشريف محسن. برع في الشعر والخط. وقتل خنقا على يد الشريف أحمد. انظر : السنجاري ـ منائح الكرم حوادث سنة ١٠٣٧ ه‍ ، الزركلي ـ الاعلام ٣ / ٣٢١ ـ ٣٢٢ ،

٢٠٨

وأما جبل أبي قبيس ، فنص ياقوت الحموي (١) بأن الأخشب موضعان : الأخشب الشرقي ، والأخشب الغربي. فالشرقي هو أبو قبيس ، والغربي هو قعيقعان. وقيل بل هما : أبو قبيس والجبل الأحمر (٢) المشرف هنالك. وقد بسط ذكرها في المعجم (٣) ـ انتهى ـ.

واختلف في التسمية بأبي قبيس : فقيل لأن رجلا من إياد ـ وقيل من مذحج ـ يدعى قبيسا كان أول من بنى فيه ، فسمي به.

وقيل لأن الحجر الأسود أقبس منه.

وقيل : قبيس بن شالخ بن جرهم لانقطاعه به.

وقيل : لأن النار التي بأيدي الناس اقتبست منه من سرحتين نزلتا (٤) من السماء.

ويقال له : أبو قابوس ، وشيخ الجبال ـ انتهى من كلام الفاسي (٥) ـ.

وذكر القطب (٦) : «أن في هذا الجبل قبر آدم وحواء وشيث عليهم‌السلام ، على أحد أقوال» (٧) وذكر أن الدعاء فيه مستجاب.

__________________

البغدادي ـ هدية العارفين ١ / ٥٤٨ ، الحبيب الهيلة ـ التاريخ والمؤرخون بمكة ٣٠٦ ـ ٣٠٧.

(١) معجم البلدان ١ / ١٢٢ ـ ١٢٣.

(٢) في هامش (ج) بخط الدهلوي : «والجبل الأحمر كان يسمى في الجاهلية الأعرق وهو المشرف على جبل قعيقعان ، وجبل دور عبد الله بن الزبير».

(٣) معجم البلدان ١ / ١٢٢ ـ ١٢٣.

(٤) في (ج) «نزلة».

(٥) في شفاء الغرام ١ / ٢٩ ـ ٣٠.

(٦) القطب الحنفي ـ قطب الدين محمد بن علاء الدين أحمد بن محمد بن قاضي خان النهروالي المكي. توفي سنة ٩٩٠ ه‍. في كتابه : الاعلام بأعلام بلد الله الحرام.

(٧) انظر : الطبري ـ تاريخ ١ / ١٦١ ، القضاعي ـ تاريخ ٧١ ، ١٠٨.

٢٠٩

وذكر الفاسي [عن الفاكهي](١) : «أن الناس كانوا لا يتجاوزون في السكنى البئر التي عند الردم ـ وهي بئر جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل» (٢). قال الإمام علي بن عبد القادر (٣) : «وهي البئر المعروفة في زماننا ببئر الدشيشة الحاسكية (٤) لكونها بالقرب منها». والردم المشار إليه ردم بني جمح ـ بالميم والحاء ـ ردمه (٥) أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه.

قلت : وسيأتي بيان ذكره. وإلى هذه البئر أشار عمر بن أبي

__________________

(١) ما بين حاصرتين زيادة من شفاء الغرام للفاسي ١ / ٢٧.

(٢) وهذا البئر باسم جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي ، ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشيخ قريش في زمانه. أسلم يوم فتح مكة ، اتصف بالحلم ونبل الرأي كأبيه. كما كان من أنسب العرب ، أخذ النسب عن أبي بكر الصديق (وتوفي سنة ٥٨ أو ٥٩ ه‍. انظر : ابن حزم ـ جمهرة أنساب العرب ١١٦ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ٨ / ٤٦ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٣ / ٩٥ ـ ٩٩.

(٣) علي بن عبد القادر الطبري في كتابه : الأرج المسكي ص ٦٠.

(٤) في (د) «الخاسكية». والصحيح الخاصكية وسيرد ذكرها كثيرا في هذا الكتاب. وانظر : الأرج المسكي ص ٦٠.

(٥) في (ب) «ابن» وفي (ج) «ومن». وهما خطأ.

وردم بني جمح هو سد عظيم بالمدّعا بأعلا مكة. وكان من نتيجة عمل الردم أن تحول مجرى السيل الذي ينحدر من ناحية المدعا إلى مجرى وادي إبراهيم ، حيث كان هذا السيل ينحدر من المدّعا على شارع المسعى ، ويدخل من جهة باب السلام إلى المسجد الحرام. فبناه أمير المؤمنين عمر رضي‌الله‌عنه بالظفائر والصخور العظام ، وكبسه بالتراب ، فلم يعله سيل بعد ذلك. غير أنه جاء سيل عظيم سنة ٢٠٢ ه‍ فكشف عن بعض أحجار الردم وشوهدت فيه تلك الصخور العظيمة الكبيرة التي لم ير مثلها. وكان هذا الردم أول سد وضع بمكة. باسلامة ـ حسين عبد الله ـ تاريخ عمارة المسجد الحرام ط ١٤٠٠٦١٣ ، الكتاب السعودي ١٦ ـ ١٤٠٠ ه‍ / ١٩٨٠ ص ١٤ ـ ١٥ ، الأرج المسكي ٦٠.

٢١٠

ربيعة (١) [أو غيره](٢) :

نزلت بمكة في قبائل نوفل

ونزلت خلف البئر أبعد منزل /

حذرا عليها من مقالة كاشح

ذرب اللّسان يقول ما لم يفعل

وقد تجاوزت العمارة الحدّ ، وخرجت عن العدّ.

[المخاليف]

وأما المخاليف :

والمراد بها ما تمتد إليها الولاية ، فتزيد وتنقص بحسب قوة (٣) ولاة مكة ، ولا طائل في ذكرها ، فراجعها في المطولات (٤) إن شئت. وسيأتي ذكر ما افتتحته (٥) الملوك أشراف مكة عند ذكر تراجمهم إن شاء الله تعالى.

[حكم دور مكة]

وأما حكم بيع (٦) دورها : فإمامنا الأعظم (٧) كره بيع دورها وكراءها

__________________

(١) في (ب) «عمر بن ربيعة». وهو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي الشاعر المشهور. انظر : ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٣ / ٤٣٦ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٤ / ٣٧٩ ، ٥ / ١٤٩ ـ ١٥٠.

(٢) ما بين حاصرتين من شفاء الغرام للفاسي ١ / ١٤. والأبيات من البحر الكامل.

(٣) في (أ) ، (ب) ، (د) «مدّة». والاثبات من (ج).

(٤) مثل : الفاكهي ـ أخبار مكة ٥ / ١٠٦ ـ ١٠٧ ، والفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٧ ـ ٤٥ ، علي عبد القادر الطبري ـ الأرج المسكي ٦٢.

(٥) أخطأ السنجاري في هذا التعبير. فالفتح تحويل دار الكفر إلى دار الإسلام بالجهاد في سبيل الله. انظر : جميل المصري ـ دواعي الفتوحات الإسلامية ودعاوى المستشرقين.

(٦) في (د) «بيع».

(٧) أي الإمام أبي حنيفة النعمان. والسنجاري على المذهب الحنفي.

٢١١

أيضا.

وقال أبو يوسف (١) ومحمد (٢) لا يكره ، ومقتضاه جواز الكراء ، وعليه الفتوى.

وأما الإمام مالك فقال ابن رشد (٣) : الذي تحصّل لي في الكراء أربع روايات ، الجواز والمنع والكراهة مطلقا وكراهة أيام الموسم خاصة (٤).

وذكر أن الظاهر من مذهب ابن القاسم (٥) جواز كرائها ، والظاهر من قول مالك في سماع ابن القاسم منه المنع في ذلك.

وأجاز ذلك الشافعي وأحمد.

وقد بسط الكلام في هذه المباحث التقي الفاسي في شفاء الغرام (٦) ،

__________________

(١) أبو يوسف : هو قاضي القضاة يعقوب بن إبراهيم صاحب الإمام أبي حنيفة ، وصاحب كتاب الخراج. توفي سنة ١٨٢ ه‍ في خلافة هارون الرشيد. انظر : الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد ١٤ / ٢٤٢ ـ ٢٦٢.

(٢) وهو محمد بن الحسن الشيباني صاحب الامام أبي حنيفة. انظر عنه : الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد ٢ / ١٧٤ ـ ١٨٢ ، وكيع ـ أخبار القضاة ٣ / ١٦٦ ، ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٤ / ١٨٤ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٩ / ١٣٤ ـ ١٣٦.

(٣) ابن رشد هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي. قاضي الجماعة بقرطبة. توفي سنة ٥٢٠ ه‍. انظر : ابن بشكوال ـ الصلة ٢ / ٥٧٧ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ١٩ / ٥٠١ ـ ٥٠٢ ، ابن الفرضي ـ قضاة الأندلس ٩٨ ، ابن فرحون المالكي ـ الديباج المذهب في معرفة علماء المذهب ٢ / ٢٤٨ ـ ٢٥٠.

(٤) الكلمة بياض في (د).

(٥) ابن القاسم : عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي المصري أبو عبد الله. تفقه على الامام مالك ونظرائه ، ومولده ووفاته بمصر. صاحب المدونة. توفي سنة ١٩١ ه‍. ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ١ / ٢٧٦ ، ابن فرحون ـ الديباج المذهب ١ / ٤٦٥ ، الزركلي ـ الاعلام ٣ / ٣٢٣.

(٦) شفاء الغرام ١ / ٤٥ ـ ٥٤. وكذلك في كتابه العقد الثمين ١ / ٣١ ـ ٣٤.

٢١٢

وفي اختصاره المسمى بتحفة الكرام (١) فراجعه إن شئت.

[أسماء مكة المكرمة]

وأما أسماء هذه البلدة الشريفة فكثيرة (٢) :

بعضها في القرآن وهي الثمانية الأسماء الأولى : مكة «بالميم» ، وبكة «بالباء» ، وأم القرى ، والقرية ، والبلد ، والبلدة ، ومعاد «بفتح الميم» ، والوادي.

والنساسة ، والنّاسة ، وكوثى ، والحرم ، وبرّة ، والمسجد الحرام ، ومعطش ، والرتاح ، وأم رحم «براء مهملة مضمومة» ، وأم زحم «بزاي معجمة» ، وأم صبح ، وأم روح ، وبساق ، والحاطمة ، وصلاح «مبني على الكسر» ، والعرش ، والعريش ، والقادس ، والقادسية ، والبيت العتيق ، والراس ، والمكتان ، والنابية / «بالنون الموحدة» ، وأم الرحمن ، / ١٠ وأم كوثى ، والباسة «بالموحدة والسين المهملة» ، والناسة «بالنون والمعجمة» ، والبساسة «بالموحدة وبسينين مهملتين» ، وطيبة ، وسبوحة ، والسلام ، والعذراء ، ونادرة ، والعرش «بضمتين» ، والعروش بزيادة واو ، والحرمة (٣) «بضم الحاء» ، والحرمة" بكسر الحاء» ،

__________________

(١) وهو تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام ، اختصار لكتاب الشفاء. انظر عنه : محمد الحبيب الهيلة ـ التاريخ والمؤرخون بمكة ص ١١٨.

(٢) بالأصل فكثيرة والتصويب من «(ب ، د)». وقد سقط عدد من الأسماء من النسخة (د). وأخذ السنجاري عن الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٧٥ ـ ٨٤. وانظر ياقوت ـ معجم البلدان ٥ / ١٨١ ـ ١٨٣. واقتصر الفاكهي على ثمانية أسماء هي : مكة ، بكة ، أم القرى ، الحرم ، المسجد الحرام ، البلد الأمين وبساسة ـ لأنها كانت تبسّ من بغى عليها حتى تخرجه منها. الفاكهي ـ أخبار مكة ٢ / ٢٨٠ ـ ٢٨١.

(٣) في (ج) ، (د) «والجرمة» بضم الجيم.

٢١٣

والعروض ، والوسل ، والبسل ، ومخرج صدق ، وقرية الحمس (١) ، وأم راحم ، وقرية النمل ، ونقرة الغراب ، والبنية ، وفاران.

وقد أفرد لأسمائها المجد اللغوي (٢) جزءا. وقال الفاسي (٣) :

«ان صاحب القاموس ذكر أسماءها (٤) ، وما يتعلق بها من الاشتقاق مع فوائد أخرى ، وشواهد غرر في شرحه على صحيح البخاري». ـ والله سبحانه وتعالى أعلم ـ.

ونظم القاضي أبو البقاء بن النضياء الحنفي (٥) أسماءها فقال :

لمكة أسماء ثلاثون عدّدت

ومن بعد ذاك اثنان منها اسم مكة (٦)

__________________

(١) في (ج) «الخمس».

(٢) مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي ، صاحب القاموس المحيط.

(٣) شفاء الغرام ١ / ٧٩.

(٤) في النسخ الثلاث «أسمائها». والاثبات من (د).

(٥) بالأصل ابن البضاوى والتصويب من «د». وقد علق الدهلوي ناسخ (ج) في الهامش ما نصه : «وقوله : ونظم القاضي .... الخ ـ كذا في الأصل ـ والصواب كما رأيته في نظام المملكة بذكر الأماكن المتبركة ما نصه : «وقد نظم القاضي أبو البقاء ابن الضياء الحنفي سبعة أبيات ، وجمع فيها أسماء مكة فقال :

لمكة أسماء ثلاثون عددت

ومن بعد ذاك اثنان منها اسم مكة

صلاح وكوثى والحرام وقادس

وحاطمة البلد العريش بقرية

ومعطشة أم القرى رحم ناسّة

ونساسة رأس بفتح لهمزة

مقدسة والقادسية وباسة

ورأس رتاج أم كوثى كبرة

سبوحة عرش أم رحمان عرشنا

كذا حرم البلد الأمين كبلدة

كذاك اسمتها البلد الحرام لأنها

وبالمسجد الأسنى الحرام تسمت

وما كثرة الأسماء إلا لفضلها

حباها بها الرحمن من أجل كعبة

ـ انتهى ما وجدته في هامش الأصل المنقول عنه. كتبه أبو الفيض والإسعاد عبد الستار الدهلوي الصديقي الحنفي».

(٦) الأبيات من البحر الطويل

٢١٤

وصلاح وكوثى والحرام وقادس (١)

وحاطمة (٢) البلد العريش بقرية

ومعطشة أمّ القرى رحم ناسّة (٣)

ورأس رتاح أم كوثى كبرّة

سبوحة عرش أمّ رحم (٤) عريشنا (٥)

كذا حرم البلد الأمين كبلدة

كذا اسمها البلد الحرام لأمنها

وبالمسجد الأسنى الحرام تسمّت

وما كثرة الأسماء إلا لفضلها

حباها بها الرحمن من أجل كعبة

ومعلوم أن كثرة الأسماء تدلّ على عظم المسمى.

[حرم مكة وتحديده وسبب تحريمه]

وأما حرم مكة وتحديده وسبب تحريمه :

قال التقي الفاسي (٦) : «حرم مكة ما أحاط بها [وأطاف بها](٧) من جوانبها ، وحكمه حكمها في جميع ما تختص به تشريفا لها».

واختلف في سبب تسميتها حرما ، فقيل (٨) : «أن آدم عليه‌السلام لما أهبط إلى الأرض خاف على نفسه / من الشيطان ، فبعث الله ملائكة تحرسه ، فوقفوا في مواضع أنصاب الحرم ، فصار ما بينه وبين مواقفهم حرما».

__________________

(١) في النسخ الثلاث «وقادل». والاثبات من (د).

(٢) في (ب) «وحاطبة».

(٣) في النسخ الثلاث «ناشئة». والاثبات من (د).

(٤) في (د) «رحمن». وأضاف الدهلوي ناسخ (ج) قوله : «في نسخة أخرى رحمن».

(٥) في (ب) ، (د) «عرشنا». ويستقيم الوزن أيضا في قولنا : «أم رحمن عرشنا».

(٦) في كتابه شفاء الغرام ١ / ٨٥ ، وفي كتابه العقد الثمين ١ / ٣٧.

(٧) ما بين حاصرتين إضافة من شفاء الغرام للفاسي ١ / ٥٤.

(٨) انظر : الفاكهي ـ أخبار مكة ١ / ٨١ ، ٢ / ٢٧٤ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٨٥ ، والعقد الثمين ١ / ٣٧.

٢١٥

وقيل : «أن الحجر الأسود لما وضعه الخليل في (١) الكعبة حين بناها ، أضاء الحجر يمينا وشمالا ، وشرقا وغربا ، فحرم الله الحرم من حيث انتهى نور الحجر الأسود».

[وقيل غير ذلك](٢).

[علامات الحرم]

ذكر علامات الحرم :

للحرم علامات (بيّنة ، هي أنصاب مبنية) (٣) في جميع جوانبه ، خلا حدّه (٤) من جهة جدة ، وجهة الجعرانة ، فإنه ليس فيها أنصاب.

وأول من وضع الأنصاب على حدود الحرم إبراهيم الخليل بدلالة جبريل عليهما‌السلام (٥) ، ثم قصي بن كلاب. وقيل نصب إسماعيل بعد

__________________

(١) في (ب) ، (ج) «من».

(٢) ما بين حاصرتين من النسخة (د). وهي لفظ الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٨٦.

والمهم أن ليس للاجتهاد في تحديد الحرم مساغ ، ولا يجوز لأحد أن يحدث حدا للحرم ويضع عليه أنصابا من تلقاء نفسه لأنه قد لا يكون ذلك حدا للحرم. أما إذا أتى على محل ليس به أعلام فإنه ينظر إلى محاذاة أقرب الأعلام إليه. وليس في الإمكان سوى ذلك مع عدم الجزم بأن هذا حد للحرم ـ والله أعلم ـ. ابن جاسر ـ تحرير الأنام ١ / ٢١٩.

(٣) ما بين قوسين في (د) «مبنية وهي الأنصاب». وبشأن هذه العلامات انظر : الفاكهي ـ أخبار مكة ٢ / ٢٧٣ ـ ٢٧٦ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٨٦ ـ ٨٧ ، والعقد الثمين ١ / ٣٧ ـ ٤٠.

(٤) ويقال لحدّه حدّأء. انظر المصادر السابقة في الهامش السابق. وهي منزل بين جدّة ومكة من أرض تهامة في وسط الطريق ، وهو واد فيه حصن ونخل وماء جار من عين ، وهو موضع نزه. ياقوت ـ معجم البلدان ٢ / ٢٢٩.

(٥) الفاكهي ـ أخبار مكة ٢ / ٢٧٥.

٢١٦

أبيه (١) ، وقيل عدنان بن أدد (٢) ، وقلعها قريش في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاشتد ذلك عليه ، فجاء جبريل وأخبره أنهم سيعيدونها ، فرأى رجال منهم في المنام : «حرم أعزكم الله به ، نزعتم أنصابه؟! ، ستحطمكم العرب!!». فأعادوها.

فقال جبريل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا محمد قد أعادوها». فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هل أصابوا؟!» (٣). فقال : «ما وضعوا نصبا (٤) إلا بيد ملك».

ثم بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (عام الفتح (٥) تميم بن أسد (٦) فجدّدها. ثم عمر بن الخطاب رضى الله عنهم (بعث لتجديدها مخرمة بن نوفل (٧) [وسعيد](٨) بن يربوع ، وحويطب (٩) بن عبد العزى ،

__________________

(١) الفاكهي ـ أخبار مكة ٢ / ٢٧٣ وبإسناد ضعيف.

(٢) في نسخة (ج) «أد أو قلعها. وفي (د) «أد». وانظر الفاكهي ـ أخبار مكة ٢ / ٢٧٦.

(٣) في (ب) «ما أضاعوا؟!». وفي (د) «ما أصابوا».

(٤) في (ب) ، (د) «منها».

(٥) أي عام فتح مكة سنة ٨ ه‍.

(٦) تميم بن أسد جدّ عبد الرحمن بن المطلب بن تميم. الفاكهي ٢ / ٢٧٥. وهو تميم ابن أسيد ـ وقيل أسد بن عبد العزى بن جعونة الخزاعي. انظر : ابن حجر ـ الاصابة في تمييز الصحابة ١ / ١٨٣.

(٧) مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ـ أبو صفوان ، من مسلمة الفتح ووالد الصحابي المشهور المسور بن مخرمة رضي‌الله‌عنه. وكان نسابة.

توفي سنة ٥٤ ه‍. انظر : ابن حجر ـ الاصابة ٣ / ٣٩٠ ـ ٣٩١.

(٨) زيادة من الفاكهي ٢ / ٢٧٤ وغيره. وهو سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر المخزومي القرشي من مسلمة الفتح. وشهد حنينا. مات سنة ٥٤ ه‍. انظر : ابن حجر ـ الاصابة ٢ / ٥١ ـ ٥٢.

(٩) في (ب) ، (ج) «وهو يطب». وأضاف ناسخ (ج) في الهامش : «لعله ـ حويطب». وهو حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس القرشي العامري ، من مسلمة الفتح. وتوفي سنة ٥٤ ه‍. انظر : الاصابة ١ / ٣٦٤.

٢١٧

وأزهر بن عبد عوف (١). ثم عثمان ، ثم معاوية رضي‌الله‌عنهم ، ثم الخلفاء ، ثم الملوك (٢) إلى عهدنا هذا كما سيأتي بيانه.

[حدود الحرم ومقداره]

ونظم بعضهم حدود الحرم [شعرا](٣) فقال :

وللحرم التحديد من أرض طيبة

ثلاثة أميال إذا رمت إتقانه /

وسبعة أميال عراق وطائف

وجدة عشر ثم تسع جعرانه

ومن يمن سبع بتقديم سينها

فسل ربك الوهاب يرزقك غفرانه

وقد زيد في حد لطائف أربع

ولم يرض جمهور لذا القول رجحانه

وقد ذكر العلامة الفاسي في مقدار الحرم بالذراع ، وأطال في ذلك وملخصه (٤) :

«قال الإمام علي بن القادر الطبري في تاريخه الذي جمعه (٥) : ان المسافة من باب الشبيكة إلى أعلام العمرة التي هناك عشرة الآف ذراع

__________________

(١) وهو أزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي عم عبد الرحمن بن عوف رضي‌الله‌عنه. انظر : الاصابة ١ / ٢٩ ـ ٣٠.

(٢) في (ب) «والملوك». وانظر : الفاكهي ٢ / ٢٧٥. وكل من جدد هذه العلامات أظهر وجدد ما حدده آدم عليه‌السلام ، ولم يحدثوا حدودا من عند أنفسهم. ابن جاسر ـ تحرير الأنام ١ / ٢٢.

(٣) زيادة من (ب).

(٤) انظر : شفاء الغرام في أخبار البلد الحرام ١ / ٨٧ ـ ١٠٥.

(٥) وهو : «الأرج المسكي في التاريخ المكي» ص ٥٣ ـ ٥٥ مع اختلافات في النص.

٢١٨

وثمانمائة ذراع واثنا عشر ذراعا (١) ، فتزيد على ثلاثة أميال ثلاثمائة ذراع وستمائة ذراع وثمانية أذرع. ومن جهة اليمن من جدار باب المسجد المعروف بباب إبراهيم إلى علامة حد الحرم في تلك الجهة أربع وعشرون ألف ذراع وخمسمائة ذراع وتسعة أذرع ـ بتقديم التاء ـ ونحو نصف ذراع ، فتزيد على سبعة أميال ـ بتقديم السين ـ تسعة أذرع ونحو نصف ذراع.

ومن جهة العراق من عتبة باب المعلاة إلى العلمين الذين هما حدّ الحرم خمسة وعشرون ألف ذراع وخمسة وعشرون ذراعا.

ومن جهة عرفة من عتبة باب السلام سبعة وثلاثون ـ بتقديم السين ـ ألف ذراع ومائتا ذراع وعشرة أذرع وسبعا ذراع ، وهي أحد عشر ميلا إلا ألف ذراع ومائتي ذراع ونحو تسعين ذراعا.

ومن جهة الجعرانة إلى شعب عبد الله بن خالد اثنا عشر ميلا. والشعب المذكور هو الشعب القريب من المسجد.

ومن جهة جدة إلى البئر المعروف ببئر السّتريسي (٢) ويقال لها الحديبية عشرة أميال». ـ انتهى ـ.

وذكر الفاسي قال (٣) :

«حكم حرم مكة / في كل ما تختص (٤) به من غير خلاف».

__________________

(١) في (د) «فراسخ».

(٢) في (ب) «المسمى». وأضاف ناسخ (ج) في الهامش : «ولعله الشميسي». وفي (د) «بئر شمس». وانظر : ابن جاسر ـ عبد الله بن عبد الرحمن بن جاسر ـ مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام ١ / ٢١٨.

(٣) في كتابه شفاء الغرام ١ / ١١٥.

(٤) في (أ) «يختصّ». والاثبات من بقية النسخ ومن شفاء الغرام ١ / ١١٥.

٢١٩

ـ انتهى ـ. وفي هذا بشرى عظيمة (١) بالنظر إلى الحسنات. ـ والله الموفق.

فائدة : قال العلامة الفاسي : «ولم أدر (٢) من تعرض لمقدار دور (٣) الحرم إلا ابن خرداذبة في كتاب المسالك (٤) ، قال : وطول الحرم حول مكة سبعة وثلاثون ميلا ، وهي التي تدور بها أنصاب الحرم».

قلت (٥) : وفي هذا القدر كفاية للمستفيد ، فإن بقية الكلام على حدوده شهيرة في كتب الفقه.

[سبب تحريم الحرم]

واختلف في تحريم مكة :

هل هو سؤال الخليل؟ أم هي حرام منذ خلق الله السموات والأرض؟!.

الصحيح الثاني ، ويشهد له ما رواه أبو هريرة وابن شريح

__________________

(١) سقطت من (ب) ، (د).

(٢) في (ب) ، (ج) ، (د) «أر».

(٣) ساقطة من شفاء الغرام المطبوع.

(٤) ورد في شفاء الغرام : «إلا أبا القاسم ابن خرداذبة الخراساني في كتاب المسالك والممالك». شفاء الغرام ١ / ١٠٥.

وابن خرداذبة هو أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن خرداذبة مولى أمير المؤمنين صاحب كتاب المسالك والممالك. وذكر فيه حدود الحرم : «من طريق المدينة على ثلاثة أميال ، ومن طريق جدة على عشرة أميال ، ومن طريق اليمن على سبعة أميال ، ومن طريق الطائف على أحد عشر ميلا ، ومن طريق العراق على ستة أميال» ص ١٣٢. فيكون المجموع ٣٧ وهو ما ذكره السنجاري عنه. انظر : المسالك والممالك ١٣٢ ـ طبع مدينة ليدن بمطبعة بريل ١٨٩٩ م.

(٥) أي السنجاري.

٢٢٠