منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ١

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ١

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتور جميل عبدالله محمد المصري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN: 9960-03-367-8
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٥٥٦

لخمسين يوما من هلاك أصحاب الفيل ، وقيل بعد ثلاثين يوما (١) ، وقيل بعد أربعين يوما ـ والله أعلم.

وقال العسكري في الأوليات (٢) : «ولد (بعد خمسين يوما من طارق الفيل ، قدم الفيل مكة يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم ، وولد (لثمان خلون من ربيع الأول» ـ انتهى والله أعلم.

وهل ولد ليلا أو نهارا؟ : اختلاف ، ويوفق بأنه كان قبل الفجر ، على ما ذكره العلامة ابن حجر المكي (٣).

[رضاعه صلى‌الله‌عليه‌وسلم]

وأرضعته صلى‌الله‌عليه‌وسلم حليمة ابنة ذؤيب السعدية ، وفي انقضاء السنة فصلته ، وقدمت به مكة على أمه ، وسألتها أن تبقيه عندها ، لما رأت من بركته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأذنت لها أن تبقيه عندها (٤) ، فرجعت به.

__________________

(١) في (أ) ، (د) «عاما». وهو خطأ. والعبارة مضطربة في (ب) ، والاثبات من (ج). وانظر عن مولده صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٥٨ ، ابن خياط ـ تاريخ خليفة ص ٢٢ ، ابن سيد الناس ـ عيون الأثر ١ / ٢١ ـ ٢٧ ، ابن سعد ـ الطبقات ١ / ٦٢ ، القضاعي ـ تاريخ ١٧٦ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ٢ / ٢٦١ ، الفاسي ، العقد الثمين ١ / ٢٢٠ ، المسعودي ـ مروج الذهب ٢ / ٢٨٠ ، ابن القيم الجوزيه ـ زاد المعاد في هدي خير العباد ١ / ٣٢.

(٢) الأوائل للعسكري ص ٢٧.

(٣) أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي المكي شهاب الدين. توفي سنة ٩٧٤ ه‍ ، وكتابه : تحفة الأخبار في مولد المختار ، أو مولد النبي (شرحه أحمد عبد الغني بن عابدين ، مخطوط بالظاهرية ، انظر : الحبيب الهيلة ـ التاريخ والمؤرخون ص ٢٢١.

(٤) سقطت من (ج).

٤٤١

[حادثة شق الصدر]

وفي أثناء هذه [المدة في السنة الثالثة](١) ، وقيل في الرابعة أتاه ملكان ، فأخذاه صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بين الصبيان ، فشقا صدره صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى آخر القصة (٢). فجاءت أخته من الرضاعة (٣) تعدو إلى أمها حليمة ، فأخبرتها بأخذ الرجلين لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرجت حليمة تشتد (٤) في أثره ، فرأته صلى‌الله‌عليه‌وسلم راجعا ، فضمّته إليها وسألته ، فأخبرها بما صنع به الملكان ، فخافت عليه ، فردته إلى أمه في [السنة](٥) الخامسة ، أو في مستهل السادسة. فكفله جده عبد المطلب.

[وفاة آمنة]

فلما بلغ ست سنين توفيت أمه السيدة آمنة بنت وهب بموضع يقال له الأبواء (٦) ـ بين مكة والمدينة ـ وهي قافلة من عند أخواله من بني النجار. واستمرّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالأبواء حتى جاء الخبر مكة ، فخرجت إليه (٧) أم أيمن مولاة أبيه ، فأتت به. وكان عمر أمه (٨) آمنة لما توفيت ثمانية عشر

__________________

(١) في (أ) ، (د) «السنة» والاثبات من (ب) ، (ج).

(٢) انظر حادثة شق الصدر هذه عند ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٦٦.

(٣) وهي الشيماء جداعة بنت الحارث. انظر : ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٦١ ، ابن سعد ـ الطبقات ١ / ٦٣.

(٤) في (د) «تشد» وذكر الناسخ في الهامش لعلها «تشتد».

(٥) زيادة من (ج).

(٦) انظر : ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٦٨ ، ابن سعد ـ الطبقات ١ / ٧٣ ، البيهقي ـ دلائل النبوة ١ / ١٨٨ ، القضاعي ـ تاريخ ١٧٨.

(٧) سقطت من (ب) ، (ج).

(٨) سقطت من (ج).

٤٤٢

سنة ـ قال العلائي (١) في مولده. وفي رواية أنها دفنت بالحجون ، وفي أخرى أنها دفنت بمكة في دار رايغة ـ والله أعلم ـ.

قلت لم أر في تواريخ مكة ذكر دار رايغة ، ثم رأيت في المواهب (٢) ، قيل أنها ماتت بالأبواء ، وقيل بشعب أبي ذؤيب (٣) بالحجون. وفي القاموس (٤) : «ودار رايغة بمكة ، فيها مدفن آمنة أم / النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم» ـ انتهى بلفظه والله أعلم.

[وفاة عبد المطلب ، وكفالة أبي طالب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم]

ولما بلغ عمره صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثماني سنين توفي جده عبد المطلب ، ودفن بالحجون ـ ذكره الفاسي (٥). فقام مقامه في السقاية العباس بن عبد المطلب ، وأوصى عبد المطلب ابنه أبا طالب بحفظه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم لكونه شقيق أبيه. فبقي يحفظه عنده. وكان معتنيا به صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسافر به إلى الشام وعمره تسع سنين ، وقيل في الثانية عشر ، أو الثالثة عشر من عمره ، وظهرت (٦) المعجزات في ذلك السفر. وحضر به حرب الفجار ، فكانت الغلبة لقريش ببركته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان عمره عشرين سنة.

__________________

(١) العلائي : خليل بن كيكلدي المتوفي سنة ٧٦١ ه‍.

(٢) المواهب المكية لعمر بن أحمد بن علي الشماخ الحلبي الشافعي زين الدين أبو حفص. المتوفي سنة ٩٣٦ ه‍.

(٣) في (أ) ، (د) «دبّ». والاثبات من (ب) ، (ج).

(٤) لا يوجد ذلك في مادة راغ / الفيروزآبادي ـ القاموس المحيط ٣ / ١١٠. ووجدتها في دار رابعة بمكة فيه مدفن آمنة أم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ مادة روع ٣ / ٣٣.

(٥) العقد الثمين. وانظر : السيرة الحلبية ١١٣.

(٦) في (ب) ، (د) «وظهرت له». وفي (ج) «وكان قد ظهر له».

٤٤٣

[حرب الفجار]

وملخص حرب الفجار (١) : أنها حرب كانت بين قريش ومن معها من كنانة ، وبين قيس عيلان. وكان الذي هاجها أن عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن أجار (٢) لطيمة للنعمان بن المنذر ملك الحيرة. فقال له البراض بن قيس (وأحد بني ضمرة) (٣) بن بكر بن عبد مناة بن كنانة : «أتجيزها على كنانة؟!». قال : «نعم ، وعلى الخلق كلهم».

فخرج عروة الرحال ، وخرج البراض يطلب غفلته ، حتى إذا كان بتيمن (٤) ذي ظلال بالعالية (٥) ، غفل عروة ، فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام ، فلذلك سمي الفجار. وقال البراض في ذلك شعرا (٦) :

(وداهية تهم الناس قبلي) (٧)

(شددت لها) (٨) بني بكر ضلوعي

__________________

(١) عن حرب الفجار انظر : ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٨٤ ـ ١٨٧ ، ابن عبد ربه ـ العقد الفريد ٦ / ١٠٣ ـ ١٠٩ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ١ / ٣٥٩ ـ ٣٦٣.

(٢) في (ب) «أجاز».

(٣) في (ب) «ابن أحمد بن». وفي (د) «وأحمد بن" وهو خطأ.

(٤) في (د) «بيمين ذي طلال». وتيمن ذي ظلال : واد إلى جنب فدك في قول بعضهم ، والصحيح أنها بعالية نجد. انظر : ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٢ / ٦٨ ، وذكر ابن الأثير أن الحادثة بنواحي فدك ـ الكامل في التاريخ ١ / ٣٦.

(٥) أي عالية نجد. وهي أقرب الى الصواب مما ذكره ابن الأثير ، حيث طريق الحيرة.

(٦) سقطت من (ج) ، وسقط الشعر من (د) ولعله في أحد الحواشي المطموسة. وانظر : هذا الشعر في السيرة لابن هشام ١ / ١٨٥ ، ابن عبد ربه ـ العقد الفريد ٦ / ١٠٤. والشعر من البحر الوافر.

(٧) هذا الشطر في العقد الفريد : «وداهية يهال الناس منها».

(٨) في (ج) «شدتت بها». والشعر كله في (أ) جاء في الحاشية وتتعذر قراءته.

٤٤٤

هدمت (١) بها بيوت بني كلاب

وأرضعت الموالي بالقروع (٢)

رفعت له بذي ظلال (٣) كفّي

فخرّ يميد كالجذع الصريع

وقال لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب (٤) :

أبلغ إن عرضت بني كلاب

وعامر والخطوب لها قوال

وبلغ إن عرضت بني نمير

وأخوال القبيل (٥) بني هلال

بأن الوافد الرحال أمسى

مقيم عند تيمن ذي ظلال (٦)

فأتى أت قريشا ، وأخبرها أن البراض قد (٧) قتل عروة ، وهم (٨) في الشهر الحرام بعكاظ ، فارتحلوا وهوازن لا تشعر ، ثم بلغهم الخبر ، فتبعوهم فأدركوهم قبل أن يدخلوا الحرم ، فاقتتلوا حتى دخل (٩) الليل ، ودخلوا الحرم ، فأمسكت عنهم هوازن ، ثم التقوا بعد ذلك أياما ، وعلى كل قبيلة من قريش رئيس منهم ، وعلى كل قبيلة من قيس كذلك (١٠).

__________________

ـ وفي (ب) في الهامش الأيسر ، وتصعب قراءته. فالتصحيح من العقد الفريد ، وابن هشام.

(١) في العقد الفريد «هتكت».

(٢) في العقد الفريد والسيرة لابن هشام «بالضروع».

(٣) في السيرة لابن هشام «بذي طلال» والبيت في العقد الفريد :

«جمعت له يدّي بنصل سيف

أفلّ فخرّ كالجذع الصريع»

 (٤) انظر هذه الأبيات كلها أو بعضها في : ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٨٦ ، ياقوت ـ معجم البلدان ٢ / ٦٨.

(٥) عند ابن هشام «القتيل».

(٦) عند ابن هشام «ذي طلال».

(٧) زائدة من (ج).

(٨) في (أ) ، (د) «وهو». والاثبات من (ب) ، (ج).

(٩) في (أ) ، (د) «جاء». والاثبات من (ب) ، (ج).

(١٠) انظر أسماء هؤلاء الرؤساء في : ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ١ / ٣٦٢.

٤٤٥

فشهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعض هذه الأيام مع عمه أبي طالب ، وكان قائد قريش حرب بن أمية بن عبد شمس ، وهي خمسة أيام ، وقيل ستة أيام في أربع سنين.

وكان آخر أمرهم أن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، خرج في آخر الوقعات مع حرب بن أمية ـ وكان في حجره ـ فمنعه من الخروج لما رآه ، وقال : «ما أتى بك؟!». فاقتاد راحلته ، وتقدم من أول الناس ، فلم يدر به حرب إلا وهو في العسكر.

قال حكيم بن حزام (١) : «فنزلنا بعكاظ ، ونزلت هوازن بجمع كثير ، فلما أصبحنا ركب عتبة جملا ، ثم صاح في الناس : يا معشر مضر!! علام تقتّلون (٢) بينكم؟ ـ هلموا إلى الصلح. فقالت هوازن : وماذا تعرض؟!. قال : أعرض على أن أعطي دية من أصيب. قالوا : ومن أنت؟!. قال : عتبة بن ربيعة بن عبد شمس /. قالوا : قد قبلنا.

فاصطلح الناس ، ورضوا بما قال عتبة ، وأعطوهم أربعين رجلا رهاين من فتيان قريش وكنت فيهم. فلما رأت بنو عامر أن الرهن صار في أيديهم ، رغبوا في العفو ، فأطلقوهم».

قال الزبير (٣) : «سمعت عبد الرحمن بن عبد الله يقول : لم يسد مملق قطّ إلا عتبة بن ربيعة ، وأبو طالب ، فإنهما سادا بغير مال» ـ انتهى.

فهذا اللطف الذي حصل ، إنما هو ببركته صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) سبقت ترجمته رضي‌الله‌عنه. وانظر : مسند الإمام أحمد ٤٠١ ـ ٤٠٣ / مسند حكيم بن حزام ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٤ ـ ٥١.

(٢) في (أ) ، (د) «تقاتلون». والاثبات من (ب) ، (ج).

(٣) أي الزبير بن بكار.

٤٤٦

فائدة [في حكام قريش وقصة عثمان بن الحويرث]

كان في قريش رؤوسا كبارا ـ ويقال لهم الحكام ـ منهم (١) : الحارث (٢) بن عبيد بن عمرو بن مخزوم ، وهاشم بن عبد المطلب ، والزبير وأبو طالب ابنا عبد المطلب ، وحرب بن أمية ، وأبو سفيان ، والعلاء بن حارثة الثقفي حليف بني زهرة ، والوليد بن المغيرة ، وقريش بن عدي بن سهم ، ونفيل بن عبد العزى بن رتاح (٣).

ولم يكن أحد من هؤلاء متملكا (٤) على بقية قريش ، وإنما ذلك بتراضي قريش عليه.

وذكر الفاسي (٥) عن الزبير بن بكار وبسنده إلى عروة بن الزبير قال :

«خرج عثمان بن الحويرث ، وكان يطمع أن يملك قريشا ، وكان من أظرف قريش وأعقلها ، فسار حتى وفد على قيصر ، وقد رأى موضع حاجة قريش إليه ، وتجارتهم إلى بلاده ، فذكر له مكة ورغّبه فيها ، وقال له : تكون زيادة في ملكك كما ملك كسرى صنعاء. فملكه عليهم ،

__________________

(١) ذكر اليعقوبي منهم : عبد المطلب ، وحرب بن أمية ، والزبير بن عبد المطلب ، وعبد الله بن جدعان ، والوليد بن المغيرة المخزومي. تاريخ اليعقوبي ١ / ٢٥٨.

(٢) في (ب) ، (ج) ، (د) «الحرث».

(٣) في (ب) ، (ج) «تارح».

(٤) في (ج) «مملكا».

(٥) في شفاء الغرام ٢ / ١٧١ ـ ١٧٢ ، وانظر : الزبيري ـ نسب قريش تحقيق ليفي بروفنسال ـ والخبر فيه مختصر ص ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، وابن كثير ـ البداية والنهاية ٢ / ٢٤٣. وأما ابن هشام فذكر : «وأما عثمان بن الحويرث فقدم على قيصر ملك الروم ، فتنصر وحسنت منزلته عنده. ولعثمان بن الحويرث عند قيصر حديث منعني من ذكره ما ذكرت في حديث حرب الفجار». السيرة ١ / ٢٢٤.

٤٤٧

وكتب معه إليهم كتابا.

فلما قدم على قريش قال : يا قوم ، إن قيصر من قد علمتم أمانكم (١) ببلده ، وما تصيبون من التجارة في كنفه ، وقد ملكني عليكم ، وإنما أنا ابن عمكم وأخوكم (٢) وأحدكم ، وإنما آخذ منكم (الجراب من القرظ) (٣) ، والعكة من السمن والإهاب ، فأجمع ذلك ، ثم أبعث به إليه ، وإنما أخاف إن أبيتم ذلك أن يمنع منكم الشام فلا تتجروا به ، ويقطع مرفقكم منه (٤).

فلما قال لهم ذلك ، خافوا قيصر ، وأخذ بقلوبهم ما ذكر من متجرهم ، فأجمعوا أن يعقدوا على رأسه التاج عشية. وفارقوه على ذلك. فلما طافوا عشية بعث الله [إليه](٥) ابن عمه [أبا](٦) زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد ، فصاح على أحفل (ما كان) (٧) قريش في الطواف ، فقال : عباد الله ، ملك بتهامة؟!. وفي رواية : إن قريشا لقاح لا تملك (فانحاسوا انحياسة) (٨) حمر الوحش ، فقالوا : صدقت واللات

__________________

(١) في شفاء الغرام «أموالكم» ٢ / ١٧١.

(٢) سقطت من (ب).

(٣) في (أ) ، (د) «القرض». وفي (ب) «الجواب من الغرض». والاثبات من (ج) مع أنه ذكر الناسخ في الهامش أن في نسخة أخرى «حكمت الجواب القرض» وهي عبارة غير واضحة.

(٤) هكذا في (أ) ، وفي شفاء الغرام ٢ / ١٧١ ، وأما في بقية النسخ «موقفكم به».

(٥) زيادة من (د). وفي شفاء الغرام للفاسي ٢ / ١٧١ «عليه». وفي (ب) «له».

(٦) زيادة من شفاء الغرام للفاسي ٢ / ١٧١.

(٧) في (أ) ، (د) «مكان». والاثبات من (ب) ، (ج). وفي شفاء الغرام «ما كانت» ٢ / ١٧١.

(٨) ما بين قوسين في (ج) «فانخاسوا انحياز». وفي شفاء الغرام : «فانحاشوا انحياش».

٤٤٨

والعزى ، ما كان بتهامة ملك قط.

فانتقضت قريش عما كانت قالت له. ولحق / بقيصر ليعلمه ، فسأل [تجار](١) قريش عمرو بن جفنة الغساني ـ وكان بالشام ـ أن يفسد على عثمان عند قيصر. فسأل عمرو بن جفنة ذلك (٢) من ترجمان قيصر ، فأخبر الترجمان قيصر لما (٣) حضر عثمان أنه يشتم الملك ، فأمر قيصر بإخراج عثمان من مجلسه.

فتجسس عثمان حتى وقع على الخبر ، فدخل على قيصر ، واعتذر له ، وأخبره أن الترجمان كذب عليه. فكتب له إلى عمرو بن جفنة أن يحبس (٤) لعثمان من كان (٥) بالشام من قريش.

فلما جاء عثمان بالكتاب إلى عمرو ، فعل ذلك ، ثم سم عثمان فمات لوقته ، وأطلق من حبس من قريش».

ـ انتهى ملخصا من الفاسي (٦) ـ.

[زواجه (بخديجة بنت خويلد رضي‌الله‌عنها]

فلما بلغ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من العمر خمسا وعشرين سنة ، وقيل إحدى وعشرين ، (وقيل اثني (٧) وعشرين) [وقيل ثلاثين](٨) ، تزوج بأم

__________________

(١) إضافة من شفاء الغرام للفاسي يقتضيها السياق ٢ / ١٧٢.

(٢) سقطت من (ب) ، (ج). وفي شفاء الغرام" في ذلك" ٢ / ١٧٢.

(٣) سقطت من (ب) ، (ج).

(٤) في (ج) «يجلس».

(٥) سقطت من (ب) ، (ج). وجاء في شفاء الغرام للفاسي : «أن يحبس لعثمان من أراد حبسه من تجار قريش بالشام». ٢ / ١٧٢.

(٦) الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ١٧٢.

(٧) سقطت من (ب) «اثني وعشرين».

(٨) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

٤٤٩

المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي‌الله‌عنها ولها (من العمر أربعون سنة) (١) ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت ، ودفنت بالحجون عن خمس وستين سنة ، وبقيت عنده قبل الوحي خمسة عشر سنة ، وبعده إلى ما قبل الهجرة بثلاث سنين. وتوفيت وله من العمر صلى‌الله‌عليه‌وسلم سبع وأربعون سنة وثمانية أشهر.

فلما بلغ خمسا وثلاثين سنة ولدت له (٢) فاطمة رضي‌الله‌عنها ـ على الأشهر ـ ، وقيل لما بلغ خمسا وعشرين.

[حلف الفضول]

وفي هذه السنة كان حلف الفضول (٣) ، وحضره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وملخصه :

«أن رجلا من زبيد (٤) وفد معتمرا ومعه تجارة ، فاشتراها رجل من

__________________

(١) كتب السنجارري ما بين قوسين : «ثمانية وعشرون سنة» ثم شطبها واستعاض عنها بما أثبتناه. والاختلاف في سنها كثير. انظر : ابن القيم ـ زاد المعاد ١ / ١٨ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ٢ / ٢٩٣ ، المواهب اللدنية ١ / ٨١ ، ابن سيد الناس ـ عيون الأثر ٤٩ ـ ٥٠ ، وقد رجح ابن كثير أن عمرها رضي‌الله‌عنها حين تزوجها صلى‌الله‌عليه‌وسلم خمسا وعشرين سنة.

(٢) سقطت من (ج).

(٣) انظر بشأن حلف الفضول : ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٣٣ ـ ١٣٥ ، المسعودي ـ مروج الذهب ٢ / ٢٧٦ ـ ٢٧٧ ، السهيلي ـ الروض الأنف ١ / ٩٠ ـ ٩٣ ـ طبعة ملتان ـ باكستان ، حيث ما أثبته السنجاري من الروض الأنف. ابن كثير ـ البداية والنهاية ٢ / ٢٩١.

(٤) زبيد : قبيلة قحطانية من بني صعب بن سعد بن العشيرة. واسم زبيد منيّة. انظر : أحمد الأشعري القرطبي ـ التعريف في الأنساب ص ٢١٢.

٤٥٠

بني سهم (١) ، فلواه ، ثم تغيب ، فابتغى الزبيدي متاعه فلم يقدر عليه ، فجاء إلى بني سهم ليستعديهم (٢) عليه ، فأغلظوا عليه. فعرف أن لا سبيل إلى ماله ، فطاف في قبائل قريش (يستعين بهم ، فتخاذلت القبائل عنه ، فطلع جبل أبي قبيس حين أخذت قريش مجالسها ، وجعل) (٣) يقول :

يا آل فهر لمظلوم بضاعته (٤)

ما بين (٥) مكة نائي الأهل والوطر

ومحرم شعث لم يقض عمرته

يا آل فهر وبين الحجر والحجر

هل مخفر بني سهم بخفرتهم (٦)

فعادل أم ضلال مال معتمر

فلما نزل ، أعظمت قريش ذلك ، فتكلموا فيه ، فاجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان ، وصنع لهم طعاما كثيرا يومئذ ، وحضرهم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاجتمعت بنو هاشم وأسد وزهرة ، وتيم ، وكان الذي تعاقدوا عليه وتحالفوا : أن لا يظلم بمكة غريب ولا قريب ، ولا حر ولا عبد ، إلا كانوا معه حتى يأخذوا له بحقه ، ويؤدوا إليه مظلمته من أنفسهم ومن (٧) غيرهم. ثم عمدوا إلى ماء زمزم / فجعلوه في جفنة ، ثم بعثوا به إلى (٨) الكعبة ، فغسلت فيه أركانها ، ثم أتوا به فشربوه.

__________________

(١) هو العاص بن وائل السهمي كما ذكر في آخر الخبر. وانظر : عمر بن فهد ـ اتحاف الورى بأخبار أم القرى ١ / ١١٩.

(٢) في (د) «يستعز بهم».

(٣) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج). وانظر : المسعودي ـ مروج الذهب ٢ / ٢٧٧ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ٢ / ٢٩١. والشعر من البحر البسيط.

(٤) في (ب) ، (ج) «بضاعة».

(٥) في البداية والنهاية ، ومروج الذهب ، والسيرة الحلبية ١ / ٢١٥ «ببطن».

(٦) في (ب) ، (ج) «بخفرته».

(٧) سقطت من (ب) ، وفي (ج) «أو».

(٨) سقطت من (ب) ، (ج).

٤٥١

ثم انطلق القوم إلى العاص بن وائل ، وكان هو الذي أخذ مال الزبيدي ، وقالوا له : لا نفارقك حتى تؤدي إليه حقه. فأعطى الرجل حقه. فمكثوا كذلك لا يظلم أحد بمكة إلا أخذوا له.

وقيل : كان سبب هذا الحلف غير ما ذكرنا ، فذكر الزبير (١) أن قيسا السلمي (٢) ، باع متاعا من أبيّ بن خلف (٣) فلواه ، فقال قيس :

آل قصي كيف هذا بالحرم

وحرمة البيت وأخلاف الكرم

أظلم لا يمنع مني من ظلم؟

فبلغ الخبر العباس بن مرداس (٤) فقال :

إن كان جارك لا تنفعك ذمته

وقد شربت بكأس الذل أنفاسا

فأت (٥) البيوت وكن من أهلها جددا (٦)

لا يلق ناديهم فحشا ولا بأسا

وثم كن بفناء البيت معتصما

تلق ابن حرب وتلق المرء عباسا

__________________

(١) أي الزبير بن بكار.

(٢) في الأصل" الأسلمي». والاثبات من شفاء الغرام ٢ / ١٦٠. هو قيس بن نشبة ، عم العباس بن مرداس السلمي أو ابن عمه. انظر : ابن حجر ـ الاصابة في تمييز الصحابة ٣ / ٢٦٠ رقم ٧٢٤٢ وفيه هذا الخبر.

(٣) أبي بن خلف بن وهب بن حذافة الجمحي القرشي من الذين آذوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مكة. وقتل على يديه في غزوة أحد. انظر : ابن هشام ـ السيرة ١ / ٣٦١ ـ ٣٦٢ ، ٣٩٥ و ٢ / ٨٤.

(٤) العباس بن مرداس السلمي أبو الفضل أسلم قبل فتح مكة بسنتين وكان من المؤلفة قلوبهم كما كان ممن حسن اسلامه منهم. وكان شاعرا محسنا شجاعا ممن حرم الخمر في الجاهلية. انظر خبر اسلامه في السيرة ٢ / ٤٢٧ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ / ٢٥٩ ، وانظر أبياته هذه في الفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ١٠٦ مع اختلاف.

(٥) في (ج) «فإن». وهو خطأ.

(٦) في (ب) «صدوا». وفي (ج) «صددا" كما في شفاء الغرام. وذكر الناسخ أن في نسخة أخرى" جددا».

٤٥٢

ساق الحجيج وهذا ياسر فلج

والمجد يورث أخماسا وأسداسا

فقام العباس وأبو سفيان حتى ردّا عليه حقّه (١). واجتمعت بطون قريش فتحالفوا على رد الظلم (٢).

وذكر الزبير (٣) ان سبب حلف الفضول غير ما سبق (٤) ، وأن سببه : أن رجلا من خثعم (٥) قدم مكة تاجرا ، ومعه ابنة له يقال لها قبول ، أضوأ نساء العالمين ، فعلقها نبيه (٦) بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سهم ، فلم يبرح حتى نقلها إليه ، وغلب أباها عليها ، فكان حلف الفضول. فأتى القوم نبيها وقالوا له : أخرج ابنة الرجل. فأخرجها إليهم ، فأعطوها أباها. ففي ذلك يقول نبيه :

راح صحبي ولم أحيّ القبولا

لم أودعهم وداعا جميلا

قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٧) :

__________________

(١) سقطت من (ب) ، (ج).

(٢) في (ب) «درء الظلم». وفي (ج) «رد المظالم». وذكر الناسخ أن في نسخة أخرى" درء الظلم».

(٣) أي الزبير بن بكار. انظر هذا الخبر عند السهيلي ـ الروض الأنف ـ طبع باكستان ١ / ٩١ ـ ٩٢ ، والفاسي ـ شفاء الغرام ٢ / ١٦٢.

(٤) في (ب) ، (ج) «ذكر».

(٥) خثعم من قبائل اليمن. انظر : أحمد الأشعري القرطبي ـ التعريف في الأنساب ١٨٧.

(٦) ونبيه بن الحجاج هذا وأخوه منبه ممن وقف في وجه الدعوة الإسلامية وآذى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ولقي مصرعه وأخوه يوم بدر سنة ٢ ه‍. انظر : ابن هشام ـ السيرة ١ / ٧١٣.

(٧) الحديث في السيرة لابن هشام ١ / ١٣٤ : «لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت». وقد ـ امتدحه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأنه تحالف على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم ورد الفضول على أهلها.

٤٥٣

«لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان من حلف الفضول ، ما لو دعيت إليه اليوم لأجبت. وما أحب أن لي به حمر النعم وإني نقضته».

[بناء قريش للكعبة المشرفة]

وفي هذه السنة أجمعت (١) قريش على بناء الكعبة : (وكانت هذه المدة كلها على بناء قصي بن كلاب ، وسبب ذلك أن امرأة بخرت الكعبة) (٢) فاحترق ثوب الكعبة وأكثر أخشابها ، ثم عقب ذلك سيل [كبير](٣) أوهن البناء وشقق الجدران. فعزمت قريش على تجديد البناء ورفع الباب (٤) حتى لا يدخلها (٥) إلا قريش.

فقدر الله تعالى أن رمى البحر بسفينة (إلى ساحل مكة) (٦) لتاجر رومي اسمه باقوم (٧) ، فخرج الوليد بن المغيرة يبتاع الخشب ، وأخبر باقوم بقصدهم. فأخبره باقوم بأنه نجار بناء ، فاشترى الخشب ، وطلع باقوم معه (قاصدا مكة لبناء الكعبة) (٨).

__________________

(١) في (ج) «اجتمعت». وانظر : بشأن البناء ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٩٢ ـ ١٩٩.

(٢) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(٣) زيادة من (ج).

(٤) في (ج) «باب البيت». وذكر الناسخ أن في نسخة أخرى" البيت».

(٥) في (ج) «يدخله».

(٦) ما بين قوسين سقط من (د).

(٧) قال الأموي (يحيى بن سعيد): «كانت هذه السفينة لقيصر ملك الروم ، تحمل آلات البناء من الرخام والخشب والحديد ، سرحها قيصر مع باقوم الرومي الى الكنيسة التي أحرقها الفرس للحبشة». انظر : ابن كثير ـ البداية والنهاية ٢ / ٣٠١.

(٨) ما بين قوسين في (ج) «الى مكة قاصدا البناء للكعبة».

٤٥٤

قلت (١) : وفي المواهب (٢) أن باقوم هذا كان من القبط وأنه مولى لسعيد بن العاص (٣)».

فلما أرادوا الشروع في الهدم ، خرجت لهم حية سوداء ، لها رأس كرأس العنز من بئر الكعبة ، تكشّ في وجه كل من دنا. فقالوا : «إنها مانعة حافظة». وكفّوا عن قصدهم.

فقيض الله عقابا ، فاختطف تلك الحية ، وذهب بها إلى الجو وهم ينظرون ، ففرحوا بذلك. وقالت قريش : «قد رضي ربنا بما أردنا» (٤). وفي ذلك يقول الزبير بن عبد المطلب (٥) :

عجبت لما تصوبت العقاب

إلى الثعبان وهي لها اضطراب

وقد كانت يكون لها كشيشا

وأحيانا يكون لها وثاب

إذا قمنا إلى التشييد شدت

تهيبنا البناء وقد تهاب

فلما أن خشينا الزجر جاءت

عقاب تتلأب لها أنصباب

فضمّتها إليها ثم خلّت

لنا البنيان ليس له حجاب

فقمنا حاشدين إلى بناء

لنا منه القواعد والتراب

فبوأنا المليك بذاك عزا

وعند الله يلتمس الثواب

فتقدم عايذ بن عمران ـ كذا قال القطب الحنفي (٦) ـ وقال ابن

__________________

(١) أي السنجاري المؤلف.

(٢) المواهب اللدنية. وانظر في ذلك : السيرة الحلبية ـ انسان العيون ١ / ١٤٣.

(٣) سعيد بن العاص الأموي الأمير.

(٤) السيرة الحلبية ١ / ١٤٣.

(٥) الزبير بن عبد المطلب بن هاشم. انظر : ابن هشام ـ السيرة النبوية ١ / ١٩٤.

(٦) القطب الحنفي في كتابه الاعلام بأعلام بيت الله الحرام ص ٨٣.

٤٥٥

هشام (١) : وهب بن عمران بن عائذ بن عمران المخزومي ، وقال الثعالبي في قصص الأنبياء (٢) ـ عليهم‌السلام ـ أبو وهب بن عمرو بن عمير بن عائذ بن عمرو بن مخزوم ـ والله تعالى أعلم ـ فاقتلع حجرا ، ففر من يده إلى محله ، فقال :

«يا معشر قريش ، لا تدخلوا فيها من أموالكم إلا حلالا».

فتقدم الوليد بن المغيرة فهدم وهو يقول : «اللهم لا نرع (٣) ، اللهم لا نريد إلا خيرا». فهدم ، وهدم الناس بعده.

وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينقل معهم الحجارة حتى انتهوا (٤) إلى الأساس ، فاقتسموا البيت ، فكان جهة الباب لبني زهرة وبني عبد مناف ، وما بين الحجر الأسود والركن اليماني لبني مخزوم / وما انضم إليها من قريش ، وخلف البيت لبني جمح وبني سهم ، وشق الحجر لبني عبد الدار وبني أسد.

فلما بلغوا إلى موضع الحجر الأسود اختصموا (٥) ، كل قبيلة تريد أن ترفعه ، حتى كادت أن تقوم بينهم الحرب ، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملؤة دما ، ثم تعاهدوا هم وبنو عدي على الموت ، وأدخلوا أيديهم في الدم أنهم لا يدعون أحدا يرفعه ، فسموا من ذلك لعقة الدم (٦). فقال لهم

__________________

(١) في السيرة لابن هشام ١ / ١٩٤ ، وفي البداية لابن كثير ٢ / ٣٠١" أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم».

(٢) قصص الأنبياء للثعالبي ، المسمى عرائس المجالس ص ٨٩.

(٣) في (ب) مهملة النقط. وفي (ج) «ترع». وعند ابن هشام «نزغ». والاثبات من (أ) ، (د).

(٤) في (ج) «انتهت».

(٥) في (ج) «واختصموا». انظر : أبو نعيم الأصبهاني ـ دلائل النبوة ١ / ١٧٥ ـ ١٧٧.

(٦) انظر : ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٩٧.

٤٥٦

أمية بن المغيرة (١) ـ وكان شريفا مطاعا فيهم ـ :

«اجعلوا الحكم بينكم أول داخل (٢) من باب الصفا». فرضوا بذلك.

فكان أول داخل محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : «هذا الأمين رضينا به» ـ وكان يدعى بذلك (٣) عندهم.

فلما أقبل قاموا إليه ، وقصوا عليه القصة فقال : «ائتوني بثوب». فأتوه به. فوضع الحجر فيه بيده [الشريفة](٤) وقال :

«لتأخذ كل قبيلة بطرف من الثوب».

فرفعوه حتى حاذى (٥) موضعه ، فأخذه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيده الشريفة ، فوضعه في محله.

وفي ذلك يقول هبيرة بن وهب (٦) :

تشاجرت الأحياء في عضل حطّه

جرت طيرهم بالنحس من بعد أسعد

تلاقوا بها البغضاء (٧) بعد مودة

وأوقد نارا بينهم شرّ موقد

فلما رأينا الأمر قد جدّ جدّه

ولم يبق شيء غير سلّ المهند

__________________

(١) في تاريخ ابن جرير الطبري ٢ / ٣٧٦ ، وأخبار مكة للأزرقي ١ / ١٠٩ ، والبداية والنهاية لابن كثير : «أبو أمية بن المغيرة».

(٢) في (ج) «من يدخل».

(٣) في (ج) «كذلك». وانظر في ذلك : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٢ / ٣٧٦ ، الصفدي ـ الوافي بالوفيات ١ / ٥٨.

(٤) من (ب) ، (ج) ، (د).

(٥) في (ب) ، (ج) «حاذوا».

(٦) في الروض الأنف : «هبيرة بن أبي وهب المخزومي».

(٧) ذكر ناسخ (ج) أن في نسخة أخرى «بالبغض».

٤٥٧

رضينا وقلنا العدل أول طالع

يجيء من البطحاء من غير موعد

(فقد جاءنا) (١) هذا الأمين محمد

فقلنا رضينا بالأمين محمد

بخير قريش كلها أمس شيمة

وفي اليوم مهما (٢) يحدث الله في غد

فجاء بأمر لم ير الناس مثله

أعم وأرضى في العواقب واليد

أخذنا بأطراف الرداء وكلنا

له حقه (٣) من رفعه قبضة اليد

وقال ارفعوا حتى إذا ما علت به

أكفهم وافى به خير مسند

وكل رضينا فعله وصنيعه

فأعظم به من رأي هاد ومهتدي

وتلك يد منه علينا عظيمة

نروح بها مد (٤) الزمان ونغتدي

فائدة :

قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي (٥) في شرح منظومة السير بعد ذكر هذه القصة : «وفعله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما فعله ، من وضعه الحجر في الرداء ـ إلى آخر ما نصه ـ ، قال في الزهر الباسم (٦) : ان ذلك كان يوم الاثنين (٧) «ـ انتهى.

قلت : ولم أقف على بناء قريش لها في أي شهر كان ـ والله أعلم.

__________________

(١) ذكر ناسخ (ج) أن في نسخة أخرى «ففاجأنا».

(٢) ذكر ناسخ (ج) أن في نسخة أخرى «مع ما».

(٣) في (ج) «حق». وذكر الناسخ في نسخة أخرى : «له حصة من رفعها قبضة اليد».

(٤) في (ج) «مدى». وفي (د) «مرّ».

(٥) عبد الرؤوف المناوي : أحد علماء مكة ووعاظها. انظر : مرداد أبو الخير ـ المختصر من نشر النور والزهر ص ٣٢١.

(٦) الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم عليه الصلاة والسلام لابن قلج البكجري الحنفي أبو عبد الله علاء الدين. توفي سنة ٧٦٢ ه‍ (مخطوط).

(٧) في (ب) «اثنين».

٤٥٨

فأتموا البناء ، وجعلوا ارتفاعها عشرين ذراعا ، ويروى ثمانية عشر ذراعا (١) ، ونقصوا من عرضها أذرعا (٢) من جهة الحجر ـ بسكون الجيم ، ورفعوا باب الكعبة ، وجعلوا في جوفها ثلاث دعائم (٣) ، وفي الركن الشامي درجة يصعد منها إلى السطح (٤).

فائدة [فيمن ولد في جوف الكعبة]

قال في كتاب الاهتمام بجملة الأحكام في ترجمة حكيم بن حزام (٥) رضي‌الله‌عنه : «أنه ولد في جوف الكعبة ، وذلك أن أمه دخلت الكعبة في نسوة من قريش فأخذها المخاض ، فأوتيت بنطع فولدت مكانها. ولم يعلم أحد ولد في الكعبة غيره ، وما روي أن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ـ ولد في الكعبة فليس بصحيح. وممن نص على ضعفه ابن الجوزي في مثير العزم الساكن [إلى أشرف الأماكن](٦).

وروي عن حكيم بن حزام أنه قال : «ولدت قبل ورود الفيل بثلاثة عشر سنة ، وأنا أعقل حين أراد عبد المطلب أن يذبح ابنه عبد الله».

وأسلم حكيم بن حزام [هذا](٧) ، وكان من الأجواد ، وروى

__________________

(١) تكرر ذلك في نسخة (د).

(٢) في (د) «ذراعا».

(٣) في (ج) «ثلاثة أعمدة».

(٤) انظر في ذلك : ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٩٨ ، الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ١٦٥ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ١٥٤ ـ ١٥٥.

(٥) حكيم بن حزام ـ سبقت ترجمته ـ وهو أحد علماء النسب. انظر : الصفدي ـ الوافي بالوفيات ١٣ / ١٣٠ ، المصعب الزبيري ـ نسب قريش ـ تحقيق بروفنسال ص ٢٣١ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٦.

(٦) ما بين حاصرتين من (ج). وانظر : مثير العزم الساكن ٢ / ٩.

(٧) زائدة من (ب).

٤٥٩

عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعين حديثا. وتوفي بالمدينة سنة أربع وخمسين من الهجرة».

[بعثته صلى‌الله‌عليه‌وسلم]

ولما بلغ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إحدى وأربعين سنة ، وقيل أربعين ، وقيل وأربعين يوما ، وقيل وعشرة أيام ، وقيل وشهرين ـ بعثه الله للخلق كافة.

قال أهل السير :

أتاه جبريل عليه‌السلام ليلة السبت ، ثم ليلة الأحد ، وخاطبه بالرسالة يوم الاثنين لثمان أو لعشر من ربيع الأول ، بعد بناء قريش للكعبة بخمسة أعوام على الصحيح ، وقيل في شهر رمضان في الليلة السابعة عشر منه ، وهو ابن احدى وأربعين سنة (١).

قال المسعودي (٢) : «وذلك لستة آلاف ومائة وثلاثة وعشرين (٣) سنة من هبوط آدم عليه‌السلام».

__________________

(١) كانت بعثة النبي (بعد أن أتم الأربعين من عمره. انظر في ذلك : ابن حجر ـ فتح الباري في صحيح البخاري ٦ / ٥٦٤ ، ٧ / ١٦٢ ، ٢٢٧ ، ١٠ / ٣٥٦ ، وصحيح مسلم ٤ / ١٨٢٤ ـ ١٨٢٧ ، ابن هشام ـ السيرة ١ / ٢٣٣ ، ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٢ / ٣٧٦ ـ ٣٧٧ ، ابن سيد الناس ـ عيون الأثر ١ / ٤٤ ـ ٤٥ ، القضاعي ـ تاريخ ١٨٠. وذكر ابن القيم أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بعث على رأس أربعين ، وهي سنّ الكمال». زاد المعاد ١ / ٣٧.

وثبت أن الوحي كان أول نزوله يوم الاثنين. انظر : صحيح مسلم ٨ / ٥١ ـ ٥٢ ، سنن أبي داود ٢ / ٨٠٨ ـ ٨٠٩ ، المسعودي ـ مروج الذهب ٢ / ٢٨٢ ، ابن سعد ـ الطبقات ١ / ١٩٤.

(٢) في مروج الذهب ومعادن الجوهر ٢ / ٢٨٢.

(٣) في مروج الذهب : «لستة آلاف ومائة وثلاث عشرة سنة». وقد أثبت المسعودي ذلك بأبيات من الشعر. مروج الذهب ٢ / ٢٨٢.

٤٦٠