تاريخ مدينة دمشق - ج ١٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

جعفر بن المسلمة ، وأبي الحسين بن المهتدي وغيرهما ، وكان زيد بن علي حافظا للقرآن ، وقرأ ببغداد بروايات ، وحج وحارب سنة وحج جحش أجرادين (١) من الشام ، وكان منصوبا ، وله .... (٢) بالفرائض ، وحدث بشيء يسير ، ومولده في ليلة الخميس لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة ، ومات ليلة الخميس ، ودفن يوم الخميس الثامن عشر من المحرم سنة إحدى وستين وخمسمائة [بمقبرة](٣) باب الصغير.

٢٣٤٦ ـ زيد بن علي بن عبد الله

أبو القاسم (٤) الفسوي الفارسي النّحوي اللّغوي (٥)

سكن دمشق مدة وأقرأ بها النحو واللغة ، وأملى بها شرح إيضاح أبي علي الفارسي ، وشرح الحماسة ، وحدث عن أبي الحسن بن أبي الحديد الدمشقي ، وسمع منه جدي القاضي أبو المفضّل ، وعمر بن أبي الحسن الدّهستاني ، وأبو الحسن بن طاهر النحوي.

أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، أنشدنا أبو الحسين علي بن طاهر الأديب ـ بمقرى : من عمل دمشق ـ قال : أنشدني زيد بن علي لأبزون الفارسي (٦) :

الزم جفاك لي ولو فيه الضّنا

وارفع حديث البين عن ما بيننا

فسموم هجرك في هواجره الأذى

ونسيم وصلك في أصائله المنى

ما لي إذا ما رمت عتبا رمت لي

ذنبا جديدا من هناك ومن هنا

مثن عليك وما استفاد رغيبة

عجبا ومعتذر إليك وما جنى

ليس التلون من أمارات الرضا

لكن إذا ملّ الحبيب تلونا

ما جرّ هذا الخطب غير تغربي

لعن التّغرّب ما أذل وأهونا

__________________

(١) كذا بالأصل ولعل الصواب : اخراوين» وهو ما يفهم من عبارة م.

(٢) لفظة غير مقروءة بالأصل وم.

(٣) بياض بالأصل ، والمثبت عن م.

(٤) عن هامش الأصل وبجانبها كلمة صح.

(٥) ترجمته في بغية الطلب ٩ / ٤٠٥١.

(٦) الخبر والأبيات في بغية الطلب ٩ / ٤٠٥١.

٤٨١

قرأت بخط أبي الحسن علي بن طاهر ، قال : سمعت من شيخنا في العربية أبي القاسم الفارسي النحوي غير مرة الإنكار لصحة أحكام المنجمين واستسخاف عقل المصدّق بها ، وكان رفد قد اطلع على كل علم ومقالة ، رحمه‌الله.

قال : أنا أبو محمد بن الأكفاني سنة سبع وتسعين وأربعمائة فيها توفي أبو القاسم زيد بن علي الفارسي بطرابلس على ما بلغني في ذي الحجة ، وكان فهما عالما بعلم اللغة والنحو.

٢٣٤٧ ـ زيد بن عمر بن الخطاب بن نفيل

ابن عبد العزّى بن رياح (١) بن عبد الله بن قرط

ابن رزاح (٢) بن عدي بن كعب القرشي العدوي (٣)

وأمه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأمها خديجة بنت خويلد ، وفد على معاوية بن أبي سفيان.

أخبرنا أبو الحسين بن الفرا ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، قال في تسمية ولد فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : وأم كلثوم بنت علي خطبها عمر بن الخطاب إلى علي بن أبي طالب ، وقال : زوّجني يا أبا الحسن ، فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «كلّ نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلّا نسبي وصهري» ، فزوّجه إياها ، فولدت لعمر زيدا ، ورقية. تزوج رقية بنت عمر إبراهيم بن نعيم بن ... (٤) ، فماتت عنده ولم يترك ولدا ، وقتل زيد بن عمر قتله خالد بن أسلم مولى آل عمر بن الخطاب خطأ ، ولم يترك ولدا ولم يبق لعمر بن الخطاب ولد من أم كلثوم بنت علي [٤٥٥٣].

أخبرنا أبو محمد السلمي ، نا أبو بكر الخطيب ح.

__________________

(١) بالأصل زياد خطأ والصواب عن جمهرة ابن حزم ص ١٥٠ وم.

(٢) بالأصل زياد خطأ والصواب والضبط عن ابن حزم ص ١٥٠ وفي م : رباح.

(٣) ترجمته في الوافي بالوفيات ١٥ / ٣٧.

(٤) رسمها بالأصل : «النام؟؟؟» وفي نسب قريش للمصعب ص ٣٤٩ إبراهيم بن نعيم بن عبد الله بن أسيد بن عبد بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب وفي م : «الحام؟؟؟».

٤٨٢

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا حجاج بن أبي منيع ، حدثني جدي ، عن الزّهري ، قال : وأما أم كلثوم بنت علي فتزوجها عمر بن الخطاب ، فولدت له زيد بن عمر ضرب ليالي قتال ابن مطيع ضربا لم يزل يتهم (١) منه حتى توفي.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ، ابنا أبي علي ، قالا : أنا أبو جعفر محمد بن أحمد ، أنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، قال في تسمية ولد عمر بن الخطاب : وزيد بن عمر ، ورقيّة بنت عمر تزوجها إبراهيم بن نعيم بن عبد الله بن أسيد بن (٢) عوف بن عبيد بن عويج (٣) بن عدي بن كعب ، فولدت له جارية (٤) ، وماتت الجارية وأمها أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان عمر بن الخطاب خطب أم كلثوم إلى علي بن أبي طالب ، فقال علي : إنها صغيرة ، فقال عمر : زوّجنيها يا أبا الحسن فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصد أحد ، فقال له علي : أنا أبعثها إليك ، فإن رضيت فقد زوّجتكها ، فبعثها إليه ببرد وقال لها قولي له : هذا البرد الذي قلت لك ، فقالت ذلك لعمر ، فقال : قولي له قد رضيته (٥) ، رضي الله عنك ، ووضع يده على ساقها فكشفها فقالت له : أتفعل هذا؟ لو لا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ، ثم خرجت حتى جاءت أباها فأخبرته الخبر ، وقالت : بعثتني إلى شيخ سوء؟ فقال : مهلا يا بنية فإنه زوجك ، فجاء عمر بن الخطاب إلى مجلس المهاجرين في الروضة وكان يجلس فيه المهاجرون الأولون فجلس إليهم ، فقال : رفّئوني فقالوا : بما ذا يا أمير المؤمنين؟ قال : تزوجت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «كلّ نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلّا نسبي وسببي وصهري» ، فكان لي به صلى‌الله‌عليه‌وسلم النّسب والسّبب ، وأردت أن أجمع إليه الصهر. فزفّوه [٤٥٥٤].

قال الزبير : وأما زيد بن عمر بن الخطاب فكان له ولد فانقرضوا.

__________________

(١) كذا بالأصل وم.

(٢) في نسب قريش للمصعب ص ٣٤٩ أسيد بن عبد بن عوف.

(٣) رسمها غير واضح بالأصل والصواب عن نسب قريش.

(٤) بالأصل : حارثة ، والمثبت عن نسب قريش.

(٥) عن م وبالأصل : رضيت.

٤٨٣

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن محمد بن الفهم ، أنا محمد بن سعد ، قال (١) : في تسمية ولد عمر بن الخطاب ، قال : وزيد الأكبر لا بقية له ، ورقية وأمها أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب ، أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي إجازة ح.

قال : وأنبأ أبو طاهر بن سلمة أخبرنا علي بن محمد ، قالا : أنا أبو محمد بن أبي حاتم ، قال (٢) : زيد ابن عمر بن الخطاب ابن (٣) أم كلثوم بنت علي سمعت أبي يقول ذلك ، ويقول : توفي هو وأمه أم كلثوم في ساعة واحدة ، وهو صغير (٤) ، لا يدرى أيهما مات أول.

ذكر أبو محمد الحسين بن محمد الإيجي الكاتب ، أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد ، أنا أبو حاتم ، عن أبي عبيدة ، عن يونس ، عن أبي عمرو بن العلاء ، حدثني رجل من الأنصار ، عن أبيه ، قال :

وفاتا مع زيد بن عمر بن الخطاب ، وأمه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى معاوية بن أبي سفيان فأجلسه على السرير ، وهو يومئذ من أجمل الناس وأشبههم ، فبينا هو جالس قال له بسر بن أرطأة : يا ابن أبي تراب ، فقال له : أإياي تعني؟ لا أم لك ، لك (٥) أنا والله خير منك ، وأزكى وأطيب ، فما زال الكلام بينهما حتى نزل زيد إليه فخنقه حتى صرعه ، وبرك على صدره ، فنزل معاوية عن سريره فحجز بينهما ، وسقطت عمامة زيد ، فقال زيد : والله يا معاوية ما شكرت الحسنى (٦) ، ولا حفظت ما كان منا إليك ، حيث تسلط عليّ عبد بني عامر ، فقال معاوية : أما قولك يا ابن

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٢٦٥.

(٢) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٥٦٨.

(٣) في الجرح : من.

(٤) كذا في قول ابن أبي حاتم ، وتقدم عن الزبير بن بكار أنه كان لزيد أولاد فانقرضوا فهذا يعني أنه عاش إلى أن تزوج ولم يمت صغيرا.

(٥) كذا مكررة بالأصل.

(٦) عن م وبالأصل : الحسين.

٤٨٤

أخي أني لكفرت الحسنى ، فو الله ما استعملني أبوك إلّا من حاجة إليّ ، وأما ما ذكرت من الشكر ، فو الله لقد وصلنا أرحامكم ، وقضينا حقوقكم ، وإنكم لفي منازلكم. فقال زيد (١) : أنا ابن الخليفتين ، والله لا تراني بعدها أبدا عائدا إليك ، وإني لأعلم أن هذا لم يكن إلّا عن رأيك. قال : وخرج زيد إلينا وقد تشعّث رأسه وسقطت عمامته ، فدعا بإبل فارتحل فأتاه آذن معاوية ، فقال : إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول عزمت عليك لمّا أتيتني ، فإن أبيت أتيتك ، قال زيد : لو لا العزيمة ما أتيت.

فلما رجع إليه أجلسه على سريره ، وقبّل بين عينيه ، ثم أقبل عليه ، فقال : من نسي بلاء عمر يومئذ فإني والله ما أنساه ، لقد استعملني وأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم متوافرون ، وأنا يومئذ حديث السن ، فأخذت بأدبه واقتديت بهديه ، واتبعت أثره ، وو الله ما قويت على العامة إلّا بمكاني كان منه ، حاجتك يا ابن أخي؟ فو الله ما ترك له حاجة ولا لمن معه إلّا قضاها ، وأمر له بمائة ألف ، وأمر لنا بأربعة آلاف (٢) أربعة آلاف ونحن عشرون رجلا ، فقال : هذه لك عندي في كل عام.

أخبرنا أبو محمد بن طاوس ، أنا عاصم بن الحسن ، أنا أبو عمر بن مهدي ، أنا أبو العباس بن عقدة ، نا أحمد بن يحيى الصوفي ، نا عبد الرحمن بن شريك ، حدثني أبي ، حدثني عروة بن عبد الله بن قشير ، عن أبي جعفر ، قال : قال عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب : عزمت عليك إلّا زوجتني ابنتك ، فزوجه فراح عمر إلى الصفة ، فقال للناس : ألا تهنوني ، قالوا : وما ذاك؟ قال : تزوّجت أم كلثوم : لفاطمة بنت رسول الله لعلي بن أبي طالب ، فهنوه ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «كلّ نسب وسبب منقطع يوم القيامة ، إلّا نسبي وسببي» [٤٥٥٥].

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد ، قال (٣) : قال محمد بن عمر وغيره : لما خطب عمر بن الخطاب إلى علي ابنته أم كلثوم ، قال : يا أمير المؤمنين إنها صبية ، فقال : إنك والله ما بك ذلك ، ولكن قد علمت ما بك. فأمر علي بها

__________________

(١) عن هامش الأصل.

(٢) بالأصل : «ألف».

(٣) طبقات ابن سعد ٨ / ٤٦٤.

٤٨٥

فصنّعت ، ثم أمر ببرد فطواه ثم قال : انطلقي بهذا إلى أمير المؤمنين فقولي : أرسلني أبي يقرئك السلام ويقول : إن رضيت البرد فأمسكه وإن سخطته فردّه ، فلما أتت عمر قال : بارك الله فيك وفي أبيك ، فقد رضينا ، قال : فرجعت إلى أبيها ، فقالت : ما نشر البرد ولا نظر إلّا إلي ، فزوّجها إياه ، فولدت له غلاما يقال له زيد.

قال : وأنا محمد بن سعد (١) ، أنا أنس بن عياض اللّيثي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم ، فقال علي : إنما حبست بناتي على بني جعفر ، فقال عمر : أنكحنيها يا علي ، فو الله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من حسن صحابتها ما أرصد ، قال علي : قد فعلت ، فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين بين القبر والمنبر ، وكانوا يجلسون ثمّ عليّ وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف ، فإذا كان الشيء يأتي عمر من الآفاق جاءهم فأخبرهم ذلك واستشارهم فيه ، فجاء عمر فقال : رفئوني فرفئوه ، وقالوا : بمن يا أمير المؤمنين؟ قال : بابنة علي بن أبي طالب ، ثم أنشأ يخبرهم ، فقال إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «كلّ نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلّا نسبي وسببي» ، وكنت قد صحبته فأحببت أن يكون هذا أيضا [٤٥٥٦].

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد ، أنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان ، أنا أبو بكر الشافعي ، نا جعفر بن محمد بن كزال ، نا إسحاق بن المنذر ، نا محمد بن عبد الملك الأنصاري ، نا محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : تزوج عمر بن الخطاب أم كلثوم بنت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أربعين ألف درهم.

قرأت على أبي غالب ، عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد (٢) ، أنا وكيع بن الجرّاح ، عن هشام بن سعد ، عن عطاء الخراساني : أن عمر أمهر أم كلثوم بنت علي أربعين ألفا.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليم ، نا الزبير بن بكار ، قال :

__________________

(١) المصدر نفسه ٨ / ٤٦٣.

(٢) المصدر نفسه ٤٦٣ ـ ٤٦٤.

٤٨٦

وحدثني عمر بن أبي بكر المؤمّلي ، حدثني سعيد بن عبد الكبير عن (١) عبد الحميد (٢) بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، وأمه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، وكان سبب (٣) ذلك أن حربا وقعت فيما بين عدي بن كعب ، فخرج عبد الله بن مطيع يطلع ما سببه ، وبلغ ذلك عبد الله وسليمان ابني أبي جهم فخرجا يرصدانه لرجعته ، وأتى الخبر أخويهما فخرجوا إليهما ، وتداعى الفريقان ، وانصرف عبد الله بن مطيع ممسيا (٤) ، فالتقوا بالبقيع فاقتتلوا وتنول (٥) ابن مطيع بعصا فأدركت مؤخر السرج فكسرته ، وأقبل زيد بن عمر ليحجز بينهم وينهى بعضهم عن بعض ، فخالطهم فضربه رجل منهما في الظلمة وهو لا يعرفه ضربة على رأسه فشجّه وصرع عن دابته ، وتنادى القوم : زيد زيد فتفرقوا ، وأسقط في أيديهم ، وأقبل عبد الله بن مطيع ، فلما رآه صريعا نزل فأكبّ عليه فناداه يا زيد بأبي أنت وأمي ، مرتين أو ثلاثا ، ثم أجابه ، فكبّر ابن مطيع وأخذه فحمله على بغلته حتى أداه إلى منزله ، فدوي زيد من شجته حتى أقبل ، وقيل : قد برأ ، وكان يسأل عن من ضربه فلا يسميه ، ثم إن الشجّة انتقضت بزيد بن عمر فلم يزل منها مريضا ، وأصابه بطن فهلك رحمة الله عليه.

قال عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، وقد ذكر بعض أهل العلم : أنه وأمه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، مرضا (٦) جميعا وثقلا ونزل بهما ، وأن رجالا مشوا بينهما لينظروا أيهما يقبض أولا فيورث منه الآخر وأنهما قبضا في ساعة واحدة ، فلم يدر أيهما قبض قبل صاحبه ، وقال في ذلك عبد الله بن عامر بن ربيعة حليف بني الخطاب (٧) :

إنّ عديا ليلة البقيع

تفرقوا (٨) عن رجل صريع

__________________

(١) بالأصل وم : بن ، خطأ.

(٢) انظر ترجمة عبد الحميد ، في سير الأعلام ٥ / ١٤٩.

(٣) كذا بالأصل ، ويعني سبب قتل زيد بن الخطاب.

(٤) في مختصر ابن منظور ٩ / ١٦١ مشيا.

(٥) بالأصل : وتقول ، وفي م : «وول؟؟؟» والمثبت عن المختصر.

(٦) بالأصل : منها ، والمثبت عن الوافي بالوفيات ١٥ / ٣٨.

(٧) الرجز في نسب قريش ص ٣٥٢ ـ ٣٥٣ قال : وكانت بين بني جهم حروب فخرج (زيد) يحجز بينهم ، فأصيب تحت الليل ، ولا يعرف ، فقتل.

(٨) نسب قريش : تفرجوا.

٤٨٧

مقاتل (١) في الحسب الرفيع

أدركه شؤم بني مطيع

وقال في ذلك عاصم بن عمر بن الخطاب :

مضى عجب من أمر ما كان بيننا

وما نحن فيه بعد من ذاك أعجب

يجري جناة الشرّ من بعد ألفة

رجعنا وفيه فرقة وتحزب

مشائيم جلابون للغي مصحرا

وللغي في أهل الغواية تجلب

إذا ما رأينا صدعهم لم يلائموا

ولم يك فيه للمزاول مرأب

وتأبي لهم فيها شراسة أنفس

وكلهم من النحيزة مصعب

فيا زيد صبرا حسبة وتعرضا

لأجر ففي الأجر المعرض مرغب

ولا تكتمن من بالك اليوم أن شبابك

من سعى بذاك ويشغب

ولا تأخذن عقلا من القوم إنني

أرى الجرح يبرأ والمعاقل تذهب

كأنك لم تنصب ولم تلق إربة

إذا أنت أدركت الذي كنت تطلب

وقال في ذلك محمد بن إياس بن أبي البكر حليف عدي بن كعب :

ألا يا ليت أمي لم تلدني

ولم أك في الغواة لذا البقيع

ولم أر مصرع ابن الخير زيد

وهدبة هنالك من صريع

هو الرزء الذي عظمت

وجلت مصيبة على الحي الجميع

كريم في النجار تكنفته

عروق المجد والحسب الرفيع

شفيع الجود ما للجود حقا

سواه إذ تولا من شفيع

أصاب الحي عديّ كعب

مجللة من الخطب الفظيع

وخصهم الشقاء بها خصوصا

لما يأتون من سوء الصنيع

بشؤم بني حذيفة أن فيهم

معا بكذا وشؤم بني مطيع

وكم من ملتقى خضب حصاه

كلوم القوم بالعلق النجيع

قال : وحدّثنا الزبير ، حدّثني محمد بن الحسن المخزومي ، قال : لما استعزّ (٢) بزيد بن عمر جعل الحسين بن علي يقول له : يا زيد من ضربك؟ فيقول له عبد الله بن

__________________

(١) نسب قريش : مقابل.

(٢) أي اشتد وجعه.

٤٨٨

عمر : يا زيد اتقي الله فإنك كنت في اختلاط لا تعرف فيه من ضربك ، قال : وكانت في زيد وأمه سنّتان : ماتا في ساعة واحدة ، لم يعرف أيهما مات قبل الآخر ، فلم يورث كل واحد منهما من صاحبه ، ووضعا معا في موضع الجنائز ، فأخّرت أمه وقدّم هو مما يلي الإمام ، فجرت السّنّة في الرجل والمرأة بذلك بعد.

وقال الحسين بن علي لعبد الله بن عمر : تقدم فصلّ على أمك وأخيك ، فتقدّم فصلّى عليهم (١).

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، حدّثنا الزّبير بن بكّار ، قال : وأخبرني علي بن صالح ، عن جدي عبد الله بن مصعب : أن خالد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب هو الذي أصاب زيدا تلك الليلة برمية ولا يعرفه.

قال : ونا الزبير ، قال : وأخبرني غير واحد منهم محمد بن حسن ، قال : كان الحسين بن علي يقول لابن أخته زيدا : سمّ من أصابك ، فيقول له عبد الله بن عمر : يا أخي اتّق الله ولا تدّع على أحد ، فإنك أصبت في حال اختلاط من الناس ليلا ، فلما مات زيد وأمه في وقت واحد وضعا في موضع الجنائز ، وقدّم زيد مما يلي الإمام ، فقال حسين لعبد الله بن عمر : تقدّم فصلّ على أمك وأخيك ، فتقدم فصلّى عليهما ، فكانت فيهما سنّتان أن لا يتوارث من لم تعرف وفاته قبل صاحبه ، وأن يقدّم الرجال مما يلي الإمام.

أخبرنا أبو الفضل محمد بن إسماعيل ، وأبو المحاسن أسعد بن علي ، وأبو بكر أحمد بن يحيى بن الحسن ، وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى ، قالوا : أنا عبد الرّحمن بن محمد بن المظفّر ، أنا عبد الله بن أحمد بن حموية ، أنا عيسى بن عمر بن العباس ، أنا عبد الله بن عبد الرّحمن بن بهرام ، أنا نعيم بن حمّاد ، عن عبد العزيز بن محمد ، نا جعفر ، عن أبيه : أن أم كلثوم وابنها زيد ماتا في يوم واحد ، فالتقت (٢) الصائحتان (٣) في الطريق ، فلم يرث كل واحد منهما من صاحبه.

__________________

(١) الوافي بالوفيات ١٥ / ٣٨.

(٢) بالأصل : فالتفت ، والمثبت عن نسب قريش ص ٣٥٣ وم.

(٣) رسمها غير واضح بالأصل ، والمثبت عن نسب قريش ص ٣٥٣ وم.

٤٨٩

أخبرنا أبو محمد السّلمي ، نا أبو بكر الخطيب.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا سعيد ـ يعني ابن منصور ـ ، أنا إسماعيل بن إبراهيم ، نا يونس بن عبيد ، قال : سأل عمّار مولى بني هاشم الحسن : عن جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت ، فقال الحسن : الرجل بين يدي المرأة في الحياة والموت ، فقال عمّار : هذا ما لا أسألك فيه ، كنت فيمن يختلف بين أم كلثوم بنت علي ، وابنها زيد بن عمر ، قال يونس : من أجل الميراث فأخرجت جنازتاهما فصلّى عليهما أمير المدينة ، فجعل المرأة بين يدي الرجل ، وأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يومئذ كثير ، وثمّ الحسن والحسين (١).

قال : ونا يعقوب ، نا الحجّاج ـ يعني ابن المنهال ـ ، نا حمّاد ، أنا عمّار بن أبي عمّار أن زيد بن عمر بن الخطاب وأمه أم كلثوم بنت علي احتضرا فكنت اختلف بينهما ، فماتا كلاهما فغسلا وكفّنا وأتي بهما وتقدّم سعيد بن العاص فصلّى عليهما ، قال : وكان في القوم : الحسن ، والحسين ، وأبو هريرة ، وابن عمر ، ونحو من ثمانين من أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، ثنا محمد بن سعد (٢) ، أنا وكيع (٣) بن الجرّاح ، عن حمّاد بن سلمة ، عن عمّار بن أبي عمّار ، مولى بني هاشم ، قال : شهدتهم يومئذ وصلى عليهما سعيد بن العاص ، وكان أمير الناس يومئذ [وخلفه](٤) ثمانون من أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، وأبو المجد معالي بن هبة الله بن الحسن بن علي بن الحبوبي (٥) ، قالا : أنبأ سهل بن بشر ، أنا أبو الحسن علي بن منير

__________________

(١) انظر المعرفة والتاريخ ١ / ٢١٤ باختلاف.

(٢) طبقات ابن سعد ٨ / ٤٦٤ ـ ٤٦٥.

(٣) بالأصل : «أنا محمد بن عمر وكيع» والمثبت : «أنا وكيع بن الجراح» عن ابن سعد.

(٤) الزيادة عن ابن سعد.

(٥) مهملة بدون نقط بالأصل وم ، والصواب ما أثبت ، ومضى التعريف به.

٤٩٠

الخلّال ، أنا الحسن بن رشيق ، أنا أبو جعفر أحمد بن حماد بن مسلم ، زغبة ، ثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم ، أنا يحيى بن أيوب ، عن ابن جريج ، حدثه عن عمارة مولى الحارث بن نوفل ، قال : شهدت الصلاة على أم كلثوم امرأة عمر بن الخطاب ، وعلى ابن لها يقال له زيد بن عمر وضعا في المصلّى ، والإمام يومئذ سعيد بن العاص ، وفي الناس ابن عباس ، وأبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو قتادة ، فوضع الصبي مما يلي الإمام ، قال : فأنكرت ذلك ، قال : فنظرت إلى هؤلاء النفر ، فقالوا : هي السّنّة ، كذا قال عمارة وإنما هو عمار كما تقدم (١).

قرأت على أبي غالب ، عن الحسن بن علي ، أنا محمد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد (٢) ، نا جعفر بن عون ، عن (٣) ابن جريج ، عن نافع ، قال : وضعت جنازة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب امرأة عمر بن الخطاب ، وابن لها يقال له زيد ، والإمام يومئذ سعيد بن العاص.

أخبرنا أبو محمد السّلمي ، نا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (٤) ، نا عبد العزيز بن عمران ، نا ابن وهب ، أخبرني أسامة (٥) أن نافعا مولى ابن عمر أخبره قال : وضعت جنازة أم كلثوم امرأة عمر وابن لها يقال له زيد ، فصفهما جميعا ، والإمام يومئذ سعيد بن العاص ، وفي الناس ابن عباس ، وأبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو قتادة فوضع الغلام مم يلي الإمام ، قال رجل : فأنكرت فنظرت إلى ابن عباس وإليهم فقلت : ما هذا؟ فقالوا : هي السّنّة.

المحفوظ أن الذي صلّى عليهما عبد الله بن عمر في إمارة سعيد بن العاص.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو الحسين بن المظفّر ، أنا محمد بن محمد ، أنا شيبان بن فروخ ، نا عبد العزيز بن مسلم ، نا

__________________

(١) انظر ما مرّ في الخبر السابق عن ابن سعد ، وراجع كتاب المعرفة والتاريخ ١ / ٢١٤.

(٢) طبقات ابن سعد ٨ / ٤٦٥.

(٣) في ابن سعد : «عون بن جريج».

(٤) المعرفة والتاريخ ١ / ٢١٤ وفيه اختصار.

(٥) هو أسامة بن زيد بن أسلم العدوي (راجع تهذيب التهذيب مصورة عن ط الهند ١ / ٢٠٧).

٤٩١

إسماعيل بن أبي خالد ، قال : صلّى بنا عبد الله بن عمر بالمدينة على زيد وأمه أم كلثوم بنت علي ، فسواهما جميعا وجعل الرجل مما يلي الإمام ، وقدّم المرأة.

كذا قال ، وإسماعيل لم يلق ابن عمر ، وإنما رواه عن الشعبي.

أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو جعفر محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن السّمناني ، قالا : أنا أبو محمد الصّريفيني ، أنا أبو القاسم بن حبّابة ، نا عبد الله بن محمد ، نا علي بن الجعد ، أنا شعبة ، عن إسماعيل ، وأبي حصين ، عن الشعبي ، عن ابن عمر : أنه صلى على أخيه وأمه أم كلثوم بنت علي فجعل الغلام مما يلي الإمام ، والمرأة فوق ذلك.

أخبرنا أبو غالب بن البنا ، فيما قرأت عليه ، عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد (١) :

أخبرنا عبيد الله بن موسى ، أنا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن عامر ، عن ابن عمر أنه صلّى على أم كلثوم بنت علي وابنها زيد ، وجعله مما يليه وكبّر عليهما أربعا.

قال (٢) : وأنا عبيد الله بن موسى ، أنا إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، عن عبد الله بن عمر أنه كبّر على زيد بن عمر بن الخطاب أربعا ، وخلفه الحسن والحسين ، ولو علم أن خيرا أن يزيده زاده.

وأخبرنا أبو محمد السّلمي ، نا أبو بكر أحمد بن علي.

وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمد بن هبة الله ، قالوا : أنبأ محمد بن الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا أبو نعيم ، نا زرين بياع (٣) الزمان ، عن الشعبي ، قال : صلّى ابن عمر على زيد بن عمر ، وأمه أم كلثوم بنت علي ، فجعل الرجل مما يلي الإمام والمرأة من خلفه ، فصلّى عليهما أربعا ، وخلفه ابن الحنفية ، والحسين ، وابن عباس.

قال : ونا يعقوب ، نا عبيد الله ، نا زر بن بياع (٤) الزمان ، عن الشعبي ، قال : صلّى

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٨ / ٤٦٤.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) كذا بالأصل وفي م : «رزين بياع الزمان».

(٤) كذا بالأصل وفي م : «رزين بياع الزمان».

٤٩٢

ابن عمر على زيد بن عمر وأمه أم كلثوم بنت علي ، وثمّ حسين بن علي ، ومحمد بن الحنفية ، وابن عباس ، وعبد الله بن جعفر.

قرأت على أبي غالب ، عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر ، نا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد (١) ، أنا عبيد الله بن موسى ، أنا إسرائيل ، عن السّدّي ، عن عبد الله البهيّ ، قال : شهدت ابن عمر صلّى على أم كلثوم ، وزيد بن عمر بن الخطاب ، فجعل زيدا مما يلي الإمام ، وشهد ذلك حسن ، وحسين.

أخبرنا أبو محمد السّلمي ، نا أبو بكر الخطيب.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، حدّثنا إبراهيم بن المنذر ، حدّثني عبد الله بن ميمون ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أن حسين بن علي قال لعبد الله بن عمر : صلّ على أم كلثوم بنت علي فإنما هي أمك ، وعلى أخيك زيد ، وضعا في ساعة واحدة.

٢٣٤٨ ـ زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزّى

ابن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح (٢)

ابن عدي بن كعب القرشي العدوي (٣)

الذي قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يبعث أمة وحده» [٤٥٥٧] ، كان يطلب دين إبراهيم عليه‌السلام ، ويسأل عن الأحبار والرهبان ، ورأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتوفي قبل أن يبعث ، وكان في تطوافه قد دخل الشام ، وأتى البلقاء ، وسأل الراهب الذي كان بميفعة (٤) من أرض البلقاء (٥) عن الحنيفية (٦) دين إبراهيم.

__________________

(١) المصدر السابق نفسه.

(٢) بالأصل : رواح ، والصواب والضبط عن جمهرة ابن حزم.

(٣) ترجمته في تهذيب التهذيب ٢ / ٢٤٥ بغية الطلب ٩ / ٤٠٥٥ الوافي بالوفيات ١٥ / ٣٨ والسيرة النبوية لابن هشام (الجزء الأول : انظر الفهارس).

(٤) اسم موضع ، والميفعة الأرض المرتفعة.

(٥) البلقاء كورة من أعمال دمشق ، مضى التعريف بها.

(٦) بالأصل : الحنفية ، والمثبت عن مختصر ابن منظور ٩ / ١٦٢ وسيرة ابن هشام ١ / ٢٣٨.

٤٩٣

حكى عنه عامر بن ربيعة العنزي ، وعبد الله بن عمر ، وأسماء بنت أبي بكر (١).

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا أبي علي ، أنا أبو جعفر محمد بن أحمد ، أنا محمد بن عبد الرّحمن بن العباس ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، قال : وولد عمرو بن نفيل : زيد بن عمرو ، وأمه حنة (٢) بنت جابر بن أبي حبيب بن مالك بن نصر بن حرام (٣) بن نصر بن عامر بن سليم بن سعد بن قيس بن فهم ، وأخواه (٤) لأمه : الخطاب ، وعبد نهم (٥) ابنا نفيل. كان عمرو بن نفيل خلف عليها بعد أبيه ، وكان زيد بن عمرو بن نفيل قد ترك عبادة الأوثان ، وكان لا يأكل مما ذبح لغير الله ، وكان يقول : يا معشر قريش أرسل الله قطر السماء ، وأنبت بقل الأرض ، وخلق السائمة ورعت فيه ، وتذبحونها لغير الله؟ والله ما أعلم على ظهر الأرض أحدا على دين إبراهيم غيري.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، قال (٦) : وقد كان نفر من قريش : زيد بن عمرو بن نفيل ، وورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى ، وعثمان بن الحارث (٧) بن أسد بن عبد العزّى ، وعبيد الله بن جحش بن رئاب ، ـ وكانت أمه أميمة (٨) بنت عبد المطلب بن هاشم حليف بني أمية ـ حضروا قريشا عند وثن لهم ، كانوا يذبحون عنده لعيد من أعيادهم ، فلما اجتمعوا خلا بعض أولئك النفر إلى بعض ، وقالوا : تصادقوا ، وليكتم بعضكم على بعض ، فقال قائلهم : تعلمنّ (٩) والله ما قومكم على شيء ، لقد أخطئوا دين إبراهيم وخالفوه ، ما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع؟ فابتغوا لأنفسكم ، فخرجوا يطلبون ويسيرون

__________________

(١) ذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب آخرين رووا عنه.

(٢) في نسب قريش للمصعب ص ٣٦٤ : حيّة.

(٣) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن نسب قريش.

(٤) بالأصل : وأخوه ، والصواب عن نسب قريش.

(٥) بالأصل : وعبوتهم ، والصواب عن نسب قريش.

(٦) سيرة ابن إسحاق ص ٩٥ برقم ١٢٧.

(٧) في سيرة ابن إسحاق ، وسيرة ابن هشام ١ / ٢٣٧ الحويرث.

(٨) عن سيرة ابن إسحاق وبالأصل : أمية.

(٩) سيرة ابن إسحاق : «تعلمون» وفي سيرة ابن هشام : «تعلموا».

٤٩٤

في الأرض يلتمسون أهل كتاب من اليهود والنصارى ، والملل كلها الحنيفية دين إبراهيم عليه‌السلام.

وأما ورقة بن نوفل فتنصّر واستحكم في النصرانية واتّبع الكتب من أهلها حتى علم علما كثيرا من أهل الكتاب ، ولم يكن منهم أعدل أمرا ولا أعدل شأنا من زيد بن عمرو بن نفيل ؛ اعتزل الأوثان ، وفارق الأديان من اليهود والنصارى والملل كلها إلّا دين إبراهيم ، يوحد الله ، ويخلع من دونه ، ولا يأكل ذبائح قومه ، باداهم بالفراق لما هم فيه.

قال (١) : وكان الخطاب بن نفيل قد آذى زيد بن عمرو بن نفيل حتى خرج عنه إلى أعلى مكة فنزل حراء مقابل مكة ، ووكل به الخطاب شبابا من شباب قريش وسفهاء من سفهائهم ، فقال : لا تتركوه يدخل مكة ، فكان لا يدخلها إلّا سرا منهم ، فإذا علموا بذلك آذنوا به الخطاب فأخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم (٢) ، وأن يتابعه أحد منهم على فراقهم ، وكان الخطاب عم زيد وأخاه لأمه ، وكان عمرو بن نفيل قد خلف على أم الخطاب بعد ، فولدت له زيد بن عمرو ، وكان الخطاب عمه وأخاه لأمه ، فكان يعاتبه على فراق [دين](٣) قومه حتى آذاه ، فقال زيد بن عمرو ، وهو يعظم حرمته على من استحل منه ما استحل من قومه :

اللهم إنّي محرم للحلة (٤)

وإن بيتي أوسط المحلة

عند الصفا ليس بذي مضلّة (٥)

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ، قالا : أنبأ أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، حدّثني عمي مصعب ، ومحمد بن الضحاك ، عن أبيه ، قالا : كان الخطاب بن نفيل قد أخرج زيد بن عمرو من مكة هو وجماعة من قريش ، ومنعوه أن يدخلها حين فارق أهل الأوثان ، وكان أشدّهم عليه الخطاب بن نفيل ، وكان زيد بن عمرو إذا خلص إلى البيت استقبله ، ثم قال :

__________________

(١) سيرة ابن إسحاق ص ٩٧ تحت رقم ١٣٢.

(٢) ابن إسحاق : يفسد عليهم دينهم.

(٣) زيادة عن ابن إسحاق.

(٤) كتب فوق اللفظة بالأصل : «لا احله» وفي سيرة ابن إسحاق وابن هشام : لا حلّه.

(٥) سيرة ابن إسحاق : مظله.

٤٩٥

أنفي لك [اللهم](١) عان راغم

مهما تجشمني فإني جاشم

ثم يقول :

لبيك حقّا حقّا

تعبّدا ورقّا

لبرّ أرجو لا الخال

هل مهجّر كمن قال (٢)

عذت بما عاذ به إبراهيم

مستقبل القبلة وهو قائم

ثم يسجد ، قال محمد بن الضحاك ، عن أبيه وهو الذي يقول :

اللهم إنّي حرم لأحله

وإن داري أوسط المحلة

عند الصفا ليس بها مضلّه

قال : ونا الزبير ، قال : حدّثني عمي مصعب بن عبد الله ، حدّثني الضّحّاك بن عثمان ، عن عبد الرّحمن بن أبي الزّناد ، عن موسى بن عقبة قال : سمعت من أرضا يحدث أن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول : الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء ماء ، وأنبت لها من الأرض ، ثم تذبحونها على غير اسم الله ، إنكارا لذلك وإعظاما له.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد ، أنبأ أبو سليمان حمد بن محمّد بن إبراهيم ، قال : في حديث سعيد في قصة أبيه أنه لما خالف دين قومه قال له الخطاب بن نفيل : إني لأحسبك خالفة بني عدي هل ترى أحدا يصنع من قومك ما تصنع؟ يرويه الواقدي ، نا زكريا بن يحيى السعدي ، عن أبيه يقال : رجل خالفة أي مخالف كثير الخلاف ، كما قيل راوية ولحانة وسبابة قال الشاعر :

يا أيها الخالفة اللحوح (٣)

__________________

(١) زيادة عن سيرة ابن هشام ١ / ٢٤٥ وفي نسب قريش ص ٣٦٤ :

أنفي لرب البيت عان راغم

(٢) الخال يعني الكبر والخيلاء.

والمهجر ، من الهاجرة ، يعني الذي يسير في الهاجرة.

وقال من القائلة ، قال يقيل إذا نام في القائلة.

(٣) في اللسان : الخالفة : اللجوج من الرجال.

٤٩٦

ويقال : فلان خالفة من الخوالف إذا كان فاسدا لا خير فيه (١) ، وما أبين الخلافة فيه أي الجهل ، وقال بعضهم : استقامة من قولهم : لحم خالف وهو الذي قد بدأ يروح ، ومنه أحد خلوف الفم وهو تغيّر ريحه من صوم أو نحوه.

قال أبو عمر : قد يكون الخالفة أيضا بمعنى الخير (٢).

قال : وقال ابن الأعرابي : روي أن أعرابيا جاء إلى أبي بكر ، فقال : أنت خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : لا ، قال : فما أنت؟ قال : أنا الخالفة بعده ، أنا القاعد بعده (٣).

قال : والخالفة الذي يستخلفه الرئيس على قومه وأهله.

قال ابن الأنباري : وإنما يختلف في المصدر ، فيقال : خلفه يخلفه خلافة إذا صار خليفة له ، وخلافة إذا كان متخلفا لا خير فيه ميئوسا من رشده.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال (٤) : وقد كان زيد بن عمرو بن نفيل قد أجمع على الخروج من مكة ، فيضرب في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم ، وكانت امرأته صفية بنت الحضرمي كلما أبصرته قد نهض للخروج وأراده أذنت الخطاب بن نفيل. فخرج زيد إلى الشام يلتمس ويطلب في أهل الكتاب الأول دين إبراهيم ويسأل عنه ، ولم يزل في ذلك فيما يزعمون حتى أتى الموصل والجزيرة كلها ، ثم أقبل حتى أتى الشام ، فجال فيها ، حتى أتى راهبا ببيعة من أرض البلقاء كان ينتهي إليه علم النصرانية فيما يزعمون ، فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم ، فقال له الراهب : إنك لتسأل عن دين ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم ، لقد درس من علمه وذهب من كان يعرفه ، ولكنه قد أطلعك (٥) خروج نبي يبعث بأرضك التي خرجت منها بدين إبراهيم الحنيفية ، فعليك ببلادك فإنه مبعوث الآن ، وهذا زمانه ، وقد كان شامّ (٦) اليهودية والنصرانية ، فلم يرض شيئا منها ، فخرج

__________________

(١) هذا ما ذهب إليه الزمخشري في تفسيره لقول الخطاب ، انظر اللسان خلف.

(٢) كذا بالأصل وم.

(٣) الخبر في اللسان «خلف».

(٤) سيرة ابن إسحاق ص ٩٨ تحت رقم ١٣٥.

(٥) سيرة ابن إسحاق : أظلك.

(٦) أي اختبر.

٤٩٧

سريعا حين قال له الراهب ما قال يريد مكة ، حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه ، فقال ورقة بن نوفل ـ وقد كان اتّبع مثل أثر زيد ، ولم يفعل في ذلك ما فعل زيد ـ فبكى ورقة فقال (١) :

رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما

تجنّبت تنّورا من النار حاميا

بدينك ربّا ليس ربّ كمثله

وتركك أوثان الطواغي كما هيا

وقد تدرك الإنسان رحمة ربّه

ولو كان تحت الأرض ستين واديا (٢)

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن ، أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا أحمد بن طارق الوابشي ، نا عمرو بن عطية ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه كان يتأله في الجاهلية ، فانطلق حتى أتى رجلا من اليهود ، فقال له : أحب أن تدخلني معك في دينك ، فقال له اليهودي : لا أدخلك في ديني حتى يثق (٣) بنصيبك من غضب الله ، فقال من غضب الله أفر ، فانطلق حتى أتى نصرانيا ، فقال له : أحب أن تدخلني معك في دينك ، فقال : لست أدخلك في ديني حتى تبوء بنصيبك من الضلالة ، فقال : من الضلالة أفر ، قال له النصراني : فإني أدلك على دين إن اتّبعته اهتديت ، قال له : أي دين؟ قال : دين إبراهيم ، قال : فقال : اللهم إني أشهدك إني على دين إبراهيم ، عليه أحيا ، وعليه أموت ، قال : فذكر شأنه للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «هو أمة وحده يوم القيامة» [٤٥٥٨].

وهو ابن عمّ عمر بن الخطاب بن نفيل.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنبأ علي بن محمّد بن عبد الله بن أبي سيف القرشي ، عن إسماعيل بن مجالد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطاب قال : قال زيد بن عمرو بن نفيل :

__________________

(١) الأبيات في سيرة ابن إسحاق ص ٩٩ وسيرة ابن هشام ١ / ٢٤٧.

(٢) في سيرة ابن هشام : سبعين واديا.

وقال ابن هشام بعد ذكره عدة أبيات : يروي لأمية بن أبي الصلت البيتان الأولان منها.

(٣) كذا وفي م : «تتق بنفسك» وفي مختصر ابن منظور ٩ / ١٦٥ تبوء ، وهو أظهر.

٤٩٨

شاممت النصرانية واليهودية فكرهتها ، فلبثت بالشام وما والاه حتى أتيت راهبا في صومعة ، فوقفت عليه ، فذكرت له اغترابي عن قومي ، وكراهتي عبادة الأوثان واليهودية والنصرانية ، فقال لي : أراك تريد دين إبراهيم يا أخا أهل مكة ، إنك لتطلب دينا ما يوجد اليوم به ، وهو دين أبيك إبراهيم كان حنيفا ، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ، كان يصلّي ويسجد إلى هذا البيت الذي ببلادك ، فالحق ببلدك ، فإن الله يبعث من قومك في بلدك من يأتي بدين إبراهيم بالحنيفية ، وهو أكرم الخلق على الله.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أحمد بن محمّد بن النّقّور ، أنا محمّد بن عبد الرّحمن ، أنبأ رضوان بن أحمد بن جالينوس ، نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال (١) ـ حدّثني بعض آل زيد بن عمرو بن نفيل أن زيدا كان إذا [خلص إلى](٢) الكعبة قال :

لبيك حقّا حقّا

تعبّدا ورقّا

[وقال :]

عذت بما عاذ به إبراهيم

[مستقبل القبلة](٣) وهو قائم

إلهي أنفي لك عان راغم

مهما تجشّمني فإنّي جاشم

[وقال :]

البرّ أرجو لا الخال

يقول : لا الفخر.

ليس مهجّر كمن قال

أنبأنا أبو علي الحداد ، ثم أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا يوسف بن الحسين بن محمّد ، قالا : أنا أبو نعيم ، أنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ، نا أبو بشر يونس بن حبيب بن عبد القاهر العجلي ، نا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي ، نا

__________________

(١) الخبر في سيرة ابن هشام ١ / ٢٤٥ والوافي بالوفيات ١٥ / ٣٩.

(٢) الزيادة المستدركة عن الوافي بالوفيات ، والعبارة في سيرة ابن هشام : كان إذا استقبل الكعبة داخل المسجد قال وفي م : كان إذا دخل الكعبة.

(٣) الزيادة بين معكوفتين عن سيرة ابن هشام لاستقامة الوزن ، وفي الوافي : مستقبل الكعبة.

٤٩٩

المسعودي ، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي ـ عدي قريش ـ عن أبيه ، عن جده أن زيد بن عمرو ، وورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدّين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل فقال لزيد بن عمرو : من أين أقبلت يا صاحب البعير؟ فقال : من بنية إبراهيم ، قال : وما تلتمس؟ قال : ألتمس الدين ، قال : ارجع فإنك يوشك أن يظهر في أرضك ، قال : فأما ورقة فتنصّر وأما أنا فعدمت على النصرانية ، فلم يوافقني ، فرجع وهو يقول :

لبيك حقا حقا

تعبدا ورقا

البرّ أبغي لا الخال

فهل مهجّر كمن قال

آمنت بما آمن به إبراهيم

وهو يقول :

أنفي لك عان عازم

مهما يجشّمني فإنّي جاشم

ثم يخر فيسجد.

قال : وجاء ابنه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله ، إن أبي كان كما رأيت وكما بلغك ، فاستغفر له ، قال : «نعم ، فإنه يبعث يوم القيامة أمّة وحده» [٤٥٥٩].

قال : وأتى زيد بن عمرو على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يا ابن أخي أنا لا آكل مما ذبح على النصب.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمّد الفارسي ، أنا أبو سليمان الخطّابي قال في حديث سعيد أنه قال : خرج ورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو يطلبان الدين حتى مرّا بالشام ، فأمّا ورقة فتنصّر ، وأما زيد فقيل له إن الذي تطلبه أمامك ، وسيظهر بأرضك فأقبل وهو يقول :

لبيك حقا حقا

تعبدا ورقا

البرّ أبغي لا الخال

وهل مهجّر كمن قال

٥٠٠