منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ١

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ١

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN: 9960-03-367-8
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٥٥٦

فرائضه ونوافله على الوجه المشروع (١) ـ.

ولما فرغ من الحج أمره الله تعالى بالنداء فقال : يا رب وما يبلغ صوتي؟!. قال : عليك النداء وعلي الابلاغ.

فطلع ثبيرا (٢) وصاح بأعلى صوته : (يا عباد الله ، إن ربكم / قد / ٤٧ بنى بيتا وأمر بحجه ، فحجوه. فأسمع الله صوته) (٣) من كان ويكون إلى يوم القيامة ، فأجابه المؤمنون من ظهور الآباء وأرحام الأمهات : لبيك اللهم لبيك. فحج كلّ بقدر إجابته مرة أو مرتين أو أكثر.

ـ هذا قول الجمهور من المؤرخين (٤) ـ.

ويروى أنه كان بين نداء إبراهيم وبين بعثته عليه الصلاة والسلام ثلاثة الآف سنة. ويروى عن عثمان رضي‌الله‌عنه أنه قال : أول من أجاب دعوة إبراهيم بالتلبية أهل اليمن.

وذهب جماعة إلى أن المأمور في قوله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ)(٥) ـ الآية ـ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكره ابن جماعة في منسكه هداية السالك (٦) والله أعلم.

__________________

(١) انظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ١ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨.

(٢) ثبير : أعظم جبال مكة ، والأثبرة أربعة ذكرها ياقوت الحموي. انظر : معجم البلدان ٢ / ٧٢ ـ ٧٤. وذكر الفاسي أن ثبيرا بمكة قرب منى الذي أهبط عليه الكبش الذي جعله الله فداء لإسماعيل عليه‌السلام. أو أنه جبل بالمزدلفة على يسار الذاهب إلى عرفة. انظر : شفاء الغرام ١ / ٤٥١.

(٣) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(٤) انظر مثلا : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ١ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧.

(٥) سورة الحج الآية ٢٧.

(٦) هداية السالك الى المذاهب الأربعة في المناسك لعز الدين عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن جماعة ، المتوفى سنة ٧٦٧ ه‍.

٣٢١

وقيل أنه أمر بالنداء قبل أن يحج (١) هو ـ كذا قال الفاسي (٢).

ونقل السهيلي (٣) عن مجاهد : أن إبراهيم عليه‌السلام لما أمر بالنداء قام على المقام ، فتطاول المقام حتى كان كأطول (٤) جبل على وجه الأرض ، فنادى. ـ الخ ما ذكر (٥). وذكر مثله ابن جماعة في هداية السالك.

فأول من حج إبراهيم وإسماعيل وجرهم.

[وفاة إبراهيم عليه‌السلام]

وعاش إبراهيم عليه‌السلام مائتي (٦) سنة وقيل الا خمسة أعوام ، فمات ودفن في مزرعة حبرون (٧).

وفي إبراهيم لغات جمعها ابن مالك (في ألفيته) (٨) في قوله (٩) :

__________________

(١) في (ج) «الحج». ولا معنى له في السياق ، وذكر الناسخ أنها هكذا في الأصل.

(٢) في شفاء الغرام ١ / ٢٤.

(٣) في (أ) ، (ب) ، (د) «البلوي». والاثبات من (ج).

(٤) في (ب) ، (ج) «أطول».

(٥) أي الى آخر ما ذكره ابن جماعة في هداية السالك. انظر : الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٣٣ ، الفاكهي ١ / ٤٤٧ رقم ٩٧٧ باسناد حسن ورقم ٩٨١. وفي اسناده من لم يسم.

(٦) في (ب) ، (ج) «مائة : وهو خطأ. انظر مثلا : القضاعي ـ تاريخ ص ٩٢.

(٧) في جميع النسخ «جبرون» والتصحيح من تاريخ القضاعي.

(٨) ما بين قوسين سقط من (د) ، وابن مالك : هو محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني صاحب الألفية المشهورة. توفي بدمشق سنة ٦٧٢ ه‍.

(٩) الشطر الثاني من البيت في (ج) «وبقصر ووجها الضم قد عرفا».

٣٢٢

تثليثهم هاء إبراهيم صح بمدّ (١)

أو بقصر ووجها (٢) الضمّ قد عرفا

فيقال : إبراهيم ، وأبراهام ، وأبراهِم ، وأبراهَم ، وأبراهُم ، وأبرهم ، وأبراهوم ـ وهما غريبان (٣).

فائدة :

عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما قال (٤) : كانت الخيل وحشا كسائر الوحوش ، فلما أذن الله تعالى (لإبراهيم وإسماعيل في رفع القواعد ، قال الله) (٥) : اني (معطيكما كنزا ادخرته) (٦) لكما. ثم أوحى الله إلى إسماعيل : أن أخرج إلى أجياد وأدع (٧) ولم يدر ما الدعاء وما الكنز ـ فألهمه الله الدعاء [بالخيل](٨) ، فلم يبق على وجه الأرض فرس بأرض العرب إلا جاءته ، فأمكنه من نواصيها وذللها له.

قال ابن عباس : فاركبوها وأعلفوها ، فإنها ميامين ، وهي ميراث أبيكم إسماعيل عليه‌السلام.

ـ ذكره ابن الضياء في البحر العميق (٩).

__________________

(١) في (أ) ، (ج) «جد». والاثبات من (ب) ، (د).

(٢) في (ج) «وهما غريبتان». وفي (د) «ووجه».

(٣) في (ج) «غريبتان».

(٤) انظر : ابن كثير ـ البداية والنهاية ١ / ١٩٢.

(٥) ما بين قوسين سقط من (ج).

(٦) ما بين قوسين غير مقروء في النسخ الثلاث. والاثبات يقتضيه السياق والمعنى كما في نسخة (د) وذكره ابن كثير في البداية والنهاية ١ / ١٩٢.

(٧) في (ب) «وأوادع».

(٨) سقطت من (أ). والاثبات من بقية النسخ.

(٩) البحر العميق في مناسك المعتمر والحاج الى البيت العتيق أو تاريخ مكة ـ

٣٢٣

وهذا القدر من القصة كفاية ، وهو اللائق بهذا المختصر.

[بناء العمالقة وجرهم]

وأما بناء العمالقة وجرهم :

فذكر الأزرقي (١) عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ما يقتضي أن بناء العمالقة قبل بناء جرهم.

وذكر الفاكهي (٢) ما يقتضي أن بناء جرهم قبل العمالقة. وفي هذا / ٤٨ نظر ، فإن العمالقة قبل جرهم ولم / يلها بعد جرهم إلا خزاعة ـ والله أعلم.

[إسماعيل عليه‌السلام وأبناؤه]

ولما توفي إبراهيم عليه‌السلام صار أمر مكة إلى إسماعيل عليه‌السلام ، وفيه لغات (٣) : إسماعيل ـ باللام ـ ، وإسماعين ـ بالنون ـ.

لطيفة :

روى الفاكهي (٤) عن حارثة بن مضرب عن علي رضي‌الله‌عنه قال : «سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول ان هاجر دعت ابنها إسماعيل عليه‌السلام هكذا يا اسماويل ، يا سمويل ، يا سمويل ـ ثلاث مرات ومدها» ـ انتهى ـ.

__________________

والمسجد الحرام والمدينة المنورة والقبر الشريف لأبي البقاء بن الضياء. انظر : محمد الحبيب الهيلة ـ التاريخ والمؤرخون ص ١٣١ ـ ١٣٢.

(١) أخبار مكة ١ / ٥٤ ـ ٥٥.

(٢) أخبار مكة للفاكهي ٥ / ١٢٨ ـ ١٢٩.

(٣) انظر : ابن منظور ـ لسان العرب ١١ / ١٦.

(٤) أخبار مكة ٥ / ١٣١ ، وانظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٢٣.

٣٢٤

ثم انه ولد لإسماعيل من زوجته بنت مضاض الجرهمي واسمها سيدة اثنا (١) عشر ولدا ، فهم : نابت ، وقيدار ، وقطورا (٢) ، وقيدر ، وإذئل (٣) ، ومنشي ، ومسمعا ، وياش ، ودوما ، وآدر ، وظيما ، وينشا (٤) ـ كذا في تاريخ الفاكهي (٥).

وذكر له ابن الهبارية (٦) في فلك المعاني ثلاثين ابنا.

فائدة : قال في الإقناع : «كل الأنبياء من بعد إبراهيم عليهم‌السلام من نسل إسحاق عليه‌السلام ، وأما إسماعيل عليه‌السلام لم يكن من نسله إلا نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال محمد بن أبي بكر الرازي (٧) : «ولعل الحكمة في ذلك انفراده بالفضيلة ، فهو أفضل الجميع صلى‌الله‌عليه‌وسلم» ـ انتهى ـ.

وكان أكبرهم نابتا.

وتوفي إسماعيل عليه‌السلام وله من العمر مائة وثمانون سنة. وقال

__________________

(١) في (أ) ، (د) «اثني». والاثبات من (ب) ، (ج).

(٢) في (ب) ، (ج) «وقطور».

(٣) في (ج) «وازئل».

(٤) في (ب) ، (ج) «ونيشار».

(٥) أخبار مكة ٥ / ١١١.

(٦) ابن الهبارية نظام الدين أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح العباسي شاعر هجاء ولد في بغداد ومات بكرمان سنة ٥٠٤ ه‍. انظر : ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٤ / ٤٥٣ ـ ٤٥٧ ، الصفدي ـ الوافي بالوفيات ١ / ١٣٠ ، الزركلي ـ الاعلام ٧ / ٢٣.

(٧) محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي زين الدين من فقهاء الحنفية له الذهب الأبريز في تفسير الكتاب العزيز. توفي بعد سنة ٦٦٦ ه‍.

٣٢٥

القاضي في جامعه (١) : مائة وثلاثون. وقيل سبعة وثلاثون ـ والله اعلم.

(ودفن في الحجر على أمه ، وقيل في الحطيم ، وقيل في المسجد من غير تعيين ـ والله سبحانه وتعالى أعلم) (٢).

ومما ينسب إلى ضرار بن الخطاب (٣) مما يؤكد كونه دفن في الحجر قوله :

(ما ضمّن الحجر) (٤) فيما قد مضى أحد

من البرّية لا عرب ولا عجم

بعد ابن هاجر إنّ الله فضّله

إلا زهير (٥) له التفضيل والكرم

ـ يعني زهير بن الحارث بن أسد. كذا رأيته في بعض التعاليق (٦).

وعلى القول بأنه في الحجر ، قال المحب (٧) الطبري : «ان البلاطة الخضراء محل قبر إسماعيل عليه‌السلام ، وتشبر من رأسها إلى ناحية الركن الغربي مما يلي باب بني سهم ستة أشبار ، فعند انتهائها يكون محل رأسه»

__________________

(١) الجامع اللطيف ص ٨٩ وقد سقط ما سبق بعد الرازي من (د).

(٢) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(٣) ضرار بن الخطاب بن مرداس القرشي الفهري الفارس الشاعر من مسلمة الفتح ، استشهد في أجنادين. انظر : الاصابة في تمييز الصحابة ٢ / ٢٠٩ ، الجمحي ـ طبقات فحول الشعراء ٢٠٩ ـ ٢١١.

(٤) ما بين قوسين في (ب) «فراغ بعد ما «ضمن» ، وفي (ج) «لم يحط بالحجر».

(٥) زهير بن الحارث بن أسد أول من ربع بمكة أو ابنه حميد ، سبق ذكره في هذا الكتاب ص ٢٥٦.

(٦) في (ج) «التآليف».

(٧) محب الدين الطبري توفي سنة ٦٩٤ ه‍.

٣٢٦

ـ كذا نقله عنه (١) القاضي محمد جار الله في جامعه (٢).

فائدة :

اختلف في الذبيح :

هل هو إسماعيل أم إسحاق عليهما‌السلام؟.

فقال قوم : هو إسحاق عليه‌السلام ، وإليه ذهب عمر ، وابن مسعود ، وعلي ، والعباس ، من الصحابة رضي‌الله‌عنهم. ومن التابعين وأتباعهم كعب الأحبار ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وجماعة أخر.

وقال آخرون : انه إسماعيل عليه‌السلام ، وإليه ذهب ابن عمر ، وأبو الطفيل عامر بن وائلة ، وسعيد بن المسيب ، وابن مهران ، ومجاهد ، والربيع ، وأنس ، والقرظي (٣) ، والكلبي. ورواه عطاء عن ابن عباس.

ولكلّ دليل ، ومحلّ بسطه [في](٤) المطولات (٥).

والذي عليه الجمهور وهو الصحيح : أن الذبيح إسماعيل عليه‌السلام. وقد ألف جماعة في ذلك تآليف.

__________________

(١) في النسخ جميعها «عن». وهو خطأ حيث أن الناقل هو ابن ظهيرة المتوفى سنة ٩٦٠ ه‍ والمنقول عنه المحب الطبري المتوفى سنة ٦٩٤ ه‍.

(٢) الجامع اللطيف ص ٨٩.

(٣) في (ب) ، (ج) ، (د) «القرطبي» وهو خطأ. فالمقصود هو محمد بن كعب القرظي.

(٤) زائدة من (ج).

(٥) انظر مثلا : تاريخ ابن جرير الطبري ١ / ٢٥٨. ٢٦٤ ، والذي رجح أن الذبيح هو إسحاق عليه‌السلام ، وانظر : القضاعي ـ تاريخ ٩٥ ، وابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ١ / ٦٣ ـ ٦٤ ، وابن كثير ـ قصص الأنبياء ١ / ٢٢٩ ـ ٢٣٦ ، والفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ١٤ ـ ٢١. والأرجح بالطبع هو إسماعيل عليه‌السلام.

٣٢٧

[قصة الذبيح]

وملخص قصة الذبيح (١) :

أنه عليه‌السلام ـ أعني إبراهيم ـ لما أمر بذبح إسماعيل أتاه وقال / ٤٩ له : يا بني / اذهب بنا نحطب لأهلك (٢). وأخذ معه شفرة ، وأمر إسماعيل أن يأخذ معه حبلا. فسار به إلى ثبير بمنى ، فقال له : (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى ، قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)(٣).

فربطه بالحبل وأوثقه ، ثم شحذ شفرته ثم (تَلَّهُ لِلْجَبِينِ)(٤) ، ثم التفت يتقي النظر اليه ، وجعل الشفرة في حلقه ، فقلبها جبريل ، ثم اجتذبها (٥) ، (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا)(٦)!. فهذه ذبيحتك فداء لابنك ، فاذبحها دونه.

قال الحسن (٧) : فاذا بتيس (٨) من الأروى (٩) أهبط اليه من ثبير.

وكثير من أهل العلم يزعم أنه أهبط عليه كبش أملح ، أقرن ، أعين.

وفي تفسير القاضي البيضاوي (١٠) عند ذكر القصة : «وكان قرنا

__________________

(١) بالأصل الذبح والتصحيح من ج ، د.

(٢) في (ب) ، (ج) الى أهلك.

(٣) سورة الصافات الآية ١٠٢.

(٤) سورة الصافات الآية ١٠٣.

(٥) أضاف ناسخ (ب) في الهامش «ثم انتزعها». وفي نسخة (ج) «انتزعها».

(٦) سورة الصافات من الآيتين ١٠٤ ، ١٠٥.

(٧) أي الحسن البصري إمام أهل البصرة المشهور.

(٨) في (ب) «ابليس». وهو خطأ.

(٩) الأروى : أنثى الوعول. انظر : القضاعي ـ تاريخ ٩٥.

(١٠) عبد الله بن عمر بن محمد بن علي الشيرازي القاضي المفسر ، توفي سنة

٣٢٨

الكبش معلقين بالكعبة حتى احترقا زمن ابن الزبير».

وعن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما (١) : «القربان المتقبل من أحد ابني آدم عليه‌السلام». وذكر الفاكهي (٢) عن علي : أن ذبح إبراهيم كان (٣) لفداء إسماعيل عليهما‌السلام ، كان بين الجمرتين ، وأن ذلك كان في زمن الحج. ـ والله أعلم ـ وكان عمره حينئذ ثلاثة عشر سنة.

قال البلوي (٤) في كتابه ألف باء : وفي قصة (٥) الذبح أوفى دليل على فضل إسماعيل عليه‌السلام.

وقد أثنى الله تعالى عليه في كتابه العزيز : قال تعالى : (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ* وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ)(٦). وقال تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا)(٧).

__________________

ـ ٦٨٥ ه‍ في تفسيره أنوار التنزيل وأسرار التأويل ص ٥٩٥. وانظر : ابن كثير : البداية والنهاية ١٣ / ١٠٩. وعن قرني الكبش : انظر ابن جرير الطبري ـ تاريخ ١ / ٢٧٦ ، القضاعي ـ تاريخ ٩٥.

(١) انظر : ابن كثير ـ قصص الأنبياء. وقال رواه ابن أبي حاتم ١ / ٢٣١.

(٢) الفاكهي ـ أخبار مكة ٥ / ١٢٦ في الملحق.

(٣) سقطت من (ب) ، (د) وسقوطها أفضل.

(٤) البلوي : أبو الحجاج يوسف بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن غالب البلوي المالقي الأندلسي المالكي. عالم باللغة والأدب. من الغزاة المجاهدين مع المنصور بن أبي عامر بالأندلس ، ومع صلاح الدين بالشام. له كتاب ألف باء في مجلدين ـ مطبوع ـ. توفي سنة ٦٠٤ ه‍. انظر : الزركلي ـ الاعلام ٨ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨.

(٥) بالأصل قضية والتصويب من «ب».

(٦) سورة الأنبياء الآيتان ٨٦ ، ٨٧.

(٧) سورة مريم الآية ٥٤.

٣٢٩

وكان رسولا من الله إلى جرهم والعماليق ـ ذكره السهيلي (١) فآمن بعضهم وكفر بعضهم.

ولم يبعث الله نبيا بشريعة مستقلة في العرب بعد إسماعيل غير نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ولا يشكل بما في [تفسيري](٢) البيضاوي (٣) والكشاف (٤) :

أن بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم أربعة ، ثلاثة من بني اسرائيل وواحد من العرب وهو خالد بن سنان (٥) ، لأنهم بعثوا بتقرير (٦) شريعة [عيسى](٧) لا بشريعة مستقلة.

قال ابن كثير في تاريخه (٨) : «كانت العرب على دين إبراهيم عليه‌السلام (إلى زمن عمرو بن لحي الخزاعي ـ وهو أول من غير دين إبراهيم عليه‌السلام) (٩)» ـ كما يأتي بيانه.

وذكر السهيلي (١٠) : «ان معنى إسماعيل مطيع الله».

وهو أبو العرب كلها (١١) ويقال أنه أول من كسا الكعبة ـ ذكره

__________________

(١) في الروض الأنف طبع ملتان باكستان ١ / ١٢.

(٢) زيادة من (ج).

(٣) تفسير البيضاوي ـ أنوار التتريل وأسرار التأويل.

(٤) الكشاف للزمخشري.

(٥) خالد بن سنان العبسي انظر عنه المسعودي ـ مروج الذهب ١ / ٦٧ ـ ٦٨ ، القضاعي. تاريخ ١٦١ ـ ١٦٣ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ١ / ٢١٩ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ٢ / ٢١٢ ، ابن حجر ـ الاصابة في تمييز الصحابة ١ / ٤٦٦ ـ ٤٦٩.

(٦) في (ج) «بتعزير».

(٧) زيادة من (د).

(٨) في البداية والنهاية ٢ / ١٨٢ ، ١٨٧.

(٩) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(١٠) الروض الأنف ١ / ٩.

(١١) انظر : ابن حجر ـ فتح الباري ، باب نسبة اليمن الى إسماعيل ٧ / ٢٢٤ ـ ٢٢٧.

٣٣٠

الفاسي (١) قال : «وهو أول من ذلّلت له الخيل ، وهو أول من تكلم بالعربية في قول (٢) ، وهو أول من أحدث الأرحية يطحن بها في مكة». ـ انتهى (٣) ـ

[ولاية نابت بن إسماعيل لمكة]

ولما توفي ، ولي أمر مكة ابنه نابت بن إسماعيل ، واستمر إلى أن توفي ، ولم أقف على ذكر وفاته.

[ولاية مضاض بن عمرو لمكة]

فولي مكة مضاض بن عمرو بن الحارث ، جد نابت لأمه. ـ كذا قال الميركي في التحفة السنية (٤).

وقال التقي الفاسي (٥) عن المسعودي (٦) : «مضاض بن عمرو بن مضاض سعد (٧) بن الرقيب بن جبير بن نبت بن جرهم ، وليها مائة سنة.

ثم عمرو بن مضاض مائة سنة ، ثم عمرو بن الحارث مائتي (٨) سنة ، ثم

__________________

(١) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٣٩ ، ٢ / ٢١.

(٢) كما ذكره ابن سعد في الطبقات ١ / ٢٤ ، واليعقوبي ـ تاريخ ٢ / ٢٢١ ، والقضاعي ـ تاريخ ٩٦. وهي العربية البليغة الفصيحة كما ذكر ابن كثير في قصص الأنبياء ١ / ٣٠٦.

(٣) أي ما ذكره الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٥٩٣ ، ٢ / ٢١.

(٤) في (ب) ، (ج) «السبتية» وأضاف ناسخ (ج) في الهامش «لعله السنية» ولم أجد شيئا عن الميركي والتحفة السنية فيما لدي من مظان.

(٥) في شفاء الغرام ١ / ٥٩٤ ، والعقد الثمين ١ / ١٣١.

(٦) مروج الذهب ومعادن الجوهر ٢ / ٤٩.

(٧) في (أ) ، (د) «معد» ، والتصحيح من (ب) وشفاء الغرام.

(٨) في (ب) ، (ج) ، (د) «مائة». وفي (د) «الجملة أكثر وضوحا.

٣٣١

مضاض بن عمرو الأصغر أربعين سنة» ـ انتهى كلامه (١).

ثم ان مضاض بن عمرو ضم اليه بني نابت بن إسماعيل مع ما إنحاز إليه من جرهم.

[نشر أولاد إسماعيل عليه‌السلام]

قال الفاسي (٢) عن الفاكهي (٣) بسنده :

«ان الله تبارك وتعالى لما أراد نشر أولاد إسماعيل ، كثروا وازدادوا وضاقت عليهم مكة ، فخرج أهل القوة منهم يتخذون أموالا من الابل يطلبون بها المرعى ، فلا تزال أموالهم تربو وتكثر ، فجعلوا يتداعون إلى ذلك رغبة فيه كراهية أن يحدثوا في الحرم حدثا. وكانوا يقولون : نحن عباد الله وهذا حرمه وبيته ، ومن أحدث فيه أخرجه الله منه. ولم يزالوا حتى لم يبق في مكة من ولد إسماعيل إلا من حبسه (٤) الفقر أو من حبس نفسه لجوار البيت ، أو خائف مستجير بالحرم ليأمن بذلك. وكان يقال لمن بمكة أهل الله ، أقاموا عنده (٥) بفناء بيته وفي حرمه وحرمته (٦)» ـ انتهى ملخصا ـ.

[عبادة الأوثان ودور الياس بن مضر]

وذكر الفاكهي (٧) بسنده إلى ابن إسحاق :

__________________

(١) أي كلام الفاسي عن المسعودي.

(٢) في شفاء الغرام ٢ / ٣٤.

(٣) في أخبار مكة ٥ / ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٤) في (ج) «جلسه». وفي (د) «أحبسه».

(٥) سقطت من (ج).

(٦) سقطت من (ب) ، (ج).

(٧) أخبار مكة ٥ / ١٣٤ ـ ١٣٥. وانظر : ابن هشام ـ السيرة ١ / ٧٧ ، ابن كثير

٣٣٢

«إن أول ما كانت عبادة الأوثان في بني إسماعيل ، وذلك أنه كان لا يظعن من مكة أحد منهم (١) إلا أخذ [حجرا](٢) من حجارتها ، يتبرك به ، تعظيما للحرم وصيانة (٣) لمكة والكعبة ، حيثما حلوا وضعوه ، فطافوا به كطوافهم بالكعبة ، حتى سلخ ذلك (٤) بهم إلى أن صاروا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة ، وأعجبهم. فخلف الخلوف بعد الخلوف ، ونسوا ما كانوا عليه ، وعبدوا الأصنام ، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم [من](٥) قبلهم من الضلالة ، واتخذوا ما كان يعبد (قوم نوح منها ، على ما كان منهم من ذكرها ، وفيهم مع) (٦) ذلك بقية من دين إبراهيم وإسماعيل عليهما‌السلام من تعظيم الكعبة والحرم ، والوقوف بعرفة والمزدلفة ، وهدي البدن ، والإهلال بالحج والعمرة ، من أن حالهم فيه ما ليس فيه حتى كان فيهم الياس بن مضر بن نزار ، فأنكر على بني إسماعيل ما غيروا من دين آبائهم ، وبان فضله فيهم حتى جمعهم رأيه (٧) ورضوا به رضاء تاما (٨) لم يرضوا به من أحد من ولد إسماعيل بعد أدد ،

__________________

ـ البداية والنهاية ٢ / ٨٨ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٥ ـ ٣٦.

(١) سقطت من (ب) ، (ج).

(٢) زيادة من (ب) ، (ج).

(٣) في (ج) «وصيانته».

(٤) سقطت من (ب) ، (ج).

(٥) زيادة من (ج).

(٦) ما بين قوسين في (ب) «على أنه كان فيهم ما ذكرنا مع ذلك بقية من دين إبراهيم». وفي (ج) «قوم نوح على أنه كان فيهم مع ما ذكر من». وهما أوضح مما في (أ) ، (د).

(٧) في (ب) «ورايه». وفي (ج) «وراءه». والاثبات من (أ) ، (د) وكله صحيح.

(٨) سقطت من (ب).

٣٣٣

فردهم إلى دين آبائهم حتى رجعت سنتهم تامة. وهو أول من أهدى البدن إلى البيت. قال : وهو أول من وضع الركن الأسود بعد ذهابه في / ٥١ الطوفان وانهدامه زمن نوح عليه‌السلام ، فكان أول من ظفر به الياس / فوضعه في زاوية البيت.

وكانت العرب تعظم الياس تعظيم أهل الحكمة كلقمان وأشباهه (١)». ـ انتهى ـ.

فائدة : يقال أول من مات بالسل (٢) الياس بن مضر بن نزار ، هذا وإليه يشير ابن أبي عاصية (٣) حيث يقول وهو رضيع (٤) عند معن بن زائدة (٥) :

فلو أن (داء الياس بي) (٦) وأغاثني

طبيب بأرواح العقيق (٧) شفانيا

__________________

(١) انظر بشأن الياس وما ألصق به من الاسرائيليات : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ١ / ٤٦١ ـ ٤٦٤ ، ابن قتيبة ـ المعارف ٢٤ ، ابن جرير الطبري ـ تفسير ٢ / ٣٧٤ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ١ / ٣٣٧ ـ ٣٣٩ ، القرماني ٥٤ ، القضاعي ـ تاريخ ١١٧ ـ ١١٨ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٦. وذكر عنه الفاسي باتزان ٢ / ٣٦. وأضاف قوله تعالى : ((وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)) ـ الصافات ١٢٣.

(٢) في (ب) «بالسيل». وفي (ج) «بالنبل». والاثبات من (أ) ، (د).

(٣) في (ب) ، (د) «عاصية». وفي (أ) ، (ج) «عاصمية». وهو عمرو بن عاصية السلمي ، كان وأخته من شعراء الجاهلية ، أسره بنو سهم وهم بطن من هذيل وقتلوه. انظر في مقتله ورثاء أخته له : الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني ١٢ / ١٢٦ ـ ١٣٠.

(٤) في (أ) «رضيعا». وفي (ج) «رضيع». والاثبات من (ب).

(٥) انظر عن معن بن زائدة الشيباني ـ ابن خلكان ـ وفيات الأعيان ٥ / ٢٤٤ ـ ٢٥٤.

(٦) ما بين قوسين في (ب) «ذا الياس». وهو خطأ. وحذفت همزة داء للوزن.

(٧) في (ب) «العتيق».

٣٣٤

وممن كان عظيما في بني إسماعيل معد بن عدنان ، ويقال أن بخت نصر لما أوقع بأهل الأرض أمر الله ملكين ، فاحتملا معد بن عدنان ، حتى أنزلاه بأرمينية ، حتى إذا أدبر الأمر رده الله (١) إلى تهامة (٢) ـ والله أعلم ـ.

[مضاض والسميدع]

نرجع لذكر مضاض بن عمرو ، قال ابن اسحاق (٣) :

«وجرهم وقطورا ابنا عم ، أقبلا سيارة من اليمن ، وعلى جرهم مضاض بن عمرو ، وعلى قطورا السميدع ، فنزلا مكة. وكان مضاض ينزل قعيقعان ـ وبهم سمي لأنهم كانوا أصحاب (٤) سلاح يقعقع ـ. ونزل السميدع وأصحابه بأسفل مكة بأجياد ـ وبهم تسمى المحل لكون السميدع وأصحابه كانوا أصحاب (جياد الخيل) (٥) ـ.

قلت : وطعن السهيلي (٦) في هذا التعليل. وذكر ابن هشام (٧) أن المحل انما سمي بأجياد لأن مضاض بن عمرو الجرهمي ضرب فيه أجياد مائة رجل من العمالقة ـ نقله عن ابن الضياء (٨) ، وأطال الفاسي في تعليل

__________________

(١) لم يثبتها ناسخ (ج).

(٢) انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ٣٨.

(٣) ابن هشام ـ السيرة ١ / ١١٢.

(٤) في (ج) «أهل».

(٥) ما بين قوسين في (ب) ، (ج) «أجياد وخيل». وتسمية أجياد بذلك السبب بعيد ، ذلك لأن جياد الخيل لا يقال فيها أجياد ، فأجياد جمع جيد ـ بمعنى الرقاب ـ. انظر : ابن هشام ـ السيرة هامش رقم (٧) من ١ / ١١٢.

(٦) في الروض الأنف ١ / ٨٠.

(٧) ولا يوجد عند ابن هشام ، بل وجد في هامش رقم (٧) من ١ / ١١٢.

(٨) ابن الضياء الحنفي في البحر العميق.

٣٣٥

ذلك (١).

فكان مضاض يعشر من يدخل مكة من أعلى مكة ، والسميدع يعشر من يدخل مكة (٢) من أسفلها. والقوم الذين تعشر أموالهم من العماليق (٣) ـ وكانوا ولاة مكة قبل جرهم ، فانتهكوا حرمة الحرم فجاءتهم (٤) جرهم وقطورا وأخرجتهم ، فكان إذا دخل أحد منهم بميرة عشّر.

فلما رأت قطورا ما آل إليه أمر مضاض من اجتماع بني إسماعيل (٥) عليه ومآل (٦) أمر مكة إليه ، حسدوه فبغى بعضهم على بعض فاقتتلوا بفاضح (٧) ، وهو أول قتال وقع بمكة ، فقتل السميدع ، وانحاز من بقي من قومه إلى شعب بني عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ـ وهو بأعلى مكة ـ ، فاصطلحوا على أن يملكوا مضاضا ، فتم الأمر / ٥٢ لمضاض بن عمرو. وفي ذلك يقول مضاض بن عمرو / :

ونحن قتلنا سيد الحي عنوة

فأصبح فينا (٨) وهو حيران موجع

__________________

(١) الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٥٨٨ ـ ٥٩٤.

(٢) سقطت من (ب) ، (د).

(٣) في (ب) ، (ج) ، (د) «العمالقة».

(٤) في (ب) ، (ج) «فجاءهم».

(٥) في (ج) «اسرائيل» وهو خطأ. وأضاف الناسخ في الهامش وفي نسخة أخرى «إسماعيل».

(٦) في (ب) ، (ج) «وآل».

(٧) في (ج) «بناضح». وفاضح : موضع قرب مكة عند أبي قبيس كان الناس يخرجون إليه لحاجاتهم. انظر : ابن هشام ـ السيرة ١ / ١١٢ هامش ٨ ، ياقوت ـ معجم البلدان ٤ / ٢٣١.

(٨) في أخبار مكة للأزرقي ١ / ٣٦ «فيها» وكذلك في شفاء الغرام للفاسي ١ / ٥٧٨.

٣٣٦

وما كان نبغي أن يكون خلافنا (١)

بها ملك حتى أتانا السميدع

فذاق وبالا حين حاول ملكنا

وعالج منّا غصة تتجرّع

فنحن عمرنا البيت كنّا ولاته (٢)

ندافع (٣) عنه من أتانا فندفع

وما (٤) كان يبغي أن يلي ذاك غيرنا

ولم يك حيا (٥) قبلنا ثم يمنع

وكنّا ملوكا في الدهور التي مضت

(ودمنا (٦) ملوكا لا نضام فنصرع (٧)

ثم أن جرهما نفت قطورا من مكة ، وأقامت جرهم ولاة البيت لا ينازعهم أحد من ولد إسماعيل.

[بناء جرهم]

قال ابن الضياء (٨) : «وجاء سيل فهدم البيت فبنته جرهم على بناء إبراهيم عليه‌السلام». قال الفاسي (٩) : وكان الباني له أبو الجدرة (١٠) ، فسمي بنوه الجدرة».

وفي أخبار قريش للزبير بن بكار : «ان الجادر (١١) اسمه عامر ، وهو

__________________

(١) عند الأزرقيي «سواءنا» ١ / ٣٦ ، وعند الفاسي «سوى» ١ / ٥٧٨.

(٢) في (أ) «ولاية». والاثبات من (ب) ، (ج) ، (د).

(٣) عند الأزرقي والفاسي «نحامي».

(٤) عند الفاسي «ومن».

(٥) بالأصل حي والتصويب من «د».

(٦) في (د) «وكنا».

(٧) عند الفاسي الشطر : «ورثنا ملوكا لا ترام فتوضع».

(٨) الحنفي.

(٩) شفاء الغرام ١ / ٥٨٠.

(١٠) في (ج) «الجارود». وأضاف ناسخ (ب) على الحاشية «أبو الجارود». وبنو الجدرة من جعتمة الأزد من اليمن. ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٠٤.

(١١) في (ب) «الجاردر» ، وفي (ج) «الجارود».

٣٣٧

من الأزد».

وتقدم ذكر الاختلاف (١) في بناء جرهم والعمالقة أيهما (٢) أقدم.

[بغي جرهم]

ثم إن جرهما عجبوا بأنفسهم ، وانتهكوا حرمة الكعبة (٣) الغراء ، وظلموا. فخطبهم مضاض بن عمرو وحذرهم عاقبة الظلم ، وذكرهم وخوفهم. فأبوا أن يصغوا لقوله فقالوا : «من نحذر؟!. وأي العرب تقوى علينا؟! ونحن أكثر العرب سلاحا وعدادا».

ودخل رجل منهم بامرأة في جوف الكعبة ، ففجر بها ـ والعياذ بالله تعالى ـ ويقال بل قبلها ، فمسخهما الله حجرين. واسم الرجل أساف بن نقا (٤) ، واسم المرأة نائلة بنت ذؤيب (٥). فأخرجا من الكعبة فنصب أحدهما على الصفا والآخر على المروة ، ليعتبر من رآهما فينزجر عن مثل ما فعلاه. فلم يزل الأمر يتقادم ويندرس ، حتى صار يتمسح بهما من رآهما. فلما كان عمرو بن لحي ـ الآتي ذكره ـ أمر أن يعبدا ويعظما وقال : «انهما كانا معبودين لمن قبلكم».

ولما كان زمن قصي بن كلاب حولهما ، فجعل أحدهما ملصقا

__________________

(١) في (ب) ، (ج) «الخلاف» بسقوط «ذكر». وفي (د) «ذكر الخلاف».

(٢) في (ج) «أيهم».

(٣) في (ج) «البيت». وذكر الناسخ في الهامش أن في نسخة أخرى «الكعبة». وانظر بشأن أساف ونائلة : ابن هشام ـ السيرة ١ / ٨٢ ـ ٨٣ ، النويري ـ بلوغ الأرب ٢ / ٢١٧.

(٤) في (أ) ، (د) «نفا». والاثبات من (ب) ، (ج). وعند ابن ابن هشام «أساف بن بغي».

(٥) عند ابن هشام «نائلة بنت ديك».

٣٣٨

بالكعبة ، والثاني في موضع زمزم. وكان يطرح بينهما ما يهدى إلى الكعبة ، فسمي ذلك الموضع الحطيم / ، وكان ينحر عندهما ويذبح ، / ٥٣ ولم يكن تدنو منهما امرأة طمثت (١). وفي ذلك يقول بشر بن حازم (٢) :

عليه الطير ما يدنون منه

مقامات الفوارك من أساف

وكان الطائف بالبيت يدنو من أساف أوّلا فيستلمه ، فإذا فرغ من طوافه ختم بنائلة. فكانا كذلك حتى كسرهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عام الفتح. وسيأتي بيان ذلك.

ثم أن عمرو بن مضاض لما أيس من قومه ، عمد إلى غزالين من ذهب ـ كانا في بير الكعبة ـ ودروعا وأسيافا ، وطرحها في بئر زمزم وطمها (٣) فدرست. ولم تزل مطموسة لا يعرف أحد محلها إلى زمن عبد المطلب بن هاشم على ما سيأتي بيانه.

قال الحلبي (٤) : «وتلك المدة نحو خمسمائة سنة».

ويقال أنه اقتلع الحجر الأسود ، وخبأه أسفل مكة ، واعتزلهم ومن معه من بني إسماعيل.

__________________

(١) في (د) «إلا طمثت».

(٢) الصحيح بشر بن أبي خازم ـ عمرو بن عوف الأسدي. شاعر جاهلي فحل من الشجعان. من بني أسد بن خزيمة من نجد. توفي قتيلا نحو سنة ٢٢ قبل الهجرة ، له ديوان شعر حققه عزة حسن في دمشق. انظر : ابن قتيبة ـ الشعر والشعراء ٨٦ ، الزركلي ـ الاعلام ٢ / ٥٤.

(٣) في (ج) ، (د) «وطمسها». وسقطت «فدرست» من (د).

(٤) الحلبي : علي بن برهان الدين الشافعي ، توفي سنة ١٠٤٤ ه‍ ـ له السيرة الحلبية ، انسان العيون في سيرة الأمين والمأمون ، طبع المكتبة التجارية بمصر ١٩٦٢ م. انظر : السيرة الحلبية ١ / ١١ ، نشر المكتبة الإسلامية ـ بيروت.

٣٣٩

وذكر القاضي (١) : «أن جماعة من جرهم خمسة تواعدوا أن يسرقوا ما في خزانة الكعبة من الحلي ، فقام على كل ركن من أركانها رجل ، واقتحم الخامس ، فجعل الله أسفله أعلاه ، وسقط منكوسا وهلك. وفر الأربعة. فبعث الله حية سوداء [الرأس والذنب وباقيها أبيض](٢) تحرس ذلك الكنز ، فحرسته خمسمائة سنة ، وهي التي اختطفها العقاب زمن بناء (٣) قريش كما يأتي ذلك إن شاء الله تعالى.

[ولاية خزاعة]

فسلط الله على جرهم بني بكر بن غبشان (٤) بن خزاعة ، فقاتلوهم وأخرجوهم من مكة. وفي المخرج لهم أقوال :

فقيل (٥) : عمرو بن لحي ، ولحي (٦) هو ربيعة بن حارثة (٧) بن عمرو ابن عامر على القول بأنهم من قحطان ، وقيل لحي والد (٨) عمرو بن لحي. وقيل عمرو بن (الحارث الغبشاني) (٩).

__________________

(١) ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ص ٤٠.

(٢) ما بين حاصرتين زيادة من الجامع اللطيف ص ٤٠.

(٣) سقطت من (ب) ، (ج).

(٤) في (أ) ، (ب) «بني بكر بن غيشان بن خزاعة». وفي (ج) «بني بكر بن غسان من خزاعة». وفي (د) «بني بكر بن غيشان من خزاعة». وفي السيرة لابن هشام «بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة وغبشان من خزاعة» ١ / ١١٣.

(٥) سقطت من (ب) (ج).

(٦) في (أ) ، (د) «ولحي هو». وفي (ب) ، (ج) «وهو». وانظر : فتح الباري ٧ / ٢٣٧.

(٧) في (ب) ، (ج) «الحارثه».

(٨) في (ج) «ولد».

(٩) في (ب) ، (ج) «الحرث الغساني" وهو خطأ ، وفي (د) «الحرث الفيشاني».

٣٤٠