تاريخ مدينة دمشق - ج ١٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

زييد فأكل ، وترك ما كان يصنع.

أنبأنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو عبد الله الحسين بن ظفر بن محمد بن الحسين ، قالا : أنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنا عبد الباقي بن الكريم بن عمر الشيرازي ، أنا عبد الرحمن بن عمر بن حمّة ، أنا محمد بن أحمد بن يعقوب ، ثنا جدي ، نا محمد بن حميد الرازي ، نا ابن المبارك ، نا أسامة بن زيد ، قال : حدّثني أصحابنا ممن لا أتهم أن زيد بن صوحان عمد إلى رجال من أهل البصرة قد تفرغوا للعبادة ، وليست لهم تجارات ولا غلّات ، فبنى لهم دارا ثم أسكنهم إياها ، ثم أوصى بهم من أهله من يقوم في حاجاتهم ، ويتعاهدهم في مطعمهم ومشربهم ، وما يصلحهم ، فبينما هم كذلك إذ جاءهم ذات يوم ، وكان يتعاهدهم بالزيارة ، فلم يجدهم ، فسأل عنهم فقيل دعاهم ابن عامر بن كريز ، وكان على البصرة في عهد عثمان ، فخرج مسرعا حين وجدهم بسدة ابن عامر ، فدخل على ابن عامر قبلهم ، فقال : ما تريد بهؤلاء القوم؟ قال : أريد أن أقرّبهم فيشفعوا فأشفعهم ، ويسألوا فأعطيهم ، ويشيروا علي فأقبل منهم ، قال : كلا والله لا أدعك تهيل عليهم من دنياك وتشركهم في أمرك ، وتذيقهم حلاوة ما أنت فيه ، حتى إذا انقطعت شرّتك منهم تركتهم فطافوا (١) بينك وبين ربهم ح (٢).

وأخبرنا أبو محمد السّلمي ، أنا أبو بكر الخطيب ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا ابن نمير ، نا وكيع ، نا الأعمش ، عن سليمان بن ميسرة ، عن طارق ، قال : قال سلمان لزيد بن صوحان : كيف أنت يا زيد إذا اقتتل القرآن والسلطان؟ قال : أكون مع القرآن ، قال : نعم الزيد أنت إذا ، قال أبو قرّة : إذا أجلس في بيتي ، فقال : لو كنت في أقصى تسعة أبيات لكنت مع أحد الفريقين ، وكان أبو قرّة يكره القتال.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سيف ، نا السّري بن يحيى (٣) ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن

__________________

(١) في مختصر ابن منظور ٩ / ١٤٥.

(٢) الجزء الأول من الخبر في الوافي بالوفيات ١٥ / ٣٢.

(٣) الخبر في تاريخ الطبري ٥ / ٢١٥ ط دار القاموس الحديث ، حوادث سنة ٣٦.

٤٤١

عمر ، عن أبي البختري العبدي ، عن أبيه ، قال : كانت ربيعة مع علي يوم الجمل ثلث أهل الكوفة ، ونصف الناس يوم الوقعة وكانت تعبيتهم مضر ، ومضر وربيعة ، وربيعة واليمن واليمن ، فقال بنو صوحان : يا أمير المؤمنين ائذن لنا نقف في مضر ، ففعل ، فأتى زيد فقيل له : ما يوقّفك بحيال الجمل ، وبحيال مضر الموت معك ، وبازائك فاعتزل إلينا ، فقال : الموت ما نريد ، فأصيبوا يومئذ ، وأفلت صعصعة من بينهم.

أخبرنا أبو محمد السّلمي ، أنا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، قال في تسمية أمراء الجمل من أصحاب علي ، قال : وعلى عبد القيس من أهل الكوفة ابن (١) صوحان زيد (٢).

أخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني ، أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب ، نا إبراهيم بن الحسين الكسائي ، نا عقبة بن مكرم الكوفي ، نا يونس ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن محمد بن علي ، ومحمد بن المطلب ، وزيد بن حسن ، قالوا : شهد مع علي بن أبي طالب في حربه من أصحاب بدر سبعون رجلا ، وشهد معه ممن بايع تحت الشجرة سبع مائة رجل ، فيما لا يحصى من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشهد معه من التابعين ثلاثة بلغنا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شهد لهم بالجنة : أويس القرني ، وزيد بن صوحان ، وجندب الخير ، فأما أويس القرني فقتل في الرجالة يوم صفّين ، وأما زيد بن صوحان فقتل يوم الجمل.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله ح.

وأخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، قالا : أنبأ أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد ، نا حنبل بن إسحاق ، نا سعيد بن منصور ، نا يونس بن أبي يعفور العبدي عن أبيه ، عن أبي شيخ مهاجر أن زيد بن صوحان العبدي كان يوم الجمل فحمل راية عبد القيس فارتثّ جريحا (٣) فقال : لا تغسلوا عني دما وشدّوا علي ثيابي فإني مخاصم ، قال أبو علي حنبل : إما مخاصم أو مخاصم.

__________________

(١) بالأصل : «ان».

(٢) انظر كتاب المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي ١٣ / ٣١٢.

(٣) ارتث جريحا : الارتثاث أن يحمل الجريح من المعركة وهو ضعيف قد أثخنته الجراح.

٤٤٢

قال : ونا حنبل ، حدّثنا الحميدي ، نا سفيان ، نا شهاب بن حراش بن بنت زيد بن صوحان قال : قال زيد بن صوحان : ادفنوني أنا وابن أم سرحان (١) في قبر واحد ، وكان زيد يكنى أبا عائشة ، وقتل يوم الجمل مع علي عليه‌السلام.

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب ، أنا محمد بن الحسن النهاوندي ، نا أحمد بن الحسين ، أنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ، نا محمد بن إسماعيل ، نا أبو نعيم ، نا سفيان ، عن مخول ، عن العيزار بن حريث ، عن زيد بن صوحان ، قال : لا تغسلوا عني دما ، فإني محاجّ.

أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، نا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب (٢) ، أنا أبو محمد الحسن بن علي بن أحمد بن بشار النيسابوري (٣) ـ بالبصرة ـ نا محمّد بن أحمد بن محمويه العسكري ، نا محمّد بن أحمد بن الوليد الأنطاكي ، نا موسى بن داود ، عن شعبة ، عن مخول ، عن العيزار بن حريث ، قال : قال زيد بن صوحان : ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم.

أخبرنا أبو محمد السلمي ، وأبو الحسن بن سعيد ، قالا : نا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب.

[و] أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، وأبو القاسم زاهر بن طاهر ، قالا : أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا سعدان بن نصر ، نا إسحاق بن الأزرق ، نا عوف ، عن ابن سيرين ، قال : قال خالد بن الواشمة لما فرغ من أصحاب الجمل ونزلت عائشة منزلها دخلت عليها فقلت : السلام عليك يا أم المؤمنين ، فقالت : من هذا؟ فقلت : خالد بن الواشمة ، قالت : ما فعل طلحة؟ قلت : أصيب ، قالت : إنا لله وإنا إليه راجعون يرحمه‌الله ، قالت : ما فعل الزبير؟ قلت : أصيب ، قالت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، يرحمه‌الله ، قلت : بل نحن لله وإنا إليه راجعون في زيد بن صوحان ، قالت : وأصيب؟ قلت : نعم ، قالت : إنا لله وإنا إليه

__________________

(١) كذا بالأصل : «وابن أم سرحان» ولعل الصواب : وابن أمي سيحان ، وسيحان أخوه ، وسيأتي أنه قتل يوم الجمل أيضا وأنه دفن مع زيد بن صوحان في قبر واحد ، نقلا عن شهاب بن عباد وفي م كالأصل.

(٢) تاريخ بغداد ٨ / ٤٤٠.

(٣) بالأصل وم : السابوري ، والصواب عن تاريخ بغداد.

٤٤٣

راجعون ، يرحمه‌الله ، فقلت : يا أم المؤمنين ذكرت طلحة فقلت يرحمه‌الله ، وذكرت الزبير ، فقلت يرحمه‌الله وذكرت زيدا فقلت : يرحمه‌الله وقد قتل بعضهم بعضا والله لا يجمعهم الله في الجنة أبدا ، قالت : أولا تدري أن رحمة الله واسعة وهو على كل شيء قدير (١) ـ زاد زاهر ، قال : فكانت أفضل مني ، ثم اتفقا ـ.

قال : ونا سعدان بن نصر ، عن إسحاق ، نا ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن خالد بن الواشمة بنحوه ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، قال أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنبأ محمد بن الحسين القطان ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان (٢) ، نا أبو نعيم وقبيصة ، قالا : ثنا سفيان ، عن مخول ، عن العيزار بن حريث ، قال : قال زيد بن صوحان : لا تغسلوا عني دما ، ولا تنزعوا عني ثوبا إلّا الخفين ، وارمسوني في الأرض رمسا ، فإني رجل محاجّ ، زاد أبو نعيم : أحاجّ يوم القيامة.

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد ، قالت : أنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو الطيب محمد بن جعفر الزّرّاد ، نا عبيد الله بن سعد ، نا معاوية ، عن عمرو ، عن أبي إسحاق ، عن سفيان ، عن مخوّل بن أبي المجالد ، عن العيزار بن حريث ، قال : قال زيد بن صوحان يوم الجمل : لا تغسلوا عني دما ، ولا تنزعوا عني ثوبا.

أنبأنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو عبد الله المناطقي ، قالا : أنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ، أنبأ عبد الباقي بن عبد الكريم ، أنا عبد الرحمن بن عمر بن حمّة ، أنا محمد بن أحمد بن يعقوب ، نا جدي يعقوب ، نا خلف بن الوليد اللؤلؤي ، نا أبو جعفر الرازي ، عن قتادة ، قال : أتوا على زيد بن صوحان وهو يتشحط في دمه فقال : ادفنوني في ثيابي ، فإني ملاق عثمان بالجادة فيا ليتنا إذ ظلمنا صبرنا.

أنبأنا أبو طالب بن يوسف ، وأبو نصر بن البنا ، قالا : قرئ على أبي محمد الجوهري ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا

__________________

(١) الاستيعاب ١ / ٥٦٠ ـ ٥٦١ وانظر الإصابة ١ / ٥٨٣ وأسد الغابة ٢ / ١٤٠.

(٢) الخبر في المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان الفسوي ٣ / ٣١٢.

٤٤٤

محمد بن سعد (١) ، أنا شهاب بن عبّاد ، نا عبد الوهاب الثقفي ، عن أيوب ، عن غيلان بن جرير ، قال : ارتثّ زيد بن صوحان يوم الجمل قال : فدخل عليه ناس من أصحابه فقالوا : أبشر أبا سلمان بالجنة ، فقال : تقولون قادرين ، أو النار فلا تدرون ، إنّا غزونا القوم في بلادهم ، وقتلنا أميرهم ، فليتنا إذ ظلمنا صبرنا.

قال : وأنا ابن (٢) سعد ، أنا يزيد بن هارون ، أنا العوّام بن حوشب ، حدّثني أبو معشر [قال :] حدّثني الحي الذين مات فيهم زيد بن صوحان حين رفع من المعركة وهو جريح ، قال : قلنا له أبشر أبا عائشة ، فقال : أتقولون قادرين. أتيناهم في ديارهم وقتلنا أميرهم ، وعثمان على الطريق ، فيا ليتنا إذ ابتلينا صبرنا ، ثم قال : شدّوا عليّ إزاري ، فإني مخاصم ، وأفضوا بخدّي إلى الأرض ، وأسرعوا الانكفات عني.

قال : وأنا ابن سعد (٣) ، أنا شهاب بن عبّاد ، نا سفيان بن عيينة ، عن عمّار الدهني ، قال : قال زيد : ادفنوني وابن أمي في قبر ، ولا تغسلوا عنا دما فإنّا قوم مخاصمون.

قال شهاب بن عباد : وكان سيحان بن صوحان قتل يوم الجمل أيضا ، وهو الذي دفن (٤) مع زيد بن صوحان في قبر.

قال : وأنا محمد بن سعد ، قال : أنا شهاب بن عبّاد ، نا محمد بن عبد الله الكرماني ، عن علي بن هاشم ، عن أبيه أن زيد بن صوحان أوصى أن يدفن معه مصحفه.

ابن سيرين ، لم يسمعه من خالد [بينهما رجل ، بيّن](٥) ذلك جرير بن حازم في روايته عنه ، وهما فيما قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا الحسن بن أبي بكر ، وعثمان بن محمّد بن يوسف ، قالا : أنا محمّد بن عبد الله الشافعي ، نا جعفر بن محمد الصائغ ، نا حسين بن محمد ، أنا جرير بن حازم ، عن محمد بن سيرين ، عن بحير بن أوس ، عن خالد بن الواشمة ، قال : دخلت على عائشة وعندها بعض إخوتها فعرفت صوتي وهي من وراء الحجاب ، فقالت : أخالد؟ قلت : نعم ، قالت : ابن

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٦ / ١٢٥ ونقله الذهبي في السير ٣ / ٥٢٧.

(٢) بالأصل : «أبو» خطأ ، والخبر في المصدر السابق.

(٣) طبقات ابن سعد ٦ / ١٢٥.

(٤) بالأصل : دفع ، والصواب عن ابن سعد.

(٥) لفظتان غير مقروءتين رسمهما : «سهمان حريين» كذا وما بين معكوفتين زيادة عن م.

٤٤٥

الواشمة؟ قلت : نعم ، قالت : أسألك عن حديث تصدقني ، قلت : ما يمنعني أن أصدقك ، قالت : ما فعل طلحة؟ قلت : قتل ، قالت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قالت : ما فعل الزبير؟ قلت : قتل ، قالت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قلت : نحن لله ونحن إليه راجعون على زيد وأصحاب زيد ، قالت : من زيد؟ قلت : ابن صوحان ، قال : فقالت : خيرا؟ قلت : أما والله لا يجمعهم الله في الجنة أبدا ، قالت : أو لا تدري رحمته واسعة وهو على كل شيء قدير ، قال : فضلتني أم المؤمنين ، وكانت أحق بذلك.

أخبرنا أبو السعود بن المجلي (١) ، نا أبو الحسين بن المهتدي ح.

وأخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، أنبأ أبي أبو يعلى ، قالا : أنا أبو القاسم الصّيدلاني ، أنا أبو عبد الله العطار ، قال : قرأت على علي بن عمرو حدّثكم الهيثم بن عدي ح.

وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد ، أنا محمد بن أحمد بن الحسن ، أنا محمد بن عثمان ، نا هاشم بن محمد ، نا الهيثم بن عدي ، قال : زيد بن صوحان العبدي قتل يوم الجمل.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط ، قال (٢) : وقتل من أصحاب علي ممن حفظ لنا ـ يعني يوم الجمل ـ زيد وسيحان ابنا صوحان.

أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، نا وأبو النجم الشّيحي ، أنا أبو بكر الخطيب (٣) ، أنا علي بن محمد بن عبد الله المعدّل ، نا الحسين بن صفوان البردعي (٤) ، نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، نا محمد بن سعد ، قال : زيد بن صوحان العبدي يكنى أبا عائشة ، قتل يوم الجمل سنة ست وثلاثين.

أخبرنا أبو محمد السلمي ، وأبو الحسن بن سعيد ، قالا : نا وأبو النجم ، أنا أبو بكر الخطيب ح.

__________________

(١) مهملة بدون نقط بالأصل وم والصواب ما أثبت وضبط.

(٢) تاريخ خليفة بن خياط ص ١٩٠.

(٣) تاريخ بغداد ٨ / ٤٤٠.

(٤) في تاريخ بغداد : البرذعي ، بالذال.

٤٤٦

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، قال (١) : قتل زيد بن صوحان يوم الجمل وكانت وقعة الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا عمر بن عبيد الله ، أنا علي بن محمد بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد ، حدّثنا حنبل بن إسحاق ، نا عاصم بن علي ، نا أبو معشر قال : وكان الجمل سنة ست وثلاثين.

٢٣٤٠ ـ زيد بن عبد الله بن محمد

أبو الحسين التّنوخي (٢) البلّوطي

كان يسكن بأكواخ بانياس (٣) ، وقدم دمشق ، وحدث بها عن أستاذه أبي إسحاق إبراهيم بن مهدي بن حاتم البلّوطي بكتاب الجوع والعطش.

روى عنه : علي الجياني ، وعبد العزيز الكتاني ، وأبو الحسن علي بن الخضر ، وأبو علي الأهوازي ، وعلي بن محمد بن أبي الهول ، وأبو القاسم الحنّائي ، وأبو الغنائم محمد بن محمد بن الفراء.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأ أبو الحسين زيد بن عبد الله بن محمد التّنوخي (٤) البلّوطي ـ قراءة عليه بدمشق ـ نا أبو إسحاق إبراهيم بن حاتم التّستري البلّوطي ، نا أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر بن حمدان التّستري ، نا عبد الله بن أحمد بن عبد الله اللّخمي ، نا أبي ، نا أحمد بن عطاء ، نا عمرو بن عمر ، عن إسحاق بن نوح ، عن مكحول ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«نور الحكمة الجوع ، ورأس الدين ترك الدنيا ، والقربة إلى الله حبّ المساكين والدنو منهم ، والبعد من الله الذي قوي به على المعاصي الشبع ، فلا تشبعوا بطونكم فيطفئ نور الحكمة من صدوركم ، فإنّ الحكمة تسطع في القلب مثل السراج» [٤٥٤٦].

قرأت بخط عبد العزيز الكتاني : ودفن بباب كيسان ، وكان مذهبه سالمي ، وفي

__________________

(١) كتاب المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان ٣ / ٣١٢ وتاريخ بغداد ٨ / ٤٤٠.

(٢) عن مختصر ابن منظور ٩ / ١٤٧ وبالأصل وم : التوجي.

(٣) الأكواخ ناحية من أعمال بانياس ثم من أعمال دمشق (ياقوت).

(٤) بالأصل وم : التوجي.

٤٤٧

الفقه ثوري ، وذكر أبو علي الأهوازي فيما قرأته بخطه أنه صلّى عليه أبو الحسن الراقي في مسجد أبي صالح ، وصلى عليه الشريف أبو يعلى بن أبي الجن في دير النفر في جمع كثير وخلق عظيم ، وكان له مشهد حسن ودفن في باب كيسان.

٢٣٤١ ـ زيد بن عبد الله بن أبي مليكة بن عبد الله

ابن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم

ابن مرة القرشي البصري

وفد على معاوية ، وكتب عنه.

روى عنه : ابنه علي بن زيد.

أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن كرتيلا ، أنبأ أبو بكر محمد بن علي الخياط ، أنا أحمد بن عبد الله السّوسنجردي ، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب علي بن محمد الكاتب ، أخبرني أبي ، أنبأ محمد بن مروان بن عمر السعيدي ، حدّثني بكر بن هلال القيسي ، نا محمد بن عبد الملك القرشي ، نا أبو عاصم العبّاداني ، حدّثني علي بن زيد ، حدّثني أبي قال : دخلت على معاوية وهو في مجلس له فجاءت جارية رائعة فدخلت من باب وخرجت من باب آخر ، فقال : يا زيد إن هذه الجارية تعجبني وأنا اشتهي أنا أغشاها وأنا أمرق من فاختة (١) ، أقعد هاهنا حتى أغشاها وأجيء ، قال : فدخل وراءها وجاءت الأخرى تميز حتى دخلت وراءه ، فجاءت به قد لبّبته وهو يضحك ، فجعل يقول : يغلبن (٢) الكرام ويغلبهن اللئام ، يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام.

٢٣٤٢ ـ زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب

ابن نفيل بن عبد العزّى القرشي العدوي

من أهل المدينة ، وفد على عبد الملك بن مروان ، وحكى عنه ، وعن محمد بن الحنفية ، وأمه حجيّة بنت غريض.

__________________

(١) انظر المثل في مجمع الأمثال للميداني ٢ / ١٦٧.

(٢) في مختصر ابن منظور ٩ / ١٤٧ يعلين ... ويعليهن ....

٤٤٨

روى عنه : موسى بن عبيدة الرّبذي.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنبأ أبو عبد الله بن مندة ، أنا أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي ، نا علي بن سعيد ، نا محمد بن أبي حمّاد ، نا علي بن مجاهد ، نا موسى بن عبيدة ، عن زيد بن عبد الرحمن ، عن أمه حجيّة بنت غريض (١) عن أمها عقيلة بنت عقبة بن الحارث ، عن أمها أم وبرة بنت الحارث ، قالت :

جئنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم فتح مكة وهو نازل بالأبطح (٢) فقد ضربت عليه قبّة حمراء فبايعناه واشترط علينا ، قالت : فبينا نحن كذلك إذ أقبل سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي كأنه جمل أورق (٣) ، فلقيه خالد بن رباح أخو بلال بن رباح ، وذلك بعد ما طلعت الشمس ، فقال : ما منعك أن تعجل الغدوّ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلّا النفاق ، والذي بعثه بالحق لو لا شيء لضربت بهذا السيف فلجتك ، وكان رجلا أعلم (٤) فانطلق سهيل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : ألا ترى ما يقول لي هذا العبيد فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «دعه فعسى أن يكون خيرا منك» فالتمسه ، فلا نجدة ، وكانت هذه أشد عليه من الأولى [٤٥٤٧].

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، حدّثني موسى بن عبيدة ، عن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، قال :

وفدت مع أبان بن عثمان على عبد الملك بن مروان وعنده ابن الحنفية فدعا عبد الملك بسيف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأتي به ودعا بصيقل فنظر إليه ، فقال : ما رأيت حديدة قط أجود منها ، قال عبد الملك : لا والله ما رأى الناس مثل صاحبها ، هب لي يا محمد هذا السيف ، فقال محمد : أينا رأيت أحقّ به فليأخذه ، قال عبد الملك : إن كان لك قرابة فلكلّ قرابة وحقّ. قال : فأعطاه محمد عبد الملك ، وقال : يا أمير المؤمنين إن هذا ـ يعني الحجاج وهو عنده ـ قد آذاني ، واستخفّ بحقي ، ولو كانت خمسة دراهم أرسل إليّ فيها. فقال عبد الملك : لا إمرة لك عليه ، فلما ولّى محمد ، قال عبد الملك

__________________

(١) بالأصل : «عريص» وفي م : عريض والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٢) الأبطح : بالفتح ثم السكون. يضاف إلى مكة وإلى منى ، لأن المسافة بينه وبينهما واحدة ، وربما كان إلى منى أقرب (ياقوت).

(٣) الأورق الذي في لونه بياض إلى سواد.

(٤) الأعلم مشتق من العلم محركة وهو شق في الشفة العليا ، أو في إحدى جانبيها (القاموس).

٤٤٩

للحجاج أدركه فسلّ سخيمته (١) فأدركه. فقال : إن أمير المؤمنين قد أرسلني إليك لأسلّ سخيمتك ، ولا مرحبا بشيء ساءك. فقال محمد : ويحك يا حجّاج اتق الله ، واحذر الله ، ما من صباح يصبحه العباد إلّا لله في كل عبد من عباده ثلاثمائة وستون لحظة إن أخذ أخذ بقدرة ، وإن عفا عفا بحلم ، فاحذر الله. فقال له الحجاج : لا تسألني شيئا إلّا أعطيتكه. فقال له محمد : وتفعل؟ قال له الحجاج : نعم ، قال : فإني أسألك صوم الدهر ، قال : فذكر الحجاج ذلك لعبد الملك ، فأرسل عبد الملك إلى رأس الجالوت ، فذكر له الذي قال محمد ، وقال : إن رجلا منا ذكر حديثا ما سمعناه إلّا منه ، وأخبره بقول محمد فقال رأس الجالوت : ما خرجت هذه الكلمة إلّا من بيت نبوة.

٢٣٤٣ ـ زيد بن عبيد بن المعلّى بن لوذان بن حارثة بن زيد

ابن ثعلبة بن عدي بن مالك بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة

ابن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج

الأنصاري الخزرجي (٢)

له ولأبيه عبيد صحبة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشهد أبوه أحد ، واستشهد بها ، وشهد زيد يوم مؤتة من أرض البلقاء وقتل بها شهيدا.

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد ، قال : فولد عبيد بن المعلّى عتبة ، وزيدا قتل يوم مؤتة شهيدا ، وخالدة وقبيسة وأمهم جميعا سحا بنت الأسود بن عبّاد بن عمرو بن سواد من بني سلمة (٣).

٢٣٤٤ ـ زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

أبو الحسين الهاشمي (٤)

من أهل المدينة ، وفد على هشام بن عبد الملك ، فرأى منه جفوة ، فكان ذلك

__________________

(١) السخيمة : الحقد.

(٢) ترجمته في أسد الغابة ٢ / ١٤٢ الإصابة ١ / ٥٦٩ وانظر جمهرة ابن حزم.

(٣) ذكر العدوي وحده أنه شهد بدرا ، نقله عنه ابن حجر في الإصابة ١ / ٥٦٩.

(٤) ترجمته في تهذيب التهذيب ٢ / ٢٤٤ بغية الطلب ٩ / ٤٠٢٧ الوافي بالوفيات ١٥ / ٣٣ مقاتل الطالبيين ص ١٢٧ سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٨٩ وبحاشيتها أسماء مصادر أخرى ترجمت له.

٤٥٠

سبب خروجه وطلبه الخلافة ، وخرج بالكوفة فكان من أمره ما سنذكره.

روى عن أبيه ، وأخيه ، وأبان بن عثمان بن عفان.

روى عنه : جعفر بن محمد الصادق ، وعبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة ، ومحمد بن مسلم الزّهري ، وسعيد بن منصور المشرقي الكوفي ، وأبو خالد عمرو بن خالد الواسطي ، ومحمد بن سالم ، وأبو سلمة راشد بن سعد الكوفي الصائغ ، وأبو الزناد موج بن علي ، وعبيد بن اصطفي ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد ، ومسلم الصّيرفي ، والأجلح بن عبد الله ، وشعبة بن الحجاج ، وسالم مولى زيد بن علي.

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه ، ثنا وأبو منصور محمد بن عبد الملك المقرئ ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أحمد بن محمد بن غالب الفقيه ، قال : قرأنا على أبي حفص بن بشران حدثكم أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، نا محمد بن مهدي الميموني ، ثنا عبد العزيز بن الخطاب ، حدّثني شعبة بن الحجاج أبو بسطام ، قال : سمعت سيد الهاشميين زيد بن علي بن الحسين بالمدينة في الروضة يقول : حدّثني أخي محمد بن علي أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «سددوا (١) الأبواب كلها إلّا باب علي» وأومأ بيده إلى باب علي.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنا أحمد بن محمود الثقفي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا محمد بن أحمد بن عمار ، نا المسيّب بن واضح ، نا يوسف بن أسباط ، عن أبي خالد الواسطي ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ، قال : [صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٢) صلاة الفجر ذات يوم بغلس ، وكان مما يغلّس ويسفر ، فلما قضى الصلاة التفت إلينا [فقال :] أفيكم من رأى الليلة شيئا؟ قلنا : لا يا رسول الله ، قال : ولكني رأيت ملكين أتياني الليلة (٣) ، فأخذا بضبعي ، فانطلقا بي إلى السماء الدنيا ، فمررت بملك وأمامه آدمي وبيده صخرة ، يضرب بهامة الآدمي فيقع

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي م ومختصر ابن منظور ٩ / ١٤٩ سدّوا.

(٢) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن م.

(٣) على هامش الأصل كتبت عبارة : «مطلب نفيس في رؤية الملكين».

٤٥١

دماغه جانبا ، وتقع الصخرة جانبا قلت : ما هذا؟ قالا لي : امضه. فمضيت فإذا أنا بملك وأمامه آدمي ، وبيد الملك كلّوب من حديد ، فيضعه في شدقه الأيمن فيشقه حتى ينتهي إلى أذنه ، ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن ، قال : قلت : ما هذا؟ قالا : امضه فمضيت ، فإذا أنا بنهر من دم يمور كمور المرجل ، غلي فيه قوم عراة ، على حافة النهر ملائكة بأيديهم مدرتان ، كلما طلع طالع قدفوه بمدرة ، فيقع في فيه ، وينتقل إلى أسفل ذلك النهر ، قلت : ما هذا؟ قالا : امضه ، فمضيت فإذا أنا ببيت أسفله أضيق من أعلاه ، فيه قوم عراة ، توقد من تحتهم النار ، أمسكت عليّ أنفي من نتن ما أجد من ريحهم ، قلت : من هؤلاء؟ قالا لي : امضه ، فمضيت ، فإذا أنا بتلّ أسود ، عليه قوم مخبّلين تنفخ النار في أدبارهم ، فتخرج من أفواههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم ، قلت : ما هذا؟ قالا لي : امضه ، فمضيت فإذا أنا بنار مطبقة موكل بها ملك ، لا يخرج منها شيء إلّا اتّبعه حتى يعيده فيها ، قلت : ما هذا؟ قالا لي : امضه ، فمضيت ، فإذا أنا بروضة ، وإذا فيها شيخ جميل لا أجمل منه ، وإذا حوله الولدان ، وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة ، فصعدت ما شاء الله من ذلك الشجرة ، وإذا أنا بمنازل لا أحسن منها من زمرّدة جوفاء وزبرجدة خضراء ، وياقوتة حمراء ، قلت : ما هذا؟ قالا : امضه ، فمضيت ، فإذا أنا بنهر عليه جسران من ذهب وفضة ، على حافتي النهر منازل ، لا منازل أحسن منها من درة (١) جوفاء ، وزبرجدة خضراء ، وياقوتة حمراء ، وفيه قدحان وأباريق تطّرد قلت : ما هذا؟ قال لي : انزل فنزلت ، فضربت بيدي إلى إناء منها فغرفت ، ثم شربت ، فإذا أحلى من عسل ، وأشد بياضا من اللبن ، وألين من الزبد ، فقال لي :. ما صاحب الصخرة الذين رأيت يضرب بها هامة الآدمي فيقع دماغه جانبا وتقع الصخرة في جانب فأولئك الذين كانوا ينامون عن صلاة العشاء الآخرة ، ويصلون الصلاة لغير مواقيتها ، يضربون بها حين يصيروا إلى النار.

وأما صاحب الكلّوب الذي رأيت ملكا موكلا بيده كلّوب من حديد يشق به شدقه الأيمن حتى ينتهي إلى أذنه ، ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن فأولئك الذين كانوا يمشون بين المؤمنين بالنميمة ، فيفسدون بينهم ، فهم يعذّبون بها حتى يصيروا إلى النار.

وأما ملائكة بأيديهم مدرتان من النار ، كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فتقع في فيه

__________________

(١) مختصر ابن منظور : زمردة جوفاء.

٤٥٢

فينتقل إلى أسفل ذلك النهر فأولئك أكلة الربا ، يعذّبون حتى يصيروا إلى النار.

وأما البيت الذي رأيت أسفله أضيق من أعلاه ، فيه قوم عراة تتوقد من تحتهم النار أمسكت على أنفك من نتن ما تجد من ريحهم فأولئك الزناة ، وذلك نتن فروجهم ، يعذبون حتى يصيروا إلى النار.

وأما التل الأسود الذي رأيت عليه قوما مخبلين تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم ، فأولئك يعملون عمل قوم لوط الفاعل والمفعول به ، فهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار.

وأما النار المطبقة التي رأيت ملكا موكلا بها كلما خرج منها شيء اتبعه حتى يعيده فيها ، فتلك جهنم تفرق من بين أهل الجنة وأهل النار.

وأما الروضة التي رأيتها فتلك جنة المأوى.

وأما الشيخ الذي رأيت أول ومن حوله من الولدان فهو إبراهيم وهم بنوه.

وأما الشجرة التي رأيت فطلعت إليها فيها منازل لا منازل أحسن منها من زمرّدة جوفاء ، وزبرجدة خضراء ، وياقوتة حمراء ، فتلك منازل أهل علّيين من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا.

وأما النهر فهو نهرك الذي أعطاك الله «الكوثر» وهذه منازلك وأهل بيتك.

قال : فنوديت من فوقي : يا محمد يا محمد ، سل تعطه فارتعدت فرائصي ورجف فؤادي واضطرب كل عضو مني ولم أستطع أن أجيب شيئا ، فأخذ أحد الملكين يده اليمنى فوضعوا في يدي وأخذ الآخر يده اليمنى فوضعها بين كتفي فسكن ذلك مني ، ثم نوديت من فوقي : يا محمد سل تعطه ، قال : قلت : اللهم إني أسألك أن تثبت شفاعتي ، وأن تلحق بي أهل بيتي ، وأن ألقاك ولا ذنب لي ، قال : ثم ولّى بي ، ونزلت عليه هذه الآية : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) إلى قوله (مُسْتَقِيماً)(١) ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فلمّا أعطيت هذه كذلك أعطانيها (٢) إن شاء الله عزوجل» [٤٥٤٨].

__________________

(١) سورة الفتح ، الآيتان : ١ و ٢.

(٢) في مختصر ابن منظور : فكما أعطيت هذه كذلك أعطاها إن شاء الله عزوجل.

٤٥٣

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد ، نا أبو محمد الحسن بن علي إملاء ح.

وأخبرناه أبو نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان ، وأبو علي الحسن بن المظفر بن السبط ، وأبو غالب أحمد بن الحسن ، قالوا : أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو بكر بن مالك ، نا محمد بن يونس بن موسى ، حدّثني أبي يونس بن موسى ، أنا الحسن بن حمّاد البجلي ، نا أبو خالد الواسطي ، عن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ، قال :

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلي الفجر فيغلس ويسفر ويقول : «ما بين هذين وقت لكيلا يختلف المؤمنون» ، قال : فصلى بنا ذات يوم بغلس ثم التفت إلينا كأن وجهه ورقة مصحف ، فقال : «هل رأى أحد منكم الليلة في منامه شيئا؟» ، قلنا : لا يا رسول الله إلّا خيرا ، فقال : «لكني رأيت كأنه أتاني ملكان فأخذا بضبعي فصعدا بي إلى السماء الدنيا ، فإذا أنا بروضة خضراء لا شيء (١) أحسن منها ، وإذا شيخ حوله ولدان ، وإذا شجرة ورقها كأذان الفيلة ، فقلت للملكين : ما هذا : قالا لي؟ اصعد ، قال : فصعدت فإذا أنا بمنازل من لؤلؤ وياقوت أحمر وزمرّد أخضر ، فقلت للملكين : ما هذا؟ فقالا لي : اصعد فإذا فمضيت فإذا أنا بنهر عليه شجر من ذهب ، وشجر من فضة ، وعليه قدحان عدد النجوم ذهبا وفضة ـ وقال ابن السبط : من ذهب وفضة ـ على حافتيه منازل ، المنزل من لؤلؤة جوفاء وياقوتة حمراء ، وزبرجدة خضراء ، فقلت للملكين : ما هذا؟ فقالا : أما الروضة الخضراء التي رأيت فهي الجنة ، والغاية ، وأما الشيخ الذي رأيت ـ وقال ابن السبط : وابنه ـ فهو أبوك إبراهيم قوله ولدان المسلمين ، وأما الشجرة التي صعد بها فهي سدرة المنتهى ، وأما المنازل التي رأيت وسطها فهي منازل أهل علّيين من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، وأما هذا النهر الذي أنت عليه فهو الذي أعطاك ربك عزوجل الكوثر ، وأما هذه المنازل فمنازلك ومنازل أهل بيتك ، قال : فضربت بيدي إلى قدح من القدحان فشربت أحلى من العسل وأبرد من الثلج وألين من الزبد» [٤٥٤٩].

وقال ابن رضوان وابن البنا عن أبيه عن جده علي والصواب عن علي كما قال ابن السبط.

__________________

(١) عن هامش الأصل وبجانبها كلمة صح.

٤٥٤

أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أحمد بن محمد الفايقاباذي الطوسي ـ بطابران ـ نا أبو تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي ـ إملاء بنيسابور ـ أنا محمد بن عبد الملك بن بشران ـ ببغداد ـ أنا محمد بن المظفر الحافظ ، ثنا محمد بن جعفر الأشجعي ، حدّثنا عبّاد بن يعقوب ، أنا يونس بن أبي يعفور (١) ، عن الزهري ، قال : كنت على باب هشام بن عبد الملك قال : فخرج من عنده زيد بن علي ، وهو يقول : والله ما كره قوم الجهاد في سبيل الله إلّا ضربهم الله تعالى بالذلّ (٢).

أنبأنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الوحش المقرئ ، عن رشأ بن نظيف ، أنا أبو شعيب عبد الرحمن بن محمد ، وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن ، قالا : نا الحسن بن رشيق ، أنا أبو بشر الدّولابي ، حدّثني أبو داود هو السّجستاني ، نا إسماعيل بن بهرام ، حدّثني رجل أن زيد بن علي ولد سنة ثمان وسبعين (٣).

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان الطوسي ، نا الزّبير بن بكّار ، قال في تسمية ولد علي بن الحسين : وزيد بن علي قتل بالكوفة ، قتله يوسف بن عمر زمن هشام بن عبد الملك ، وسمع زيد بن علي من أبيه ، وقد روي عنه ، وعمر بن علي ، وعلي بن علي ، وذكر غيرهم ، وقال : هم لأم ولد (٤).

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمد الجوهري ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا سليمان بن إسحاق الجلّاب ، نا حارث بن أبي أسامة ، نا محمد بن سعد ، قال (٥) : فولد علي الأصغر بن حسين بن علي : عمر ، وزيد المقتول بالكوفة ، قتله يوسف بن عمر الثقفي في خلافة هشام بن عبد الملك ، وصلبه ، وعلي بن علي ، وخديجة ، وأمهم أم ولد.

قال : وأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا سليمان ، نا حارث ، نا محمد (٦) ، قال : في

__________________

(١) رسمها وإعجامها مضطربان ونميل إلى قراءتها : يعقوب بالأصل وم والمثبت عن مختصر ابن منظور وبغية الطلب.

(٢) الخبر في بغية الطلب ٩ / ٤٠٣٣.

(٣) بغية الطلب ٩ / ٤٠٣٠.

(٤) انظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٦٠ و ٦١ و ٦٢.

(٥) طبقات ابن سعد ٥ / ٢١١.

(٦) طبقات ابن سعد ٥ / ٣٢٥.

٤٥٥

الطبقة الثالثة : زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ، وأمه أم ولد ، وقتل زيد بن علي يوم الاثنين لليلتين (١) خلتا من صفر سنة عشرين ومائة ، ويقال اثنتين (٢) وعشرين ومائة ، وكان له يوم قتل اثنتان (٣) وأربعون سنة ، وسمع زيد بن علي من أبيه ، وروى عن زيد عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، وروى عنه بسام الصّيرفي ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد وغيرهما.

أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي ثم حدّثنا أبو الفضل الحافظ ، أنبأ أحمد بن الحسن والمبارك بن عبد الجبار ، ومحمد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد أحمد : ومحمد بن الحسن ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنبأ محمد بن سهل ، أنا محمد بن إسماعيل ، قال (٤) : زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي ، عن أبيه ، روى عنه عبد الرحمن بن الحارث ، ويقال : كنيته أبو الحسين ، أخو محمد بن علي ، وحسين بن علي.

أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس ، أنا أبو بكر أحمد بن منصور ، أنا أبو سعيد بن حمدون ، أنا أبو حاتم مكي بن عبدان ، قال : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول (٥) : أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، روى عنه عبد الرحمن بن الحارث ، والأجلح.

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنا أبو نصر الوائلي ، أنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن ، أخبرني أبي ، قال : أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن محمد ، أنا أبو الميمون إجازة ، ثنا أبو زرعة ، قال في ذكر الاخوة من ولد علي بن الحسين ، قال : وزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المقتول في خلافة هشام يحدث عنه

__________________

(١) بالأصل : للثلاثين ، والصواب عن ابن سعد.

(٢) بالأصل : اثنين.

(٣) بالأصل : اثنان.

(٤) التاريخ الكبير ٢ / ١ / ٤٠٣.

(٥) الكنى والأسماء للإمام مسلم ص ١٠٤.

٤٥٦

عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة (١).

أخبرنا أبو محمد [بن] الأكفاني ـ شفاها ـ نا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأ علي بن الحسن الرّبعي ، ورشأ بن نظيف ، قالا : أنبأ محمد بن إبراهيم بن محمد ، أنبأ محمد بن محمد بن داود ، نا عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش ، قال : زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب ، وهو الذي صلب رحمة الله عنه (٢).

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلّال ، أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي إجازة ح.

قال وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمد ، قالا : أنبأ أبو محمد بن أبي حاتم ، قال (٣) : زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب ، روى عن أبيه ، روى عنه عبد الحميد بن الحارث ، سمعت أبي يقول ذلك ، قال أبو محمد : روى عنه جعفر بن محمد.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد ، أنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر ، أنا أحمد بن محمد بن إسماعيل ، نا محمد بن حمّاد ، قال : أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي ، أنبأ أبو بكر الصفار (٤) ، أنبأ محمد بن علي بن منجويه ، أنا [أبو](٥) أحمد الحاكم ، قال : أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وأمه فتاة ، أخو محمد ، وعمر ، وعبد الله ، والحسين سمع أباه ، وعروة بن الزبير ، روى عنه عبد الرحمن بن الحارث أبو الحارث ، وأبو حجيّة (٦) الأجلح بن عبد الله الكندي.

__________________

(١) بغية الطلب ٩ / ٤٠٣١ وقسم من الخبر مكرر بالأصل فحذفناه وصوبنا الخبر بما يتفق مع عبارة بغية الطلب.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٥٦٨.

(٤) في بغية الطلب ٩ / ٤٠٣٢ أبو علي الحسن بن محمد الصفار.

(٥) زيادة لازمة منا للإيضاح.

(٦) بالأصل وم : جحفة ، والصواب ما أثبت وضبط عن تقريب التهذيب.

٤٥٧

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن ، أنبأ أبو الحسن محمد بن علي بن الحسين بن الحسن بن القاسم ، قدم علينا ، نا علي بن محمد بن عامر النهاوندي ، وأنا سألته ، نا أحمد بن حيّان الرّقّي ـ بمصر ـ نا عبد الرحمن بن القاسم ، حدّثني نصر بن مزاحم عن شريك بن عبد الله النّخعي ، نا مخارق عن طارق بن شهاب ، عن حذيفة بن اليمان :

أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نظر يوما إلى زيد بن حارثة وبكى وقال : «المظلوم من أهل بيتي سميّ هذا ، والمقتول في الله والمصلوب من أمتي سميّ هذا» وأشار إلى زيد بن حارثة ، ثم قال : «ادن مني يا زيد ، زادك الله حبا عندي فإنك سميّ الحبيب من ولدي زيد» (١) [٤٥٥٠].

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد ، أنا أبو بكر الخطيب ، أخبرنا محمد بن الحسين القطان ، أنا جعفر الخلدي ، نا قاسم بن محمد الدلال ، نا إبراهيم بن الحسن التغلبي ، نا شعيب بن راشد ، عن محمد بن سالم ، عن جعفر أنه ذكر زيدا فقال : رحم الله عمّي كان والله سيدا ، لا والله ما ترك فينا لدنيا ولا لآخرة مثله.

أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون ـ في كتابه ـ أنبأ أبو علي محمد بن أحمد بن عبد الله بن برّة ، أنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن جعفر بن النحاس البيملي ، نا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص بن عمر الخثعمي الأشناني (٢) ، نا أبو سعيد عبّاد بن يعقوب الأسدي ، أنا عمرو بن القاسم ، قال : دخلت على جعفر بن محمد ، وعنده أناس من الرافضة فقلت : إن هؤلاء يبرءون من عمك زيد ، قال : يبرءون من عمي زيد؟ قلت : نعم ، قال : برئ الله ممن يبرأ منه ، كان والله أقرأنا لكتاب الله ، وأفقهنا في دين الله ، وأوصلنا للرحم ، والله ما ترك فينا لدنيا ولا لآخرة مثله (٣).

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، وأبو القاسم بن السّمرقندي ، قالا : أنا أبو الحسن علي بن غنائم بن عمر المالكي ، أنا أبو الحسن محمد بن المغلّس بن جعفر بن محمد بن المغلّس البزّار ـ قراءة عليه ، وأنا أسمع عليه ـ أنبأ أبو محمد الحسن بن رشيق ، نا أبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الكوفي ، نا أبو حفص عمر بن

__________________

(١) كنز العمال ١٣ / ٣٧٠٦٨.

(٢) ترجمته في سير الأعلام ١٤ / ٥٢٩.

(٣) بغية الطلب ٩ / ٤٠٢٩.

٤٥٨

السكن الواسطي ، نا خالد بن عبد الله ، عن عبيد بن محمد ، وهو ابن علي بن أبي طالب ، قال : كان زيد بن علي يدعو وكان من دعائه : اللهم إني أسألك سلوّا عن الدنيا ، وبغضا لها ولأهلها ، فإن خيرها زهيد ، وشرها عتيد ، وجمعها ينفذ وصفوها يرنق ، وجديدها يخلق وخيرها ينكد ، وما فات منها حسرة ، وما أصيب منها فتنة ، إلّا من نالته منك عصمة ، أسألك اللهم العصمة منها ولا تجعلنا كمن رضي بها ، واطمأن إليها فإنّ من أمنها قد خانته ، ومن اطمأن إليها قد فجعته ، فلم يقم في الذي كان فيه منها ، ولم يظعن به عنها ، أحصى للعذاب ومنزلته ، وموت بالعذاب وشدته ، فلا الرضا له بقي ، ولا السخط منه نسي ، انقطعت لذة الاسخاط عنه ، وبقيت شقوة الانتقام منه ، فلا خلد في لذة ، ولا سعد في حياة ، ولا نعشة بموت ، ولا نفسه أحببت بشره. أعوذ بك اللهم من مثل عمله ومثل مصيره.

ثم قال : كم لي من ذنب وسرف بعد سرف قد ستره ربي ، وما كشف ، ثم قال : أجل أجل ستر ربي فيه العورة ، وأقال فيه العثرة حتى أكثرت فيه من الإساءة ، وأكثر ربي فيها من المعافاة وحتى أني لأخاف أن أكون مستدرجا ، إني لأستحيي من عظمته أن أفضي إليه بما أستخفي به من عبد له ، وبما أنه ليفضح من هو خير مني فيما هو أدنى منه ، ثم ما كشف ربي لي فيه سترا ، ولا سلّط علي فيه عدوا ، فكم له في ذلك من يد ويد ما أنا إن نسيتها بذكور ، وما أنا إن كفرتها بشكور ، وما ندمت عليها إذ لم أعتبك منها. ربّ لك العتبى بما تحب وترضى ، فهذه يدي وناصيتي ، مقرّ بذنبي ، معترف بخطيئتي ، إن أنكرها أكذب ، وإن اعترف بها أعذب.

قال أبو العلاء : وزادني محمد بن إبراهيم : إن لم يعف الرب ـ وقال عمر بن السكن : إن لم يغفر الذنب ـ فإن يغفر فتكرّما (١) وإن يعذب فبما قدّمت يداي ، وانّ الله ليس بظلّام للعبيد ، [فهو] المستعان لا يزال يعين ضعيفا ، ويغيث مستغيثا ، ويجيب داعيا ، ويكشف كربا ، ويقضي حاجة ذي الحاجة في كل يوم وليلة ، ثم قال : أجل أجل أنت كذاك وخير من ذاك.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي المعالي محمد بن

__________________

(١) بالأصل : فربما ، وفي م : «فإن تغفر فربما» والمثبت عن تهذيب ابن عساكر.

٤٥٩

عبد السلام بن شاندي الواسطي ، أنا أبو الحسن علي بن محمد بن خزفة (١) الصّيدلاني ، أنا أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد الزّعفراني ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، نا عمرو بن حمّاد القنّاد ، حدّثنا مطّلب بن زياد ، قال :

جاء رجل إلى زيد فقال : يا زيد ، أنت الذي تزعم أن الله أراد أن يعصى؟ فقال له زيد : أفعصي عنوة؟ فأقبل يحصر من بين يديه.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر أحمد بن علي ، أنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه الأصبهاني ، نا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن سلم بن البراء بن سبرة بن سنان الجعابي الحافظ ، نا محمد بن أحمد الكاتب ، نا عيسى بن مهران ، نا حفص بن عمر ، نا الحكم بن ظهير ، عن أبي الزناد ـ يعني موج بن علي الكوفي ـ عن زيد بن علي في قوله : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)(٢) ، قال : إن من رضا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يدخل أهل بيت بنيه الجنة.

قال القاضي : أبو الزناد هذا ليس هو عبد الله بن ذكوان مولى رملة هذا شيخ من أهل الكوفة من أصحاب زيد بن علي يقال له موج ويكنى بأبي الزناد.

أنبأنا أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الفقيه ، أنا أبو الغنائم بن المأمون.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر المقرئ ، أنبأ أبو الفضل أحمد بن عبد المنعم بن بندار بن الكريدي ، أنبأ أبو الحسن العتيقي ، قالا : أنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني ، نا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، نا أحمد بن بشر ، نا أحمد بن بشر (٣) المرثدي ، نا أحمد بن عمران الأخنس ، نا محمد بن فضيل ، نا عمار بن رزيق ، عن هاشم بن البريد (٤) ، عن زيد بن علي ، قال : أبو بكر الصديق إمام الشاكرين ثم قرأ : (سَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)(٥).

كتب إليّ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم :

__________________

(١) إعجامها مضطرب بالأصل وفي م : حزقة ، والصواب ما أثبت ، وقد مضى التعريف به.

(٢) سورة الضحى ، الآية : ٥.

(٣) كذا بالأصل ، ولعله تكرار.

(٤) بالأصل : اليزيد وفي م : اليزيدي والصواب ما أثبت ، مضى التعريف به.

(٥) سورة آل عمران ، الآية : ١٤٤.

٤٦٠