تاريخ مدينة دمشق - ج ٣٨

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٣٨

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

عثمان تقلد السيف ، فعزم عليه عبد الرّحمن أن يضعه فوضعه.

كذا في هذه الرواية ، والمحفوظ عبد الرّحمن بن أبي بكر.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، نا السّري بن يحيى (١) ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيّب أنّ عبد الرّحمن بن أبي بكر قال غداة طعن عمر :

مررت على أبي لؤلؤة عشيّ أمس ، ومعه جفينة والهرمزان وهم نجيّ ، فلما رهقتهم ثاروا ، وسقط منهم خنجر له رأسان ، نصابه وسطه ، فانظروا بأي شيء قتل ، وقد تخلّل أهل المسجد ، وخرج في طلبه رجل من بني تميم ، فرجع إليهم ، وكان ألظّ بأبي لؤلؤة منصرفه عن عمر ، حتى أخذه فقتله ؛ وجاء بالخنجر الذي وصف عبد الرّحمن بن أبي بكر ، فسمع بذلك عبيد الله فأمسك حتى مات عمر ، ثم اشتمل على السيف فأتى الهرمزان فقتله ، فما عضّه السيف قال : لا إله إلّا الله ، ثم مضى حتى أتى جفينة ـ وكان نصرانيا من أهل الحيرة ، ظئرا لسعد بن مالك أقدمه المدينة للصلح (٢) الذي كان بينه وبينهم ، وليعلم بالمدينة الكتابة ـ فلما علاه السيف حضر بين عينيه ، وبلغ ذلك صهيبا فبعث إليه عمرو بن العاص فلم يزل به وعنه ، ويقول : السيف بأبي وأمي ، حتى ناوله إياه ، وثاوره (٣) سعد فأخذ بشعره (٤) وجاءوا إلى صهيب.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، وأبو القاسم تمّام بن محمّد ، قالا : أنا أبو الحسن بن حذلم ، أنا أبو زرعة ، نا يحيى بن صالح ، نا إسحاق بن يحيى ، عن الزهري ، أخبرني سعيد بن المسيّب أن عبد الرّحمن بن أبي بكر قال :

أعرض عثمان عن عبيد الله بن عمر في قتله جفينة والهرمزان ، واستشار عثمان المهاجرين والأنصار ، فقال : أشيروا عليّ في قتل هذا الرجل الذي فتق في الدين ما فتق ، فاجتمع المهاجرون على كلمة واحدة بالشدّة ويشجعون عثمان على قتله ، وكان ثبج الناس الأعظم مع عبيد الله يقولون لجفينة والهرمزان أبعدهما الله لعلكم تريدون أن تتبعوا عمر ابنه ،

__________________

(١) الخبر في تاريخ الطبري ٢ / ٥٨٧ حوادث سنة ٢٣.

(٢) عن م وتاريخ الطبري وبالأصل : للملح.

(٣) عن م وتاريخ الطبري ، وبالأصل : وثاره.

(٤) عن م وتاريخ الطبري وبالأصل : شعره.

٦١

فكثر في ذلك اللغط والاختلاف ، ثم قال عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين إنّ هذا الأمر أمر أعفاك الله من أن يكون بعد ما بويعت وكان قبل أن يكون لك على الناس سلطان ، فأعرض عنه ، فتفرق الناس عن خطبة عمرو ، انتهى إليه أمير المؤمنين ، وودي الرجلان والجارية.

وهذا مختصر من حديث.

أخبرناه أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن ، أنا أبو سعيد محمّد بن عبد الله بن حمدون ، أنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن الحسن ، نا محمّد بن يحيى بن عبد الله الذهلي (١) ، نا عبد الرّزّاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيّب أن عبد الرّحمن بن أبي بكر ـ ولم يجرب عليه كذبة قط ـ قال حين قتل عمر :

إنّي انتهيت إلى الهرمزان وجفينة وأبي لؤلؤة وهم نجيّ فبغتّهم ، فثاروا ، فسقط من بينهم خنجر له رأسان نصابه في وسطه ؛ قال عبد الرّحمن : فانظروا بما قتل عمر؟ (٢) فنظروا فإذا الخنجر على النعت الذي نعت عبد الرّحمن ، قال : فخرج عبيد الله بن عمر مشتملا على السيف حتى أتى الهرمزان فقال : أصحبني تنظر إلى فرس لي ، وكان الهرمزان بصيرا بالخيل ، فخرج يمشي بين يديه فعلاه عبيد الله بالسيف ، فلما وجد حرّ السيف قال : لا إله إلّا الله ، فقتله ثم أتى جفينة ـ وكان نصرانيا فدعاه فلما أشرف له علاه بالسيف فصلّب جفينة بين عينيه ، ثم أتى ابنة أبي لؤلؤة ، جارية صغيرة تدّعي بالإسلام ، فقتلها ، فأظلمت المدينة يومئذ على أهلها ثلاثا ، قال : وأقبل بالسيف صلتا ، وهو يقول : والله لا أترك بالمدينة سبيا إلّا قتلته ، وغيرهم (٣) وكان يعرّض بناس من المهاجرين قال : فجعلوا يقولون له : ألق السيف ، ويأبى ، وهم يهابون أن يقربوه (٤) حتى أتى عمرو بن العاص ، فقال : أعطني السيف يا ابن أخي ، فأعطاه إيّاه ثم ثار إليه عثمان ، فأخذ برأسه ، فتناصيا (٥) حتى حجز الناس بينهما.

فلما ولي عثمان قال : أشيروا عليّ في هذا الرجل الذي فتق في الإسلام ما فتق ـ يعني عبيد الله بن عمر ـ فأشار عليه المهاجرون أن يقتله ، وقال جماعة الناس : قتل عمر أمس ، وتريدون أن تتبعوه ابنه اليوم؟ أبعد الله الهرمزان وجفينة. فقال عمرو بن العاص يا أمير المؤمنين إنّ الله قد أعفاك أن يكون هذا الأمر ولك على الناس سلطان ، إنّما كان هذا ولا

__________________

(١) من هذه الطريق رواه ابن حجر في الإصابة ٣ / ٧٥ ـ ٧٦.

(٢) أقحم بعدها بالأصل : عثمان.

(٣) كذا بالأصل وم. يريد أنه سيقتل غيرهم ، ممن أخذوا عليه قتل الهرمزان وجفينة.

(٤) الأصل : يقتربوه ، والمثبت عن م.

(٥) تناصيا أي أخذا بالنواصي ، يعني كل واحد أخذ بناصية الآخر.

٦٢

سلطان لك ، فاصفح عنه يا أمير المؤمنين ، فتفرق الناس على خطبة عمرو بن العاص ، وودى عثمان الرجلين والجارية.

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، حدّثني محمّد بن الضحاك الحزامي ، عن جدي عبد الله بن مصعب (١) قال :

قتل عبيد الله جفينة والهرمزان وبنت أبي لؤلؤة ، وأراد قتل العجم حتى حال المسلمون بينه وبين ذلك ، وكان اتّهمهم في قتل عمر. كان عبد الرّحمن بن أبي بكر الصديق شهد أنه طلع على أبي لؤلؤة والهرمزان وجفينة وهم نجيّ (٢) [ففزعوا منه ،](٣) فسقط منهم خنجر له طرفان (٤) مقبضه في وسطه ، فأتى عبد الرّحمن بن أبي بكر بالخنجر الذي قتل به عمر فقال : هو هذا.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن بشران.

ح (٥) وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر محمّد بن هبة الله بن الحسن الطّبري ، أنا أبو الحسين علي بن محمّد المصري ، نا مالك بن يحيى أبو غسان ، نا علي بن عاصم ، عن حميد ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال :

لما طعن عمر وثب عبيد الله بن عمر على الهرمزان فقتله ، فقيل لعمر : إنّ عبيد الله بن عمر قتل الهرمزان قال : فلم قتله؟ قال : إنّه قتل أبي ، قال : وكيف ذاك؟ قال : رأيته قبل ذاك مستخليا بأبي لؤلؤة وهو أمره بقتل أبي قال عمر : ما أدري ما هذا ، انظروا إذا أنا متّ فسلوا عبيد الله البيّنة على الهرمزان هو قتلني ، فإن أقام البينة فدمه بدمي ، وإن لم تقم البيّنة فأقيدوا عبيد الله من الهرمزان ، فلما ولي عثمان قيل له : ألا تمضي وصية عمر في عبيد الله ، قال : من وليّ الهرمزان ، قالوا : أنت يا أمير المؤمنين ، قال : فقد عفوت عن عبيد الله بن عمر ، لفظهما سواء.

وقيل : إنه إنّما قتلهم بعد دفن عمر ، وهو الصحيح.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ،

__________________

(١) انظر نسب قريش للمصعب ص ٣٥٥.

(٢) النجيّ : المتناجون ، ومنه قوله تعالى : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا).

(٣) الزيادة عن نسب قريش.

(٤) نسب قريش : له رأسان ، مملكه في وسطه.

(٥) «ح» حرف التحويل سقط من م.

٦٣

أنا أبو بكر بن سيف ، أنا السّري بن يحيى ، أنا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر التّميمي ، عن سهل بن يوسف ، عن القاسم بن محمّد قال :

لما مات عمر قام على الناس صهيب ، فلما جهز عمر صلّى عليه صهيب ودفن في بيت عائشة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر رضي‌الله‌عنهما ، وقيل لعبيد الله بعد ما فرغ من دفن عمر :

قد رأينا أبا لؤلؤة والهرمزان نجيّا ، والهرمزان يقلب هذا الخنجر بيده ومعهما جفينة ـ وهو رجل من العباد ـ جاء به سعد بن أبي وقاص يعلم الكتاب بالمدينة ، وابن فيروز وابنته كلّهم مشرك إلّا الهرمزان ، فغدا عليهم عبيد الله بسيف فقتل الهرمزان وجفينة فنهته (١) الناس ، فلم ينته ، وقال : والله لأقتلنّ من يصغر هؤلاء في جنبه ، فانصرفوا إلى صهيب ، فأخبروه ، فبعث إليه صهيب عمرو بن العاص ، فلم يزل به حتى أعطاه السيف ، ووثب عليه سعد بن أبي وقّاص فتناصيا ، وقال : قتلت جاري وأخفرتني ، وأتى به صهيبا فحبسه على الشورى ، حتى بعثه إلى عثمان يوم استخلف فأقاده.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٢) ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني موسى بن يعقوب ، عن أبي وجزة ، عن أبيه قال : رأيت عبيد الله يومئذ وإنه ليناصي عثمان ، وإن عثمان ليقول : قاتلك الله ، قتلت رجلا يصلّي وصبيّة صغيرة ، وآخر في ذمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما في الحقّ تركك ، قال : فعجبت لعثمان حين ولي كيف تركه ، ولكني عرفت أن عمرو بن العاص كان دخل في ذلك ، فلفته عن رأيه.

قال (٣) : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني عتبة بن جبيرة ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد قال :

ما كان عبيد الله يومئذ إلّا كهيئة السبع الحرب جعل يعترض العجم بالسيف حتى حبس يومئذ في السجن ، فكنت أحسب لو أن عثمان ولي سيقتله لما كنت أراه صنع به ، كان هو وسعد أشدّ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يعني عليه ـ.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٤) ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني

__________________

(١) عن م وبالأصل : فنهنهه.

(٢) طبقات ابن سعد ٥ / ١٦.

(٣) القائل : محمد بن سعد ، المصدر السابق.

(٤) المصدر السابق.

٦٤

عبد الله بن جعفر ، عن ابن أبي عون ، عن عمران بن منّاح قال :

جعل سعد بن أبي وقّاص يناصي عبيد الله بن عمر حين قتل الهرمزان وابنة أبي لؤلؤة ، وجعل سعد يقول وهو يناصيه :

لا أسد إلّا أنت تنهت واحدا

وغالت أسود الأرض عنك الغوائل

والشعر لكلاب بن علاط أخي الحجاج بن علاط ، فقال عبيد الله :

تعلم أني لحم ما لا تسيغه

فكل من خشاش الأرض ما كنت آكلا

فجاء عمرو بن العاص فلم يزل يكلم عبيد الله ويرفق به حتى أخذ سيفه منه وحبس في السجن حتى أطلقه حين ولي.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو علي محمد بن محمّد بن أحمد بن السلمة ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر ، أنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، نا إسحاق بن بشر ، عن ابن إسحاق ، حدثني سعد بن إبراهيم عن الزهري.

أن عثمان بن عفان لما استخلف فبويع ، خطب الناس ، ودعا المهاجرين والأنصار فقال : أشيروا عليّ في أمر الهرمزان. قالوا له : إن الهرمزان لما أتى عمر ، فقال : هذا الهرمزان عظيم الأهواز وقد نزل عليّ ، وأنا أريد أن أقتله ، فأشيروا عليّ ، فلم يتكلم منهم أحد ، فأعاد ثلاث مرات ، فقال رجل من القوم : قد رأيته يصلي ، قال : إذا لا أقتله.

وقال إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف : لقد رأيت الهرمزان على الروحاء يصلي مع عمر بن الخطاب ، يهل بالحج ، عليه حبرة ، قال عثمان : أشيروا علي في هذا الذي فتق في الدين وقتله وقتل معه من قتل ـ يعني عبيد الله ـ فاجتمع عامة المهاجرين على كلمة ، واحدة يشجعون عثمان على قتل عبيد الله بن عمر. وجلّ الناس الأعظم يقولون :

أبعده الله ، أتريدون أن تلحقوا عمر ابنه. وكثر في ذلك اللغط والاختلاف. فقال عمرو بن العاص : إن هذا الأمر قد كان قبل أن يكون لك على الناس سلطان فأعرض عنه ، فتركه عثمان ، فلم يهج عبيد الله وودى عثمان الهرمزان وجفينة من بيت المال.

وكانت بيعة عثمان في ليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، فلما بويع أتاه الناس فبايعوه ، ودعوا له بالبركة ، فقام عثمان فخطب الناس ، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى

٦٥

على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال : أيها الناس اتّقوا الله واعلموا أن الدنيا كما نعت الله في كتابه (لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ ، وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ)(١) وانها خضرة حلوة غرّارة لأهلها ، مرارة خداعة مخادعة ، لا يدوم نعيمها ، ولا يؤمن فجائعها ، خير العباد فيها من اعتصم بكتاب الله ، ثم قال : إنّي قد وليت من أمركم وقلّدت منه جسيما لا أرجو العون فيه إلّا من عند الله الذي ابتلاني به ، وإنّ توفيقي في ذلك إلّا بالله ثم قال : صلّوا على نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أيها الناس ، إنّ عبيد الله بن عمر كان أصاب الهرمزان بظنة أبيه ، وكان الهرمزان مولى الإسلام ، ومولى أبيه الخليفة ، وأنا ولي دمه ، وإنّي رأيت أن أهب ذلك الدم لله ولعمر ، فقال المقداد بن الأسود ـ وكان ملكا من ملوك كندة أصاب في قومه دما فأتى البيت فعاذ به وحالف حمزة بن عبد المطلب ، وقد كان تزوج بعض عمات النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان يسمّى فارس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال : يا أمير المؤمنين لا يكون أول حكمك فينا حكم الطاغوت ، إنه من يكن الله مولاه فالله طالب دمه ، وليس لك أن تهب ما الله أولى به منك ، فقال عثمان : انظروا وينظرون ، فضاقت الأرض على عبيد الله برحبها فخرجت ذات ليلة فإذا ابن النضر بن الحارث السهمي يتغنى في سواد الليل (٢) :

ألا يا عبيد الله ما لك ملجأ

ولا مهرب دون ابن أروى ولا خفر

أصبت دما والله في غير كنهه (٣)

حراما وقتل الهرمزان له خطر

غدوت عليه ظالما فضربته

بأبيض مصقول شفاشفه ذكر

على غير شيء غير أن قال قائل :

أتتهمون الهرمزان على عمر

وذلك أن عمر لما قتل قال قائل (٤) : قد رأيت هذا الخنجر مع الهرمزان وأبو لؤلؤة يكلّمه ، فقال عبيد الله هذا رأى الهرمزان فضربه بالسيف حتى قتله ، فعاقد علي بن أبي طالب لئن ملك يوما ليقتلنّ عبيد الله به ، ثم إنّ عثمان دعا عبيد الله فقال : قد وهبت لك أمر الهرمزان لأني أمير المؤمنين ، وأنا ولي دمه ، فطعن عليه المسلمون في ذلك ، فكان أول إحداثه ، فقال زياد بن لبيد بن بياضة الأنصاري (٥) :

__________________

(١) سورة الحديد ، الآية : ٢٠.

(٢) الأبيات في تاريخ الطبري ٢ / ٥٨٧ (حوادث سنة ٢٣) ، والكامل لابن الأثير بتحقيقنا ٢ / ٢٢٦ وفيهما أن زياد بن لبيد البياضي كان يقولها إذا رأى عبيد الله بن عمر.

(٣) المصادر : حله.

(٤) هو عبد الرحمن بن أبي بكر ، كما مرّ في أكثر من رواية.

(٥) من ثلاثة أبيات في تاريخ الطبري ٢ / ٥٨٧ (حوادث سنة ٢٣) والكامل لابن الأثير بتحقيقنا ٢ / ٢٢٦.

٦٦

أبا عمرو عبيد الله رهن

فلا تشكك بقتل الهرمزان

أبا عمرو حكمت بغير حقّ

فما لك بالذي حدثت يدان

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر بن عبد الرّحمن المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، أنا السّري بن يحيى ، أنا شعيب بن إبراهيم ، أنا سيف بن عمر قال : وقال النضر بن الحارث :

ألا يا عبيد الله ما لك ملجأ

ولا مهرب إلّا ابن أروى ولا خمر (١)

أصبت دما والله في غير كنهه

حراما وقتل الهرمزان له خطر

غدوت عليه ظالما فقتلته

بأبيض مصقول صفاصفه ذكر

على غير شيء غير أن قال قائل :

أتتهمون الهرمزان على عمر

فقال سفيه ـ والحوادث جمّة

نعم تتهمه قد أشار وقد أمر

وكلّ سلاح المرء (٢) في جوف بيته

يقلّبها والأمر بالأمر يعتبر

وقال زياد بن لبيد البياضي :

أبا عمرو عبيد الله رهن

فلا تشكك بدفع الهرمزان

فإنّك إن حكمت بغير حقّ

فما لك بالذي حدثت يدان (٣)

كأنّك إن فعلت وذاك يجري (٤)

وأسباب الخطا فرسا رهان

وقد قيل : إن عثمان إنّما ترك قتله لأن ابن الهرمزان عفا عنه.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر الذهبي ، أنا أحمد بن عبد الله بن سعيد ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن أبي منصور ، عن القماذيان بن الهرمزان مثل حديث طلحة ومحمّد وأصحابهما ، قال :

فأقام بالمدينة ـ يعني الهرمزان ـ فلما كانت الليلة التي أصيب عمر في صبيحتها قيل

__________________

(١) الطبري وابن الأثير : مهرب ولا ملجأ من ابن أروى ولا خفر.

(٢) المصادر : العبد.

(٣) روايته في الطبري وابن الأثير :

أتعفو إذ عفوت بغير حق

فما لك بالذي تحكي يدان

(٤) صدره في الطبري :

فإنك إن غفرت الجرم عنه

وفي ابن الأثير : إن عفوت.

٦٧

لعبيد الله بن عمر قد رأينا أبو لؤلؤة عند الهرمزان وهذه معه يقلّبها ، وكان الهرمزان ينقطع إليه أعاجم أهل المدينة ويستروحون إليه فيحسن إليهم ، فاتّهمه وهو بريء ، فعدا عليه فقتله ، فأخذ فأتي به عثمان ، فبعث إليّ فقال : إنّ هذا قاتل أبيك فخذه فاصنع به ما بدا لك ، فأبرزته وطاف في الناس فكلّموني في العفو عنه ، فقلت : هل لأحد أن يمنعني منه؟ قالوا : لا ، قلت : أليس صاحبي إن شئت قتلته ، قالوا : بلى ، قلت : فإني قد عفوت عنه ، فو الله ما أتيت منزلي إلّا على رءوس الرجال (١).

ولو لم يكن الأمر كما حدّث القماذيان لم يقل الطعانون على عثمان عدل ست سنين ، وإذا لقالوا : استأنف الجور من لدن ولي لأنه تعطيل حدّ من محارم الله عزوجل (٢).

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو الفضل بن البقّال ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو عمرو بن السماك ، نا حنبل بن إسحاق ، نا الحميدي ، نا سفيان ، نا عمرو قال : قال علي بن أبي طالب :

لئن أخذت عبيد الله بن عمر لأقتلنه بالهرمزان ، فقال عمرو بن العاص : يا عباد الله أيقتل عمر وابنه؟ أيقتل عمرو ابنه؟.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني كثير بن زيد ، عن المطّلب بن عبد الله بن حنطب قال :

قال علي لعبيد الله بن عمر : ما ذنب بنت أبي لؤلؤة حين قتلتها؟ قال : فكان رأي عليّ حين استشاره عثمان ورأي الأكابر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على قتله ، لكن عمرو بن العاص كلّم عثمان حتى تركه ، فكان عليّ يقول : لو قدرت على عبيد الله بن عمر ولي سلطان لاقتصصت منه.

قال : ونا ابن سعد (٤) ، حدّثني هشام بن سعد ، حدّثني من سمع عكرمة مولى ابن عباس

__________________

(١) تاريخ الطبري ٢ / ٥٩٠ (حوادث سنة ٢٤) والكامل لابن الأثير بتحقيقنا ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧ (حوادث سنة ٢٣) وأسد الغابة ٣ / ٤٢٤.

(٢) عقب ابن الأثير في أسد الغابة قال :

وهذا أيضا فيه نظر ، فإنه لو عفا عنه ابن الهرمزان ، لم يكن لعلي أن يقتله ، وقد أراد قتله لما ولي الخلافة ...

فأراد قتله فهرب منه إلى معاوية (أسد الغابة ٣ / ٤٢٤).

(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ١٦ ـ ١٧.

(٤) المصدر السابق ص ١٧.

٦٨

قال : كان رأي عليّ أن يقتل عبيد الله بن عمر لو قدر عليه.

قال : ونا ابن سعد (١) أنا محمّد بن عمر قال : فحدّثني ابن جريج أن عثمان استشار المسلمين فأجمعوا على ديتهما ، ولا يقتل بهما عبيد الله بن عمر ، وكانا قد أسلما وفرض لهما عمر ، وكان علي بن أبي طالب لما بويع له أراد قتل عبيد الله بن عمر فهرب منه إلى معاوية بن أبي سفيان ، فلم يزل معه ، فقتل بصفّين.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن بشران ، قالا : أنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، نا حنبل بن إسحاق ، نا محمّد بن كثير العبدي ، نا سليمان بن كثير ، عن حصين ، عن يسار بن عوف (٢) قال :

لما قدم عبيد الله بن عمر الكوفة أتيته أنا وعبد الله بن بديل ، وهو في دار المختار ، فقال له عبد الله بن بديل : اتّق الله يا عبيد الله بن عمر لا تهريق (٣) دمك في هذه الفتنة ، قال : وأنت فاتّق الله لا تهريق (٤) دمك في هذه الفتنة ، قال ابن بديل : أطلب بدم أخي قتل مظلوما ، فقال عبيد الله بن عمر : وأنا أطلب بدم الخليفة المظلوم ، قال يسار : لقد رأيتهما صريعين هذا في هذا الصف ، وهذا في هذا الصف ما بينهما إلّا عرض الصفّ.

أخبرناه عاليا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر محمّد بن هبة الله الطبري ، أنا علي بن محمّد بن عبد الله بن بشران ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد المصري ، نا مالك بن يحيى ، نا علي بن عاصم ، عن حصين بن عبد الرّحمن ، حدّثني ابن عوف الخزاعي ، قال :

قدم عبيد الله بن عمر بن الخطّاب الكوفة فنزل دار المختار ، فأتاه عبد الله بن بديل الخزاعي ونحن معه ، فدخلنا عليه فقال له عبيد الله بن بديل : يا عبيد الله بن عمر اتّق الله ولا تهريق دمك في الفتنة ، قال : فقال له عبيد الله : وأنت يا عبد الله بن بديل ، اتّق الله ولا تهريق دمك في الفتنة ، قال إنّي لست مثلك ، إنّي أطلب بدم أخي قتيلا مظلوما ، قال : فقال عبيد الله : وأنا أطلب بدم الخليفة قتل مظلوما.

قال حصين : فحدّثني ابن عوف قال : فرأيتهما يوم صفّين مقتولين : عبيد الله مع معاوية ، وعبد الله بن بديل مع علي ، ما بينهما إلّا عرض الصّفّ.

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٥ / ١٦ ـ ١٧.

(٢) الخبر في الإصابة ٢ / ٢٨١ في ترجمة عبد الله بن بديل الخزاعي.

(٣) الإصابة : «تهرق» وفي المختصر ١٥ / ٣٤٨ لا تهريقنّ.

(٤) الإصابة : «تهرق» وفي المختصر ١٥ / ٣٤٨ لا تهريقنّ.

٦٩

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (١) :

قال أبو عبيدة : كان على الخيل ـ يعني يوم صفّين ـ من أصحاب معاوية : عبيد الله بن عمر بن الخطّاب.

قرأت على أبي الفتوح (٢) أسامة بن محمّد بن زيد بن محمّد العلوي ، عن محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمر ، عن أبي عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ، قال :

عبيد الله بن عمر بن الخطّاب حضر صفّين مع معاوية ، وقال في سيف ورثه عن أبيه يقال له ذو الوشاح :

إذا كان سيفي ذا الوشاح ومر

كبي الظّليم (٣) فلم يطلل دم أنا صاحبه

سيعلم من أمسى عدوا مكاشحا

بأنّي له ما دمت حيّا أطالبه

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٤) ، أنا محمّد بن عمر ، نا الحسن بن عمارة ، عن أبيه ، عن أبي رزين (٥) قال : كنت مع مولاي بصفّين ، فرأيت عليا بعد ما مضى ربع الليل يطوف على الناس يأمرهم وينهاهم ، فأصبحوا يوم الجمعة ، فالتقوا وتقاتلوا أشدّ القتال ، والتقى عمّار بن ياسر وعبيد الله بن عمر فقال عبيد الله : أنا الطّيّب بن الطّيّب ، فقال له عمّار بن ياسر : أنت الخبيث بن الطّيّب ، فقتله عمار ، ويقال : قتله وحل من الحضارمة.

قال محمّد بن عمر : وحدّثني غير الحسن بن عمارة بغير هذا الإسناد.

أن عبيد الله بن عمر قطع أذن عمّار يومئذ. والثبت عندنا أنّ أذن عمّار قطعت يوم اليمامة.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن خسرو ، نا أبو غالب محمّد بن الحسن بن أحمد ، أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب ، أنا إبراهيم بن الحسين بن

__________________

(١) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ١٩٥.

(٢) في م : أبي الفرج.

(٣) الظليم فرس فضالة بن هند بن شريك الأسدي ، والظليم فرس لعبد الله بن الخطاب ، انظر تاج العروس (بتحقيقنا : ظلم).

(٤) الخبر في طبقات ابن سعد ٥ / ٢٠.

(٥) الأصل وم : زريق ، والمثبت عن ابن سعد.

٧٠

ديزيل ، نا يحيى بن سليمان ، حدّثني نصر (١) ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن تميم بن (٢) حذيم ، قال : نادى مناد من أهل الشام يومئذ : ألا إن معنا الطّيّب بن الطّيّب عبيد الله بن عمر ، قال : فقال عمّار بن ياسر : هو الخبيث بن الطّيّب ، فنادى مناد من أهل العراق : ألا إن معنا الطّيّب بن الطيب محمّد بن أبي بكر ، فنادى مناد من أهل الشام : ألا إنه الخبيث ابن الطيب.

قال : ونا إبراهيم ، نا يحيى قال : وحدّثني أحمد بن بشير ذكره عن عوانة بن الحكم أو غيره.

أن معاوية أقرع بين الناس يومئذ فخرج سهم عبيد الله بن عمر على ربيعة ، فأحضر امرأتيه القتال في رحاليين لتنظرا إلى قتاله وما يصنع ، وكانت عنده أسماء بنت عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي ، وبحرية بنت هانئ بن قبيصة الشيباني ، فوقفتا في رحاليين لتنظرا ويشتد الحرب بينهم ، فخرج عبيد الله فيمن معه نحو ربيعة ولقيته ربيعة ، وعلى ربيعة الكوفة يومئذ زياد بن خصفة التيمي ، فشدت ربيعة على عبيد الله بن عمر فقتلته ، فلما ضرب فسطاط زياد بن خصفة بقي طنب من الأطناب لم يجدوا له وتدا ، فشدوه برجل عبيد الله وكان ناحية فجرّوه إليه حتى ربطوا الطنب برجله.

وأقبلت امرأتاه منصرفتين حتى وقفتا عليه ، فبكتا عليه ، وصاحتا ، فخرج زياد بن خصفة فقيل له : هذه بحرية بنت هانئ بن قبيصة الشيباني ، فقال لها : حاجتك يا ابنة أخي ، فقالت : زوجي قتيل تدفعه إليّ؟ فقال : نعم خذيه ، فجيء ببغل فحملته ، فذكروا أن يديه ورجليه خطتا بالأرض من البغل ، فقال في ذلك كعب بن جعيل التغلبي (٣) :

ألا إنّما تبكي العيون لفارس

بصفّين ولّت (٤) خيله وهو واقف

قال : ونا إبراهيم ، نا يحيى قال : وحدّثني نصر قال : وحدّثني محمّد بن عبيد الله.

أن عبيد الله بن عمر بن الخطّاب شدّ يومئذ فهو يرتجز ويقول (٥) :

__________________

(١) الخبر في وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ٢٩٣.

(٢) في م : عن.

(٣) بالأصل وم : الثعلبي ، والمثبت عن نسب قريش ووقعة صفين.

(٤) البيت في وقعة صفين ص ٢٩٨ ونسب قريش ص ٣٥٥ وفيهما : أجلت خيله.

(٥) الرجز في وقعة صفين ص ٢٩٩ وبعضه في الاستيعاب ٢ / ٤٣١ (هامش الإصابة) والفتوح لابن الأعثم بتحقيقنا ٣ / ١٢٨ والأخبار الطوال ص ١٧٨.

٧١

أنا عبيد الله ينميني (١) عمر

خير قريش من مضى ومن غبر

إلّا (٢) نبيّ الله والشيخ الأغرّ

قد أبطأت عن نصر عثمان مضر

والربعيون فلا أسقوا المطر

وسارع الحيّ اليمانون الأخر (٣)

والخير في الناس قديما بقدر (٤)

قال : فحمل عليه حريث ـ وهو حريث بن جابر الحنفي (٥) ـ وهو يقول (٦) :

قد سارعت في نصرها (٧) ربيعة

في الحقّ والحقّ لها شريعه

في العصبة السامعة المطيعة

حتى تذوق كأسها القطيعة (٨)

ثم طعن عبيد الله بن عمر فصرعه فقتله (٩) ، فقال في ذلك الصّلتان العبدي (١٠) :

ألا يا عبيد الله ما زلت مولعا

ببكر لها تهدي الفرا (١١) والتهددا

وكنت سفيها قد تعوّدت عادة

وكلّ امرئ جار على ما تعوّدا

فأصبحت مسلوبا على شرّ حالة

صريع قنى وسط العجاجة مفردا

تشقّ عليك الجيب ابنة هانئ

مسلّبة تندي الشّجا والتبلّدا (١٢)

وكانت ترى ذا الأمر قبل عيانه

ولكنّ أمر الله أهدى لك الرّدا

فقد جاء ما منيتها فتسلّبت

عليك وأمسى الجيب (١٣) منها مقدّدا

وقالت : عبيد الله لا تأت وائلا

فقلت لها : لا تعجلي وانظري غدا

__________________

(١) الأصل : يتمنى ، وفي م : ينمى ، والمثبت عن المصادر ، وفي الفتوح : سماني.

(٢) الاستيعاب : حاشا.

(٣) وقعة صفين : الغرر.

(٤) وقعة صفين : يبتدر.

(٥) في الفتوح بتحقيقنا ٣ / ١٢٩ عبد الله بن سوار العبدي.

(٦) الرجز في وقعة صفين ص ٢٩٩ والفتوح ٣ / ١٢٩.

(٧) الفتوح : حربها.

(٨) وقعة صفين : الفظيعة.

(٩) اختلفوا فيمن قتله ، قالت همدان : قتله هانئ بن الخطاب ، وقالت حضرموت : قتله مالك بن عمرو الحضرمي ، وقالت ربيعة : قتله حريث بن جابر الحنفي (الجعفي).

انظر الطبري ٦ / ٢٠ الكامل لابن الأثير بتحقيقنا ٢ / ٣٨٠ الأخبار الطوال ص ١٧٨ مروج الذهب ٢ / ٤٢٧ وقعة صفين ص ٣٠٠.

(١٠) الأبيات في وقعة صفين ص ٣٠٠ والفتوح ٣ / ١٢٩.

(١١) كذا بالأصل وم ، وفي وقعة صفين : «اللغا» وفي الفتوح : اللقا.

(١٢) المصادر : التلددا.

(١٣) عن م ووقعة صفين ، وفي الأصل : الحبيب ، وفي الفتوح : الحب.

٧٢

حباك أخو الهيجاء حريث (١) بن جابر

بجيّاشة (٢) تحكي الهزبر المزبدا

كأنّ حماة الحي بكر بن وائل

بذي الرّمث أسد قد تبوأن غرقدا

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا محمّد بن عمر ، نا عبيد الله (٤) بن نافع ، عن أبيه قال : اختلف علينا في قتل عبيد الله فقائل يقول : قتلته ربيعة ، وقائل يقول : قتله رجل من همدان ، وقائل يقول : عمّار بن ياسر ، وقائل يقول : قتله رجل من بني حنيفة.

قال (٥) : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني عمر بن محمّد بن عمر ، عن عبد الله بن محمّد بن عقيل ، عن سعد أبي الحسن مولى الحسن بن علي ، قال :

خرجت مع الحسن بن علي ليلة بصفّين في خمسين رجلا من همدان يريد أن يأتي عليا ، وكان يومنا يوما قد عظم فيه الشرّ بين الفريقين ، فمررنا برجل أعور من همدان يدعى مذكورا قد شدّ مقود فرسه برجل رجل مقتول ، فوقف الحسن بن علي على الرجل فسلّم ثم قال : من أنت؟ فقال : رجل من همدان ، فقال له الحسن : ما تصنع هاهنا؟ فقال : أضللت أصحابي في هذا المكان في أوّل الليل ، فأنا أنتظر رجعتهم ، قال : ما هذا القتيل؟ قال : لا أدري غير أنه كان شديدا علينا فكشفنا كشفا شديدا وبين ذلك يقول أنا الطيب بن الطيب ، وإذا ضرب قال : أنا ابن الفاروق ، فقتله الله بيدي ، فنزل الحسن إليه فإذا عبيد الله بن عمر وإذا سلاحه بين يدي الرجل ، فأتى به عليا فنفّله عليّ سلبه ، قوّمه أربعة آلاف درهم.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري.

ح (٦) وأخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر أحمد بن علي.

قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، حدّثني محمّد بن أبي زكير ، أنا ابن وهب ، حدّثني مالك.

__________________

(١) عن م ووقعة صفين ، وبالأصل : حارث.

(٢) عن وقعة صفين ، وبالأصل وم : بحماسه ، وتمام عجزه في وقعة صفين : بجياشة محكى الهدير المقداد.

(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ١٩.

(٤) الأصل وم ، وفي ابن سعد : عبد الله.

(٥) القائل ابن سعد ، والخبر في الطبقات الكبرى ٥ / ١٩.

(٦) «ح» حرف التحويل سقط من م.

٧٣

أن عمرو بن العاص لما انتصف النهار من يوم صفّين جلس في رواق ، فكان أهل العراق يدفنون قتلاهم ، وأهل الشام يحملون قتلاهم في الأكسية والعبا فيدفنونهم ، فكلّ ما مرّ برجل قال : من هذا؟ فيقولون له : فلان ، فقال عمرو : كم من رجل أخشن في الله عظيم الحال لم ينج من قتله فلان وفلان.

قال مالك : وحدّثني زيد بن أسلم أن رجلا ضرب طنب فسطاط له بأوتاد ، فعجزت الأوتاد ، فأخذ رجل عبيد الله بن عمر بن الخطّاب فربطه برجله حتى أصبح ، وذلك ليلة صفّين.

أخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنا أبو غالب الباقلاني ، أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب ، نا إبراهيم بن الحسين بن علي ، نا يحيى بن سليمان الجعفي قال : وحدّثني عبيد الله بن وهب ، نا مالك بن أنس ، حدّثني زيد بن أسلم.

أن عبيد الله بن عمر قتل يومئذ وأن رجلا ضرب أطناب فسطاطه بأوتاد ، فعجزت أوتاده فأخذ رجل عبيد الله بن عمر فربطه برجله حتى أصبح.

قال : ونا نصر (١) ، نا عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن صعصعة بن صوحان قال :

فأصيب ذو الكلاع وعبيد الله بن عمر يومئذ ، قال الشعبي : ففي ذلك يقول كعب بن جعيل التغلبي (٢) في قتل عبيد الله (٣) :

ألا إنما تبكي العيون لفارس

بصفين ولّت (٤) خيله وهو واقف

تبدل من أسماء أسياف وائل

وكان فتى لو أخطأته المتالف

تركن عبيد الله بالقاع مسلما

يمج دما والعروق نوازف (٥)

ينوء وتغشاه شآبيب من دم

كما لاح من جيب القميص الكفائف

دعاهن فاستسمعن (٦) من أين صوته

فأقبلن شتّى والعيون ذوارف

__________________

(١) وقعة صفين لنصر بن مزاحم ٢٩٨.

(٢) الأصل وم : الثعلبي ، والمثبت عن وقعة صفين والفتوح.

(٣) الأبيات في وقعة صفين ص ٣٠٠ والفتوح لابن الأعثم بتحقيقنا ٣ / ١٣٠ وانظر الطبري ٦ / ٢٠ والأخبار الطوال ص ١٧٨.

(٤) في المصادر : أجلت.

(٥) الطبري : تمج دم الخرقى والعروق الذوارف.

(٦) الضمير في دعاهن فاستسمعن يرجع إلى نساء عبيد الله ، وقد مرّ أن عبيد الله أخرج معه نساءه إلى الحرب (ابن أبي الحديد : شرح النهج ١ / ٤٩٩).

٧٤

يحلّلن عنه زرّ درع حصينة

وينفرن منه بعد ذاك معارف

وقد صبرت حول ابن عمّ محمد

لدى الموت (١) شهباء المناكب شارف

فما برحوا حتى رأى الله صبرهم

وحتى أتيحت بالأكفّ المصاحف

بمرج ترى الرايات فيه كأنها

إذا اجتنحت (٢) للطعن طير عواكف

جزى الله موتانا (٣) بصفّين خير ما

أثيبت عباد غادرتها المواقف

قال : ونا إبراهيم ، نا يحيى ، نا أحمد بن بشر في حديثه أن كعبا بن جعيل قال في ذلك :

ألا إنّما تبكي العيون لفارس

بصفّين ولّت خيله وهو واقف

تركن عبيد الله بالقاع مسندا

تمج دماء الجوف العروق النوازف

يميل وتغشا سبائب من دم

كما لاح في جيب القميص الكفائف

تنافسن فاستسمعن من أين صوته

فأقبلن شتى والعيون ذوارف

يسقن دما قد ضاع في يوم ضيعة

وأنكر منه بعد ألف معارف

تبدّل من أسماء أسياف وائل

وكان فتى لو أخطأته المتالف

وقرّت تميم سعدها وربابها

وحالفت الجعداء فيمن يخالف

وزاد غيره في قول كعب بن جعيل :

معاوي لا ينهض بغير وثيقة

فإنّك بعد اليوم بالذّل عارف

فأجابه أبو جهمة الأسدي في ذلك :

تعرّفت والعواف تنجح أمه

فإن كنت عرّافا فأني لعائف

أغرتم علينا تسرقون ثيابنا

وليس لنا في أرض صفّين قائف

وقال كعب أيضا في قتل عبيد الله بن عمر (٤) :

يقول عبيد الله لما بدت له

سحابة موت تقطر الحتف والدّما

__________________

(١) الأخبار الطوال : وقد ضربت ... من الموت.

(٢) عن م وبالأصل : احتجت.

(٣) المصادر : قتلانا.

(٤) الأبيات في وقعة صفين ص ٢٩٩ ، والفتوح لابن الأعثم ٣ / ١٣١ ونسبها إلى «شاعر علي قالها في عبيد الله».

٧٥

ألا يا لقوم اصبروا إن صبرنا

أعفّ وأحجى عفّة وتكرّما

فلما (١) بدأنا القوم بالطعن بكرة

وخرّ فلاقى الترب كفيه والفما

وخلّف أطفالا يتامى أذلّة

وخلّف عرسا تسكب الدّمع أيّما

حلال (٢) لها الخطّاب لا تتّقيهم

وقد كان يحمى غيرة إن تكلما

وقد قيل : هذا الشعر لأبي زبيد الطائي.

أخبرناه أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، قال : وقال أبو زبيد الطائي :

ألا إنّما تبكي العيون لفارس

بصفّين أجلت خيله وهو واقف

تبدّل من أسماء أسياف وائل

وكأن فتى لو أخطأته المتالف

تركن عبيد الله بالقاع مسندا

تمجّ دم الجوف العروق النوازف

وقال أبو زبيد يرثيه :

إنّ الرزية لا ناب مصرّمة

قرم ينصله من حاضر (٣) عمر

وجفنة كنضيح الحبّ قد تركت

بثني صفّين يعلو أفوقها الغبر

وظلّ يرشح مسكا فوقه علق

كأنّما قد في أثوابه الجزر

كم من أخ لي كعدل الموت مهلكه

أودى ، فكا [ن] نصيبي بعده الذكر

يا أسم صبرا على ما كان من ألم (٤)

تلك الحوادث ملقيّ ومنتظر

قال الزبير : وعبيد الله الذي قتل جفينة والهرمزان واتهمهما أن يكونا شركاء في قتل عمر بن الخطّاب ، وكان عبيد الله مع معاوية بن أبي سفيان فكان أهل الشام يصيحون : يا أهل

__________________

(١) روايته في وقعة صفين :

فلما تلاقى القوم خرّ مجدّلا

صريعا فلاقى الترب كفيه والفما

وفي الفتوح :

فلما تدانى القوم للطعن حشّدا

(٢) صدره في الفتوح :

وقد كان في الحرب المحلة باغيا

(٣) كذا بالأصل وم ، وصوبه محقق المختصر : تنصله من حاضن عمر.

(٤) في م : ضرر.

٧٦

العراق معنا الطيب بن الطيب عبيد الله بن عمر ، ومعكم (١) الخبيث بن الطيب محمّد بن أبي بكر ، فيصيح بهم أهل العراق : معنا الطيب بن الطيب محمّد بن أبي بكر ، ومعكم الخبيث بن الطيب عبيد الله بن عمر.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، نا أبو حفص عمر بن محمّد بن علي الزيات ، نا عمر بن الحسين (٢) بن نصر (٣) القاضي الحلبي ، نا عامر بن سيار ، نا أبو مسعود عبد الأعلى بن أبي المساور ، عن عتبة بن أبي عتبة ، عن المسيّب بن نجبة الفزاري ، عن أبيه قال :

أخذ علي عليه‌السلام بيدي فانتهى بي إلى قتلى معاوية وترحم عليهم ، ثم انتهى إلى قتلى أصحابه وترحم عليهم مثل ما ترحم على قتلى معاوية ، فقلت : يا أمير المؤمنين أتترحم على أصحاب معاوية وقد استحللت دماءهم ، فقال : إنّ الله تعالى جعل كفّارة ذنوبهم قتلنا إياهم.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس محمّد يعقوب ، نا إبراهيم بن سليمان ، نا موسى بن إسماعيل ، نا جويرية بن أسماء ، عن نافع قال :

أصيب عبيد الله بن عمر يوم صفّين فاشترى معاوية سيفه ، فبعث به إلى عبد الله بن عمر. قال جويرية : فقلت لنافع : هو سيف عمر الذي كان؟ قال : نعم ، قلت : فما كانت حليته ، قال : وجدوا في نعله (٤) أربعين درهما (٥).

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة (٦).

قال في تسمية من قتل مع معاوية بصفّين : عبيد الله بن عمر بن الخطّاب.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا مكي بن محمّد ، أنا أبو سليمان بن زبر قال : وقتل مع معاوية ـ يعني بصفّين ـ عبيد الله بن عمر بن الخطّاب ، وكانت وقعة صفين في صفر ـ يعني سنة سبع وثلاثين ـ.

__________________

(١) ما بين الرقمين سقط من م.

(٢) في م : الحسن.

(٣) ما بين الرقمين سقط من م.

(٤) نعل السيف : الحديدة التي في أسفل قرابه.

(٥) الاستيعاب ٢ / ٤٣٢.

(٦) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ١٩٤.

٧٧

وذكر الليث : أن وقعة صفّين كانت في شهر ربيع الأول.

وذكر ابن زبر : أن قول الليث حدّثه به محمّد بن أحمد بن عبد العزيز ، نا يحيى بن أيوب العلّاف ، نا يحيى بن بكير ، عن الليث.

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد قالت : أنا أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا محمّد بن جعفر ، نا عبيد الله بن سعد ، نا أحمد بن حنبل ، نا إسحاق بن عيسى ، عن أبي معشر.

ح وأخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتّاني (١) ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة.

قالا : وكانت صفّين في شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين.

٤٤٧٤ ـ عبيد الله بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي

كان له عقب.

حدّث عن الرّبيع بن سبرة (٢).

روى عنه عبد ربه بن سعيد أخو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني.

ولم أجد ذكره في كتاب النّسب ، ولم يذكره البخاري ، ولا ابن أبي حاتم.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام ، قالا : أنا أبو محمّد الصّريفيني ، أنا أبو القاسم بن حبابة ، نا أبو القاسم البغوي قال :

رأيت في كتاب أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، نا محمّد بن جعفر ، نا شعبة قال : سمعت عبد ربّ بن سعيد ، عن عبيد الله بن عمر بن عبد العزيز ، عن ربيع ، عن أبيه يقال له السبري ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه أمرهم بالمتعة ، قال : فخطبت أنا ورجل امرأة ، قال : فأتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ثلاث وإذا هو يحرمها أشدّ التحريم ، ويقول أشدّ القول ، وينهى أشد النهي.

قال البغوي : حدّثني بهذه الأحاديث عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، عن محمّد بن جعفر.

أخبرناه عاليا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (٣) ، حدثني أبي ، نا محمّد بن جعفر ، نا شعبة قال : سمعت عبد ربّ بن

__________________

(١) في م : الكناني ، تصحيف.

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ٦ / ١٣٨.

(٣) مسند أحمد ٥ / ٢٣٤ رقم ١٥٣٤٧.

٧٨

سعيد يحدث عن عبيد الله (١) بن محمّد بن عمر بن عبد العزيز ، عن ربيع ، عن أبيه يقال له السّبري ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه أمرهم بالمتعة ، قال : فخطبت أنا ورجل امرأة ، قال : فلقيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ثلاث ، فإذا هو يحرمها أشدّ التحريم ، ويقول فيها أشدّ القول ، وينهى عنها أشدّ النهي.

٤٤٧٥ ـ عبيد الله بن العيزار المازني البصري (٢)

روى عن سالم بن عبد الله ، والحسن البصري ، وطلق بن حبيب ، وأبي الجودي الحارث بن عمير الشامي (٣) ، وسعيد بن جبير ، وأبي السّليل ضريب بن نقير القيسي (٤) ، وعبد الله بن بريدة ، وعمر بن عبد العزيز.

ووفد عليه وأبي هاشم الرماني (٥) ، ومعاذة العدوية (٦) ، والقاسم بن محمّد ، ورجل من أهل الشام.

روى عنه : مهدي بن ميمون ، ويحيى بن سعيد القطان ، وبشر بن المفضّل اللاحقي ، وأبو عمر الصّفّار ، وزائدة بن أبي الرقاد (٧) ، وأبو حاتم المثنى ، وحمّاد بن سلمة ، ويزيد بن زريع ، وعبّاد بن عبّاد المهلّبي ، والسّري بن يحيى ، وأبو معشر يوسف بن يزيد البراء (٨).

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنا أحمد بن محمود بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن إبراهيم بن علي.

ح (٩) وأخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو أحمد محمّد بن محمّد بن أحمد الحافظ.

قالا : أنا أبو عروبة ، نا إسحاق بن زيد الخطّابي ، نا محمّد بن سليمان ، نا المثنى أبو

__________________

(١) في المسند : عبيد.

(٢) ترجمته في : طبقات خليفة ص ٣٧٢ رقم ١٨٠٩ والتاريخ الكبير للبخاري ٣ / ١ / ٣٩٤ والجرح والتعديل ٢ / ٢ / ٣٣٠.

(٣) ترجمته في تهذيب الكمال ٢١ / ١٥٢.

(٤) ترجمته في تهذيب الكمال ٩ / ١٨٤ وذكر المزي في الرواة عنه عبد الله بن العيزار.

(٥) ترجمته في تهذيب الكمال ٢٢ / ٨٨.

(٦) وهي معاذة بنت عبد الله العدوية ، أم الصهباء البصرية ترجمتها في تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٣١.

(٧) ترجمته في تهذيب الكمال ٦ / ٢٥٦.

(٨) ترجمته في تهذيب الكمال ٢٠ / ٥١٧.

(٩) «ح» حرف التحويل سقط من م.

٧٩

حاتم عن عبيد الله بن العيزار ، عن القاسم بن محمّد ، عن عائشة قالت : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«تهادوا تزدادوا خيرا» ـ وقال أبو بكر : حبّا ـ وهاجروا تورثوا أبناءكم مجدا ، وأقيلوا الكرام عثراتهم» [٧٥٩٣].

تابعه عرعرة بن البرند (١) السامي عن مثنّى أبي حاتم.

أخبرنا أبو سهل بن سعدويه ، أنا إبراهيم بن منصور سبط بحرويه ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا عبيد الله القواريري ، نا يوسف بن يزيد أبو معشر البراء ، أنا عبيد الله بن العيزار ، حدثني عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، وحميد بن عبد الرّحمن الحميري ، قالا :

نشأ ناس من أهل العراق فقالوا في القدر ، فقدمنا المدينة ، فدخلنا المسجد ، فإذا نحن بعبد الله بن عمر ، فابتدرناه : أحدنا عن يمينه ، والآخر عن شماله ، قال : فظننت أنه سيكل المنطق إليّ ، وكنت أبسط لسانا منه ، فقلنا : يا عبد الله بن عمر ألا تخبرنا عن قوم نشئوا بالعراق ، وقضوا في المساجد ، وزعموا أن الأمر أنف ، وأنه لا قدر ، قال : إذا أتيت أولئك فقل لهم : قال عبد الله بن عمر : أنا منكم بريء ، وأنتم برآء مني حتى تؤمنوا بالقدر ، أترى أحدا هذا فإنه لو كان لأحدهم ذهب فأنفقه لم يقبل منه حتى يؤمن بالقدر.

أخبرني عمر قال : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جالس إذ جاء رجل حسن الوجه ، شديد سواد الشعر لم يسفعه (٢) سفر ، فقال : يا رسول الله ما الإسلام؟ قال : «أنّ تشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، وأن تصلّي الخمس ، وأن تصوم رمضان» ، قال : فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال : «نعم» ، قال : صدقت ، قال : فما الإيمان؟ قال : «أن تؤمن بالله واليوم الآخر ، والبعث من بعد الموت ، والقدر كله ، قال : فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمن؟ قال : «نعم» ، فجعل القوم يعجبون من سؤاله وتصديقه ، قال : فما الإحسان؟ قال : «تعمل لله كأنك ترى الله عزوجل ، فإن كنت لا تراه فإنّه يراك» ، قال : فإذا فعلت ذلك فأنا محسن؟ قال : «نعم» ، قال : صدقت ، قال : فمتى قيام الساعة؟ قال : «ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، إنّها في الخمس التي استأثر الله عزوجل بهن ، (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي

__________________

(١) بالأصل وم : البريد ، تصحيف والصواب والضبط عن تقريب التهذيب ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٢ / ٥١٨.

(٢) سفعت السموم وجهه : والنار والشمس : لفحه لفحا يسيرا ، فغيرت لون البشرة وسوّدته ، (تاج العروس بتحقيقنا : مادة : سفع).

٨٠