تاريخ مدينة دمشق - ج ١٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أنفي لك على عارم (١)

مهما تجشمني فإني جاشم

يرويه عبد الله بن رجاء الغدّاني ، نا المسعودي ، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.

قوله : لبيك : معناه إجابة لك وإقامة عندك ، وأصله من لبّ الرجل بالمكان وألبّ به أي أقام ، قال الشاعر :

لبّ بأرض ما تخطاها الغنم (٢)

ثم قالوا : ألبيت كما قالوا : تظنّيت من الظّنّ ، وأصله تظنّنت (٣) ، وكقولهم تسرّيت (٤) سريّة وأصله تسررت من السرّ ، وهو النكاح ، قال الأحمر : وإنما فعلوا ذلك كراهة أن يجمعوا في الكلمة بين ثلاث باءات (٥) ونونات فأبدلوا من الآخر ياء.

وأنشد أبو عبيدة :

فقلت لها : فيئي إليك فإنني

حرام ، وإني بعد ذاك لبيب (٦)

أي مكبّ (٧).

وأخبرني محمّد بن نافع ، نا إسحاق بن أحمد الخزاعي ، نا أبو الوليد الأزرقي ، عن جده ، عن سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، عن ابن شهاب قال : كانت تلبية قريش وأهل مكة في الجاهلية تلبية إبراهيم خليل الرّحمن حتى كان عمرو بن لحي فزاد فيه عند قوله : لبيك لا شريك لك إلّا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك (٨).

__________________

(١) كذا ورد هنا ، وقد سبقت روايته :

أنفي لك اللهم عان راغم

(٢) اللسان «لبب» بدون نسبة.

(٣) انظر اللسان : لبب.

(٤) بالأصل : «تشربت شربة» والصواب ما أثبت ، انظر اللسان : سرر.

(٥) كذا ، وأيضا : راءات ، في تسرّرت.

ثلاث باءات في لبّبت وألبّبت.

وثلاث نونان في تظنّنت (انظر اللسان : لبب وسرر).

(٦) البيت في اللسان (لبب) ونسبه إلى المضرّب بن كعب.

(٧) يعني : ملبّ بالحج.

(٨) انظر أخبار مكة للأزرقي ١ / ١٩٤.

٥٠١

قال : وتلبية نزار بن مضر : لبيك حقا حقا تعبّدا ورقا ، جئناك للنصاحة ، لم نأت للرقاحة ، وفي رواية أخرى : جئناك للرباحة.

قال : وتلبية قيس ومن والاها وكان بينها وبين بكر بن عبد مناة بن كنانة حرب في الجاهلية ، فكانوا لا يستطيعون أن يدخلوا مكة متفرقين : والله لو لا أن بكرا دونكا ، يبر الناس ويفجرونكا ، ما زال منا عثج يأتونكا.

قال : وكانت تلبية عك : أتتك عك عانية ، عبادك يمانية ، على قلاص ناجية.

الفصاحة : إخلاص العمل ، والناصح الخالص من كل شيء ، ويقال : نصحت العسل إذا صفيتها ، والرباحة : الربح ، يقال : ـ ربح وربح ورباح ورباحة. والرّقاحة : كسب المال وجمعه ، والرّقاحي : التاجر ، وفلان يرقح معيشته أي يصلحها ، قال : قال الحارث بن حلزة :

يترك ما رقّح من عيشه

بعيث فيه همج هامج (١)

والعثج جماعة في سفر ، والعانية : الخاضعة الأعناق ، يقال : عنا الرجل يعنو إذا خضع وذلّ ، وكذلك قيل : للأسير عان.

وقوله عبادكم يمانية ، يريد اليمانية ، جعل الميم بدلا من اللام ، وهي لغة كقول أبي هريرة : طاب من ضرب ، يريد : طاب الضرب ، أي حل القتال ، والخال : الخيلاء. قال العجاج :

والخال ثوب من ثياب الجهّال (٢)

يقال : خال الرجل يخول إذا اختال ، قال الشاعر (٣) :

فإن كنت سيدنا سدتنا

وإن كنت للخال فاذهب فخل

والتهجير سير الهاجرة ، وهو ما بين وقت الزوال إلى قرب العصر ، يقال : هجر

__________________

(١) البيت في اللسان رقح منسوبا للحارث بن حلزة ، جاء به شاهدا على قوله : الترقيح ترقح؟؟؟ : إصلاح المعيشة.

(٢) الرجز في اللسان منسوبا للعجاج وبعده فيه (خيل) :

والدهر فيه غفلة للغفّال

قال الأزهري : وكأن الليث جعل الخال هنا ثوبا ، وإنما هو الكبر.

(٣) البيت في اللسان «خيل» بدون نسبة.

٥٠٢

الرجل إذا سار في الهاجرة ، قال ابن أبي ربيعة (١) :

أمن آل نعم أنت غاد فمبكر

غداة غد ، أم رائح فمهجّر؟

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير ، حدّثني عمي مصعب بن عبد الله ، عن الضّحّاك بن عثمان ، عن عبد الرّحمن بن أبي الزّناد ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله قال : قال موسى : لا أراه حدثه إلّا عن عبد الله بن عمر : أن زيد بن عمرو خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويبتغيه ، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم ، وقال : لعلي أدين دينكم ، فأخبرني عن دينكم ، فقال اليهودي : إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله ، فقال زيد بن عمرو : ما أفر إلّا من غضب الله ، ولا أحمل من غضب الله ، ولا أحمل من غضب (٢) الله شيئا أبدا ، وأنا أستطيع ، فهل تدلني على دين ليس فيه هذا؟ قال : ما أعلمه إلّا أن يكون حنيفا ، قال : وما الحنيف؟ قال : دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ، وكان لا يعبد إلّا الله ، فخرج من عنده ، فلقي عالما من النصارى ، فسأله عن دينهم ، فقال : لعلي أن أدين دينكم ، فقال : إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله ، ولا (٣) من غضبه شيئا أبدا ، وأنا أستطيع؟ فهل تدلني على دين ليس هذا فيه؟ فقال له نحو ما قال له اليهودي : لا أعلمه إلّا أن يكون حنيفا ، فخرج من عندهم ، وقد رضي بما أخبروه ، واتفقوا عليه من دين إبراهيم ، فلما توفي رفع يديه فقال : اللهم إنّي على دين إبراهيم.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف بن بشر ، نا الحسين بن محمّد ، نا محمّد بن سعد (٤) ، أنا محمّد بن عمر قال : حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن موسى بن ميسرة ، عن ابن أبي مليكة ، عن حجير بن أبي إهاب ، قال :

رأيت زيد بن عمرو وأنا عند صنم بوانة (٥) بعد ما رجع من الشام ، وهو يراقب

__________________

(١) ديوان عمر بن أبي ربيعة ط بيروت ص ١٢٨ مطلع قصيدة طويلة.

(٢) كذا مكررة بالأصل وذكرت مرة واحدة في م.

(٣) كذا بالأصل ، ويبدو أن العبارة مضطربة والمعنى مضطرب ، فثمة سقط في الكلام بالأصل وم.

(٤) الخبر في طبقات ابن سعد ٣ / ٣٨٠ في ترجمة سعيد بن زيد.

(٥) بوانة بالضم وتخفيف الواو ، هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر (ياقوت).

٥٠٣

الشمس ، فإذا زالت استقبل الكعبة فصلّى ركعة وسجدتين ، ثم يقول : هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل ، لا أعبد حجرا ، ولا أصلّي له ، ولا آكل ما ذبح له ، ولا أستقسم بالأزلام ، وأنا أصلّي إلى هذا البيت حتى أموت. وكان يحج : فيقف بعرفة ، وكان يلبي يقول : لبيك لا شريك لك ، ولا ندّ لك ، ثم يدفع من عرفة ماشيا ، وهو يقول : لبّيك ، متعبدا [لك] مرقوقا.

قال : ونا أحمد بن معروف ، نا حارث بن أبي أسامة ، أنا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني علي بن عيسى الحكمي ، عن أبيه ، عن عامر بن ربيعة قال :

سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول : أنا انتظر نبيا من ولد إسماعيل ثم من بني عبد المطلب ، ولا أراني أدركه ، وأنا أؤمن به وأصدّقه ، وأشهد أنه نبي ، فإن طالت بك مدة فرأيته فاقرئه مني السلام (١) ، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك ، قلت : هلم ، قال : هو رجل ليس بالطويل ولا بالقصير ، ولا بكثير الشعر ولا بقليله ، وليست تفارق عينيه حمرة ، وخاتم النبوة بين كتفيه ، واسمه أحمد ، وهذا البلد مولده ومبعثه ، ثم يخرجه قومه منها ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره ، فإيّاك أن تخدع عنه ، فإني طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم ، فكان من أسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون : هذا الدين وراءك وينعتونه مثل ما نعته لك ، ويقولون : لم يبق نبي غيره.

قال عامر بن ربيعة (٢) : فلما أسلمت أخبرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قول زيد بن عمرو وأقرأته منه السلام ، وترحّم عليه وقال : «قد رأيته في الجنة يسحب ذيولا» [٤٥٦٠].

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد بن المجلي ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد بن النّضر الديباجي ، نا أبو الحسن علي بن عبد الله بن ميسر الواسطي ، نا محمّد بن حرب أبو عبد الله النّسائي ، نا أبو مروان يحيى بن أبي زكريا الغسّاني ، عن هشام ، عن أبيه ـ أحسبه عن عائشة ـ قالت :

لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول : يا معشر

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٩ إلى هنا ينتهي الخبر فيها ، ومن هنا إلى : «نبي غيره» ليس في الطبقات.

(٢) تتمة الخبر في طبقات ابن سعد ٣ / ٣٧٩.

٥٠٤

قريش ما منكم اليوم أحد على دين إبراهيم غيري ، وكان يحيي الموءودة ، يقول للرجل : إذا أراد أن يقتل ابنته : مهلا لا تقتلها أنا أكفيك مئونتها ، فيأخذها ، فإذا ترعرعت قال لأبيها : إن شئت دفعتها إليك ، وإن شئت كفيتك مئونتها.

كذا قال عن عائشة بالشك وهو وهم ، وإنما هو عن أسماء.

أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو نصر الزينبي.

ح وأخبرناه أبو القاسم أيضا ، وأبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد بن عبد الله الخياط ، قالا : أنبأ أبو محمّد الصّريفيني ، قالا : أنبأ محمّد بن عمر بن علي بن خلف ، نا عبد الله بن أبي داود ، نا عيسى بن حمّاد ، أنا الليث ، عن هشام ، عن أبيه ، عن أسماء ابنة أبي بكر أنها قالت :

لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا (١) ظهره إلى الكعبة يقول : يا معشر قريش ، والله ما منكم أحد على دين إبراهيم غيري ، وكان يحيي الموءودة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته : مه لا تقتلها فأنا ـ وقال الزينبي : أنا ـ أكفيك مئونتها ، فيأخذها ، فإذا ترعرعت قال لأبيها : إن شئت دفعتها إليك ، وإن شئت كفيتك مئونتها.

أخبرناه أبو عبد الله محمّد بن غانم بن أحمد ، أنا عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق ، ثنا أبي ، أنا محمّد بن يعقوب بن يوسف ، وأحمد بن محمّد بن زياد.

ح وأخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأ رضوان بن أحمد ، قالوا : أن أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن محمّد بن إسحاق (٢) ، حدّثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت :

لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة يقول : يا معشر قريش والذي نفس زيد بيده ، ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري ، ثم يقول : اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به ، ولكني لا أعلم ، ثم يسجد على راحته.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله بن عمر ، وأبو

__________________

(١) بالأصل : «مسند».

(٢) سيرة ابن إسحاق ص ٩٦ تحت رقم ١٢٨.

٥٠٥

محمّد ، وأبو الغنائم ابنا أبي عثمان ، أنا أبو محمّد بن يحيى المؤدب.

ح وأخبرنا أبو القاسم الجنيد بن محمّد بن علي القاضي الصوفي ـ بهراة ـ أنا أبو منصور بن شكرويه.

ح وأخبرناه أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو منصور بن شكرويه ، وأبو بكر محمّد بن أحمد بن علي السمسار ، قالا : أنا إبراهيم بن عبد الله بن محمّد بن خرّشيد قوله.

وأخبرناه أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال : أنا أبو محمّد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى المؤدب ، قالا : نا أبو عبد الله المحاملي ، نا محمّد بن عبد الله المخرمي ، نا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أسماء ابنة أبي بكر قالت : رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول : يا معشر قريش ما منكم أحد اليوم على دين إبراهيم عليه‌السلام غيري ، قال : وكان يصلي إلى الكعبة ويقول : إلهي إله إبراهيم ، وديني دين إبراهيم ، وكان يحيي الموءودة ، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته : لا تقتلها ادفعها إليّ أكفك مئونتها ، فإذا ترعرعت قال : إن شئت فخذها ـ زاد ابن السّمرقندي : الآن ـ وقالا : وإن شئت فدعها.

كتب إليّ أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن الحطّاب ، أنا أبو الفضل محمّد بن أحمد السعدي ، أنا عبيد الله بن محمّد العكبري ، أنا عبد الله بن محمّد ، حدّثني سعيد بن يحيى الأموي ، حدّثني سعيد بن قطن ، عن عثمان بن عبد الرّحمن ، عن إبراهيم بن أبي عروة ، أخبره عن أمّه أسماء أنها قالت :

ربما رأيته وإني لحزوّر وهو مسند ظهره إلى الكعبة ، ويقول : يا معشر قريش ، أقسم بالله ما في جميع العرب أحد يعبد الله غيري ، فأقام بمكة يؤذى في الله عزوجل.

قال سعد (١) بن قطن ، عن عثمان بن عبد الرّحمن ، عن الزّهري أن سالما حدّثه عن أبيه أن عمر وسعيد بن زيد سألا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن زيد فقالا : استغفر له ، قال : «نعم ، فاستغفروا له ، فإنه يبعث يوم القيامة أمّة واحدة» [٤٥٦١].

__________________

(١) كذا ، مرّ قريبا «سعيد».

٥٠٦

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال (١) : فحدثت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال وهو يحدث عن زيد بن عمرو : إن كان لأول من عاب على الأوثان ونهاني عنها [٤٥٦٢] ، أقبلت من الطائف ومعي زيد بن حارثة حتى مررت بزيد بن عمرو بن نفيل وهو بأعلا مكة ، وكانت قريش قد شهرته بفراق دينها ، حتى خرج من بين أظهرهم ، وكان بأعلا مكة ، فجلست إليه ومعي سفرة لي فيها لحم يحملها زيد بن حارثة من ذبائحنا على أصنامنا فقربتها إليه وأنا غلام شاب ، فقلت : كل من هذا الطعام أي عمّ ، قال : فلعلها أي ابن أخي من ذبائحكم هذه التي تذبحون لأوثانكم؟ فقلت : نعم ، فقال : أما إنك يا ابن أخي لو سألت بنات (٢) عبد المطلب لأخبرنك (٣) إني لا آكل هذه الذبائح ، فلا حاجة لي بها ، ثم عاب الأوثان ومن يعبدها ويذبح لها ، وقال : إنما هي باطل ، لا تضر ولا تنفع ، أو كما قال. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فما تمسحت بوثن منها بعد ذلك على معرفة بها ، ولا ذبحت لها حتى أكرمني الله تعالى برسالته صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٤).

قال (٥) : ونا يونس بن بكير ، عن المسعودي ، عن نفيل بن هشام ، عن أبيه قال : مرّ زيد بن عمرو بن نفيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى زيد بن حارثة ، فدعواه إلى سفرة لهما ، فقال زيد : يا ابن أخي إني لا آكل ما ذبح على النصب ، فما رئي (٦) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ذلك يأكل شيئا ذبح على النصب.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الغنائم بن المأمون ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، نا عبد الصمد بن علي المكرمي ، نا حسين بن إسحاق ، نا النّضر بن سلمة ، نا يحيى بن إبراهيم بن أبي قتيلة ، عن نوفل بن عمارة ، عن عبيد الله بن عمر ، حدّثني شيخنا

__________________

(١) سيرة ابن إسحاق ص ٩٨ تحت رقم ١٣٣.

(٢) عن م وابن إسحاق وبالأصل : بباب.

(٣) عن م وابن إسحاق وبالأصل : لأخبرتك.

(٤) في ترك زيد بن عمرو أكل ما نحر على الأوثان والنصب ، وما لم يذكر اسم الله عليه بحث جيد للسهيلي في الروض الأنف ، راجعه ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧.

(٥) سيرة ابن إسحاق ص ٩٨ رقم ١٣٤.

(٦) بالأصل وم «رأى» والمثبت عن ابن إسحاق.

٥٠٧

موسى بن عقبة ، قال : سمعت سالم بن عبد الله بن عمر سمع عبد الله بن عمر يحدث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

لقيت زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح (١) وذلك قبل أن ينزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الوحي ، فقدم إليه سفرة فيها لحم ، فأبى أن يأكل ، وقال : إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم ، ولا آكل إلّا مما ذكر اسم الله عليه ، وكان زيد يصلّي إلى الكعبة ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول بعد ذلك فيه «يبعث أمة وحده يوم القيامة» [٤٥٦٣].

قال الدارقطني : هذا حديث صحيح من حديث موسى بن عقبة ، عن سالم ، وهو غريب من حديث عبيد الله بن عمر ، عن موسى ، تفرّد به نوفل بن عمارة بن عبد الجبار المديني عنه ، ولم يكتبه إلّا من هذا الوجه.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا علي بن عمر بن محمّد الحربي ، نا أبو عبيد الله محمّد بن عبدة بن حرب القاضي ، حدّثنا إبراهيم بن الحجاج السامي ، نا عبد العزيز بن المختار ، نا موسى بن عقبة ، أخبرني سالم أنه سمع عبد الله يحدث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح وذلك قبل أن ينزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الوحي ، فقدم إليه سفرة فيها لحم ، فأبى أن يأكل منها ، ثم قال : «إني لا آكل مما تذبحون لأصنامكم ، ولا آكل إلّا ما ذكر اسم الله عليه» ، حدث هذا الحديث عبد الله عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢).

أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم ، أنبأ عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن ، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، نا محمّد بن هارون ، نا محمّد بن بشار ، نا عبد الوهاب ، نا محمّد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، ويحيى ابني عبد الرّحمن ، عن أسامة بن زيد بن حارثة ، عن زيد بن حارثة قال :

خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب ، فذبحنا له شاة ، ثم صنعناها في الإرة (٣) حتى نضجت أخرجناها فجعلناها في السفرة ، ثم أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يسير وهو مردفي في يوم حار من أيام مكة ، حتى إذا كنا بأعلا الوادي لقيه زيد بن نفيل ، فحيا

__________________

(١) بلدح مكان في طريق التنعيم.

(٢) انظر الخبر في طبقات ابن سعد ٣ / ٣٨٠ والروض الأنف للسهيلي ١ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

(٣) الإرة بالكسر : النار.

٥٠٨

أحدهما الآخر بتحية الجاهلية ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا زيد بن عمرو ما لي أرى قومك قد شنفوا لك» قال : أما والله إن ذلك مني لبغير نائرة كانت مني إليهم ، ولكني أراهم على ضلال ، وخرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار خيبر فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فقلت : ما هذا بالدين الذي أبتغي ، فخرجت حتى أقدم على أحبار أيلة ، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فقال : ما هذا بالدين الذي أبتغي ، فقال لي حبر (١) من أحبار الشام : إنك لتسأل عن دين ما يعلم أحدا (٢) يعبد الله به إلّا شيخا بالجزيرة ، فخرجت حتى قدمت عليه ، فأخبرته بالذي خرجت له ، فقال : إنّ كل من رأيت في ضلال ممن أنت ، فقلت : أنا من أهل بيت الله من أهل الشوك والقرظ ، قال : فإنه قد خرج في بلدك نبي أو خارج قد طلع نجمه ، فارجع فصدّقه واتّبعه وآمن به ، فرجعت فلم أحس شيئا بعد ، قال : فأناخ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعيره ثم قدمنا إليه السّفرة ، فقال : ما هذا؟ قال : شاة ذبحناها لنصب من الأنصاب ، قال زيد : ما آكل شيئا ذبح لغير الله ، ثم تفرقا ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فطاف بالبيت ، قال زيد بن حارثة : وأنا معه ، وكان صنمان من نحاس ، أحدهما يقال له يساف ، والأخير نائلة ، مستقبل البيت يتمسح بهما الناس إذا طافوا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تمسّهما ولا تمسّح بهما» ، فطفنا ، قال زيد : فقلت في نفسي لأمسنهما حتى أنظر ما يقول ، فمسستهما ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألم تنهه» ، فلا والذي أكرمه ما مسهما حتى أنزل عليه ، ومات زيد بن عمرو بن نفيل قبل الإسلام ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لزيد يأتي يوم القيامة أمّة وحده» [٤٥٦٤].

أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن البنّا ، أنبأ أبو القاسم بن البسري ، وأخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد ، وأبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، وأبو محمّد محمود بن محمّد بن مالك ، وأبو يحيى بشير بن عبد الله ، قالوا : أنا أبو محمّد رزق الله بن عبد الوهاب ، قالا : أنا أبو عمر بن مهدي ، أنا محمّد بن مخلد ، نا طاهر بن خالد بن نزار قال : حدّثني أبي ، أخبرني عبد الرّحمن بن أبي الزّناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنه سمع سعيد بن زيد يقول : مشيت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعمر بن الخطاب ، فسألناه عنه ، فقال : «يبعث يوم القيامة أمّة وحده» ـ يعني زيد بن عمرو بن نفيل [٤٥٦٥] ـ.

__________________

(١) بالأصل : «خير من أخبار الشام» والصواب عن م ، وقد مضى الحديث قريبا في ترجمة زيد بن حارثة.

(٢) كذا بالأصل وفي م : ما تعلم أحدا ولعله : ما نعلم أحدا.

٥٠٩

أخبرنا أبو المظفّر عبد المنعم بن عبد الكريم ، أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو عمرو بن حمدان.

ح وأخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم ، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، قالا : أنا إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، قالا : أنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنّى التّميمي.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو نصر أحمد بن محمّد بن الطوسي ، قالا : أنا أبو الحسين بن النّقّور ـ زاد ابن السمرقندي : وأبو محمّد الصريفيني قالا : أنا أبو القاسم بن حبابة ، وأخبرنا أبو الفتح محمّد بن علي ، وأبو نصر عبيد الله بن أبي عاصم ، وأبو محمّد عبد السلام بن أحمد ، وأبو عبد الله سمرة بن جندب ، وأخوه أبو عبد القادر بن جندب ، قالوا : أنا محمّد بن عبد العزيز الفارسي ، أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن أبي شريح بن أبي الزّناد ، رواه الزبير بن بكّار ، عن عمّه مصعب.

أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفّر ، أنا أبو محمّد الجوهري.

وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، قالا : أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (١) ، حدّثني أبي ، نا يزيد ، ثنا المسعودي ، عن نفيل [بن](٢) هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن أبيه ، عن جده قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة هو وزيد بن حارثة ، فمرّ بهما زيد بن عمرو بن نفيل ، فدعواه إلى سفرة لهما ، فقال : يا ابن أخي إني لا آكل مما ذبح على النّصب ، قال : فما رئي (٣) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ذلك آكل شيئا مما ذبح على النصب ، قال : قلت : يا رسول الله إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك ، ولو أدركك لآمن بك واتّبعك ، فأستغفر له ، قال : «نعم ، فاستغفر له ، فإنه يبعث يوم القيامة أمّة وحده» [٤٥٦٦].

رواه يونس بن بكير ، عن المسعودي ، وقال : إن جده ، ولم يقل عن جده.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر

__________________

(١) مسند الإمام أحمد ١ / ١٨٩ ـ ١٩٠.

(٢) زيادة عن مسند أحمد.

(٣) بالأصل : رآني ، والصواب عن مسند أحمد.

٥١٠

المخلّص ، نا رضوان بن [أحمد ، نا](١) أحمد بن عبد الجبار (٢) ، نا يونس بن بكير ، عن المسعودي ، عن نفيل بن هشام ، عن أبيه ، أن جده سعيد بن زيد سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن أبيه زيد بن عمرو فقال : يا رسول الله إن أبي زيد بن عمرو كان كما رأيت ، وكما بلغك ، فلو أدركك آمن بك ، فأستغفر له ، قال : «نعم ، فاستغفر له ، فإنه يجيء يوم القيامة أمّة وحده» ، وكان ، فيما ذكروا ، يطلب الدين فمات وهو في طلبه [٤٥٦٧].

قال (٣) : ونا يونس ، عن ابن إسحاق ، قال : حدّثني محمّد بن جعفر بن الزبير أو محمّد بن عبد الرّحمن بن الحصين التميمي أن عمر بن الخطّاب وسعيد بن زيد قالا : يا رسول الله نستغفر لزيد ، فقال : «نعم فاستغفروا له ، فإنه يبعث أمّة وحده» [٤٥٦٨].

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، أنبأ عبد الملك بن محمّد ، أنا محمّد بن أحمد بن الصّوّاف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا يوسف بن يعقوب الصفار ، نا يحيى بن سعيد الأموي ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن زيد بن عمرو بن نفيل فقيل : يا رسول الله إنه كان يستقبل القبلة في الجاهلية ويقول : إلهي إله إبراهيم ، وديني دين إبراهيم ويسجد ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يحشر ذاك أمّة وحده بيني وبين عيسى بن مريم» [٤٥٦٩].

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا عمر بن عبيد الله ، وأبو محمد ، وأبو الغنائم ، ابنا أبي عثمان ح.

وأخبرنا أبو محمد بن طاوس ، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان ، قالوا : أنا عبد الله بن عبيد الله بن يحيى ح.

وأخبرنا أبو القاسم الجنيد بن محمد الصوفي ، أنا أبو منصور بن شكرويه ح.

وأخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو منصور بن شكرويه ، أبو بكر محمد بن أحمد ، قالا : أنا إبراهيم بن عبد الله ، قالا : أنا أبو عبد الله المحاملي ، نا محمد بن عبد الله ، نا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ زاد

__________________

(١) زيادة للإيضاح عن م.

(٢) الخبر في سيرة ابن إسحاق ص ٩٩ رقم ١٣٧.

(٣) المصدر السابق رقم ١٣٦.

٥١١

الجنيد : عنه ـ فقال : «يبعث يوم القيامة أمة وحده ، بيني وبين عيسى بن مريم عليهما‌السلام» [٤٥٧٠].

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأ أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد (١) ، أنا محمد بن عمر ، حدّثني موسى بن شيبة ، عن خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك ، قال : سمعت سعيد بن المسيّب يذكر زيد بن عمرو بن نفيل ، فقال : توفي وقريش تبني الكعبة ، قبل أن ينزل الوحي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بخمس سنين ، ولقد نزل به وإنّه ليقول : أنا على دين إبراهيم ، فأسلم ابنه سعيد بن زيد أبو الأعور ، واتّبع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأتى عمر بن الخطاب ، وسعيد بن زيد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسألاه عن زيد بن عمرو فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «غفر الله لزيد بن عمرو ورحمه ، فإنه مات على دين إبراهيم» ، قال : فكان المسلمون بعد ذلك اليوم لا يذكره ذاكر منهم إلّا ترحّم عليه ، واستغفر له. ثم يقول سعيد بن المسيّب : رحمه‌الله وغفر له [٤٥٧١].

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله بن كادش ، أنا القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله الطبري ، أنا علي بن عمر بن محمد الحربي ، نا محمد بن محمد الباغندي ، نا عبد الله بن سعيد الكندي الأشج ، نا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين» [٤٥٧٢].

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأ عبد الله بن الحسن بن محمد بن الحسن بن الخلّال ، أنا أبو أحمد طالب بن عثمان بن محمد بن سليمان الأزدي النحوي ح.

وأخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو منصور محمد بن أحمد بن علي بن شكرويه ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن علي السمسار الأصبهانيان ، قالا : أنا إبراهيم بن عبد الله بن خرشيدويه ، قال : ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، أنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، نا الحزامي ، نا سعيد بن عمرو ، الزبير (٢) حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٨١.

(٢) كذا ، وفي م : الزبيري.

٥١٢

الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أسماء ابنة أبي بكر ، قالت (١) : رأيت زيد بن عمرو بن نفيل شيخا كبيرا مسندا ظهره إلى الكعبة ، وهو يقول : ويحكم يا معاشر قريش إياكم والزنا (٢) فإنه يورث الفقر.

أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنبأ أحمد بن الحسن بن أحمد ، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، ومحمد بن سعيد.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، قالوا : أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرئ ، نا أبو العباس أحمد بن يحيى ، نا عبد الله بن نسيب ، نا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدّثني سعيد بن عمرو ، عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت (٣) : رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة في الجاهلية وهو يقول : يا معشر قريش إياكم والزنا (٤) فإنه يورث الفقر.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أحمد بن محمد ، أنا محمد بن عبد الرّحمن ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال : حدّثني هشام بن عروة ، قال روى أبي عروة بن الزبير أن زيد بن عمرو بن نفيل قال (٥) :

أربّ واحد (٦) أم ألف ربّ

أدين إذا تقسّمت الأمور

عزلت اللات والعزّى جميعا

كذلك يفعل الجلد الصّبور

فلا العزّى أدين ولا ابنتيها

ولا صنمي بني عمرو أدير (٧)

ولا غنما (٨) أدين وكان ربا

لنا في الدهر إذ حلمي يسير

__________________

(١) بالأصل : قال.

(٢) في مختصر ابن منظور ٩ / ١٦٧ إياكم والربا.

(٣) بالأصل : قال.

(٤) في مختصر ابن منظور ٩ / ١٦٧ إياكم والربا.

(٥) الأبيات في سيرة ابن إسحاق ص ٧٦ ـ ٩٧ رقم ١٣٠ وسيرة ابن هشام ١ / ٢٤١ ـ ٢٤٢ وانظر الروض الأنف ١ / ٢٥٧ ـ ٢٥٨.

(٦) في المصادر : أربّا واحدا.

(٧) في ابن هشام : أزور.

(٨) ابن هشام : «هبلا» وهبل : صنم لهم. ولم نجد غنما اسم صنم.

٥١٣

عجبت وفي الليالي معجبات

وفي الأيام يعرفها البصير

بأنّ الله قد أفنى رجالا

كثيرا كان شأنهم الفجور

وأبقى آخرين ببرّ قوم

فيربل (١) منهم الطفل الصغير

وبينا المرء يعثر ثاب يوم (٢)

كما يتروّح (٣) الغصن النّضير

رواه ابن أبي الزناد عن هشام ، فزاد في إسناده أسماء.

أخبرناه أبو القاسم بن السمرقندي ، وأبو نصر بن الطوسي ، قالا : أنا أبو الحسين بن النّقّور ، زاد ابن السمرقندي وأبو محمد الصريفيني ، قالا : أنا أبو القاسم بن حبّابة.

وأخبرناه أبو الفتح محمد بن علي ، وأبو نصر عبيد الله بن أبي عاصم ، وأبو محمد عبد السلام بن أحمد ، وأبو عبد الله سمرة ، وأبو محمد عبد القادر ، ابنا جندب ، قالوا : أنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الفارسي ، أنا عبد الرّحمن بن أبي شريح ، قالا : أنا عبد الله بن محمد البغوي ، نا مصعب بن عبد الله ، نا الضحاك بن عثمان ، زاد ابن أبي شريح ، عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد ، قال : قال هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : قال زيد بن عمرو ـ زاد ابن أبي شريح : بن نفيل : ـ

عزلت الجن والجنان عني

كذلك يفعل الجلد الصّبور

فلا العزّى أدين ولا ابنتيها

ولا صنمي بني طسم أدير

ولا غنما أدين وكان ربا

لنا في الدهر إذ حكمي صغير

أرّبا واحدا أم ألف ربّ

أدين إذا تقسّمت الأمور

ألم تعلم بأن الله أفنى

رجالا كان شأنهم الفجور

وأبقى آخرين ببرّ قوم

فيربو منهم الطفل الصغير

وبينا المرء يعثر ثاب يوما

كما يتروّح الغصن النّضير

__________________

(١) عن المصادر وبالأصل «فيزيل».

وربل الطفل يربل إذا شب وعظم ، يربل بفتح الباء أي يكبر وينبت ، ومنه أخذ تربيل الأرض. (الروض الأنف ١ / ٢٥٨).

(٢) في المصادر : «يوما» وفي سيرة ابن هشام : يفتر بدل يعثر.

(٣) يتروح الغصن أي ينبت ورقه بعد سقوطه (الروض الأنف ١ / ٢٥٨).

٥١٤

وقال ابن أبي شريح وابن النقور : المطير.

قالت فقال ورقة بن نوفل (١) :

رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما

تجنبت أمورا من النار حاميا

لدينك رب ليس ربّ كمثله

وتركك جنان الخبال كما هيا

أقول إذا هبطت أرضا مخوفة

حنانيك لا تظهر علينا الأعاديا

حنانيك إن الجن كانت رجاهم

وأنت إلهي ربنا ورجائيا (٢)

لتدركنّ المرء رحمة ربّه

وإن كان تحت الأرض سبعين (٣) واديا

أدين لربّ يستجيب ولا أرى

أدين لما لا يسمع الدهر داعيا

أقول إذا صلّيت في كل بيعة

تباركت قد أكثرت باسمك داعيا

رواه الزبير بن بكار ، عن عمه مصعب بن عبد الله ، ثم قال الزبير بعد الشعر يقول : خلقت خلقا كثيرا يدعون باسمك.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمد بن أحمد ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأ رضوان بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال (٤) : وقال زيد بن عمرو بن نفيل أيضا :

أسلمت وجهي لمن أسلمت

له الأرض تحمل صخرا ثقالا

وأسلمت وجهي لمن أسلمت

له المزن تحمل عذبا زلالا

إذا هي سبقت إلى بلدة

أطاعت فصبّت (٥) عليها سجالا

__________________

(١) الأبيات في سيرة ابن هشام ١ / ٢٤٧ وتقدمت الأبيات باختلاف الرواية.

(٢) غير واضحة بالأصل والمثبت عن م.

(٣) نصب سبعين على الحال ، لأنه قد يكون صفة للنكرة ، كما قال :

فلو كنت في جب ثمانين قامة

وما أصله صفة للنكرة يكون حالا من المعرفة ، وهو هنا حال من البعد ، كأنه قال : ولو بعد تحت الأرض سبعين ، كما تقول : بعد طويلا ، أي بعدا طويلا ، وإذا حذفت المصدر وأقمت الصفة مقامه لم تكن إلا حالا. (الروض الأنف ١ / ٢٦٣).

(٤) الخبر والشعر في سيرة ابن إسحاق ص ٩٧ رقم ١٣١ وسيرة ابن هشام ١ / ٢٤٦ وانظر الروض الأنف ١ / ٢٦٢.

(٥) بالأصل : «قضيت عليها سالا؟؟؟» والمثبت عن ابن إسحاق وابن هشام والسجال جمع سجل ، وهي الدلو المملوءة ماء.

٥١٥

وأسلمت وجهي لمن أسلمت

له الريح تصرف حالا فحالا

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، حدّثنا أحمد بن سليمان ، حدّثنا الزّبير بن بكّار ، قال : وأنشدني محمد بن الضحاك الحزامي عن أبيه لزيد بن عمرو :

أسلمت وجهي لمن أسلمت

له المزن تحمل عذبا زلالا

إذا شقيت بلدة من بلاد

سيقت إليه فسحت سجالا

وأسلمت وجهي لمن أسلمت

له الأرض تحمل صخرا ثقالا

دحاها فلما استوت شدها

سواء وأرسا عليها الجبالا (١)

قال : ونا الزبير ، حدّثني عمي مصعب بن عبد الله ، عن الضّحّاك بن عثمان ، عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد ، قال : قال هشام بن عروة : بلغنا أن زيد بن عمرو كان بالشام ، فلما بلغه خبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقبل يريده فقتله أهل ميفعة.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا ثابت بن بندار ، أنا أبو العلاء الواسطي ، أنا أبو بكر البابسيري ، أنا الأحوص بن المفضّل ، نا أبي ، قال : وحدّثني مصعب ، حدّثني الصمان بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حذام ، عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد ، قال : قال هشام : بلغنا أن زيد بن عمرو بن نفيل كان بالشام فلما بلغه خبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقبل (٢) يريده فقتله أهل ميفعة ـ موضع بالشام ـ وقد روي أن زيدا مات بمكة.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية :

أخبرنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، أنا محمد بن سعد (٣) ، أنا محمد بن عمر ، قال : حدّثني زكريا بن يحيى السعدي (٤) ، عن أبيه ، قال : مات زيد بن عمرو فدفن بأصل حراء.

__________________

(١) البيت في سيرة ابن هشام :

دحاها فلما رآها استوت

على الماء أرسى عليها الجبالا

(٢) بالأصل : «قتل يزيد» ولعل الصواب ما أثبتناه ، وهو يوافق الرواية السابقة.

(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٨١.

(٤) ابن سعد : السعيدي وفي م كالأصل.

٥١٦

٢٣٤٩ ـ زيد بن مهلهل بن يزيد بن منهب

ابن عبد رضا بن المختلس بن ثوب بن كنانة بن مالك

ابن نائل (١) بن أسودان وهو نبهان بن عمرو بن الغوث

ابن طيّئ بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ

أبو مكنف الطائي ، ثم النّبهاني المعروف بزيد الخيل في الجاهلية (٢)

وفد على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلم فسماه زيد الخير ، وكان من فرسان العرب ، قدم دمشق في الجاهلية خاطبا مارية بنت حجر الغسانية ، وقد تقدم ذكر قدومه في ترجمة أوس بن حارثة.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، ثنا وأبو منصور بن خيرون ، قال : أنا أبو بكر الخطيب ، أنا الحسن بن أبي بكر ، ومحمد بن عمر بن القاسم الزينبي ، قالا : أنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، نا الحسين بن عمر الثقفي ، نا محمد بن إسحاق البلخي ، ثنا يعقوب بن سوادة الطائي ، ثم النّبهاني ، حدّثني أبي ، عن أبيه ، قال : سمعت عدي بن حاتم ، قال : قدمنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في آخر الجاهلية وأول الإسلام ، فاستقدم زيد الخيل وهو زيد بن مهلهل الطائي ، فسلّم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم وقف ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تقدم يا زيد فما رأيتك حتى أحببت أن أراك» ، فتقدم زيد ، فشهد شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ثم تكلم فقال له عمر بن الخطاب : يا زيد ما أظن في طيّئ أفضل منك ، قال : بلى والله إن فينا حاتم القاري للأضياف والطويل العفاف ، قال : فما تركت لمن بقي خيرا ، قال : إن منا لمغزوم بن حومة الشجاع صدرا النافذ فينا أمرا ، قال : فما تركت لمن بقي خيرا ، قال : بلى والله وذكر الحديث لم يزد عليه [٤٥٧٣].

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنبأ الحارث بن أبي أسامة ، أنا محمد بن سعد (٣) ، أنا

__________________

(١) في أسد الغابة : تابل.

(٢) ترجمته في الاستيعاب ١ / ٥٦٣ ، وأسد الغابة ٢ / ١٤٩ والوافي بالوفيات ١٥ / ٤٠ والإصابة ١ / ٥٧٢ الأغاني ١٧ / ٢٤٥ وشعره ضمن كتاب شعراء إسلاميون للدكتور نوري حمودي القيسي ص ١٢٧.

(٣) طبقات ابن سعد ١ / ٣٢١.

٥١٧

محمد بن عمر الأسلمي ، حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن أبي عمير الطائي ، وكان يتيم الزهري ح.

قال : وأنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، نا عبّاد (١) الطائي ، عن أشياخهم ، قالوا : قدم وفد طيّئ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خمسة عشر رجلا رأسهم وسيّدهم زيد الخير ، وهو زيد الخيل بن مهلهل من بني نبهان ، وفيهم وزر بن [جابر بن](٢) سدوس بن أصمع النّبهاني ، وقبيصة بن الأسود بن عامر من جرم طيئ ، ومالك بن عبد الله بن خيبري من بني معن ، وقعين (٣) بن خليف من جديلة ، ورجل من بني بولان ، فدخلوا المدينة ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المسجد ، فعقلوا (٤) رواحلهم بفناء المسجد ثم دخلوا فدنوا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فعرض عليهم الإسلام فأسلموا ، وأجازهم بخمس أواق فضة كل رجل منهم ، وأعطى زيد الخيل اثنتي عشرة أوقية ، ونشّا (٥) ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما ذكر لي رجل من العرب إلّا رأيته دون ما ذكر لي إلّا ما كان من زيد فإنه لم يبلغ كلّ ما فيه» ، وسماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم زيد الخير ، وقطع له فيدا وأرضين فكتب له بذلك كتابا ، ورجع مع قومه ، فلما كان بموضع يقال له الفردة (٦) مات هناك فعمدت امرأته إلى كل ما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتب به فحرقته (٧) [٤٥٧٤].

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن أبي عمير الطائي ، وكان يتيما للزهري ، قال : قدم وفد طيئ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذكر بعض ما في هذه الرواية ، وزاد بعد قوله وكتب له كتابا ، وكان من قول زيد يوم قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الحمد لله الذي أيّدنا بك ، وعصم لنا ديننا بك ، فما رأيت أخلاقا أحسن من أخلاق تدعو إليها ، وقد كنت أعجب

__________________

(١) في ابن سعد : عبادة.

(٢) الزيادة عن ابن سعد.

(٣) رسمها غير واضح بالأصل وتقرأ : وقعبى ، والمثبت عن ابن سعد.

(٤) ابن سعد : فعقدوا.

(٥) النش : نصف أوقية عشرون درهما (القاموس).

(٦) الفردة جبل في ديار طيء يقال له فردة الشموس (انظر ياقوت).

وبالأصل : القردة بالقاف.

(٧) في مختصر ابن منظور : فخرقته.

٥١٨

لعقولنا واتّباعنا حجرا نعبده يسقط منا فنظل نطلبه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وزيادة أيضا» يعني بذلك الإيمان أيضا أكثر ، فلما خرج زيد من عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمدينة وبيئة قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن ينج زيد من أم ملدم» (١) قال : فلما انتهى إلى بلدة موضع يقال له الفردة مات هناك ، رحمه‌الله ، فعمدت امرأته إلى ما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتبه له فحرقته [٤٥٧٥].

قال : ونا محمد بن عمر ، حدّثني ربيعة بن عثمان : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أجاز وفد طيئ بخمس أواق فضة ، وأعطى زيد الخيل اثنتي عشرة أوقية ونشّا وهي كانت أرفع ما يجيز بها.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (٢) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، قالا : أخبرنا رضوان بن أحمد بن جالينوس ، قالا : نا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال (٣) : قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفد طيئ منهم (٤) زيد الخيل ، فلما انتهوا إليه كلّموه وعرض عليهم الإسلام فأسلموا وحسن إسلامهم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ثم جاءني إلّا رأيته دون ما يقال لي فيه ، إلّا ما كان من زيد الخيل ، فإنه لم يبلغ كلّ ما كان فيه» ، ثم سمّاه زيد الخير ، وقطع له كذا وكذا وأرضين معه ، وكتب له بذلك كتابا ، فخرج من عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم راجعا إلى قومه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إن ينج زيد من» ـ وقال القراوي : عن حمى ـ المدينة» فإنه يقال قد سماها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم باسم غير الحمى وأم ملدم فلم تثبته فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه يقال له : فردة (٥) أصابته الحمى ، فمات بها ـ زاد ابن السّمرقندي : فقال زيد حين أحسّ بالموت :

أمام لقد جنت بيتك عدوة

وأنزل في بيت بفردة منجد

__________________

(١) أم ملدم : الحمى (القاموس : لدم).

(٢) دلائل النبوة للبيهقي ٥ / ٣٣٧.

(٣) سيرة ابن هشام ٤ / ١٨٨.

(٤) في البيهقي : فيهم.

(٥) البيهقي : «قردة».

٥١٩

ألا ربّ يوم لو مرضت لعادني

عوائد من لم يبرأ فيهن يجهد

ثم اتفقا فقالا : ـ فلما مات عمدت امرأته إلى ما كان ـ قال ابن السّمرقندي : من ـ كتبه معها التي قطع له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقالا : إلى ما كان من كتب معه ، وقالا : فحرّقتها بالنار [٤٥٧٦].

أنبأنا أبو سعد المطرّز ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنا أبو نعيم ، نا محمد بن حميد ح.

وأخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا علي بن محمد بن الحسن السمسار ، أنا محمد بن محمد بن علي الناقد ، قالا : نا عبد الله بن صالح البخاري ، نا الحسن بن علي الحلواني ، نا عون بن عمارة ، ـ زاد الناقد : البصري ـ نا بشير مولى بني هاشم ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، قال : كنا عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأقبل ـ وقال الناقد إذ أقبل ـ راكب حتى أناخ بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله إني أتيتك ـ وقال الناقد : أتيت من مسيرة تسع ، أنضيت (١) راحلتي ، وأسهرت ليلي وأظمأت نهاري ـ زاد الناقد : وأنضيت رجلي ، وقالا : ـ لأسألك عن خصلتين أسهرتاني : فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما اسمك؟» ، قال : أنا زيد الخيل ، قال له : «بل أنت زيد الخير ، فرب معضلة قد سئل عنها» قال : أسألك عن علامة الله فيمن يريده وعلامته فيمن لا يريده ـ وقال ابن حميد : يريد في الموضعين ـ فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كيف أصبحت؟» قال : أصبحت أحبّ الخير وأهله ، ومن يعمل به ، فإن ـ وقال الناقد : وإن ـ عملت به أيقنت بثوابه ، وإن فاتني منه شيء حننت إليه ، فقال ـ زاد الناقد : له ـ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هذه علامة الله فيمن يريد ، وعلامته فيمن لا يريد ولو أرادك بالأخرى هيأك بها ثم لا يبالي في أي واد هلكت» (٢) ـ وقال الناقد : شككت ، وقال في إسناده سنين بنونين بدل نشير [٤٥٧٧].

وأخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا إسماعيل بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنبأ أبو أحمد بن عدي (٣) ، نا عبد الله بن صالح البخاري ، نا الحسن بن علي

__________________

(١) أسد الغابة : أنصبت راحلتي.

(٢) الخبر في أسد الغابة ٢ / ١٤٩.

(٣) الحديث في الكامل لابن عدي ٢ / ٢٢ في ترجمة بشير مولى بني هاشم.

٥٢٠